تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

الله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) [سورة النور ، الآية : ٢٩] (١).

الآية : ٣١ ـ قوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣١).

قوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ) الآية. أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا أن جابر بن عبد الله حدث أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها ، فجعل النساء يدخلن عليها غير متأزرات فيبدو ما في أرجلهن ، يعني : الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن ، فقالت أسماء : ما أقبح هذا! فأنزل الله في ذلك : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ) الآية.

وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن امرأة اتخذت صرتين من فضة واتخذت جزعا ، فمرت على قوم فضربت برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصوّت ، فأنزل الله تعالى : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَ) الآية (٢).

الآية : ٣٣ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ).

نزلت في غلام لحويطب بن عبد العزى يقال له صبيح ، سأل مولاه أن يكاتبه فأبى عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وكاتبه حويطب على مائة دينار ، ووهب له منها عشرين دينارا ، فأداها ، وقتل يوم حنين في الحرب (٣).

__________________

(١) النيسابوري ٢٧٢ ، وزاد المسير في علم التفسير ، ج ٦ / ٧٧.

(٢) السيوطي ، ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٢ / ٢٣٨ ، وانظر تفسير الطبري ، ج ١٨ / ٩٢ ـ ٩٣.

(٣) زاد المسير ، ج ٦ / ٣٧ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٤٥.

٢٤١

قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) الآية. عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : كان عبد الله بن أبيّ يقول لجارية له : اذهبي فابغينا شيئا. فأنزل الله عزوجل : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) إلى قوله : (غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣) (١).

وقال مقاتل : نزلت في ستّ جوار لعبد الله بن أبيّ ، كان يكرههن على الزنا ويأخذ أجورهن ، وهن : معاذة ومسيكة وأميمة وعمرة وأروى وقتيلة ، فجاءت إحداهن ذات يوم بدينار وجاءت أخرى بدونه ، فقال لهما : ارجعا فازنيا ، فقالتا : والله لا نفعل ، قد جاءنا الله بالإسلام وحرم الزنا. فأتيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشكيتا إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

الآية : ٤٨ ـ قوله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ).

قال المفسرون : هذه الآية والتي بعدها في بشر المنافق وخصمه اليهودي حين اختصما في أرض ، فجعل اليهودي يجره إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليحكم بينهما ، وجعل المنافق يجره إلى كعب بن الأشرف ويقول : إن محمدا يحيف علينا (٣). وقد مضت هذه القصة في سورة النساء عند قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) [سورة النساء ، الآية : ٦٠] (٤).

الآية : ٥٥ ـ قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).

روى الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في هذه الآية قال : مكث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة عشر سنين بعد ما أوحى الله إليه ، خائفا هو وأصحابه ، يدعون إلى الله سبحانه سرا وعلانية ، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة ، وكانوا بها خائفين ، يصبحون في السلاح ويمسون في السلاح ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ، ونضع فيه السلاح؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لن تلبثوا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل

__________________

(١) رواه مسلم في صحيحه : التفسير ، باب : في قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) ، رقم : ٣٠٢٩ ، والنيسابوري ٢٧٢ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٣٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٢٨٨.

(٢) النيسابوري ٢٧٤ ، وروى نحوه ابن كثير في تفسيره ، ج ٣ / ٢٨٩.

(٣) يحيف : يجور ، من الحيف وهو الجور والميل.

(٤) انظر سبب نزول الآية ٦٠ من السورة المذكور. الدر المنثور ، ج ٢ / ١٧٩ ، نحو هذا الخبر.

٢٤٢

منكم في الملأ العظيم محتبيا ، ليست فيهم حديدة». وأنزل الله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى آخر الآية ، فأظهر الله تعالى نبيه على جزيرة العرب ، فوضعوا السلاح وأمنوا ، ثم قبض الله تعالى نبيه ، فكانوا آمنين كذلك في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه وكفروا النعمة ، فأدخل الله عليهم الخوف ، وغيروا فغير الله بهم (١).

عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبيّ بن كعب قال : لما قدم النبي عليه‌السلام وأصحابه المدينة ، وآوتهم الأنصار ، رمتهم العرب عن قوس واحد ، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ، ولا يصبحون إلا في لأمتهم ، فقالوا : ترون أنّا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين ، لا نخاف إلا الله عزوجل؟ فأنزل الله تعالى لنبيه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى قوله : (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥٥) يعني بالنعمة (٢).

الآية : ٥٨ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).

قال ابن عباس : وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غلاما من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقت الظهيرة ليدعوه ، فدخل فرأى عمر بحالة كره عمر رؤيته ذلك ، فقال : يا رسول الله ، وددت لو أن الله تعالى أمرنا ونهانا في حال الاستئذان. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).

وقال مقاتل : نزلت في أسماء بنت مرثد ، كان لها غلام كبير ، فدخل عليها في وقت كرهته ، فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنّ خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها. فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (٤).

__________________

(١) النيسابوري ٢٧٥ ، والسيوطي ٢٠١ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٥٥ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٥٧ ـ ٥٨.

(٢) رواه الحاكم في المستدرك ، ج ٢ / ٤٠١ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ١٢ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨.

(٣) زاد المسير ، ج ٦ / ٦٠.

(٤) النيسابوري ٢٧٦ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٥٥.

٢٤٣

الآية : ٦١ ـ قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى) الآية. قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : كان الرجل يذهب بالأعمى والأعرج والمريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيت عمته أو بيت خالته ، فكانت الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون : إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم ، فنزلت هذه الآية رخصة لهم : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) الآية (١).

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لما أنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [سورة النساء ، الآية : ٢٩] تحرج المسلمون وقالوا : الطعام من أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد فكف الناس عن ذلك ، فنزل : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) إلى قوله : (مَفاتِحَهُ) الآية.

وأخرج الضحاك قال : كان أهل المدينة قبل أن يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج ، لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام ، والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح ، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام ، فنزلت رخصة في مؤاكلتهم. وأخرج عن مقسم قال : كانوا يتقون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج فنزلت.

وأخرج الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس قال : خرج الحارث غازيا مع

__________________

(١) تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٠٥.

٢٤٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ فخلف على أهله خالد بن زيد فحرج أن يأكل من طعامه وكان مجهودا ، فنزل قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) الآية.

أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة قالت : كان المسلمون يرغبون في النفر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيدفعون مفاتحهم إلى زمناهم ويقولون لهم : قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما أحببتم ، وكانوا يقولون : إنه لا يحل لنا إنهم أذنوا عن غير طيب نفس ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) إلى قوله : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ).

وأخرج ابن جرير عن الزهري أنه سئل عن قوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا؟ فقال : أخبرني عبد الله بن عبد الله قال : إن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم ، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون : قد أحللنا لكم أن تأكلوا بما في بيوتنا ، وكانوا يتحرجون من ذلك ، ويقولون : لا ندخلها وهم غيب ، فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم.

وأخرج عن قتادة قال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) في حي من العرب كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده ، وكان يحمله بعض يوم حتى يجد من يأكله معه.

وأخرج عن عكرمة وأبي صالح قالا : كانت الأنصار إذا نزل بهم الضيف لا يأكلون حتى يأكل الضيف معهم ، فنزلت رخصة لهم (١).

قال ابن عباس : لما أنزل الله تبارك وتعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٨] تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزمنى والعرج ، وقالوا : الطعام أفضل الأموال ، وقد نهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل ، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب ، والمريض لا يستوفي الطعام. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

وقال سعيد بن جبير والضحاك : كان العرجان والعميان يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء ، لأن الناس يتقذرونهم ويكرهون مؤاكلتهم ، وكان أهل المدينة لا يخالطهم

__________________

(١) السيوطي ، ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، وتفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٢٨ ـ ١٣٠ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ١٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.

(٢) تفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٢٨.

٢٤٥

في طعامهم أعمى ولا أعرج ولا مريض تقذرا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

وقال مجاهد : نزلت هذه الآية ترخيصا للمرضى والزمنى في الأكل من بيوت من سمى الله تعالى في هذه الآية ، وذلك أن قوما من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانوا إذا لم يكن عندهم ما يطعمونهم ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم ، أو بعض من سمى الله تعالى في هذه الآية ، وكان أهل الزمانة يتحرجون من أن يطعموا ذلك الطعام ، لأنه أطعمهم غير مالكيه ، ويقولون : إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

الآية : ٦٢ ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٢).

قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) الآية. أخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما قالوا : لما أقبلت قريش عام الأحزاب نزلوا بمجمع الأسيال من رومة بئر بالمدينة ، قائدها أبو سفيان وأقبلت غطفان حتى نزلوا بنقمى إلى جانب أحد ، وجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الخبر ، فضرب الخندق على المدينة وعمل فيه وعمل المسلمون فيه ، وأبطأ رجال من المنافقين وجعلوا يأتون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا إذن ، وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد منها. يذكر ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويستأذنه في اللحوق لحاجته فيأذن له ، وإذا قضى حاجته رجع ، فأنزل الله في أولئك المؤمنين : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) إلى قوله : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤) [سورة النور ، الآية : ٦٤] (٣).

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٢٨.

(٢) النيسابوري ، ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، وتفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٢٩.

(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٢ / ٣٢١.

٢٤٦

الآية : ٦٣ ـ قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣).

قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا) الآية. أخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : كانوا يقولون : يا محمد ، يا أبا القاسم ، فأنزل الله : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) فقالوا : يا نبي الله ، يا رسول الله (١).

__________________

(١) السيوطي ٢٠٤ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٦٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

٢٤٧

٢٥ ـ سورة الفرقان

الآية : ١٠ ـ قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) (١٠).

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن خيثمة قال : قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن شئت أعطيناك مفاتيح الأرض وخزائنها لا ينقصك ذلك عندنا شيئا في الآخرة ، وإن شئت جمعتهما لك في الآخرة قال : «بل اجمعهما لي في الآخرة» فنزلت : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) الآية (١).

عن محمد بن حميد بن فرقد قال : أخبرنا إسحاق بن بشر قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال (٢) : لما عير المشركون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالفاقة قالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ حزن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزل جبريل عليه‌السلام من عند ربه معزيا له ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، رب العزة يقرئك السلام ، ويقول لك : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) [سورة الفرقان ، الآية : ٢٠] أي : يبتغون المعاش في الدنيا (٣).

الآية : ٢٠ ـ قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) (٢٠).

وأخرج الواحدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما عير

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١٨ / ١٤٠.

(٢) النيسابوري ٢٧٨ ، والسيوطي ٢٠٥.

(٣) الدر المنثور ، ج ٥ / ٦٣ ، وفي إسناده جويبر وهو متروك.

٢٤٨

المشركون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالفاقة وقالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ حزن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزل : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) الآية.

وأخرج ابن جرير نحوه من طريق سعيد وعكرمة عن ابن عباس (١).

الآية : ٢٧ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ).

قال ابن عباس في رواية عطاء الخراساني : كان أبيّ بن خلف يحضر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويجالسه ويستمع إلى كلامه من غير أن يؤمن به ، فزجره عقبة ابن أبي معيط عن ذلك ، فنزلت هذه الآية (٢).

وقال الشعبي : وكان عقبة خليلا لأمية بن خلف ، فأسلم عقبة ، فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا عليه‌السلام. وكفر وارتد لرضا أمية ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (٣).

وقال آخرون : إن أبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط كانا متحالفين ، وكان عقبة لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا إليه أشراف قومه ، وكان يكثر مجالسة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاما ، فدعا الناس ودعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى طعامه ، فلما قرب الطعام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله». فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من طعامه ، وكان أبيّ بن خلف غائبا ، فلما أخبر بقصته قال : صبأت يا عقبة ، فقال : والله ما صبأت ، ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له ، فاستحيت أن يخرج من بيتي ولم يطعم ، فشهدت فطعم. فقال أبيّ : ما أنا بالذي رضي منك أبدا إلا أن تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ عنقه. ففعل ذلك عقبة ، فأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت

__________________

(١) السيوطي ، ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، وفي إسناد الرواية الأولى جويبر ، وهو متروك ، والرواية الثانية عند الطبري في تفسيره ، ج ١٨ / ١٤٥.

(٢) تفسير الطبري ، ج ١٩ / ٦ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٨٥ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٦٨.

(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٢٥.

٢٤٩

رأسك بالسيف» فقتل عقبة يوم بدر صبرا. وأما أبيّ بن خلف فقتله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد في المبارزة ، فأنزل الله تعالى فيهما هذه الآية (١).

وقال الضحاك : لما بزق عقبة في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عاد بزاقه في وجهه فتشعب شعبتين ، فأحرق خديه ، وكان أثر ذلك فيه حتى الموت (٢).

الآية : ٣٢ ـ قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣٢).

أخرج ابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قال المشركون : إن كان محمد كما يزعم نبيا فلم يعذّبه ربّه؟ ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ، فينزل عليه الآية والآيتين؟ فأنزل الله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣٢) (٣).

الآية : ٦٨ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ).

عن سعيد بن جبير ، سمعه يحدث عن ابن عباس : أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ، ثم أتوا محمدا عليه‌السلام فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا أنا لما عملنا كفارة؟ فنزلت : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) الآيات ، إلى قوله : (غَفُوراً رَحِيماً) (٧٠) [سورة الفرقان ، الآية : ٧٠] (٤).

عن أبي ميسرة ، عن عبد الله بن مسعود قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أي الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل لله ندا وهو خلقك». قال : قلت : ثم أي؟ قال : «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك». قال : قلت : ثم أي؟ قال : «أن تزاني حليلة جارك». فأنزل الله

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١٩ / ٦.

(٢) النيسابوري ، ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٦٩.

(٣) السيوطي ٢٠٦ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣١٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٢٨ ـ ٢٩.

(٤) رواه مسلم في صحيحه : الإيمان ، باب : كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج ، رقم : ١٢٢ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ١٠٣.

٢٥٠

تعالى تصديقا لذلك : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) (١).

عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : أتى وحشي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمد ، أتيتك مستجيرا ، فأجرني حتى أسمع كلام الله. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد كنت أحب أن أراك على غير جوار ، فأما إذ أتيتني مستجيرا فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله». قال : فإني أشركت بالله ، وقتلت النفس التي حرم الله تعالى ، وزنيت ، هل يقبل الله مني توبة؟ فصمت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى نزل : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) إلى آخر الآية ، فتلاها عليه ، فقال : أرى شرطا ، فلعلي لا أعمل صالحا ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله. فنزلت : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [سورة النساء ، الآية : ٤٨] فدعا به فتلاها عليه ، فقال : ولعلي ممن لا يشاء ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله. فنزلت : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) [سورة الزمر ، الآية : ٥٣]. فقال : نعم الآن لا أرى شرطا ، فأسلم (٢).

__________________

(١) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : البخاري : التفسير / البقرة ، باب : قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، رقم : ٤٢٠٧ ، ومسلم : الإيمان ، باب : كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده ، رقم : ٨٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٢٦.

(٢) النيسابوري ، ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، والسيوطي ، ٢٠٦ ـ ٢٠٧ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ١٠٤ ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير برقم ١١٤٨٠ ، وفي مجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٠١ ، وقال : فيه أبين بن سفين ، ضعفه الذهبي.

٢٥١

٢٦ ـ سورة الشعراء

الآية : ٢٠٥ ـ قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) (٢٠٥).

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال : رؤي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كأنه متحير فسألوه عن ذلك ، فقال : «ولم؟ ورأيت عدوي يكون من أمتي بعدي» ، فنزلت : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) (٢٠٥) (ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) (٢٠٦) (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) (٢٠٧) [سورة الشعراء ، الآيات : ٢٠٥ ـ ٢٠٧] فطابت نفسه (١).

الآية : ٢١٤ ـ قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤).

أخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤) بدأ بأهل بيته وفصيلته فشق ذلك على المسلمين ، فأنزل الله : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢١٥) [سورة الشعراء ، الآية : ٢١٥] (٢).

الآية : ٢٢٤ ـ قوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢٢٤).

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحدهما من الأنصار ، والآخر من قوم آخرين ، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء ، فأنزل الله : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢٢٤) (٣) الآيات.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة نحوه ، وأخرج عن عروة قال : لما نزلت : (وَالشُّعَراءُ) إلى قوله تعالى : (ما لا يَفْعَلُونَ) (٢٢٦) [سورة الشعراء ، الآية : ٢٢٦] قال

__________________

(١) أسباب النزول للسيوطي ٢٠٨ ، وانظر تفسير الطبري ، ج ١٩ / ٧١.

(٢) تفسير الطبري ، ج ١٩ / ٧٥.

(٣) تفسير الطبري ، ج ١٩ / ٧٨.

٢٥٢

عبد الله بن رواحة : قد علم الله أني منهم ، فأنزل الله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [سورة الشعراء ، الآية : ٢٢٧] إلى آخر السورة.

وأخرج ابن جرير والحاكم عن أبي حسن البراد قال : لما نزلت : (وَالشُّعَراءُ) الآية ، جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت ، فقالوا : يا رسول الله ، والله لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم أنا شعراء ، هلكنا ، فأنزل الله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) ، فدعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتلاها عليهم (١).

__________________

(١) السيوطي ، ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ١٥١ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٥٥.

٢٥٣

٢٨ ـ سورة القصص

الآية : ٥١ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٥١).

أخرج ابن جرير والطبراني عن رفاعة القرظي ، قال : نزلت [هذه الآية] في عشرة أنا أحدهم (١).

وأخرج ابن جرير عن علي بن رفاعة قال : خرج عشرة رهط من أهل الكتاب ، منهم رفاعة ، يعني أباه ، إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فآمنوا ، فأوذوا ، فنزلت : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) [سورة القصص ، الآية : ٥٢]. وأخرج عن قتادة قال : كنا نحدّث أنها نزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على الحق حتى بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فآمنوا ، منهم عثمان وعبد الله بن سلام (٢).

الآية : ٥٢ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) (٥٢).

قال الضحاك : ناس من أهل الكتاب آمنوا بالتوراة والإنجيل ثم أدركوا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فآمنوا به ، فآتاهم الله أجرهم مرّتين بما صبروا بإيمانهم بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن يبعث ، وباتباعهم إيّاه حين بعث (٣).

الآية : ٥٦ ـ قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ).

عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا عم ، قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله سبحانه وتعالى». فقال أبو جهل وعبد الله

__________________

(١) النيسابوري ، ٢٨١ ـ ٢٨٢.

(٢) السيوطي ، ٢١٠ ـ ٢١١ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٠ / ٥٦ ـ ٥٧.

(٣) تفسير الطبري ، ج ٢٠ / ٥٧.

٢٥٤

ابن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعرضها عليه ويعاودانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم به : أنا على ملة عبد المطلب. وأبى أن يقول لا إله إلا الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك». فأنزل الله عزوجل : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) [سورة التوبة ، الآية : ١١٣]. وأنزل في أبي طالب : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (١).

عن يزيد بن كيسان قال : حدثني أبو حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعمه : «قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة». قال : لو لا أن تعيرني نساء قريش ، يقلن إنه حمله على ذلك الجزع ، لأقررت بها عينك. فأنزل الله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٢).

الآية : ٥٧ ـ قوله تعالى : (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا).

نزلت في الحارث بن عثمان بن عبد مناف ، وذلك أنه قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ، ولكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تخطفنا من أرضنا ، لإجماعهم على خلافنا ، ولا طاقة لنا بهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).

الآية : ٦١ ـ قوله تعالى : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ).

عن شعبة ، عن أبان ، عن مجاهد ، في هذه الآية قال : نزلت في علي وحمزة وأبي جهل.

وقال السدي : نزلت في عمار والوليد بن المغيرة.

__________________

(١) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما : البخاري : التفسير / القصص ، رقم : ٤٤٩٤ ، ومسلم : الإيمان ، باب : الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ، رقم : ٢٤ ، وتفسير زاد المسير ، ج ٦ / ٢٣١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٢٩٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٩٤.

(٢) مسلم : الإيمان ، باب : صحة إسلام من حضره الموت ، رقم : ٢٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٩٥.

(٣) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٣٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٠٠ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٣٩٥.

٢٥٥

وقيل : نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي جهل (١).

الآية : ٦٨ ـ قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ).

قال أهل التفسير : نزلت جوابا للوليد بن المغيرة ، حين قال فيما أخبر الله تعالى :

إنه لا يبعث الرسل باختياره (٢).

الآية : ٨٥ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٨٥).

أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ، قال : لما خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (٣).

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٣٤ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٠ / ٩٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٠٣ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ١٣٥.

(٢) النيسابوري ، ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٢٣٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٠٥.

(٣) السيوطي ، ٢١١ ـ ٢١٢ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٢٤٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٢١ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٠٢.

٢٥٦

٢٩ ـ سورة العنكبوت

الآيتان : ١ ـ ٢ ـ قوله تعالى : (الم) (١) (أَحَسِبَ النَّاسُ).

قال الشعبي : نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام ، فكتب إليهم أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من المدينة : إنه لا يقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا. فخرجوا عامدين إلى المدينة ، فأتبعهم المشركون فآذوهم ، فنزلت فيهم هذه الآية ، وكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا ، فقالوا : نخرج ، فإن اتبعنا أحد قاتلناه. فخرجوا ، فاتبعهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم من قتل ومنهم من نجا ، فأنزل الله تعالى فيهم : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) [سورة النحل ، الآية : ١١٠] (١).

وقال مقاتل : نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب ، كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر ، رماه عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سيد الشهداء مهجع ، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة». فجزع عليه أبواه وامرأته ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ، وأخبر أنه لا بد لهم من البلاء والمشقة في ذات الله تعالى (٢).

الآية : ٨ ـ قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي).

قال المفسرون : نزلت في سعد بن أبي وقاص ، وذاك أنه لما أسلم قالت له أمه جميلة : يا سعد ، بلغني أنك صبوت ، فو الله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ، ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد ـ عليه‌السلام ـ وترجع إلى ما كنت عليه. وكان أحب ولدها إليها ، فأبى سعد ، فصبرت هي ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٤ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٥٤.

(٢) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٤.

٢٥٧

بظل حتى غشي عليها ، فأتى سعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشكا ذلك إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، والتي في لقمان [١٤] والأحقاف [١٥] (١).

عن سماك بن حرب قال : حدثني مصعب بن سعد ابن أبي وقاص ، عن أبيه أنه قال : نزلت هذه الآية فيّ ، قال : حلفت أم سعد لا تكلم أبدا حتى يكفر بدينه ، ولا تأكل ولا تشرب ، ومكثت ثلاثة أيام حتى غشي عليها من الجهد ، فأنزل الله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) (٢).

قوله تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) الآية. عن مسلمة بن علقمة قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان النهدي : أن سعد بن مالك قال : أنزلت فيّ هذه الآية : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) قال : كنت رجلا برا بأمي ، فلما أسلمت قالت : يا سعد ، ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت ، فتعير بي ، فيقال : يا قاتل أمه. قلت : لا تفعلي يا أماه ، فإني لا أدع ديني هذا لشيء. قال : فمكثت يوما لا تأكل ، فأصبحت قد جهدت ، قال : فمكثت يوما آخر وليلة لا تأكل ، فأصبحت وقد اشتد جهدها ، قال : فلما رأيت ذلك قلت : تعلمين والله يا أماه ، لو كانت لك مائة نفس ، فخرجت نفسا نفسا ، ما تركت ديني هذا لشيء ، إن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي. فلما رأت ذلك أكلت ، فأنزلت هذه الآية : (وَإِنْ جاهَداكَ) الآية (٣).

الآية : ١٠ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ).

قال مجاهد : نزلت في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم ، فإذا أصابهم بلاء من الله ومصيبة في أنفسهم افتتنوا (٤).

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٢٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٠٥.

(٢) رواه مسلم في صحيحه : فضائل الصحابة ، باب : في فضل سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه ، رقم الحديث في الكتاب : ٤٣ ، والنيسابوري ٢٨٥.

(٣) النيسابوري ٢٨٥ ، والسيوطي ٢١٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٠٥ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٧ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ١٦٥.

(٤) تفسير الطبري ، ج ٢٠ / ٨٠ ـ ٨١ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٩.

٢٥٨

وقال الضحاك : نزلت في أناس من المنافقين بمكة ، كانوا يؤمنون ، فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك (١).

وقال عكرمة ، عن ابن عباس : نزلت في المؤمنين الذين أخرجهم المشركون عن الدين ، فارتدوا وهم الذين نزلت فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) [سورة النساء ، الآية : ٩٧] (٢).

الآية : ٥١ ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥١).

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) الآية. أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والدارمي في مسنده من طريق عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال : جاء أناس من المسلمين بكتب قد كتبوا فيها بعض ما سمعوه من اليهود ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم» ، فنزلت : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) (٣).

الآية : ٦٠ ـ قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا).

عن الزهري ، عن عبد الرحيم بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عمر قال : خرجنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى دخل بعض حيطان الأنصار ، فجعل يلقط من التمر ويأكل ، فقال : يا ابن عمر ، ما لك لا تأكل». فقلت : لا أشتهيه يا رسول الله ، فقال : «لكني أشتهيه ، وهذه صبيحة رابعة ما ذقت طعاما ، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر ، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم ، ويضعف اليقين؟». قال : فو الله ما برحنا حتى نزلت : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦٠) (٤).

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٩.

(٢) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٨ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٠٥.

(٣) السيوطي ٢١٤ ، وتفسير الطبري ، ج ٢١ / ٦ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٢٧٩.

(٤) النيسابوري ٢٨٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٥٩.

٢٥٩

قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ) الآية. أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر بسند ضعيف عن ابن عمر قال : خرجت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى دخل بعض حيطان المدينة فجعل يلتقط من التمر ويأكل ، فقال لي : «يا ابن عمر ، ما لك لا تأكل؟» قلت : لا أشتهيه ، قال : «لكني أشتهيه وهذا صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولم أجده ، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر ، فكيف بك يا ابن عمر إذا لقيت قوما يخبئون رزق سنتهم ويضعف اليقين؟» قال : فو الله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦٠). فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله لم يأمرني بكنز الدنيا ولا باتباع الشهوات ، ألا وإني لا أكثر دينارا ولا درهما ولا أخبئ رزقا لغد (١).

الآية : ٦٧ ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) (٦٧).

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا) الآية. أخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنهم قالوا : يا محمد ، ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لقلّتنا والأعراب أكثر منا ، فمتى ما يبلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكنا أكلة رأس ، فأنزل الله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) (٢).

__________________

(١) السيوطي ، ٢١٤ ـ ٢١٥ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ١٤٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٢٠ ، وقال ابن كثير : وهذا حديث غريب ضعيف.

(٢) السيوطي ٢١٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٣٠٠ ، وجويبر ضعيف جدا ، وهو متروك.

٢٦٠