تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

٨٠ ـ سورة عبس

الآيتان : ١ ـ ٢ ـ قوله تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) (٢).

وهو ابن أم مكتوم ، وذلك أنه أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام وعباس بن عبد المطلب وأبيّا وأمية ابني خلف ، ويدعوهم إلى الله تعالى ويرجو إسلامهم ، فقام ابن أم مكتوم وقال : يا رسول الله ، علمني مما علمك الله. وجعل يناديه ويكرر النداء ، ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره ، حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقطعه كلامه ، وقال في نفسه : «يقول هؤلاء الصناديد : إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد» فعبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأعرض عنه ، وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ذلك يكرمه ، وإذا رآه يقول : «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي» (١).

عن سعد بن يحيى بن سعيد : حدثنا أبي قال : هذا ما قرأنا على هشام بن عروة ، عن عائشة قالت : أنزلت : (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعل يقول : يا رسول الله ، أرشدني. وعند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجال من عظماء المشركين ، فجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخرين ، ففي هذا أنزلت : (عَبَسَ وَتَوَلَّى) (١) (٢).

أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة قالت : أنزل : (عَبَسَ وَتَوَلَّى) (١) في ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعل يقول : يا رسول الله ، أرشدني ، وعند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل من عظماء المشركين ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعرض عنه ويقبل على

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٩ / ٢٧ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٧٠.

(٢) النيسابوري ٣٦٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢١١.

٣٨١

الآخر ، فيقول له : «أترى بما أقول بأسا؟» فيقول : لا. فنزلت : (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) (٢). وأخرج أبو يعلى مثله عن أنس (١).

الآية : ١٧ ـ قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧).

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة ، في قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧) قال : نزلت في عتبة بن أبي لهب حين قال : كفرت برب النجم (٢).

الآية : ٣٧ ـ قوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٣٧).

عن إبراهيم بن هراسة : حدثنا عائذ بن شريح الكندي قال : سمعت أنس بن مالك قال : قالت عائشة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنحشر عراة؟ قال : «نعم». قالت : وا سوأتاه. فأنزل الله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٣٧) (٣).

٨١ ـ سورة التكوير

الآية : ٢٩ ـ قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٩).

عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سلمان بن موسى قال : لما أنزل الله عزوجل : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٢٨) [سورة التكوير ، الآية : ٢٨] ، قال : ذلك إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن لم نشأ لم نستقم. فأنزل الله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٩) (٤).

__________________

(١) السيوطي ٣٢٧ ، وسنن الترمذي برقم ٣٣٣١ ، وقال : هذا حديث غريب ، والمستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٥١٤.

(٢) زاد المسير ، ج ٩ / ٣٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢١٧.

(٣) في إسناده عند النيسابوري عائذ بن شريح ، وهو ضعيف ، المجروحين لابن حبان ، ج ٢ / ١٩٣.

(٤) النيسابوري ٣٦٧ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ٥٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢٤٣.

٣٨٢

٨٢ ـ سورة الانفطار

الآية : ٦ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٦).

أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ) الآية ، قال : نزلت في أبيّ بن خلف (١).

٨٣ ـ سورة المطففين

الآية : ١ ـ قوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١).

عن عبد الرحمن بن بشر قال : حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال : حدثني أبي قال : حدثني يزيد النحوي : أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال : لما قدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) فأحسنوا الكيل بعد ذلك (٢).

قال القرطبي : كان بالمدينة تجار يطففون ، وكانت بياعاتهم كشبه القمار : المنابذة والملامسة والمخاطرة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السوق وقرأها.

وقال السدي : قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة وبها رجل يقال له أبو جهينة ، ومعه صاعان : يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).

__________________

(١) السيوطي ٣٢٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢٤٥ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٨١.

(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٨٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢٥٠.

(٣) النيسابوري ٣٧٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ / ٢٥٠ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ٥٢.

٣٨٣

٨٦ ـ سورة الطارق

الآية : ٥ ـ قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) (٥).

أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) (٥) قال : نزلت في أبي الأشر ، كان يقوم على الأديم فيقول : يا معشر قريش ، من أزالني عنه فله كذا ، ويقول : إن محمدا يزعم أن خزنة جهنم تسعة عشر ، فأنا أكفيكم وحدي عشرة ، واكفوني أنتم تسعة (١).

٨٧ ـ سورة الأعلى

الآية : ٦ ـ قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٦).

أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أتاه جبريل بالوحي لم يفرغ جبريل من الوحي حتى يتكلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأوّله ، مخافة أن ينساه ، فأنزل الله هذه الآية (٢).

٨٨ ـ سورة الغاشية

الآية : ١٧ ـ قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (١٧).

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما نعت الله ما في الجنة ، عجب من ذلك أهل الضلالة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).

__________________

(١) السيوطي ٣٣١ ، وانظر تفسير الطبري ، ج ٣٠ / ٩١ ـ ٩٢ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٤٩٨.

(٢) السيوطي ٣٣٢ ، وفي إسناده جويبر ، وهو ضعيف جدا.

(٣) السيوطي ٣٣٣ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٠٥.

٣٨٤

٨٩ ـ سورة الفجر

الآية : ٢٧ ـ قوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧).

أخرج ابن أبي حاتم عن بريدة في قوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧) قال : نزلت في حمزة.

وأخرج من طريق جويبر [وهو ضعيف جدا] عن الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من يشتري بئر رومة يستعذب بها ، غفر الله له» ، فاشتراها عثمان ، فقال : «هل لك أن تجعلها سقاية للناس؟» قال : نعم ، فأنزل الله في عثمان : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧) (١).

__________________

(١) السيوطي ٣٣٤ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ١٢٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٥٨.

٣٨٥

٩٢ ـ سورة الليل

الآيتان : ٥ ـ ٦ ـ قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) (٦).

أخرج الحاكم (١) عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : قال أبو قحافة لأبي بكر : أراك تعتق رقابا ضعافا؟ فلو أنك أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك يا بني؟ فقال : يا أبت إنما أريد ما عند الله ، فنزلت هذه الآيات.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة : أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذّب في الله ، وفيه نزلت : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (١٧) [سورة الليل ، الآية : ١٧] إلى آخر الآيات (٢).

قال ابن كثير : هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ولفظها لفظ العموم ، وهو أولى الأمة بعمومها ، وهو سابقها في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة ، فإنه كان صدّيقا تقيا كريما جوادا بذّالا لأمواله في طاعة الله ونصرة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

وقال عطاء عن ابن عباس : أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها ، وكان عبدا لعبد الله بن جدعان ، فشكى إليه المشركون ما فعل ، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم ، فأخذوه يعذبونه في الرمضاء ، وهو يقول : أحد أحد ، فمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ينجيك أحد أحد». ثم أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا بكر أن بلالا يعذّب في الله ، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به ، فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده ، فأنزل الله تعالى : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٢٠) [سورة الليل ، الآيتان : ١٩ ـ ٢٠] (٤).

__________________

(١) السيوطي ، ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، وصححه الحاكم في المستدرك ، ج ٢ / ٥٢٥.

(٢) السيوطي ، ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٤٢ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ١٤٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٨٢ ـ ٨٣.

(٣) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٢١.

(٤) النيسابوري ٣٦٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٨٨ ـ ٨٩.

٣٨٦

عن يونس ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الله : أن أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشر أواق ، فأعتقه ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) إلى قوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤). سعي أبي بكر وأمية وأبيّ بن خلف (١).

عن منصور والأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار». قالوا : يا رسول الله ، أفلا نتكل؟ قال : «واعملوا فكل ميسر». ثم قرأ : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧) (٢).

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٩ / ١٤٦ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٣٥٨.

(٢) رواه الشيخان في صحيحيهما : البخاري : التفسير / الليل ، باب : قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) ، رقم : ٤٦٦١ ، ومسلم : القدر ، باب : كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه .. ، رقم : ٢٦٤٧ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٤٤ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ١٥٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٨٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥١٨.

٣٨٧

٩٣ ـ سورة الضحى

الآيات : ١ ـ ٣ ـ قوله تعالى : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣).

عن الحسن بن مثنى بن معاذ ، أخبرنا أبو حذيفة ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن الأسود بن قيس ، عن جندب قال : قالت امرأة من قريش للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أرى شيطانك إلا ودعك. فنزل : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) [سورة الضحى ، الآيات : ١ ـ ٣] (١).

عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أبطأ جبريل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجزع جزعا شديدا ، فقالت خديجة : قد قلاك ربّك لما يرى من جزعك (٢). فأنزل الله تعالى : (وَالضُّحى) (١) (وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) (٢) (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) (٣).

عن محمد بن يونس : أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا حفص بن سعيد القرشي قال : حدثتني أمي ، عن أمها خولة ، وكانت خادمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن جروا دخل البيت ، فدخل تحت السرير فمات ، فمكث نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أياما لا ينزل عليه الوحي ، فقال : «يا خولة ، ما حدث في بيتي؟ جبريل عليه‌السلام لا يأتيني». قالت خولة : لو هيأت البيت وكنسته ، فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا شيء ثقيل ، فلم أزل حتى أخرجته فإذا جرو ميت ، فأخذته فألقيته خلف الجدار ، فجاء نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ترعد لحياه ، وكان إذا

__________________

(١) ودعك : تركك. قلى : أبغض. البخاري : التفسير ، باب : تفسير سورة (وَالضُّحى) ، رقم : ٤٦٦٧ ، ومسلم : الجهاد والسير ، باب : ما لقي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أذى المشركين والمنافقين ، رقم : ١٧٩٧ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٤٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٩١ ـ ٩٣.

(٢) فجزع : خاف واشتد خوفه. قلاك : أبغضك.

(٣) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٢١ ـ ٥٢٢.

٣٨٨

نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة ، فقال : «يا خولة ، دثريني». فأنزل الله تعالى : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) (١).

الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) (٤).

عن الأوزاعي ، عن إسماعيل بن عبد الله قال : حدثني علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه قال : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما يفتح على أمته من بعده ، فسرّ بذلك ، فأنزل الله عزوجل : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥). قال : فأعطاه ألف قصر في الجنة من لؤلؤ ، ترابه المسك ، في كل قصر منها ما ينبغي له (٢).

الآية : ٦ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) (٦).

قال القرطبي : عدّد سبحانه مننه على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) لا أب لك قد مات أبوك (فَآوى) (٦) أي : عند عمك أبي طالب فكفلك (٣).

عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد سألت ربي مسألة ووددت أني لم أكن سألته ، قلت : يا رب ، إنه قد كانت الأنبياء قبلي ، منهم من سخرت له الريح ـ وذكر سليمان بن داود ـ ومنهم من كان يحيي الموتى ـ وذكر عيسى ابن مريم ـ ومنهم ومنهم». قال : «قال : ألم أجدك يتيما فآويتك؟» قال : «قلت : بلى ، قال : ألم أجدك ضالّا فهديتك؟» قال : «قلت : بلى يا رب ، قال : ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟» قال : «قلت : بلى يا رب ، قال : ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك؟» قال : «قلت : بلى يا رب» (٤).

__________________

(١) النيسابوري ، ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، ومجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٣٨ ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه أم حفص لم أعرفها.

(٢) النيسابوري ٣٧٢ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٤٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٩٥.

(٣) تفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٩٦.

(٤) النيسابوري ٣٧٣ ، وفيه عطاء بن السائب ، قال ابن معين : لا يحتج بحديثه ، المغني في الضعفاء ، ج ٢ / ٤٣٤ للذهبي.

٣٨٩

٩٦ ـ سورة اقرأ «العلق»

ذكرنا نزول هذه السورة في أول هذا الكتاب (١).

الآيتان : ١٧ ـ ١٨ ـ قوله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨) إلى آخر الآيات.

نزلت في أبي جهل (٢).

عن إبراهيم بن محمد بن سفيان : أخبرنا أبو سعيد الأشج : أخبرنا أبو خالد عبد العزيز بن هند ، عن ابن عباس قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلي ، فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فزبره ، فقال أبو جهل : والله إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني. فأنزل الله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨). قال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله تبارك وتعالى (٣).

٩٧ ـ سورة القدر

عن إسماعيل العسكري : أخبرنا يحيى بن أبي زائدة ، عن مسلم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلا من بني إسرائيل ، لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، فتعجب المسلمون من ذلك ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (٣). قال : خير من التي لبس فيها السلاح ذلك الرجل (٤).

__________________

(١) انظر تفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٦١.

(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٢٨.

(٣) النيسابوري ٣٧٣ ، والسيوطي ٣٤١ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ١٦٤ ، وتفسير القرطبي ج ٢٠ / ١٢٧.

(٤) النيسابوري ، ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٣٧١ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٣٠.

٣٩٠

٩٩ ـ سورة الزلزلة

عن حسين بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الجيلي ، عن عبد الله بن عمر قال : نزلت : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) (١) وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد ، فبكى أبو بكر ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يبكيك يا أبا بكر؟» قال : أبكاني هذه السورة. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو أنكم لا تخطئون ولا تذنبون لخلق الله أمة من بعدكم يخطئون ويذنبون ، فيغفر لهم» (١).

الآيتان : ٧ ـ ٨ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨).

قال مقاتل : نزلت في رجلين ، كان أحدهما يأتيه السائل فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ، ويقول : ما هذا شيء ، وإنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه. وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير : الكذبة والغيبة والنظرة ، ويقول : ليس عليّ من هذا شيء ، إنما أوعد الله بالنار على الكبائر. فأنزل الله عزوجل يرغبهم في القليل من الخير ، فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الذنب ، فإنه يوشك أن يكثر : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٧) (٢).

__________________

(١) مجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٤١ ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات.

(٢) النيسابوري ٣٧٣ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ٢٠٥ ، وتفسير البغوي ، ج ٤ / ٥١٦.

٣٩١

١٠٠ ـ سورة العاديات

قال مقاتل : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية إلى حي من كنانة ، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري ، فتأخر خبرهم ، فقال المنافقون : قتلوا جميعا. فأخبر الله تعالى عنها ، فأنزل : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (١) يعني تلك الخيل (١).

عن حفص بن جميع : أخبرنا سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث خيلا ، فأسهبت شهرا لم يأته منها خبر ، فنزلت : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (١) ضبحت بمناخرها ، إلى آخر السورة (٢).

ومعنى أسهبت : أمعنت في السهوب ، وهي الأرض الواسعة ، جمع سهب (٣).

__________________

(١) تفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ١٥٥.

(٢) مجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٤٢ ، وضعّفه الهيثمي.

(٣) النيسابوري ٣٧٤.

٣٩٢

١٠٢ ـ سورة التكاثر

الآيتان : ١ ـ ٢ ـ قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢).

قال مقاتل والكلبي : نزلت في حيين من قريش : بني عبد مناف وبني سهم ، كان بينهما لحا ، فتعاند السادة والأشراف أيهم أكثر ، فقال بنو عبد مناف : نحن أكثر سيدا وعزا وعزيزا ، وأعظم نفرا. وقال بنو سهم مثل ذلك ، فكثرهم بنو عبد مناف ، ثم قالوا : نعد موتانا ، حتى زاروا القبور فعدوا موتاهم ، فكثرهم بنو سهم ، لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية (١).

وقال قتادة : نزلت في اليهود ، قالوا : نحن أكثر من بني فلان ، وبنو فلان أكثر من بني فلان. ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا (٢).

١٠٥ ـ سورة الفيل

نزلت في قصة أصحاب الفيل وقصدهم تخريب الكعبة ، وما فعل الله تعالى بهم من إهلاكهم وصرفهم عن البيت ، وهي معروفة (٣).

__________________

(١) تفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٢٠.

(٢) النيسابوري ٣٧٥ ، وتفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٢٠.

(٣) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٤٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ١٨٧ ـ ١٨٨ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ٢٣٢ ـ ٢٣٤.

٣٩٣

١٠٦ ـ سورة لإيلاف قريش

نزلت في قريش وذكر منّة الله عليهم.

عن عثمان بن عبد الله بن عتيق ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة ، عن أبيه ، عن جدته أم هانئ بنت أبي طالب قالت : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله فضّل قريشا بسبع خصال ، لم يعطها قبلهم أحدا ولا يعطيها أحدا بعدهم : إن الخلافة فيهم ، والحجابة فيهم ، وإن السقاية فيهم ، وإن النبوة فيهم ، ونصروا على الفيل ، وعبدوا الله سبع سنين لم يعبده أحد غيرهم ، ونزلت فيهم سورة لم يذكر فيها أحد غيرهم : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) (١).

١٠٧ ـ سورة الماعون

الآية : ١ ـ قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (١).

قال مقاتل والكلبي : نزلت في العاص بن وائل السهمي (٢).

وقال ابن جريج : كان أبو سفيان بن حرب ينحر كل أسبوع جزورين ، فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصا ، فأنزل الله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (٢) (٣).

__________________

(١) النيسابوري ، ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن ثابت ، قال فيه الذهبي : صاحب مناكير ، والمستدرك ، ج ٢ / ٥٣٦.

(٢) تفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٣١.

(٣) النيسابوري ، ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢١٠ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٥٤.

٣٩٤

١٠٨ ـ سورة الكوثر

قال ابن عباس : نزلت في العاص ، وذلك أنه رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخرج من المسجد وهو يدخل ، فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا ، وأناس من صناديد قريش في المسجد جلوس ، فلما دخل العاص قالوا له : من الذي كنت تحدث؟ قال : ذاك الأبتر ، يعني النبي صلوات الله وسلامه عليه ، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان من خديجة ، وكانوا يسمون من ليس له ابن أبتر ، فأنزل الله تعالى هذه السورة (١).

عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني يزيد بن رومان قال : كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : دعوه ، فإنما هو رجل أبتر لا عقب له ، لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه. فأنزل الله تعالى في ذلك : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (١) إلى آخر السورة (٢).

وقال عطاء ، عن ابن عباس : كان العاص بن وائل يمر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويقول : إني لأشنؤك ، وإنك لأبتر من الرجال. فأنزل الله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٣) من خير الدنيا والآخرة (٣).

__________________

(١) تفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٣٤.

(٢) تفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٣٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢٢٢.

(٣) النيسابوري ٣٧٧ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ٢١٢ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٥٩.

٣٩٥

١٠٩ ـ سورة الكافرون

نزلت في رهط من قريش ، قالوا : يا محمد ، هلم اتبع ديننا ونتبع دينك ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يدك قد شركت في أمرنا وأخذت بحظك. فقال : «معاذ الله أن أشرك به غيره». فأنزل الله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) إلى آخر السورة ، فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش ، فقرأها عليهم حتى فرغ من السورة ، فأيسوا منه عند ذلك (١).

١١٠ ـ سورة النصر

نزلت في منصرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غزوة حنين ، وعاش سنتين بعد نزولها.

عن إسحاق بن عبد الله بن كيسان قال : حدثني أبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غزوة حنين ، وأنزل الله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) قال : «يا علي بن أبي طالب ، ويا فاطمة ، قولا : جاء نصر الله والفتح (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) (٢) فسبحان ربي وبحمده (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) (٣)» (٢).

__________________

(١) تفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٣٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٢) النيسابوري ٣٧٨ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٦١ ـ ٥٦٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢٢٩ ـ ٢٣٣.

٣٩٦

١١١ ـ سورة تبت «المسد»

عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم الصفا ، فقال : «يا صباحاه» (١). فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا له : ما لك؟ قال : «أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقون؟» ، قالوا : بلى. قال : «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد». فقال أبو لهب : تبا لك (٢) ، لهذا دعوتنا جميعا. فأنزل الله عزوجل : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١) إلى آخرها (٣).

عن يزيد بن زريع ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا آل غالب ، يا آل لؤي ، يا آل مرة ، يا آل كلاب ، يا آل عبد مناف ، يا آل قصي ، إني لا أملك لكم من الله منفعة ولا من الدنيا نصيبا ، إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله». فقال أبو لهب : تبا لك ، لهذا دعوتنا. فأنزل الله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (٤).

عن عبد الله بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤) [سورة الشعراء ، الآية : ٢١٤] أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصفا فصعد عليه ، ثم نادى : «يا صباحاه». فاجتمع إليه الناس ، من بين رجل يجيء ورجل يبعث رسوله ، فقال : «يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم ، صدقتموني». قالوا : نعم. قال : «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد». فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ما دعوتنا إلا لهذا. فأنزل الله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١) (٥).

__________________

(١) يا صباحاه : عبارة تنادي بها العرب إذا أرادت الاجتماع لأمر ما.

(٢) تبا : هلاكا.

(٣) رواه البخاري في صحيحه : التفسير / المسد ، باب : قوله تعالى : (وَتَبَّ. ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) ، رقم : ٤٦٨٨ ، وانظر تفسير الطبري ، ج ٣٠ / ٢١٧ ـ ٢١٨.

(٤) تفرّد بإخراجه بهذا الإسناد الذي لا تقوم به حجّة ، النيسابوري في أسباب النزول ٣٧٩.

(٥) النيسابوري ، ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، وتفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٤٣ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ٢٥٨.

٣٩٧

١١٢ ـ سورة الإخلاص

قال قتادة والضحاك ومقاتل : جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : صف لنا ربك ، فإن الله أنزل نعته في التوراة ، فأخبرنا من أي شيء هو ، ومن أي جنس هو ، أذهب هو أم نحاس أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب ، وممن ورث الدنيا ومن يورثها؟ فأنزل الله تبارك وتعالى هذه السورة ، وهي نسبة الله خاصة (١).

وعن أبي العالية ، عن أبيّ بن كعب : أن المشركين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : انسب لنا ربك. فأنزل الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ) (٢) (٢).

قال : فالصمد : الذي لم يلد ولم يولد ، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث.

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤) قال : لم يكن له شبيه ولا عدل ، وليس كمثله شيء (٣).

__________________

(١) النيسابوري ٣٨٠ ، وسنن الترمذي برقم ٣٣٦٤ ـ ٣٣٦٥ ، وتفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٤٤ ، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي ، ج ٩ / ٢٦٦.

(٢) المستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٥٤٠ ، وتفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٤٤.

(٣) النيسابوري ٣٨٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢٤٤ ـ ٢٤٦.

٣٩٨

١١٣ ـ ١١٤ ـ المعوّذتان

قال المفسرون : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأتت إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعدّة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي ، ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان ، فمرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وانتثر شعر رأسه ، ويرى أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن ، وجعل يدور ولا يدري ما عراه ، فبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان ، فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رأسه : ما بال الرجل؟ قال : طب ، قال : وما طب؟ قال : سحر ، قال : ومن سحره؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي ، قال : وبم طبه؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو؟ قال : في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان (١).

والجف قشر الطلع ، والراعوفة حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح.

فانتبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا عائشة ، ما شعرت أن الله أخبرني بدائي». ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا هو مشاطة رأسه وأسنان مشطه ، وإذا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى سورتي المعوذتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل عليه‌السلام يقول : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ، ومن كل حاسد وعين ، الله يشفيك (٢). فقالوا : يا رسول الله ، أولا نأخذ

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٩ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.

(٢) مشاطة : ما يجتمع على المشط بعد تمشيط الشعر. عراه : أصابه وطرأ عليه. الطلع : زهر النخيل ونحوه. المائح : هو الذي ينزل إلى البئر ليملأ دلوه منه لقلة مائه. نشط من عقال : فك من حبل كان قد أوثق به. أرقيك : من الرّقية ، وهي القراءة على المريض ليبرأ من علته.

٣٩٩

الخبيث فنقتله؟ فقال : «أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن أثير على الناس شرا» (١).

عن أبي أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سحر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى إنه ليتخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعل ، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعا ، ثم قال : «أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه». قلت : وما ذاك يا رسول الله؟ قال : «أتاني ملكان ..» وذكر القصة بطولها (٢).

ولهذا الحديث طريق في الصحيحين (٣).

تمّ بحمد الله تبارك وتعالى هذا الكتاب

«تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول»

الجامع بين روايات الطبري والنيسابوري وابن الجوزي

والقرطبي وابن كثير والسيوطي وبالله عزوجل التوفيق

__________________

(١) تفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤.

(٢) رواه البخاري في صحيحه : الطب ، باب : السحر ، رقم : ٥٤٣٣.

(٣) انظر البخاري : الطب ، باب : هي يستخرج السحر ، رقم : ٥٤٣٢ ، ومسلم : السلام ، باب : السحر ، رقم : ٢١٨٩ ، وتفسير الطبري ، ج ٣٠ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، وتفسير البغوي ، ج ٤ / ٥٤٦ ـ ٥٤٩ ، وزاد المسير ، ج ٩ / ٢٧٠ ـ ٢٨٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ٢٠ / ٢٥٢ ـ ٢٦٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٧١ ـ ٥٧٢ ، وفتح القدير للشوكاني ، ج ٥ / ٥١٨ ـ ٥٢٤.

٤٠٠