تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

وقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هل جئتم في عهد أحد ، وهل جعل لكم أحد أمانا؟». قالوا : اللهم لا ، فخلى سبيلهم ، فأنزل الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) (١).

الآية : ٢٥ ـ قوله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٢٥).

وأخرج الطبراني وأبو يعلى عن أبي جمعة جنيد بن سبع قال : قاتلت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أول النهار كافرا ، وقاتلت معه آخر النهار مسلما ، وكنّا ثلاثة رجال وسبع نسوة ، وفينا نزلت : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) الآية (٢).

الآية : ٢٧ ـ قوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) (٢٧).

أخرج الفريابي وعبد بن حميد والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال : أري النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلّقين رءوسهم ومقصرين ، فلما نحر الهدي بالحديبية قال أصحابه : أين رؤياك يا رسول الله؟ فنزلت : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) الآية (٣).

__________________

(١) النيسابوري ، ٣١٦ ـ ٣١٧.

(٢) السيوطي ، ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، ومسند أبي يعلى ، ج ٣ / ١٢٩ ، ورجاله ثقات ، ومجمع الزوائد ، ج ٩ / ٣٩٨.

(٣) السيوطي ٢٦٦ ، وزاد المسير ، ج ٧ / ٢٤٢ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٦ / ١٠٧.

٣٢١

٤٩ ـ سورة الحجرات

الآية : ١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ).

عن ابن أبي مليكة : أن عبد الله بن الزبير أخبره : أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال أبو بكر : أمّر القعقاع بن معبد ، وقال عمر : بل أمّر الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ، وقال عمر : ما أردت خلافك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) [سورة الحجرات ، الآية : ٥] (١).

الآية : ٢ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ).

نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، كان في أذنه وقر ، وكان جهوري الصوت ، وكان إذا كلّم إنسانا جهر بصوته ، فربما كان يكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيتأذى بصوته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

عن جعفر بن سليمان الضبعي قال : أخبرنا ثابت ، عن أنس : لما نزلت هذه الآية : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) قال ثابت بن قيس : أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي ، وأنا من أهل النار. فذكر ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «هو من أهل الجنة» (٣).

__________________

(١) النيسابوري ٣١٧ ، وأخرجه البخاري في صحيحه : التفسير / الحجرات ، باب : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ، رقم : ٤٥٦٦ ، وزاد المسير ، ج ٧ / ٤٥٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٠٥.

(٢) زاد المسير ، ج ٧ / ٤٥٦.

(٣) رواه مسلم في صحيحه : الإيمان ، باب : مخافة المؤمن من أن يحبط عمله ، رقم : ١١٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٠٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٠٤.

٣٢٢

وقال ابن أبي مليكة : كاد الخيران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس ، وأشار الآخر برجل آخر ، فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلا خلافي ، وقال عمر : ما أردت خلافك. وارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله تعالى : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) الآية.

وقال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه (١).

الآية : ٣ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ).

قال عطاء ، عن ابن عباس : لما نزل قوله تعالى : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) تألّى أبو بكر أن لا يكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كأخي السرار ، فأنزل الله تعالى في أبي بكر : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) (٢).

عن حصين بن عمر الأحمسي قال : حدثنا مخارق ، عن طارق ، عن أبي بكر قال : لما نزلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) قال أبو بكر : فآليت على نفسي أن لا أكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كأخي السرار (٣).

الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤).

عن محمد بن يحيى العتكي قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال : حدثنا داود الطفواي قال : حدثنا أبو مسلم البجلي قال : سمعت زيد بن أرقم يقول : أتى ناس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعلوا ينادونه وهو في الحجرة : يا محمد ، يا محمد ، فأنزل الله تعالى :

__________________

(١) النيسابوري ٣١٧ ، وانظر صحيح البخاري برقم ٤٨٤٥.

(٢) النيسابوري ٣١٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٠٨ ، وزاد المسير في علم التفسير ، ج ٧ / ٤٥٧.

(٣) المستدرك للحاكم ، ج ٣ / ٧٤ ، وفي سنده حصين بن عمر وهو واه ، ومجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٠٨.

٣٢٣

(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤) (١).

وقال محمد بن إسحاق وغيره : نزلت في جفاة بني تميم ، قدم وفد منهم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدخلوا المسجد ، فنادوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء حجرته : أن اخرج إلينا يا محمد ، فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين. فآذى ذلك من صياحهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج إليهم فقالوا : إنا جئناك يا محمد نفاخرك ، ونزل فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤). وكان فيهم : الأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن ، والزبرقان بن بدر ، وقيس بن عاصم (٢).

الآية : ٦ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا).

نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بني المصطلق مصدقا ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع القوم تلقوه تعظيما لله تعالى ولرسوله ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله ، فهابهم ، فرجع من الطريق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي. فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهمّ أن يغزوهم ، فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالوا : سمعنا برسولك ، فخرجنا نتلقاه ونكرمه ، ونؤدي إليه ما قبلنا من حق الله تعالى ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك بغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) يعني الوليد بن عقبة (٣).

وفي رواية أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق ، فرجع فقال : يا رسول الله ، إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي. فضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البعث وقد فصل من المدينة ، فلقيهم الحارث ، فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك ،

__________________

(١) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٠٨.

(٢) النيسابوري ٣١٩ ، والسيوطي ، ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٠٩.

(٣) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣١١.

٣٢٤

قال : ولم؟ قالوا : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة ، فرجع إليه فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال : والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته ولا أتاني. فلما أن دخل الحارث على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «منعت الزكاة وأردت قتل رسولي». قال : لا والذي بعثك ، ما رأيت رسولك ، ولا أتاني ، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولك ، خشية أن يكون سخط من الله ورسوله. فنزلت في الحجرات : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٦) إلى قوله تعالى : (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٨) [سورة الحجرات ، الآية : ٨] (١).

الآية : ٩ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا).

عن معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن أنس قال : قلت : يا نبي الله ، لو أتيت عبد الله بن أبيّ. فانطلق إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما أتاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إليك عني ، فو الله لقد آذاني نتن حمارك. فقال رجل من الأنصار : لحمار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أطيب ريحا منك. فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، وكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال. فبلغنا أنه أنزلت فيهم : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (٢).

الآية : ١١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ).

نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وذلك أنه كان في أذنه وقر ، فكان إذا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول ، فجاء يوما وقد أخذ الناس مجالسهم ، فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول : تفسحوا تفسحوا. فقال له

__________________

(١) مسند أحمد ، ج ٤ / ٢٧٩ ، والمعجم الكبير للطبراني ، ج ٣ / ٢٧٤ ، ومجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٠٩ ، وقال : رجال أحمد ثقات.

(٢) النيسابوري ٣٢٤ ، والسيوطي ، ٢٧٠ ـ ٢٧١ ، ورواه البخاري في صحيحه : أول كتاب الصلح ، باب : ما جاء في الإصلاح بين الناس ، رقم : ٢٥٤٥ ، ومسلم في صحيحه : الجهاد والسير ، باب : في دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصبره على أذى المنافقين ، رقم : ١٧٩٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢١١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣١٥ ـ ٣١٦.

٣٢٥

رجل : قد أصبت مجلسا فاجلس. فجلس ثابت مغضبا ، فغمز الرجل فقال : من هذا؟ فقال : أنا فلان. فقال ثابت : ابن فلانة؟ وذكر أما كانت له يعير بها في الجاهلية ، فنكس الرجل رأسه استحياء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

قوله تعالى : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ). نزلت في امرأتين من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سخرتا من أم سلمة ، وذلك أنها ربطت حقويها بسبنية ، وهي ثوب أبيض ، وسدلت طرفها خلفها ، فكانت تجرّه. فقالت عائشة لحفصة : انظري ما تجر خلفها ، كأنه لسان كلب. فهذا كان سخريتها (٢).

وقال أنس : نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عيرن أم سلمة بالقصر.

وقال عكرمة ، عن ابن عباس : إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : إن النساء يعيرنني ، ويقلن : يا يهودية بنت يهوديين. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هلا قلت : إن أبي هارون ، وإن عمي موسى ، وإن زوجي محمد». فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).

قوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ). عن داود بن هند ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك ، عن أبيه وعمومته قالوا : قدم علينا النبي عليه‌السلام ، فجعل الرجل يدعو للرجل ينبزه ، فيقال : يا رسول الله ، إنه يكرهه ، فنزلت : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) (٤).

الآية : ١٣ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى).

قال ابن عباس : نزلت في ثابت بن قيس ، وقوله في الرجل الذي لم يفسح له : ابن فلانة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من الذاكر فلانة؟». فقام ثابت فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : «انظر في وجوه القوم». فنظر ، فقال : «ما رأيت يا ثابت؟» فقال : رأيت أبيض وأحمر وأسود. قال : «فإنك لا تفضلهم إلا في الدين والتقوى». فأنزل الله تعالى هذه الآية (٥).

__________________

(١) تفسير زاد المسير ، ج ٧ / ٤٦٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٢٦.

(٣) النيسابوري ٣٢٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٢٦.

(٤) سنن أبي داود برقم ٤٩٦٢ ، والترمذي برقم ٣٢٦٨ ، وقال : حسن صحيح.

(٥) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢١٧.

٣٢٦

الآية : ١٤ ـ قوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا).

نزلت في أعراب من بني أسد بن خزيمة ، قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة في سنة جدبة ، وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر ، وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات ، وأغلوا أسعارها ، وكانوا يقولون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتيناك بالأثقال والعيال ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، فأعطنا من الصدقة. وجعلوا يمنون عليه ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (١).

الآية : ١٧ ـ قوله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٧).

قوله تعالى : (يَمُنُّونَ) الآية. أخرج الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى أن ناسا من العرب قالوا : يا رسول الله ، أسلمنا ولم نقاتلك وقاتلك بنو فلان ، فأنزل الله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) الآية.

وأخرج البزار من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله.

وأخرج ابن أبي حاتم مثله عن الحسن وأن ذلك لما فتحت مكة.

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : قدم عشرة نفر من بني أسد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة تسع ، وفيهم طلحة بن خويلد ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المسجد مع أصحابه ، فسلموا وقال متكلمهم : يا رسول الله ، إنا شهدنا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك عبده ورسوله ، وجئناك يا رسول الله ولم تبعث إلينا بعثا ، ونحن لمن وراءنا سلم ، فأنزل الله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) الآية.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير قال : أتى قوم من الأعراب من بني أسد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : جئناك ولم نقاتلك ، فأنزل الله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) (٢).

__________________

(١) النيسابوري ٣٢٧ ، وزاد المسير ، ج ٧ / ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣٤٨.

(٢) السيوطي ، ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ، وانظر فتح القدير للشوكاني ، ج ٥ / ٦٨ ـ ٦٩.

٣٢٧

٥٠ ـ سورة ق

الآية : ٣٨ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (٣٨).

قال الحسن وقتادة : قالت اليهود : إن الله خلق الخلق في ستة أيام ، واستراح يوم السابع وهو يوم السبت. يسمونه يوم الراحة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

عن ابن عباس : أن اليهود أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألت عن خلق السموات والأرض ، فقال : «خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق السموات يوم الأربعاء والخميس ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر». قالت اليهود : ثم ما ذا يا محمد؟ قال : «ثم استوى على العرش». قالوا : قد أصبت لو تممت : ثم استراح. فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غضبا شديدا ، فنزلت : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) (٢).

أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس : أن اليهود أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض ، فقال : «خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب ، وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه ، فخلق في أول ساعة الآجال حتى يموت من مات ، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس ، وفي الث ٣ لثة خلق آدم وأسكنه الجنة ، وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة» ، قالت اليهود : ثم ما ذا يا محمد؟ قال : «ثم استوى على العرش» ، قالوا : قد أصبت لو أتممت ، قالوا : ثم

__________________

(١) زاد المسير ، ج ٨ / ٢٢ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٢٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ٢٤.

(٢) النيسابوري ٣٢٨ ، وانظر تفسير الطبري ، ج ٢٦ / ١١٢.

٣٢٨

استراح ، فغضب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم غضبا شديدا ، فنزل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) (١).

وأخرج ابن جرير من طريق عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو خوفتنا ، فنزلت : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (٤٥) [سورة ق ، الآية : ٤٥] ، ثم أخرج عن عمر مرسلا مثله (٢).

__________________

(١) المستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٥٤٣ ، وقال الذهبي : فيه أبو سعيد البقال ، لا يكتب حديثه.

(٢) السيوطي ٢٧٤ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٦ / ١١٥.

٣٢٩

٥١ ـ سورة الذاريات

الآية : ١٩ ـ قوله تعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (١٩).

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الحنفية : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث سرية فأصابوا وغنموا ، فجاء قوم بعد ما فرغوا ، فنزلت : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (١٩) (١).

الآيتان : ٥٤ ـ ٥٥ ـ قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥).

وأخرج أيضا ابن منيع وابن راهويه والهيثم بن كليب في مسانيدهم من طريق مجاهد عن علي قال : لما نزلت : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) (٥٤) لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتولى عنا ، فنزلت : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥) فطابت أنفسنا.

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أنه لما نزلت : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) الآية ، اشتد على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورأوا أن الوحي قد انقطع وأن العذاب قد حضر ، فأنزل الله : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥) (٢).

__________________

(١) السيوطي ٢٧٥ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٦ / ١٢٥.

(٢) السيوطي ٢٧٥ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٧ / ٧ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٣٨.

٣٣٠

٥٢ ـ سورة الطور

الآية : ٣٠ ـ قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) (٣٠).

أخرج ابن جرير عن ابن عباس : أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندرة في أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال قائل منهم : احبسوه في وثاق ، ثم تربصوا به المنون حتى يهلك ، كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة ، فإنما هو كأحدهم ، فأنزل الله في ذلك : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) (٣٠) (١).

__________________

(١) السيوطي ٢٧٦ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٧ / ١٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٤٣.

٣٣١

٥٣ ـ سورة النجم

الآية : ٣٢ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٣٢).

أخرج الواحدي والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال : كانت اليهود تقول : إذا هلك لهم صبي صغير هو صديق ، فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «كذبت اليهود ما من نسمة يخلقه الله في بطن أمه إلا ويعلم أنه شقي أو سعيد» ، فأنزل الله عند ذلك هذه الآية : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) الآية (١).

الآيتان : ٣٣ ـ ٤١ ـ قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) (٣٣) ، (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) (٤١) وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج في غزوة ، فجاء رجل يريد أن يحمل فلم يجد ما يخرج عليه ، فلقي صديقا له فقال : أعطني شيئا ، فقال : أعطيك بكري هذا على أن تتحمل ذنوبي ، فقال له : نعم ، فأنزل الله : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) (٣٣) الآيات.

وأخرج عن دراج أبي السمح قال : خرجت سرية غازية ، فسأل رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يحمله ، فقال : «لا أجد ما أحملك عليه» ، فانصرف حزينا ، فمر برجل رحاله منيخة بين يديه ، فشكا إليه ، فقال الرجل : هل لك أن أحملك فتلحق الجيش بحسناتك ، فقال : نعم ، فركب ، فنزلت : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) (٣٣) إلى قوله : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) (٤١).

__________________

(١) السيوطي ٢٧٧ ، والنيسابوري ٣٢٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ١١٠.

٣٣٢

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : إن رجلا أسلم فلقيه بعض من يعيره ، فقال :

أتركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله ، قال : أعطني شيئا وأنا أحمل كل عذاب كان عليك ، فأعطاه شيئا فقال : زدني ، فتعاسرا حتى أعطاه شيئا وكتب كتابا وأشهد له ، ففيه نزلت هذه الآية : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) (٣٤) (١).

قال ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك : نزلت في عثمان بن عفان ، كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سرح : ما هذا الذي تصنع؟ يوشك أن لا يبقي لك شيئا. فقال عثمان : إن لي ذنوبا وخطايا ، وإني أطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى ، وأرجو عفوه. فقال له عبد الله : أعطني ناقتك برحلها ، وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها. فأعطاه وأشهد عليه ، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) (٣٤) فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله (٢).

وقال مجاهد وابن زيد : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتبع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على دينه ، فعيره بعض المشركين وقال : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم ، وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله. فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ، ثم بخل ومنعه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).

الآية : ٤٣ ـ قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٤٣).

عن محمد بن أبي بكر المقدمي قال : أخبرتنا دلالة بنت أبي المدل قالت : حدثتنا الصهباء ، عن عائشة قالت : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوم يضحكون ، فقال : «لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا». فنزل عليه جبريل عليه‌السلام بقوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٤٣) فرجع إليهم فقال : «ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني

__________________

(١) السيوطي ٢٧٨ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٧ / ٤١ ـ ٤٤ ، وانظر تفسير زاد المسير ، ج ٨ / ٧٧ ـ ٧٨.

(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٧ / ١١١.

(٣) النيسابوري ٣٢٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ١١٢.

٣٣٣

جبريل عليه‌السلام ، فقال : ائت هؤلاء وقل لهم : إن الله عزوجل يقول : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٤٣) (١).

الآية : ٦١ ـ قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (٦١).

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانوا يمرون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يصلي شامخين ، فنزلت : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (٦١) (٢).

__________________

(١) النيسابوري ٣٣٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ١١٦.

(٢) السيوطي ٢٧٨ ، وتفسير الطبري ، ج ٢٧ / ٤٩ ، ولفظه : عن مجاهد قال : كانوا يمرّون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم غضابا مبرطمين.

٣٣٤

٥٤ ـ سورة القمر

الآية : ١ ـ قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١).

عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة سحركم ، فاسألوا السفار ، فسألوهم فقالوا : نعم قد رأينا. فأنزل الله عزوجل : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٢) (١).

الآية : ٤٥ ـ قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤٥).

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قالوا يوم بدر : نحن جميع منتصر ، فنزلت : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤٥) (٢).

الآية : ٤٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٤٧).

وأخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في القدر فنزلت : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٤٧) إلى قوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٤٩) [سورة القمر ، الآية : ٤٩] (٣).

عن أبي أمامة الباهلي يقول : أشهد بالله لسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن هذه الآية نزلت في القدرية : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) (٤٨)» (٤).

__________________

(١) النيسابوري ٣٣٠ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٦٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ١٢٦ ـ ١٢٧.

(٢) السيوطي ٢٧٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ١٤٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٦٦.

(٣) مسلم : كتاب القدر ، باب : كل شيء خلقه بقدر ، رقم : ٢٦٥٦ ، والسيوطي ٢٧٩ ، والنيسابوري ٣٣١ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٦٧.

(٤) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٦٧ ، وزاد المسير ، ج ٨ / ١٠١ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ١٣٧.

٣٣٥

٥٦ ـ سورة الواقعة

الآيتان : ١٣ ـ ١٤ ـ قوله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤).

أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند فيه من لا يعرف عن أبي هريرة قال : لما نزلت : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) شق ذلك على المسلمين ، فنزلت : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٤٠).

وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه نظر من طريق عروة بن رويم عن جابر بن عبد الله قال : لما نزلت : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١) [سورة الواقعة ، الآية : ١] وذكر فيها : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا؟ فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزلت : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٤٠) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٤٠).

وأخرجه ابن أبي حاتم عن عروة بن رويم مرسلا (١).

الآية : ٢٧ ـ قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) (٢٧).

وأخرج سعيد بن منصور في سننه ، والبيهقي في البعث ، عن عطاء ومجاهد قالا : لما سأل أهل الطائف الوادي يحمى لهم وفيه عسل ففعل ، وهو واد معجب ، فسمعوا الناس يقولون : إن في الجنة كذا وكذا ، قالوا : يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي ، فأنزل الله : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) (٢٨) الآيات (٢).

الآية : ٢٩ ـ قوله تعالى : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (٢٩).

__________________

(١) السيوطي ٢٨١ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٢) السيوطي ٢٨٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ٢٠٧.

٣٣٦

وأخرج البيهقي من وجه آخر عن مجاهد قال : كانوا يعجبون بوجّ ـ واد في الطائف ـ وظلاله وطلحه وسدره ، فأنزل الله : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) (٣٠) (١).

وفي تفسير ابن كثير ، عن أبي سعيد : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (٢٩) قال : الموز.

الآيتان : ٣٩ ـ ٤٠ ـ قوله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).

قال عروة بن رويم : لما أنزل الله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) [سورة الواقعة ، الآيتان : ١٣ ـ ١٤] بكى عمر وقال : يا رسول الله ، آمنا بك وصدقناك ، ومع هذا كله من ينجو منا قليل؟ فأنزل الله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (٤٠). فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمر فقال : «يا عمر بن الخطاب ، قد أنزل الله فيما قلت ، فجعل ثلة من الأولين وثلة من الآخرين». فقال عمر : رضينا عن ربنا وتصديق نبينا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من آدم إلينا ثلة ، ومني إلى يوم القيامة ثلة ، ولا يستتمها إلا سودان من رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا الله» (٢).

الآية : ٧٥ ـ قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥).

وأخرج مسلم عن ابن عباس قال : مطر الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر» ، قالوا : هذه رحمة وضعها الله ، وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا ، فنزلت هذه الآيات : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥) حتى بلغ : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢) [سورة الواقعة ، الآية : ٨٢] (٣).

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حزرة قال : نزلت هذه الآيات في رجل من الأنصار في غزوة تبوك ، نزلوا الحجر فأمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يحملوا من مائها شيئا ، ثم ارتحل ونزل منزلا آخر وليس معهم ماء ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقام فصلى ركعتين ثم دعا ، فأرسل الله سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها. فقال رجل من الأنصار

__________________

(١) السيوطي ٢٨٢ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٨٨.

(٢) النيسابوري ، ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ، وهذه الرواية لا تصح ، فقد ذكرها النيسابوري بغير إسناد.

(٣) صحيح مسلم برقم ١٢٧ / ٧٣ ، كتاب الإيمان.

٣٣٧

لآخر من قومه يتّهم بالنفاق : ويحك أما ترى ما دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمطر الله علينا السماء؟ فقال : إنما مطرنا بنوء كذا وكذا (١).

الآية : ٨٢ ـ قوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢).

عن النضر بن محمد قال : حدثنا عكرمة بن عمار قال : حدثنا أبو زميل قال : حدثني ابن عباس قال : مطر الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر ، قالوا : هذه رحمة وضعها الله تعالى ، وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا». فنزلت هذه الآيات : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥) حتى بلغ : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢) (٢).

وروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج في سفر فنزلوا ، وأصابهم العطش ، وليس معهم ماء ، فذكروا ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أرأيتم إن دعوت لكم فسقيتم ، فلعلكم تقولون : سقينا هذا المطر بنوء كذا». فقالوا : يا رسول الله ، ما هذا بحين الأنواء ، قال : فصلى ركعتين ، ودعا الله تبارك وتعالى ، فهاجت ريح ، ثم هاجت سحابة ، فمطروا حتى سالت الأودية وملئوا الأسقية ، ثم مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم برجل يغترف بقدح له ويقول : سقينا بنوء كذا ، ولم يقل : هذا من رزق الله سبحانه ، فأنزل الله سبحانه : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢) (٣).

عن عبيد الله بن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألم تروا إلى ما قال ربكم؟ قال : ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق بها كافرين ، يقول : الكوكب وبالكوكب» (٤).

__________________

(١) السيوطي ٢٨١ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨.

(٢) النيسابوري ٣٣٣ ، ورواه مسلم في صحيحه : كتاب الإيمان ، باب : كفر من قال مطرنا بنوء كذا ، رقم : ٧٣ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٩٩.

(٣) الدر المنثور ، ج ٦ / ١٦٢.

(٤) النيسابوري ، ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، ومسلم في صحيحه : كتاب الإيمان ، باب : بيان كفر من قال مطرنا بالنوء ، رقم : ٧٢ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٩٩.

٣٣٨

٥٧ ـ سورة الحديد

الآية : ١٠ ـ قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ).

عن سفيان الثوري ، عن آدم بن علي ، عن ابن عمر قال : بينا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس وعنده أبو بكر الصديق ، وعليه عباءة قد خلها على صدره بخلال ، إذ نزل عليه جبريل عليه‌السلام فأقرأه من الله السلام ، وقال : يا محمد ، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة ، قد خلها على صدره بخلال؟ فقال : يا جبريل ، أنفق ماله قبل الفتح عليّ». قال : فأقرئه من الله سبحانه وتعالى السلام ، وقل له : يقول لك ربك : أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فالتفت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أبي بكر فقال : «يا أبا بكر ، هذا جبريل يقرئك من الله سبحانه السلام ، ويقول لك ربك : أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط». فبكى أبو بكر وقال : على ربي أغضب؟ أنا عن ربي راض ، أنا عن ربي راض (١).

الآية : ١٦ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ).

قال الكلبي ومقاتل : نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة ، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عما في التوراة ، فإن فيها العجائب. فنزلت هذه الآية [وهذا غير صحيح فهي في الذين آمنوا]. وقال غيرهما : نزلت في المؤمنين [وهذا هو الصحيح] (٢).

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد العزيز بن أبي رواد أن أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ظهر فيهم المزاح والضحك ، فنزلت : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) الآية.

__________________

(١) أسباب النزول للنيسابوري ٣٣٤ ، وفي إسناده العلاء بن عمرو تكلّم فيه ابن حبان في المجروحين ، ج ٢ / ١٨٥.

(٢) النيسابوري ، ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، وزاد المسير ، ج ٨ / ١٦٧.

٣٣٩

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أخذوا في شيء من المزاح ، فأنزل الله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) الآية.

وأخرج عن السدي عن القاسم قال : مل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ملة ، فقالوا : حدثنا يا رسول الله ، فأنزل الله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [سورة يوسف ، الآية : ٣] ، ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله ، فأنزل الله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) الآية.

وأخرج ابن المبارك في الزهد : أنبأنا سفيان عن الأعمش قال : لما قدم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة فأصابوا من العيش ما أصابوا بعد ما كان بهم من الجهد ، فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه ، فنزلت : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ) الآية (١).

وعن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد قال : أنزل القرآن زمانا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت؟ فأنزل الله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ، فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا؟ فأنزل الله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [سورة الزمر ، الآية : ٢٣] ، قال : كل ذلك يؤمرون بالقرآن (٢).

قال خلاد : وزاد فيه آخر : قالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا؟ فأنزل الله تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) (٣).

الآية : ٢٨ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٨).

__________________

(١) السيوطي ٢٨٣ ، وانظر تفسير زاد المسير ، ج ٨ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣١٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩.

(٢) المستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٣٤٥ ، وصححه وأقره الذهبي.

(٣) النيسابوري ٣٣٥.

٣٤٠