تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

تسهيل الوصول إلى معرفة أسباب النزول

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧

قال : كنت أكتب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكنت أكتب براءة ، فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينظر ما ينزل عليه إذ جاءه أعمى ، فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى؟ فنزلت : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ) الآية.

وأخرج عن طريق العوفي عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الناس أن ينبعثوا معه غازين ، فجاءت عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن معقل المزني ، فقال : يا رسول الله ، احملنا؟ فقال : «والله لا أجد ما أحملكم عليه» ، فولوا ولهم بكاء ، وعزّ عليهم أن يحبسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملا ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) [سورة التوبة ، الآية : ٩٢] (١).

الآية : ٩٢ ـ قوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ).

نزلت في البكائين ، وكانوا سبعة : معقل بن يسار ، وصخر بن خنيس ، وعبد الله بن كعب الأنصاري ، وسالم بن عمير ، وثعلبة بن غنمة ، وعبد الله بن مغفل ، أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا نبي الله ، إن الله عزوجل قد ندبنا للخروج معك ، فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة ، نغزو معك. فقال : «لا أجد ما أحملكم عليه» فتولوا وهم يبكون (٢).

الآية : ٩٧ ـ قوله تعالى : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً). نزلت في أعاريب (٣) من أسد وغطفان ، وأعاريب من أعاريب حاضري المدينة (٤).

الآية : ٩٩ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٩).

__________________

(١) السيوطي ١٤٦ ، وتفسير الطبري ، ج ١٠ / ١٤٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٣٨١.

(٢) تفسير الطبري ج ١٠ / ١٤٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٣٨١ ـ ٣٨٢.

(٣) النيسابوري ٢١٧.

(٤) زاد المسير في علم التفسير ، ج ٣ / ٤٨٨.

١٨١

قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) الآية. أخرج ابن جرير عن مجاهد : أنها نزلت في بني مقرن الذين نزلت فيهم : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ).

وأخرج عبد الرحمن بن معقل المزني قال : كنا عشرة ولد مقرن ، فنزلت فينا هذه الآية (١).

الآية : ١٠١ ـ قوله تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ).

قال الكلبي : نزلت في جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار من أهل المدينة ، يعني : عبد الله بن أبيّ ، وجد بن قيس ، ومعتب بن قشير ، والجلاس بن سويد ، وأبي عامر الراهب (٢).

الآية : ١٠٢ ـ قوله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ).

قال ابن عباس في رواية ابن الوالبي : نزلت في قوم كانوا قد تخلفوا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزوة تبوك ، ثم ندموا على ذلك وقالوا : نكون في الكن والظلال مع النساء ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه في الجهاد ، والله لنوثقن أنفسنا بالسواري ، فلا نطلقها حتى يكون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو يطلقها ويعذرنا. وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد ، فلما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مر بهم فرآهم ، فقال : «من هؤلاء». قالوا : هؤلاء تخلفوا عنك ، فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى عنهم. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر بإطلاقهم ، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين». فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلوات الله عليه وأطلقهم وعذرهم ، فلما أطلقهم قالوا : يا رسول الله ، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك ، فتصدق بها عنا وطهرنا واستغفر لنا. فقال : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا». فأنزل الله عزوجل : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) [سورة التوبة ، الآية : ١٠٣].

__________________

(١) السيوطي ، ١٤٦ ـ ١٤٧ ، وتفسير الطبري ، ج ١١ / ٥ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ٢٣٥.

(٢) النيسابوري ٢١٨ ، والسيوطي ، ١٤٧ ـ ١٤٨ ، وزاد المسير ، ج ٣ / ٤٩١ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ٢٤٠.

١٨٢

وقال ابن عباس : كانوا عشرة رهط (١).

الآية : ١٠٦ ـ قوله تعالى : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).

نزلت في كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع أحد بني عمرو بن عوف ، وهلال بن أمية من بني واقف ، تخلفوا عن غزوة تبوك ، وهم الذين ذكروا في قوله تعالى : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) [سورة التوبة ، الآية : ١١٨] (٢).

الآية : ١٠٧ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً).

قال المفسرون : إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء ، وبعثوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يأتيهم ، فأتاهم فصلى فيه ، فحسدهم إخوتهم بنو عمرو بن عوف وقالوا : نبني مسجدا ونرسل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليصلي فيه ، كما يصلي في مسجد إخواننا ، وليصلّ فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام ، وكان أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسوح ، وأنكر دين الحنيفية لما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، وعاداه ، وسماه النبي عليه‌السلام : أبا عامر الفاسق ، وخرج إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح ، وابنوا لي مسجدا ، فإني ذاهب إلى قيصر ، فآتي بجند الروم ، فأخرج محمدا وأصحابه. فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء ، وكان الذي بنوه اثني عشر رجلا : حزام بن خالد ، ومن داره أخرج إلى المسجد ، وثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، وأبو حبيبة بن الأرعد ، وعباد بن حنيف ، وحارثة وجارية وابناه مجمع وزيد ، ونبتل بن الحارث ، ولحاد بن عثمان ، ووديعة بن ثابت. فلما فرغوا منه أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : إنا بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه. فدعا بقميصه ليلبسه فيأتيهم ، فنزل عليه القرآن ، وأخبر الله عزوجل خبر مسجد الضرار ، وما هموا به ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن يشكر والوحشي قاتل حمزة ، وقال لهم : «انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه». فخرجوا ، وانطلق مالك

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١١ / ١٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ٢٤٢.

(٢) تفسير الطبري ، ج ١١ / ١٧ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ٢٥٢.

١٨٣

وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ، ثم دخلوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه ، وتفرق عنه أهله ، وأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف والنتن والقمامة ، ومات أبو عامر بالشام وحيدا غريبا (١).

الآية : ١١١ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ).

قال محمد بن كعب القرظي : لما بايعت الأنصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة العقبة بمكة ، وهم سبعون نفسا ، قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله ، اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال : «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم». قالوا : فإذا فعلنا ذلك ، فما ذا لنا؟ قال : «الجنة». قالوا : ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل (٢) ، فنزلت الآية (٣).

الآية : ١١٣ ـ قوله تعالى : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ).

عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال : لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : «أي عم ، قل معي لا إله إلا الله ، أحاج لك بها عند الله». فقال أبو جهل وابن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لأستغفرن لك ما لم أنه عنه». فنزلت : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١١٣) (٤).

__________________

(١) النيسابوري ، ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، والسيوطي ١٥٠ ، وتفسير الطبري ، ج ١١ / ١٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ٢٥٣.

(٢) لا نقيل : من الإقالة ، وهي طلب فسخ البيع بعد إبرامه. والمراد : لا نتراجع عن هذا العهد ، ولا نطلب التراجع عنه.

(٣) تفسير الطبري ، ج ١١ / ٢٧.

(٤) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. البخاري : التفسير / التوبة ، باب : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ) ـ

١٨٤

الآية : ١١٧ ـ قوله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١١٧).

قوله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِ) الآية. روى البخاري وغيره عن كعب بن مالك قال : لم أتخلف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزوة إلا بدرا حتى كانت غزوة تبوك ، وهي آخر غزوة غزاها ، وآذن الناس بالرحيل فذكر الحديث بطوله ، وفيه : فأنزل الله توبتنا (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ) إلى قوله : (إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١١٨) [سورة التوبة ، الآية : ١١٨] قال : وفينا أنزل : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١١٩) [سورة التوبة ، الآية : ١١٩] (١).

الآية : ١٢٢ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً).

قال ابن عباس في رواية الكلبي : لما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين لتخلفهم عن الجهاد قال المؤمنون : والله لا نتخلف عن غزوة يغزوها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا سرية أبدا. فلما أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالسرايا إلى العدو نفر المسلمون جميعا ، وتركوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحده بالمدينة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

__________________

ـ (آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) ، رقم : ٤٦٧٥ ، ومسلم : الإيمان ، باب : الدليل على صحة إسلام من حضره الموت .. ، رقم : ٢٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٣٩٣ ، وزاد المسير ، ج ٣ / ٥٠٧.

(١) السيوطي ١٥١ ، وصحيح البخاري برقم ٤٦٧٧ ، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ، ج ٨ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٢) النيسابوري ٢٢٢ ، والسيوطي ١٥٢ ، وزاد المسير ، ج ٣ / ٥١٦.

١٨٥

١٠ ـ سورة يونس

الآية : ٢ ـ قوله تعالى : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ).

قال ابن عباس : لما بعث الله تعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم رسولا أنكرت الكفار ، وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

الآية : ١٥ ـ قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا).

قال مجاهد : نزلت في مشركي مكة.

وقال مقاتل : وهم خمسة نفر : عبد الله بن أبي أمية المخزومي ، والوليد بن المغيرة ، ومكرز بن حفص ، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري ، والعاص بن عامر. قالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى (٢).

وقال الكلبي : نزلت في المستهزئين ، قالوا : يا محمد ، ائت بقرآن غير هذا ، فيه ما نسألك (٣).

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١١ / ٥٨ ، والدر المنثور ، ج ٣ / ٣٩٩ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٥.

(٢) انفرد به النيسابوري ٢٢٤ ، وانظر تفسير الطبري ، ج ١١ / ٦٧.

(٣) السيوطي ١٥٣ ، والنيسابوري ، ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ١٤.

١٨٦

١١ ـ سورة هود

الآية : ٥ ـ قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ).

نزلت في الأخنس بن شريق ، وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر ، يلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما يحب ، ويطوي بقلبه ما يكره (١).

وقال الكلبي : كان يجالس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يظهر له أمرا يسره ، ويضمر في قلبه خلاف ما يظهر ، فأنزل الله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) يقول : يكمنون ما في صدورهم من العداوة لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢).

الآية : ٨ ـ قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٨).

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما نزل : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) [سورة الأنبياء ، الآية : ١] قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا. فتناهى القوم قليلا ثم عادوا إلى مكرهم مكر السوء ، فأنزل الله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) الآية. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج مثله (٣).

الآية : ١١٤ ـ قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ).

روى الشيخان (٤) عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) تفسير القرطبي ، ج ٩ / ٥.

(٢) النيسابوري ٢٢٤ ، والسيوطي ١٥٤ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٧٦.

(٣) السيوطي ١٥٤ ، وتفسير الطبري ، ج ١٢ / ٥.

(٤) البخاري : مواقيت الصلاة ، باب : الصلاة كفارة ، رقم : ٥٢٦ ، ومسلم : التوبة ، باب : قوله ـ

١٨٧

فأخبره ، فأنزل الله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) فقال الرجل : ألي هذه؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لجميع أمتي كلهم».

وأخرج الترمذي وغيره عن أبي اليسر قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت : إن في البيت أطيب منه ، فدخلت معي البيت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكرت ذلك له ، فقال : «أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟!» وأطرق طويلا حتى أوحى الله إليه : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) إلى قوله : (لِلذَّاكِرِينَ) (١١٤). وورد نحوه من حديث أبي أمامة ومعاذ بن جبل وابن عباس وبريدة وغيرهم ، وقد استوفيت أحاديثهم في ترجمان القرآن (١).

وعن أبي عثمان النهدي ، عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكر ذلك له ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) إلى آخر الآية. فقال الرجل : ألي هذه؟ قال : «لمن عمل بها من أمتي» (٢).

__________________

ـ تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ ..) ، رقم : ٢٧٦٣.

(١) السيوطي ١٥٥ ، والنيسابوري ٢٢٥ ، وفتح الباري ، ج ٢ / ٨ ، وسنن الترمذي برقم ٣١١٥ ، وتفسير الطبري ، ج ١٢ / ٨٢ ، والدر المنثور ، ج ٣ / ٣٥٢.

(٢) النيسابوري ٢٢٥ ، وتفسير الطبري ، ج ١٢ / ٨١ ، وصحيح البخاري برقم ٤٦٨٧ ، وفتح الباري ، ج ٨ / ٣٥٥.

١٨٨

١٢ ـ سورة يوسف

الآية : ٣ ـ قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) (٣).

روى الحاكم (١) وغيره عن سعد بن أبي وقاص قال : أنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم القرآن فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا ، فنزل : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [سورة الزمر ، الآية : ٢٣] ، زاد ابن أبي حاتم : فقالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ، فأنزل الله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ) [سورة الحديد ، الآية : ١٦].

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ، فنزل : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مثله (٢).

وقال عون بن عبد الله : ملّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ملة ، فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا. فأنزل الله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) الآية ، قال : ثم إنهم ملّوا ملّة أخرى ، فقالوا : يا رسول الله ، فوق الحديث ودون القرآن. يعنون القصص ، فأنزل الله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) فأرادوا الحديث فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص (٣).

__________________

(١) المستدرك ، ج ٢ / ٣٤٥ ، والنيسابوري ، ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، والسيوطي ١٥٦.

(٢) زاد المسير ، ج ٤ / ١٧٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٤٦٧.

(٣) المستدرك ، ج ٢ / ٣٤٥ ، والنيسابوري ، ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، والسيوطي ١٥٦ ، وتفسير الطبري ، ج ١٢ / ٩٠.

١٨٩

١٣ ـ سورة الرعد

الآية : ٨ ـ قوله تعالى : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) (٨).

أخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس : أن أربد بن قيس وعامر بن الطفيل قدما المدينة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال عامر : يا محمد ، ما تجعل لي إن أسلمت؟ قال : «لك ما للمسلمين ، وعليك ما عليهم» ، قال : أتجعل لي الأمر من بعدك؟ قال : «ليس ذلك لك ولا لقومك». فخرجا فقال عامر لأربد : إني أشغل عنك وجه محمد بالحديث فاضربه بالسيف فرجعا ، فقال عامر : يا محمد ، قم معي أكلمك ، فقام معه ووقف يكلمه وسل أربد السيف ، فلما وضع يده على قائم سيفه يبست والتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فرآه فانصرف عنهما ، فخرجا حتى إذا كانا بالرقم أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته ، فأنزل الله : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) إلى قوله : (شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣) [سورة الرعد ، الآية : ١٣] (١).

الآية : ١٣ ـ قوله تعالى : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣).

عن علي بن أبي سارة الشيباني قال : حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث رجلا مرة إلى رجل من فراعنة العرب ، فقال : «اذهب فادعه لي». فقال : يا رسول الله ، إنه أعتى من ذلك. قال : «اذهب فادعه لي» قال : فذهب إليه فقال : يدعوك رسول الله. قال : وما الله ، أمن ذهب هو أو من فضة أو من نحاس؟ قال : فرجع

__________________

(١) السيوطي ١٥٧ ، ومعجم الطبراني الكبير ، ج ١٠ / ٣١٢ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ، ج ٧ / ٤٣ ، وقال : في سنده عبد العزيز بن عمران ، وهو ضعيف.

١٩٠

إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، وقال : وقد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، فقال لي كذا وكذا. فقال : «ارجع إليه الثانية فادعه». فرجع إليه فأعاد عليه مثل الكلام الأول ، فرجع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال : «ارجع إليه». فرجع الثالثة فأعاد عليه ذلك الكلام ، فبينا هو يكلمني إذ بعثت إليه سحابة حيال رأسه ، فرعدت فوقعت منها صاعقة ، فذهبت بقحف رأسه ، فأنزل الله تعالى : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣) (١).

وقال ابن عباس ، في رواية أبي صالح وابن جريج وابن زيد (٢) : نزلت هذه الآية والتي قبلها في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة ، وذلك أنهما أقبلا يريدان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك. فقال : «دعه ، فإن يرد الله به خيرا يهده». فأقبل حتى قام عليه ، فقال : يا محمد ، ما لي إن أسلمت؟ قال : «لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم». قال : تجعل لي الأمر بعدك؟ قال : «لا ، ليس ذلك إليّ ، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء». قال : فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟ قال : «لا». قال : فما ذا تجعل لي؟ قال : «أجعل لك أعنة الخيل ، تغزو عليها». قال : أو ليس ذلك إليّ اليوم؟ وكان أوصى أربد بن ربيعة : إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف ، فجعل يخاصم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويراجعه ، فدار أربد خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليضربه ، فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه الله تعالى ، فلم يقدر على سله ، وجعل عامر يومئ إليه ، فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرأى أربد وما يصنع بسيفه ، فقال : «اللهم اكفنيهما بما شئت». فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته ، وولى عامر هاربا وقال : يا محمد ، دعوت ربك فقتل أربد ، والله لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يمنعك الله تعالى من ذلك ، وابنا قيلة» يريد الأوس والخزرج ، فنزل عامر بيت امرأة سلولية ، فلما أصبح ضم

__________________

(١) النيسابوري ، ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، والسيوطي ، ١٥٧ ـ ١٥٨ ، وتفسير الطبري ، ج ١٣ / ٨٤ ، ومعجم الطبراني الأوسط برقم ٢٦٢٣ ، ومسند أبي يعلى برقم ٣٣٤١ ، وله طرق أخرى عند البزار ـ كشف الأستار برقم ٢٢٢١ ، ودلائل النبوة للبيهقي ، ج ٦ / ٢٨٣ ، والسنّة لابن أبي عاصم برقم ٦٩٢.

(٢) النيسابوري ٢٢٩.

١٩١

عليه سلاحه فخرج وهو يقول : واللات لئن أصحر محمد إليّ وصاحبه ـ يعني ملك الموت ـ لأنفذنهما برمحي. فلما رأى الله تعالى منه أرسل ملكا فلطمه بجناحيه ، فأذراه في التراب ، وخرجت على ركبته غدة في الوقت كغدة البعير ، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول : غدة كغدة البعير ، وموت في بيت السلولية؟ ثم مات على ظهر فرسه ، وأنزل الله تعالى فيه هذه القصة : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) حتى بلغ : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١٤) [سورة الرعد ، الآيات : ١٠ ـ ١٤] (١).

الآية : ٣٠ ـ قوله تعالى : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ).

قال أهل التفسير : نزلت في صلح الحديبية ، حين أرادوا كتاب الصلح ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم». فقال سهيل بن عمرو والمشركون : ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة ـ يعنون مسيلمة الكذاب ـ اكتب باسمك اللهم. وهكذا كانت الجاهلية يكتبون ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (٢).

وقال ابن عباس في رواية الضحاك : نزلت في كفار قريش ، حين قال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اسجدوا للرحمن». قالوا : وما الرحمن ، أنسجد لما تأمرنا؟ الآية (٣) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقال : قل لهم إن الرحمن الذي أنكرتم معرفته هو ربي لا إله إلا هو (٤).

الآية : ٣١ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ).

عن عبد الله بن عطاء ، عن جدته أم عطاء مولاة الزبير ، قالت : سمعت الزبير بن العوام يقول : قالت قريش للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تزعم أنك نبي يوحى إليك ، وأن سليمان سخر له الريح ، وأن موسى سخر له البحر ، وأن عيسى كان يحيي الموتى ، فادع الله تعالى أن يسير عنا هذه الجبال ، ويفجر لنا الأرض أنهارا ، فنتخذها محارث ومزارع ونأكل ، وإلا

__________________

(١) رواه النيسابوري في أسباب النزول بدون سند ٢٣٠.

(٢) تفسير الطبري ، ج ١٣ / ١٠١.

(٣) هي قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) ، الآية ٦٠ من سورة الفرقان. النيسابوري ٢٣٠ ، والسيوطي ١٥٨.

(٤) زاد المسير ، ج ٤ / ٣٢٩.

١٩٢

فادع أن يحيي لنا موتانا فنكلمهم ويكلمونا ، وإلا فادع الله تعالى أن يصير هذه الصخرة التي تحتك ذهبا فننحت منها ، وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف ، فإنك تزعم أنك كهيئتهم. فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي ، فلما سري عنه قال : «والذي نفسي بيده ، لقد أعطاني ما سألتم ، ولو شئت لكان ، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا في باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم ، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم ، فتضلوا عن باب الرحمة ، فاخترت باب الرحمة. وأخبرني إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه معذبكم عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين». فنزلت : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) [سورة الإسراء ، الآية : ٥٩]. ونزلت : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) الآية (١).

الآية : ٣٨ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً).

قال الكلبي : عيرت اليهود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالت : ما نرى لهذا الرجل مهمة إلا النساء والنكاح ، ولو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

__________________

(١) مسند أبي يعلى / مجمع الزوائد ، ج ٧ / ٨٥ ـ ٤٣ ، وفي إسناده ضعيف.

(٢) النيسابوري ٢٣١ ، والسيوطي ١٥٨ ، وزاد المسير لابن الجوزي ، ج ٤ / ٣٣٦.

١٩٣

١٤ ـ سورة إبراهيم

الآية : ٢٨ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (٢٨).

أخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآية في الذين قتلوا يوم بدر [من المشركين] (١).

وعن أبي مالك قال : هم القادة من المشركين يوم بدر (٢).

__________________

(١) السيوطي ١٥٩.

(٢) تفسير الطبري ، ج ١٣ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

١٩٤

١٥ ـ سورة الحجر

الآية : ٢٤ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ).

عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : كانت تصلي خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم امرأة حسناء في آخر النساء ، وكان بعضهم يتقدم إلى الصف الأول لئلا يراها ، وكان بعضهم يتأخر في الصف الآخر ، فإذا ركع قال هكذا ونظر من تحت إبطه ، فنزلت : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) (٢٤) (١).

وقال الربيع بن أنس : حرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الصف الأول في الصلاة ، فازدحم الناس عليه ، وكان بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد ، فقالوا : نبيع دورنا ونشتري دورا قريبة من المسجد. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

الآية : ٣٩ ـ قوله تعالى : (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٣٩).

روى ابن لهيعة عن درّاج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رفعه : «إن إبليس قال : يا رب ، وعزّتك وجلالك لا أزال أغوي بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب : وعزّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» (٣).

الآية : ٤٥ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٤٥).

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الآية. أخرج الثعلبي عن سلمان الفارسي أنه لما سمع قوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٣) [سورة الحجر ، الآية : ٤٣] فرّ ثلاثة أيام

__________________

(١) سنن الترمذي برقم ٣١٢٢ ، وتفسير الطبري ، ج ١٤ / ١٦.

(٢) النيسابوري ٢٣٢ ، والسيوطي ١٦٠ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٣٩٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٠ / ١٩.

(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٠ / ٢٧ ، ودراج ضعيف وكذا ابن لهيعة.

١٩٥

هاربا من الخوف لا يعقل ، فجيء به للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله فقال : يا رسول الله ، أنزلت هذه الآية (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٣) فو الذي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي ، فأنزل الله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٤٥) (١).

الآية : ٤٧ ـ قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٧).

قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) الآية. أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) قيل : وأي غل؟ قال : غل الجاهلية ، إن بني تميم وبني عدي وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية عداوة ، فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا ، فأخذت أبا بكر الخاصرة فجعل علي يسخن يده فيكمد بها خاصرة أبي بكر ، فنزلت هذه الآية (٢).

الآية : ٤٩ ـ قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٤٩).

قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي) الآية. أخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنفر من أصحابه يضحكون فقال : أتضحكون وذكر الجنة والنار بين أيديكم؟! فنزلت هذه الآية (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٤٩) (وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) (٥٠) [سورة الحجر ، الآيتان : ٤٩ ـ ٥٠].

وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن رجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : اطلع علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ، فقال : «لا أراكم تضحكون» ، ثم أدبر ، ثم رجع القهقرى ، فقال : «إني خرجت حتى إذا كنت عند الحجر جاء جبريل فقال : يا محمد ، إن الله يقول لك : لم تقنط عبادي؟ (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٤٩) (وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) (٥٠) (٣).

__________________

(١) السيوطي ١٦٠ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٥٥٢.

(٢) السيوطي ، ١٦٠ ـ ١٦١ ، والدر المنثور ، ج ٤ / ١٠١.

(٣) النيسابوري ٢٣٣ ، والسيوطي ١٦١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٠ / ٣٤.

١٩٦

الآية : ٨٧ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٧).

قال الحسين بن الفضل : إن سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات ليهود قريظة والنضير في يوم واحد ، فيها أنواع من البز وأوعية الطيب والجواهر وأمتعة البحر ، فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها ، فأنفقناها في سبيل الله. فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال : لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل. ويدل على صحة هذا قوله على إثرها : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) [سورة الحجر ، الآية : ٨٨] (١).

الآية : ٩٥ ـ قوله تعالى : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥).

قوله تعالى : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) الآية. أخرج البزار والطبراني عن أنس بن مالك قال : مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أناس بمكة ، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل. فغمز جبريل بإصبعه فوقع مثل الطفر في أجسادهم ، فصارت قروحا حتى نتنوا ، فلم يستطع أحد أن يدنو منهم ، فأنزل الله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) (٢).

__________________

(١) النيسابوري ٢٣٣ ، وتفسير زاد المسير ، ج ٤ / ٤١٢.

(٢) السيوطي ١٦١ ، وانظر زاد المسير ، ج ٤ / ٤٢٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٠ / ٦٢.

١٩٧

١٦ ـ سورة النحل

الآية : ١ ـ قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ).

قال ابن عباس : لما أنزل الله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [سورة القمر ، الآية : ١] قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن. فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نرى شيئا. فأنزل الله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ١]. فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ، ما نرى شيئا مما تخوفنا به. فأنزل الله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) فوثب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورفع الناس رءوسهم ، فنزل : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فاطمأنوا ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار بإصبعه ـ إن كادت لتسبقني» (١).

وقال الآخرون : الأمر هاهنا العذاب بالسيف ، وهذا جواب للنضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، يستعجل العذاب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).

نزلت الآية في أبيّ بن خلف الجمحي ، حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمد ، أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ؟ نظيرة هذه الآية قوله تعالى في سورة يس : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (٧٧) [سورة يس ، الآية : ٧٧] إلى آخر السورة ، نازلة في هذه القصة (٣).

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١٤ / ٧٥ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٤٢٦.

(٢) انظر تفسير الطبري ، ج ١٤ / ٥٢.

(٣) النيسابوري ٢٣٤ ، والسيوطي ١٦٢ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٤٢٩.

١٩٨

الآية : ٣٨ ـ قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ).

قال الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين ، فأتاه يتقاضاه ، فكان فيما تكلم به : والذي أرجوه بعد الموت ، فقال المشرك : وإنك لتزعم أنك لتبعث بعد الموت؟ فأقسم بالله لا يبعث الله من يموت. فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

الآية : ٤١ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا).

نزلت في أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة : بلال وصهيب وخباب وعامر وجندل بن صهيب ، أخذهم المشركون بمكة ، فعذبوهم وآذوهم ، فبوأهم الله تعالى بعد ذلك المدينة (٢).

الآية : ٤٣ ـ قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ).

نزلت في مشركي مكة ، أنكروا نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا ، فهلا بعث إلينا ملكا (٣).

الآية : ٧٥ ـ قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً).

عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن إبراهيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) في هشام بن عمرو ، وهو الذي ينفق ماله سرا وجهرا ، ومولاه أبو الجوزاء الذي كان ينهاه ، فنزلت : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) [سورة النحل ، الآية : ٧٦]. فالأبكم منهما الكلّ على مولاه هذا السيد أسد بن أبي العيص ، والذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم هو عثمان بن عفان رضي الله عنه (٤).

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ١٤ / ٧٣ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٤٤٦ ـ ٤٤٧.

(٢) النيسابوري ٢٣٥ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٥٧٠ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٠ / ١٠٧.

(٣) تفسير الطبري ، ج ١٤ / ٧٥.

(٤) النيسابوري ٢٣٥ ، والسيوطي ١٦٣ ، والدر المنثور ، ج ٤ / ١٣٥.

١٩٩

الآية : ٨٣ ـ قوله تعالى : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ).

أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أن أعرابيا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسأله ، فقرأ عليه : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) [سورة النحل ، الآية : ٨٠] قال الأعرابي : نعم ، ثم قرأ عليه : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) [سورة النحل ، الآية : ٨٠] قال : نعم ، ثم قرأ عليه كل ذلك وهو يقول : نعم ، حتى بلغ : (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٨١) [سورة النحل ، الآية : ٨١] فولّى الأعرابي ، فأنزل الله هذه الآية (١).

الآية : ٩٠ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ).

عن عبد الحميد بن بهرام قال : حدثنا شهر بن حوشب قال : حدثنا عبد الله بن عباس قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بفناء بيته بمكة جالسا إذ مر به عثمان بن مظعون ، فكشر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : «ألا تجلس». فقال : بلى ، فجلس إليه مستقبله ، فبينما هو يحدثه إذ شخص بصره إلى السماء ، فنظر ساعة ، وأخذ يضع بصره حتى وضع على عتبة في الأرض ، ثم تحرف عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره ، فأخذ ينغض رأسه كأنه يستنقه ما يقال له ، ثم شخص بصره إلى السماء كما شخص أول مرة ، فاتبعه بصره حتى توارى في السماء ، وأقبل على عثمان كجلسته الأولى ، فقال : يا محمد ، فيما كنت أجالسك وآتيك ما رأيتك تفعل فعلتك الغداة؟ قال : «ما رأيتني فعلت». قال : رأيتك شخص بصرك إلى السماء ، ثم وضعته حتى وضعته على يمينك ، فتحرفت إليه وتركتني ، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستنقه شيئا يقال لك؟ قال : «أوفطنت إلى ذلك؟». قال عثمان : نعم. قال : «أتاني رسول الله جبريل عليه‌السلام وسلم آنفا وأنت جالس». قال : فما ذا قال لك؟ قال : «قال لي : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٩٠)». فذاك حين استقر الإيمان في قلبي ، وأحببت محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢).

__________________

(١) السيوطي ١٦٣ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٥٨٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ١ / ٣١٨ ، وصححه أحمد شاكر رحمه‌الله تعالى ، والدر المنثور ، ج ٤ / ١٢٨ ، ومجمع الزوائد ، ج ٧ / ٤٨.

٢٠٠