الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

١

٢

٣
٤

٥
٦

كتاب الطلاق (١)

وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض (٢) بصيغة «طالق» (٣) (وفيه فصول).

الفصل الأول

(في أركانه وهي) أربعة(الصيغة ، والمطلّق ، والمطلّقة ، والاشهاد) على الصيغة ،

(واللفظ الصريح) من الصيغة (٤) (أنت ، أو هذه ، أو فلانة) ويذكر

______________________________________________________

(١) هو لغة حلّ القيد ، ويطلق على الإرسال والترك فيقال : ناقة طالق أي مرسلة ترعى حيث تشاء ، وطلّقت القوم إذا تركتهم ، وشرعا إزالة قيد النكاح بصيغة طالق وشبهها.

(٢) ليخرج الخلع والمباراة ، فإنهما بعوض.

(٣) ليخرج الفسخ بالعيب والتدليس.

(٤) لا إشكال ولا خلاف في أن النكاح بعد وقوعه عصمة مستفادة من الشرع ولا تزول إلا بما جعلها الشارع رافعا لها ، فيجب التوقف على موضع الرفع والاذن ، ولا ريب أن الطلاق قد شرّع للرفع فيلزم في الطلاق الاقتصار فيه على المأذون الشرعي فقط ، هذا والبحث في ثلاث جهات.

(الأولى) : المشهور على تعيين الزوجة المطلقة لفظا أو نية ، وإلا فمع عدم التعيين لا طلاق لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو أو خليّة ، قال عليه‌السلام : هذا كله ليس بطلاق ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين) (١) ، وهو ظاهر في اعتبار اليقين ، وخبر محمد بن أحمد بن مطهر (كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام : إني تزوجت أربعة نسوة ولم أسأل عن أسمائهن ثم إني أردت طلاق إحداهن و

تزويج امرأة أخرى؟ فكتب عليه‌السلام : أنظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن فتقول : اشهدوا أن فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثم تزوج الأخرى إذا انقضت العدة) (٢) ، وهو نص في التعيين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث ٣.

٧

اسمها ، أو ما يفيد التعيين ، (أو زوجتي (١) مثلا طالق). وينحصر عندنا في هذه اللفظة (٢) (فلا يكفي أنت طلاق) وإن صح إطلاق المصدر على اسم الفاعل

______________________________________________________

ومنهما تعرف ضعف ما عن الشيخ في المبسوط وابن البراج والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والشهيد في شرح القواعد عدم الاعتبار ، فلو كان له زوجتان وقال : إحدى زوجتيّ طالق ، ولم ينو طلاق واحدة معينة صح وتستخرج بالقرعة كما عليه المحقق في الشرائع ، لأن القرعة لكل أمر مشكل ، أو يرجع إلى تعيينه كما عليه العلامة في القواعد.

والتعيين إما باسمها لفظا المميز لها عن غيرها ، أو بالإشارة الرافعة للاشتراك ، أو بذكر زوجتي حيث لا غيرها ، وسيأتي البحث في الجهتين الباقيتين.

(١) حيث لا يكون غيرها.

(٢) الجهة الثانية من البحث أن صيغة الطلاق منحصرة في مادة الطلاق على المشهور ، فلو قال الزوج : أنت خليّة من الزوج أو بريئة منه أو حبلك على غاربك أو ألحقي بأهلك أو بائنة أو حرام أو بتة ، أي مقطوعة الزوجية ، أو بتلة أي متروكة النكاح ، أو اغربي عني أو اذهبي أو اخرجي وما شابه من هذه الألفاظ غير مادة الطلاق لم يقع الطلاق سواء نوى الطلاق أم لا ، للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية ، قال عليه‌السلام : هذا كله ليس بشي‌ء ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي يريد بذلك الطلاق ويشهد على ذلك رجلين عدلين) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت منّي خليّة أو برية أو بتة أو بائن أو حرام؟ قال عليه‌السلام : ليس بشي‌ء) (٢) ومثلها غيرها.

وعن ابن الجنيد والشارح في المسالك وقوعه بلفظ (اعتدي) لصحيح محمد بن مسلم المتقدم ، ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الطلاق أن يقول لها : اعتدّي أو يقول لها : أنت طالق) (٣) ، والأول قد رواه العلامة في المختلف كما عن جامع البزنطي بدون لفظ (اعتدي) ، وهما موافقان للعامة ومعارضان بما دل على الحصر بمادة الطلاق كخبر ابن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.

٨

وقصده (١) فصار (٢) بمعنى طالق وقوفا (٣) على موضع النص ، والاجماع ، واستصحابا للزوجية ، ولأن المصادر إنما تستعمل في غير (٤) موضوعها مجازا وإن كان في اسم الفاعل شهيرا. وهو (٥) غير كاف في استعمالها (٦) في مثل

______________________________________________________

سماعة قال : (ليس الطلاق إلا كما روى بكير بن أعين أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع : أنت طالق ، ويشهد شاهدي عدل ، وكل ما سوى ذلك فهو ملغى) (١).

ومنه تعرف ضعف ما عن الشهيد من توسعة صيغة الطلاق لتشمل الكتابات الظاهرة في إرادة معنى الطلاق ، ومن التوسعة ليشمل الألفاظ الصريحة في الطلاق كالتسريح والفراق وما شاكل تمسكا بعموم الأدلة الدالة على الطلاق من غير تقييد.

والجهة الثالثة من البحث أن تكون الصيغة بالجملة الاسمية على نحو (أنت طالق) أو زوجتي أو هذه بما يفيد التعيين ، فلا يكفي : أنت طلاق أو مطلقة وما شاكل ذلك ، وخالف الشيخ في موردين :

الأول : إنه يقع الطلاق بقوله : أنت مطلّقة كما عن المبسوط.

الثاني : إنه يقع الطلاق ما لو سئل الزوج هل طلقت امرأتك فيقول : نعم ، ووافقه في الثاني بعض أتباعه والعلامة والمحقق وصاحب الحدائق.

ويشهد للمشهور النصوص الحاصرة لصيغة الطلاق بصيغة (طالق) مع إضافة ما يعيّن المطلقة ، ولم يستدل الشيخ على ما ذهب إليه من وقوعه بلفظ (أنت مطلقة ، مع أنه أشبه بالإخبار منه إلى الإنشاء.

نعم استدل الشيخ وتابعوه في المورد الثاني بخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (في الرجل يقال له : أطلقت امرأتك؟ فيقول : نعم ، قال عليه‌السلام : قد طلقها حينئذ) (١) ، وهو مع ضعف سنده غير صالح لمعارضة ما تقدم من النصوص الدالة على الحصر.

(١) أي قصد اسم الفاعل من المصدر

(٢) أي المصدر.

(٣) تعليل لعدم كفاية المصدر.

(٤) وهو الأعيان هنا.

(٥) أي المجاز المشهور.

(٦) استعمال المصادر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٦.

٩

الطلاق (١).

ولا من المطلّقات ، (ولا مطلّقة (٢) ، ولا طلّقت (٣) فلانة على قول مشهور) لأنه (٤) ليس بصريح فيه (٥) ، ولأنه إخبار ، ونقله (٦) إلى الإنشاء على خلاف الأصل فيقتصر فيه (٧) على موضع الوفاق ، وهو صيغ العقود فاطراده (٨) في الطلاق قياس ، والنص دلّ فيه (٩) على طالق ، ولم يدل على غيره فيقتصر عليه (١٠) ، ومنه يظهر جواب ما احتج به القائل بالوقوع وهو الشيخ في أحد قوليه استنادا إلى كون صيغة الماضي في غيره (١١) منقولة إلى الإنشاء ، ونسبة المصنف البطلان إلى القول مشعر بميله إلى الصحة.

(ولا عبرة) عندنا(بالسراح والفراق) وإن عبّر عن الطلاق بهما في القرآن الكريم بقوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) (١٢) ، (أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (١٣) ، لأنهما عند الإطلاق لا يطلقان عليه (١٤) فكانا كناية عنه ، لا صراحة فيهما. والتعبير بهما (١٥) لا يدلّ على جواز ايقاعه بهما.

______________________________________________________

(١) لأنه أمر توقيفي.

(٢) ردّ على الشيخ.

(٣) لم أجد من خالف فيه إلا ما نسبه الشارح هنا إلى الشيخ في أحد قوليه ، مع أنه في المسالك قد جزم بأن الشيخ لا يقول بالصحة فيه.

(٤) أي القول الأخير (طلّقت فلانة).

(٥) في الطلاق.

(٦) أي نقل الأخبار في صيغة الماضي.

(٧) في النقل.

(٨) أي اطراد النقل.

(٩) في الطلاق.

(١٠) على الطلاق.

(١١) غير الطلاق.

(١٢) سورة البقرة آية : ٢٢٩.

(١٣) سورة الطلاق آية : ٣٠.

(١٤) على الطلاق.

(١٥) عن الطلاق كما ورد في القرآن.

١٠

(و) كذا(الخلية والبرية) وغيرهما من الكنايات كالبتة ، والبتلة ، وحرام ، وبائن ، واعتدّي(وإن قصد الطلاق) لأصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت شرعا ما يزيله.

(وطلاق الأخرس بالإشارة) المفهمة له (١) ، (والقاء القناع) على رأسها

______________________________________________________

(١) للطلاق ، اعلم أن المشهور على اشتراط العربية في صيغة الطلاق ، لأن الأصل عصمة الفروج واستصحاب حكم العقد إلى أن يثبت المزيل ، والمتيقن من المزيل هو الطلاق بالعربية كما هو الوارد في النصوص الحاصرة المتقدمة.

وعن الشيخ في النهاية وجماعة الاجتزاء بغير العربية مما هو مرادف لصيغة (أنت طالق) لخبروهب بن وهب المعروف بالكذب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (كل طلاق بكل لسان فهو طلاق) (١) ، وهو مع ضعف السند لا جابر له ، ثم لا يقع الطلاق بالإشارة بلا خلاف فيه ، للأصل وظاهر النصوص السابقة الدالة على حصر الطلاق بالصيغة ، إلا مع العجز عن النطق ، فيقع حينئذ بالإشارة المفهمة لإرادة إنشاء الطلاق ، ولذا يصح طلاق الأخرس وعقده وإيقاعه بالإشارة الدالة على ذلك بلا إشكال ولا خلاف ، للأخبار.

منها : صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم ، قال : أخرس هو؟ قلت : نعم ، ويعلم منه بغضّ لامرأته وكراهة لها ، أيجوز أن يطلّق عنه وليّه؟ قال : لا ، ولكنه يكتب على ذلك ، قلت : فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلّقها؟ قال : بالذي يعرف به من أفعاله ، مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها) (٢) ، وخبر السكوني (طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ويعتزلها) (٣) ، وخبر أبان بن عثمان (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن طلاق الأخرس؟ قال : يلفّ قناعها على رأسها ويجذبه) (٤) ، وخبر يونس (في رجل أخرس كتب في الأرض بطلاق امرأته ، قال : إذا فعل فيها قبل الطهر بشهور وفهم عنه كما يفهم عن مثله ، ويريد الطلاق ، جاز طلاقه على السّنّة) (٥) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ثم يعتزلها) (٦).

نعم في صحيح البزنطي تقديم الكتابة على الإشارة ، ولأنها أضبط وأدل على المراد ولذا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣ و ٢ و ٤ و ٥.

١١

ليكون (١) قرينة على وجوب سترها منه (٢) ، والموجود في كلام الأصحاب الإشارة خاصة (٣) ، وفي الرواية (٤) القاء القناع فجمع المصنف بينهما (٥) ، وهو (٦) أقوى دلالة.

والظاهر أن القاء القناع من جملة الإشارات ، ويكفي منها (٧) ما دلّ على قصده (٨) الطلاق كما يقع غيره من العقود ، والايقاعات ، والدعاوى ، والأقارير.

(ولا يقع) الطلاق(بالكتب (٩)

______________________________________________________

قدمها ابن إدريس على الإشارة ، وعن الصدوقين اعتبار إلقاء القناع على رأس المرأة حتى يرى أنها قد حرمت عليه تبعا للوارد في خبر السكوني وخبر أبان وخبر أبي بصير ، ومنهم من خيّر بين الإشارة وبين إلقاء القناع ، ومنهم من جمع بينهما ، والحق الاكتفاء بالإشارة المفهمة لصحيح البزنطي الدال على كفاية كل فعل يعرف به ، مع حمل إلقاء القناع على أنه من جملة أفراد الإشارة.

(١) الإلقاء.

(٢) أي وجوب ستر المرأة من الأخرس.

(٣) من دون ذكر إلقاء القناع ، ولكن قد عرفت كلام الصدوقين من الحصر بالإلقاء.

(٤) قد تقدم ذكرها ، وقد عرفت صحيح البزنطي الدال على كفاية مطلق الإشارة.

(٥) بين الإشارة وإلقاء القناع.

(٦) أي الجمع.

(٧) من الإشارة.

(٨) بلا حاجة إلى الجمع بين الإشارة والإلقاء.

(٩) لا خلاف في عدم وقوع الطلاق بالكتابة من الحاضر القادر على النطق ، كما أنه لا خلاف من وقوع الطلاق بالكتابة من الحاضر العاجز عن النطق على ما تقدم دليله في طلاق الأخرس ، وإنما الخلاف في صحة الطلاق بالكتابة من الغائب عن زوجته إذا كان قادرا على النطق ، والمشهور على العدم وهو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الإجماع ، ويشهد لهم صحيح زرارة (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل كتب بطلاق امرأته أو عتق غلامه ثم بدا له فمحاه ، قال عليه‌السلام : ليس ذلك بطلاق ولا عتاق حتى يتكلم به) (١) ، وصحيحه الآخر المضمر (سألته عن رجل كتب إلى امرأته بطلاقها أو كتب بعتق مملوكه ولم ينطق به لسانه ، قال : ليس بشي‌ء حتى ينطق به) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ١.

١٢

بفتح الكاف مصدر كتب كالكتابة (١) من دون تلفّظ ممن يحسنه (٢) (حاضرا) كان الكاتب ، (أو غائبا) على أشهر القولين (٣) ، لأصالة بقاء النكاح ، ولحسنة (٤) محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام «إنما الطلاق أن يقول : أنت طالق» الخبر ، وحسنة (٥) زرارة عنه عليه‌السلام في رجل كتب بطلاق امرأته قال : «ليس ذلك بطلاق».

وللشيخ قول بوقوعه به (٦) للغائب ، دون الحاضر ، لصحيحة أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه‌السلام «في الغائب لا يكون طلاق حتى ينطق به لسانه ، أو يخطه بيده ، وهو يريد به الطلاق». وحمل (٧)

______________________________________________________

وعن الشيخ في النهاية وقوعه ، وتبعه عليه ابنا حمزة والبراج والشارح في المسالك لصحيح أبي حمزة الثمالي (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، أو اكتب إلى عبدي بعتقه ، يكون ذلك طلاقا أو عتقا؟

قال عليه‌السلام : لا يكون طلاقا ولا عتقا حتى ينطق به لسانه أو يخطّه بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ، ويكون ذلك منه بالأهلة والشهور ، ويكون غائبا عن أهله) (١).

هذا وقال في المسالك : (وأجيب بحمله على حالة الاضطرار ويكون لفظة (أو) للتفصيل لا للتخيير ، وفيه نظر ، لأن الرواية صريحة في أن المطلّق يقدر على التلفظ ، لأنه قال : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، فلا وجه لحمله على حالة الاضطرار ، لأن من قدر على هذا اللفظ قدر على قول : هي طالق) انتهى ، هذا وقد حمل صحيح الثمالي على التقية لموافقته العامة الذين أوقعوا الطلاق بالكتابة كالكناية ، لأنها أحد الخطابين وأحد اللسانين المعربين عما في الضمير ، ومنه تعرف ضعف ترجيح الشارح لهذا الخبر كما في المسالك.

(١) فهي أيضا مصدر.

(٢) أي يحسن التلفظ.

(٣) في الغائب.

(٤) قد جعلها حسنة لاشتمال سندها على إبراهيم بن هاشم وهو ممن لم يمدح ولم يذم ، وقد تقدم ذكرها عند البحث في مادة الصيغة وجعلناها صحيحة ، لأنه من شيوخ الإجازة ، وهذا ما يغني عن التوثيق.

(٥) كذلك حسنة عنده لاشتمال سندها على إبراهيم بن هاشم ، ونحن قد جعلناها صحيحة لما تقدم.

(٦) أي بوقوع الطلاق بالكتب.

(٧) أي الصحيح المذكور.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

١٣

على حالة الاضطرار جمعا (١).

ثم على تقدير وقوعه (٢) للضرورة (٣) ، أو مطلقا (٤) على وجه (٥) الشاهدين لكتابته حالتها (٦) ، لأن ذلك (٧) بمنزلة النطق بالطلاق فلا يتم إلا بالشاهدين ، وكذا يعتبر رؤيتهما (٨) إشارة العاجز ، (ولا بالتخيير (٩) للزوجة بين الطلاق

______________________________________________________

(١) أي جمعا بين الأخبار ، وقد عرفت ما في هذا الجمع.

(٢) أي وقوع الطلاق بالكتابة.

(٣) كما هو مقتضى الجمع.

(٤) من غير التقييد بالضرورة كما هو مذهب الشيخ.

(٥) وهو حال غياب الزوج عن زوجته ، هذا واعلم أنه على القول بالاكتفاء بالكتابة فلا بدّ أن يكتب الطلاق بخطه حتى يقع كما صرح بذلك في الصحيح المتقدم حيث قال عليه‌السلام (لا يكون طلاقا أو عتقا حتى ينطق به لسانه أو يخطه بيده) ، وعليه فلا يكفي كتابة غيره وإن أمره بذلك ، ثم على هذا القول فلا بدّ من قصد الطلاق بالكتابة مع حضور شاهدين يشاهدان الكتابة ، ولكن هل يشترط رؤيتهما حال الكتابة أم تكفي روايتهما للكتابة ولو بعد الانتهاء منها وجهان ، واستجود الشارح الأول ، لأن الطلاق بالكتابة كالطلاق باللفظ ، وكما تعتبر الشهادة حين النطق فتعتبر كذلك حين الكتابة لا بعدها.

(٦) أي حالة الكتابة.

(٧) أي الطلاق بالكتابة.

(٨) أي رؤية الشاهدين لإشارة العاجز حال صدورها.

(٩) إذا خيّر الزوج زوجته بين الطلاق والبقاء ، فإنه يقع الطلاق لو اختارت نفسها والفراق كما عند العامة ، وقد اختلفت فيه كلمات أصحابنا ، والأصل فيه قوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا وَزِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلاً ، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ وَالدّٰارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللّٰهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنٰاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (١).

والمشهور على أن اختيار نفسها بقصد الطلاق بعد تخييره لها لا حكم له ، لأن النكاح عصمة مستفادة من الشارح ولا ترفع إلا بما ثبت أنه رافع ، ولا دليل هنا على كون التخيير المذكور رافعا ، وللأخبار.

منها : موثق العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل خيّر امرأته فاختارت

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآيتان : ٢٨ ، ٢٩.

١٤

والبقاء ، بقصد الطلاق(وإن اختارت نفسها في الحال) على أصح القولين ، لما

______________________________________________________

نفسها بانت منه؟ قال عليه‌السلام : لا إنما هذا شي‌ء كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة ، أمر بذلك ففعل ، ولو اخترن أنفسهن لطلّقهن ، وهو قول الله عزوجل : ((قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا وَزِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلاً)) (١) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الخيار فقال : وما هو وما ذاك ، إنما ذاك شي‌ء كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) ، وخبره الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل إذا خيّر امرأته قال : إنما الخيرة لنا ليس لأحد ، وإنما خيّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمكان عائشة ، فاخترن الله ورسوله ولم يكن لهنّ أن يخترن غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٣) ، وخبره الثالث (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني سمعت أباك يقول : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّر نسائه ، فاخترن الله ورسوله فلم يمسكهنّ على طلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبنّ ، فقال : إن هذا حديث كان يرويه أبي عن عائشة ، وما للناس والخيار ، إنما هذا شي‌ء خصّ الله به رسوله) (٤)ومثلها غيرها.

وعن ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمرتضى وظاهر الصدوق وقوع الفرقة للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا خيّرها وجعل أمرها بيدها في قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين فليس بشي‌ء ، وإن خيّرها وجعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها ، وإن اختارت زوجها فليس بطلاق) (٥)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يخيّر امرأته أو أباها أو أخاها أو وليّها فقال : كلهم بمنزلة واحدة إذا رضيت) (٦) ، وصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم؟ قال عليه‌السلام : يجوز ذلك عليه) (٧)، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : رجل خيّر امرأته ، فقال : إنما الخيار ما داما في مجلسهما فإذا تفرقا فلا خيار لها) (٨)، وصحيح حمران (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : المخيّرة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما ، لأن العصمة ـ بينهما خ ل ـ قد بانت منها ساعة كان ذلك منها ومن الزوج) (٩) ومثلها غيرها من النصوص أيضا.

وقد رجّح الشارح في المسالك الطائفة الثانية لأنها أكثر عددا وأصح سندا وأظهر دلالة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٢ و ٣ و ١٤.

(٦ و ٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١٦ و ١٧ و ١٢ و ١١.

١٥

مر (١) ، وقول الصادق عليه‌السلام (٢) «ما للناس والخيار إنما هذا شي‌ء خصّ الله به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وذهب ابن الجنيد إلى وقوعه به (٣) لصحيحة حمران عن الباقر عليه‌السلام «المخيّرة تبين من ساعتها من غير طلاق» وحملت على تخييرها (٤) بسبب

______________________________________________________

وفيه أن الترجيح للأولى لأن الترجيح بصفات الراوي إنما هو بعد الترجيح بالشهرة ، وبعد فقدان المرجح الدلالتي ، وهنا تحمل الطائفة الثانية على التقية لموافقتها للعامة فلذا اعرض عنها المشهور ، وقد حمل العلامة في المختلف أخبار الوقوع على ما إذا طلقت بعد التخيير كما يشعر به قوله عليه‌السلام في موثق العيص المتقدم (ولو اخترن أنفسهن لطلقهن) ، إلا أنه حمل غير سديد ، لأن ذلك لا يقتضي كون التخيير على النور وأنه يقع في المجلس كما في خبر زرارة المتقدم وغيره.

ثم على القول بوقوع الطلاق بهذا التخيير ، فهل يقع رجعيا كما في صحيح محمد بن مسلم المتقدم وإليه ذهب ابن أبي عقيل ، أو يقع بائنا لخبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : (إذا اختارت نفسها فهي تطليقة بائنة ، وهو خاطب من الخطاب ، وإن اختارت زوجها فلا شي‌ء) (١) ، وخبر يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا ترث المخيّرة من زوجها شيئا في عدتها ، لأن العصمة قد انقطعت فيما بينها وبين زوجها من ساعتها ، فلا رجعة له عليها ولا ميراث بينهما) (٢) ، وقد نسب إلى بعضهم ، وقد جمع ابن الجنيد بين الأخبار أنه إذا وقع التخيير بعوض كان بائنا ، وإلا كان رجعيا.

وعلى القول بالوقوع فيقع الطلاق عند قولها : اخترت نفسي أو الفراق أو الطلاق كما هو ظاهر النصوص المتقدمة ، ويشترط فيه ما يشترط في الطلاق من عدم كونها في الحيض ووقوعه في طهر غير المواقعة وحضور شاهدين للتصريح به في بعض الأخبار المتقدمة.

وعلى القول بالوقوع يشترط وقوع اختيار المرأة في نفس مجلس الخيار وبه أفتى ابن أبي عقيل ، ويشهد له خبر زرارة المتقدم ، ثم هذا كله إذا لم يكن تخييره إياها على نحو التوكيل في الطلاق إن شاءت ، وإلا فيكون جائزا عند من جوّز وكالة المرأة فيه.

(١) من أصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل شرعا.

(٢) كما في الخبر الثالث لمحمد بن مسلم المتقدم.

(٣) أي وقوع الطلاق بتخيير الزوجة.

(٤) أي تخيير الزوجة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٩ و ١٠.

١٦

غير الطلاق كتدليس ، وعيب جمعا (١).

(ولا معلقا (٢) على شرط) وهو (٣) ما أمكن وقوعه ، وعدمه (٤) كقدوم المسافر ، ودخولها الدار ، (أو صفة) وهو (٥) ما قطع بحصوله عادة كطلوع الشمس وزوالها. وهو (٦) موضع وفاق منا ، إلا أن يكون الشرط (٧) معلوم الوقوع له (٨) حال الصيغة (٩) كما لو قال : أنت طالق إن كان الطلاق يقع بك ، وهو يعلم وقوعه على الأقوى (١٠) ، لأنه (١١)

______________________________________________________

(١) لم أعثر على من ذهب إلى هذا الحمل ، على أن صريح أخبار الوقوع تنافيه.

(٢) أي ولا يقع الطلاق معلقا على شرط ، يشترط في الطلاق تجرد صيغته عن الشرط ، وهو ما أمكن وقوعه وعدمه كقدوم المسافر ، وتجرده عن الصيغة ، وهي ما قطع بحصولها عادة لطلوع الشمس ، بلا خلاف فيه ، وقد ادعى عليه الإجماع كما في الانتصار والإيضاح والتنقيح والسرائر ، وليس عليه نص خاص كما اعترف بذلك الشارح في المسالك وغيره في غيره ، نعم استدل عليه في الجواهر بظهور النصوص الحاصرة عليه ، وقد تقدم بعضها ، واستدل عليه بأن التعليق مناف للجزم المعتبر في الإنشاء فلذا اشترط التنجيز في العقود والإيقاعات مطلقا ، ولأن النكاح أمر ثابت متحقق فلا يزول إلا بسبب متحقق ، وهو وقوع الطلاق من غير تعليق ، لأنه مع التعليق يكون سببا مشكوكا والأصل عدمه.

(٣) أي الشرط.

(٤) أي وعدم الوقوع.

(٥) أي الصفة ، وقد ذكّر الضمير باعتبار المذكور.

(٦) عدم وقوع الطلاق معلقا.

(٧) وكذا الصفة ، إلا أن يكون المراد بالشرط هنا الأعم.

(٨) للزوج.

(٩) بخلاف ما تقدم فالصفة غير واقعة حال الصيغة.

(١٠) ذهب الشيخ إلى البطلان نظرا إلى صورة الشرط وردّ بأن التعليق على الشرط يبطل الصيغة من حيث عدم التنجيز ، فلو علّقه على أمر حاصل حين الطلاق وهو عالم بالحصول فلا ينافي التنجيز حينئذ ، بل الشرط المذكور لا يرد منه التعليق المنافي للتنجيز ، بل مثله يساق لبيان إرادة الوقوع البتة كما في قول القائل : أما بعد فإني فاعل ، والمعنى مهما يكن من شي‌ء فإني فاعل ، وأي شي‌ء يكن في الدنيا.

(١١) أي الطلاق.

١٧

حينئذ (١) غير معلق ، ومن الشرط تعليقه (٢) على مشيئة الله تعالى (٣).

(ولو فسر الطلقة بأزيد من الواحدة (٤) كقوله : أنت طالق ثلاثا(لغا)

______________________________________________________

(١) أي حين كون الشرط معلوم الوقوع للزوج حال الصيغة.

(٢) أي تعليق الطلاق.

(٣) نعم لا بأس بذلك إن كان للتبرك لا للتعليق.

(٤) لو فسر الطلقة باثنين أو ثلاثة كأن يقول : أنت طالق اثنين أو ثلاثة ، فقد اتفقوا على عدم وقوع أكثر من طلقة واحدة ، ولكن هل يقع طلقة واحدة كما عن الشيخ في النهاية والمرتضى في أحد قوليه والحلي والمحقق والعلامة وهو المشهور سيما عند المتأخرين ، أو يقع الطلاق باطلا من أصله كما عن المرتضى في الانتصار وابن أبي عقيل وابني حمزة وسلّار ويحيى بن سعيد ، واستدل للأول بجملة من الأخبار: منها : صحيح أبي بصير الأسدي ومحمد بن علي الحلبي وعمر بن حنظلة جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الطلاق ثلاثا في غير عدة إن كانت على طهر فواحدة ، وإن لم تكن على طهر فليس بشي‌ء) (١) ، وصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن الذي يطلّق في حال طهر في مجلس ثلاثا؟ قال : هي واحدة) (٢)، وخبر عمرو بن البراء (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أصحابنا يقولون : إن الرجل إذا طلّق امرأته مرة أو مائة مرة فإنما هي واحدة ، وقد كان يبلغنا عنك وعن آبائك أنهم كانوا يقولون : إذا طلّق مرة أو مائة مرة فإنما هي واحدة ، فقال عليه‌السلام : هو كما بلغكم) (٣)ومثلها غيرها ، ويؤيده الاعتبار لوجود المقتضي من وقوع الطلاق الواحد إذ قال : أنت طالق ، مع عدم صلاحية التفسير للمانعية ، بل قوله (ثلاثا) تأكيد للطلاق ، ولكن هذا الزائد ملغى لأن الثلاث تقع مع تخلل الرجعة وهي مفقودة في المقام. واستدل للثاني أيضا بجملة من النصوص.

منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من طلّق ثلاثا في مجلس فليس بشي‌ء ، من خالف كتاب الله عزوجل ردّ إلى كتاب الله عزوجل) (٤) ، ومكاتبة عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه‌السلام (روى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يطلق امرأته ثلاثا بكلمة واحدة على طهر بغير جماع بشاهدين : أنه يلزمه تطليقة واحدة ، فوقّع بخطه : أخطأ على أبي عبد الله عليه‌السلام ، إنه لا يلزم الطلاق ، ويردّ إلى الكتاب والسنة إن شاء الله) (٥)ومثلها غيرها.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٨ و ١٩.

١٨

(التفسير) ووقع واحدة ، لوجود المقتضي وهو (١) أنت طالق ، وانتفاء المانع ، إذ ليس إلا الضميمة (٢) وهي (٣) تؤكده ولا تنافيه ، ولصحيحة جميل (٤) ، وغيرها في الذي يطلّق في مجلس ثلاثا. قال : هي واحدة.

وقيل : يبطل الجميع ، لأنه (٥) بدعة لقول الصادق عليه‌السلام (٦) : «من طلق ثلاثا في مجلس فليس بشي‌ء ، من خالف كتاب الله ردّ إلى كتاب الله ، وحمل (٧) على إرادة عدم وقوع الثلاث التي أرادها (٨).

______________________________________________________

وهي محمولة على التقية كالأخبار الدالة على وقوع الثلاث كخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا طلق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها ثلاثا في كلمة واحدة فقد بانت منه ولا ميراث بينهما ولا رجعة ولا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره) (١).

ويؤيد هذا الجمع خبر أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال : كنت عنده فجاء رجل فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثا ، قال : بانت منه ، قال : فذهب ثم جاء رجل آخر من أصحابنا فقال : رجل طلّق امرأته ثلاثا فقال : تطليقة ، وجاء آخر فقال : رجل طلّق امرأته ثلاثا فقال : ليس بشي‌ء ، ثم نظر إليّ فقال : هو ما ترى ، قلت : كيف هذا؟ قال : هذا يرى أن من طلّق امرأته ثلاثا حرمت عليه ، وأنا أرى أن من طلق امرأته ثلاثا على السنة فقد بانت منه ، ورجل طلق امرأته ثلاثا وهي على طهر فإنما هي واحدة ، ورجل طلّق امرأته ثلاثا على غير طهر فليس بشي‌ء) (٢).

(١) أي المقتضي.

(٢) وهي قوله (ثلاثا).

(٣) أي الضميمة تؤكد الطلاق.

(٤) عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام ، وقد تقدمت.

(٥) أي تفسير الطلاق بأزيد من واحدة.

(٦) كما في صحيح أبي بصير المتقدم.

(٧) أي قول عليه‌السلام (فليس بشي‌ء).

(٨) أي المطلّق ، ولا يحمل على بطلان الجميع ، ألا ترى إلى قوله عليه‌السلام فيما بعد حيث

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١٦.

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أوجب الرد إلى كتاب الله عزوجل ، وهو دال على إمضاء الواحدة ، ففي خبر الكلبي النسابة عن الصادق عليه‌السلام في حديث (قلت له : رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء ، فقال : ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت : بلى ، قال : فاقرأ ، فقرأت : (فطلقوهنّ لعدتهن وأحصوا العدة) ، فقال : أترى هاهنا نجوم السماء ، قلت : لا ، فقلت : فرجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا ، فقال : تردّ إلى كتاب الله وسنة نبيه ، ثم قال : لا طلاق إلا على طهر من غير جماع بشاهدين مقبولين) (١) وصحيح شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث (قلت : فطلقها ثلاثا في مقعد ، قال : تردّ إلى السنة فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة) (٢) ومثله خبر الوابشي (٣).

نعم إذا كان المطلّق مخالفا يعتقد الثلاث لزمته بلا خلاف فيه ظاهرا للأخبار.

منها : خبر علي بن أبي حمزة (سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن المطلقة على غير السنة أيتزوجها الرجل؟ قال عليه‌السلام : الزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوجوهنّ فلا بأس بذلك) (٤) ، وخبر جعفر بن سماعة (سئل من امرأة طلّقت على غير السنة ، ألي أن أتزوجها؟ فقال : نعم ، فقلت له : الست تعلم أنه علي بن حنظلة روى : إياكم والمطلقات ثلاثا على غير السنة ، فإنهن ذوات أزواج؟ فقال : يا بنيّ ، رواية علي بن أبي حمزة أوسع على الناس ، روى عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوجهنّ فلا بأس بذلك) (٥)، وخبر عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا ، قال : إن كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك) (٦) ، وخبر العلوي عن أبيه (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا ، فقال لي : أن طلاقكم ثلاثا لا يحلّ لغيركم ، وطلاقهم يحلّ لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا ، وهم يوجبونها) (٧) ، ومرسل الفقيه (وقال عليه‌السلام : من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم) (٨) ، وخبر ابن طاوس (قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : إن لي ابن أخ زوجته ابنتي ، وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق فقال : إن كان من أخوانك فلا شي‌ء عليه ، وإن كان من هؤلاء فأبنها منه ، فإنه عنى الفراق ، قلت : أليس قد روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : إياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس فإنهن ذوات الأزواج فقال :

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٤ و ١٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٦ و ٧.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٩ و ١٠.

٢٠