الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

(ولو كان له (١) فيه) أي في المملوك الذي اعتق بعضه(شريك قوّم عليه (٢) نصيبه (٣)) (وعتق) اجمع (٤)

______________________________________________________

(١) للمولى المعتق.

(٢) على المولى المعتق.

(٣) أي نصيب شريكه.

(٤) أي يسري العتق إلى نصيب الشريك ، هذا وقد عرفت أن المشهور على السراية سواء كان غير المعتق من العبد مملوكا للغير أم لا ، غايته إذا كان غير المعتق مملوكا للغير سرى العتق في الجميع ، ويقوّم على المعتق نصيب شريكه إن كان موسرا ، وعن الحلبي إطلاق وجوب السعي على العبد في الفك ، ولازمه عدم تضمين المولى المعتق نصيب شريكه.

ولو قصد الإضرار فكذا يضمن المولى المعتق نصيب شريكه إذا كان موسرا على الأكثر ، وعن الشيخ والقاضي وجوب السعي على العبد في الفك عند عدم قصد الإضرار ولو كان المعتق موسرا.

وعن الإسكافي فمع عدم قصد الإضرار تخيير الشريك بين إلزام المعتق قيمة نصيبه وبين إلزام العبد في وجوب السعي في فك نفسه.

وعليه فالأقوال ثلاثة في صورة إيسار المولى المعتق ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات فقد استدل للأول من تضمين المولى الموسر سواء قصد الإضرار أم لا بصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان موسرا كلّف أن يضمن ، وإن كان معسرا خدمت بالحصص) (١) ، والنبوي (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله) (٢).

واستدل للثاني من تضمين المولى الموسر عند قصد الإضرار ، وعند عدمه يضمن المعتق بل يسعى العبد في فك رقبته لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ، فقال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله ، وإلا استسعى العبد في النصف الآخر) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ورث غلاما ، وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق نصيبه لوجه الله كان الغلام قد أعتق

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧.

(٢) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

٣٤١

(مع يساره) أي يسار المعتق بأن يملك حال العتق زيادة عما يستثنى في الدين من (١) داره ، وخادمه ودابته ، وثيابه اللائقة (٢) بحاله كمية (٣) وكيفية (٤) وقوت يومه

______________________________________________________

من حصة من أعتق ـ إلى أن قال ـ وإن أعتق الشريك مضارا وهو معسر فلا عتق له ، لأنه أراد أن يفسد على القوم حصصهم) (١).

ومقتضى صناعة حمل المطلق على المقيد أن النصوص دالة على القول الثاني الذي ذهب إليه الشيخ والقاضي ، إلا أن الشهرة على خلافه ، نعم ابن إدريس استشكل على هذا القول بأن قصد القربة شرط في صحة العتق والمضارة تنافي القربة فكيف اجتمعا في هذا القول ، ويردّ أنه قد ورد اجتماعهما في صحيح محمد بن مسلم وصحيح الحلبي المتقدمين فما يقال في رفع الأشكال بالنسبة للأخبار يقال في رفعه بالنسبة لقول الشيخ على أن المراد بالإضرار هو إفساد ملك شريكه الملزوم للتقويم ، وهو صريح النصوص السابقة ، وهذا لا ينافي قصد القربة في عتق نصيبه لله تعالى ، وأما القول الثالث من التخيير فقد قال عنه في الجواهر بأنه لا شاهد له ، وأما لو كان المعتق معسرا فسيأتي البحث فيه تفسير ليسار المعتق ، وليس المراد من إيساره أن يعدّ من الأغنياء عرفا بل المراد أن يكون مالكا لقيمة نصيب الشريك فاضلا عن قوته وقوت عياله الواجبي النفقة لظاهر النبوي المتقدم (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله) (٢) ، وهذا في الحقيقة تفسير للموسر الوارد في غير النبوي كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال : إن كان موسرا كلّف أن يضمن) (٣).

بل ظاهر النبوي المتقدم أن يكون مالكا لقيمة نصيب الشريك فاضلا عن قوته وقوت عياله ومسكنه وداره وخادمه ودابته وثيابه وكل ما هو محتاج إليه ومن ضروراته كما يستثنى في الدين ، وإلا فلا يصدق عليه أنه صاحب مال ، وعن ظاهر الشرائع عدم استثناء المسكن والخادم وغيرهما ، لأنه استثنى له قوت يومه له ولعياله فقط.

(١) متعلق بقوله : (عما يستثنى).

(٢) صفة لجميع ما ذكر.

(٣) بأن تكون الثياب واحدا أو اثنين أو ثلاثة.

(٤) بأن تكون الثياب من الحرير أو الكتان أو القطن أو غيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٢.

(٢) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧.

٣٤٢

له (١) ، ولعياله ما (٢) يسع قيمة نصيب الشريك فتدفع إليه (٣) ويعتق.

ولو كان مديونا (٤) يستغرق دينه ماله (٥) الذي يصرف فيه ، ففي كونه موسرا ، أو معسرا قولان (٦) أوجههما الأول ، لبقاء الملك (٧) معه (٨).

وهل تنعتق حصة الشريك بعتق المالك حصته (٩) ،

______________________________________________________

(١) للمعتق.

(٢) مفعول به لقوله : (بأن يملك حالة العتق).

(٣) أي إلى الشريك.

(٤) بعد استثناء ما ذكر.

(٥) أي المال الذي يصرف في العتق.

(٦) الأول : أنه لا يمنع الدين المذكور السراية ، لأنه موسر كما هو ظاهر الشرائع ، لأنه مالك لما في يده من المال المساوي لدينه ، وهو نافذ التصرف فيه ، حتى لو اشترى بما يملك من المال عبدا فأعتقه نفذ ، فكذلك ينفذ عتقه في مفروض مسألتنا ويقوم عليه نصيب الشريك.

الثاني : منع الدين المذكور للسراية ، لأنه معسر كما عن القواعد ، لأنه فقير شرعا وتحلّ له الزكاة.

(٧) أي ملك ما يوجد عنده من المال الذي يصرفه في العتق ، ومع بقاء هذا الملك فهو موسر.

(٨) مع الدين.

(٩) اختلف في وقت انعتاق حصة الشريك مع اجتماع شروط السراية ، فعلى المشهور أنه وقت أداء القيمة إليه ، لأن للأداء مدخلية في الانعتاق ، ولذا لا يعتق مع الإعسار ، ولصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (من كان شريكا في عبد أو أمة قليل أو كثير فأعتق حصته ولم يبعه فليشتره من صاحبه فيعتقه كله ، وإن لم يكن له سعة من المال نظر قيمته يوم أعتق ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق) (١).

والمراد بشرائه منه أداء قيمته نصيبه لعدم اعتبار الشراء الحقيقي بالاتفاق ، وعن ابن إدريس أنه ينعتق وقت صيغة العتق ، لأن ذلك هو مقتضى السراية ، وهو مقتضى الأخبار الدالة عليها كالنبوي (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٣.

٣٤٣

أو بأداء قيمتها إليه (١) ، أو بالعتق مراعى بالأداء أقوال. وفي الأخبار ما يدل على الأولين (٢) ، والأخير (٣) طريق الجمع (٤).

وتظهر الفائدة (٥) فيما لو اعتق الشريك حصته قبل الأداء (٦) فيصح (٧) على الثاني (٨) ،

______________________________________________________

كله) (١) ، وخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أعتق بعض غلامه فقال علي عليه‌السلام : هو حر كله ليس لله شريك) (٢) ، ولنصوص الإفساد.

منها : خبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه قال : إن ذلك فساد على أصحابه فلا يستطيعون بيعه ولا مؤاجرته ، قال : يقوّم قيمة فيجعل على الذي أعتقه عقوبة ، وإنما جعل ذلك لما أفسده) (٣) ، وخبر سماعة (سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه فقال : هذا فساد على أصحابه ، يقوّم قيمة ، ويضمن الثمن الذي أعتقه ، لأنه أفسده على أصحابه) (٤) ، والإفساد وإنما يحصل بالعتق وعن الشيخ في المبسوط من أن أداء القيمة كاشف عن العتق بالصيغة ، وإليه مال الشارح في المسالك جمعا بين الأخبار ، وقد توقف العلامة في كثير من كتبه وولده والشهيد في شرح الإرشاد مع أنه رجّح في الدروس اعتبار الأداء.

(١) أي بأداء قيمة الحصة إلى الشريك.

(٢) أي القولين الأولين.

(٣) أي القول الأخير.

(٤) أي الجمع بين الأخبار.

(٥) أي فائدة الأقوال الثلاثة.

(٦) أي أداء قيمة الحصة إليه.

(٧) أي عتق الشريك لحصته.

(٨) أي على القول الثاني من أن سريان العتق إلى حصة الشريك متوقف على أداء قيمتها إليه ، ووجه صحة العتق ظاهر ، لمصادفة عتقه لملكه فينفذ.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٥.

٣٤٤

دون الأول (١) ، وفي اعتبار (٢) القيمة فعلى الأول (٣) يوم العتق ، وعلى الثاني (٤) يوم الأداء.

والظاهر أن الثالث (٥) كالأول (٦).

وفيما (٧) لو مات قبل الأداء فيموت (٨) حرا على الأول (٩) ، ويرثه

______________________________________________________

(١) أي القول الأول من أن سريان العتق إلى حصة الشريك متوقف على صيغة العتق ، وعلى هذا القول لا يصح عتق الشريك لحصته ، لأنه لم يبق للشريك حصة في العبد ، فلم يصادف عتقه للملك حتى ينفذ.

(٢) أي وتظهر الفائدة في اعتبار قيمة حصة الشريك ، لأن القيمة مترتبة على وقت العتق بالفعل ، فإن كان وقته من حين الصيغة فالمعتبر في القيمة يوم الصيغة ، وإن كان وقته حين الأداء فالمعتبر في القيمة يوم الأداء ، وإن كان العتق من حين الصيغة مراعي بالأداء كما هو القول الثالث فالمعتبر في القيمة يوم الصيغة.

هذا ما أسسه الشهيدان في الدروس والمسالك بالنسبة لاعتبار القيمة ، وعن الأكثر أن المعتبر في القيمة وقت العتق حتى على القول بأن السريان من حين أداء القيمة ، لأن وقت العتق هو وقت الحيلولة بين المالك وملكه بمنعه من التصرف فيه ، ويدل عليه صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوم ورثوا عبدا جميعا فأعتق بعضهم نصيبه منه كيف يصنع بالذي أعتق نصيبه منه؟ هل يؤخذ منه ما بقي؟

فقال : نعم يؤخذ بما بقي منه بقيمته يوم العتق) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث (وإن لم يكن له سعة من مال نظر قيمته يوم اعتق) (٢).

(٣) أي القول الأول من أن السريان من حين الصيغة.

(٤) أي القول الثاني من أن السريان وقت أداء القيمة.

(٥) أي القول الثالث.

(٦) كالقول الأول بحيث يعتبر في القيمة يوم العتق.

(٧) أي وتظهر الفائدة فيما لو مات العبد قبل أداء حصة الشريك.

(٨) أي العبد.

(٩) أي على القول الأول لحصول السريان من حين الصيغة ، ويجب على المعتق قيمة حصة شريكه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٦ و ٣.

٣٤٥

وارثه (١) ، دون الثاني (٢) ويعتبر الأداء (٣) في ظهور حريته (٤) على الثالث (٥).

وفيما (٦) لو وجب عليه (٧) حد قبله (٨) فكالحر (٩) على الأول ، والمبعّض (١٠) على الثاني ، وفي الحكم (١١) على الثالث (١٢) نظر (١٣).

وفيما (١٤) لو أيسر (١٥) المباشر (١٦) بعد العتق وقبل الأداء ، فعلى الأول (١٧) لا

______________________________________________________

(١) أي وارث العبد الذي صار حرا.

(٢) أي دون القول الثاني من حصول السريان وقت أداء القيمة ، فلا يموت حرا ، لعدم تحقق السريان ، لأنه قد مات قبل الأداء ، وعليه فلا يجب على المعتق ضمان قيمة حصة شريكه ، وفي هذا الفرض لا يرث إلا سيده الذي هو الشريك.

(٣) أي أداء القيمة.

(٤) أي حرية العبد الذي مات قبل الأداء كما هو المفروض.

(٥) أي على القول الثالث ، ويكون القول الثالث كالقول الثاني في هذا الفرض بالنسبة للأحكام.

(٦) أي وتظهر فائدة الأقوال الثلاثة.

(٧) على العبد.

(٨) قبل أداء قيمة حصة الشريك.

(٩) أي حكمه حكم الحر ، بل هو حر على القول الأول من أن السريان من حين الصيغة.

(١٠) أي حكمه حكم المبعض ، بل هو مبعض على القول الثاني من أن السريان من حين الأداء.

(١١) أي الحكم على العبد الذي وجب عليه حد قبل الأداء ، من أنه حر أو مبعض.

(١٢) أي على القول الثالث من أن السريان من حين العتق مراعي بالأداء.

(١٣) فيحكم بأنه مبعّض نظرا إلى أنه قبل الأداء لا سريان للعتق لاشتراط مراعاة الأداء في السريان على القول الثالث ، ويحكم بأنه حر نظرا إلى أنّ الحرية على القول الثالث ثابتة من حين العتق واقعا والأداء كاشف عن ذلك ظاهرا.

(١٤) أي وتظهر فائدة الأقوال الثلاثة.

(١٥) بعد إعسار.

(١٦) وهو المعتق الذي أعتق نصيبه من العبد المشترك.

(١٧) أي على القول الأول من أن السريان من حين العتق ، فضمان قيمة حصة الشريك على العبد ، لأن المعتق معسرا وقت السريان وإن أيسر فيما بعد.

٣٤٦

يجب عليه (١) الفك ، وعلى الثاني (٢) يجب (٣) ، وفي الثالث (٤) نظر (٥) ، والحاقة (٦) بالأول مطلقا (٧) حسن (٨).

(وسعى العبد في باقي قيمته (٩)

______________________________________________________

(١) على المباشر المعتق.

(٢) أي على القول الثاني من أن السريان متوقف على الأداء.

(٣) أي يجب على المباشر للعتق الفك ، وهو الذي يضمن قيمة حصة شريكه ، لأنه موسر حال السريان.

(٤) أي في القول الثالث من أن السريان من حين العتق مراعي بالأداء.

(٥) من أن المباشر للعتق موسرا حال الأداء الذي هو شرط في السريان على القول الثالث ، فقيمة حصة الشريك على المعتق حينئذ ، لأنه موسر.

ومن أن المباشر للعتق معسرا حال العتق ، والمدار في السريان في القول الثالث على وقت العتق ، ومراعاة الأداء شرط كاشف ظاهرا عن وقوع السريان من حين العتق واقعا ، وهو الذي استحسنه الشارح هنا.

(٦) أي إلحاق القول الثالث بالقول الأول.

(٧) في جميع الفروض.

(٨) لأن السريان يتم وقت العتق على القول الثالث ، وإن كان مراعاة الأداء شرط ، إلا أنه شرط كاشف عن وقوع السريان من حين الصيغة ، وعليه فلا فرق بين القول الثالث والأول في الثمرات المترتبة.

(٩) قد تقدم الكلام في تضمين المعتق إذا كان موسرا ، وأما إذا كان معسرا فيسعى العبد في فكّ ما بقي منه ، ولازمه تضمين العبد لحصة الشريك سواء قصد المعتق الإضرار بشريكه أم لا كما عن المشهور ، لإطلاق النبوي (١) وصحيح الحلبي (٢) المتقدمين ، وعن الشيخ والقاضي بطلان العتق مع إعسار المعتق وقصده الإضرار ، ومع عدم قصد الإضرار يسعى العبد في فكّ رقبته ، أما بطلان العتق مع الإعسار وقصد الإضرار لصحيح محمد بن مسلم المتقدم في حديث (وإن أعتق الشريك مضارا وهو معسر فلا عتق له) (٣)، وأما سعي العبد في فك رقبته مع الإعسار وعدم قصد الإضرار فللجمع بين الأخبار ، وقد تقدمت في بحث إيسار المولى.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧ و ١٢.

٣٤٧

بجميع سعيه (١) ، لا بنصيب الحرية خاصة (٢) (مع إعساره (٣) عنه (٤) أجمع ، فإذا أدّى (٥) عتق كالمكاتب المطلق (٦) ، ولو أيسر (٧) بالبعض (٨) سرى عليه (٩) بقدره (١٠) على الأقوى (١١) وسعى العبد في الباقي.

ولا فرق في عتق الشريك (١٢) بين وقوعه (١٣) للاضرار بالشريك ، وعدمه (١٤)

______________________________________________________

(١) أي بجميع كسبه.

(٢) فلا يقسم كسبه على نصيب الرقية ونصيب الحرية ، ويسعى بمقدار ما يثبت من نصيب الحرية فقط ، بل يسعى في جميع كسبه لإطلاق النصوص ، وقد تقدمت في مبحث إيسار المولى ، ولخبر محمد بن علي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مملوك بين أناس فأعتق بعضهم نصيبه ، قال : يقوّم قيمة ثم يستسعي فيما بقي ، ليس للآخر أن يستخدمه ولا يأخذ منه الضريبة) (١) وهو صريح في أن تمام كسبه مما يجوز صرفه في فكه ، لا بخصوص جزئه الحر.

(٣) أي إعسار المعتق.

(٤) عن باقي قيمته ، وهو قيمة حصة شريكه.

(٥) أي العبد.

(٦) بحيث يتحرر منه بمقدار ما يدفع ، إلى أن يتحرر الجميع عند دفع تمام قيمة حصة الشريك.

(٧) أي المعتق.

(٨) أي ببعض قيمة حصة الشريك.

(٩) على المعتق.

(١٠) أي بقدر ما أيسر.

(١١) لعموم النبوي (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٢) ، وقيل لا يسرى عليه إلا إذا كان مالكا لقدر قيمته نصيب حصة شريكه أجمع ، وقد جعل أحد القولين كما في المسالك.

(١٢) أي في السريان إلى عتق حصة الشريك.

(١٣) وقوع العتق.

(١٤) أي عدم الإضرار كما عليه المشهور.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٠.

(٢) غوالي اللآلي الجزء الرابع من الطبعة الحديثة ص ٥٨.

٣٤٨

مع تحقق القربة المشترطة (١) ، خلافا للشيخ (٢) حيث شرط في السراية مع اليسار قصد الاضرار ، وابطل العتق بالإعسار معه (٣) وحكم (٤) بسعي العبد مطلقا (٥) مع قصد القربة (٦) ، استنادا إلى أخبار ، تأويلها بما يدفع المنافاة بينها وبين ما دل على المشهور طريق الجمع (٧).

(ولو عجز العبد) عن السعي ، أو امتنع منه (٨) ولم يمكن اجباره (٩) ، أو مطلقا(١٠)

______________________________________________________

(١) أي المشترطة في العتق ، وقد عرفت اجتماع القربة مع الإضرار وفي هذا تعريض بابن إدريس حيث استشكل على الاجتماع وقد تقدم.

(٢) وللقاضي.

(٣) مع قصد الإضرار.

(٤) أي الشيخ.

(٥) إذا كان المعتق موسرا أو معسرا.

(٦) وهو لا يتم إلا على القول بالسراية ، وعليه فالشيخ والقاضي حاكمان بالسراية مع قصد القربة مطلقا والتضمين على العبد ، ومع قصد الإضرار فإن كان المعتق موسرا فالسراية والتضمين على المولى ، وإن كان معسرا فيبطل العتق.

(٧) وفيه أنه قد عرفت أن ما دل على المشهور مطلق وطريق الجمع بينه وبين الأخبار المفيدة دال على ما ذهب إليه الشيخ والقاضي.

(٨) من السعي.

(٩) إجبار العبد على السعي.

(١٠) سواء أمكن إجباره أم لا ، هذا واعلم أنه لا يجب على العبد السعي لفك رقبته من حصة الشريك ، ونسبه في الدروس إلى ظاهر الأصحاب ، وعن فخر المحققين الجزم بكونه قهريا ، للأمر بالسعي في الأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (إن كان مضارا كلّف أن يعتقه كله ، وإلا استسعى العبد في النصف الآخر) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (وإن لم يكن له سعة من مال نظر قيمته يوم أعتق ، ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق) (٢) ، وخبر محمد بن علي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (يقوّم قيمة ثم يستسعى فيما بقي ، ليس للآخر أن يستخدمه ولا يأخذ منه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٢ و ٣.

٣٤٩

في ظاهر كلامهم(فالمهايأة (١) بالهمز(في كسبه (٢) بمعنى أنهما (٣) يقتسمان الزمان بحسب ما يتفقان عليه ، ويكون كسبه في كل وقت لمن ظهر له بالقسمة(وتتناول) المهايأة(المعتاد من الكسب) كالاحتطاب(والنادر (٤) كالالتقاط.

وربما قيل : لا يتناول النادر ، لأنها (٥) معاوضة فلو تناولته (٦)

______________________________________________________

الضريبة) (١).

ولكن لا بد من حمل نصوص السعي على التخيير جمعا بينها وبين نصوص المهاياة الآتية.

(١) الهيئة صورة الشي‌ء وحالته الظاهرة ، وتهايأ القوم إذ جعلوا لكل واحد منهم هيئة معلومة ، والمراد منها هنا النوبة ، هذا ولو وقعت المهايأة بين العبد والشريك الذي هو مالك لبعضه ، على قسمة الزمان بحسب ما يتفقان عليه فما يكسبه في الزمن المختص له فكسبه له ، وما يكسبه في الزمن المختص للشريك فكسبه للشريك صح ذلك بلا خلاف فيه لصحيح محمد بن مسلم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق لوجه الله كان الغلام قد أعتق من حصة من أعتق ويستعملونه على قدر ما أعتق منه له ولهم ، فإن كان نصفه عمل لهم يوما وله يوما) (٢) الحديث ، ومرسل حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجل أعتق غلاما بينه وبين صاحبه ، قال : قد أفسد على صاحبه ، فإن كان له أعطى نصف المال ، وإن لم يكن له مال عومل الغلام يوما للغلام ويوما للمولى يستخدمه ، وكذلك إذا كانوا شركاء) (٣).

(٢) أي كسب العبد.

(٣) أي العبد والشريك.

(٤) إذا وقعت المهايأة تناولت المعتاد والنادر بلا خلاف فيه لإطلاق الأدلة المتقدمة ، وحينئذ فكل ما يكسبه العبد في نوبته يختص به نادرا أو غيره ، وما يكسبه في نوبة المولى فهو للمولى نادرا أو غيره ، خلافا لبعض العامة فجعل النادر مشتركا بينهما ، لأنه مجهول ، وفيه منع لأن المنفعة في المدة المعلومة مضبوطة بالزمن على وجه يرفع الجهالة ، وخصوصيات الكسب غير مقصودة وإلا لو اعتبرت لزم الجهل مطلقا.

(٥) أي المهايأة.

(٦) أي تناولت النادر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٠.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٢ و ١١.

٣٥٠

لجهلت (١) ، والمذهب خلافه ، والأدلة عامة ، والنفقة والفطرة عليهما (٢) بالنسبة (٣).

ولو ملك (٤) بجزئه الحر مالا كالارث (٥) والوصية لم يشاركه المولى فيه (٦) وإن اتفق (٧) في نوبته (٨).

ولو امتنعا (٩) ، أو أحدهما من المهايأة لم يجبر الممتنع (١٠) ، وكان على المولى (١١) نصف أجرة عمله (١٢) الذي يأمره (١٣) به (١٤) ، وعلى المبعض (١٥) نصف أجرة ما يغصبه من المدة ويفوّته اختيارا.

(ولو اختلفا في القيمة (١٦)

______________________________________________________

(١) أي المهايأة بسبب مجهولية النادر حيث إنه مجهول الوجود والقدر.

(٢) على العبد والشريك.

(٣) بنسبة ما أعتق من العبد وما يملك الشريك ، وهذا من جملة أحكام المبعّض.

(٤) أي العبد الذي تحرر بعضه.

(٥) فلو كان نصفه حرا وقد مات أبوه فنصف المال له بنسبة حريته والباقي للطبقة الثانية من الورثة وهكذا.

(٦) في ما ملكه بجزئه الحر.

(٧) أي اتفق ملكه بجزئه الحر.

(٨) أي نوبة المولى.

(٩) أي العبد والشريك.

(١٠) لعدم وجوب المهايأة كعدم وجوب السعي جمعا بين الأخبار على ما تقدم.

(١١) يعطيه للمبعّض.

(١٢) عمل العبد المبعّض.

(١٣) ضمير الفاعل راجع للمولى ، وضمير المفعول راجع للعبد المبعّض.

(١٤) بالعمل.

(١٥) يعطيه للمولى.

(١٦) أي في صورة ضمان المعتق قيمة نصيب شريكه لو اختلف المعتق وشريكه في قيمة العبد ، ولا طريق لمعرفتها لموت العبد ونحوه ، فقال المعتق : قيمته مائة ، فقال الشريك : بل مائتان ، فالقول قول المعتق مع يمينه ، لأنه منكر للزيادة ، ولأصالة براءة ذمته من الزائد كما هو قول صاحب الجواهر والمحقق واستحسنه الشارح في المسالك.

وقيل : القول قول الشريك مع يمينه ، لأنه ينزع نصيبه من يده ، ولا ينزع من يده إلا بما

٣٥١

(حلف الشريك ، لأنه (١) ينتزع من يده (٢) فلا ينتزع إلا بما يقوله ، لأصالة عدم استحقاق ملكه إلا بعوض يختاره ، كما يحلف المشتري لو نازعه الشفيع فيها (٣) ، للعلة(٤).

وقيل : يحلف المعتق ، لأنه (٥) غارم (٦). وربما بني (٧) الخلاف (٨) على عتقه (٩) بالأداء ، أو الاعتاق فعلى الأول (١٠) الأولى (١١) ، وعلى الثاني (١٢) الثاني (١٣) ، وعليه المصنف في الدروس ، لكن قدّم (١٤)

______________________________________________________

يرضيه ، وهو قول في المسألة وهو مختار الماتن في اللمعة. هذا وقد جعل الشهيد في الدروس مبنى القولين على الخلاف السابق من أن السريان من حين صيغة العتق أو من حين أداء القيمة ، فعلى الأول فيقدم قول المعتق لأنه غارم ، وعلى الثاني يقدم قول الشريك لأن ملكه باق فلا ينتزع منه إلا بما يرضيه.

هذا والحق أنه لا داعي لجعل النزاع هنا مبنيا على النزاع المتقدم ، بل لا بد من تقديم قول المعتق لأنه منكر سواء قلنا بأن السراية من حين العتق أو من حين الأداء ، ولذا المحقق في الشرائع قدم قول المعتق لأنه منكر مع أنه حاكم بأن السراية من حين حين الأداء ، وعلى قول الشهيد في الدروس يجب على المحقق أن يقدم قول الشريك.

(١) لأن العبد.

(٢) أي يد الشريك.

(٣) في القيمة ، كما لو باع أحد الشريكين حصته المشاعة وأراد الشريك الآخر أخذ المبتاع من المشتري بالشفعة ، فقال المشترى : إن قيمته مائة ، فقال الشفيع : خمسون ، فيقدم قول المشتري مع يمينه ، لأصالة عدم استحقاق ملكه إلا بعوض يختاره ، لأنه ينزع من يده فلا بد من نزعه بما يقوله.

(٤) أي لأصالة عدم استحقاق ملكه إلا بعوض يختاره.

(٥) أي المعتق.

(٦) أي دافع للقيمة وقد اعترف بما يقوله ، والزائد عنه منكر له فيقدم قوله لأنه منكر.

(٧) كما في الدروس.

(٨) أي الخلاف في تقديم قول أحدهما عند اختلافهما في القيمة.

(٩) متعلق بقوله (بني) والمراد على سريان عتق العبد إلى حصة الشريك.

(١٠) من أن السريان بالأداء.

(١١) أي تقديم قول الشريك ، لأن العبد ما زال على ملكه ، فلا ينزع منه إلا برضاه.

(١٢) من أن السريان من حين عتق الشريك الأول.

(١٣) أي تقديم قول المعتق ، لأنه منكر للزيادة.

(١٤) أي المصنف في الدروس.

٣٥٢

على الحلف (١) عرضه (٢) على المقوّمين مع الإمكان (٣).

والأقوى تقديم قول المعتق ، للأصل (٤) ، ولأنه (٥) متلف (٦) فلا يقصر عن الغاصب المتلف (٧).

(وقد يحصل العتق بالعمى (٨) أي عمى المملوك بحيث لا يبصر أصلا لقول

______________________________________________________

(١) أي حلف أحدهما.

(٢) أي عرض العبد.

(٣) كما لو كان العبد حيا ، أو قريب العهد من الموت ، وهذا يخالف ما عليه المصنف هنا من الجزم بالحلف ابتداء.

(٤) أي أصالة براءة ذمته من الزائد فيكون منكرا للزيادة فيقدّم قوله لأنه منكر.

(٥) أي المعتق.

(٦) بمعنى أنه أفسد على شريكه ملكه للعبد ولذا يضمن قيمة حصة شريكه.

(٧) فقول الغاصب مقدم لو اختلف مع المالك في قيمة المغصوب بعد تلفه فكذا في المعتق المتلف ، لأن التلف متحقق في كليهما.

(٨) شروع في زوال الرق بالعوارض ، وهي أمور ، منها العمى والجذام والإقعاد ، بلا خلاف فيها ، للأخبار.

منها : صحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا عمي المملوك فقد عتق) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا عمي المملوك فلا رق عليه ، والعبد إذا جذم فلا رق عليه) (٢) ، وخبر أبي البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لا يجوز في العتاق الأعمى والمقعد) (٣) ، وفي المختلف عن الإسكافي ابن الجنيد أنه قال : (وفي حديث أهل البيت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا عمي المملوك أو جذم فلا رق عليه ، وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا أصابه زمانة في جوارحه وبدنه ، ومن نكّل بمملوكه فهو حر لا سبيل عليه سائبة) (٤) وهو نص في الإقعاد والزمانة.

وهذا لا يقصر عن الخبر المرسل المنجبر بعمل الأصحاب ، ومعه تعرف ضعف ما قاله الشارح في المسالك : (وأما الإقعاد فلم نقف له على شاهد ، والمصنف في النافع نسبه إلى الأصحاب مؤذنا بعدم وقوفه على دليله ، ولكن لا يظهر فيه مخالف ، حتى ابن إدريس

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من كتاب العتق حديث ١ و ٢ و ٤.

(٤) المختلف ج ٥ ص ٦٢٨.

٣٥٣

الصادق عليه‌السلام في حسنة (١) حماد : «إذا عمي المملوك فقد أعتق» وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا عمي المملوك فلا رق عليه ، والعبد إذا جذم فلا رق عليه» ، وفي معناهما أخبار كثيرة(والجذام (٢) وكأنه إجماع ومن ثمّ (٣) لم ينكره ابن إدريس ، وإلا فالمستند ضعيف (٤) ، وألحق به (٥) ابن حمزة البرص ولم يثبت(والاقعاد) ذكره الأصحاب ولم نقف على مستنده (٦) ، وفي النافع نسبه إلى الأصحاب مشعرا بتمريضه ، إن لم تكن (٧) إشارة إلى أنه (٨) إجماع ، وكونه (٩) المستند.

(وإسلام المملوك في دار الحرب سابقا على مولاه (١٠) خارجا (١١) منها (١٢) قبله (١٣)

______________________________________________________

وافق عليه بشبهة أنه إجماع ، وفي الحقيقة الحكمة في انعتاق المملوك بهذه العوارض غير متحققة ، لأن عجزه عن الاكتساب يناسبه استصحاب الرق لتجب نفقته على المولى ، فليقتصر منه على محل الوفاق أو النص الصالح لإثبات الحكم) انتهى.

وعن ابن حمزة إلحاق البرص بالجذام ، ولا دليل له كما اعترف بذلك الشارح في المسالك وصاحب الجواهر.

(١) بل هي صحيحة لاشتمالها على إبراهيم بن هاشم الذي كان من شيوخ الإجازة ، وهذا يغني عن توثيقه.

(٢) عطف على العمى.

(٣) ومن كون الحكم إجماعيا.

(٤) إذ الدال على حكم الجذام هو خبر السكوني ، وهو عامي.

(٥) بالجذام.

(٦) وقد عرفت أن مستنده مرسل ابن الجنيد كما هو المحكي عنه في المختلف.

(٧) هذه النسبة.

(٨) أي حكم الإقعاد.

(٩) وكون الإجماع هو المستند في الحكم المذكور.

(١٠) على إسلام مولاه.

(١١) حال للمملوك.

(١٢) من دار الحرب إلى دار الإسلام.

(١٣) قبل خروج مولاه.

٣٥٤

على أصح القولين (١) للخبر ، ولأن إسلام المملوك لا ينافي ملك الكافر له (٢) ، غايته أنه يجبر على بيعه ، وإنما يملك (٣) نفسه بالقهر لسيده (٤) ، ولا يتحقق (٥) ثمّ إلا بالخروج إلينا قبله (٦) ، ولو أسلم العبد بعده (٧) لم يعتق وإن خرج إلينا قبله (٨) ، ومتى ملك نفسه (٩) أمكن بعد ذلك (١٠) أن يسترق مولاه إذا قهره (١١) فتنعكس المولوية(ودفع (١٢) قيمة) المملوك(الوارث (١٣) إلى سيده ليعتق ويرث.

ويظهر من العبارة (١٤)

______________________________________________________

(١) قيد لخروج المملوك من دار الحرب قبل خروج مولاه ، وهذا ما ذهب إليه المشهور للخبر (أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حر ، وأيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد) (١) ، وعن الشيخ في المبسوط والمحقق عدم اشتراط خروجه قبل خروج مولاه ، وبه صرح ابن إدريس لحصول الإسلام للمملوك قبل مولاه ، وإسلامه مانع من ملك الكافر له ، وهو ممنوع ، لأن الإسلام لا يمنع إلا دوام الملك ولذا يجبر الكافر المالك على البيع ولا يمنع أصله.

(٢) للمملوك المسلم.

(٣) أي العبد المسلم.

(٤) أي قهرا عن سيده.

(٥) أي ملك العبد لنفسه قهرا.

(٦) قبل خروج السيد.

(٧) بعد إسلام مولاه.

(٨) قبل خروج مولاه ، لأن الأصل عدم انعتاقه إلا ما دل الدليل عليه ، وقد دل على قبلية إسلام العبد والخروج فيقتصر عليه ، لأنه القدر المتيقن المخالف للأصل.

(٩) أي متى ملك العبد نفسه بالشرطين السابقين من إسلامه قبل إسلام مولاه ومن خروجه إلينا قبل خروج مولاه.

(١٠) بعد ملكه لنفسه.

(١١) أي إذا غلبه في الحرب الناشبة بين المسلمين والكفار.

(١٢) عطف على العمى والجذام والإقعاد وإسلام المملوك.

(١٣) فيما لو مات مورثه ولا وارث له إلا هذا المملوك ، فتدفع من التركة قيمته لسيده حتى يعتقه ويرث ، وسيأتي البحث فيه في كتاب الإرث.

(١٤) أي عبارة الماتن.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب جهاد العدو حديث ١.

٣٥٥

انعتاقه (١) بمجرد دفع القيمة ، حيث جعله (٢) سبب العتق ، وكذا يظهر منها (٣) الاكتفاء في عتقه بدفع القيمة من غير عقد (٤) وسيأتي في الميراث أنه يشترى ويعتق ، ويمكن أن يريد كون دفع القيمة من جملة أسباب العتق وإن توقف (٥) على أمر آخر (٦) ، كسببية التدبير (٧) ، والكتابة (٨) ، والاستيلاد (٩).

(وتنكيل المولى بعبده (١٠) في المشهور. وبه (١١) روايتان : إحداهما مرسلة (١٢) ، وفي سند الأخرى جهالة (١٣). ومن ثمّ أنكره (١٤) ابن إدريس.

______________________________________________________

(١) انعتاق المملوك الوارث.

(٢) أي حيث جعل دفع القيمة.

(٣) من عبارة الماتن.

(٤) من البيع والشراء.

(٥) أي العتق.

(٦) من شراء وإجراء صيغة العتق.

(٧) فإن صيغة التدبير من جملة أسباب العتق لتوقف العتق على موت المولى أيضا.

(٨) فصيغة الكتابة من جملة أسباب العتق ، لتوقفها على أداء المال أيضا.

(٩) فهو من جملة أسباب العتق لتوقف العتق على موت المولى أيضا.

(١٠) تنكيل المولى بعبده من أسباب العتق على المشهور للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن نكّل بمملوكه أنه حر ، لا سبيل له عليه ، سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب ، فإذا ضمن حدثه فهو يرثه) (١) ومرسل جعفر بن محبوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل عبد مثّل به فهو حر) (٢) ، ومرسل الصدوق : (وروي في امرأة قطعت يدي وليدتها أنها حرة لا سبيل لمولاتها عليها) (٣). ومع ذلك فقد خالف ابن إدريس اعتمادا على أصله من عدم العمل بخبر الواحد ، وقد ثبت ضعفه في محله.

(١١) أي بتنكيل المولى بعبده.

(١٢) وهي مرسلة جعفر بن محبوب.

(١٣) وهي خبر أبي بصير فهو مشترك بين الثقة والضعيف ، ومع ذلك فقد وصفها في المختلف بالصحة وتبعه على ذلك صاحب الجواهر.

(١٤) أي أنكر التنكيل.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من كتاب العتق حديث ٢ و ١ و ٣.

٣٥٦

وأصل التنكيل : فعل الأمر الفظيع بالغير ، يقال : نكّل به تنكيلا إذا جعله نكالا وعبرة لغيره مثل أن يقطع أنفه ، أو لسانه ، أو أذنيه ، أو شفتيه ، وليس في كلام الأصحاب هنا (١) شي‌ء محرّر ، بل اقتصروا على مجرد اللفظ فيرجع فيه إلى العرف فما يعدّ تنكيلا عرفا يترتب عليه حكمه (٢) والأمة في ذلك (٣) كالعبد. ومورد الرواية (٤) المملوك ، فلو عبّر به (٥) المصنف كان أولى.

(و) قد يحصل العتق(بالملك) فيما إذا ملك الذكر أحد العمودين (٦) أو إحدى المحرمات (٧) نسبا ، أو رضاعا ، والمرأة أحد العمودين(وقد سبق) تحقيقه في كتاب البيع.

ويلحق بذلك مسائل

(لو قيل لمن أعتق بعض عبيده : أأعتقتهم؟) أي عبيدك بصيغة العموم من غير تخصيص بمن أعتقه(فقال : نعم. لم يعتق سوى من أعتقه (٨) ،

______________________________________________________

(١) في معنى التنكيل.

(٢) وهو الانعتاق.

(٣) في التنكيل.

(٤) وهي في خبر أبي بصير المتقدم.

(٥) أي لو عبّر المصنف بالمملوك ليشمل الأمة والعبد لكان أولى.

(٦) من الآباء أو الأبناء.

(٧) كالأخت والعمة والخالة.

(٨) الأصل في هذه المسألة خبر زرعة عن سماعة (قال : سألته عن رجل قال لثلاث مماليك له : أنتم أحرار وكان له أربعة ، فقال له رجل من الناس : أعتقت مماليكك؟ قال : نعم ، أيجب العتق لأربعة حين أجملهم أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ فقال : إنما يجب العتق لمن اعتق) (١).

فالخبر ظاهر في انصراف جوابه إلى من باشر عتقهم خاصة ، وبهذا أفتى الشيخ وجماعة ، بل هو الموافق لنفس الأمر ، لأن جوابه إقرار بالعتق ، والإقرار بالعتق ليس من الأسباب الموجبة لإنشاء العتق في الحال ، وإنما هو إخبار عما سبق ، وعليه فلا ينعتق منهم إلا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من كتاب العتق حديث ١.

٣٥٧

لأن هذه الصيغة (١) لا تكفي في العتق ، وإنما حكم بعتق من أعتقه بالصيغة السابقة(٢).

هذا بحسب نفس الأمر (٣) ، أما في الظاهر (٤) فإن قوله : نعم عقيب الاستفهام عن عتق عبيده ـ الذي (٥) هو جمع مضاف مفيد للعموم عند المحققين ـ يفيد (٦) الاقرار بعتق جميع عبيده من أوقع عليه منهم (٧) صيغة (٨) ، وغيره (٩) عملا بظاهر اقرار المسلم ، فإن الاقرار (١٠) وإن كان إخبارا عما سبق لا يصدق (١١) إلا

______________________________________________________

من كان قد أعتقهم سابقا.

نعم اشترط العلامة في القواعد أن يكون من أعتقهم سابقا بحدّ الجمع ، لأنه سئل عن عتق عبيده ، ولفظ العبيد جمع مضاف يفيد العموم ، فلا بد أن يكون المعتق جمعا حتى يطابق اللفظ ، وعليه فلا يسمع منه لو قال بعد ذلك : إنما أقررت بعتق الواحد أو الاثنين ، لأنه تأويل لا يطابقه اللفظ.

والشارح في المسالك استشكل في أصل الحكم ، لأنه جوابه إقرار منه بالعتق الوارد في السؤال ، والوارد في السؤال عتق العبيد وهو جمع مضاف يفيد العموم فيكون إقرارا بعتق جميع عبيده لا خصوص من أعتقهم سابقا.

وهو إشكال مردود ، لأن الجواب إقرار منه بمن أعتقه سابقا ، وليس إقرارا بعتق الجميع كما هو مقتضى الجمع المضاف الوارد في السؤال ، ولو كان الجواب إقرارا بمضمون السؤال ، إلا أن مضمون السؤال محمول على من أعتقه سابقا للانصراف.

(١) أي لفظ (نعم) الواقع في جواب السؤال.

(٢) أي بصيغة العتق السابقة على السؤال والجواب.

(٣) أي الواقع.

(٤) أي في دلالة اللفظ.

(٥) أي الاستفهام عن عتق عبيده ، والمراد به خصوص لفظ (العبيد) الوارد في السؤال.

(٦) خبر لقوله (فإن قوله نعم).

(٧) من عبيده.

(٨) صيغة العتق.

(٩) وغير من أوقع عليه صيغة العتق.

(١٠) جواب عن سؤال مقدر ، والسؤال هو : إن قوله نعم إقرار ولكنه إقرار بمضمون السؤال المحمول بل يكون إقرارا بما صدر منه.

(١١) صفة للإخبار.

٣٥٨

مع مطابقته لأمر واقع في الخارج سابق (١) عليه (٢) ، إلا أنه (٣) لا يشترط العلم بوقوع (٤) السبب الخارجي ، بل يكفي إمكانه (٥) ، وهو (٦) هنا حاصل ، فيلزم الحكم عليه (٧) ظاهرا (٨) بعتق الجميع (٩) لكل (١٠) من لم يعلم بفساد ذلك (١١).

ولكن الأصحاب اطلقوا القول بأنه لا يعتق إلا من أعتقه من غير فرق بين الظاهر (١٢) ، ونفس الأمر (١٣) تبعا للرواية. وهي ضعيفة (١٤) مقطوعة (١٥) ، وفيها (١٦) ما ذكر (١٧).

______________________________________________________

(١) صفة للأمر الواقع في الخارج.

(٢) على الإقرار.

(٣) أن الشأن الواقع.

(٤) أي لا يشترط العلم بوقوع السبب الخارجي في صحة الإقرار.

(٥) أي إمكان السبب الخارجي السابق على الإقرار.

(٦) أي إمكان السبب الخارجي.

(٧) على المجيب.

(٨) بحسب دلالة لفظ الإقرار الصادر منه.

(٩) جميع عبيدة ، لا خصوص من أعتقهم.

(١٠) متعلق بقوله : (فيلزم الحكم) ، والمراد فكل شخص لم يعلم فساد عتق الجميع عليه أن يحكم على المجيب بمقتضى إقراره أنه أعتق جميع عبيده.

(١١) أي عتق الجميع.

(١٢) بين دلالة لفظ الإقرار الصادر منه.

(١٣) أي الواقع.

(١٤) ضعيفة بسماعة لأنه واقفي.

(١٥) لأنه لم يذكر فيها المسئول ، فلم يعلم أنه المعصوم أو لا.

(١٦) أي في الرواية.

(١٧) أي ما ذكر من الإشكال الحاصل من الجمع المفيد للعموم بحسب ظاهر إقراره وهذا ما يفيد عتق الجميع لا عتق من أعتقهم ، نعم هذا الإشكال مبني على الظاهر ، وإلا ففي نفس الواقع يحمل على خصوص من أعتقهم ، لأن العتق بحاجة إلى صيغة ، والصيغة قد وردت عليهم لا على الجميع وفيه أنه لا معنى للتفريق بين الظاهر ونفس الأمر ، بل يحمل الظاهر على نفس الأمر لأنه قرينة حالية ، ولذا قلنا إن إقراره منصرف إلى خصوص من أعتقهم ، وعليه فلا فرق بين الظاهر ونفس الأمر هنا.

٣٥٩

ويقوى الاشكال (١) لو كان من أعتقه سابقا لا يبلغ الجمع (٢) فإن اقراره ينافيه (٣) ، من حيث الجمع (٤) والعموم (٥) ، بل هو (٦) في الحقيقة جمع كثرة لا يطلق حقيقة إلا على ما فوق العشرة فكيف يحمل على الواحد بحسب مدلول اللفظ لو لم يكن اعتق غيره في نفس الأمر.

نعم هذا (٧) يتم بحسب ما يعرفه المعتق ويدين به (٨) ، لا بحسب اقراره (٩) ، لكن الأمر في جمع الكثرة سهل ، لأن العرف لا يفرّق بينه ، وبين جمع القلة (١٠) ، وهو (١١) المحكّم في هذا الباب (١٢).

واشترط بعضهم (١٣) في المحكوم بعتقه ظاهرا (١٤) الكثرة (١٥) ، نظرا إلى مدلول لفظ الجمع (١٦) ، فيلزم عتق ما يصدق عليه الجمع حقيقة (١٧) ، ويكون (١٨)

______________________________________________________

(١) أي الإشكال على الرواية وإطلاق الأصحاب.

(٢) كما لو كان واحدا أو اثنين.

(٣) أي ينافي الحكم بعتق من أعتقهم فقط.

(٤) فالإقرار بلفظ الجمع ومن أعتقهم دونه.

(٥) فالإقرار يفيد العموم الاستغراقي القاضي بعتق الجميع ، ومن أعتقهم ولو كان جمعا فهو ليس بمستغرق لجميع عبيده.

(٦) أي إقراره ، والمراد به لفظ العبيد الوارد في السؤال الذي اعترف به.

(٧) أي الحكم بعتق من أعتقهم كما هو مورد الرواية وإطلاق الأصحاب.

(٨) أي بحسب الواقع.

(٩) أي لفظ إقراره الدال على جميع عبيده.

(١٠) الذي يطلق على ما دون العشرة.

(١١) أي العرف.

(١٢) أي باب مداليل اللفظ.

(١٣) وهو العلامة في القواعد.

(١٤) وهو من أعتقهم سابقا.

(١٥) أي ما يصدق عليه الكثرة وهو ثلاثة فما فوق.

(١٦) وهو لفظ العبيد الوارد في السؤال.

(١٧) وأقله ثلاثة.

(١٨) أي الجمع المحكوم بعتقه.

٣٦٠