الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

ولهذا قيل ـ ونسب (١) إلى ابن عباس ـ : إن المخاطبين بقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ (٢)) لو قالوا : نعم كفروا. فيكون التقدير حينئذ (٣) : ليس لك عليّ ، فيكون انكارا ، لا اقرارا.

وجوابه : انا لا ننازع في إطلاقها (٤) كذلك (٥) ، لكن قد استعملت في المعنى الآخر (٦) لغة كما اعترف به جماعة. والمثبت (٧) مقدم ، واشتهرت (٨) فيه (٩) عرفا ، وردّ (١٠) المحكي عن ابن عباس ، وجوّز الجواب بنعم ، وحمله (١١) في المعنى على أنه لم يكن اقرارا كافيا (١٢) ، لاحتماله (١٣). وحيث ظهر ذلك (١٤) عرفا ووافقته اللغة رجّح هذا المعنى (١٥) ، وقوي كونه (١٦) اقرارا.

______________________________________________________

(١) كما في مغني اللبيب.

(٢) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢.

(٣) أي حين كون (نعم) تصديقا للنفي.

(٤) أي إطلاق (نعم).

(٥) أي في كونها تصديقا للنفي.

(٦) وهو إبطال للنفي وتقرير للمنفي كلفظ (بلى).

(٧) أي والمثبت من أهل اللغة بأن لفظ (نعم) مستعمل في إبطال النفي وتقرير المنفي مقدم على النافي ، لأن المثبت قد اطلع على ورود هذا الاستعمال بخلاف النافي الذي لم يطلع.

(٨) أي (نعم).

(٩) في المعنى الآخر من كونها إبطالا للنفي وتقريرا للمنفي.

(١٠) أي وردّ المحكي عن ابن عباس بأن الاستفهام التقريري الوارد في الآية خبر موجب وليس بمنفي ، فلذا لو أجابوا بنعم لم يكفروا ، لأن (نعم) بعد الإيجاب تصديق ، وهذا ما نقله ابن هشام في المغني عن السهيلي وغيره.

(١١) أي وحمل قول ابن عباس.

(١٢) أي لم يكن إقرارا كافيا بالربوبية ، لأن لفظ (نعم) محتمل لكونها إبطالا للنفي ، ومحتمل لتصديق النفي ، واللفظ المحتمل لا يكفي في تحقق الإسلام.

(١٣) أي لاحتمال الإقرار بالربوبية.

(١٤) من كونها أبطالا للنفي وتقريرا للمنفي.

(١٥) أي معنى إبطال النفي وتقرير المنفي.

(١٦) أي كون (نعم) بعد النفي.

٥٢١

الفصل الثاني ـ في تعقيب الاقرار بما ينافيه

وهو (١) قسمان : مقبول ومردود (والمقبول منه (٢) الاستثناء (٣) إذا لم)

______________________________________________________

(١) أي التعقيب بالمنافي.

(٢) من التعقيب بالمنافي.

(٣) يصح جريان الاستثناء في الإقرار بلا خلاف فيه بيننا ، خلافا للمحكي عن مالك فمنعه فيه ، ولا ريب في فساده ، نعم يعتبر في الاستثناء الاتصال العادي الذي يصح في الاستعمال عادة ، فلا بأس بالتنفس والسعال وغيرهما بين الإقرار والاستثناء ، مما لا يعدّ معه الاستثناء منفصلا عرفا ، خلافا للمحكي عن ابن عباس حيث جوّزه إلى شهر ونقله سيد الرياض عن الحلي ، وربما حمل كلام الأخير على أنه لو أخبر بالاستثناء في تلك المدة قبل منه ، ولا ريب في ضعفه ، إذ معه يكون منفصلا ، ولا بد من الاتصال في الاستثناء قضاء لحق معناه.

هذا وأحكام الاستثناء كثيرة ، ويقتصر على ثلاثة أحكام منها مما لها الدخل في الإقرار وهي :

الحكم الأول : يكفي في صحة الاستثناء أن يبقى بعده بقية للمستثنى منه ، سواء كانت البقية أقل أو أكثر أو مساوية ، والخلاف في ذلك من أهل الخلاف فعندهم قول بمنع استثناء الأكثر ، وقول بمنع المساوي والأكثر وهو للحنابلة وأبي بكر الباقلاني ، وقول باشتراط بقاء كثرة تقرب من مدلول لفظ المستثنى منه.

والأصح الجواز مطلقا ، لوقوع استثناء الأكثر في اللغة وفي القرآن ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ عِبٰادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطٰانٌ إِلّٰا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغٰاوِينَ) (١) ، ولأن المستثنى منه والمستثنى كالشي‌ء الواحد فلا يتفاوت الحال في الجواز بكثرة المستثنى منه أو قلته نعم استثناء الأكثر مستهجن كما حرر في الأصول ، وهذا لا يضر بالحمل عليه في كتاب الإقرار ، وإنما لا يلتزم به في كلام الشارع المقدس ، وبهذا يندفع الإشكال بين كلامهم هنا في الإقرار بصحة استثناء الأكثر وبين كلامهم هناك في الأصول بمنع استثناء الأكثر ، إذ هو ممنوع في كلام الشارع لأنه مستهجن.

الحكم الثاني : الاستثناء من الإثبات نفي بلا خلاف فيه ، لأن الاستثناء نفي لما قبله ، والنفي من الإثبات نفي ، وأما الاستثناء

من النفي فهو إثبات كما عن الأكثر بين المسلمين

__________________

(١) سورة الحجر ، الآية : ٤٢.

٥٢٢

(يستوعب (١) المستثنى منه) ، سواء بقي أقل مما أخرج أم أكثر أم مساو (٢) ، ولأن (٣) المستثنى والمستثنى منه كالشي‌ء الواحد فلا يتفاوت الحال بكثرته (٤) وقلته ،

______________________________________________________

ولم يخالف إلا أبو حنيفة بزعم وجود واسطة بين النفي والإثبات فلا يلزم من نفي النفي إثبات لجواز التوقف.

وفيه أولا : النقض بالاستثناء من الإثبات ، فإن تحقق الواسطة تمنع من إثبات تحقق النفي بعد الاستثناء من الإثبات ، مع أنه قائل بتحقق النفي.

وثانيا : بالنقض أيضا ، أنه لو كان كذلك لما أفاد قولنا لا إله إلا الله إثبات التوحيد ، مع أن الاكتفاء به ثابت بالاتفاق.

وثالثا : بالحل بأنه لا واسطة بين النفي والإثبات لعدم الواسطة بين الوجود والعدم كما تشهد بذلك البداهة والضرورة.

الحكم الثالث : الاستثناء من الجنس بأن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه ، وهو المسمى بالمتصل ، فهو جائز بالاتفاق ، وأما الاستثناء من غير الجنس وهو المسمى بالمنقطع فجائز على الأكثر ، ولوروده في القرآن كما في قوله تعالى : (لٰا يَسْمَعُونَ فِيهٰا لَغْواً إِلّٰا سَلٰاماً) (١) ، وقوله تعالى : (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) (٢) ، وقوله تعالى : (فَسَجَدُوا إِلّٰا إِبْلِيسَ كٰانَ مِنَ الْجِنِّ) (٣).

والمحكي عن محمد بن الحسن وزفر وأحمد بن حنبل عدم الجواز ، ومما تقدم تعرف ضعفه ، نعم وقع الخلاف بين المجوزين أنه على نحو الحقيقة أو المجاز ، والمحققون على الثاني ، وتظهر الفائدة في أن إطلاقه محمول على الجنس إلا مع قيام القرينة على خلافة ، كقول القائل : له عليّ ألف إلا ثوبا ، فمع عدم القرينة يحمل الألف على الأثواب بناء على الاستعمال الحقيقي ، وعلى الدراهم بناء على الاستعمال المجازي ، وتحقيق المسألة في محله من الأصول.

(١) ضمير الفاعل راجع إلى الاستثناء ، ومع الاستيعاب لا يكون الاستثناء مقبولا ، لعدم الفائدة حينئذ من ذكر المستثنى منه ، نعم مع عدم الاستيعاب تبقى الفائدة بذكر المستثنى منه وهو الدليل الأول على صحة استثناء الأكثر والمساوي والأقل.

(٢) وهذا هو الحكم الأول.

(٣) دليل ثان على صحة مطلق الاستثناء ما لم يستوعب المستثنى منه.

(٤) أي بكثرة المستثنى منه.

__________________

(١) سورة الواقعة ، الآية : ٢٦.

(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٩.

(٣) سورة الحجر ، الآية : ٣٠.

٥٢٣

ولوقوعه (١) في القرآن وغيره (٢) من اللفظ الفصيح العربي.

(و) إنما يصح الاستثناء إذا(اتصل (٣) بالمستثنى منه(بما جرت به العادة) فيغتفر التنفس بينهما (٤) والسّعال وغيرهما (٥) مما لا يعد منفصلا عرفا ، ولما كان الاستثناء إخراج ما لولاه (٦) لدخل (٧) في اللفظ (٨) كان المستثنى والمستثنى منه متناقضين (٩).

(فمن الإثبات نفي (١٠) ، ومن النفي إثبات) أما الأول (١١) فعليه إجماع العلماء ، وأما الثاني (١٢) فلأنه (١٣) لولاه (١٤) لم يكن «لا إله إلا الله» يتم به التوحيد ، لأنه (١٥) لا يتم إلا بإثبات الإلهية لله تعالى (١٦) ، ونفيها (١٧) عما عداه

______________________________________________________

(١) دليل ثالث على صحة مطلق الاستثناء ما لم يستوعب ، والوقوع أكبر دليل على الإمكان.

(٢) غير القرآن.

(٣) ومع الانفصال لا يكون استثناء من الكلام السابق ، لانعقاد ظهور السابق ، فيكون الاستثناء كلاما جديدا.

(٤) بين المستثنى والمستثنى منه.

(٥) غير التنفس والسعال.

(٦) أي لو لا الاستثناء.

(٧) ضمير الفاعل راجع إلى ما الموصولة في قوله : (ما لولاه).

(٨) أي لفظ المستثنى منه.

(٩) لأن عموم المستثنى منه يقتضي إدخال المستثنى تحته ، والاستثناء يقتضي إخراجه ، فالتناقض باعتبار الإدخال والإخراج ، أو باعتبار حكم المستثنى منه وحكم المستثنى.

(١٠) أي فالاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات ، وهذا هو الحكم الثاني.

(١١) وهو كون الاستثناء من الإثبات نفيا.

(١٢) وهو كون الاستثناء من النفي إثباتا.

(١٣) أي فلان الثاني.

(١٤) أي لو لا كون الاستثناء من النفي إثباتا.

(١٥) أي لأن التوحيد.

(١٦) كما هو مفاد المستثنى.

(١٧) أي ونفي الألوهية.

٥٢٤

تعالى (١) ، والنفي هنا حاصل (٢) ، فلو لم يحصل الإثبات (٣) لم يتم التوحيد.

وعلى ما ذكر من القواعد(فلو قال : له عليّ مائة إلا تسعين فهو اقرار بعشرة (٤) ، لأن المستثنى منه إثبات للمائة ، والمستثنى نفي للتسعين منها (٥) فبقي عشرة.

(ولو قال : الا تسعون) بالرفع(فهو اقرار بمائة) ، لأنه (٦) لم يستثن منها (٧) شيئا ، لأن الاستثناء من الموجب (٨) التام (٩) لا يكون إلا منصوبا ، فلما رفعه (١٠) لم يكن استثناء ، وإنما «إلا» ، فيه (١١) بمنزلة «غير» يوصف بها وبتاليها (١٢) ما قبلها ، ولما كانت المائة مرفوعة بالابتداء كانت التسعون مرفوعة صفة للمرفوع والمعنى : له

______________________________________________________

(١) كما هو مفاد المستثنى منه.

(٢) أي حاصل صراحة قبل الاستثناء بقوله : لا إله.

(٣) أي لو لم يحصل الإثبات من الاستثناء بعد النفي.

(٤) فهو تفريع على الحكم الثاني المذكور في شرحنا ، بل هو تفريع على بعضه ، أعني أن الاستثناء من الإثبات نفي ، وعلى كل فلو قال : له علي مائة إلا تسعين فهو إقرار بعشرة ، لأن هذا الاستثناء هو استثناء من الإثبات ، وهذا ما يقتضي النفي ، فإذا أثبت المائة ثم نفى منها تسعين فالباقي عشرة وهو الذي أقرّ به ، نعم لما نصب المستثنى ، ونصب المستثنى من الموجب التام دليل على إرادة الاستثناء فتكون (إلا) استثنائية لا وصفية.

نعم لو رفع المستثنى فقال (إلا تسعون) ، وكان مراده الجريان على القانون العربي ، فتكون (إلا) حينئذ وصفية بمعنى غير إذ لو كانت استثنائية لنصب ما بعدها ، وعلى كل فمعنى كلامه ، له علي مائة موصوفة بأنها غير تسعين ، وعليه فقد أقر بالمائة ولم يستثني منها شيئا ، وإن وصفها بوصف ما ، ويكون حينئذ قد أقر بالمائة.

(٥) من المائة.

(٦) أي المقر.

(٧) من المائة.

(٨) وهو غير المنفي.

(٩) وهو الذي ذكر فيه المستثنى منه ، وفي قباله المفرّغ.

(١٠) أي فلما رفع المستثنى لم يكن الاستثناء استثناء بل وصفا.

(١١) في الاستثناء المذكور.

(١٢) أي الذي يتلوها.

٥٢٥

عليّ مائة موصوفة بأنها غير تسعين ، فقد وصف المقرّ به (١) ولم يستثن منه شيئا ، وهذه الصفة مؤكدة (٢) صالحة للإسقاط (٣) ، إذ كل مائة فهي موصوفة بذلك (٤) ، مثلها «في نفخة واحدة (٥)».

واعلم أن المشهور بين النحاة في ، إلّا الوصفية ، كونها وصفا لجمع منكر كقوله تعالى : (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (٦) والمائة ليست من هذا الباب (٧) ، لكن الذي اختاره جماعة من المتأخرين عدم اشتراط ذلك (٨) ، ونقل في المغني عن سيبويه جواز «لو كان معنا رجل (٩) إلا زيد ، لغلبنا» ، أي غير زيد.)

(ولو قال (١٠) : ليس له عليّ مائة إلا تسعون فهو اقرار بتسعين) ، لأن المستثنى من المنفي التام يكون مرفوعا فلما رفع التسعين علم أنه استثناء من

______________________________________________________

(١) وهو المائة.

(٢) قال ابن هشام في المغني : (إن طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص له ، وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكّد ، ولم أر من أفصح عن هذا) انتهى ، فالوصف المخصص كما في قوله : لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا ، والوصف المؤكد كما في قوله تعالى : (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (١).

(٣) بحيث لو حذفت من الكلام فلا إخلال بالمقصود.

(٤) بأنها غير تسعين.

(٥) فالتاء في (نفخة) دالة على الوحدة ، فالتوصيف بالواحدة يكون من الوصف الصالح للإسقاط بحيث لو حذف فلا إخلال بالمقصود.

(٦) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٢.

(٧) لأن المائة الموصوفة ليست من الجمع المنكر.

(٨) أي عدم اشتراط كون موصوفها جمعا منكرا.

(٩) والرجل هو الموصوف ، وهو مفرد وليس بجمع منكر.

(١٠) هذا تفريع على الحكم الثاني أيضا ، ولكنه تفريع على بعضه ، أعني أن الاستثناء من النفي إثبات ، فإذا نفى المائة ثم أثبت التسعين ، فهو إقرار بالتسعين ، لأنه استثناها من المائة بدليل رفعها ، لأن المستثنى من المنفي التام الذي ذكر فيه المستثنى منه لا بدّ أن يكون مرفوعا.

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٢.

٥٢٦

المنفى ، فيكون (١) إثباتا للتسعين بعد نفي المائة(ولو قال : إلا تسعين) بالياء(فليس مقرا (٢) ، لأن نصب المستثنى دليل على كون المستثنى منه موجبا (٣) ، ولما كان ظاهره (٤) النفي حمل على أنّ حرف النفي داخل على الجملة المثبتة المشتملة على الاستثناء ، أعني مجموع المستثنى والمستثنى منه ، وهي (٥) : «له عليّ مائة إلا تسعين» فكأنه قال : المقدار الذي هو مائة إلا تسعين ليس له عليّ ، أعني العشرة الباقية بعد الاستثناء ، كذا قرره المصنف في شرح الارشاد على ، نظير العبارة ، وغيره.

وفيه نظر ، لأن ذلك (٦) لا يتم إلا مع امتناع النصب (٧) على تقدير كونه

______________________________________________________

(١) أي الاستثناء.

(٢) كما هو المشهور كما في المسالك ، لأن نصب المستثنى من المنفي التام غير جائز ، إلا إذا كان نصب المستثنى دليلا على جعل الاستثناء من الموجب التام ، بجعل النفي داخلا على المستثنى والمستثنى منه فكأنه قال : المقدار الذي هو مائة إلا تسعين ليس له عليّ ، والمعنى فالمقدار الذي هو عشرة ليس له عليّ فلا يكون إقرارا بشي‌ء.

وتنظر فيه الشارح في المسالك بأن المستثنى من المنفي التام مما يجوز رفعه ونصبه باتفاق النحاة ، وإن كان الرفع أكثر ، ولذا قرئ بالنصب قوله تعالى : (وَلٰا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (١) ، وقوله تعالى : (مٰا فَعَلُوهُ إِلّٰا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) (٢).

ثم وجّه قول المشهور بعدم الإقرار عند نصب المستثنى من المنفي التام ، لأنه يحتمل الاستثناء ويحتمل عدمه ، فإن جعلنا النفي داخلا على المستثنى فقط فالاستثناء ويكون إقرارا بالتسعين وإن جعلنا النفي داخلا على مجموع المستثنى منه والمستثنى كما قاله المشهور فلا استثناء ، ولا يكون إقرارا بشي‌ء ، ومع الشك في ثبوت الإقرار فأصالة البراءة جارية.

(٣) أي غير منفي.

(٤) أي ظاهر المستثنى منه.

(٥) أي الجملة المثبتة المشتملة على الاستثناء.

(٦) وهو إدخال النفي على مجموع المستثنى والمستثنى منه.

(٧) أي نصب المستثنى.

__________________

(١) سورة هود ، الآية : ٨١.

(٢) سورة النساء ، الآية : ٥٦.

٥٢٧

المستثنى منه منفيا تاما ، لكن النصب جائز حينئذ (١) اتفاقا وإن لم يبلغ رتبة الرفع ، قال ابن هشام (٢) : النصب عربي جيد. فقد قرئ به (٣) في السبع «ما فعلوه إلّا قليلا» (وَلٰا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ).

فالأولى في توجيه عدم لزوم شي‌ء في المسألة (٤) أن يقال ـ على تقدير النصب ـ : يحتمل كونه (٥) على الاستثناء (٦) من المنفي (٧) فيكون اقرارا بتسعين ، وكونه (٨) من المثبت (٩) ، والنفي موجه إلى مجموع الجملة فلا يكون اقرارا بشي‌ء ، فلا يلزمه شي‌ء ، لقيام (١٠) الاحتمال (١١) واشتراك مدلول اللفظ (١٢) لغة ، مع أن حمله (١٣) على المعنى الثاني (١٤) مع جواز الأول (١٥) خلاف الظاهر ، والمتبادر من صيغ الاستثناء هو الأول (١٦) ، وخلافه (١٧) يحتاج إلى تكلف (١٨) لا يتبادر من

______________________________________________________

(١) أي حين كون المستثنى منه منفيا تاما.

(٢) في كتابه (أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك).

(٣) أي في توجيه عدم الإقرار كما ذهب إليه المشهور عند نصب المستثنى ، والمستثنى منه منفي تام.

(٤) بالنصب.

(٥) كون المستثنى.

(٦) خبر لقوله (كونه).

(٧) فيكون النفي داخلا على المستثنى منه فقط.

(٨) أي ويحتمل كونه ، والضمير فيه راجع إلى المستثنى.

(٩) ويكون النفي داخلا على المستثنى منه والمستثنى.

(١٠) تعليل لعدم لزوم شي‌ء على القائل بالجملة السابقة عند نصب المستثنى.

(١١) أي احتمال كون النفي داخلا على المجموع فلا يكون إقرارا.

(١٢) والمراد به لفظ المستثنى المنصوب فيحتمل أن يكون إقرارا ويحتمل عدمه ، ومع الاشتراك لا يحمل على أحد معنييه إلا مع القرينة ، وهي مفقودة.

(١٣) أي حمل المستثنى.

(١٤) وهو كون النفي داخلا على مجموع المستثنى منه والمستثنى.

(١٥) وهو كون النفي داخلا على المستثنى منه فقط.

(١٦) وهو كون النفي داخلا على المستثنى منه فقط.

(١٧) أي وخلاف الأول.

(١٨) بجعل النفي داخلا على المجموع.

٥٢٨

الإطلاق ، وهو (١) قرينة ترجيح أحد المعنيين المشتركين ، إلا أن فتواهم المنضم إلى أصالة البراءة وقيام الاحتمال في الجملة يعيّن المصير إلى ما قالوه (٢).

(ولو تعدد الاستثناء وكان بعاطف (٣) كقوله : له عليّ عشرة إلا أربعة ، وإلا ثلاثة(أو كان) الاستثناء(الثاني أزيد من الأول) كقوله له عليّ عشرة إلا أربعة إلا خمسة(أو مساويا له) كقوله في المثال : إلا أربعة إلا أربعة(رجعا جميعا إلى المستثنى منه).

______________________________________________________

(١) أي كون الأول هو الظاهر المتبادر الذي يحتاج خلافه إلى تكلف.

(٢) من عدم لزوم شي‌ء عليه.

(٣) مسألة تعدد الاستثناء متفرعة على الحكم الثاني المتقدم في الشرح ، أعني أن الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لو تعدد الاستثناء فيجب أن يرجع كل استثناء إلى متلوّه ، بلا خلاف فيه ، لأنه الأقرب ، وعوده إلى المستثنى منه عود إلى البعيد وهو مرجوح لا يصار إليه بدون دليل ، وعوده إلى المستثنى منه والمستثنى موجب للتناقض ، لأن المستثنى والمستثنى منه متخالفان نفيا وإثباتا ، وعليه فلو قال : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة لزمه ثمانية ، ولك في معرفة المتحصّل طريقتان :

الأولى : أن تسقط الأول وتجبر الباقي بالثاني ، وتسقط الثالث وإن كان معك رابع فإنك تجبر به وهكذا إلى الأخير.

الثانية : أن تحطّ الآخر مما يليه ، ثم باقيه مما يليه وهكذا إلى الأول.

فعلى الأولى فالاستثناء الأول ينفي من العشرة المثبتة خمسة ، والثاني يثبت من الخمسة المنفية ثلاثة فتنضم إلى الخمسة الباقية من العشرة فيلزمه ثمانية.

وعلى الثانية فتسقط ثلاثة التي هي الاستثناء الأخير من خمسة التي هي الاستثناء الأول فالباقي اثنان ، وتسقطها من المستثنى منه الذي هو عشرة فيلزمه ثمانية.

وهذا كله إذا لم يكن الاستثناء الثاني مساويا للأول ولا أزيد منه ولا معطوفا على الأول بواو العاطفة وإلا رجع الجميع إلى المستثنى منه ، لأنه مع زيادة الثاني أو مساواته فلو رجع إلى الأول لقربه للزم الاستغراق ، وحتى يصان كلامه عن الهذر لا بد من عود الجميع إلى المستثنى منه ، إن لم يلزم في هذا العود استغراق المستثنى منه ، وإلا لو لزم عود الجميع استغراق المستثنى منه للغى الثاني خاصة مثل قوله : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا خمسة ، فيلغو الثاني خاصة لأنه هو الذي أوجب الفساد وكان إقرارا بخمسة.

ومع عطف الثاني على الأول كقوله : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة للزم عود الجميع إلى المستثنى منه قضاء لحق العطف القاضي باشتراك المتعاطفين في الحكم.

٥٢٩

أما مع العطف فلوجوب اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم ، فهما كالجملة الواحدة ، ولا فرق (١) بين تكرر حرف الاستثناء وعدمه (٢) ، ولا بين زيادة الثاني على الأول ، ومساواته له ، ونقصانه عنه (٣).

وأما مع زيادة الثاني على الأول (٤) ، ومساواته (٥) ، فلاستلزام عوده (٦) إلى الأقرب (٧) الاستغراق ، وهو (٨) باطل فيصان كلامه (٩) عن الهذر بعودهما (١٠) معا إلى المستثنى منه.

واعلم أنه لا يلزم من عودهما معا إليه (١١) صحتهما (١٢) ، بل إن لم يستغرق الجميع (١٣) ـ المستثنى منه صح (١٤) كالمثالين (١٥) ، وإلا (١٦) فلا ، لكن إن لزم الاستغراق من الثاني خاصة كما لو قال : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا خمسة لغى الثاني خاصة ، لأنه هو الذي أوجب الفساد ، وكذا (١٧) العطف ، سواء كان الثاني

______________________________________________________

(١) أي ولا فرق في العطف.

(٢) فمع تكرر حرف الاستثناء فالمثال كما تقدم في الروضة ، ومع عدم تكرر حرف الاستثناء فالمثال كقوله : له عليّ عشرة إلا أربعة وثلاثة.

(٣) كل ذلك مع العطف.

(٤) بدون العطف كقوله : له عليّ عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة.

(٥) أي ومساواة الثاني للأول.

(٦) عود الثاني.

(٧) الذي هو الأول.

(٨) أي الاستغراق باطل لأنه مع الاستغراق لا تبقى فائدة من ذكر الأول.

(٩) كلام المقر.

(١٠) أي بعود الأول والثاني.

(١١) إلى المستثنى منه.

(١٢) أي صحة العودين ، عود الأول وعود الثاني.

(١٣) جميع الاستثناءات.

(١٤) أي صح العود إلى المستثنى منه.

(١٥) وهما ما لو قال : له عليّ عشرة إلا أربعة إلا خمسة ، وإلا أربعة إلا أربعة.

(١٦) أي وإن استغرق الجميع المستثنى منه فلا يصح العود ، وظاهره أنه لا يصح عود الجميع ، مع أن الفساد لعود الثاني فقط كما سينبه عليه ، لأن الاستغراق من جانبه.

(١٧) أي وكذا إن لزم الاستغراق من الثاني خاصة لغى الثاني.

٥٣٠

مساويا للأول كما ذكر (١) أم أزيد كله عشرة إلا ثلاثة وإلا سبعة ، أم أنقص كما لو قدّم السبعة على الثلاثة.

(وإلا يكن) بعاطف ، ولا مساويا للأول ، ولا أزيد منه بل كان أنقص بغير عطف كقوله : له عليّ عشرة إلا تسعة إلا ثمانية(رجع التالي إلى متلوه) لقربه (٢) إذ لو عاد (٣) إلى البعيد (٤) لزم ترجيحه (٥) على الأقرب بغير مرجح ، وعوده (٦) إليهما (٧) يوجب التناقض ، إذ المستثنى والمستثنى منه متخالفان نفيا واثباتا كما مر ، فيلزمه (٨) في المثال تسعة ، لأن قوله الأول (٩) اقرار بعشرة حيث إنه إثبات ، والاستثناء الأول نفي للتسعة منها (١٠) ، لأنه (١١) وارد على إثبات ، فيبقى واحد ، واستثناؤه الثاني إثبات للثمانية ، لأنه (١٢) استثناء من المنفي فيكون مثبتا ، فيضم ما أثبته ، وهو (١٣) الثمانية إلى ما بقي وهو (١٤) الواحد ، وذلك تسعة.

ولو أنه ضمّ إلى ذلك قوله : إلا سبعة إلا ستة حتى وصل إلى الواحد لزمه خمسة ، لأنه (١٥) بالاستثناء الثالث (١٦)

______________________________________________________

(١) فيما لو قال : له عليّ عشرة إلا خمسة وإلا خمسة.

(٢) أي لقرب المتلوّ.

(٣) أي التالي.

(٤) الذي هو المستثنى منه.

(٥) أي ترجيح البعيد.

(٦) أي عود التالي.

(٧) إلى البعيد والمتلو ، وهما المستثنى منه والمستثنى.

(٨) فيلزم المقرّ بناء على رجوع التالي إلى متلوه كما هو الأصل.

(٩) وهو المستثنى منه ، وهو : له علي عشرة.

(١٠) من العشرة.

(١١) أي الاستثناء الأول.

(١٢) أي الاستثناء الثاني.

(١٣) ما أثبته.

(١٤) أي ما بقي.

(١٥) لأن المقر.

(١٦) وهو قوله : إلا سبعة.

٥٣١

نفى سبعة مما اجتمع وهو (١) تسعة فبقي اثنان ، وبالرابع (٢) أثبت ستة (٣) فبقي ثمانية ، وبالخامس (٤) يصير ثلاثة ، وبالسادس (٥) يصير سبعة ، وبالسابع (٦) أربعة ، وبالثامن (٧) ستة ، وبالتاسع (٨) وهو الواحد ينتفي منها واحد فيبقى خمسة.

والضابط (٩) : أن تجمع الاعداد المثبتة (١٠) وهي الأزواج ، على حدة ، والمنفية (١١) وهي الأفراد كذلك (١٢) وتسقط جملة المنفي من جملة المثبت ، فالمثبت

______________________________________________________

(١) ما اجتمع.

(٢) وهو قوله : إلا ستة.

(٣) لأن الاستثناء الرابع استثناء من النفي فيكون إثباتا.

(٤) وهو قوله : إلا خمسة ، وهو استثناء من الإثبات فيكون نفيا ، وإذا نفى من الثمانية خمسة فالباقي ثلاثة.

(٥) وهو قوله : إلا أربعة ، وهو استثناء من النفي فيكون إثباتا ، وإذا أثبت أربعة مع الثلاثة السابقة فيلزمه سبعة.

(٦) وهو قوله : إلا ثلاثة ، وهو استثناء من الإثبات فيكون نفيا ، وإذا نفى ثلاثة من السبعة فالباقي أربعة.

(٧) وهو قوله : إلا اثنان ، وهو استثناء من النفي فيكون إثباتا ، وإذا أثبت اثنين مع الأربعة السابقة فيلزمه ستة.

(٨) وهو قوله : إلا واحد ، وهو استثناء من الإثبات فيكون نفيا ، وإذا نفى واحدا من الستة السابقة فيلزمه خمسة.

هذا كله على الطريقة الأولى ، وهناك طريقة أخرى ، وهي أن تحطّ الآخر مما يليه ، ثم باقيه مما يليه ، وهكذا إلى الأول ، فلو أسقطت الواحد من الاثنين فالباقي واحد ، وتسقطه من ثلاثة فالباقي اثنان ، وتسقطها من أربعة فالباقي اثنان ، وتسقطها من خمسة فالباقي ثلاثة ، وتسقطها من ستة فالباقي ثلاثة ، وتسقطها من سبعة فالباقي أربعة ، وتسقطها من ثمانية فالباقي أربعة ، وتسقطها من تسعة فالباقي خمسة.

(٩) أي ضابط الطريقة الأولى.

(١٠) وهي التي أتت بعد الاستثناء من النفي ، وهي مثبتة ، لأن الاستثناء من النفي إثبات ، والمثبت هو الذي فيه إقرار.

(١١) وهي التي أتت بعد الاستثناء من الإثبات ، وهي منفية ، لأن الاستثناء من الإثبات نفي ، والمنفي لا إقرار فيه.

(١٢) أي تجمعها على حدة.

٥٣٢

ثلاثون (١) ، والمنفي (٢) خمسة وعشرون ، والباقي بعد الاسقاط خمسة.

ولو أنه لما وصل إلى الواحد قال : إلا اثنين ، إلا ثلاثة إلى أن وصل إلى التسعة لزمه واحد (٣).

ولو بدأ باستثناء الواحد وختم به (٤) لزمه خمسة ، ولو عكس القسم الأول (٥)

______________________________________________________

(١) لأن المثبت هو الثمانية والستة والأربعة والاثنان ، وهذا عشرون ، وتضاف إلى العشرة التي أثبتها أولا فالمجموع ثلاثون.

(٢) وهو التسعة والسبعة والخمسة والثلاثة والواحد ، وهي خمسة وعشرون.

(٣) لأن الأزواج المثبتة قبل العود كانت ثلاثين ، وبعد العود تكون عشرين حاصلة من الاثنين والأربعة والستة والثمانية ، فالمجموع خمسون ، والأفراد المنفية قبل العود كانت خمسة وعشرين ، وبعد العود تكون أربعة وعشرين أيضا ، وهي الثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة من دون الواحد ، لأنه لم يتكرر في العود فالمجموع تسعة وأربعون ، وإذا أسقطت النافي من المثبت فالباقي واحد.

(٤) أي بالواحد بأن قال : له عليّ عشرة إلا واحدا إلا اثنين إلا ثلاثة إلى التسعة ثم قال : إلا ثمانية إلا سبعة إلى الواحد لزمه خمسة ، لأن الأعداد المثبتة قبل العود أربعة وستة وثمانية والحاصل ثمانية عشرة تضاف إلى العشرة التي أثبتها أولا فالمجموع ثمانية وعشرون ولم نحسب الاثنين لسبب سيأتي ذكره ، والمثبتة بعد العود ثمانية وستة وأربعة واثنان فالمجموع عشرون ، وجميع الأعداد المثبتة قبل العود وبعده ثمانية وأربعون.

والمنفية قبل العود الواحد والاثنان والثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة ، فالحاصل سبعة وعشرون ، وبعد العود سبعة وخمسة وثلاثة وواحد فالحاصل ستة عشر ، والمجموع ثلاثة وأربعون ، وإذا أسقطنا المنفي من المثبت فالباقي خمسة.

ولم نجعل الاثنين قبل العود من الأعداد المثبتة ، لأنه لما قال : له علي عشرة فهو إثبات ، ولما قال إلا واحدا فهو نفي فيكون قد أقرّ بتسعة ، ولما قال إلا اثنين فهو إثبات بحسب الفرض ويلزمه أنه أقر بأحد عشر وهو مناقض لما قاله سابقا أنه عشرة فيلزم أن يكون نفيا بمعنى أن يرجع مع ما قبله إلى المستثنى منه. فلذلك يحسب مع المنفي لا مع المثبت.

(٥) القسم الأول الوارد في كلام الشارح هو ما لو قال : له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلى الواحد ، فعكسه ما لو بدأ بالواحد وختم بالتسعة فيلزمه واحد لأنه لما قال : له علي عشرة فهو إثبات لها ، ولما قال إلا واحدا فهو نفي فيكون قد أقرّ بتسعة ، ولما قال إلا اثنين فهو إثبات بحسب الفرض ويلزمه أنه أقرّ بأحد عشر ، وهو مناقض لما قاله سابقا أنه عشرة ، فيلزم أن يكون نفيا بمعنى أن يرجع هو مع ما قبله إلى المستثنى منه فيلزمه

٥٣٣

فبدأ باستثناء الواحد وختم بالتسعة لزمه واحد ، وهو واضح بعد الإحاطة بما تقدم من القواعد ورتّب عليه ما شئت من التفريع.

(ولو استثنى من غير الجنس صحّ) (١)

______________________________________________________

سبعة ، ولما قال إلا ثلاثة فهو نفي ، لأنه استثناء من الإثبات المفروض فيلزمه أربعة ، ولما قال إلا أربعة فهو إثبات فيلزمه ثمانية ، ولما قال إلا خمسة فهو نفي فيلزمه ثلاثة ، ولما قال إلا ستة فهو إثبات فيلزمه تسعة ، ولما قال إلا سبعة فهو نفي فيلزمه اثنان ، ولما قال إلا ثمانية فهو إثبات فيلزمه عشرة ، ولما قال إلا تسعة فهو نفي فيلزمه واحد.

(١) هذا تفريع على الحكم الثالث المتقدم في شرحنا ، أعني جواز الاستثناء المتصل بلا خلاف ، وجواز الاستثناء المنقطع على قول الأكثر ، والمحققون منهم أنه استعمال مجازي.

وعليه فلو قال : له ألف إلا درهما ، فإن منعنا الاستثناء المنقطع فهو إقرار بتسعمائة وتسعة وتسعين درهما ، لأن إخراج الدرهم من الألف دليل على كون الألف من جنس الدرهم ، لمنع الاستثناء المنقطع ، فيلزمه ألف درهم ما عدا واحد.

وكذلك لو قلنا بجواز الاستثناء المنقطع وأنه حقيقة ، فيجب حمل الألف على جنس الدرهم ، كما هو مقتضى الاستعمال الحقيقي ، ولا يرفع اليد عنه إلا بقرينة وهي مفقودة في المقام.

نعم لو قلنا بجواز الاستثناء المنقطع وأنه مجاز ، فلا بد أن يرجع إليه في تعيين الألف لعدم القرينة على بيان ماهيتها ، فإذا فسّر الألف بالجوز مثلا نظر في قيمتها عند الإقرار لا عند التفسير ، ووضع منها الدرهم المستثنى ، فإن بقي من الألف بقية بعد إخراج الدرهم فهو المقرّ به ، وإن لم يبق شي‌ء كان الاستثناء مستغرقا لتمام المستثنى منه ، وعليه فهل يبطل الاستثناء ليتوجه الإقرار ، وتثبت الألف من ذلك الجنس الذي عينه ، أو يبطل التفسير ليتوجه الإقرار ويكلّف بتفسير الألف بشي‌ء آخر ، فقد ذهب إلى الأول ابن الجنيد والفخر والكركي والشهيدان ، لأن التفسير المذكور في قوة المتقدم وإن كان متأخرا ، لأنه تفسير للألف فهو في قوة الإقرار بها ، وبهذا يثبت الإقرار بالألف على نحو الذي فسره ، ويكون البطلان قد جاء من الاستثناء الذي هو المتأخر ، فيبطل الاستثناء خاصة لأنه وقع مستغرقا ، ويلزمه الألف المفسّرة من دون استثناء شي‌ء منها.

وذهب إلى الثاني العلامة في الإرشاد وجعله وجها في المختلف ، لأن الإقرار بالمستثنى منه والمستثنى قد وقع صحيحا وإنما طرأ البطلان عند عروض التفسير ، فيبطل خاصة ويكلف بتفسير آخر.

هذا كله إذا قال : ألف ولم يحدده ، وأما لو حدد جنسه بأن قال : درهم إلا ثوبا فقد

٥٣٤

وإن كان (١) مجازا ، لتصريحه (٢) بإرادته (٣) ، أو لإمكان تأويله (٤) بالمتصل (٥) بأن يضمر قيمة المستثنى ونحوها مما يطابق المستثنى منه(وأسقط) المستثنى باعتبار قيمته(من المستثنى منه (٦) فإذا بقي) منه(بقية) وإن قلّت(لزمت (٧) ، وإلا بطل) الاستثناء ، للاستغراق(كما لو قال : له عليّ مائة إلا ثوبا) هذا مثال الاستثناء من غير الجنس مطلقا (٨) فيصح (٩) ويطالب بتفسير الثوب ، فإن بقي من قيمته بقية من المائة بعد إخراج القيمة (١٠) قبل (١١) ، وإن استغرقها (١٢) بطل الاستثناء على الأقوى والزم بالمائة (١٣) وقيل : بطل التفسير خاصة فيطالب بغيره (١٤).

______________________________________________________

صرح بإرادة المنقطع ، وعليه فعلى القول بمنع الاستثناء المنقطع لغى الاستثناء ويثبت في ذمته ألف درهم ، وعلى القول بالجواز وأنه حقيقة أو مجاز ، فهذا الوارد من الإقرار صحيح لوجود القرينة على إرادة المنقطع منه ، وعليه فيصح الاستثناء ويرجع في بيان قيمة الثوب إليه ، فإن بقي للمستثنى منه بقية فهو وإلا فالقولان السابقان من بطلان الاستثناء أو التفسير.

هذا واعلم أنه قد صرح ابن الحاجب والعضدي والعلامة وجماعة بأنه لا بدّ من إضمار قيمة الثوب ، ونسبوا ذلك إلى علماء الأمصار ، وعليه فيكون الاستثناء متصلا لا منقطعا ويكون المعنى : له علي ألف إلا قيمة الثوب.

(١) أي الاستثناء من غير الجنس.

(٢) أي تصريح المقرّ.

(٣) أي بإرادة المجاز وذلك عند بيان جنس الألف في قوله : له عليّ ألف درهم إلا ثوبا.

(٤) أي تأويل الاستثناء من غير الجنس.

(٥) في قبال المنقطع ، وذلك عند بيان جنس الألف كما لو قال : له عليّ ألف درهم إلا ثوبا.

(٦) من المستثنى منه.

(٧) أي لزمت البقية بمعنى ثبتت في ذمة القائل للإقرار بها.

(٨) سواء بقيت بقية للمستثنى منه بعد الاستثناء أم لا.

(٩) أي يصح الاستثناء من غير الجنس.

(١٠) أي بعد إخراج قيمة الثوب من المائة.

(١١) أي قبل تفسير الثوب.

(١٢) أي استغرق الثوب المائة.

(١٣) وألزم بالمائة بالمعنى الذي فسرها إن لم تكن مفسرة في كلامه.

(١٤) أي يطالب بتفسير آخر.

٥٣٥

(والاستثناء المستغرق باطل) اتفاقا (١) (كما لو قال : له) عليّ(مائة إلا مائة) ولا يحمل على الغلط ، ولو ادعاه (٢) لم يسمع منه. هذا إذا لم يتعقبه استثناء آخر يزيل استغراقه (٣) ، كما لو عقّب ذلك بقوله : إلا تسعين فيصح الاستثناءان ، ويلزمه تسعون ، لأن الكلام (٤) جملة واحدة لا يتمّ إلا بآخره ، وآخره (٥) يصيّر الأول غير مستوعب ، فإن المائة المستثناة (٦) منفية لأنها استثناء من مثبت ، والتسعين مثبتة ، لأنها استثناء من منفي ، فيصير جملة الكلام (٧) في قوة : «له تسعون» وكأنه (٨) استثنى من أول الأمر عشرة(٩).

(وكذا) يبطل(الاضراب) عن الكلام الأول(ببل ، مثل : له عليّ مائة ، بل تسعون (١٠)

______________________________________________________

(١) هذا تفريع على الحكم الأول المتقدم في شرحنا ، أعني جواز الاستثناء بشرط بقاء بقية للمستثنى منه ، سواء كانت أقل أم مساوية أم أكثر ، وعليه فلو قال : له علي درهم إلا درهما فيبطل الاستثناء لأنه مستغرق ويثبت الدرهم المقر به ، بل لو ادعى الغلط لم يقبل منه بلا خلاف في ذلك كله ، نعم لو تعقبه باستثناء آخر يزيل استغراقه كما لو قال : له ثلاثة إلا ثلاثة إلا اثنين فيلزمه اثنان ، لأن الاستثنائين بمنزلة الاستثناء الواحد ، والثلاثة ما عدا الاثنين واحد ، وهو المستثنى من الثلاثة فيلزمه اثنان.

(٢) أي ادّعى الغلط.

(٣) أي استغراق الاستثناء الأول.

(٤) في المستثنى والمستثنى منه.

(٥) أي آخر الاستثناء.

(٦) بالاستثناء الأول.

(٧) أي كلام المستثنى منه والمستثنى.

(٨) أي المقر.

(٩) أي كأنه استثنى عشرة باستثناء واحد بأن قال : له مائة إلا عشرة.

(١٠) لفظ (بل) حرف إضراب بما بعدها عما قبلها وعدول عنه ، فيكون الأضراب في المثال المذكور إعراضا عن الإقرار الأول ورجوعا عنه وإنكارا له ، ولا يسمع الرجوع عن الإقرار لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، وهذا بخلاف الاستثناء ، لأن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.

٥٣٦

(فيلزمه (١) في الموضعين) وهما (٢) الاستثناء المستغرق (٣) ومع الاضراب(مائة) لبطلان المتعقب في الأول (٤) للاستغراق. وفي الثاني (٥) للاضراب الموجب لإنكار ما قد أقرّ به فلا يلتفت إليه (٦) ، وليس ذلك (٧) كالاستثناء ، لأنه (٨) من متممات الكلام لغة ، والمحكوم بثبوته فيه (٩) هو الباقي من المستثنى منه بعده (١٠) ، بخلاف الاضراب فإنه بعد الايجاب يجعل ما قبل «بل» كالمسكوت عنه بعد الاقرار به فلا يسمع (١١) ، والفارق بينهما (١٢) اللغة.

(ولو قال : له عليّ عشرة من ثمن مبيع لم أقبضه (١٣) ألزم بالعشرة) ولم

______________________________________________________

الاستثناء جزء من الكلام ومن متمماته ، فلو قال : له عشرة إلا واحدة فهو إقرار بالتسعة ، وكأن التسعة لها اسمان ، أحدهما العشرة إلا واحدا ، فكأنه قال من رأس : له علي تسعة ولم تتحقق هنا إقرار بالعشرة ثم رجوع عنها عند ما استثنى.

(١) أي يلزم المقر.

(٢) أي الموضعين.

(٣) وهذا هو الفرع المتقدم.

(٤) وهو الاستثناء المتفرق ، والمتعقب هو الاستثناء المذكور.

(٥) أي ولبطلان المتعقب في الثاني ، والمراد بالثاني الإضراب ، والمتعقب هو ما بعد (بل).

(٦) أي إلى إنكار ما قد أقرّ به أولا.

(٧) أي الأضراب.

(٨) أي لأن الاستثناء.

(٩) في الاستثناء.

(١٠) أي بعد الاستثناء.

(١١) أي لا يسمع الإضراب عما أقر به أولا.

(١٢) بين الأضراب والاستثناء.

(١٣) إذا قال : له عليّ ألف وقطع الكلام ، ثم قال : من ثمن مبيع لم أقبضه ، لزمه الألف بلا خلاف فيه ، لانعقاد ظهور السابق الدال على الإقرار ، وحينئذ فقوله أنه من ثمن مبيع لم أقبضه فلا يقتضي استقرار الثمن في الذمة لجواز تلف المبيع قبل قبضه ، ويقتضي عدم تسليم الثمن إلا بعد تسليم المثمن يكون مجرد دعوى بعدم استحقاق التسليم عليه فلا تسمع لانفصال الثاني عن الأول حكما ولفظا.

وأما لو قال : له علي ألف من ثمن مبيع وقطع الكلام ثم قال : لم أقبضه ، لزمه الألف كما عن العلامة والحلي والكركي وجماعة ، لانعقاد ظهور السابق في الإقرار ، والثاني مجرد

٥٣٧

يلتفت إلى دعواه عدم قبض المبيع ، للتنافي (١) بين قوله : عليّ (٢) ، وكونه (٣) لم يقبض المبيع (٤) ، لأن مقتضاه (٥) عدم استحقاق المطالبة بثمنه مع ثبوته (٦) في

______________________________________________________

دعوى بعدم استحقاق التسليم عليه فلا يسمع ، وعن الشيخ في المبسوط والخلاف والقاضي ابن البراج وقواه الفخر ، ونفى العلامة عنه البعد قبول دعواه الأخيرة بعدم استحقاق التسليم عليه ، لأن قوله (من ثمن مبيع) مقبول من حيث اتصاله ، وهو أعم من كونه مقبوضا وغير مقبوض ، فإذا قال بعد ذلك : لم أقبضه ، فقد ذكر بعض محتملاته ، بل ذكر ما يوافق الأصل عند الشك ، إذ الأصل عدم القبض ، فعلى البائع حينئذ إثبات القبض.

وأما لو قال : له علي الف من ثمن مبيع لم أقبضه بحيث أتى بمجموع الكلام متصلا ، فيلزمه الألف ولا يسمع قوله (من ثمن مبيع لم أقبضه) كما عن العلامة والمحقق في النافع والشهيد في اللمعة هنا ، وهو المحكي عن الحلي وابن سعيد ، لأن أول كلامه إقرار بالألف ، وآخر كلامه مناف لذلك ، لأن الإقرار بالألف يقتضي ثبوت المال في ذمته على نحو يستحق أداؤه عليه ، وقوله : لم أقبضه يقتضي عدم تسليم المال ، وهذا مناف للأول فلا يسمع.

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف ومال إليه الشارح في المسالك أنه يسمع كلامه الثاني ، لأن الكلام جملة واحدة فلا ينعقد لأول الكلام ظهور حتى يتم ، ولذا ورد في صحيح هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يأخذ بأول الكلام دون آخره) (١) ، ولإمكان صدقه فيما أخبر به ، وأراد التخلص بالإقرار به ، فلو لم يقبل منه وألزم بخلاف ما أقر به لزم انسداد باب الإقرار بالواقع حيث يراد ، وهذا مناف للحكمة ، وعلى كل فالشهيدان هنا اقتصرا على الصورة الثالثة فقط.

(١) تعليل للزوم العشرة عليه مع عدم سماع دعواه الأخيرة.

(٢) وهذا يقتضي وجوب أدائها عليه.

(٣) أي وكون المقرّ.

(٤) وهذا يقتضي عدم استقرار الثمن في الذمة وعدم وجوب تسليمه إلى البائع قبل تسليم المثمن.

(٥) أي مقتضى (كونه لم يقبض البيع).

(٦) أي ثبوت الثمن في ذمة المشتري المقر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب القاضي حديث ٣ من كتاب القضاء.

٥٣٨

الذمة ، فإن البائع لا يستحق المطالبة بالثمن إلا مع تسليم المبيع.

وفيه نظر ، إذ لا منافاة بين ثبوته في الذمة (١) ، وعدم قبض المبيع (٢) ، إنما التنافي بين استحقاق المطالبة به (٣) مع عدم القبض (٤) وهو أمر آخر (٥) ، ومن ثمّ ذهب الشيخ إلى قبول هذا الاقرار ، لإمكان أن يكون عليه العشرة ثمنا ولا يجب التسليم قبل القبض ، ولأصالة عدم القبض وبراءة (٦) الذمة من المطالبة به ، ولأن للإنسان أن يخبر بما في ذمته ، وقد يشتري شيئا ولا يقبضه فيخبر بالواقع ، فلو ألزم بغير ما أقرّ به كان ذريعة إلى سد باب الاقرار (٧) ، وهو (٨) مناف للحكمة.

والتحقيق أن هذا (٩) ليس من باب تعقيب الاقرار بالمنافي ، بل هو اقرار بالعشرة ، لثبوتها في الذمة (١٠) ،

______________________________________________________

(١) كما هو مفاد لفظ (عليّ) في أول كلامه عند ما قال : له عليّ عشرة.

(٢) كما هو مفاد آخر كلامه عند ما قال : من ثمن مبيع لم أقبضه ، وعدم التنافي لأن الثمن يثبت ثبوتا غير مستقر.

(٣) بالثمن.

(٤) أي عدم قبض المبيع.

(٥) وفيه أن قوله (له علي عشرة) تقتضي ثبوت العشرة في الذمة على نحو يستحق أداؤها عليه حالا ، ولذا وقع التنافي بينه وبين آخر كلامه.

(٦) أي ولأصالة براءة ذمة المشتري من المطالبة بالثمن.

(٧) أي إلى سد باب الإقرار بالواقع حيث يراد.

(٨) وهو قوله (لم أقبضه).

(٩) أي سدّ باب الإقرار بالواقع.

(١٠) لأن كلامه الأخير (لم أقبضه) وصف زائد عن الإقرار ، فهو لا ينافي الإقرار كما لو وصف العشرة بوصف ما ، وبعبارة أخرى فالعشرة ثابتة على كل حال والنزاع في قبول قوله الأخير وعدمه ، واستحقاق المطالبة بالثمن وعدم قبض المثمن أمر آخر خارج عن مسألة الإقرار بالعشرة كما صرح بذلك الشارح سابقا.

وفيه أن التنافي حاصل من ظهور قوله (له عليّ عشرة) في استحقاق المطالبة حالا فلو ادعى عدم قبض المبيع فقد أتى بالمنافي ، ولذا كان موردنا من باب تعقيب الإقرار بالمنافي ، ولذا وقع النزاع بينهم في سماع كلامه الأخير وعدمه ، لأنه مع

السماع لا يكون الأول إقرارا لعدم تمامية الجملة ، ومع عدم السماع يكون الأول إقرارا فلا يسمع منافيه الذي أتى في آخر الكلام.

٥٣٩

وإن سلّم كلامه (١) فهو (٢) اقرار منضم إلى دعوى عين من أعيان مال المقر له ، أو شي‌ء في ذمته (٣) فيسمع الاقرار ولا تسمع الدعوى. وذكره (٤) في هذا الباب (٥) لمناسبة ما (٦).

(وكذا) يلزم بالعشرة لو أقر بها (٧) ثم عقّبه (٨) بكونها (٩) (من ثمن خمر أو خنزير (١٠) ، لتعقيبه الاقرار بما يقتضي سقوطه (١١) ، لعدم (١٢) صلاحية الخمر والخنزير مبيعا يستحق به (١٣) الثمن في شرع الإسلام.

نعم لو قال المقر : كان ذلك من ثمن خمر ، أو خنزير فظننته لازما لي ، وأمكن الجهل بذلك (١٤) في حقه ، توجهت دعواه وكان له تحليف المقر له على

______________________________________________________

(١) أي كلام القائل وأنه أتى بالمنافي بعد الإقرار.

(٢) أي كلامه إقرار بحسب أوله ، ومنضم إلى دعوى عين عند المقر له ، وأنها مبيع يجب تسليمها إلى المقرّ ، هذا إذا كان المبيع عينا ، وأما إذا لم يكن عينا فكلام المقرّ إقرار بالعشرة مع دعوى لشي‌ء مبيع ثابت في ذمة المقر له ، وأنه يجب تسليمه إلى المقر.

(٣) أي ذمة المقر له.

(٤) أي ذكر قول القائل : له عليّ عشرة من ثمن مبيع لم أقبضه.

(٥) أي باب تعقيب الإقرار بالمنافي.

(٦) وهو توهم عدم إلزامه بما أقرّ ، فلو سمعت دعواه الأخيرة فلا يلزم بالدفع الآن وإن ثبتت العشرة في الذمة ، وفيه أن إقراره الأول ظاهر في ثبوت المقر به في الذمة على نحو يقتضي الأداء فعلا فلذا يكون الثاني منافيا له ، ويكون من باب تعقيب الإقرار بالمنافي.

(٧) بالعشرة.

(٨) أي عقّب الإقرار بالعشرة.

(٩) أي بكون العشرة.

(١٠) لزمه المال بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، لأن قوله (له عليّ عشرة) يقتضي ثبوتها في الذمة ، وقوله (من ثمن خمر أو خنزير) يقتضي السقوط ، لعدم إمكان ثبوت مال ما ثمنا للخمر أو الخنزير في شرع الإسلام ، فلا يقبل المنافي للإقرار بعد ثبوته.

(١١) أي سقوط الإقرار.

(١٢) تعليل لسقوط الإقرار عند تعقيبه بقوله (من ثمن خمر أو خنزير).

(١٣) أي بالمبيع المذكور.

(١٤) بلزوم ثمن الخمر أو الخنزير.

٥٤٠