الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

إزالة ملك (١) ، وملك (٢) الكافر أضعف من ملك المسلم فهو أولى بقبول الزوال ، واشتراطه (٣) بنية القربة لا ينافيه (٤) ، لأن ظاهر الخبر السالف أن المراد منها (٥) إرادة وجه الله تعالى ، سواء حصل الثواب أم لم يحصل.

وهذا القدر ممكن ممن يقرّ بالله تعالى (٦). نعم لو كان الكفر بجحد الالهية مطلقا (٧) توجه إليه (٨) المنع (٩) ، وكونه (١٠) عبادة مطلقا (١١) ممنوع ، بل هو عبادة خاصة يغلب فيها (١٢) فك الملك فلا يمتنع (١٣) من الكافر مطلقا (١٤).

وقيل : لا يقع من الكافر مطلقا (١٥) نظرا إلى أنه (١٦) عبادة تتوقف على القربة ، وأن المعتبر (١٧) من القربة ترتب أثرها من الثواب ، لا مطلق طلبها (١٨) كما ينبه عليه (١٩)

______________________________________________________

(١) والكافر أهل للتصرف في ماله.

(٢) دليل ثالث.

(٣) أي اشتراط العتق.

(٤) لا ينافي العتق من الكافر.

(٥) من نية القربة.

(٦) هذا دليل من فصّل ، مع أن الشارح في مقام الاستدلال على صحة العتق من الكافر مطلقا.

(٧) من كل الجهات.

(٨) إلى الجاحد.

(٩) المنع من صحة العتق.

(١٠) وكون العتق.

(١١) أي محضة.

(١٢) في هذه العبادة الخاصة.

(١٣) أي العتق.

(١٤) أي أصلا.

(١٥) سواء كان جاحدا بالألوهية أم بالرسالة ، أم ببعض الضروريات.

(١٦) أي العتق.

(١٧) تتمة للدليل.

(١٨) أي طلب القربة.

(١٩) على أن المعتبر من القربة ترتب أثرها من الثواب.

٣٢١

حكمهم ببطلان صلاته ، وصومه ، لتعذر القربة منه ، فإن القدر المتعذّر هو هذا المعنى (١) ، لا ما ادعوه أولا (٢) ، ولأن (٣) العتق شرعا ملزوم للولاء (٤) ولا يثبت ولاء الكافر على المسلم (٥) ، لأنه (٦) ، سبيل منفي عنه (٧) ، وانتفاء اللازم (٨) يستلزم انتفاء الملزوم(٩):

وفي الأول (١٠) ما مرّ (١١).

وفي الثاني (١٢) أن الكفر مانع من الارث كالقتل (١٣) ، كما هو مانع في النسب.

______________________________________________________

(١) وهو ترتب أثرها من الثواب في حق الكافر حيث إنه ممنوع من دخول الجنة ، ولا ثواب إلا بدخولها.

(٢) وهو إرادة وجه الله تعالى سواء حصل الثواب أم لم يحصل.

(٣) دليل ثان على عدم صحة العتق من مطلق الكافر.

(٤) أي ولاء العتق ، فيرث الكافر من أعتقه عند موته على تقدير عدم وجود القريب النسبي.

(٥) وهذا يتم بناء على كون المعتق مسلما مع أن المدعي أعم.

(٦) أي الولاء المذكور.

(٧) عن المسلم كما في قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)(١).

(٨) من نفي الولاء.

(٩) وهو نفي العتق.

(١٠) أي الدليل الأول على عدم صحة العتق من مطلق الكافر ، لأن المعتبر من القربة ترتب أثرها من الثواب.

(١١) من كون المراد من القربة هو طلب وجه الله تعالى سواء حصل الثواب أم لم يحصل.

(١٢) أي في الدليل الثاني من كون العتق من مطلق الكافر مستلزما لثبوت ولاء الكافر على المسلم ، وهو منفي شرعا.

(١٣) وحاصله منع الملازمة بين صحة العتق من مطلق الكافر وبين ثبوت ولاء الكافر على المسلم ، وهو منفي شرعا ، ووجه المنع أن الكفر مانع عن الإرث في الولاء كما هو مانع عن الإرث في النسب ، ومثله مثل القتل في الموانع ، وعليه فلا ملازمة لوجود المانع لا لعدم المقتضي.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٤٠.

٣٢٢

والحق أن اتفاقهم على بطلان عبادته (١) من الصلاة ، ونحوها (٢) ، واختلافهم في عتقه ، وصدقته ، ووقفه (٣) عند من يعتبر نية القربة فيه (٤) يدل على أن لهذا النوع (٥) من التصرف المالي حكما ناقصا (٦) عن مطلق العبادات من حيث المالية ، وكون (٧) الغرض منها (٨) نفع الغير فجانب المالية فيها أغلب من جانب العبادة ، فمن ثمّ وقع الخلاف فيها (٩) ، دون غيرها من العبادات ، والقول بصحة عتقه (١٠) متجه مع تحقق قصده إلى القربة (١١) وإن لم يحصل لازمها (١٢).

(وكونه) بالجر عطفا على مباشرة الكافر أي والأقرب صحة كون الكافر(محلا) للعتق بأن (١٣) يكون العبد المعتق كافرا ، لكن(بالنذر (١٤) لا غيره) بأن ينذر

______________________________________________________

(١) أي عبادة الكافر.

(٢) كالصيام والحج التي تكون عبادة محضة.

(٣) مما هو مشتمل على جانب المالية.

(٤) في الوقف.

(٥) من أنواع العبادات.

(٦) وهو صحته من الكافر إن تحقق منه قصد القربة وإن لم يترتب عليها أثرها من الثواب.

(٧) عطف على المالية.

(٨) من العبادة المالية كالوقف والصدقة والعتق.

(٩) في العبادة المالية.

(١٠) أي عتق الكافر.

(١١) وذلك عند عدم جحوده بالألوهية.

(١٢) أي لازم القربة ، وهو الثواب ، وعدم حصوله لاقتناع دخول الكافر الجنة ، وعدم حصول الثواب خارج عن الشرط المعتبر في صحة العتق ، إذ المعتبر قصد القربة لا تحقق الثواب.

(١٣) تفسير كون الكافر محلا للعتق.

(١٤) ذهب الأكثر إلى اشتراط إسلام المملوك المعتق لقوله تعالى : (وَلٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (١) وعتق الكافر إنفاق للخبيث في سبيل الله ، وهو منهي عنه والنهي يقتضي الفساد ، ولعدم كون محلا للتقرب إلى الله تعالى ، والتقرب شرط في صحة العتق ، ولخبر سيف بن عميرة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيجوز للمسلم أن يعتق مشركا؟ قال : لا) (٢).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٦٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٥.

٣٢٣

عتق مملوك بعينه وهو كافر ، أما المنع من عتقه (١) مطلقا (٢) فلأنه (٣) خبيث وعتقه انفاق له (٤)

______________________________________________________

وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن سعيد في الجامع عدم الاشتراط وأنه يصح عتق الكافر مطلقا لخبر الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام أعتق عبدا له نصرانيا فأسلم حين أعتقه) (١).

وعن الشيخ في النهاية والاستبصار أنه يصح عتق الكافر مطلقا مع النذر لا مع عدمه جمعا بين الخبرين السابقين بحمل فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام عند ما أعتق النصراني على أنه قد نذر عتقه لئلا ينافي النهي عن عتقه مطلقا كما في خبر سيف.

وفي الأخير ضعف ظاهر إذ الجمع تبرعي لا شاهد له من الأخبار أو العرف ، على أن النذر مشروط برجحان متعلقه المنذور قبل النذر ، والمفروض أنه منهي عنه قبل النذر فلا رجحان ، ومعه لا ينعقد النذر حتى يحمل الخبر عليه.

وفي الأول ضعف ظاهر أيضا ، لأن النهي عن الإنفاق الخبيث لا يستلزم تحريم عتق الكافر ، لأن الخبيث هو الردي‌ء من المال والإنفاق هو الإعطاء إلى الفقير وأين هذا من عتق الكافر ، لأن العتق فك ملك في سبيل الله وفك الملك وإن كان إنفاقا إلا أنه إنفاق من حيث مالية الكافر لا من حيث اعتقاده الخبيث ، وربما كانت ماليته خيرا من مالية العبد المسلم ، فالكافر من حيث ماليته ليس بخبيث ، ولو سلم أن النهي عن إنفاق الخبيث في سبيل الله يشمل عتق الكافر فالنهي المذكور مختص بالصدقة الواجبة لا المستحبة ، للإجماع ولجواز الصدقة المستحبة بالردي‌ء من المال والجيد.

وأما كونه ليس محلا للتقرب إلى الله تعالى فمردود لتوقع إسلامه بعد العتق ، وهو أمر محبوب عند الله فيصح التقرب حينئذ.

نعم خبر سيف الناهي عن عتق المشرك معارض بخبر ابن صالح الدال على الجواز ، وكلاهما ضعيف السند إلا أن خبر سيف مجبور بعمل الأصحاب فلا بد من العمل فيه ، ومنه تعرف ضعف القول الثاني.

(١) من عتق الكافر.

(٢) وإن كان منذورا.

(٣) أي الكافر.

(٤) للخبيث.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

٣٢٤

في سبيل الله ، وقد نهى الله تعالى عنه (١) بقوله : (وَلٰا تَيَمَّمُوا (٢) الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (٣) ، ولاشتراط القربة فيه (٤) كما مر ، ولا قربة في الكافر ، ولرواية سيف بن عميرة عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته أيجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال : «لا».

وأما جوازه (٥) بالنذر فللجمع بين ذلك (٦) ، وبين ما روي «أن عليا عليه‌السلام أعتق عبدا نصرانيا فأسلم حين أعتقه» بحمله (٧) على النذر.

والأولى (٨) على عدمه (٩).

وفيهما (١٠) معا نظر ، لأن (١١) ظاهر الآية ، وقول المفسرين أن الخبيث هو الردي‌ء من المال يعطى الفقير. وربما كانت المالية في الكافر خيرا من العبد المسلم ، والانفاق لماليته ، لا لمعتقده الخبيث ، ومع ذلك فالنهي (١٢) مخصوص بالصدقة الواجبة ، لعدم تحريم الصدقة المندوبة بما قلّ وردء حتى بشقّ تمرة اجماعا.

والقربة (١٣) يمكن تحققها في عتق المولى (١٤) الكافر المقر بالله تعالى الموافق (١٥)

______________________________________________________

(١) عن إنفاق الخبيث في سبيل الله.

(٢) أي لا تقصدوا.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٦٧.

(٤) في العتق.

(٥) جواز عتق الكافر.

(٦) بين ما دل على المنع من عتقه.

(٧) بحمل ما روى من فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٨) وهي رواية سيف بن عميرة.

(٩) أي عدم النذر.

(١٠) أي في القولين السابقين.

(١١) شروع في رد دليل المنع ، وهذا رد للدليل الأول.

(١٢) أي النهي في الآية المتقدمة.

(١٣) رد للدليل الثاني من أدلة المنع.

(١٤) من باب إضافة المصدر إلى فاعله كما هو واضح.

(١٥) مفعول به لقوله (في عتق المولى).

٣٢٥

له (١) في الاعتقاد ، فإنه يقصد به (٢) وجه الله تعالى كما مر وإن لم يحصل الثواب ، وفي المسلم (٣) إذا ظن القربة بالإحسان إليه (٤) ، وفك رقبته من الرق ، وترغيبه في الإسلام كما روي من فعل علي عليه الصلاة والسلام ، وخبر (٥) سيف مع ضعف سنده (٦) أخص من المدعى (٧) ، ولا ضرورة (٨) للجمع حينئذ (٩) بما لا يدل عليه اللفظ (١٠) أصلا ، فالقول بالصحة مطلقا (١١) مع تحقق القربة (١٢) متجه ، وهو (١٣) مختار المصنف في الشرح (١٤).

(ولا يقف العتق على إجازة المالك) لو وقع من غيره (١٥) ، (بل يبطل عتق)

______________________________________________________

(١) للمولى.

(٢) أي فإن المولى يقصد بعتق موافقه في الاعتقاد.

(٣) أي وفي عتق المسلم للكافر يحصل قصد التقرب إلى الله بما إذا ظن المولى المسلم أن الإحسان إلى الكافر قربة إلى الله ، من حيث أن فك رقبته من الرق ترغيب له في الإسلام.

(٤) إلى الكافر عند عتقه.

(٥) رد للدليل الثالث من أدلة المنع.

(٦) لأنه مشتمل على ابن أبي حمزة البطائني ، وهو واقفي خبيث.

(٧) إذ هو وارد في المشرك والمدعي المنع من عتق مطلق الكافر.

(٨) شروع في رد دليل الجواز المشروط بالنذر.

(٩) أي حين ضعف سند الخبر الدال على المنع مع أنه أخص من المدعى.

(١٠) وهو لفظ الخبرين ، فيكون جمعا تبرعيا.

(١١) وإن لم يكن منذورا كما هو مقتضى خبر الحسن بن صالح المتقدم ، وفيه أنه ضعيف السند أيضا مع كون خبر سيف المتقدم منجبرا بعمل الأصحاب.

(١٢) في عتق المملوك الكافر ، وإلا فلا يصح العتق.

(١٣) أي القول بالصحة مطلقا.

(١٤) أي شرح الإرشاد.

(١٥) أي لو وقع العتق من غير المالك ، هذا واعلم أنه لو أعتق غير المالك لم ينفذ عتقه وإن أجازه المالك على المشهور كما في المسالك ، وقد نفى الخلاف فيه في كشف اللثام والرياض ، لخبر مسمع بن سيّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا عتق إلا بعد ملك) (١) ، وهو

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ صمن كتاب العتق حديث ٢.

٣٢٦

(الفضولي) من رأس اجماعا ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا عتق إلا في ملك» ، ووقوعه (١) من غيره بالسراية خروج (٢) عن المتنازع واستثناؤه (٣) إما منقطع ، أو نظرا إلى مطلق الانعتاق ، ولو علق غير المالك العتق بالملك لغى (٤) ،

______________________________________________________

دال على نفي الصحة ، لأنه أقرب المجازات إلى نفي الحقيقة المتعذرة ، ولخبر ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أعتق ما لا يملك فلا يجوز) (١) وما عن ابن أبي ليلى من العامة نفوذ عتق الفضولي مع إجازة المالك وتقويم العبد عليه إن كان موسرا ضعيف بما سمعت.

(١) أي وقوع العتق من غير المالك بالسراية ، والحاصل أن الشريك لو أعتق حصته من العبد لسرى العتق إلى حصة شريكه كما سيأتي ، وهذه السراية عتق من الشريك الأول ، وهو عتق في ملك الغير وهذا مناقض للخبر المتقدم (لا عتق إلا بعد ملك).

(٢) ردّ على الإشكال المتقدم ، والحاصل أن السراية عتق قهري ، والكلام في العتق الاختياري المباشري فلا إشكال.

(٣) أي استثناء العتق القهري الحاصل بالسراية من تحت قاعدة (لا عتق إلا بعد ملك) إما استثناء منقطع باعتبار أن المراد من العتق في القاعدة هو العتق الاختياري المباشري ، وإما استثناء متصل باعتبار أن المراد من العتق في القاعدة هو مطلق الإعتاق الشامل للاختياري والقهري.

(٤) بحيث لو قال غير المالك للعبد : إن ملكتك فأنت حر ، لم ينعتق مع الملك ، بلا خلاف فيه ، لأنه فضولي من غير المالك فلا يقع ، ولأنه تعليق للعتق على الشرط ، وتعليقه مبطل له ، لأن التعليق مناف للجزم في إنشاء العتق وللمرسل في الدعائم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل يقول : إن اشتريت غلاما فهو حر لوجه الله ، وإن اشتريت هذا الثوب فهو صدقة لوجه الله ، وإن تزوجت فلانة فهي طالق فقال عليه‌السلام : ليس ذلك كله بشي‌ء ، إنما يعتق ويطلق ويتصدق بما يملك) (٢) ، نعم يصح تعليق العتق على موت المولى وهو التدبير ، والأصحاب خصوه بمورده للنص وسيأتي البحث فيه ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالتعليق مبطل سواء كان على الشرط أو الصفة ، وقد تقدم مرارا الفرق بينها وأن الشرط ما جاز وقوعه في الحال وعدمه كمجي‌ء زيد ، والصفة ما لا يحتمل وقوعها في الحال ويتعين وقوعها فيما بعد كطلوع الشمس في الغد إذا تقرر بطلان العتق لو علقه غير المالك على الملك فيستثنى منه ما لو جعله نذرا وما في معناه كقوله : لله عليّ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب العتق حديث ٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ صمن كتاب العتق حديث ٧.

٣٢٧

إلا أن يجعله (١) نذرا ، أو ما في معناه (٢) ، كلله عليّ اعتاقه إن ملكته ، فيجب (٣) عند حصول الشرط ويفتقر إلى صيغة العتق (٤) وإن (٥) قال : لله عليّ أنه حر إن ملكته على الأقوى.

وربما قيل : بالاكتفاء هنا (٦) بالصيغة الأولى (٧) ، اكتفاء بالملك الضمني كملك القريب آنا ثم يعتق (ولا يجوز تعليقه (٨) على شرط (٩) كقوله : أنت حر إن

______________________________________________________

إعتاقه إن ملكته ، فيجب عتقه عند حصول الشرط لعموم الأمر بالوفاء بالنذر ، وكذا اليمين والعهد.

نعم لا ينعتق العبد بنفسه عند حصول الشرط ، لأن العتق مشروط بانتقال العبد إلى ملك الناذر ولو آنا ما قبل العتق فيتعين عتقه بصيغة العتق حينئذ ، وعن ابن حمزة وهو ظاهر الشهيد صيرورته حرا بدون صيغة العتق لو كان صيغة النذر : لله عليّ أنه حرّ إن ملكته واشتراط انتقاله إلى ملك الناذر مسلّم إلا أنه يكفي الملك الضمني كملك القريب آنا ثم يعتق فيما لو ملك الذكر أحد العمودين أو المحارم من نسائه كأخته وعمته وخالته.

وأجيب أن الالتزام بالملك الضمني لقيام الدليل على انعتاق القريب إذا تملكه قريبه فمقتضى الجمع بينه وبين ما دل على أنه (لا عتق إلا في ملك) يقتضي الالتزام بوجود الملك الضمني آنا ما ثم يعتق.

وأما في المقام فلا دليل على انعتاقه بهذه الصيغة كي يلتزم بالتقدير المذكور ، وأدلة النذر تقتضي وجوب الوفاء بالمنذور على شرائطه الشرعية ، ولا عتق إلا بصيغته فلا بد من الصيغة حينئذ ، نعم لو كانت الصيغة : لله عليّ إعتاقه إن ملكته فلا بد من صيغة العتق بالاتفاق.

(١) ضمير الفاعل راجع إلى غير المالك ، وضمير المفعول راجع إلى عتق العبد إن ملكه.

(٢) من اليمين والعهد.

(٣) أي يجب العتق وفاء للنذر عند حصول شرطه من التملك.

(٤) والافتقار متفق عليه هنا.

(٥) وصلية.

(٦) لو كانت صيغة النذر : لله علي أنه حر إن ملكته.

(٧) وهي صيغة النذر من دون حاجة إلى صيغة العتق.

(٨) أي تعليق العتق عند إنشائه.

(٩) أي شرط بالمعنى الأعم ، فيعم الشرط والصفة.

٣٢٨

فعلت كذا (١) ، أو إذا طلعت الشمس (٢) ، (إلا في التدبير فإنه) يجوز أن(يعلق بالموت) كما سيأتي(لا بغيره (٣) ، وإلا (٤) في النذر (٥) حيث لا يفتقر إلى صيغة (٦) إن قلنا به.

(نعم لو نذر عتق عبده عند شرط (٧)

______________________________________________________

(١) تمثيل للشرط.

(٢) تمثيل للصفة ، وقد تقدم تحقيق معناهما.

(٣) أي لا يجوز التعليق في التدبير بغير الموت ، وسيأتي البحث فيه في محله.

(٤) استثناء ثان من عدم جواز تعليق العتق على الشرط.

(٥) وهو النذر الذي لا يحتاج إلى صيغة العتق كما عن بعض على ما تقدم.

(٦) أي صيغة العتق.

(٧) الفرق بينه وبين ما تقدم ، أن ما تقدم كان عن نذر عتق عبد الغير على تقدير تملكه ، وهنا عن نذر عتق عبده عند حصول شرط سائغ هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد عرفت أنه لا يصح تعليق العتق على شرط أو صفة لأنه مناف للجزم ومن جهة ثالثة قد حرر في باب الإيمان والنذور مشروعية التعليق في النذر.

وعليه فلو نذر عتق عبده عند حصول شرط سائغ فلا يخلو إما أن ينذر إعتاقه أو انعتاقه ، والأول كما لو قال : لله علي إعتاق عبدي إن فعل كذا وهو نذر السبب ، والثاني كما لو قال لله علي أنه حر إن فعل كذا ، وهو نذر النتيجة. ولا إشكال في انعقاد النذر وصحته لعموم أدلته ، ولا إشكال في الاحتياج إلى صيغة العتق في الأول لأنه نذر بالعتق ولا عتق إلا بالصيغة ، وإنما الكلام في الاحتياج إلى صيغة العتق في الثاني فظاهر المتن والشرح أنه لا يحتاج إلى صيغة العتق بالخصوص بل تكفي صيغة النذر المعلّقة على الشرط ، وهذا استثناء من تعليق صيغة العتق على الشرط المحكوم ببطلانها سابقا وفيه :

أولا : أنه ليس ذلك من العتق بالصيغة معلقا ، بل هو العتق بالنذر الذي ثبت فيه مشروعية التعليق ، والبحث في إنشاء العتق بصيغته معلّقا.

وثانيا : منع انعقاد النذر إذا تعلق بالآثار والنتائج التي أوقفها الشارع على صيغ خاصة كالنكاح والطلاق والعتق ، وكذا الكلام لو نذر كون المال لزيد ، لأن تمليك الغير مالا بحاجة إلى سبب ، والنذر بما هو نذر ليس من أسباب تمليك الغير ، نعم النذر سبب في وجوب الوفاء بالمنذور ، وعليه فلا بد أن يكون النذر متعلقا بأسباب تمليك الغير.

وثالثا : أنه لا فرق بينه وبين ما تقدم من ناحية نذر العتق المعلّق فلو تم العتق هنا عند تحقق شرط النذر من دون احتياج إلى صيغة العتق ثم هناك ، مع أنهما غير ملتزمين به هناك.

٣٢٩

سائغ (١) على ما فصّل (٢) (انعقد) النذر وانعتق مع وجود الشرط إن كانت الصيغة أنه (٣) إن كان كذا من الشروط السائغة فعبدي حر (٤). ووجب عتقه (٥) إن قال : فلله عليّ أن اعتقه.

والمطابق للعبارة (٦) الأول (٧) ، لأنه (٨) العتق المعلق (٩) ، لا الثاني (١٠) فإنه (١١) الاعتاق.

ومثله (١٢) القول فيما إذا نذر أن يكون ماله صدقة ، أو لزيد (١٣) أو أن يتصدق به ، أو يعطيه لزيد (١٤) فإنه (١٥) ينتقل عن ملكه بحصول الشرط في الأول (١٦) ،

______________________________________________________

(١) أي غير مخالف للكتاب أو السنة ، وهو الشرط المشروع.

(٢) أي على ما فصل قريبا في صيغة النذر بحيث تارة تتعلق بالإعتاق وأخرى بالانعتاق.

(٣) أي الشأن والواقع.

(٤) فالنذر قد تعلق بالانعتاق ، وهو نذر النتيجة والأثر.

(٥) عطف على قوله (وانعتق مع وجود الشرط) ، والمعنى انعقد النذر ووجب عتقه عند وجود الشرط إن قال : فلله عليّ أن أعتقه ، ويكون النذر قد تعلق بالإعتاق ، وهو المسمى بنذر السبب.

(٦) أي عبارة المتن عند قوله : (نعم لو نذر عتق عبده عند شرط).

(٧) وهو نذر النتيجة.

(٨) أي الأول.

(٩) والماتن يريد الاستثناء من عدم انعقاد العتق المعلّق ، وفيه : أن الأول قد عرفت أنه نذر معلّق وليس بعتق معلّق بمعنى إنشاء العتق بصيغته معلّقا.

(١٠) وهو نذر السبب.

(١١) فإن الثاني إعتاق ولا بد له من صيغة عند تحقق النذر ، فلا تكون صيغة النذر كافية في عتقه حتى تكون استثناء من صيغ العتق المعلّقة المحكوم ببطلانها.

(١٢) أي ومثل نذر عتق العبد عند شرط.

(١٣) أي ملكا لزيد ، وهذان مثالان لنذر النتيجة.

(١٤) وهذان مثالان لنذر السبب.

(١٥) أي فإن المال المنذور.

(١٦) أي في المثال الأول وهو ما لو نذر أن يكون ماله صدقة.

٣٣٠

ويصير ملكا لزيد قهريا (١) ، بخلاف الأخير (٢) ، فإنه (٣) لا يزول ملكه به (٤) ، وإنما يجب أن يتصدق ، أو يعطي زيدا (٥) فإن لم يفعل (٦) بقي على ملكه (٧) وإن حنث. ويتفرع على ذلك (٨) ابراؤه (٩) منه قبل القبض (١٠) فيصح (١١) في الأول (١٢) ، دون الثاني (١٣).

(ولو شرط عليه (١٤) في صيغة العتق(خدمته (١٥)

______________________________________________________

(١) في المثال الثاني وهو ما لو نذر أن يكون ماله ملكا لزيد ، وكلاهما من أمثلة نذر النتيجة.

(٢) وهو نذر السبب بكلا مثاليه.

(٣) أي الشأن والواقع.

(٤) أي لا يزول ملك الناذر بسبب النذر.

(٥) لأنه نذر السبب ، فلا بد من الإيتاء بالسبب المنذور عند تحقق النذر.

(٦) أي لم يفعل الناذر من التصدق أداء الإعطاء.

(٧) أي بقي المنذور على ملك الناذر.

(٨) على التفرقة بين نذر النتيجة ونذر السبب.

(٩) إبراء الناذر من الدفع ، وهو من باب إضافة المصدر إلى مفعوله.

(١٠) وبعد حصول الشرط.

(١١) أي يصح إبراء الناذر من الدفع.

(١٢) وهو نذر النتيجة.

(١٣) أي نذر السبب ، لأن المنذور له لا يملكه في الثاني إلا بعد القبض ، فلا يصح الإبراء منه قبل القبض ، لأنه إسقاط ما لم يجب ، هذا وقد عرفت الإشكال في نذر النتيجة ومنه تعرف الإشكال فيما قدمه الشارح هنا فلا نعيد.

(١٤) على العبد.

(١٥) إذا شرط على العبد أمرا سائغا في نفس العتق صح العتق والشرط ، فيصح العتق لعموم أدلته ، ويصح الشرط لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ، ولخصوص أخبار.

منها : صحيح أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل قال : غلامي حر وعليه عمالة كذا وكذا ، قال : هو حر وعليه العمالة) (٢) ، وخبر عبد الرحمن عن أبي عبد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

٣٣١

مدة مضبوطة (١) متصلة بالعتق ، أو منفصلة ، أو متفرقة مع الضبط(صح) الشرط والعتق ، لعموم «المؤمنون عند شروطهم» ، ولأن منافعه المتجددة ورقبته ملك للمولى فإذا أعتقه بالشرط فقد فك رقبته ، وغير المشترط من المنافع ، وأبقى (٢) المشترط على ملكه فيبقى استصحابا للملك ، ووفاء بالشرط.

وهل يشترط قبول العبد الأقوى العدم ، وهو (٣) ظاهر إطلاق العبارة (٤) لما ذكرناه (٥).

ووجه اشتراط قبوله (٦) أن الاعتاق يقتضي التحرير ، والمنافع تابعة فلا يصح

______________________________________________________

الله عليه‌السلام (أوصى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : إن أبا نيزر ورباحا وجبيرا أعتقوا على أن يعملوا في المال خمس سنين) (١) ومثلها غيرها.

هذا ويكون عتقا مع شرط لا عتقا معلقا على شرط هذا من جهة ومن جهة أخرى لا فرق بين كون الشرط خدمة لمدة معينة أو مالا معينا أو غيرهما ، وإنما الكلام في اعتبار قبول المملوك ورضاه بالشرط وعدمه فظاهر الشرائع أنه لا يشترط القبول من المملوك لأن المشترط مالك له ومستحق لمنافعه وكسبه ، وله الضريبة المقدورة من العبد فهي إيجاب مال من كسبه ، فإذا شرط عليه خدمة أو مالا فقد فكّ ملكه عنه وعن منافعه واستثنى بعضها ، فيبقى هذا البعض على ملك المولى استصحابا ووفاء بالشرط بالإضافة إلى إطلاق النصوص المتقدمة التي لم تشترط قبول العبد.

وقيل يشترط قبوله مطلقا ـ كما عن العلامة في التحرير ـ لاقتضاء التحرير والعتق تبعية المنافع فلا يصح اشتراط شي‌ء منها إلا بقبول المملوك ، وفصّل ثالث وهو العلامة في القواعد فشرط رضاه إن كان المشروط عليه مالا ، ونفاه إن كان خدمة ، والفرق أن الخدمة مستحقة للمولى بالأصالة فشرطها كاستثناء بعض العبد عن النقل بخلاف شرط المال فإنه غير مملوك للمولى فلا بد من رضا العبد في اشتراطه عليه ويدل عليه صحيح حريز وسيأتي التعرض له.

(١) لا بد من التعيين حتى لا يتجهل الشرط فيبطل للغرر.

(٢) أي المولى.

(٣) عدم اشتراط القبول.

(٤) عبارة الماتن لعدم ذكره القبول.

(٥) من كون العبد رقبة ومنفعة ملكا للمولى فيجوز له فك رقبته وبعض منافعه دون البعض الآخر.

(٦) قبول العبد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب العتق حديث ١.

٣٣٢

شرط شي‌ء منها (١) ، إلا بقبوله.

وهل تجب على المولى نفقته (٢) في المدة المشترطة قيل : نعم ، لقطعه (٣) بها (٤) عن التكسب.

ويشكل بأنه لا يستلزم وجوب النفقة كالأجير (٥) ، والموصى بخدمته.

والمناسب للأصل (٦) ثبوتها من بيت المال ، أو من الصدقات (٧) لأن أسباب النفقة مضبوطة شرعا وليس هذا (٨) منها ، وللأصل (٩) ، وكما يصح اشتراط الخدمة يصح اشتراط شي‌ء معين من المال ، للعموم.

لكن الأقوى هنا (١٠) اشتراط قبوله (١١) ، لأن المولى لا يملك إثبات مال في ذمة العبد ، ولصحيحة (١٢) حريز عن الصادق عليه‌السلام.

______________________________________________________

(١) من المنافع.

(٢) نفقة العبد ، وقع النزاع بينهم في أنه إذا شرط المولى عليه خدمة لمدة معينة بعد العتق فهل تجب نفقة العبد المعتق مدة الخدمة على المعتق كما عن ابن الجنيد لقطعه عن التكسب ، أو لا تجب كما عن غيره ، لأن النفقة تابعة للملك والمفروض زواله ، وحينئذ ينعتق عليه من بيت المال أو يستثنى له تكسب مقدار قوته.

(٣) أي لقطع العبد.

(٤) بالخدمة المشترطة.

(٥) تمثيل للمنفي.

(٦) أي علق مدة الشرعية من أنه من لا كسب له وهو غير قادر عليه فنفقته من بيت المال.

(٧) أي الصدقة الواجبة أعني الزكاة.

(٨) أي اشتراط خدمته لمولاه.

(٩) أي أصل البراءة من عدم وجوب الإنفاق على المولى.

(١٠) في اشتراط المال.

(١١) أي قبول العبد ، وهذا هو التفصيل وقد تقدم.

(١٢) فقد رواها الكافي والفقيه عن حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولي مالك ، قال : لا يبدأ بالحرية قبل المال فيقول له : لي مالك وأنت حر ، إن يرضى المملوك فالمال للسيد) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من كتاب العتق حديث ٥.

٣٣٣

وقيل : لا يشترط (١) كالخدمة ، لاستحقاقه (٢) عليه (٣) رقا السعي في الكسب كما يستحق الخدمة ، فإذا شرط عليه مالا فقد استثنى من منافعه بعضها.

وضعفه ظاهر (٤).

وحيث يشترط الخدمة لا يتوقف انعتاقه على استيفائها (٥) فإن وفى بها (٦) ، في

______________________________________________________

(١) أي لا يشترط قبول المملوك في اشتراط المال.

(٢) أي استحقاق المولى.

(٣) على العبد حال كونه رقا.

(٤) لأن المولى لا يستحق على العبد حال كونه رقا تحصيل المال ، وإنما يستحق بذل العمل وإن لم يكسب بالإضافة إلى معارضته لصحيح حريز المتقدم.

(٥) لو شرط في صيغة العتق خدمة زمان معين صح العتق والشرط على ما تقدم ، وينعتق العبد بلا خلاف ، فلو قضى العبد آبقا تلك المدة وقد أخلّ بالخدمة لم يعد في الرق بلا خلاف أيضا ولا إشكال ، بل حتى لو أراد المولى إعادته فلا يعود استصحابا لحريته التي ثبتت بصيغة العتق.

ثم ليس للمالك ولا الورثة إلزامه بالخدمة في مثلها من المدة قطعا ، لأن الزمان المعيّن للخدمة قد فات ، وهي ليست مثلية ، ولكن هل يثبت للمولى أو لورثته مطالبة المعتق بأجرة مثل الخدمة في تلك المدة أو لا؟ فعن الشيخ في النهاية وابن الجنيد وجماعة العدم لصحيح يعقوب بن شعيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا) (١).

وعن المحقق وابن إدريس ومشهور المتأخرين لزوم الأجرة ، لأن الخدمة في زمن معين حق متقوم بالمال فيثبت على من فوّته قيمته ، وهي أجرة المثل ، والخبر الصحيح المتقدم لا ينافيه ، لأنه نفى استخدامها ونحن نقول به ، لأن مدة الخدمة المعينة قد فاتت ، وهي ليست مثلية حتى تلزم بالخدمة فى مثلها ، وإنما عليها أجرة المثل ، والحاصل أن نفي الاستخدام كما في الخبر لا يقتضي نفي الاجرة الثابتة لهم عوضا عما فات عليهم من الحق.

(٦) بالخدمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب العتق حديث ١.

٣٣٤

وقتها وإلا استقرت أجرة مثلها (١) في ذمته ، لأنها (٢) مستحقة عليه وقد فاتت فيرجع إلى أجرتها ، ولا فرق بين المعتق ، ووارثه في ذلك (٣).

(ولو شرط (٤) عوده في الرق إن خالف شرطا) شرطه عليه في صيغة العتق(فالأقرب بطلان العتق (٥) ، لتضمن الشرط عود من تثبت حريته رقا وهو (٦) غير جائز (٧) ، ولا يرد مثله في المكاتب المشروط (٨) ، لأنه (٩)

______________________________________________________

(١) أي مثل الخدمة في الزمن المعيّن.

(٢) أي الخدمة في الزمن المعين.

(٣) في أنه لا يستحق استخدامها بعد فوات زمن الخدمة ، وإنما له أجرة المثل.

(٤) أي شرط المولى عود العبد إلى الرق إن خالف شرطا قد اشترطه عليه في صيغة العتق ، فعن الشيخ في النهاية والقاضي وجماعة أعيد إلى الرق مع المخالفة عملا بالشرط لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ، ولموثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يعتق مملوكه ويزوّجه ابنته ويشترط عليه إن هو أغارها أن يردّه في الرق ، قال : له شرطه) (٢).

وعن المحقق في نكت النهاية الحكم بشذوذ الرواية وضعف سندها ومنافاتها لأصول المذهب لأنه اشتراط لاسترقاق من ثبتت حريته فيكون شرطا غير سائغ ويتبعه بطلان العتق ، لأن العتق قد قصد بناء على كونه مشروطا ، وإذا فسد الشرط فسد المشروط ، ولذا حكم ببطلان الشرط والعتق وعن ابن إدريس بطلان الشرط دون العتق وتبعه عليه فخر المحققين ، أما بطلان الشرط فلما تقدم ، وأما صحة العتق فلبناء العتق على التغليب.

(٥) والشرط معا.

(٦) أي الشرط.

(٧) أي غير مشروع فيكون فاسدا ومفسدا فيبطل العتق.

(٨) حيث يعتقه مولاه بشرط أن يدفع مالا ويقول له : فإن عجزت فأنت رد في الرق ، فهو عتق مشروط بشرط متضمن لعود من ثبتت حريته رقا ، ويجب أن يكون العتق باطلا مع أنه صحيح بالاتفاق.

(٩) تعليل لعدم الورود ، والحاصل أن المكاتب المشروط لم يخرج عن الرقية وإن تشبث بالحرية فلم يعد إلى الرقية إذ لم يخرج عنها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب العتق حديث ٣.

٣٣٥

لم يخرج عن الرقية وإن تشبث بالحرية بوجه (١) ضعيف ، بخلاف المعتق بشرط (٢). وقول (٣) السيد للمكاتب فأنت ردّ في الرق يريد (٤) به الرق المحض (٥) ، لا مطلق (٦) الرق. وقيل : يصح الشرط ويرجع بالاخلال (٧) للعموم (٨) ، ورواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام أنه سأله عن الرجل يعتق مملوكه ، ويزوجه ابنته ، ويشترط عليه إن أغارها (٩) أن يردّه في الرق. قال : «له شرطه». وطريق الرواية ضعيف (١٠) ومتنها (١١) مناف للأصول ، فالقول بالبطلان أقوي ، وذهب بعض الأصحاب إلى صحة العتق ، وبطلان الشرط ، لبنائه (١٢) على التغليب ، ويضعّف بعدم القصد إليه (١٣)

______________________________________________________

(١) وهو تحرره على تقدير وفائه بتمام المال المشروط عليه.

(٢) فقد خرج عن الرقية فاشتراط عوده إليها فاسد ، بخلاف اشتراط عود العبد الذي لم يخرج عن الرقية إليها.

(٣) دفع وهم ، أما الوهم أن المكاتب المشروط لو لم يخرج عن الرقية فكيف جاز للسيد أن يقول له : أنت رد في الرق.

(٤) دفع الوهم وحاصله أن المكاتب لم يخرج عن الرقية ومعنى قول السيد لعبده : فإن عجزت فأنت رد في الرق المحض الذي ليس بكتابة ، لا أن المراد فإن عجزت فأنت رد في مطلق الرق ، لأن الرد إلى مطلق الرق فرع كونه حرا وقد عرفت عدم حريته.

(٥) الذي ليس بكتابة.

(٦) ومطلق الرق مسبوق بالحرية وقد عرفت عدم حريته.

(٧) أي إخلال الشرط من قبل العبد وهذا الإخلال شرط في عوده إلى الرقية ، وهو شرط نافذ لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

(٨) أي عموم (المؤمنون عند شروطهم) (٢).

(٩) أغار فلان أهله أي تزوج عليها.

(١٠) لاشتماله على إبراهيم بن هاشم ، وهو لم يمدح ولم يذم ، وقد تقدم مرارا أنه من شيوخ الإجازة ، وهذا ما يغني عن توثيقه.

(١١) لتضمنه عود الرق بعد الحرية.

(١٢) أي بناء العتق.

(١٣) إلى العتق.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٣٣٦

مجردا عن الشرط وهو (١) شرط الصحة كغيره (٢) من الشروط.

(ويستحب عتق) المملوك(المؤمن) ذكرا كان أم أنثى(إذا أتى عليه) في ملك المولى المندوب (٣) إلى عتقه(سبع سنين (٤) ، لقول الصادق عليه‌السلام «من كان مؤمنا فقد عتق بعد سبع سنين أعتقه صاحبه أم لم يعتقه ، ولا تحل خدمة من كان مؤمنا بعد سبع سنين». وهو محمول على تأكد استحباب عتقه ، للاجماع على أنه لا يعتق بدون الاعتاق(بل يستحب) العتق(مطلقا (٥) خصوصا للمؤمن ، (ويكره عتق العاجز عن الاكتساب إلا أن يعينه) بالانفاق (٦) قال الرضا عليه‌السلام : «من اعتق مملوكا لا حيلة له فإن عليه أن يعوله حتى يستغني عنه ، وكذلك كان علي عليه‌السلام

______________________________________________________

(١) أي القصد إلى العتق.

(٢) أي كغير القصد من شروط الصحة ، ومع عدم القصد إلى العتق مجردا فلا بدّ من الحكم ببطلانه كبطلان الشرط.

(٣) أي الذي وجّه إليه الأمر الندبي بالعتق ، وهذا احتراز عن المولى غير البالغ والمجنون فلا يوجّه إليه الأمر الندبي بعتق عبده.

(٤) لخبر محمد بن عبد الله بن زرارة عن بعض آل أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من كان مؤمنا فقد عتق بعد سبع سنين ، أعتقه صاحبه أم لم يعتقه ، ولا تحلّ خدمة من كان مؤمنا بعد سبع سنين) (١).

وهو محمول على استحباب عتقه بعد هذه المدة للاتفاق على أنه لا ينعتق بنفسه ، فالخبر وإن كان مرسلا إلا أن دليل السنن يتأدى بذلك.

(٥) وإن لم تمض عليه سبع سنين في خدمة مولاه ، وقد تقدم في أول هذا الفصل ما يدل على استحباب مطلق العتق.

(٦) لخبر ابن محبوب (كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : وسألته عن الرجل يعتق غلاما صغيرا أو شيخا كبيرا ، أو من به زمانة ولا حيلة له ، فقال : من أعتق مملوكا لا حيلة له فإن عليه أن يعوله حتى يستغني عنه ، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يفعل إذا عتق الصغار ومن لا حيلة له) (٢) ، وصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عمن أعتق النسمة؟ فقال : أعتق من أغنى نفسه) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب العتق حديث ٣.

٣٣٧

يفعل إذا اعتق الصغار ، ومن لا حيلة» له(و) كذا يكره(عتق المخالف (١) للحق في الاعتقاد ، للنهي عنه في الأخبار المحمول على الكراهة جمعا. قال الصادق عليه‌السلام : ما أغنى الله عن عتق أحدكم تعتقون اليوم يكون علينا غدا ، لا يجوز لكم أن تعتقوا إلا عارفا» (ولا) يكره عتق(المستضعف) الذي لا يعرف الحق ولا يعاند فيه ، ولا يوالي أحدا بعينه ، لرواية الحلبي (٢) عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : الرقبة تعتق من المستضعفين؟ قال : نعم.

السراية في العتق

(ومن خواص العتق السراية (٣) وهو انعتاق باقي المملوك إذا أعتق بعضه

______________________________________________________

(١) الكراهة في هذه الموارد كراهة عبادة ، بمعنى قلة الثواب ، لا بمعنى أن في تركه أجرا ، كيف وقد عرفت أن أصل العتق راجح ، هذا والنهي قد ورد في خبر صباح المزني عن ناجية (قال : رأيت رجلا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له : جعلت فداك ، إني أعتقت خادما ، وهو ذا أطلب شراء خادم لي منذ سنين فما أقدر عليها؟ فقال : ما فعلت الخادم؟ فقال : حيّة ، فقال : ردها في مملكتها ، ما أغنى الله عن عتق أحدكم تعتقون اليوم ، ويكون علينا غدا ، لا يجوز لكم أن تعتقوا إلا عارفا) (١) ، والنهي فيه محمول على الكراهة لخبر علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه‌السلام : (فيمن أوصى بعتق نسمه ـ إلى أن قال ـ فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبا) (٢).

(٢) وهي صحيحة السند (٣).

(٣) فمن أعتق جزءا من عبده ولو يسيرا سرى العتق فيه كله ، بلا فرق في المملوك بين الذكر والأنثى ، وبين كون بعضه غير المعتق مملوكا له أو لشريكه ، وبلا فرق في المعتق بين أن يكون مالكا لغيره أو لا ، وهذا كله بشرط كون المعتق صحيحا جائز التصرف ، والمعتق لا مانع من نفوذ العتق فيه ، على المشهور في ذلك كله للأخبار.

منها : خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أعتق بعض غلامه ، فقال علي عليه‌السلام : هو حر كله ليس لله شريك) (٤) ، وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.

٣٣٨

بشرائط (١) خاصة(فمن أعتق شقصا) بكسر الشين أي جزء(من عبده) أو أمته

______________________________________________________

أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أعتق بعض غلامه ، فقال : هو حر كله ليس لله شريك) (١) مضافا إلى الأخبار الدالة على سراية العتق إذا كان بعضه الآخر مملوكا للغير كالنبوي (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان موسرا كلّف أن يضمن ، فإن كان معسرا خدمت بالحصص) (٣) وعن السيد جمال الدين أحمد بن طاوس في كتابه ملاذ علماء الإمامية الميل إلى عدم السراية على معتق بعض مملوكه نظرا إلى ضعف سند النصوص المتقدمة مع معارضتها بأخبار أخر.

منها : خبر حمزة بن حمران عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن رجل أعتق نصف جارية ثم قذفها بالزنا ، فقال : أرى أن عليه خمسين جلدة ويستغفر الله عزوجل ـ إلى أن قال ـ قلت : فتغطي رأسها منه حين أعتق نصفها؟ قال : نعم وتصلي وهي مختمرة الرأس ، ولا تتزوج حتى تؤدي ما عليها أو يعتق النصف الآخر) (٤) وهو محمول على أنه لا يملك منها أكثر من النصف ويحتمل أن تكون مكاتبة قد أدت نصف ما عليها بدلالة قوله : حتى تؤدي ما عليها.

وصحيح ابن سنان (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة عتقت ثلث خادمها عند موتها ، أعلى أهلها أن يكاتبوها إن شاء وإن أبوا؟ قال عليه‌السلام : لا ، ولكن لها من نفسها ثلثها وللوارث ثلثاها ، يستخدمها بحساب الذي له منها ، ويكون لها من نفسها بحساب الذي عتق منها) (٥) ، وهو محمول على ما إذا لم يملك غيرها ، وخبر مالك بن عطية عن أبي بصير (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل أعتق نصف جاريته ثم إنه كاتبها على النصف الآخر بعد ذلك ، فقال : فيشترط عليها إن عجزت عن نجومها فإنها رد في الرق) (٦) وهي محمولة على المكاتبة وإن لم يكن لأنه خلاف ظاهرها فترد لأنها لا تصلح لمعارضة ما تقدم الدال على السراية.

(١) وهي اختيار المولى وإيساره وعدم مرض الموت ، وإلا فمع إعساره يستسعى العبد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

(٢) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ٣ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.

٣٣٩

وإن قلّ الجزء سرى العتق فيه أجمع و (عتق كله) وإن لم يملك سواه (١) ، (إلا أن يكون) المعتق(مريضا ولم يبرأ) من مرضه الذي اعتق فيه ، (ولم يخرج) المملوك(من الثلث) أي ثلث مال المعتق فلا يعتق حينئذ أجمع ، بل ما يسعه الثلث(إلا مع الإجازة) من الوارث فيعتق أجمع إن أجازه ، وإلا فبحسب ما أجازه.

هذا (٢) هو المشهور بين الأصحاب ، وربما كان إجماعا ، ومستنده من الأخبار ضعيف ، ومن ثم (٣) ذهب السيد جمال الدين بن طاوس إلى عدم السراية بعتق البعض مطلقا (٤) ، استضعافا للدليل المخرج (٥) عن حكم الأصل (٦) ، ولموافقته (٧) لمذهب العامة مع أنه (٨) قد روى (٩) حمزة بن حمران عن أحدهما عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل أعتق نصف جاريته ثم قذفها بالزنا قال : فقال : «أرى أن عليه خمسين جلدة ويستغفر ربه (١٠)» الحديث. وفي معناه خبران آخران (١١) ، وحملها (١٢) الشيخ على أنه لا يملك نصفها الآخر مع إعساره (١٣).

______________________________________________________

(١) أي لم يكن للمعتق مال سوء المملوك المعتق.

(٢) أي السراية.

(٣) أي ومن ضعف أخبار السراية ، وفيه أن بعضها صحيح مؤيد بالكثر ، وعمل المشهور.

(٤) وإن لم يكن المعتق مريضا ، أو كان مريضا وقد وفّى الثلث بقيمة العبد بتمامه.

(٥) وهو أخبار السراية.

(٦) إذ الأصل عدم السراية ، وأصالة بقاء الملك.

(٧) أي موافقة السريان لمذهب العامة.

(٨) أن الشأن والواقع.

(٩) أي بالإضافة إلى ضعف أخبار السراية وموافقتها للعامة فهناك أخبار تدل على السراية ، ومنها خبر حمزة بن حمران المتقدم.

(١٠) ووجه الاستدلال أنه لو سرى العتق إلى تمامها لكان قذفها كقذف الحرة موجبا لثمانين جلدة ولا معنى لحكم الإمام عليه‌السلام بالأنقص هذا من جهة ومن جهة أخرى فلو أعتق نصفها كما هو المفروض لوجب عليه نصف الحدود هو أربعون مع أن الإمام عليه‌السلام قد حكم عليه بزيادة عشرة إلا أن يكون الزائد من جهة التعزير كما احتمله الشيخ في التهذيب.

(١١) وهما صحيح ابن سنان ، وخبر مالك بن عطية عن أبي بصير المتقدمين.

(١٢) أي الأخبار الثلاثة.

(١٣) أي إعسار المعتق وعدم سعي الجارية في الباقي.

٣٤٠