الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

على الغالب (١) ، أو الأصل من وضعها (٢) بآجال متعددة ، وإلا فهو (٣) ليس بمعتبر عندنا (٤) وإن اشترطا الأجل (٥).

(وهي مستحبة (٦)

______________________________________________________

(١) أي هذا الاشتقاق ـ باعتبار ضمّ بعض النجوم إلى بعض ـ مبني على الغالب في الكتابة ، أو هو الأصل فيها إذ كانت الكتابة عند وضعها باعتبار ضم بعض النجوم إلى بعض ، ولكن ضمّ بعض النجوم إلى بعض غير معتبر عندنا في صدق الكتابة فلا ينافيه اتحاد الأجل.

(٢) أي وضع الكتابة.

(٣) أي ضم بعض النجوم إلى بعض بالآجال المتعددة.

(٤) في صدق الكتابة فيكفي اتحاد الأجل.

(٥) أي وإن اشترطنا الأجل في الكتابة.

(٦) ذهب بعض العامة إلى وجوبها لظاهر الأمر في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتٰابَ مِمّٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ، وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) (١).

والأمر محمول عندنا على الاستحباب بالاتفاق ، ولكنه مع الأمانة المفسرة بالديانة ، والاكتساب المفسّر بالمال للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ، قال : إن علمتم لهم دينا ومالا) (٢) ، وصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام في حديث ، قال : (سألته عن قول الله عزوجل : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ، قال : الخير إن علمت أن عنده مالا) (٣) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ، قال : الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويكون بيده عمل يكتسب به ، أو يكون له حرفة) (٤) ، وفي المقنع قال : (وروي في تفسيرها : إذا رأيتموهم يحبون آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فارفعوهم درجة) (٥).

والأخبار قد صرحت باشتراط الديانة ـ لئلا يضيّع العبد ما يحصّله ، بل يصرفه إلى السيد ليعتقه فلذا عبّر بعضهم عنها بالأمانة هذا من جهة ومن جهة أخرى فبعض الأخبار قد

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١ و ٢ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٧.

٤٢١

(مع الأمانة) وهي الديانة(والتكسب) للأمر بها (١) في الآية مع الخير (٢) ، وأقل مراتبه (٣) الاستحباب ، وفسر الخير بهما (٤) لإطلاقه (٥) على الأول (٦) في مثل قوله تعالى : (وَمٰا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّٰهُ) (٧). (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٨) وعلى الثاني (٩) في مثل قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (١٠) و (إِنْ تَرَكَ خَيْراً)(١١)

______________________________________________________

صرّح باشتراط وجود مال عنده إلا أنه محمول على قدرته على التكسب جمعا بين الأخبار.

ومن جهة ثالثة فالمشهور على تأكد الاستحباب مع اجتماع الشرطين عند سؤال المملوك الكتابة لظاهر قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتٰابَ مِمّٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَكٰاتِبُوهُمْ) (١).

وذهب المحقق في النافع إلى تأكد استحباب الكتابة مع التماس العبد ولو كان عاجزا لموثق سماعة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أن ليس عنده قليل ولا كثير ، قال : يكاتبه وإن كان يسأل الناس ، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أنه ليس له مال ، فإن الله يرزق العباد بعضهم من بعض ، والمؤمن معان ، ويقال : المحسن معان) (٢) ، مع أن المشهور كما في المسالك على عدم استحباب الكتابة عند فقد الشرطين أو أحدهما ، وعن المبسوط أنه مكروه ، مع أن النص المتقدم حجة عليهم بالإضافة إلى رجحان العتق مطلقا كما تقدم في بابه الدال على مطلق استحبابها.

(١) بالكتابة.

(٢) أي الخير الموجود في الآية.

(٣) أي مراتب الأمر ، وحمله على الاستحباب هنا اتفاقي كما تقدم.

(٤) أي بالديانة والتكسب ، وقد عرفت أن تفسير الخير بهما إنما هو للأخبار.

(٥) أي إطلاق الخير.

(٦) الديانة.

(٧) سورة البقرة ، الآية : ١٩٧.

(٨) سورة الزلزلة ، الآية : ٧.

(٩) أي ويطلق الخير على الثاني أي التكسب.

(١٠) سورة العاديات ، الآية : ٨.

(١١) في آية الوصية سورة البقرة ، الآية : ١٨٠ ، والخير في الآية هنا المال وسببه التكسب.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.

٤٢٢

فحمل عليهما (١) ، بناء على جواز حمل المشترك (٢) على كلا معنييه إما مطلقا (٣) ، أو مع القرينة ، وهي (٤) موجودة لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل:(إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : إن علمتم لهم دينا ومالا ورواه الكليني بسند صحيح.

وحينئذ (٥) يندفع ما قيل : إن استعمال المشترك في معنييه مرجوح (٦) ، أو مجاز (٧) لا يصار إليه (٨).

نعم روى في التهذيب عن الحلبي صحيحا عنه عليه‌السلام في الآية قال : إن علمتم فيهم مالا (٩) بغير ذكر الدين ، والمثبت (١٠) مقدم.

(ويتأكد) الاستحباب (١١) (بالتماس العبد) مع جمعه (١٢) للوصفين (١٣) أما مع عدمهما (١٤) ،

______________________________________________________

(١) أي فحمل لفظ الخير الوارد في آية المكاتبة على الديانة والتكسب في إطلاق واحد.

(٢) وهو الخير هنا.

(٣) ولو مع عدم القرينة.

(٤) أي القرينة موجودة في المقام.

(٥) أي وحين حمل المشترك على كلا معنييه بالقرينة.

(٦) إذ الأصل استعمال اللفظ ولو كان مشتركا في معنى واحد.

(٧) لأن اللفظ المشترك قد وضع بوضعين لمعنيين مع قيد الوحدة ، فاستعماله في المعنيين بدون قيد الوحدة استعمال له في بعض ما وضع له وهو استعمال مجازي.

(٨) لا يصار إليه عند تردد المشترك بين استعماله في معنى واحد من معانيه وهو استعمال حقيقي وبين استعماله في معنييه وهو استعمال مجازي ، والاستعمال الحقيقي مقدم على المجازي ، لاحتياج الثاني إلى قرينة والأصل عدمها.

(٩) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣.

(١٠) أي الخبر المثبت للشرط الآخر مقدّم على ما لم يثبته ، لأن غير المثبت لم يتعرض لنفيه فلا تعارض بينهما.

(١١) أي استحباب المكاتبة.

(١٢) أي جمع العبد.

(١٣) من الديانة والكسب.

(١٤) أي عدم الوضعين.

٤٢٣

أو أحدهما (١) فلا (٢) في ظاهر كلام الأصحاب ، وفي النافع أنها (٣) تتأكد بسؤال المملوك ولو كان عاجزا (٤). فجعل (٥) الاستحباب مع عدم سؤاله مشروطا بالشرطين ، ومعه (٦) يكتفي (٧) بالأول (٨) خاصة (٩) (ولو عدم الأمران (١٠) الصادق (١١) بعدم أحدهما (١٢) ، وعدمهما معا(فهي (١٣) مباحة) على المشهور.

وقيل : مكروهة (١٤).

(وهي (١٥) معاملة) بين المولى ، والمملوك(مستقلة) بنفسها على الأشهر (١٦)

______________________________________________________

(١) أي عدم أحدهما.

(٢) أي فلا يتأكد الاستحباب.

(٣) أي الكتابة المستحبة.

(٤) أي عاجزا عن التكسب.

(٥) أي جعل المحقق في النافع أصل الاستحباب مع عدم التماس العبد مشروطا بالشرطين ، ومع الالتماس يتأكد الاستحباب ولو كان عاجزا وهذا على خلاف ظاهر كلامهم.

(٦) أي ومع سؤال العبد.

(٧) أي يكتفي المحقق في الاستحباب بل وتأكده.

(٨) وهو الديانة.

(٩) من دون اشتراط التكسب ولذا قال : (ولو كان عاجزا).

(١٠) من الديانة والمال.

(١١) صفة لعدم الأمرين.

(١٢) أي بعدم أحد الشرطين وصادق بعدم الشرطين معا ، لأن الكل كما ينتفي بانتفاء جميع أجزائه ينتفي بانتفاء بعض أجزائه.

(١٣) أي الكتابة.

(١٤) كما عن الشيخ في المبسوط ، وقد تقدم ما في هذين القولين.

(١٥) أي المكاتبة.

(١٦) وقع الخلاف بينهم في حقيقة المكاتبة ، فهل هي عتق بصفة كما عن بعض العامة ، والمراد بالصفة هو العوض المعلوم على المملوك إلى أجل مضبوط ، وليس له دليل إلا أن المكاتبة فيها خصائص العتق فهو عتق بعوض ، وهو ضعيف لعدم صدق العتق عليها عرفا ، وعدم قصد العتق في عقد المكاتبة على أن العتق مشروط بالتنجيز والقربة ، وهما منفيان في المكاتبة ، والاتحاد بين العتق والمكاتبة في الغاية أو في بعض الأحكام لا يقتضي

٤٢٤

وتختص بوقوعها (١) بين المالك ومملوكه (٢) ، وأن (٣) العوض والمعوّض ملك السيد ، وأن (٤) المكاتب (٥) على درجة بين الاستقلال وعدمه (٦) ، وأنه (٧) يملك من بين العبيد ، ويثبت له (٨)

______________________________________________________

اندراج المكاتبة تحت اسم العتق وإلا لدخل الكثير في المعاملات في بعضها البعض.

وعن أبي الصلاح وابن زهرة وابن إدريس أنها بيع للعبد من نفسه ، لتحقق بعض خواص البيع فيها باعتبار ذكر العوض ، وفيه أن البيع يقتضي المغايرة بين البائع والمشتري وبينها وبين العوضين مع أن المبيع هنا في المكاتبة هو نفس المشتري ، والبيع يقتضي قبول المشتري للملك وهذا يستدعي أهلية المشتري للملك ، والأهلية مفقودة هنا ، إذ المملوك لا يملك ، والبيع يقتضي كون العوض ملكا للمشتري والمعوض ملكا للبائع مع أن العوض والمعوض هنالك العبد وكسبه ملك للبائع الذي هو المولى بالإضافة إلى أنه لو كان بيعا لثبت المال في ذمة العبد وعتق في الحال ، مع أن التالي باطل مضافا إلى صحة سلب اسم البيع عن المكاتبة وتغاير مفهومهما عرفا ، على أن البيع لا يفتقر في صحته إلى ذكر الأجل مع أن الكتابة مشروطة بذكر الأجل كما سيأتي إلى غير ذلك المنافيات لكونها بيعا.

لذلك ذهب المشهور إلى أن المكاتبة معاملة مستقلة خارجة عن قياس المعاملات من جهة أنها دائرة بين السيد والعبد مع أن العبد ملك لسيده وأن العوضين للسيد ، وأن المكاتب على مرتبة متوسطة بين الرق والحرية ، فليس له استقلال الأحرار ولا عجز المماليك ، نعم لما كانت الحاجة داعية إلى المكاتبة لأن السيد قد لا تسمح نفسه بالعتق مجانا والمملوك لا يشمّر عن ساعده للكسب ما لم يكاتب شرعها حينئذ الشارع ورتب عليها أحكاما واغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها.

(١) أي بوقوع المكاتبة.

(٢) مع أن بقية المعاملات تجري بين مالكين أو لا تجري بين المالك وماله ، هذا والشارح قد استدل بهذه الخواص على أن المكاتبة لا تلحق بغيرها بل هي عقد مستقل لعدم وجود هذه الخواص في غيرها.

(٣) خاصيّة ثانية في المكاتبة.

(٤) خاصيّة ثالثة في المكاتبة.

(٥) بعد الكتابة.

(٦) فليس له استقلال الأحرار ولا عجز المماليك.

(٧) أي وأن المكاتب ، وهذه خاصيّة رابعة في المكاتبة.

(٨) للمكاتب وهذه خاصية سادسة في المكاتبة.

٤٢٥

أرش الجناية على سيده (١) ، وعليه (٢) الارش للسيد المجني عليه ، وتفارق (٣) البيع باعتبار الأجل (٤) في المشهور ، وسقوط (٥) خيار المجلس ، والحيوان وعدم قبولها لخيار الشرط(وليست (٦) بيعا للعبد من نفسه) وان اشبهته (٧) في اعتبار العوض المعلوم ، والأجل المضبوط على تقدير ذكره (٨) في البيع ، لمخالفتها (٩) له (١٠) في الأحكام ، ولبعد ملك الإنسان (١١) نفسه فلو باعه (١٢) نفسه بثمن مؤجل لم يصح(ولا عتقا (١٣) بصفة) وهي (١٤) شرط عوض معلوم على المملوك في أجل مضبوط. وهو (١٥) وفاق ، خلافا لبعض العامة.

(ويشترط في المتعاقدين الكمال) بالبلوغ ، والعقل (١٦) ،

______________________________________________________

(١) لو جنى سيده عليه.

(٢) وعلى المكاتب.

(٣) أي المكاتبة وهذه خاصية سابعة في المكاتبة.

(٤) أي باعتبار الأجل في المكاتبة في المشهور ويأتي غير المشهور ، وأما البيع فلا يشترط في صحته ذكر الأجل.

(٥) عطف على قوله (باعتبار الأجل) والمعنى والمكاتبة تفارق البيع بسقوط خيار المجلس والحيوان فيها دون البيع ، وكذا لا تقبل لخيار الشرط بخلاف البيع فإنه قابل لذلك.

(٦) أي المكاتبة.

(٧) أي اشبهت البيع.

(٨) أي ذكر الأجل.

(٩) تعليل لعدم كون المكاتبة بيعا.

(١٠) للبيع.

(١١) من باب إضافة المصدر إلى فاعله ، والمعنى عدم جواز تمليك الإنسان لنفسه شيئا ، لأنه لو كان مالكا فلا معنى لتملكه ثانيا لأنه تحصيل الحاصل وهو محال.

(١٢) أي فلو باع المولى عبده لنفس العبد بثمن مؤجل لم يصح ، لأنه تحصيل الحاصل كما تقدم.

(١٣) أي وليست المكاتبة عتقا بصيغة خلافا لبعض العامة.

(١٤) أي الصفة.

(١٥) أي كون المكاتبة ليست عتقا بصيغة ، وهذا وفاقي عندنا خلافا لبعض العامة.

(١٦) لا إشكال ولا خلاف في أنه يعتبر في المولى الموجب البلوغ والعقل والاختيار وجواز

٤٢٦

فلا يقع (١) من الصبي وإن بلغ عشرا وجوّزنا عتقه (٢) ، ولا من المجنون المطبق ، ولا الدائر جنونه في غير وقت الافاقة (٣). وهذان (٤) مشتركان بين المولى والمكاتب.

وقد يتخيل عدم اشتراطهما (٥) في المكاتب (٦) ، لأن المولى وليه فيمكن قبوله عنه ، وكذا الأب (٧) والجد والحاكم مع الغبطة. وله وجه وإن استبعده المصنف في الدروس غير مبيّن وجه البعد (٨).

(وجواز تصرف المولى (٩)

______________________________________________________

التصرف ، لأن المكاتبة عقد كبقية العقود ، وقد تقدم ما يدل على اعتبار هذه الأمور الأربعة.

بل ولا يكتفى بمكاتبه المولى الموجب الصبي وإن بلغ عشرا لسلب عبارة الصبي شرعا ، سواء جوزنا عتقه أم لا ، لخروج المكاتبة عن أفراد العتق على ما تقدم.

نعم وقع الخلاف بينهم في اشتراط إسلام الموجب وسيأتي التعرض له.

كما أنه لا إشكال ولا خلاف في بلوغ وعقل العبد القابل لسلب عبارة الصبي والمجنون ، نعم وقع الخلاف بينهم في اشتراط إسلام العبد وسيأتي التعرض له.

(١) أي التعاقد.

(٢) فلا نجوّز مكاتبته للتغاير بينهما.

(٣) وأما في وقت الإفاقة فيصح بلا خلاف لوجود العقل.

(٤) أي الشرطان من البلوغ والعقل.

(٥) أي عدم اشتراط البلوغ والعقل.

(٦) مبني للمفعول وهو العبد.

(٧) أي أبو المكاتب وجده.

(٨) ووجهه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتٰابَ مِمّٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (١) ولا ابتغاء للصبي والمجنون ، هذا فضلا عن أن مقتضى الكتابة وجوب السعي على المكاتب ، والصبي والمجنون لا يجب عليهما السعي كما لا يجب عليهما غيره.

(٩) فلا يصح مكاتبة المولى المحجور عليه ، لأنه ممنوع من التصرف المالي ، والمكاتبة تصرف مالي.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

٤٢٧

فلا يقع من السفيه بدون إذن الولي (١) ، ولا المفلس بدون إذن الغرماء (٢) ، ولا من المريض (٣) فيما زاد منه (٤) على الثلث بدون إجازة الوارث (٥) ، وإن كان العوض (٦) بقدر قيمته ، لأنها (٧) ملك المولى فليست (٨) معاوضة حقيقية (٩) ، بل في معنى التبرع (١٠) ترجع إلى معاملة المولى على ماله بماله.

ويستفاد من تخصيص الشرط (١١) بالمولى جواز كتابة المملوك السفيه إذ لا مال له يمنع من التصرف فيه. نعم يمنع من المعاملة المالية (١٢) ، ومن قبض المال لو ملكه بعد تحقق الكتابة.

(ولا بد) في الكتابة(من العقد المشتمل على الايجاب (١٣) مثل كاتبتك على أن)

______________________________________________________

(١) ولي السفيه أبوه وجده إذا اتصل سفهه بالبلوغ بحيث بلغ سفيها ، ووليّه الحاكم إذا تجدد سفهه بعد البلوغ.

(٢) لأن المفلس ممنوع من التصرف حفظا لحق الغرماء.

(٣) الذي اتصل مرضه بموته.

(٤) من العبد المكاتب.

(٥) لأن مريض الموت تنفذ تصرفاته في الثلث ، والباقي بحاجة إلى إذن الوارث كما تقدم مرارا.

(٦) أي مال الكتابة الذي هو عوض العبد.

(٧) أي لأن قيمة العبد.

(٨) أي مكاتبة المريض لعبده بقدر قيمته.

(٩) نعم لو كانت معاوضة حقيقية لا تبرع فيها فإنها تنفذ على كل حال ، لأن تقييد تصرفات المريض من الثلث إنما هو في تبرعه.

(١٠) لأن المعاملة الحقيقية هي ما يملك كل من المتعاقدين ما ليس ملكا له ، وهنا المولى يملك العبد وكسبه ، فجعل العبد في قبال الكسب إنما هو تبرع منه فلا بد أن يكون من الثلث لو صدر من المولى في حال الموت.

(١١) أعني جواز التصرف.

(١٢) كالبيع والشراء وينحصر سعيه في التكسب بالأجرة كالأجير ونحوه.

(١٣) لا إشكال ولا خلاف في أن المكاتبة عقد مفتقر إلى الإيجاب والقبول ، كغيره من العقود ، ويكفي في عقد المكاتبة أن يقول المولى : كاتبتك مع تعيين الأجل والعوض ، ويقول العبد : قبلت.

٤٢٨

(تؤدي إليّ كذا (١) في وقت كذا (٢) ان اتحد الأجل(أو أوقات كذا) إن تعدد (٣) (فإذا اديت فأنت حر).

وقيل : لا يفتقر إلى إضافة قوله : فإذا اديت إلى آخره ، بل يكفي قصده (٤) ، لأن التحرير غاية الكتابة فهي دالة عليه (٥) ، فلا يجب ذكره (٦) كما لا يجب ذكر غاية البيع وغيره ، خصوصا لو جعلناها (٧) بيعا للعبد من نفسه (٨).

ويضعّف (٩) بأن القصد إليه (١٠) إذا كان معتبرا لزم اعتبار التلفظ بما يدل عليه (١١) ، لأن هذا (١٢) هو الدليل الدال على اعتبار الايجاب والقبول (١٣) اللفظيين

______________________________________________________

ولكن لا يفتقر العقد إلى قول المولى : فإذا أديت فأنت حر مع نية ذلك ، كما عن الشيخ في المبسوط ونسب إلى الأكثر ، لأن هذا القول غاية الكتابة ، والكتابة دالة عليه فلا يجب ذكرها كما لا يجب ذكر غاية البيع والإجارة ، نعم لا بد من قصد ذلك وإن لم يتلفظ.

وعن الشيخ في الخلاف وابن إدريس أنه يجب التلفظ بهذا القول مع قصده ، ومال إليه الفخر والشهيد في نكت الإرشاد ، وقال الشارح في المسالك : (ويتخرج في المسألة قول ثالث ، وهو عدم اشتراط القصد الخاص إلى اللفظ كغيره من الألفاظ الصريحة في معناها) انتهى.

(١) وهذا هو العوض.

(٢) وهذا هو الأجل.

(٣) أي تعدد الأجل.

(٤) أي قصد قوله : فإذا أديت فأنت حر.

(٥) أي فالكتابة دالة على التحرير.

(٦) أي ذكر التحرير.

(٧) أي لو جعلنا المكاتبة.

(٨) لأن البيع متفق فيه على عدم الاحتياج إلى قول البائع : فإذا اشتريته فهو ملك لك ، فتكون المكاتبة مستغنية عن هذه الإضافة الدالة على غايتها.

(٩) أي يضعّف القول بعدم الافتقار إلى ذكر الغاية مع أنه اشترط قصدها.

(١٠) إلى التحرير كغاية للمكاتبة.

(١١) على التحرير كغاية للمكاتبة.

(١٢) وهو كل ما اعتبر قصده فلا بد من لفظ يدل عليه.

(١٣) ولا يكفي فيهما القصد إليهما.

٤٢٩

في كل عقد ، ولا يكفي قصد مدلوله (١).

نعم لو قيل : بعدم اعتبار قصده (٢) أيضا (٣) كما في غيره (٤) من غايات العقود اتجه (٥) ، لكن لا يظهر به (٦) قائل (٧) (والقبول مثل قبلت) ورضيت.

وتوقف هذه المعاملة على الايجاب والقبول يلحقها (٨) بقسم العقود ، فذكرها في باب الايقاعات التي يكفي فيها (٩) الصيغة من واحد بالعرض (١٠) تبعا للعتق ، ولو فصلوها ووضعوها في باب العقود كان أجود.

(فإن قال) المولى في الايجاب مضافا إلى ذلك (١١): (فإن عجزت فأنت ردّ) بفتح الراء وتشديد الدال مصدر بمعنى المفعول أي مردود(في الرق فهي (١٢) مشروطة ، وإلا) يقل ذلك (١٣) ، بل اقتصر على الايجاب السابق(فهي مطلقة (١٤).

______________________________________________________

(١) أي مدلول العقد من دون التلفظ بالإيجاب والقبول.

(٢) أي بعدم اعتبار قصد التحرير كغاية للمكاتبة.

(٣) كما لا يعتبر التلفظ به.

(٤) أي في غير التحرير الذي هو غاية المكاتبة.

(٥) أي اتجه القول بعدم الاحتياج إلى التلفظ بما يدل على التحرير وهو قوله : فإذا أديت فأنت حر.

(٦) أي بعدم اعتبار القصد وعدم اعتبار التلفظ.

(٧) وعليه فإذا كان لا بدّ من اعتبار القصد فقد عرفت أنه لا بد من التلفظ بما يدل عليه حينئذ.

(٨) أي يلحق هذه المعاملة أعني المكاتبة.

(٩) في الإيقاعات.

(١٠) أي بالتبع ، وهو متعلق بقوله : (فذكرها).

(١١) أي إلى قوله : كاتبتك على أن تؤدي إليّ كذا في وقت كذا ، فإذا أديت فأنت حر.

(١٢) أي المكاتبة.

(١٣) من قوله : فإن عجزت فأنت رد.

(١٤) الكتابة قسمان : مشروطة ومطلقة ، والمطلقة أن يقتصر على العقد والأجل والعوض والنية بالمعنى المتقدم ، والمشروطة أن يقول مع ذلك : فإن عجزت فأنت رد في الرق للأخبار الكثيرة.

٤٣٠

ومن القيد (١) يظهر وجه التسمية (٢).

ويشترك القسمان في جميع الشرائط وأكثر الأحكام ، ويفترقان في أن المكاتب في المطلقة ينعتق منه بقدر ما يؤدي من مال الكتابة ، والمشروط لا ينعتق منه شي‌ء حتى يؤدي الجميع ، والاجماع على لزوم المطلقة ، وفي المشروطة خلاف وسيأتي.

(والأقرب اشتراط الأجل) في الكتابة مطلقا (٣)

______________________________________________________

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن المكاتب إذا أدّى شيئا عتق بقدر ما أدى إلا أن يشترط مواليه إن هو عجز فهو مردود ، فلهم شرطهم) (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يردّ في الرق ، قال : المسلمون عند شروطهم) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته ، فقال : إن الناس كانوا لا يشترطون ، وهم اليوم يشترطون ، والمسلمون عند شروطهم ، فإن كان شرط عليه إن عجز رجع ، وإن لم يشترط عليه لم يرجع) (٣) وغيره كثير.

بلا خلاف في ذلك منا ، والعامة ليس عندهم إلا قسم واحد ، وهو المشروط عندنا فلا يعتق إلا بأداء تمام المال للنبوي (المكاتب عبد ما بقي عليه درهم) (٤) ، وهو محمول على صورة الشرط جمعا بينه وبين ما تقدم.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فمما تقدم من الأخبار تعرف أن العبد في المطلقة ينعتق منه بقدر ما يؤدي ، وفي المشروطة لا ينعتق منه شي‌ء إلا بأداء تمام المال.

(١) وهو قول المولى في العقد : فإن عجزت فأنت ردّ.

(٢) أي تسميه المطلقة ، وهي الخالية عن القيد المذكور ، وتسمية المشروطة وهي المقيدة بالقيد المذكور.

(٣) سواء كانت مشروطة أم مطلقة ، وقع الخلاف بينهم في اشتراط الأجل في الكتابة ، وبعبارة أخرى وقع الخلاف بينهم في اشتراط كون العوض مؤجلا أو أنه يصح حالا.

فعن الأكثر أنه لا بد من ذكر الأجل وكون العوض مؤجلا لدليلين :

الأول : إتباع السلف من عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنهم لا يعقدون الكتابة إلا على عوض مؤجل.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢ و ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣.

(٤) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٣٢٤.

٤٣١

بناء (١) على أن العبد لا يملك شيئا فعجزه حال العقد عن العوض حاصل (٢) ، ووقت الحصول (٣) متوقع مجهول فلا بد من تأجيله (٤) بوقت يمكن فيه (٥) حصوله عادة.

وفيه نظر ، لإمكان التملك عاجلا (٦) ولو بالاقتراض كشراء (٧) من لا يملك شيئا من الأحرار ، خصوصا لو فرض حضور شخص يوعده (٨) بدفع المال عنه بوجه (٩) في المجلس (١٠).

ويندفع ذلك (١١)

______________________________________________________

الثاني : إن العبد عاجز عن أداء العوض الحال ، لأن ما بينه هو للسيد ، وما ليس بيده متوقع الحصول فلا بدّ من ضرب الأجل لئلا يتطرق الجهالة الموجبة للغرر المنهي عنه في الشريعة.

وفي كليهما نظر ، أما في الأول فلأن عمل السلف دال على ثبوت المؤجل والأجل وهو أعم من فساد الحال ، وأما في الثاني فلإمكان تحصيل المال عقيب العقد بالقرض أو بالتبرع أو يكون العوض في العقد على ملح مثلا وهما على مملحة فيمكنه تسليم العوض عقيب العقد مباشرة ، وعليه فلا يلزم بطلان الحال ، فلذا ذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس ويحيى بن سعيد إلى عدم اعتبار الأجل لإطلاق أدلة الكتابة ، واختاره الفاضل في القواعد والشارح في المسالك.

(١) تعليل لاشتراط الأجل.

(٢) لأن كل ما بيده حال العقد فهو لسيده.

(٣) أي وقت حصول مال الكتابة يتوقع حصوله فيما بعد ، فلا بد من تأجيل العوض حتى يتمكن من تحصيله.

(٤) أي تأجيل العوض.

(٥) أي يمكن في الوقت المؤجل تحصيل العوض عادة.

(٦) أي لإمكان تملك العبد العوض عقيب العقد عاجلا.

(٧) أي كما لا يمنع من شراء الحر للمتاع حالا وهو لا يملك شيئا فكذا المقام.

(٨) أي يوعد العبد المكاتب.

(٩) كالهبة ونحوها.

(١٠) أي مجلس عقد المكاتبة.

(١١) أي ما قيل في النظر.

٤٣٢

كله بأن العجز حالة العقد حاصل ، وهو المانع (١).

نعم لو كان بعضه (٢) حرا وبيده مال فكاتبه (٣) على قدره (٤) فما دون حالا فالمتجه الصحة ، لأنه (٥) كالسعاية (٦) ، ولو كان (٧) واقفا على معدن مباح يمكنه تحصيل العوض منه في الحال فعلى التعليل بجهالة وقت الحصول (٨) يصح (٩) ، وبالعجز (١٠) حالة العقد يمتنع (١١).

وقيل : لا يشترط الأجل مطلقا (١٢) ، للأصل (١٣) ، وإطلاق الأمر بها (١٤) ، خصوصا على القول بكونها (١٥)

______________________________________________________

(١) وفيه أنه تحكم بدون دليل ، ولذا مال إلى عدم اشتراط الأجل في المسالك.

(٢) أي بعض المكاتب.

(٣) أي كاتبه مولاه.

(٤) أي قدر المال الذي عنده.

(٥) أي المذكور من الكتابة الأخيرة.

(٦) أي سعاية المبعّض في فكاك ما لم يتحرر منه ، فكما لا يشترط في السعاية الأجل فكذلك المقام.

(٧) أي العبد المكاتب.

(٨) وهو قوله : (ووقت الحصول متوقع مجهول فلا بدّ من تأجيله) ، والمراد فإذا كان اشتراط الأجل لأن مال الكتابة متوقع الحصول فيما بعد فلا بد من تأجيله فتصح المكاتبة للواقف على المعدن بعوض حال ، وأما إذا كان اشتراط الأجل لأن العبد عاجز عن المال حالة العقد لأنه ليس أهلا للملك فلذا كان ما في يده لسيده فلا تصح المكاتبة للواقف على المعدن بعوض حال ، وإن كان قادرا على تحصيل العوض من المعدن بعد العقد ، لأنه ليس بأهل للتملك حالة العقد ، وعدم الأهلية للتملك حالة العقد هو المانع.

(٩) أي يصح العوض الحال.

(١٠) أي وعلى التعليل بالعجز.

(١١) أي يمتنع العوض الحال.

(١٢) سواء كانت مطلقة أم مشروطة.

(١٣) أي أصالة عدم الاشتراط.

(١٤) بالمكاتبة ، والمراد إطلاق الأخبار الدالة على المكاتبة.

(١٥) أي بكون المكاتبة.

٤٣٣

بيعا ، ويمنع (١) اعتبار القدرة على العوض حالة العقد (٢) ، بل غايته (٣) إمكانها بعده. وهو حاصل هنا (٤).

وحيث يعتبر (٥) أو يراد (٦) يشترط ضبطه كأجل النسيئة (٧) بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، ولا يشترط زيادته (٨) عن أجل واحد عندنا ، لحصول الغرض (٩) ، ولو قصر الأجل بحيث يتعذر حصول المال فيه (١٠) عادة (١١) بطل (١٢) إن علل بالجهالة(١٣)،

______________________________________________________

(١) جملة حالية والمراد ، والحال أنه يمنع.

(٢) أي عقد البيع.

(٣) أي غاية الاعتبار إمكان القدرة بعد عقد البيع.

(٤) أي وإمكان القدرة على العوض بعد العقد حاصل في المكاتبة التي هي من أفراد البيع بناء على القول المذكور.

(٥) أي حيث يعتبر الأجل كما هو القول الأول.

(٦) أي يراد الأجل على القول الآخر.

(٧) أي كالأجل المذكور في بيع النسيئة ، فلا بد من ضبطه بالاتفاق لئلا يلزم من عدم الضبط غرر ، والغرر منهي في الشريعة.

(٨) أي زيادة الأجل ، فيكفي أن يذكر أجلا واحدا للعوض عندنا وعند أكثر العامة لإطلاق أدلة المكاتبة ، خلافا لبعضهم فاشتراط كون الأجل نجمين فصاعدا ، لأنه المعهود من عمل السلف ، ولأن الكتابة مأخوذة من الكتب بمعنى الضم ، وباعتبار ضم النجوم بعضها إلى بعض ، وأقل ما يحصل به ذلك نجمان فصاعدا ، وفيه أن عمل السلف لا يدل على بطلان الأجل الواحد ، على أن الكتابة مأخوذة ، من الكتب بمعنى الضم الذي هو هنا ضم النجوم بعضها إلى بعض مبني على الغالب كما تقدم.

(٩) وهو غرض التأجيل ، فإنه يحصل بأجل واحد.

(١٠) في الأجل القصير.

(١١) بحيث يجعل العوض مائة دينار والأجل ساعة ، ومن المتعذر على الإنسان عادة تحصيل مائة دينار في ساعة.

(١٢) أي بطل عقد المكاتبة.

(١٣) أي إن علّل اشتراط الأجل بالجهالة في قوله : (ووقت الحصول متوقع مجهول فلا بد من تأجيله بوقت يمكن فيه حصوله عادة) وهذا وقت لا يمكن ذلك.

٤٣٤

وصح (١) إن علّل بالعجز (٢).

وفي اشتراط اتصاله (٣) بالعقد قولان أجودهما العدم (٤) ، للأصل.

(وحدّ العجز (٥) المسوغ للفسخ في المشروطة بمخالفة شرطه ، فإن شرط

______________________________________________________

(١) أي وصح عقد المكاتبة.

(٢) أي إن علّل اشتراط الأجل بالعجز حيث إنه وقت العقد لا يملك شيئا وليس له أهلية التملك ، وبعد الكتابة يرتفع العجز وتثبت الأهلية فيصح عقد المكاتبة وإن كان الأجل قصيرا لا يمكن تحصيل العوض فيه عادة.

(٣) أي اتصال الأجل.

(٤) أي عدم الاتصال ، لأصالة عدم اشتراط الاتصال ، ولإطلاق أخبار المكاتبة ، ووجه الاشتراط أن المعهود على الاتصال فهو القدر المتيقن ، هذا من جهة ومن جهة ثانية لم يتعرض الشارح لهذا الفرع في المسالك عند تعرض المحقق ، مع أن المحقق في الشرائع قد تردد في الاتصال وعدمه ، وصاحب الجواهر قال إن الخلاف فيه كالخلاف في أجل المتعة ، وفي أجل المتعة ذهب الأكثر إلى عدم اشتراط الاتصال لإطلاق الأدلة ، وذهب صاحب الجواهر وجماعة إلى الاشتراط لأنه المعهود والمتيقن من الأدلة.

(٥) قد عرفت أن المكاتبة على قسمين ، مشروطة ومطلقة ، وعرفت أن المشروطة مشتملة على شرط رده في الرق عند عجزه عن الدفع ، وعليه فإن شرط عليه المولى أنه ردّ في الرق عند تأخير النجم عن محله أو تأخيره إلى نجم آخر أو إلى مدة معينة أتبع شرطه ، لأن المؤمنون عند شروطهم ، وعند الإطلاق فيما لو قال المولى : فإن عجزت فأنت رد في الرق ، فقد اختلف الأصحاب في حد العجز فعن المفيد وابن إدريس والشيخ في الاستبصار وكثير من المتأخرين أن حد العجز هو تأخير النجم عن محله ، سواء بلغ التأخير نجما آخر أم لا لصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (قلت : فما حد العجز؟ قال عليه‌السلام : إن قضاتنا يقولون : إن عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى النجم الآخر حتى يحول عليه الحول ، قلت : فما تقول أنت؟ فقال عليه‌السلام : لا ولا كرامة ليس له أن يؤخر نجما عن أجله إذا كان ذلك في شرطه) (١) وهو ظاهر أيضا في أن النجم إلى الحول ، بحيث يكون التنجيم على السنين ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (عن مكاتبة أدّت ثلثي مكاتبتها وقد شرط عليها إن عجزت فهي ردّ في الرق ونحن في

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.

٤٣٥

عليه التعجيز عند تأخير نجم عن محله ، أو إلى نجم آخر أو إلى مدة مضبوطة اتبع شرطه (١) ، وإن اطلق (٢) فحدّه(ان يؤخر نجما عن محله) والمراد بالحد هنا العلامة ، أو السبب الدال على العجز ، لا الحد المصطلح (٣) ، وبالنجم (٤) المال المؤدّى في المدة المخصوصة ، ويطلق (٥) على نفس المدة ، وبتأخيره (٦) عن محله عدم أدائه في

______________________________________________________

حلّ ممّا أخذنا منها ، وقد اجتمع عليها نجمان ، قال عليه‌السلام : تردّ ويطيب لهم ما أخذوا منها ، وقال : ليس لها أن تؤخر بعد حلّه شهرا واحدا إلا بإذنهم) (١).

وعن الشيخ في النهاية وابن البراج أن حد العجز أن يؤخر نجما إلى نجم لموثق إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا عجز المكاتب لم تردّ مكاتبه في الرق ، ولكن ينتظر عاما أو عامين فإن قام بمكاتبته وإلا ردّ مملوكا) (٢) بناء على أن المراد من النجم العام كما هو الظاهر من صحيح معاوية المتقدم بعد حمل قوله عليه‌السلام (أو عامين) على الندب ، وللمرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (لا يرد في الرق حتى يتوالى نجمان) (٣).

ومن تتمة هذا القول لو علم المولى عجز عبده عن فك نفسه فقد تحقق العجز وإن لم يؤخر العبد نجما إلى آخر ، لأنه مع صورة العلم بالعجز فالتأخير إلى نجم آخر عبث ضرورة كون التأخير إلى النجم الآخر لرجاء القدرة المفروض العلم بعدمها ، وردّ هذا القول أما بالنسبة للشق الأول المستدل عليه بالخبرين فهما لا يصلحان لمعارضة الأخبار الصحيحة المتقدمة ، وأما بالنسبة للشق الثاني فالمراد بالعلم هنا هو الظن الغالب لتعذر العلم حقيقة ، ويمكن وقوع خلاف الظن ببذل أحد له تبرعا أو نحو ذلك ، على أن العلم بالعجز إن كان قبل حلول النجم لم يتسلط المولى على الفسخ بغير خلاف ، وإن كان بعد حلول النجم فهو بعينه تأخير النجم عن محله كما هو مقتضى القول الأول.

(١) أي شرط المولى.

(٢) بأن قال : فإن عجزت فأنت رد في الرق.

(٣) وهو الحد المنطقي أعني التعريف.

(٤) أي والمراد بالنجم هنا.

(٥) أي النجم.

(٦) أي والمراد بتأخير النجم عن محله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.

٤٣٦

أول وقت حلوله ، وتحديده (١) بذلك (٢) هو الوارد في الأخبار الصحيحة.

وفي المسألة أقوال أخر مستندة إلى أخبار ضعيفة ، أو اعتبار (٣) غير تام (٤) ، وأما المطلقة (٥) فإذا نفذ (٦) بعض النجوم ولم يؤد قسطه فك من سهم الرقاب ، فإن تعذّر (٧) استرق إن لم يكن أدى شيئا ، وإلا (٨) فبحسب ما عجز عنه ، فحدّ العجز المذكور (٩) يصلح له (١٠) بوجه (١١).

(ويستحب) للمولى(الصبر عليه) عند العجز (١٢) ،

______________________________________________________

(١) أي تحديد العجز.

(٢) أي بتأخير النجم عن محله.

(٣) أي دليل اعتباري.

(٤) فالأخبار الضعيفة هي الدليل على أحد شقي مختار الشيخ وابن البراج ، والدليل الاعتباري غير التام هو الدليل على الشق الآخر من مختار الشيخ وابن البراج ، وقد تقدم ، وأما بقية الأقوال في المسألة فلم يتعرض لها سيد الرياض ولا صاحب الجواهر ولا غيرهما ، نعم قال الشارح في المسالك : (وفي المسألة أقوال أخر شاذة أعرضنا عن ذكرها كما أعرض عنه المصنف) انتهى.

(٥) ففي المسالك أنه يردّ إلى الرق إن كان عاجزا عن النجم الأول ، وإن كان عاجزا عن غيره بعد ما أدى الأول فك من سهم الرقاب إن أمكن وإلا ردّ إلى الرق ما بقي منه واستقر عتق مقدار ما أدى منه ، والمراد بالعجز هنا هو المراد من العجز في المشروطة.

وأشكل عليه صاحب الجواهر بعدم الدليل على فسخ المطلقة عند تحقق العجز المذكور ولذا خصّ الأكثر تحقق العجز المذكور في المشروطة فقط.

(٦) أي حلّ.

(٧) أي سهم الرقاب.

(٨) أي وإن كان قد أدّى شيئا فيسترق بحسب ما عجز عنه.

(٩) من أن العجز هو تأخير النجم عن محله.

(١٠) أي للعجز في المطلقة.

(١١) والوجه هو كون الماتن قد تكلم عن حد العجز الشامل للمشروطة والمطلقة ، ولم يتكلم في حد العجز المختص بالمشروطة فقط.

(١٢) يستحب للمولى الصبر على مكاتبه إن عجز بلا خلاف فيه ، لما فيه من الإعانة على التخلص من الرق ، وإنظار للمعسر بالدين ، وللأمر بإنظاره السنة والسنتين كما في موثق

٤٣٧

للأمر بانظاره سنة (١) وسنتين (٢) وثلاثا (٣) المحمول على الاستحباب جمعا (والأقرب(٤) لزوم الكتابة من الطرفين) طرف السيد والمكاتب(في المطلقة)

______________________________________________________

إسحاق المتقدم (١) ، ولخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام كان يؤجل المكاتب بعد ما يعجز عامين يتلوّمه ، فإن أقام بحريته وإلا ردّه رقيقا) (٢) ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرق فعجز قبل أن يؤدي شيئا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : لا يرده في الرق حتى يمضي ثلاث سنين ، ويعتق منه بمقدار ما أدى) (٣).

(١) كما في خبر إسحاق المتقدم.

(٢) كما في خبر الحسين بن علوان المتقدم.

(٣) كما في خبر جابر المتقدم.

(٤) اختلف الأصحاب في لزوم عقد المكاتبة وجوازه على أقوال :

القول الأول : اللزوم من الطرفين مطلقة كانت أو مشروطة ، على المشهور لأصالة اللزوم في العقود المستفادة من الآية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٤) ، ولا يتحقق امتثال الوفاء بالعقد إلا على تقدير اللزوم ، إذ الجائز لا يجب الوفاء به قطعا ، والأمر بالوفاء بالعقود عام يشمل كل عقد ، نعم خرج عقد الوديعة والعارية والوكالة لدليل خاص.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فمقتضى اللزوم على العبد وجوب السعي عليه في وفاء مال الكتابة وأدائه إلى المولى فلا يجوز له أن يعجّز نفسه اختيارا لأنه مناف للوفاء بالعقد.

القول الثاني : ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف أن المكاتبة مطلقا ، مطلقة كانت أو مشروطة ، لازمة من طرف المولى جائزة من طرف العبد بدعوى أن العبد متى ما عجز كان لمولاه رده في الرق فله تعجيز نفسه وهو المراد من الجواز من جهته ، وفيه : إننا نمنع أن له التعجيز بل يجب عليه السعي والأداء ، ولو امتنع أجبر على السعي ، نعم لو عصى وعجّز نفسه أو سعى وتحقق العجز حقيقة عن أداء ما عليه كان للمولى حينئذ الفسخ في المشروطة وهذا مما لا نزاع فيه.

القول الثالث : ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط وابن إدريس من أن المكاتبة المطلقة لازمة

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١٦.

(٤) سورة المائدة ، الآية : ١.

٤٣٨

(والمشروطة) بمعنى (١) أنه (٢) ليس لأحدهما فسخها إلا بالتقايل مع قدرة المكاتب على الأداء ، ووجوب السعي عليه في أداء المال ، لعموم الأمر بالوفاء بالعقود والكتابة منها (٣) والجمع المحلى (٤) مفيد للعموم ، وخروج نحو الوديعة ، والعارية بنص ويبقى الباقي على الأصل (٥).

وذهب الشيخ (٦) وابن إدريس إلى جواز المشروطة من جهة العبد (٧) بمعنى (٨) أن له (٩) الامتناع من أداء ما عليه فيتخيّر (١٠) السيد بين الفسخ ، والبقاء ، ولزومها من طرف السيد ، إلا على الوجه المذكور (١١).

وذهب ابن حمزة إلى جواز المشروطة مطلقا (١٢) ، والمطلقة من طرف السيد (١٣)

______________________________________________________

من الطرفين ، والمشروطة لازمة من جهة المولى جائزة من طرف العبد ، بدعوى أن العبد متى ما عجز كان لمولاه رده في الرق فله تعجيز نفسه وهو المراد من الجواز من جهته ، وفيه ما تقدم فلا نعيد.

القول الرابع : جواز المشروطة من الطرفين ، والمطلقة جائزة من طرف العبد خاصة وهو قول ابن حمزة ، وهو قول لا شاهد له في الأخبار ولا الاعتبار ولم ينقل عن أحد من أصحاب الأقوال فلذا هو قول غريب ـ كما في المسالك ـ مع مخالفته لأصالة اللزوم في العقود.

(١) تفسير للزوم.

(٢) أن الشأن والواقع.

(٣) أي من العقود.

(٤) وهو لفظ (العقود).

(٥) أي أصالة اللزوم في العقود.

(٦) في المبسوط ، وهو القول الثالث المتقدم.

(٧) مع لزوم المشروطة من جهة المولى ولزوم المطلقة من الجانبين.

(٨) تفسير لجواز المشروطة من جهة العبد.

(٩) أي أن للعبد.

(١٠) عند امتناع العبد عن الأداء.

(١١) وهو امتناع العبد عن الأداء.

(١٢) أي من الجانبين.

(١٣) المنقول عن ابن حمزة أنها لازمة من طرف السيد جائزة ، من طرف العبد وهو الذي صرح

٤٣٩

خاصة ، وهو غريب (١). ومن خواص العقود اللازمة أنها لا تبطل بموت المتعاقدين ، وهو (٢) هنا كذلك بالنسبة إلى المولى ، أما موت المكاتب فإنه يبطلها من حيث العجز عن الاكتساب (٣) (ويصح فيها التقايل (٤) كغيرها من عقود المعاوضات.

(ولا يشترط الإسلام في السيد (٥) ، ولا في العبد (٦)

______________________________________________________

به في المسالك والجواهر والرياض وغيرها ، ولعل المنقول هنا من سهو القلم.

(١) لمخالفته لأصالة اللزوم مع عدم الشاهد له من الأخبار والاعتبار.

(٢) عدم البطلان.

(٣) لا من حيث إنه موت.

(٤) التقايل هو رضا الطرفين على فسخ العقد ، وعليه فلو اتفق المولى والعبد على فسخ عقد المكاتبة صح بلا خلاف ولا إشكال لما تقدم في كتاب البيع من عموم أدلة التقايل وعدم اختصاصه بالبيع ، بل يشمل كل عقد من عقود المعاوضات.

(٥) لا يشترط الإسلام في السيد كما عليه الأكثر ، لأن المكاتبة عقد مستقل ولا يشترط في العقود إسلام المتعاقدين ، نعم على القول بكون المكاتبة عتقا بصفة وعلى القول بأن العتق لا يقع من الكافر لتوقفه على نية التقرب المتعذرة من الكافر يمكن القول باشتراط إسلام المولى في المكاتبة ، وهو قول لم يعرف قائله كما في الرياض ، والمقدمتان ممنوعتان على ما تقدم.

(٦) ذهب العلامة في المختلف والشهيدان إلى عدم اعتبار إسلام العبد ، لأن المكاتبة معاملة مستقلة ولا يشترط إسلام المتعاقدين في العقود ، وذهب الأكثر إلى اشتراط إسلامه لظاهر قوله تعالى : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (١) ، وقد فسر الخير الوارد في الآية بالدين والتكسب على ما تقدم من الأخبار ، والكافر لا دين له ، وأيضا لقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) (٢) المفسر بإيتاء العبد من الزكاة حتى يدفع مال الكتابة عن نفسه ، والكافر لا يستحق الزكاة.

وفيه : إن الخير شرط في رجحان المكاتبة ، وهذا لا يلزم أنه شرط في أصل مشروعيتها إذا الشرط في استحباب شي‌ء لا يلزم منه اشتراطه في إباحة ذلك الشي‌ء ، وعليه فقد حكمنا سابقا باستحباب المكاتبة عند خيرية العبد ، ولا يلزم منه إباحة المكاتبة عند خيرية

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) سورة النور ، الآية : ٣٣.

٤٤٠