الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

أحدهما الجواز (١) كما يجوز الرجوع في تدبيرها ، لكون التدبير جائزا فيصح الرجوع فيه ، والفرع (٢)

______________________________________________________

لعموم الأدلة الدالة على جواز الرجوع في التدبير ، ولأن تدبير الولد فرع عن تدبير أمه ، ولا يزيد الفرع عن أصله ، وعليه فكما جاز الرجوع في تدبير الأم فيجوز الرجوع في تدبير الولد.

وعن الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط وابني البراج وحمزة والمحقق في النافع بل نسب إلى الأكثر عدم جواز الرجوع في تدبير الولد لصحيح أبان بن تغلب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل دبّر مملوكه ثم زوّجها من رجل آخر فولدت منه أولادا ثم مات زوجها وترك أولاده منها ، قال : أولاده منها كهيئتها ، فإذا مات الذي دبّر أمهم فهم أحرار ، قلت له : أيجوز للذي دبّر أمهم أن يردّ في تدبيره إذا احتاج؟ قال : نعم ، قلت : أرأيت إن ماتت أمهم بعد ما مات الزوج وبقي أولادها من الزوج الحر أيجوز لسيدها أن يبيع أولادها ، وأن يرجع عليهم في التدبير؟ قال : لا ، إنما كان له أن يرجع في تدبير أمهم إذا احتاج ورضيت هي بذلك) (١).

وأشكل على الرواية من حيث اشتمالها على كون أبيهم حرا وهذا ما يوجب تبعية الأولاد في الحرية له فكيف حكمت الرواية بأنهم مماليك ، وأشكل أيضا عليها بأنها فرقت بين تدبير الأم وتدبير ولدها من ناحية جواز الرجوع في الأول دون الثاني ، مع أنه تفريق بلا فارق ما دام كل منهما تدبيرا.

ويردّ الإشكال الأول بجواز كون الأولاد مملوكين لاشتراط رقيتهم من مولى الزوجة المملوكة وهذا جائز على ما قد تقدم الخلاف فيه ، ويردّ الإشكال الثاني بأن نفس النص الصحيح المتقدم هو الفارق بين التدبيرين على أن تدبير الأم إنما هو بفعل المالك فيجوز له الرجوع فيه ، بخلاف تدبير الولد الذي هو بالسراية ولا اختيار للمالك فيه فلذا لا يجوز له الرجوع فيه ، وهذا ليس بعزيز ، بل له نظائر فالفسخ بالخيار يقتضي فسخ عقد البيع بالنسبة لشخص المبيع ، ولا يقتضي الفسخ في النماء المنفصل ، بل يبقى النماء للمشتري وإن ردت العين للبائع فكذلك هنا فالرجوع فسخ لما حصل بصيغة التدبير الحاصلة من المولى والمتعلقة بالأم ، ولا يتعلق الفسخ بالتدبير المتعلق بالنماء ـ الذي هو الولد ـ لأن النماء لا يقبل الفسخ ولا الرجوع.

(١) أي يجوز للمولى أن يرجع في تدبير الولد.

(٢) وهو تدبير الولد ، وكان فرعا لأنه متفرع عن تدبير أمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب التدبير حديث ١.

٤٠١

لا يزيد على أصله. والثاني (١) وهو الذي اختاره الشيخ مدعيا الاجماع وجماعة منهم المصنف في الدروس.

(و) هو (المروي) صحيحا عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه‌السلام(المنع (٢) ، ولأنه (٣) لم يباشر تدبيره (٤) ، وإنما حكم به (٥) شرعا فلا يباشر ردّه (٦) في الرقّ ، وبهذا يحصل الفرق بين الأصل (٧) والفرع (٨).

(ودخول الحمل (٩) في التدبير للأمّ مروي) في الصحيح عن الحسن بن علي

______________________________________________________

(١) أي القول الثاني.

(٢) خبر قوله (والثاني).

(٣) أي ولأن المولى ، وهو دليل ثان على المنع بعد صحيح أبان الذي هو الدليل الأول.

(٤) أي تدبير الولد.

(٥) بتدبير الولد تبعا لتدبير أمه.

(٦) أي فلا يباشر المولى ردّ الولد في الرق بأن يرجع في تدبيره.

(٧) وهو تدبير الأم الذي صدر بمباشرة المولى.

(٨) وهو تدبير الولد الذي حكم به شرعا للتبعية ، فما باشره المولى فيجوز له الرجوع فيه ، وما لم يباشره فلا يجوز له الرجوع فيه.

(٩) أي الحمل الحاصل قبل التدبير ، وهذا بخلاف الحمل الحاصل بعد التدبير الذي تكلمنا عنه في الفرع السابق فيما لو حملت المدبرة ولو من الزنا فحملها مدبّر.

هذا فلو دبّر حاملا فعن الشيخ في النهاية وابن الجنيد وابن البراج وابن حمزة بل في الدروس نسبته إلى المشهور أنه إذا علم المولى بالحمل فهو مدبّر أيضا ، وإلا فهو رق لخبر الوشاء في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (سألته عن رجل دبّر جارية وهي حبلى ، فقال : إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق) (١).

وعن الشيخ في المبسوط وابن إدريس وجماعة عدم التبعية وإن علم المولى بوجود الحمل ، للأصل ، ولانفصال الحمل عنها وجودا فلا بدّ أن ينفصل عنها حكما ولذا لا يدخل في بيعها وعتقها وغيرهما إلا مع التصريح بالدخول فكذا التدبير ، ولموثق عثمان بن عيسى عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام (سألته عن امرأة دبرت جارية لها فولدت الجارية جارية

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب التدبير حديث ٣.

٤٠٢

الوشاء عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن رجل دبّر جاريته وهي حبلى فقال : «إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق».

والرواية كما ترى دالة على اشتراط دخوله (١) بالعلم (٢) به ، لا مطلقا (٣) فكان على المصنف أن يقيده (٤) حيث نسبه (٥) إلى الرواية.

نعم ذهب بعض الأصحاب (٦) إلى دخوله في تدبيرها مطلقا (٧) كما يدخل (٨) لو تجدد (٩) ،

______________________________________________________

نفيسة ، فلم تدر المرأة حال المولودة ، أهي مدبرة أو غير مدبرة ، فقال لي : متى كان الحمل بالمدبرة ، أقبل ما دبّرت أو بعد ما دبّرت؟ فقلت : لست أدري ولكن أجنبي فيهما جميعا ، فقال : إن كانت المرأة دبّرت وبها حبل ولم تذكر ما في بطنها فالجارية مدبرة والولد رق ، وإن كان إنما حدث الحمل بعد التدبير فالولد مدبر في تدبير أمه) (١).

ووجه الاستدلال قوله عليه‌السلام (ولم تذكر ما في بطنها) والمعنى ولم تذكر المرأة ما في بطن الجارية عند التلفظ بصيغة التدبير فالجارية مدبرة والولد رق ، وعليه فيكون المدار على قصد المولى وعدمه بعد حمل خبر الوشاء على صورة القصد ، وهو حمل غير بعيد ، لأن خبر الوشاء قيّد دخول الحمل في تدبير الأم بصورة علم المولى بحبل الجارية ، ويحمل العلم على القصد جمعا بين الخبرين لأن العلم سبب للقصد. وعن القاضي ابن البراج القول بسراية التدبير مطلقا علم المولى بالحمل أو لم يعلم ، والخبران المتقدمان حجة عليه.

(١) أي دخول الحمل في التدبير.

(٢) أي بسبب العلم به.

(٣) حتى مع عدم العلم.

(٤) أي يقيّد دخول الحمل في التدبير.

(٥) أي نسب دخول الحمل في تدبير أمه.

(٦) وهو ابن البراج.

(٧) علم المولى بالحمل أو لا.

(٨) أي يدخل الحمل في تدبير أمه.

(٩) أي لو تجدد الحمل بعد تدبير أمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب التدبير حديث ٢.

٤٠٣

إلا أنه (١) غير مروي (٢) ، وبمضمون الرواية (٣) أفتى الشيخ في النهاية وجماعة(كعتق الحامل (٤) فإنه يتبعها الحمل على الرواية السابقة (٥).

والأظهر عدم دخوله (٦) فيها (٧) مطلقا (٨) ، وحملت هذه الرواية (٩) على ما إذا قصد تدبير الحمل مع الأم وأطلق العلم على القصد مجازا ، لأنه (١٠) مسبب عنه (١١). وقد روى الشيخ أيضا في الموثق عن الكاظم عليه‌السلام عدم دخوله (١٢) مطلقا (١٣) ، فالحمل (١٤) طريق الجمع.

(ويتحرر المدبّر) بعد الموت (١٥)

______________________________________________________

(١) أي إطلاق دخول الحمل في تدبير أمه.

(٢) فلا يصح نسبة الإطلاق إلى الرواية حينئذ.

(٣) الدالة على تقييد دخول الحمل في التدبير بعلم المولى بوجوده.

(٤) قد تقدم في آخر كتاب العتق أن الحمل لا يتبع الحامل في العتق لانفصاله عنها ، على المشهور ، وتقدم أن الشيخ وبني زهرة والبراج وسعيد على أنه يتبعها في العتق استنادا إلى خبر السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام (في رجل أعتق أمته وهي حبلى واستثنى ما في بطنها ، قال : الأمة حرة وما في بطنها حر لأن ما في بطنها منها) (١) ، وتقدم أن السكوني عامي والخبر موافق للعامة.

(٥) وهي خبر السكوني المتقدم.

(٦) أي الحمل.

(٧) في الأم تدبيرا كما لا يدخل عتقا.

(٨) علم المولى أم لا.

(٩) أي رواية الوشاء الواردة في التدبير.

(١٠) أي القصد.

(١١) عن العلم.

(١٢) أي دخول الحمل في تدبير أمه.

(١٣) علم المولى بوجوده أو لم يعلم ما لم يذكره المولى في التدبير.

(١٤) أي حمل خبر الوشاء على صورة قصد تدبير الحمل هو طريق الجمع بين الخبرين.

(١٥) أي بعد موت المولى المدبّر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من كتاب العتق حديث ١.

٤٠٤

(من الثلث) كالوصية (١)

______________________________________________________

(١) وقع الخلاف بينهم في أن التدبير وصية كما عن الشيخ في المبسوط والمحقق في النافع والعلامة في بعض كتبه لموثق زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المدبّر أهو من الثلث؟ قال : نعم وللموصي أن يرجع في وصيته ، أوصى في صحة أو مرض) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (المدبّر من الثلث ، وللرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحة أو مرض) (٢) وعن المشهور أنه بمنزلة الوصية بمعنى أنه عتق معلّق على الوفاة ولكن له أحكام الوصية من جواز الرجوع فيه وخروجه من الثلث وغير ذلك من أحكامها ، لصحيح معاوية بن عمار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المدبّر فقال : هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها) (٣) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المدبّر مملوك ، ولمولاه أن يرجع في تدبيره ، إن شاء باعه وإن شاء وهبه وإن شاء أمهره ، قال : وإن تركه سيده على التدبير ولم يحدث فيه حدثا حتى يموت سيده فإن المدبّر حر إذا مات سيده وهو من الثلث ، إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصيته ثم بدا له بعد فغيّرها قبل موته ، وإن هو تركها ولم يغيّرها حتى يموت أخذ بها) (٤).

والأقوى أنه بمنزلة الوصية لأنه لو كان وصية محضة لافتقر في عتقه إلى صيغة بعد الموت ، بعد حمل أخبار كونه وصية على أنه بمنزلة الوصية.

هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يلزم من كونه بمنزلتها مساواتها في جميع الأحكام ، بل المراد أنه بمنزلتها في الأحكام المسئول عنها في الأخبار من كونه من الثلث وجواز الرجوع فيه ونحو ذلك مما سيمرّ عليك.

ومن جهة ثالثة لا خلاف ولا إشكال في أن المدبّر ينعتق بموت مولاه من ثلث مال المولى ، فإن خرج منه وإلا تحرر من المدبّر بقدر الثلث ، وعليه فلو لم يكن للمولى سواه عتق ثلثه.

ومن جهة رابعة لما كان التدبير وصية أو بمنزلتها فيأخذ حكمها من كونه من الثلث بعد أداء الدين سواء كان الدين متقدما على التدبير أم متأخرا على المشهور خلافا للشيخ في النهاية والقاضي ابن البراج حيث قدّما التدبير على الدين ، إذا كان التدبير سابقا عليه وإلا قدّم الدين استنادا لصحيح أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل دبّر غلامه

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب التدبير حديث ٢ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب التدبير حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب التدبير حديث ٣.

٤٠٥

(ولو جامع (١) الوصايا) كان كأحدها(قدّم الأول (٢) فالأول) إن لم يكن فيها (٣) واجب (٤) (ولو كان على الميت دين قدّم الدين) من الأصل ، سواء كان (٥) متقدما على التدبير أم متأخرا (٦). ومنه (٧) الوصية بواجب مالي (٨) (فإن فضل) من التركة(شي‌ء (٩) ولم يكن هناك وصية تقدّم عليه (١٠) (عتق من المدبّر ثلث ما بقي (١١) إن

______________________________________________________

وعليه دين فرارا من الدين ، قال : لا تدبير له ، وإن كان دبّره في صحة منه وسلامة فلا سبيل للديان عليه) (١) ، وخبر ابن يقطين (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن بيع المدبّر قال : إذا أذن في ذلك فلا بأس به ، وإن كان على مولى العبد دين فدبّره فرارا من الدين فلا تدبير له ، وإن كان قد دبره في صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه ، ويمضي تدبيره) (٢).

وهما قاصران عن معارضة ما تقدم من إطلاق النصوص الدالة على أنه بمنزلة الوصية وأنه من الثلث. كما في الجواهر.

ومن جهة خامسة لما كان التدبير وصية أو بمنزلتها فلو جامع الوصايا فيكون كأحدها يقدّم الأول منها فالأول من الثلث على ما تقدم في كتاب الوصايا.

(١) أي التدبير.

(٢) أي الأول من الوصايا.

(٣) في الوصايا.

(٤) أي واجب مالي كالخمس والزكاة فإنه مقدم من الأصل على ما تقدم بيانه في كتاب الوصايا.

(٥) الدين.

(٦) على المشهور وفي هذا رد على الشيخ وابن البراج حيث ذهبا إلى التفصيل.

(٧) ومن الدين.

(٨) كالخمس والزكاة.

(٩) بعد تقديم الدين والواجب المالي.

(١٠) على التدبير ، والوصية المقدّمة عليه هي الأسبق ذكرا.

(١١) أي ما بقي من التركة بعد إخراج الدين ، وعليه فيعتق من المدبر بمقدار ثلاثة الباقي من التركة بعد إخراج الدين ، وانعتاق بعض المدبر من الثلث كما هو عبارة الماتن متوقف على كون الثلث لم يف بقيمة العبد ، وإلا لو وفى بقيمته أو زاد عليها عتق تمام العبد المدبّر من

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب التدبير حديث ٢ و ١.

٤٠٦

لم يزد (١) عن قيمته (٢) كغيره (٣) من الوصايا المتبرع بها ، حتى لو لم يفضل (٤) سواه (٥) عتق ثلثه ، فإن لم يفضل عن الدين شي‌ء (٦) بطل التدبير.

ولو تعدد المدبّر والتدبير (٧) بدئ بالأول فالأول (٨) ، وبطل ما زاد عن الثلث إن لم يجز الوارث ، وإن جهل الترتيب (٩) ، أو دبّرهم بلفظ واحد استخرج الثلث (١٠) بالقرعة ، وبالجملة فحكمه (١١) حكم الوصية.

هذا كله إذا كان التدبير متبرعا (١٢) به ، وعلّق على وفاة المولى ليكون (١٣) كالوصية ، فلو كان (١٤)

______________________________________________________

الثلث كما هو واضح ، وكما هو الحال في كل الوصايا المتبرع بها.

(١) أي لم يزد ما بقي من التركة ، وقد أتى الشارح بهذا القيد لتصحيح عبارة الماتن الدالة على عتق بعض المدبر من ثلث ما بقي من التركة.

(٢) أي عن قيمة المدبر ، وإلا فلو ساواها أو زاد عليها لعتق تمام المدبّر من ثلث ما بقي.

(٣) أي كغير المدبّر.

(٤) أي من التركة بعد إخراج الدين.

(٥) سوى المدبّر.

(٦) أي شي‌ء من التركة.

(٧) لو دبّر جماعة من مماليكه ، فإن خرجوا من الثلث فذاك ، وإلا ينظر فإن تعددت صيغة التدبير بأن كان لكل عبد مدبّر صيغة تخصه بدئ بالأول فالأول إلى أن يستوفى الثلث ، لأحقية السابق بعد كون التدبير وصية أو ما هو بمنزلتها ، ولا بد عند تعدد الوصايا من تقديم الأسبق فالأسبق إلى حين استيفاء الثلث.

ولو جهل الأسبق أو اتحدت صيغة التدبير للجميع استخرج بالقرعة بمقدار ثلث التركة ، لأن القرعة لكل أمر مشكل ، وظاهرهم الاتفاق عليه ولم ينقل الخلاف عن أحد.

(٨) عند العلم بالأسبق.

(٩) في صورة تعدد التدبير.

(١٠) أي استخرج ثلث التركة منهم.

(١١) أي حكم التدبير.

(١٢) أي غير واجب عليه بنذر وشبهه.

(١٣) أي التدبير المعلّق على وفاة المولى.

(١٤) أي التدبير المعلّق على وفاة المولى.

٤٠٧

واجبا بنذر وشبهه (١) حال الصحة (٢) ، أو معلّقا (٣) على وفاة غيره (٤) فمات (٥) في حياة المولى فهو من الأصل (٦) ،

______________________________________________________

(١) كالعهد واليمين.

(٢) أي حال صحة المولى ، وإلا فلو كان في مرض موت المولى لخرج من الثلث ، كما في كل تصرف في حال الموت.

(٣) أي كان التدبير معلّقا على وفاة غير المولى من الزوج والمخدوم ، وهو غير واجب بنذر وشبهه.

(٤) غير المولى من الزوج والمخدوم.

(٥) أي المعلّق عليه من الزوج والمخدوم.

(٦) أي أصل التركة ، بعد حمل الأخبار المتقدمة الدالة على خروج المدبّر من الثلث على الغالب من كونه معلّقا على موت المولى ، هذا من جهة ومن جهة ثانية فالمدبر على وفاة غير المولى يخرج من الأصل فيما إذا مات المعلّق عليه في زمن حياة المولى لأنه كتعجيل العتق في حال حياة المولى ، فلا بدّ أن يخرج من الأصل ، ولو مات المعلّق عليه بعد موت المولى فلا بدّ أن يخرج من الثلث لأنه كالمعلّق على وفاة المولى.

ومن جهة ثالثة فالمنذور إن كان قد وقع نذره في حال مرض موت المولى فهو من الثلث ، لأن كل تصرفات الإنسان في حال مرض الموت كذلك ، وإن وقع نذره في حال صحة المولى فلا يخلو إما أن يكون المنذور هو التدبير ـ أي صدور التدبير منه ـ وإما العتق بعد الوفاة ومثال الأول قوله : لله عليّ أن أدبر عبدي ، ومثال الثاني قوله : لله علي عتق عبدي بعد وفاتي ، وعليه ، فإن كان الأول فهو من الثلث كما عن الشارح في المسالك والروضة هنا ، لأن العبد بالنذر قد صار واجب التدبير ، فإذا دبّره مولاه فقد خرج عن النذر ولحقه حكم التدبير ، وقد عرفت أن من أحكام التدبير خروجه من الثلث.

وإن كان الثاني فهو من الأصل ، لأنه بالنذر أصبح عتقه بعد الوفاة من الواجب عليه ، والواجبات المالية تخرج من الأصل ، كما لو نذر الصدقة بمال بعد الوفاة ، فإنه يخرج من الأصل لأنه واجب مالي.

وعن التحرير للعلامة المساواة بين الأمرين في الخروج من الأصل ، ونقله في الدروس عن ظاهر الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، وبانعقاده صرح المرتضى في الانتصار.

وهو الأظهر ، لأن الغرض من كلا النذرين التزام الحرية بعد الوفاة ، فتكون الحرية المنذورة من الواجبات المالية فتخرج من الأصل ، وليس الغرض من الأول صدور صيغة التدبير منه حال الحياة فقط.

٤٠٨

ولو مات (١) بعد المولى فهو من الثلث أيضا (٢).

هذا (٣) إذا كان النذر مثلا ، لله عليّ عتق عبدي (٤) بعد وفاتي ونحوه.

وأما لو قال : لله عليّ أن أدبّر عبدي (٥) ففي الحاقة (٦) به (٧) في خروجه (٨) من الأصل نظر ، لأن الواجب بمقتضى الصيغة (٩) هو ايقاع التدبير عليه (١٠) ، فإذا فعله (١١) وفى بنذره ، وصار التدبير كغيره (١٢) ، لدخوله (١٣) في مطلق التدبير.

ومثله (١٤) ما لو نذر أن يوصي بشي‌ء (١٥) ثم أوصى به ، أما لو نذر جعله (١٦) صدقة بعد وفاته ، أو في وجه سائغ (١٧)

______________________________________________________

وهذا التفصيل الذي أتى به الشارح وسبقه إليه ابن نما من كون النذر المتعلق بصيغة التدبير مما يخرج من الثلث قد تبع فيه بعض العامة كما في الرياض.

(١) أي المعلّق عليه من مخدوم وزوج.

(٢) كما لو علّق على وفاة المولى.

(٣) أي يخرج من الأصل إذا كان واجبا بنذر وشبهه حال الصحة.

(٤) فهو تمثيل لكون المنذور عتق العبد بعد الوفاة ، فيخرج من الأصل ، لأنه واجب مالي.

(٥) تمثيل لكون المنذور هو التدبير.

(٦) أي النذر الثاني.

(٧) بالنذر الأول.

(٨) أي خروج النذر.

(٩) أي صيغة النذر.

(١٠) على العبد.

(١١) أي فإذا فعل المولى إيقاع التدبير عليه.

(١٢) من أفراد التدبير غير المنذورة من حيث خروج الجميع من الثلث.

(١٣) أي لدخول التدبير المنذور بعد تحقق النذر.

(١٤) أي ومثل نذر التدبير في أنه من الثلث.

(١٥) بحيث كان المنذور هو الوصية ، فلو أوصى فقد وفى بنذره ، وصار الموصى به كغيره من الوصايا يخرج من الثلث.

(١٦) أي جعل الشي‌ء.

(١٧) أي نذر جعل الشي‌ء بعد وفاته في وجه سائغ ، والفرق بين الصدقة والوجه السائغ أن الصدقة مشروطة بالرجحان ليصح التقرب بها إلى الله ، بخلاف الوجه السائغ فيكفي فيه عدم الحرمة.

٤٠٩

فكنذر العتق (١).

ونقل المصنف (٢) عن ظاهر كلام الأصحاب (٣) تساوي القسمين (٤) في الخروج من الأصل ، لأن الغرض (٥) التزام الحرية بعد الوفاة ، لا مجرد الصيغة (٦) ، ونقل (٧) عن ابن نما رحمه‌الله الفرق (٨) بما حكيناه (٩). وهو (١٠) متجه ، وعلى التقديرين (١١) لا يخرج (١٢) بالنذر عن الملك (١٣) فيجوز له (١٤) استخدامه (١٥) ووطؤه إن كانت جارية.

نعم لا يجوز نقله (١٦)

______________________________________________________

(١) أي كما لو نذر عتق عبده بعد وفاته ، من أنه يخرج من الأصل ، لأنه واجب مالي ، والخروج من الأصل هو الشأن في كل واجب مالي.

(٢) في الدروس.

(٣) مشعرا بدعوى الإجماع عليه.

(٤) من نذر التدبير ونذر العتق بعد الوفاة.

(٥) أي لأن الغرض من نذر التدبير.

(٦) أي صيغة التدبير.

(٧) أي المصنف في الدروس.

(٨) أي الفرق بين نذر التدبير ونذر العتق.

(٩) من أن نذر التدبير هو نذر لإيقاع صيغة التدبير عليه ، فإذا فعله وفى بنذره وصار التدبير كغيره لدخوله في مطلق التدبير في خروجه من الثلث ، بخلاف نذر العتق بعد الوفاة ، فالعتق حينئذ بعد النذر واجب مالي يخرج من الأصل.

(١٠) أي الفرق.

(١١) من كون النذرين متساويين في الإخراج من الأصل ، ومن كون الفرق بين النذرين بخروج نذر التدبير من الثلث ، ونذر العتق من الأصل.

(١٢) أي المنذور تدبيره أو عتقه.

(١٣) أي عن ملك مولاه ، فيجوز للمولى استخدامه إن كان عبدا ، ووطؤه إن كان أمة ، ولا يجوز له نقله عن ملكه بالاتفاق ، لاستلزامه الحنث في نذره ، ولو أخرجه صح الإخراج ، لأن النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ويأثم وعليه الكفارة في صورة العلم بالنذر.

(١٤) للمولى.

(١٥) أي استخدام المملوك إذا كان عبدا.

(١٦) أي نقل المنذور تدبيره ، وعدم جواز نقله مبني على عدم الفرق بين القسمين ، وإلا فعلى

٤١٠

عن ملكه ، فلو فعل (١) صح (٢) ولزمته الكفارة (٣) مع العلم (٤) ، ولو نقله عن ملكه ناسيا (٥) فالظاهر الصحة (٦) ولا كفارة ، لعدم الحنث (٧). وفي الجاهل وجهان (٨). والحاقة بالناسي قوي. ولو وقع النذر في مرض الموت (٩) فهو (١٠) من الثلث مطلقا(١١).

(ويصح الرجوع في التدبير (١٢) المتبرع به ما دام (١٣) حيا ، كما يجوز الرجوع في الوصية ، وفي جواز الرجوع في الواجب بنذر وشبهه ما تقدم من عدم

______________________________________________________

الفرق بين القسمين فلو نذر تدبيره وبعد التدبير يكون قد وفى بالنذر ، ولا يحرم نقله كسائر أفراد التدبير.

(١) بأن نقله عن ملكه.

(٢) أي صح الفعل والنقل.

(٣) أي كفارة حنث النذر مع الإثم أيضا.

(٤) أي العلم بالحنث.

(٥) أي ناسيا للنذر.

(٦) أي صحة النقل.

(٧) لأن النسيان عذر شرعي.

(٨) من أنه عامد إلى النقل الموجب للحنث ، ومن أنه جاهل للحكم ، والجهل عذر شرعي كالنسيان.

(٩) أي في مرض موت المولى.

(١٠) فالمدبّر المنذور.

(١١) سواء كان المنذور هو التدبير أو العتق بعد الوفاة ، لأن النذر من تصرفات مريض الموت ، والشأن فيها خروجها من الثلث على كل حال.

(١٢) قد ثبت سابقا أن التدبير وصية أو ما هو بمنزلتها ، وعلى كل فيجوز الرجوع فيه كما يجوز الرجوع في الوصية ، وهذا كله في التدبير المتبرع به ، وأما لو كان واجبا بنذر وشبهه فعلى المشهور من أنه واجب مالي يخرج من الأصل فلا يجوز له الرجوع لأن الرجوع عن التدبير حنث للنذر ، وهو غير جائز ، وعلى التفصيل من أن نذر التدبير تدبير يلحقه حكمه بخلاف نذر العتق بعد الوفاة ، فيصح الرجوع في الأول بعد ما تحقق النذر وهو إيقاع صيغة التدبير ، بخلاف الثاني فلا يصح فيه الرجوع لاستلزامه الحنث في النذر.

(١٣) أي المولى.

٤١١

الجواز (١) إن كانت صيغته لله عليّ عتقه بعد وفاتي (٢) ، ومجي‌ء الوجهين (٣) لو كان متعلق النذر هو التدبير ، من خروجه (٤) عن عهدة النذر بايقاع الصيغة كما حققناه (٥) ، ومن (٦) أنه (٧) تدبير واجب (٨) وقد اطلقوا لزومه (٩).

والرجوع يصح(قولا (١٠) مثل رجعت في تدبيره) وأبطلته ونقضته ونحوه(وفعلا كأن يهب) المدبّر وإن لم يقبض ، (أو يبيع (١١) ،)

______________________________________________________

(١) أي من عدم جواز الرجوع كما لا يجوز النقل.

(٢) أي في نذر العتق بعد الوفاة ، لأن الرجوع مستلزم للحنث في النذر.

(٣) من جواز الرجوع وعدمه.

(٤) دليل لجواز الرجوع ، والمعنى ومن خروج المولى.

(٥) في التفصيل المتقدم.

(٦) دليل لعدم جواز الرجوع.

(٧) أي ومن أن التدبير الذي هو متعلق النذر.

(٨) لا يجوز الرجوع عنه لئلا يلزم الحنث في النذر ، إذ غاية النذر التزام حريته بعد الوفاة لا مجرد الصيغة.

(٩) أي لزوم التدبير الواجب على التقديرين.

(١٠) إذا ثبت جواز الرجوع في التدبير ، فالرجوع قد يكون بالقول ، كقوله : رجعت في هذا التدبير أو أبطلته أو رفعته أو ما أشبه ذلك ، وقد يكون بالفعل ، كأن يهب المدبّر لغيره ، وإن لم يقبضه ، فإنه يبطل التدبير بالهبة ، لدلالتها على الرجوع خلافا لابن حمزة حيث اشترط في صحة الهبة تقديم الرجوع القولي حتى تصح هبته حينئذ.

ومن الرجوع الفعلي عتق المدبّر ، فإنه تعجيل لما تشبث به المدبّر من الحرية ، وقد زاده خيرا ومن جملة الرجوع الفعلي ما لو أوقف المدبّر في سبيل الله ، وإن لم يقبضه لدلالة الوقف على الرجوع كالهبة والخلاف فيه كالخلاف فيها.

(١١) من مصاديق الرجوع الفعلي بيع المدبّر ، لاقتضاء البيع خروجه عن ملكه المنافي لبقاء تدبيره ، ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل دبّر مملوكه ثم احتاج إلى ثمنه فقال : هو مملوكه إن شاء باعه وإن شاء أعتقه وإن شاء أمسكه حتى يموت ، فإذا مات السيد فهو حر من ثلثه) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المدبّر مملوك ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب التدبير حديث ١.

٤١٢

(أو يوصي به (١) وإن لم يفسخه (٢) قبل ذلك (٣) ، أو يقصد به (٤) الرجوع على أصح القولين (٥).

ولا فرق (٦) بين قبول الموصى له الوصية ، وردها ، لأن فسخه (٧) جاء من قبل ايجاب المالك (٨) ،

______________________________________________________

ولمولاه أن يرجع في تدبيره ، إن شاء باعه وإن شاء وهبه ، وإن شاء أمهره) (١).

وعن الشيخ في النهاية لا يجوز بيعه قبل أن ينقضي تدبيره ، فلو باعه قبل النقض لا يبطل التدبير ويمضي البيع في خدمته دون رقبته للجمع بين الأخبار المتقدمة الدالة على جواز البيع مطلقا وبين خبر السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (باع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خدمة المدبّر ولم يبع رقبته) (٢) وخبر القاسم بن محمد عن علي قال (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أعتق جارية له عن دبر في حياته قال : إن أراد بيعها باع خدمتها في حياته ، فإذا مات أعتقت الجارية ، وإن ولدت أولادا فهم بمنزلتها) (٣).

وعن الصدوق والعماني أنه لا يجوز بيعه إلا أن يشترط على المشتري أن يعتقه عند موت البائع لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يعتق غلامه أو جاريته في دبر منه ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ فقال : لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته) (٤).

(١) من جملة مصاديق الرجوع الفعلي الوصية بالعبد المدبّر ، لاقتضاء الوصية إخراج الموصى به عن ملك الموصي بعد وفاته وهذا مناف لبقاء تدبير العبد فيبطل ، خلافا للشافعي في أحد قوليه كما في الجواهر.

(٢) أي لم يفسخ المولى التدبير.

(٣) أي قبل هذه المذكورات ، لتضمن هذه المذكورات على الرجوع.

(٤) أي يقصد بما ذكر من الهبة والبيع والوصية ، وعدم اشتراط قصد الرجوع لأن هذه المذكورات متضمنة للرجوع فلا داعي لقصده.

(٥) في الهبة والوصية بخلاف البيع فالأقوال فيه ثلاثة.

(٦) في بطلان التدبير بالوصية.

(٧) أي فسخ التدبير.

(٨) أي فسخ التدبير إنما جاء من إيجاب المالك بلا دخل لقبول الموصى له في ذلك ، وعليه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب التدبير حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب التدبير حديث ٤ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب التدبير حديث ٦.

٤١٣

ولا يعود التدبير بعوده (١) مطلقا (٢) (وإنكاره (٣) ليس برجوع) وإن حلف (٤) المولى ، لعدم الملازمة (٥) ،

______________________________________________________

فإذا كان الإيجاب هو المؤثر في فسخ التدبير فلا يعود التدبير لو بطل الإيجاب ، ويبطل الإيجاب عند رد الموصى له ، لأنه مع الرد وعدم القبول لا يؤثر الإيجاب أثره في خروج الموصى به عن ملك الموصي إلى ملك الموصى له.

(١) أي بعود المدبّر إلى ملك مالكه ، وهو دفع لتوهم ، حاصل التوهم أن علة بطلان التدبير هو خروج المدبّر عن ملك مولاه ، فلو عاد إلى ملكه عند بطلان الإيجاب وعدم قبول الموصى له فلا بدّ أن يعود التدبير.

والدفع أن علة التدبير هو إيجاب الوصية ، بإنشاء إخراجه عن الملك وقد تم الإيجاب فلا بد أن يرتفع التدبير ، ومع ردّ الموصى له لا يرتفع الإيجاب لأنه قد وقع غايته لا يؤثر أثره في النقل وهذا شي‌ء آخر.

(٢) سواء كان ذلك في الوصية أو الهبة أو البيع ، فلو وهبه أو باعه بطل التدبير ، وإن ردّ المتهب أو المشتري ، لأن السبب في بطلان التدبير هو إيجاب إنشاء النقل وقد تحقق ، وإن لم يتحقق الانتقال لعدم القبول.

(٣) أي وإنكار التدبير من قبل المولى ليس رجوعا عن التدبير ، لأن الإنكار أعم من الرجوع فكيف يدل عليه ، ووجه الأعمية إمكان استناد الإنكار إلى نسيان التدبير ، والإنكار المستند إلى النسيان لا يدل على الرجوع ، هذا والفرق واضح بين الإنكار الذي هو إنكار أصل إيقاع التدبير ، وبين الرجوع الذي هو إنشاء الرجوع عن التدبير.

وقيل والقائل الشيخ : يكون الإنكار رجوعا ، لأن الإنكار دفع للتدبير في سائر الأزمان فهو أبلغ من الرجوع المقتضي لرفعه في الزمن المستقبل خاصة ، وفيه ما تقدم من عدم التلازم بينهما ، نعم لو قصد بالإنكار الرجوع كان رجوعا إلا في الطلاق فقد ورد النص الصحيح على أن إنكاره رجوع عنه وقد تقدم في بابه.

(٤) لو ادعى العبد التدبير فأنكر المولى ، فالقول قول المولى مع يمينه لأنه منكر ، والكلام في إنكار المولى هنا كالكلام في إنكاره السابق وأنه ليس برجوع ، وأما الحلف فهو ليس رجوعا وإنما يؤكد الإنكار ، والحلف يرفع التدبير ظاهرا ، نعم لا يرفع التدبير واقعا بحيث لو مات السيد وقد وقع منه التدبير واقعا فالعبد حر فيما بينه وبين الله تعالى.

وتظهر الفائدة في عدم رفعه واقعا وأن الحلف ليس رجوعا فيما لو اعترف المولى بعد الحلف بكذبه فيه ، فإن جعلنا الإنكار رجوعا لم يعد العبد مدبّرا باعتراف المولى بالرجوع ، وإن لم نجعله رجوعا فيثبت التدبير ظاهرا كما هو ثابت واقعا.

(٥) بين الإنكار والرجوع ، إذ الأول أعم لاحتمال النسيان.

٤١٤

ولاختلاف اللوازم (١) ، فإن الرجوع يستلزم الاعتراف به (٢) ، وإنكاره (٣) يستلزم عدمه ، واختلاف اللوازم يقتضي اختلاف الملزومات (٤).

ويحتمل كونه (٥) رجوعا ، لاستلزامه (٦) رفعه (٧) مطلقا (٨) وهو (٩) أبلغ من رفعه (١٠) في بعض الأزمان (١١) ، وفي الدروس قطع بكونه (١٢) ليس برجوع إن جعلناه (١٣) عتقا ، وتوقف (١٤) فيما لو جعلناه (١٥) وصية ، ونسب القول بكونه (١٦) رجوعا إلى الشيخ.

وقد تقدم اختياره (١٧) أن إنكار الطلاق رجعة ، والعلامة حكم بأن إنكار سائر العقود الجائزة ليس برجوع إلا الطلاق (١٨).

والفرق بينه (١٩) ،

______________________________________________________

(١) بين الإنكار والرجوع.

(٢) بالتدبير ، إذ الرجوع عنه فرع الإقرار به.

(٣) أي إنكار التدبير يستلزم عدم الاعتراف بالتدبير.

(٤) من الإنكار والرجوع.

(٥) أي كون الإنكار ، وهو قول في المسألة كما في المسالك وغيره.

(٦) أي لاستلزام الإنكار.

(٧) أي رفع التدبير.

(٨) في كل الأزمان.

(٩) أي الرفع في كل الأزمان.

(١٠) أي رفع التدبير.

(١١) وهو الزمن الاستقبالي كما يتحقق ذلك في الرجوع.

(١٢) أي بكون الإنكار.

(١٣) أي جعلنا التدبير.

(١٤) أي المصنف في الدروس بكون الإنكار رجوعا.

(١٥) أي جعلنا التدبير.

(١٦) أي بكون الإنكار.

(١٧) أي اختيار المصنف هنا في اللمعة.

(١٨) لورود النص الصحيح فيه ، وهذا ما صرح به في المسالك أيضا.

(١٩) أي بين التدبير.

٤١٥

وبين غيره (١) غير واضح.

(ويبطل التدبير بالاباق) من مولاه (٢) سواء في ذلك الذكر ، والأنثى لا بالاباق من عند مخدومه المعلق عتقه على موته (٣).

وقد تقدم ما يدل عليه (٤) (فلو ولد له (٥) حال الإباق) أولاد من أمة لسيده ، أو غيره (٦)

______________________________________________________

(١) من سائر العقود والإيقاعات ما عدا الطلاق ، بالقطع من أن الإنكار ليس رجوعا في غيره ، وأما فيه فإن كان عتقا فكذلك وإن كان وصية فمشكل كما عن المصنف في الدروس فهذا غير واضح.

(٢) المدبّر على وفاة مولاه لو آبق بطل تدبيره بلا خلاف فيه لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن جارية مدبّرة أبقت من سيدها سنينا ، ثم جاءت بعد ما مات سيدها بأولاد ومتاع كثير ، وشهد لها شاهدان أن سيدها كان دبّرها في حياته قبل أن تأبق ، فقال عليه‌السلام : أرى أنها وجميع ما معها للورثة ، قلت : لا تعتق من ثلث سيدها؟ فقال : لا إنها أبقت عاصية لله عزوجل ولسيدها ، وأبطل الإباق التدبير) (١) ، وخبر العلاء بن رزين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل دبّر غلاما له فأبق الغلام ـ إلى أن قال ـ فقال عليه‌السلام : العبد وولده رق لورثة الميت ، قلت : أليس قد دبّر العبد؟ فذكر أنه لما أبق هدم تدبيره ورجع رقا) (٢).

(٣) أي موت المخدوم بلا خلاف فيه لصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل يكون له الخادم ويقول : هي لفلان تخدمه ما عاش ، فإذا مات فهي حرة فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ، ثم يجدها ورثته ألهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ قال : إذا مات الرجل فقد عتقت) (٣) وعليه فالفارق بين الحكمين هو النص ليس إلا ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لو علق عتقه على وفاة الزوج فأبق ، فلا يبطل تدبيره ، لأن بطلان التدبير بالإباق عند التعليق على وفاة المولى على خلاف الأصل فيقتصر فيه على مورده.

(٤) على حكم الإباق من المولى وحكمه من المخدوم والفرق بينهما.

(٥) للمدبّر الآبق.

(٦) أي أمة لغير سيده.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التدبير حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التدبير حديث ١.

٤١٦

حيث يلحق به (١) الولد ، أو حرة (٢) عالمة بتحريم نكاحه(كانوا ارقاء) مثله (٣) (وأولاده قبله (٤) على التدبير) وإن بطل في حقه ، استصحابا للحكم السابق (٥) فيهم مع عدم المعارض.

(ولا يبطل) التدبير(بارتداد السيد (٦) عن غير فطرة فيعتق لو مات (٧) على ردته ، أما لو كان (٨) عن فطرة ففي بطلانه (٩)

______________________________________________________

(١) بالمدبّر الآبق ، وإلحاق الولد به مبني على تحقق شرائطه من كونه فوق الستة أشهر من حين الوطء ولم يتجاوز أقصى الحمل وأن لا يكون الولد من زنا.

(٢) عطف على قوله (من أمة) والمعنى فلو ولد للمدبّر الآبق حال الإباق ولد من حرة عالمة بتحريم نكاحه ولو من ناحية عدم إذن المولى له لأنه آبق أو لكونها أزيد من النصاب الذي هو حرتان للعبد يلحق الولد بها لأنه من زنا من ناحيتها فلا يأخذ حكمها بالتبعية من ناحية الحرية ، بل يلحق بأبيه ويأخذ حكمه بالتبعية من ناحية الرقية.

(٣) ولا تدبير لهم لبطلان تدبير أبيهم وقد نص على ذلك خبر ابن مسلم وخبر العلاء المتقدمين.

(٤) أي وأولاد الآبق الموجودة قبل الإباق فهم على التدبير ، ولا يبطل تدبيرهم بإباقه ، للاستصحاب الجاري في تدبيرهم من دون معارض وإن بطل تدبيره بإباقه.

(٥) من سراية التدبير إليهم.

(٦) لو ارتد السيد لا عن فطرة بعد التدبير لم يبطل التدبير بلا خلاف فيه ، لعدم خروج ماله عن ملكه بالارتداد ، إذ المرتد الملي لا يقتل بل يستتاب ، وعليه فلو مات السيد المرتد في حال الردة عتق المدبّر من ثلث ماله.

(٧) أي السيد.

(٨) ارتداد السيد.

(٩) أي بطلان تدبير العبد ، فعن المشهور البطلان لزوال ملك المرتد الفطري ، لأنه يجب قتله على كل حال وتنتقل تركته إلى ورثته وإن لم يقتل فعلا ، ومع زوال الملك يبطل التدبير ، إذ لا عتق إلا في ملك.

وعن الشيخ في ظاهر المبسوط عدم البطلان لسبق حق المدبّر على حق الوارث ، فلا ينتقل إليه ، وإذا مات السيد انعتق ثلث المدبّر إذ لا مال للمرتد سواه لانتقال سائر التركة إلى الورثة من حين الارتداد.

نعم نقل الشارح في المسالك وصاحب الجواهر أنه ربما قيل بانعتاقه من حين الارتداد تنزيلا للردة منزلة الموت ، وهو بعيد ، لأنه المرتد الفطري وإن وجب قتله قد لا يقتل لقصور في بسط يد الحاكم أو لهروبه ، فكيف يحكم بعتق المدبر مع أنه معلق على الوفاة.

٤١٧

نظر. من انتقال (١) ماله (٢) عنه في حياته. ومن تنزيلها (٣) منزلة الموت فيعتق بها.

والأقوى الأول ، ولا يلزم من تنزيلها (٤) منزلة الموت في بعض الأحكام (٥) ثبوته (٦) مطلقا (٧) ، وإطلاق العبارة (٨) يقتضي الثاني.

وقد استشكل الحكم (٩) في الدروس ، لما ذكرناه (١٠) (و) كذا(لا) يبطل (١١) (بارتداد العبد إلا أن يلحق بدار الحرب) قبل الموت (١٢) لأنه اباق ، ولو التحق

______________________________________________________

(١) دليل بطلان التدبير ، وهو دليل المشهور.

(٢) مال المرتد الفطري.

(٣) أي تنزيل الردة ، وهو دليل على انعتاقه بمجرد الردة ، وقد ترك قول الشيخ الدال على صحة التدبير وأنه ينعتق بعد وفاة السيد ، إلا أن الانعتاق للثلث على ما تقدم.

(٤) أي تنزيل الردة.

(٥) كعدة الزوجة فإنها تعتد عدة المتوفى عنها ، وانتقال التركة إلى الورثة.

(٦) أي ثبوت التنزيل.

(٧) في كل الأحكام.

(٨) أي وإطلاق عبارة الماتن هنا الشاملة للملي والفطري يقتضي أن يكون حكم الفطري على تنزيل الردة منزلة الموت فينعتق بمجرد الردة وفيه : أن عبارة الماتن وإن كانت شاملة للملي والفطري لكن لا تقتضي ما قاله الشارح بل تقتضي عدم بطلان التدبير حتى في الفطري ، ولعل المصنف قد مال إلى قول الشيخ المتقدم من أنه لا يبطل التدبير ولا ينعتق العبد إلا بعد وفاة السيد المرتد ، ولا ينعتق إلا ثلثه.

(٩) ببطلان التدبير بارتداد السيد عن فطرة.

(١٠) من كون الردة الفطرية بمنزلة الموت فيقتضي انعتاق العبد بها.

(١١) أي التدبير ، لو ارتد المملوك ولو كان عن فطرة فلا يبطل تدبيره وإن حكم بقتله للأصل ، نعم لو التحق بدار الحرب بعد ذلك بطل تدبيره ، لأن الالتحاق بدار الحرب إباق منه لأنه فرار من سيده ، والإباق هادم للتدبير ، وعليه لو مات المدبّر بعد ارتداده وقبل التحاقه بدار الحرب تحرّر لحصول المقتضى ، وعن ابن الجنيد الحكم ببطلان التدبير بسبب الارتداد قياسا على بطلان التدبير بسبب الالتحاق بدار الحرب بدعوى أن الإباق هدم التدبير لأنه معصية للمولى المدبّر ، فيجب أن يكون الارتداد هادما للتدبير لأنه معصية لله ، ومعصية الله أشدّ وفيه أنه قياس مع الفارق ، إذ يصدق الفرار والإباق على الثاني دون الأول ، والنص قد اقتصر على الإباق دون الارتداد.

(١٢) أي قبل موت مولاه.

٤١٨

بعده (١) تحرر من الثلث ، والفارق بين الارتداد والإباق ـ مع أن طاعة الله أقوى (٢) ، فالخروج عنها (٣) أبلغ من الإباق (٤) ـ النص ، وقد يقرّب (٥) بغناء الله تعالى عن طاعته (٦) له ، بخلاف المولى ، مع أن (٧) الإباق يجمع معصية الله تعالى والمولى ، بخلاف الارتداد (٨). فقوة الارتداد ممنوعة.

(وكسب المدبّر في الحياة) أي حياة المولى(للمولى (٩) ، لأنه (١٠) رق) لم يخرج بالتدبير عنها (١١) (ولو استفاده (١٢) بعد الوفاة (١٣) فله (١٤) جميع كسبه أن خرج (١٥) من الثلث ، وإلا (١٦) فبنسبة ما أعتق منه (١٧) ، والباقي) من كسبه(للوارث).

هذا إذا كان تدبيره معلقا على وفاة المولى ، فلو كان معلقا على وفاة غيره (١٨) ،

______________________________________________________

(١) أي لو التحق بدار الحرب بعد موت المولى تحرر من الثلث لحصول المقتضى من التدبير وعدم المانع ، إذ لا يتوهم إلا الالتحاق وهو لم يحصل في زمن حياة المولى ليكون إباقا هادما للتدبير.

(٢) من طاعة المولى.

(٣) عن طاعة الله ، والخروج عنها بالارتداد.

(٤) الذي هو خروج عن طاعة المولى.

(٥) أي يقرّب الفارق بين بطلان التدبير بالإباق وعدم بطلانه بالارتداد.

(٦) أي عن طاعة المرتد.

(٧) فارق ثان.

(٨) فإنه معصية لله تعالى خاصة.

(٩) بلا خلاف فيه ، لأن المدبّر لم يخرج عن ملك مولاه بالتدبير.

(١٠) أي لأن المدبّر.

(١١) عن الرقية.

(١٢) أي استفاد الكسب.

(١٣) أي وفاة المولى.

(١٤) فللمدبّر.

(١٥) أي خرج المدبّر من ثلث تركة سيده ، وجميع كسبه حينئذ له لأنه حر.

(١٦) أي وإن لم يخرج جميعه من ثلث تركة سيده.

(١٧) من كسبه بمقدار ما عتق منه.

(١٨) غير المولى من المخدوم والزوج.

٤١٩

وتأخرت (١) عن وفاة المولى فكسبه بعد وفاة مولاه ككسبه قبلها (٢) لبقائه على الرقية ، ولو ادعى بعد الموت (٣) تأخر الكسب وأنكره (٤) الوارث حلف المدبّر (٥) ، لأصالة عدم التقدم (٦).

(النظر الثاني ـ في الكتابة (٧) واشتقاقها من الكتب (٨) ، وهو الجمع (٩) ، لانضمام بعض النجوم إلى بعض (١٠). ومنه (١١) كتبت الحروف. وهو (١٢) مبني

______________________________________________________

(١) أي وفاة الغير المعلّق عليها عتق العبد.

(٢) قبل وفاة المولى فيكون الكسب للورثة ، لأنه رق لهم فكسبه لهم أيضا.

(٣) أي ادعى العبد تأخر الكسب بعد وفاة المولى.

(٤) أي أنكر تأخر الكسب.

(٥) أي العبد ، لأنه صاحب يد على المال ، فهو المنكر واقعا وتكون الدعوى مال تحت يد العبد بعد تحرره فهو له بحسب الظاهر ، وادعى عليه الوارث أنه اكتسبه قبل تحرره فهو له ، وأنكر ذلك العبد المحرّر فالقول قول المنكر مع يمينه.

(٦) أي أصالة عدم تقدم الكسب على الوفاة هذا تعليل عليل ، لأنه معارض بأصالة عدم تقدم الموت على الكسب.

(٧) قال الشارح في المسالك : (المكاتبة والكتابة مصدران مزيدان مشتقان من المجرد وهو الكتب ، وأصله الضم والجمع ، يقول : كتبت البغلة إذا ضممت بين شفريها بحلقة ، وكتبت القربة إذا أوكيت رأسها.

ومنه الكتابة لما فيها من ضمّ بعض الحروف إلى بعض ، والكتيبة لانضمام بعضهم إلى بعض ، فسمّى هذا العقد كتابة لانضمام النجم فيها إلى النجم ، أو لأنها توثق بالكتابة من حيث إنها منجّمة مؤجلة ، وما يدخله الأجل يستوثق بالكتابة ، ولذلك قال الله تعالى : (إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) انتهى.

(٨) كمصدر مجرد.

(٩) أي الكتب بمعنى الضم والجمع.

(١٠) النجم هو الزمن الذي يحلّ فيه أجل الدين ، لأن العرب كانوا يوقتون بطلوع النجم ، لأنهم لا يعرفون الحساب ، فكانوا يسمون الوقت الذي يحلّ فيه الأداء نجما ، ثم توسعوا حتى سمّوا الوظيفة نجما.

(١١) أي ومن الكتب بمعنى الضم والجمع.

(١٢) أي اشتقاق الكتابة من الكتب بمعنى الضم.

٤٢٠