الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(حملها)) (١) ومثلها غيرها.

وقد اختلفوا في أن النفقة هل هي للحمل كما عليه الأكثر ، لأن النفقة هنا تدور مدار الحمل ، لأنها لو كانت حائلا فلا نفقة لها ، ولما وجبت النفقة بوجود الحمل وسقطت بعدمه دل على أن النفقة للحمل.

أو النفقة للأم كما عليه ابن حمزة وجماعة لأن النفقة لو كانت للحمل لوجبت نفقته دون نفقتها مع أن الأخبار المتقدمة قد صرحت بنفقتها ، وأيضا لو كانت النفقة للحمل لوجبت على الجد مع فقر الأب كما لو كان الحمل منفصلا لأنه من الأقارب ، وأيضا لو كانت النفقة للحمل لسقطت إذا كان الحمل موسرا بإرث أو وصية قد قبلها وليّه لأنها من نفقة الأقارب حينئذ مع أنهم لا يلتزمون ، وأيضا لو كانت النفقة للحمل لكانت نفقة للأقارب وهي غير مقدّرة بحال الزوج بخلاف نفقة الزوجة فإنها مقدرة بحال الزوجة.

هذا كله في المعتدّة عدة طلاق ، وأما المعتدة عدة وفاة فلا نفقة لها إذا لم تكن حاملا بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة المتوفى عنها زوجها هل لها نفقة؟ فقال عليه‌السلام : لا) (٢) ولا يعارضها إلا صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من ماله) (٣) ، وهو مطروح أو مؤوّل على ما سيأتي.

وأما إذا كانت حاملا فعلى قولين ، فعن ابن أبي عقيل والمفيد والمحقق وابن إدريس والعلامة وسائر المتأخرين أنه لا نفقة لها لإطلاق خبر زرارة المتقدم ، ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الحبلى المتوفى عنها زوجها أنه لا نفقة لها) (٤) ، ولخبر الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها هل لها نفقة؟ قال : لا) (٥) ومثلها غيرها.

وعن مشهور المتقدمين وجوب الإنفاق عليها من مال الحمل لصحيح أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها) (٦).

وفيه أنه لا ينافي عدم النفقة من مال زوجها المتوفى ، فالطائفة الأولى تصرح بعدم النفقة

__________________

(١) المصدر السابق حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب النفقات حديث ٣ و ٤ و ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب النفقات حديث ١.

١٢١

(الطلاق (١) ، وفي زمن العدة (٢) كما كان (٣) في صلب النكاح (٤) شروطا (٥) وكمية وكيفية (٦) (ويحرم عليها الخروج من منزل الطلاق (٧) وهو المنزل الذي طلقت وهي

______________________________________________________

لها من مال الميت ، وإن كان لها النفقة من مال ولدها كما هو صريح صحيح الكناني ، وعليه لا تعارض ، وبهذا جمع الشيخ ، وعلى مال الولد يحمل صحيح محمد بن مسلم المتقدم الذي قلنا أنه مؤوّل بما سيأتي.

ثم إن الرجعية لها النفقة في زمن العدة على ما تقدم وهي بحكم الزوجة ، فيعتبر فيما يجب لها ما يعتبر في الزوجة ، فلو كانت ناشزة لا تستحق النفقة ولا السكنى في العدة كما لا تستحقها في صلب النكاح لتعديها.

ثم الحكم في الرجعية بلا فرق بين المسلمة والذمية لإطلاق الأدلة.

(١) بحيث لو كانت ناشزة قبل الطلاق وقد بقيت على نشوزها إلى ما بعده فلا نفقة لها ولا سكنى.

(٢) أي عدم نشوزها في زمن العدة بحيث لو نشزت في زمن العدة بأن خرجت من مسكنها بغير إذنه فتسقط نفقتها وسكناها ، نعم لو عادت إلى الطاعة عاد الاستحقاق بحاله ، لارتفاع المانع.

(٣) أي الإنفاق.

(٤) حال كونها زوجة قبل الطلاق.

(٥) حيث هو مشروط بعدم النشوز.

(٦) على ما هو مفصل في باب النفقات من كتاب النكاح.

(٧) لا خلاف ولا إشكال في استحقاق المطلقة الرجعية للسكنى في زمن عدتها ، سواء كانت حاملا أم حائلا لقوله تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١) ، وللأخبار.

منها : صحيح سعد بن أبي خلف (إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها وملكت نفسها ، ولا سبيل له عليها ، وتعتد حيث شاءت ولا نفقة لها.

قلت : أليس الله عزوجل يقول : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ، فقال عليه‌السلام : إنما عنى بذلك التي تطلّق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلق الثالثة) (٢) الحديث وقد تقدم بتمامه سابقا وموثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العدد حديث ١.

١٢٢

فيه إذا كان مسكن أمثالها وإن لم يكن (١) مسكنها (٢) الأول ، فإن كان (٣) دون حقها فلها طلب المناسب ، أو فوقه (٤) فله ذلك (٥) وإنما يحرم الخروج مع الاختيار (٦).

______________________________________________________

(عن المطلقة أين تعتدّ؟ فقال : في بيت زوجها) (١) ، وخبر أبي الصباح الكناني عنه عليه‌السلام (تعتد المطلقة في بيتها ولا ينبغي للزوج إخراجها ولا تخرج هي) (٢) ومثلها غيرها.

هذا والإسكان جزء من النفقة الواجبة للمطلقة الرجعية ، ولكن خصّ الإسكان بالكلام للأمر فيه بخصوصه في الآية المتقدمة هذا من جهة ومن جهة أخرى فوجوب إسكانها من حيث كونه جزءا من النفقة مشروط باستحقاقها للنفقة ، فلو كانت ناشزا فلا سكنى لها كما لا نفقة لها ، ومن جهة ثالثة إضافة الآية المتقدمة البيت إلى الزوجة بقوله تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) ، والإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة وقد صحت الإضافة هنا بملابسة السكنى ، وأضاف الماتن البيت إلى الطلاق باعتبار وقوعه فيه ، وإلا فهو بيت للزوج وعلى المطلقة البقاء فيه لحرمة خروجها من بيته إلا بإذنه.

(١) أي منزل الطلاق.

(٢) أي المسكن الذي كانت تسكنه قبل الطلاق.

(٣) أي منزل الطلاق.

(٤) أي كان منزل الطلاق فوق المناسب لها.

(٥) أي فللزوج إخراجها إلى المناسب.

(٦) لا إشكال ولا خلاف في حرمة خروجها من منزل الطلاق في زمن العدة للآية المتقدمة وكذا الأخبار المتقدمة ، نعم مع الاضطرار فيجوز لها الخروج بلا خلاف فيه لمكاتبة الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام (في امرأة طلقها زوجها ولم يجر عليها النفقة للعدة ، وهي محتاجة ، هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل أو الحاجة؟ فوقّع عليه‌السلام : لا بأس بذلك إذا علم الله الصحة منها) (٣).

ومنه يعلم أن المدار على مقدار ما تتأدى به الضرورة كما عن صاحب الجواهر وجماعة ، وعن الأشهر كما في الرياض فلو اضطرت للخروج فلتخرج بعد انتصاف الليل وتعود قبل الفجر لموثق سماعة بن مهران (سألته عن المطلقة أين تعتدّ؟ قال : في بيتها لا تخرج ، وإن أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا ، وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها) (٤) وهو محمول على ما لو تأدت الضرورة بذلك.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب العدد حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب العدد حديث ١.

١٢٣

ولا فرق بين منزل الحضرية والبدوية (١) البرية والبحرية ، ولو اضطرت إليه (٢) لحاجة خرجت بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر مع تأديها (٣) بذلك ، وإلا خرجت بحسب الضرورة ، ولا فرق في تحريم الخروج بين اتفاقهما (٤) عليه وعدمه على الأقوى (٥) ،

______________________________________________________

(١) منزل البدوية من صوف وشعر كمنزل الحضرية من حجر وطين ، ولا فرق في أن البدوية تعتد في المنزل الذي طلقت فيه كما تعتد الحضرية في المنزل الذي طلّقت فيه ، ثم لو طلقها وهي في السفينة ولم تكن السفينة مسكنا لها بأن كانت مسافرة مثلا فيسكنها حيث شاء كغيرها من المسافرات إلى أن يعود من السفر فيسكنها في بيته ، ولو كانت السفينة مسكنا لها بأن كان زوجها ملاحا اعتدت فيها ، لأن السفينة حينئذ بيتها بمنزلة الدار للحضرية والخيمة للبدوية ، وهذه الأخيرة هي التي عبّر الشارح عنها بالبدوية البحرية.

(٢) إلى الخروج.

(٣) أي تأدي الحاجة.

(٤) أي اتفاق المطلق والمطلقة.

(٥) لا خلاف في أنه كما لا يجوز لها الخروج من بيته اختيارا فلا يجوز له إخراجها من بيته للآية الشريفة : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ) (١).

بل لا يجوز الخروج ولو اتفقا عليه كما عليه الأكثر ، بل يمنعهما الحاكم من ذلك ، لأن عدم الخروج من البيت حق لله تعالى وهذا مدلول الآية المتقدمة حيث حرّمت الخروج على كل منهما ، بل في الكشاف للزمخشري إنما جمع بين النهيين ليشعر بأن لا يأذنوا وليس لإذنهم أثر.

وعن جماعة جواز الخروج لو اتفقا عليه منهم الفضل بن شاذان وأبو الصلاح الحلبي والعلامة في التحرير وقواه صاحب الجواهر ، لأن عدم الخروج حق للزوج ، لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض) (٢) ، وخبر أبي العباس (لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض) (٣) ، وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المطلقة تحج في عدتها إن طابت نفس

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العدد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العدد حديث ٧.

١٢٤

لأن ذلك (١) من حق الله تعالى ، وقد قال تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ) (٢) بخلاف زمن الزوجية فإن الحق لهما ، واستقرب في التحرير جوازه بإذنه (٣) وهو بعيد.

ولو لم تكن حال الطلاق في مسكن وجب العود إليه على الفور (٤) إلا أن تكون في واجب كحج فتتمه كما يجوز لها ابتداؤه (٥) ،

______________________________________________________

زوجها) (١).

ولذا نقل عن الفضل بن شاذان (أن معنى الخروج والإخراج ليس هو أن تخرج المرأة إلى أبيها أو تخرج في حاجة لها أو في حق بإذن زوجها ، مثل مأتم وما أشبه ذلك ، وإنما الخروج والإخراج أن تخرج مراغمة ويخرجها مراغمة فهذا الذي نهى الله عنه ـ إلى أن قال ـ إن أصحاب الأثر وأصحاب الرأي وأصحاب التشيع قد رخّصوا لها في الخروج الذي ليس على السخط والرغم ، وأجمعوا على ذلك) (٢).

(١) أي عدم خروجها من بيتها.

(٢) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٣) أي جواز خروجها بإذن المطلق.

(٤) بناء على أن عدم الخروج حق لله فلا يجوز الخروج ولو اتفقا عليه كما عليه الأكثر على ما تقدم ، وقد عرفت جواز الخروج بإذنه ، فلو طلقها في حال السفر فلا يجب العود إليه فورا ، نعم لو عاد وجب عليه إسكانها في بيته.

(٥) أي ابتداء سفر الحج ، قد تقدم عدم جواز خروجها من بيته بغير إذنه إلا للضرورة ، فلا تخرج في الحج المندوب بدون إذنه لعدم الضرورة بلا خلاف فيه ويشهد له خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المطلقة تحج في عدتها إن طابت نفس زوجها) (٣) ، وموثق سماعة بن مهران (وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها) (٤) ، بعد تقييد الثاني بدون إذن الزوج للجمع بين الخبرين ، وبعد تقييدهما بالحج المندوب والموسع ، لأن حج الواجب المضيق سواء كان حج الإسلام أو المنذور فتخرج ولو بدون إذنه ، لأنه من

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٢) فروع الكافي ج ٦ ص ٩٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب العدد حديث ١.

١٢٥

ولو كانت (١) في سفر مباح ، أو مندوب ففي وجوب العود (٢) إن أمكن إدراكها (٣) جزء من العدة أو مطلقا (٤) ، أو تتخير بينه (٥) ، وبين الاعتداد في السفر أوجه من إطلاق (٦) النهي عن الخروج من بيتها فيجب عليها تحصيل الكون به (٧) ، ومن عدم (٨) صدق النهي هنا (٩) لأنها غير مستوطنة (١٠) ، وللمشقة (١١) في العود ، وانتفاء الفائدة (١٢) حيث لا تدرك جزء من العدة ، كل ذلك مع إمكان الرجوع ، وعدم الضرورة إلى عدمه (١٣).

(و) كما يحرم عليها الخروج(يحرم عليه الإخراج) ، لتعلق النهي بهما في الآية(إلا أن تأتي بفاحشة) مبينة (١٤) (يجب بها الحد ، أو تؤذي أهله) بالقول ، أو

______________________________________________________

الضرورة ، كما أنها تخرج في كل واجب مضيق أيضا بلا خلاف في ذلك كله.

(١) أي المطلقة حال الطلاق ، وهذا التفريع مبني على عدم جواز الخروج ولو اتفقا معا لأنه حق لله تعالى ، وقد عرفت ضعفه.

(٢) إلى المسكن.

(٣) أي إدراك المطلقة لجزء من العدة في المسكن.

(٤) فيجب العود أدركت أم لا.

(٥) بين العود.

(٦) دليل لوجوب العود سواء أدركت أو لا.

(٧) أي بالبيت ، لأنه كما أن الأمر بالشي‌ء يقتضي النهي عن ضده ، فكذلك النهي عن الشي‌ء يقتضي الأمر بضده.

(٨) دليل عدم وجوب العود ، بل تتخير بينه وبين الاعتداد في السفر.

(٩) فيما لو كان الطلاق حال السفر.

(١٠) والنهي مختص بالمستوطنة بالبيت ليصح توجيه الخطاب لها بعدم الخروج منه.

(١١) دليل ثان على عدم وجوب العود.

(١٢) دليل ثالث على عدم وجوب العود.

(١٣) أي عدم الرجوع ، وإلا فمع الضرورة للرجوع فيجب ، أو عدم الضرورة إلى عدم السفر وإلا فمع الضرورة للسفر فلا يجب العود عليها.

(١٤) لا خلاف في ذلك لقوله تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١).

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.

١٢٦

الفعل فتخرج في الأول (١) لإقامته ثم ترد إليه عاجلا (٢) ، وفي الثاني (٣) تخرج إلى مسكن آخر (٤) يناسب حالها من غير عود (٥) إن لم تتب ، وإلا (٦) فوجهان أجودهما جواز ابقائها في الثاني (٧)

______________________________________________________

وإنما الخلاف في المراد من الفاحشة المبينة ، فقيل ما يجب به الحد ، لأنه هو المتبادر من الفاحشة عرفا.

وقيل وهو المشهور هي أعم من ذلك ، وأدناه أن تؤذي أهله ، وهو المروي عن ابن عباس في تفسير الآية كما في المسالك ، وفي مجمع البيان هو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (١) ، وهو الذي يقتضيه الجمع بين الأخبار ، ففي مرسل الصدوق (سئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، قال : إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد) (٢) وفي خبر محمد بن علي بن جعفر (سأل المأمون الرضا عن ذلك فقال : يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها ، فإذا فعلت فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل) (٣) ، ومرسل إبراهيم بن هاشم عن الرضا عليه‌السلام (في قوله عزوجل : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، قال : أذاها لأهل زوجها وسوء خلقها) (٤) ، ومرسل علي بن أسباط عن الرضا عليه‌السلام قال : (الفاحشة أن تؤذي أهل زوجها وتسبّهم) (٥).

فإذا تقرر ذلك فتخرج لإقامة الحد ثم تعاد إلى المسكن بعد الفراغ وقوفا فيما خالف الأصل على محل الضرورة ، وقيل : لا يجب ردها إليه ، لأن إخراجها مستثنى من النهي فوجوب ردها محتاج إلى دليل.

ولو خرجت لاذى أهل زوجها فيجب على الزوج نقلها إلى منزل آخر مناسب لها ، ويراعي الأقرب إلى مسكن العدة فالأقرب.

(١) أي للحد.

(٢) اقتصارا على ما خالف الأصل على محل الضرورة.

(٣) أي لأذية أهله.

(٤) بحيث يلاحظ فيه الأقرب إلى مسكن العدة فالأقرب.

(٥) أي من غير إعادتها إليه ثانيا.

(٦) بأن تابت.

(٧) أي في البيت الثاني.

__________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٤.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب العدد حديث ٣ و ٢ و ١ و ٦.

١٢٧

للإذن في الإخراج (١) معها (٢) مطلقا (٣) ، ولعدم الوثوق بتوبتها ، لنقصان عقلها ودينها.

نعم يجوز الرد (٤) فإن استمرت عليها (٥) وإلا أخرجت وهكذا.

واعلم أن تفسير الفاحشة في العبارة (٦) بالأول (٧) هو ظاهر (٨) الآية ، ومدلولها لغة ما هو أعم منه (٩) ، وأما الثاني (١٠) ففيه روايتان مرسلتان (١١) والآية غير ظاهرة فيه (١٢) ، لكنه مشهور بين الأصحاب ، وتردد في المختلف لما ذكرناه (١٣) وله وجه.

(ويجب الانفاق) في العدة(الرجعية على الأمة (١٤) كما يجب على الحرة(إذا)

______________________________________________________

(١) أي إخراجها من البيت الأول.

(٢) مع أذية أهله.

(٣) تابت أو لا.

(٤) أي يجوز الرد إلى البيت الأول بعد توبتها.

(٥) على التوبة.

(٦) أي عبارة الماتن.

(٧) وهو ما أوجب الحد.

(٨) أي الظاهر عرفا.

(٩) من الظاهر العرفي.

(١٠) وهو أذية أهله.

(١١) وهما مرسل إبراهيم بن هاشم ومرسل ابن أسباط المتقدمين.

(١٢) في الثاني.

(١٣) من عدم ظهور الآية فيه بعد كون دليله ضعيف السند بالإرسال.

(١٤) قد تقدم في فصل النفقات من كتاب النكاح أن نفقة العبد على سيده ، وتقدم في كتاب النكاح أن شرط النفقة هو التمكين التام ، وتقدم أن التمكين التام هو التمكين في كل وقت وزمان ، ولازم ما تقدم أن نفقة الأمة على مولاها ، إلا إذا أمكّن المولى الزوج منها ليلا ونهارا ، فتكون النفقة على زوجها.

أن قلت : إنه قد تقدم في فصل عقد الإماء أنه يجوز للمولى منع الأمة نهارا لحق الخدمة وتمكين الزوج منها ليلا ، ولازمه أن يكون التمكين بالنسبة إليها هو التمكين ليلا فقط ويلزم به النفقة.

١٢٨

(أرسلها مولاها ليلا ونهارا) ليتحقق به (١) تمام التمكين كما يشترط ذلك (٢) في وجوب الانفاق عليها (٣) قبل الطلاق ، فلو منعها (٤) ليلا ، أو نهارا ، أو بعض واحد (٥) منهما فلا نفقة لها ولا سكنى ، لكن لا يحرم عليه (٦) إمساكها نهارا للخدمة وإن توقفت عليه (٧) النفقة ، وإنما يجب عليه (٨) إرسالها ليلا وكذا الحكم قبل الطلاق (٩).

(ولا نفقة للبائن) طلاقها(إلا أن تكون حاملا (١٠) فتجب لها (١١) النفقة والسكنى حتى تضع لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولٰاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّٰى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١٢) ولا شبهة في كون النفقة بسبب الحمل ، لكن هل هي له أولها قولان (١٣)

______________________________________________________

قلت : جواز منع الأمة نهارا لحق خدمته لا ينافي عدم النفقة لها بسبب انتفاء التمكين التام المفسّر بأنه التمكين كل حين في كل مكان ، وظاهرهم عدم الخلاف فيه ، بل ادعى الإجماع سيد الرياض عليه. هذا كله في الأمة المزوجة ومثله في المطلقة الرجعية ، لأنها بحكم الزوجة.

(١) بالإرسال ليلا ونهارا.

(٢) من الإرسال ليلا ونهارا.

(٣) على الأمة.

(٤) أي منع المولى إرسالها.

(٥) أي بعض الليل أو بعض النهار.

(٦) على المولى.

(٧) أي على الإمساك نهارا بحيث مع الإمساك لا نفقة.

(٨) على المولى.

(٩) من عدم حرمة إمساكها نهارا وإن وجب عليه إرسالها ليلا ، ولكن لا نفقة مع الإمساك النهاري لعدم تحقق التمكين التام.

(١٠) قد تقدم البحث في أنه لا نفقة للبائن الحائل ، وتقدم البحث في ثبوت النفقة للبائن الحامل.

(١١) للحامل البائن.

(١٢) سورة الطلاق ، الآية : ٦.

(١٣) تقدم عرضهما في أول هذا الفصل والمشهور على أنها للحمل ، وعن ابن حمزة أنها للحامل. وتبعه عليه جماعة.

١٢٩

أشهرهما الأول (١) للدوران (٢) وجودا وعدما (٣) كالزوجية.

ووجه الثاني (٤) أنها (٥) لو كانت للولد (٦) لسقطت عن الأب بيساره (٧) كما لو ورث (٨) أخاه لأبيه ، وأبوه قاتل لا يرث ، ولا وارث غير الحمل (٩) ، ولوجبت (١٠) على الجد مع فقر الأب (١١) ، لكن التالي فيهما (١٢) باطل فالمقدم (١٣) مثله (١٤).

وأجيب بمنع البطلان فيهما (١٥).

______________________________________________________

(١) بأن النفقة للحمل.

(٢) أي دوران النفقة للحمل.

(٣) فمع وجود الحمل تجب النفقة ومع عدمه لا تجب ، وبهذا نستكشف أن النفقة للحمل ، كما استكشفنا أن النفقة للزوجية ، لأن المرأة قبل عقد النكاح لا تجب نفقتها وبعد العقد تجب فنستكشف أن النفقة من أجل كونها زوجة.

(٤) أي أن النفقة للحامل وليس للحمل.

(٥) أي النفقة.

(٦) أي للحمل لكانت من نفقة الأقارب ، وهذه النفقة تسقط مع يسار المنفق عليه.

(٧) أي يسار الحمل.

(٨) أي الحمل.

(٩) أو أوصى إليه بشي‌ء وقبل أبوه بها.

(١٠) أي نفقة الحمل.

(١١) لأن نفقة الأقارب تثبت على الأبعد مع فقر الأقرب ، على ما تقدم بيانه في باب النفقات من كتاب النكاح.

(١٢) في هاتين الصورتين ، والتالي هو سقوطها عن الأب بسبب يسار الحمل ، وثبوتها على الجد مع فقر الأب.

(١٣) أي المقدم في هاتين الصورتين ، والمقدم هو كون النفقة للحمل فتكون من نفقة الأقارب.

(١٤) أي مثل التالي في البطلان.

(١٥) أي في تالي الصورتين السابقتين ، بحيث نلتزم بسقوط النفقة عن الأب مع يسار الحمل ، ونلتزم بثبوت النفقة على الجد مع فقر الأب ، هذا وقال سيد الرياض : (واستند الجانبان إلى اعتبارات واهية ربما استشكل التمسك بها في إثبات الأحكام الشرعية ، ولكن بعضها المتعلق بالثاني ـ أي بالحمل ـ قوية معتضدة بالشهرة المحكية فالمصير إليه لا يخلو من قوة) انتهى.

١٣٠

وتظهر فائدة القولين (١) في مواضع ،

منها : إذا تزوج الحرّ أمة شرط مولاها رق الولد وجوزناه (٢).

وفي العبد (٣) إذا تزوج أمة أو حرة وشرط مولاه (٤) الانفراد برق الولد (٥) ، فإن جعلناها (٦) للحمل (٧) فلا نفقة على الزوج (٨) ، أما في الأول (٩) فلأنه (١٠) ملك لغيره (١١) وأما في الثاني (١٢) فلأن العبد لا يجب عليه نفقة أقاربه (١٣) ، وإن جعلناها (١٤) للحامل (١٥) ،

______________________________________________________

(١) من أن النفقة للحمل أو للحامل.

(٢) أي وقلنا بجواز هذا الشرط في الشريعة ، وإلا قد تقدم أن الولد يلحق باشرف أبويه من ناحية الإسلام والحرية ، والأب هنا حر فالولد مثله في الحرية ، والثمرة بأنه لا نفقة على الزوج الحر على القول المشهور القاضي بكون النفقة للحمل وأنها نفقة الأقارب ، لأن نفقة الرقيق على مولاه ، بخلاف ما إذا قلنا أن النفقة للحامل فالنفقة على الزوج حينئذ.

(٣) أي وتظهر فائدة القولين في العبد.

(٤) أي مولى العبد.

(٥) وجوزنا هذا الشرط إذا تزوج العبد من الحرة ، والثمرة بأنه لا نفقة على الزوج العبد على المشهور من كون النفقة للحمل ، لأن الولد حينئذ ملك للمولى فنفقته عليه ، والحمل وإن كان ابنا للعبد الزوج ، إلا أن العبد لا تجب عليه نفقة أقاربه.

وعلى القول الآخر من كون النفقة للحامل فالنفقة على الزوج العبد غايته تكون في ذمة المولى أو في كسب العبد على الخلاف المتقدم في كتاب النكاح.

(٦) أي النفقة.

(٧) كما هو المشهور.

(٨) في الصورتين السابقتين ، حرا كان أو عبدا.

(٩) أي في صورة ما لو تزوج الحر أمة.

(١٠) أي الحمل.

(١١) أي ملك لغير الزوج ، وهو ملك لمولى الأمة ، ونفقة العبد على مولاه.

(١٢) أي في صورة ما لو تزوج العبد على أمة أو حرة.

(١٣) والحمل من جملة أقاربه ، لأنه ابنه ، بل نفقته هنا على مولاه.

(١٤) أي النفقة.

(١٥) كما عليه ابن حمزة وجماعة.

١٣١

وجبت (١) ، وهو (٢) في الأول (٣) ظاهر وفي الثاني (٤) في كسب العبد ، أو ذمة مولاه على الخلاف.

وتظهر الفائدة (٥) أيضا فيما لو كان النكاح فاسدا والزوج حرا فمن جعل النفقة لها (٦) نفاها هنا ، إذ لا نفقة للمعتدة عن غير نكاح له حرمة ، ومن جعلها (٧) للحمل (٨) فعليه (٩) ، لأنها نفقة ولده.

(ولو انهدم المسكن (١٠) الذي طلقت فيه(أو كان مستعارا فرجع مالكه) في العارية ، (أو مستأجرا انقضت مدته أخرجها إلى مسكن يناسبها) ويجب تحري الأقرب إلى المنتقل عنه فالأقرب اقتصارا على موضع الضرورة ، وظاهره (١١) كغيره أنه لا يجب تجديد استئجاره ثانيا وإن أمكن (١٢) ،

______________________________________________________

(١) أي وجبت النفقة على الزوج.

(٢) أي وجوب الإنفاق.

(٣) ما لو كان الزوج حرا.

(٤) أي ما لو كان الزوج عبدا.

(٥) أي فائدة القولين.

(٦) للحامل كما هو قول غير المشهور.

(٧) أي جعل النفقة.

(٨) كما هو القول المشهور.

(٩) أي فالنفقة على الزوج الحر.

(١٠) قد عرفت أن المطلقة مأمورة بملازمة مسكن الطلاق مع الاختيار ، فلو انهدم مسكن الطلاق على نحو لا يقبل الإصلاح جاز إخراجها منه إلى غيره ، وكذا لو كان مسكن الطلاق مستعارا وقد رجع به المعير ، أو مستأجرا فانقضت المدة.

ولكن في المستعار والمستأجر يجب على الزوج أن يطلبه من المالك ولو بأجرة توصلا إلى تحصيل الواجب من إسكانها في مسكن الطلاق بدون إخراج ، فإن امتنع المالك أو طلب أكثر من أجرة المثل نقلها المطلق إلى مسكن آخر ، كما في المسالك.

وإذا جاز له إخراجها إلى مسكن غيره ، فعليه تحري الأقرب فالأقرب اقتصارا في الإخراج على محل الضرورة كما عن المبسوط والتحرير وغيرهما.

(١١) أي ظاهر الماتن كغيره من الفقهاء.

(١٢) أي الاستئجار.

١٣٢

وليس ببعيد وجوبه (١) مع إمكانه (٢) ، تحصيلا للواجب (٣) بحسب الإمكان وقد قطع في التحرير بوجوب تحري الأقرب ، وهو الظاهر فتحصيل نفسه (٤) أولى (٥).

(وكذا لو طلقت في مسكن لا يناسبها أخرجها إلى مسكن مناسب (٦) متحريا للأقرب فالأقرب كما ذكر (٧) (ولو مات فورث المسكن جماعة لم يكن لهم قسمته (٨) حيث ينافي القسمة سكناها ، لسبق حقها (٩) إلا مع انقضاء عدتها.

(هذا إذا كانت حاملا وقلنا لها السكنى) مع موته كما هو أحد القولين (١٠)

______________________________________________________

(١) أي وجوب استئجاره.

(٢) أي مع إمكان الاستئجار عند عدم تمنع المالك من ذلك.

(٣) وهو إسكان المطلقة في مسكن الطلاق بدون إخراج.

(٤) أي نفس مسكن الطلاق ولو بتجديد استئجاره مع الإمكان.

(٥) وكذا استئجار البيت الذي كان مستعارا بعد رجوع مالكه في العارية.

(٦) فلو كان مسكن الطلاق دون مستحقها وكانت راضية به حال الزوجية لم يجب عليها الرضا بعد الطلاق ، بل لها المطالبة بمسكن يليق بها ، لاستصحاب جواز المطالبة الثابت لها قبل الطلاق.

(٧) اقتصارا في الإخراج على محل الضرورة.

(٨) قد تقدم أنه لا نفقة للمعتدة عدة وفاة إذا كانت حائلا بالاتفاق ، وكذا لا نفقة لها إذا كانت حاملا على المشهور بين المتأخرين وعليه فلو طلقها وأسكنها في منزل الطلاق لأنها معتدة بالطلاق الرجعي ، ثم مات في أثناء العدة ، فتنقلب عدتها إلى عدة وفاة فإذا كانت حاملا فلا يجوز للورثة قسمة هذا المنزل ، لأن في قسمته ضررا عليها بعد كون النفقة ، ومنها السكنى ، ثابتة للمعتدة عدة الوفاة وهي حامل كما عليه مشهور المتقدمين.

وعلى مبنى مشهور المتأخرين من أن المعتدة عدة وفاة لا سكن ولا نفقة لها وإن كانت حاملا فللورثة قسمة المسكن ، لأنه مالهم بعد كون الإنسان مسلّطا على ماله.

وعن الشيخ إطلاق عدم جواز قسمتهم للمسكن إلا بإذنها أو بعد انقضاء عدتها ، لأنها استحقت السكنى فيه على صفة وهي المطلقة الرجعية قبل موت الزوج فالحق لها لأنها أسبق.

وفيه : أنه لا ينطبق على شي‌ء من أصولنا بعد انقلاب عدتها إلى عدة وفاة ، فالواجب بناء جواز القسمة وعدمه على ثبوت النفقة والسكنى لها إذا كانت حاملا أو لا.

(٩) إشارة إلى دليل الشيخ.

(١٠) وهو قول مشهور المتقدمين.

١٣٣

في المسألة. وأشهر الروايتين أنه لا نفقة للمتوفى عنها ولا سكنى مطلقا (١) فيبطل حقها من المسكن ، وجمع في المختلف بين الأخبار (٢) بوجوب نفقتها من مال الولد لا من مال المتوفي(وإلا) تكن حاملا أو قلنا : لا سكنى للحامل المتوفى عنها (٣) (جازت القسمة) ، لعدم المانع منها (٤) حينئذ (٥) (وتعتد زوجة الحاضر من حين السبب) الموجب للعدة (٦) من طلاق أو فسخ وإن لم تعلم به(وزوجة الغائب في الوفاة من حين بلوغ الخبر بموته(٧)

______________________________________________________

(١) سواء كانت حاملا أم لا ، وهو قول المشهور بين المتأخرين.

(٢) أي أخبار المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا وقد تقدم الكلام فيه.

(٣) وإن كانت حاملا كما هو مشهور المتأخرين.

(٤) من القسمة.

(٥) أي حين عدم حملها على قول مشهور المتقدمين ، أو حين القول بعدم النفقة لها وإن كانت حاملا كما هو قول مشهور المتأخرين.

(٦) عدة الطلاق تبدأ من زمن وقوع الطلاق وإن لم تعلم الزوجة به على المشهور للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل وهو غائب فليشهد على ذلك ، فإذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدتها) (١) ، وصحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية كلهم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أنه قال في الغائب إذا طلّق امرأته : فإنها تعتد من اليوم الذي طلّقها) (٢).

وهذه الأخبار هي الحجة على أبي الصلاح الحلبي حيث ذهب إلى زمن عدة الطلاق من حين بلوغ خبره إلى الزوجة بدعوى أن العدة عبادة محتاجة إلى النية ، ولا تتأتى منها النية إلا عند بلوغ الخبر.

(٧) تبدأ عدة الوفاة من حين بلوغ الخبر إلى الزوجة على المشهور للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في رجل يموت وتحته امرأة وهو غائب؟ قال عليه‌السلام : تعتدّ من يوم يبلغها وفاته) (٣) ، وصحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام (أنه قال في الغائب عنها زوجها إذا توفي قال : المتوفى عنها تعتدّ من يوم يأتيها الخبر ، لأنها تحدّ عليه) (٤) ، وصحيح البزنطي عن

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٣.

١٣٤

وإن لم يثبت (١) شرعا ، لكن لا يجوز لها التزويج إلا بعد ثبوته (٢) (وفي الطلاق من حين الطلاق).

والفرق مع النص ثبوت الحداد على المتوفى عنها ، ولا يتم إلا مع بلوغها الخبر بموته ، بخلاف الطلاق (٣) ، فعلى هذا (٤) لو لم يبلغها الطلاق إلا بعد مضي مقدار العدة جاز لها التزويج بعد ثبوته (٥) ، بخلاف المتوفى عنها.

______________________________________________________

أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (المتوفى عنها زوجها تعتدّ من يوم يبلغها ، لأنها تريد أن تحدّ عليه) (١) ومثلها كثير ، ومقتضى الأخبار أن عدتها من حين بلوغ الخبر وإن لم يكن الخبر بالبينة الشرعية. وعن ابن الجنيد أنها تعتد من حين الموت إن قامت البينة الشرعية ، وإلا فمع فقد البينة تعتد من حين بلوغ الخبر إليها لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك؟ فقال : إذا كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها ، وإن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدتها إذا قامت لها البينة أنه مات في يوم كذا وكذا ، وإن لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعت) (٢) بل ذهب إلى ذلك في المطلقة أيضا لخبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من المطلقة يطلقها زوجها ولا تعلم إلا بعد سنة ، والمتوفى عنها زوجها ولا تعلم بموته إلا بعد سنة؟ قال عليه‌السلام : إن جاء شاهدان عدلان فلا تعتدان ، وإلا تعتدان) (٣) ، وهما لا يصلحان لمعارضة ما تقدم فلا بد من حملهما على التقية.

وعن الشيخ في التهذيب أن المتوفى عنها زوجها تعتد من يوم وفاة الزوج إذا كانت المسافة قريبة ليوم أو يومين أو ثلاثة ، وإلا فمن يوم يبلغها الخبر لصحيح منصور بن حازم (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في المرأة يموت زوجها أو يطلقها وهو غائب قال : إن كانت مسيرة أيام فمن يوم يموت زوجها ، وإن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر ، لأنها لا بد من أن تحدّ له) (٤) ، وهو أيضا لا يصلح لمعارضة ما تقدم.

(١) أي الموت ، لعدم كون الخبر بينة شرعية.

(٢) أي ثبوت الموت شرعا.

(٣) فالعدة فيه لاستبراء الرحم ، والاستبراء يحصل وإن لم تعلم بطلاقه إذا انقضت عدتها.

(٤) من ثبوت العدة من حين الطلاق وإن لم تعلم.

(٥) أي ثبوت الطلاق عندها.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ١٠ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب العدد حديث ١٢.

١٣٥

وقيل : تشتركان (١) في الاعتداد من حين بلوغ الخبر (٢) ، وبه روايات والأشهر الأول ، ولو لم نوجب الحداد على الأمة (٣) فهي كالمطلقة (٤) عملا بالعلة المنصوصة(٥).

______________________________________________________

(١) أي المتوفى عنها زوجها والمطلقة.

(٢) وإلا فمع قيام البينة الشرعية فمن حين الموت أو الطلاق كما عن ابن الجنيد على ما تقدم.

(٣) كما هو المشهور على ما تقدم ، بخلاف من أوجب الحداد على الأمة كالحرة وهو الشيخ في المبسوط والحلي في السرائر وسلّار وأبو الصلاح وابن حمزة.

(٤) من أنها تعتد من حين الوفاة لا من حين بلوغ الخبر ، لأن النصوص المتقدمة أوجبت الاعتداء في الوفاة من حين بلوغ الخبر ، لأنها تحد عليه ، ولا حداد في الأمة فيجب أن تعتد من حين الوفاة حينئذ.

(٥) إلا أن يقال بأنها حكمة وليست بعلة ، فلا تدور الأحكام مدارها وجودا وعدما ، بل لا بد من التمسك بإطلاق الأخبار المتقدمة الشاملة للحرة والأمة من أنها تعتد من حين بلوغ الخبر في عدة الوفاة ولذا قال سيد الرياض : (فجمود الروضة على العلة ونفي العدة عن الأمة وجعلها كالمطلقة لعله ضعيف جدا ، ولذا لم يمل إليه في المسالك أصلا) انتهى.

١٣٦

كتاب الخلع والمباراة

١٣٧
١٣٨

(كتاب الخلع والمباراة (١)

وهو (٢) طلاق بعوض مقصود ، لازم (٣) لجهة الزوج ، ويفترقان بأمور تأتي.

______________________________________________________

(١) الخلع بضم الخاء اسم مصدر من الخلع بفتحها ، وهو النزع ، لأن كلا من الزوجين لباس للآخر ، قال تعالى : (هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبٰاسٌ لَهُنَّ) (١) ، فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه.

والمبارأة قد تقلب الهمزة ألفا ، وهي المفارقة ، وكل منهما طلاق بعوض لازم من جهة الزوج ، ويشترط فيهما ما يشترط في الطلاق ، ويشترط فيهما رضاها بالبذل ، ويشترط في الخلع كراهتها له ، ويشترط في المباراة كراهة كل منهما لصاحبه وعدم زيادة العوض على المهر.

وعلى كل فلا خلاف في مشروعيتهما قال الله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢) هذا وعن الشيخ وتبعه ابن زهرة وأبو الصلاح الحلبي وابن البراج وجوب الخلع عند تحقق موضوعه من كراهية المرأة له مع بذلها العوض ، لأن النهي عن المنكر واجب ، والنهي يتم بهذا الخلع فيجب.

وفيه : منع المقدمة الثانية مع أن الأصل عدم وجوبه ولذا ذهب الأكثر إلى العدم.

(٢) أي كل من الخلع والمبارأة.

(٣) صفة للطلاق.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٧.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.

١٣٩

والخلع بالضم اسم لذلك (١) مأخوذ منه (٢) بالفتح استعارة من خلع الثوب وهو (٣) نزعه لقوله تعالى : (هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ) (وصيغة الخلع (٤) أن يقول الزوج : خلعتك على كذا ، أو أنت مختلعة (٥) على كذا) أو خلعت فلانة أو هي مختلعة على كذا(ثم يتبعه بالطلاق) على الفور فيقول بعد ذلك : فأنت طالق(في القول الأقوى (٦) لرواية موسى بن بكر عن الكاظم عليه‌السلام قال : المختلعة يتبعها بالطلاق ما دامت في العدة».

______________________________________________________

(١) أي للطلاق بعوض مقصود.

(٢) أي مأخوذ من الخلع بالفتح.

(٣) أي خلع الثوب.

(٤) البحث في الخلع إما في الصيغة وإما في الشروط وإما في اللواحق ،.

(٥) لا إشكال عندهم ولا خلاف في وقوع الخلع بصيغة الماضي الصريحة في الإنشاء على ما تقرر في إنشاء العقود والإيقاعات ، وعليه فيقع الخلع بقول الزوج : خلعتك أو خالعتك.

وأما لو أتى بالخلع على نحو الجملة الاسمية كأن يقول : أنت أو فلانة مختلعة ، فظاهرهم الاتفاق عليه هنا وإن توقفوا في الجملة الاسمية في غيره ، لكن قد عرفت صحة الإنشاء بكل لفظ يدل عليه ، ولعل هذا الاتفاق هنا مؤيدا لما ذهبنا إليه.

(٦) ذهب الشيخ وابن زهرة وابن ادريس وهو ما اختاره الشهيد في اللمعة هنا إلى أن الخلع بمجرده لا يقع ما لم يتبع بالطلاق ، ونسب أيضا لجعفر بن سماعة والحسن بن سماعة وعلي بن رباط وابن حذيفة من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام لخبر موسى بن بكر عن العبد الصالح عليه‌السلام (قال علي عليه‌السلام : المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة) (١).

وعن المفيد والصدوق وابن أبي عقيل وسلّار وابن حمزة والعلامة في المختلف والتحرير والشهيد في شرح الإرشاد بل هو المشهور كما صرح بذلك غير واحد أن الخلع يقع بمجرده من دون إتباعه بالطلاق للنصوص الكثيرة.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عدة المختلعة عدة المطلقة ، وخلعها طلاقها وهي تجزي من غير أن يسمّى طلاقا) (٢) ، وصحيح ابن بزيع سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام (عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع ، هل تبين منه بذلك ، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟ فقال عليه‌السلام : تبين منه وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٤ و ٩ و ٨.

١٤٠