الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

الحاكم (١) فلا يحكم بها قبلها (٢) ، ولأنه (٣) حقها فيتوقف على مطالبتها ، ولأصالة عدم التسلط على الزوج بحبس ، وغيره (٤) قبل تحقق السبب (٥).

وقيل : من حين الايلاء عملا بظاهر الآية حيث رتب التربص عليه (٦) من غير تعرض للمرافعة ، وكذا الأخبار. وقد تقدم في الخبر السابق (٧) ما يدلّ عليه. وفي حسنة (٨) بريد عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا يكون ايلاء ما لم يمض أربعة أشهر ، فإذا مضت وقف ، فإما أن يفي‌ء ، وإما أن يعزم على الطلاق». فعلى هذا (٩) لو لم ترافعه حتى انقضت المدة أمره (١٠)

______________________________________________________

أجامعك كذا وكذا ـ إلى أن قال ـ فإنه يتربص به أربعة أشهر ثم يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف) (١) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الإيلاء ما هو؟ فقال : هو أن يقول الرجل لامرأته : والله لا أجامعك كذا وكذا ـ إلى أن قال ـ فيتربص بها أربعة أشهر ثم يؤخذ فيوقف بعد الأربعة أشهر فإن فاء ، وهو أن يصالح أهله فإن الله غفور رحيم ، وإن لم يف جبر على أن يطلّق) (٢).

والطائفة الأولى من الأخبار ضعيفة السند فلا تصلح لمعارضة هذه الأخبار الصحيحة مع أن توقف ضرب المدة على حكم الحاكم بحاجة إلى دليل وهو منفي ، وهذه الأخبار الصحيحة هي التي أخرجت ضرب المدة من حكم العدم الأصلي إلى حين الإيلاء ، وهذه الأخبار هي التي قطعت أصالة عدم التسلط على الزوج.

(١) لأن ضربه بالمدة حكم شرعي متوقف على حكم الحاكم.

(٢) أي لا يحكم بالمدة قبل المرافعة.

(٣) أي الوطي حق للزوجة.

(٤) من التضييق في الطعام والشراب.

(٥) ولا نجزم بتحقق السبب إلا بانقضاء المدة بعد المرافعة.

(٦) على الإيلاء.

(٧) وهو خبر منصور بن حازم الوارد في ثبوت الكفارة بالوطء بعد مدة التربص.

(٨) بل هي صحيحة ، وقد نقلها بالمعنى.

(٩) من كون مدة التربص من حين الإيلاء.

(١٠) أي أمر الحاكم الزوج.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

٢٤١

بأحد الأمرين منجزا (١)

(ويزول حكم الايلاء بالطلاق البائن (٢) ، لخروجها (٣) عن حكم الزوجية. والظاهر أن هذا الحكم (٤) ثابت وإن عقد عليها ثانيا في العدة (٥) ، لأن العقد لم يرفع حكم الطلاق ، بل أحدث نكاحا جديدا كما لو وقع (٦) بعد العدة ، بخلاف الرجعة في الرجعي (٧) ولو كان الطلاق رجعيا خرج من حقها (٨) ،

______________________________________________________

(١) أي بلا مهلة وانتظار.

(٢) اعلم أنه لو اختار المولى الطلاق صح ووقع رجعيا ما لم يكن ما يقتضي البينونة ، لأن الرجعي هو الأصل في الطلاق ولصحيح بريد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإذا مضت الأربعة أشهر وقف فإما أن يفي‌ء فيمسّها وإما أن يعزم على الطلاق فيخلي عنها حتى إذا حاضت وطهرت من محيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين ، ثم هو أحق برجعتها ما لم تمض الثلاثة أقراء) (١) وهذا ما عليه الأكثر ، وربما قبل بوقوعه بائنا ولم يعرف المخالف بعينه وإن أرسله بعض كما في الجواهر لصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المولي إذا وقف فلم يفي‌ء طلّق تطليقة بائنة) (٢) ومثله خبره الآخر (٣) ، وهي لا تصلح لمعارضة ما تقدم بعد إعراض الأصحاب عنها ، وعليه فإن استمر على الطلاق حتى خرجت من العدة فهو وإن رجع عاد الإيلاء لرجوع العقد الذي تعلق به الحلف ، لأن الحلف تعلق بالزوجية وهي ناشئة من العقد الأول فيدور الحلف مداره وجودا وعدما.

ولذا لو طلقها بائنا فيزول حكم الإيلاء لزوال العقد الذي تعلق به الحلف ، فلو عقد عليها ثانيا في أثناء العدة البائنة أو عقد عليها بعد انقضاء العدة الرجعية فلا يعود حكم الإيلاء الثابت للعقد الأول بلا خلاف في ذلك ولا إشكال.

(٣) أي المولى منها.

(٤) من زوال الإيلاء بالطلاق.

(٥) أي العدة البائنة.

(٦) أي العقد الثاني.

(٧) فلا يسقط حكم الإيلاء لبقاء زوجية الرجعية ، ولكن بالطلاق الرجعي خرج من حق وطئها.

(٨) بالنسبة لوطئها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١ و ٥ و ٣.

٢٤٢

لكن لا يزول حكم الايلاء إلا بانقضاء العدة ، فلو راجع فيها (١) بقي التحريم (٢).

وهل يلزم حينئذ (٣) بأحد الأمرين (٤) بناء على المدة السابقة (٥) أم يضرب له (٦) مدة ثانية (٧) ، ثم يوقف بعد انقضائها (٨)؟ وجهان. من بطلان (٩) حكم الطلاق (١٠) ، وعود النكاح الأول بعينه (١١) ، ومن ثمّ جاز طلاقها (١٢) قبل الدخول وكان الطلاق رجعيا (١٣) ، بناء على عود النكاح الأول ، وأنها (١٤) في حكم الزوجة ، ومن (١٥) سقوط الحكم عنه (١٦) بالطلاق فيفتقر (١٧) إلى حكم جديد (١٨) ، استصحابا لما قد ثبت (١٩). وبهذا (٢٠) جزم في التحرير.

______________________________________________________

(١) في العدة الرجعية.

(٢) أي تحريم وطئها.

(٣) حين الطلاق الرجعي بعد مدة التربص إلا أنه رجع إليها في العدة.

(٤) من الفئة أو الطلاق.

(٥) أي المدة السابقة للتربص قبل الطلاق.

(٦) بعد الرجوع.

(٧) للتربص.

(٨) بعد انقضاء المدة الثانية.

(٩) دليل للاكتفاء بالمدة السابقة.

(١٠) وقد بطل بالرجوع.

(١١) فتعود أحكامه ومن جملتها احتساب المدة السابقة.

(١٢) أي بعد الرجوع.

(١٣) والمعنى لو لا عود النكاح الأول لكان الطلاق الثاني قبل الدخول طلاقا بائنا ، ومع أنه طلاق رجعي بالاتفاق باعتبار الدخول قبل الطلاق الأول وهذا كاشف عن عود النكاح الأول بالرجعة.

(١٤) دليل ثان للاكتفاء بالمدة السابقة.

(١٥) دليل لضرب مدة ثانية.

(١٦) أي سقوط حكم التربص عن المولي بسبب الطلاق.

(١٧) أي الإلزام بأحد الأمرين.

(١٨) من ضرب مدة ثانية.

(١٩) من سقوط حكم التربص الأول.

(٢٠) أي الاحتياج إلى ضرب مدة ثانية.

٢٤٣

ثم إن طلق وفّى (١) ، وإن راجع ضربت له مدة أخرى (٢) وهكذا.

(وكذا يزول حكم الايلاء بشراء الأمة ثم عتقها وتزوجها) بعده (٣) ، لبطلان العقد الأول بشرائها ، وتزويجها بعد العتق حكم جديد كتزويجها بعد الطلاق البائن ، بل أبعد(٤).

ولا فرق (٥) بين تزويجها بعد العتق ، وتزويجها به (٦) جاعلا له (٧) مهرا ، لاتحاد العلة (٨) ، وهل يزول (٩) بمجرد شرائها من غير عتق؟ الظاهر ذلك (١٠) ، لبطلان العقد بالشراء (١١) ، واستباحتها حينئذ (١٢) بالملك. وهو (١٣) حكم جديد غير الأول (١٤) ،

______________________________________________________

(١) أي بعد ضرب المدة الثانية لو طلق المولى فقد وفى بحكم الحاكم من إلزامه بأحد الأمرين.

(٢) وهي مدة ثالثة وهكذا.

(٣) بعد العتق ، إذا آلي الحر من زوجته التي هي أمة الغير ، ثم اشتراها وأعتقها وتزوجها لم يرجع الإيلاء بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لأن الإيلاء قد تعلق بالزوجية الآتية من السبب الأول ، وإذا زال السبب الأول زال التحريم لزوال متعلقه ، فلو عادت الزوجية بسبب ثان لا يعود الإيلاء لأصالة البراءة.

ولذا تعرف أن الحل هنا متوقف على مجرد الشراء ، لأن الوطي بالملك سبب جديد غير التزويج الذي كان سببا سابقا فلا داعي للعتق والتزويج كما فرض في كلام الكثير من الفقهاء.

(٤) وجه البعد أن سبب الفراق هنا اثنان الشراء ثم العتق وفي الطلاق واحد.

(٥) في زوال حكم الإيلاء.

(٦) بالعتق.

(٧) للعتق.

(٨) وهي أن الحل هنا بسبب جديد غير السبب الذي تعلق به الإيلاء.

(٩) حكم الإيلاء.

(١٠) أنه يزول.

(١١) إذ لا يستباح البضع بسببين.

(١٢) أي حين الشراء.

(١٣) أي الملك.

(١٤) وهو العقد.

٢٤٤

ولكن الأصحاب فرضوا المسألة كما هنا (١).

نعم لو انعكس الفرض (٢) بأن كان الملي عبدا فاشترته الزوجة توقف حلّها له (٣) على عتقه ، وتزويجه ثانيا. والظاهر بطلان الايلاء هنا (٤) أيضا (٥) بالشراء وإن توقف حلّها له على الأمرين (٦) ، كما بطل (٧) بالطلاق البائن وإن لم يتزوجها.

وتظهر الفائدة (٨) فيما لو وطأها بعد ذلك (٩) بشبهة ، أو حراما فإنه لا كفارة (١٠) إن ابطلناه (١١) بمجرد الملك (١٢) والطلاق (١٣).

(ولا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين (١٤) ،

______________________________________________________

(١) من فرض العتق والتزويج بعد الشراء ، مع أن الشراء كاف في إزالة حكم الإيلاء.

(٢) بأن آلى العبد من زوجته الحرة فلو اشترته وأعتقته وتزوج بها فيزول حكم الإيلاء ، لأن الحل ثانيا بسبب جديد غير السبب الذي تعلق به الإيلاء.

بل زوال الإيلاء متوقف على الشراء ، لأنه بالشراء زال العقد الأول الذي تعلق به التحريم كما يزول العقد الأول الذي تعلق به التحريم بالطلاق في غيره ، نعم لو اشترته وزال الإيلاء لا يباح لها بالملك ولا بالعقد ما دام مملوكا لها بل لا بد من العتق والعقد حتى يباح لها حينئذ.

(٣) أي حل وطئها للمولى.

(٤) فيما لو آلى العبد من زوجته الحرة.

(٥) كبطلان الإيلاء بالشراء في الفرع السابق.

(٦) من العتق والتزويج.

(٧) أي الإيلاء.

(٨) في بطلان حكم الإيلاء بالشراء ، ولا تحل له حينئذ إلا بعد العتق والتزويج.

(٩) بعد بطلان حكم الإيلاء بالشراء وقبل العتق والتزويج.

(١٠) لزوال حكم الإيلاء بسبب زوال الزوجية.

(١١) أي أبطلنا الإيلاء.

(١٢) في صورة شراء الحرة زوجها المولي.

(١٣) في صورة الطلاق البائن وإن لم يتزوجها ، نعم لو قلنا أنه لا يبطل الإيلاء إلا بالعتق بعد الشراء لزمته الكفارة.

(١٤) لا إشكال في عدم تكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا قصد التأكيد ، أما إذا أطلق أو قصد التأسيس ففيه صورتان.

٢٤٥

سواء(قصد التأكيد (١) وهو تقوية الحكم السابق ، (أو التأسيس) وهو احداث حكم آخر ، أو أطلق (٢) (إلا مع تغاير الزمان (٣) أي زمان الايلاء وهو الوقت المحلوف على ترك الوطء فيه ، لا زمان الصيغة ، بأن يقول : والله لا وطأتك ستة أشهر فإذا انقضت فو الله لا وطأتك سنة ، فيتعدد الايلاء إن قلنا بوقوعه (٤) معلقا على الصفة. وحينئذ (٥) فلها المرافعة لكل منهما ، فلو ماطل في الأول حتى انقضت مدته انحلّ ودخل الآخر وعلى ما اختاره المصنف سابقا من اشتراط تجريده عن الشرط والصفة يبطل الثاني (٦) ، ولا يتحقق تعدد الكفارة بتعدده (٧) ، ولا يقع الاستثناء (٨) موقعه.

(وفي الظهار خلاف أقربه التكرار (٩) بتكرر الصيغة سواء فرّق الظهار أم

______________________________________________________

الأولى : أن يكون المحلوف عليه واحدا وزمانه واحدا وظاهر الأصحاب أنه لا تتكرر الكفارة لصدق الإيلاء مع تعدد اليمين فيكفيه كفارة واحدة وأشكل عليهم الشارح في المسالك بأن كل واحد سبب مستقل في إيجاب الكفارة والأصل عدم التداخل.

الصورة الثانية : أن يكون المحلوف عليه واحدا وهو ترك الوطي والزمان متعددا كما لو قال : والله لا جامعتك خمسة أشهر فإذا انقضت فو الله لا جامعتك سنة ، فقد أتى بيمينين ، الأول منهما منجز والثاني معلق على انقضاء الأول ، وعليه فإن قلنا ببطلان الإيلاء المعلق اختص البحث بالأول ، وإن قلنا بصحته فلها المطالبة بعد مضي أربعة أشهر بموجب الإيلاء الأول ، ولها المطالبة بعد مضي أربعة أشهر من حلول الثاني ، لأن كلا منهما إيلاء له حكمه.

(١) وهو تأكيد الأول بالثاني.

(٢) بأن لم يقصد التأكيد ولا التأسيس.

(٣) أي زمان المحلوف عليه لا زمان الصيغة.

(٤) أي الإيلاء.

(٥) أي حين تعدد الإيلاء.

(٦) لأنه معلق على انقضاء الأول بخلاف الأول فإنه منجز.

(٧) لعدم وقوع التعدد ، باعتبار أن الثاني معلّق وهو باطل على مبنى المصنف سواء تغاير زمن المحلوف عليه أم لا ، ومنه تعرف ضعف استثناء تغاير الزمان في كلام الماتن.

(٨) وهو قول الماتن : (إلا مع تغاير الزمان).

(٩) لو ظاهر من زوجته مرارا وجب عليه بكل مرة كفارة ، سواء فرّق الظهار أم لا ، وسواء عاد لما قال بعد كل ظهار أم لم يعد إلا بعد الأخير كما عليه الأكثر لأصالة تعدد المسبّب

٢٤٦

تابعه في مجلس واحد ، وسواء قصد التأسيس أم لم يقصد ما لم يقصد التأكيد ، لصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات ، أو أكثر فقال عليه‌السلام : «قال علي عليه‌السلام : مكان كل مرة كفارة» وغيرها من الأخبار.

وقال ابن الجنيد لا تتكرر إلا مع تغاير المشبهة بها (١) ، أو تخلل التكفير ، استنادا إلى خبر لا دلالة فيه على مطلوبه.

(وإذا وطأ المؤلي ساهيا ، أو مجنونا ، أو لشبهة (٢) لم تلزمه كفارة ، لعدم

______________________________________________________

بتعدد السبب وللأخبار :

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر ما عليه؟ قال : عليه مكان كل مرة كفارة) (١) وصحيحه الآخر عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر فقال : قال علي عليه‌السلام : مكان كل مرة كفارة) (٢) وصحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات ، قال : يكفّر ثلاث مرات) (٣) وخبر جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فيمن ظاهر من امرأته خمس عشرة مرة قال : عليه خمس عشرة كفارة) (٤) ، وهي مطلقة تشمل ما ذكرناه ، وعن ابن الجنيد التفصيل بتعدد المشبه بها كالأم والأخت فتتعدد الكفارة ، وإذا اتحد والمشبه بها كالأم فتتحد الكفارة وإن فرق الظهار على مجلسين إلا أن يتخلل التكفير فتتعدد الكفارة لأنه مع تعدد المشبه بها تكون حرمتين قد انتهك كل واحدة منهما فيجب لكل واحدة كفارة ولصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل ظاهر من امرأته أربع مرات في مجلس واحد قال : عليه كفارة واحدة) (٥).

وردّ بإمكان حمله على صورة التأكيد ولذا صرح أكثر من واحد بعدم تكرر الكفارة في هذه الصورة بل صرح الفخر في الإيضاح في أن محل الخلاف غير صورة التأكيد ، وعلى كل فلا دلالة فيه على تفصيل ابن الجنيد.

(١) كالأم والأخت وغيرهما.

(٢) إذا وطأ المولي ساهيا أو مجنونا أو اشتبهت بغيرها من حلائله أو نحو ذلك من الأحوال

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من كتاب الظهار حديث ٤ و ١ و ٢ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من كتاب الظهار حديث ٦.

٢٤٧

الحنث(وبطل حكم الايلاء عند الشيخ) ، لتحقق الإصابة (١) ، ومخالفة مقتضى اليمين ، كما يبطل لو وطأ متعمدا لذلك (٢) ، وإن (٣) وجهت الكفارة (٤). وتبعه على هذا القول جماعة. ونسبة المصنف القول إليه (٥) يشعر بتمريضه.

ووجهه أصالة البقاء (٦) ، واغتفار الفعل بالأعذار (٧) ، وكون الايلاء يمينا. وهي (٨) في النفي تقتضي الدوام ، والنسيان والجهل لم يدخلا تحت مقتضاها ، لأن الغرض من البعث والزجر في اليمين إنما يكون عند ذكرها ، وذكر المحلوف عليه حتى يكون تركه (٩) لأجل اليمين (١٠). مع أنه (١١) في قواعده استقرب انحلال اليمين مطلقا (١٢) بمخالفة مقتضاها نسيانا وجهلا وإكراها مع عدم الحنث (١٣) ،

______________________________________________________

التي لا يكون بها عامدا فلا إشكال في عدم وجوب الكفارة ، لأنه لا تقصير منه فيندرج تحت عموم من رفع عنه الخطأ والنسيان من الأمة.

وإنما الكلام في انحلال اليمين فالشيخ حكم بالانحلال وبطلان الإيلاء وتبعه عليه جماعة منهم العلامة جازما من غير خلاف ، ووجهه أنه قد أوجد المحلوف عليه وتحققت الإصابة إلا أنه لم يؤاخذ من ناحية تقصيره فكان كما لو خالف عمدا ، وإن اختلفا في وجوب الكفارة وعدمها.

وتوقف فيه المحقق في الشرائع والماتن في اللمعة لأن المراد من اليمين الالتزام بالمتعلق ، ولا يكون ذلك إلا حال التذكر ، فليس الفرض حينئذ متعلقا لليمين حتى تنحل بفعله.

(١) وهي الوطي في القبل مع أنه قد حلف على تركه.

(٢) أي لتحقق الإصابة ومخالفة مقتضى اليمين.

(٣) وصلية.

(٤) في صورة العمد.

(٥) إلى الشيخ.

(٦) أي بقاء الإيلاء بالاستصحاب.

(٧) وكأنه لم يقع.

(٨) أي اليمين.

(٩) ترك المحلوف عليه.

(١٠) وليس ذكر عند الجهل والنسيان.

(١١) أي الماتن.

(١٢) إيلاء كانت أم غيره.

(١٣) أي عدم الحنث الموجب للكفارة.

٢٤٨

محتجا بأن المخالفة قد حصلت وهي (١) لا تتكرر ، وبحكم (٢) الأصحاب ببطلان الايلاء بالوطء ساهيا مع أنها (٣) يمين. فنسب الحكم المذكور (٤) هنا (٥) إلى الأصحاب ، لا إلى الشيخ وحده (٦). وللتوقف وجه.

(ولو ترافع الذميان إلينا) في حكم الايلاء(تخيّر الإمام (٧) ، أو الحاكم) المترافع إليه(بين الحكم بينهم بما يحكم على المؤلي المسلم ، وبين ردّهم إلى أهل ملتهم) جمع الضمير للاسم المثنى (٨) تجوزا ، أو بناء على وقوع الجمع عليه (٩) حقيقة

______________________________________________________

(١) أي المخالفة.

(٢) أي ومحتجا بحكم الأصحاب.

(٣) أي مع أن الإيلاء.

(٤) من الانحلال.

(٥) أي في القواعد.

(٦) كما في هذا الكتاب.

(٧) الذميان إذا ترافعا إلينا كان الحاكم بالخيار بين أن يحكم بينهما بمقتضى شرعنا لعموم أدلة الإيلاء وهم مكلفون بالفروع ، ولقوله تعالى : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ) (١) ، وبين ردهما إلى أهل نحلتهما ، لإقرارهم عليها كما هو المستفاد من الإعراض عنهم كما في قوله تعالى : (فَإِنْ جٰاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) (١) والمراد بالإعراض عنهم ردهم إلى أحكامهم.

وعن بعض العامة أن الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ) (٢) ، وليس له شاهد أو دليل مع أن النسخ على خلاف الأصل مع أن الإعراض عنهم من جملة الحكم بما أنزل الله تعالى.

نعم قد يقال ـ كما في الجواهر ـ أن الإعراض عنهم غير الأمر لهما بالرجوع إلى أهل نحلتهما الذي هو من الباطل فلا يؤمر به ، وإقرارهم على الشي‌ء غير الأمر بالرجوع إليه.

(٨) أي جمع الضمير في قوله : ردهم وملتهم ، مع أن المرجع اسم مثنى وهو الذميان.

(٩) على المثنى.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٠٥.

(١) سورة المائدة ، الآية : ٤٢.

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٤٩.

٢٤٩

كما هو أحد القولين (١) (ولو آلى ثم ارتد (٢) عن ملة(حسب عليه من المدة) التي تضرب له(زمان الردة على الأقوى) ، لتمكنه من الوطء بالرجوع عن الردة فلا تكون (٣) عذرا لانتفاء معناه(٤).

وقال الشيخ : لا يحتسب عليه مدة الردة ، لأن المنع بسبب الارتداد ، لا بسبب الايلاء ، كما لا يحتسب مدة الطلاق منها (٥) لو راجع وإن كان يمكنه (٦) المراجعة في كل وقت (٧).

وأجيب بالفرق بينهما (٨) فإن المرتد إذا عاد إلى الإسلام تبين أن النكاح لم يرتفع (٩) ، بخلاف الطلاق فإنه لا ينهدم بالرجعة (١٠) وإن (١١) عاد حكم النكاح السابق (١٢) كما سبق. ولهذا (١٣) لو راجع المطلقة تبقى معه على طلقتين. ولو كان

______________________________________________________

(١) من أن أقل الجمع اثنان.

(٢) لو آلى ثم ارتد عن غير فطرة ، لأنه لو كان مرتدا عن فطرة فهو كالميت يبطل معه التربص ، وعلى كل فقال الشيخ : لا يحتسب عليه مدة الردة ، لأن المنع بسبب الارتداد الذي هو فاسخ النكاح كالطلاق ، ولم يكن المانع بسبب الإيلاء ، فلا تحتسب مدة الردة من مدة الإيلاء المقتضية لاستحقاق المطالبة بعدها ، كما لا يحتسب زمان العدة لو طلقها بعد الإيلاء.

وعن الأكثر الاحتساب لتمكنه من الوطي مع الردة بإزالة المانع فلا يكون عذرا ، ويفارق العدة بأن المرتد إذا عاد إلى الإسلام يتبين أن النكاح لم ينفسخ ، مع أن الطلاق الماضي مع لحوق الرجعة لا ينهدم ولذا ظهر أثره بتحريمها بالثلاث وإن رجع في الأولين.

(٣) أي الردة.

(٤) وهو عدم التمكن من الوطي.

(٥) من مدة التربص للإيلاء.

(٦) أي المطلق.

(٧) كما كان يمكنه الوطي عند الردة.

(٨) بين الردة والطلاق.

(٩) فينهدم الارتداد.

(١٠) بل تبقى له أحكامه.

(١١) وصلية.

(١٢) ولكنه لا يهدم أحكام الطلاق.

(١٣) أي لعدم انهدام الطلاق.

٢٥٠

ارتداده عن فطرة فهو بمنزلة الموت يبطل معها (١) التربص ، وإنما أطلقه (٢) ، لظهور حكم الارتدادين.

______________________________________________________

(١) مع الردة.

(٢) أي أطلق المصنف حكم الارتداد ولم يبين أنه لغير فطرة.

٢٥١
٢٥٢

كتاب اللعان

٢٥٣
٢٥٤

(كتاب اللعان)

______________________________________________________

(١) مصدر لاعن يلاعن ، وقد يستعمل جمعا للعن ، واللعن هو الطرد والإبعاد من الخير والرحمة ، وشرعا مباهلة بين الزوجين على وجه مخصوص ، وسميت لعانا لاشتمالها على كلمة اللعن وخصّت بهذه التسمية ، لأن اللعن كلمة غريبة في مقام الحجج من الشهادات والأيمان ، والشي‌ء يشتهر بما يقع فيه من الغريب ، وعلى ذلك جرى معظم تسميات سور القرآن.

أو أن هذه المباهلة سميت لعانا لأن كلا من الزوجين يبعد عن الآخر بها ، إذ يحرم النكاح بينهما.

والأصل في اللعان قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ ، وَالْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ ، وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ ، وَالْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ) (١).

والأخبار.

منها : ما روته العامة عن ابن عباس من أنه لما نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ) (٢) الآية قال سعد بن معاذ : (يا رسول الله إني لأعلم أنها حق من عند الله تعالى شأنه ، ولكن تعجبت أن لو وجدت لكاعا يفخذها لم يكن لي أن أهيّجه ولا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء ، فو الله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته ، فما لبثوا حتى جاء هلال بن أمية فقال : يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا يقال له : شريك بن سمحاء فرأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فقال سعد : الآن يضرب

__________________

(١) سورة النور ، الآيات : ٦ ـ ٩.

(٢) سورة النور ، الآية : ٤.

٢٥٥

وهو لغة المباهلة (١) المطلقة ، أو فعال من اللعن (٢) ، أو جمع له (٣) وهو (٤) الطرد والابعاد من الخير ، والاسم (٥) اللعنة ، وشرعا هو المباهلة بين الزوجين في إزالة حد (٦) ، أو نفي ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم.

______________________________________________________

النبي هلال بن أمية وتبطل شهادته في المسلمين.

فقال هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي مخرجا فبينما هم كذلك إذا نزل (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبشر يا هلال ، فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا) (١).

وروي أن المعرّض هو عاصم بن عدي الأنصاري قال : (جعلني الله فداك إن وجد رجل مع امرأته فأخبر جلد ثمانين جلدة وردّت شهادته أبدا وفسق ، وإن ضربه بالسيف قتل به ، وإن سكت على غيظ إلى أن يجي‌ء بأربعة شهداء فقد قضيت حاجته ومضى ، اللهم افتح وفرّج واستقبله هلال بن أمية فأتيا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر عاصم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكلّم خولة زوجة هلال فقالت : لا أدري ألغيرة أدركته أم بخل بالطعام ، وكان الرجل نزيلهم ، فقال هلال : لقد رأيتها على بطنها فنزلت الآية ، فلا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينهما) (٢) الخبر.

وفي غوالي اللئالي (روي في الحديث أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن السمحاء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله ، يجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال : والذي بعثك بالحق إنني لصادق ، وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد ، فنزل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ)) (٣).

(١) من باهل يباهل أي التضرع إلى الله ، ثم استعمل في طلب اللعنة على الخصم.

(٢) فعلى الأول مصدر مزيد وعلى الثاني مصدر مجرد.

(٣) للعن.

(٤) أي اللعن.

(٥) أي اسم المصدر.

(٦) وهو حد القذف ، لأن الرمي بالزنا قذف.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٩٤.

(٢) تفسير الرازي ج ٦ ص ٣٤٢ طبع عام ١٣٠٧.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.

٢٥٦

(وله (١) سببان : أحدهما رمي الزوجة المحصنة (٢) بفتح الصاد وكسرها(المدخول بها) دخولا يوجب تمام المهر ، وسيأتي الخلاف في اشتراطه (٣) (بالزنا قبلا ، أو دبرا (٤) مع دعوى المشاهدة) للزنا (٥) ،

______________________________________________________

(١) أي للعان.

(٢) أحصنت ـ بالضم ـ المرأة أي عفت فهي محصنة بالكسر ، وأحصنها زوجها فهي محصنة بالفتح ، والمراد بها العفيفة غير المشهورة بالزنا ، وإلا فالمشهورة بالزنا سيأتي أن عليه التقرير ولا لعان ولا حد.

(٣) أي اشتراط الدخول.

(٤) اللعان له سببان والأول منهما هو : رمي الزوجة المحصنة بالزنا ولو دبرا على المشهور ، ويشهد به عموم الآية المتقدمة (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ) (١) ، والأخبار الآتي بعضها.

وعن الصدوق في الفقيه والهداية وظاهر المقنع أنه لا لعان إلا بالسبب الثاني ، وهو نفي الولد لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (لا يكون اللعان إلا بنفي ولد وقال : إذا قذف الرجل بامرأته لا عنها) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته ، ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد) (٣).

وهما قاصران سندا وعددا عن معارضة ما تقدم مع تضمن ذيل خبر محمد بن مسلم على ما هو صريح في مختار المشهور أما لو رمى الأجنبية بالزنا فلا لعان ، لاختصاصه بالزوجة كما هو مفاد الآية المتقدمة ، ويثبت عليه حد القذف.

(٥) لا يترتب اللعان بالقذف إلا مع ادعائه المشاهدة ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه قال في الرجل يقذف امرأته : يجلد ثم يخلّى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول : إنه قد رأى بين رجليها من يفجر بها) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم (سألته عن الرجل يفتري على امرأته قال : يجلد ثم يخلّى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول : أشهد أني رأيتك تفعلين كذا وكذا) (٥) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا قذف الرجل امرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول : رأيت بين رجليها رجلا يزني بها) (٥).

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢ و ٤.

٢٥٧

وسلامتها من الصمم والخرس (١) ، ولو انتفى أحد الشرائط ثبت الحد (٢) من غير لعان ، إلا مع عدم الاحصان (٣) فالتعزير كما سيأتي.

(والمطلقة رجعية زوجة) (٤) بخلاف البائن.

وشمل إطلاق رميها (٥) ما إذا ادعى وقوعه (٦) زمن الزوجية وقبله (٧) ، وهو في الأول موضع وفاق ، وفي الثاني (٨)

______________________________________________________

(١) قد تقدم في كتاب النكاح في بحث أسباب التحريم أن قذف الزوجة الخرساء أو الصماء يوجب التحريم بلا لعان.

(٢) أي حد القذف.

(٣) أي عدم إحصان الزوجة بأن تكون مشهورة بالزنا.

(٤) إذا قذف المطلقة رجعيا كان له اللعان كما كان له الإيلاء والظهار ، لأنها بحكم الزوجة ، بلا فرق أن يكون القذف بملاحظة زمن الزوجية أو زمن العدة.

نعم ليس له اللعان لو قذف المطلقة بائنا ، بل يثبت بالقذف الحد ، سواء قذفها بلحاظ زمن الزوجية أو زمن العدة ، لأنها أجنبية حينئذ بلا خلاف فيه بيننا ، خلافا لبعض العامة حيث أثبت اللعان لو قذفها بلحاظ زمن الزوجية ، وهو ضعيف لما عرفت أن العبرة في زمن القذف وهي أجنبية في هذا الزمن ، نعم لو نفى الولد بعد الطلاق البائن فله اللعان كما سيأتي تفصيله فيما بعد إن شاء الله تعالى.

(٥) أي رمي الزوجة بالزنا كما هو وارد في التعريف.

(٦) أي وقوع الزنا.

(٧) ولكن الادعاء في زمن الزوجية.

(٨) ما لو قذفها زمن الزوجية بالزنا قبل الزواج فحد القذف ثابت بالاتفاق ولكن هل له إسقاطه باللعان ، قال الشيخ في الخلاف : ليس له اللعان باعتبار حالة الزنا فيبقى عموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً وَلٰا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهٰادَةً أَبَداً وَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ) (١).

وقال الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع والشارح في المسالك أنه له الإسقاط باللعان باعتبار حالة القذف ، فيصدق أنه قذف زوجته فيندرج تحت عموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ) (٢) الآية.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٤.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.

٢٥٨

قولان : أجودهما ذلك (١) اعتبارا بحال القذف.

(وقيل) والقائل الشيخ والمحقق والعلامة وجماعة : (و) يشترط زيادة على ما تقدم(عدم البينة (٢)

______________________________________________________

(١) من ثبوت اللعان له بالقذف.

(٢) اختلف الأصحاب في أن اللعان هل هو مشروط بعدم البينة من قبل الزوج على الزنا أم لا.

فذهب الشيخ في الخلاف والعلامة في المختلف والتحرير إلى عدم الاشتراط وقواه الشارح في المسالك ، بل يجوز له اللعان ولو كان عنده بينة ، لأصالة عدم الاشتراط ، ولأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا عن بين عويمر وزوجته ولم يسألهما البينة فلو كان عدمها شرطا لسأل ، كما في خبر النعماني مسندا عن علي عليه‌السلام (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من غزوة تبوك قام إليه عويمر بن الحارث فقال : إن امرأتي زنت بشريك بن السمحاط فأعرض عنه ، فأعاد إليه القول فأعرض عنه ، فأعاد عليه ثالثة فقام ودخل فنزل اللعان.

فخرج إليه وقال : ائتني بأهلك فقد أنزل الله فيكما قرآنا فمضى فأتاه بأهله وأتى معها قومها فوافوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يصلي العصر ، فلما فرغ أقبل عليهما وقال لهما : تقدما إلى المنبر فلا عنا ، فتقدم عويمر إلى المنبر فتلا عليهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آية اللعان ، فشهد بالله (أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ وَالْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ) ، ثم شهدت بالله أربع شهادات (إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ) فيما رماها به فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : العني نفسك الخامسة ، فشهدت وقالت في الخامسة : (أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ) فيما رماها به.

فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اذهبا فلن يحلّ لك ولن تحلّي له أبدا ، فقال عويمر : يا رسول الله فالذي أعطيتها ، فقال : إن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه) (١).

وعن المشهور اشتراط اللعان بعدم البينة لاشتراط عدم الشهود في الآية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ) (٢) ، ولخبر الغوالي (أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن السمحاء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله ، يجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٩.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.

٢٥٩

على الزنا على وجه يثبت (١) بها ، فلو كان له بينة لم يشرع اللعان ، لاشتراطه (٢) في الآية بعدم الشهداء ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، ولأن اللعان حجة ضعيفة ، لأنه (٣) إما شهادة لنفسه ، أو يمين فلا يعمل به مع الحجة القوية وهي البينة ، ولأن حدّ الزنا مبني على التخفيف (٤) ،

______________________________________________________

يقول : البينة وإلا حد في ظهرك فقال : والذي بعثك بالحق إنني لصادق ، وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد ، فنزل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ) (١) ، وهو ظاهر في اشتراط عدم البينة ولأنه إذا نكل عن اللعان يحدّ فيلزم حينئذ الحد مع وجود البينة وهذا ما لا يمكن الالتزام به ، ولأن اللعان حجة ضعيفة لأنه إما شهادة لنفسه أو يمين فلا يعمل به مع الحجة القوية التي هي البينة ومع هذه الأدلة لا تجري أصالة عدم الاشتراط ، وعدم سؤال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعويمر وزوجته البينة لاحتمال علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدم البينة.

وأجيب عن الآية بضعف مفهوم الوصف ، وجواز بنائه على الأغلب ، وأجيب عن قصة هلال بأنها واقعة مخصوصة لا تفيد انحصار الحكم بمضمونها ، بل قد طالبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبينة لعدم الخلاف في أنه لا يندفع حد القذف إلا بالبينة عند عدم تشريع اللعان ، وأجيب عن دليلهم الثالث بأنه يحدّ إذا نكل عن اللعان إذا لم يمكنه رفع الحد بالبينة كما لو أقامها ابتداء بعد القذف ، وأجيب عن دليلهم الرابع بعدم التسليم بكون اللعان حجة ضعيفة وإن كانت شهادة لنفسه بعد ثبوتها بالنص كما ثبتت البينة بالنص.

والأقوى أن اللعان على خلاف الأصل من ناحية إسقاطه الحدّ فيقتصر فيه على المتيقن ، وهو اشتراطه بعدم البينة بعد كون الآية مؤيدا له.

(١) أي يثبت الزنا بالبينة.

(٢) أي اشتراط اللعان.

(٣) أي اللعان.

(٤) علّق الشارح كما في الطبعة الحجرية بقوله : (المراد أن من جملة بناء الحدود على التخفيف أنها لا تثبت بيمين المدعي ولا يتوجه بها على المنكر يمين ، فلو ثبت اللعان هنا مع إمكان البينة ، وهو ـ أي اللعان ـ في معنى اليمين لثبت الحد عليها بلعانه ، وهو في معنى ثبوته عليها بيمينه.

وبناء الحد على التخفيف ينافي ذلك ، فلا يشرع مع إمكان إقامته بالبينة ، فإنه ـ أي الحد ـ مما يثبت بها مطلقا ، ولا ينافي في ذلك ثبوته ـ أي الحد ـ باليمين في اللعان حيث

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.

٢٦٠