محمّد بن تاويت الطنجي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: ارتياد الآفاق
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠
بلسان الخبير ، سرّ صناعة التدبير ، (١) كأنما خدم الملكة الساحرة (٢) بتلك البلاد ، قبل اشتجار الجلاد ، (٣) فآثرته بالطارف من سحرها والتلاد ، أو عثر بالمعلّقة ، وتيك القديمة المطلّقة ، بدفينة دار ، أو كنز تحت جدار ، أو ظفر لباني الحنايا ، (٤) قبل أن تقطع به عن أمانيه المنايا ، ببديعة ، أو خلف جرجير (٥) الروم ، قبل منازلة القروم ،
__________________
(١) صناعة التدبير : يعني بها تحويل المعادن إلى الذهب أو الفضة ؛ وتلك كانت ، ولا تزال ، مشكلة المشتغلين بعلم الكيمياء القديم.
(٢) يعني بالملكة الساحرة الكاهنة البربرية ، من قبيلة جراوة إحدى قبائل زناتة. كانت لها معرفة بالكهانة ، ومعرفة الغيب ، فاستبدت بالرياسة على البربر ، وملكتهم ٣٥ سنة ، وكان لها ثلاثة من الأبناء رؤساء في قومهم. ولقد قاومت الفتح الإسلامي في المغرب مدة ، وحين انهزمت وأيقنت بانتهاء أمرها ، عند ما أصيبت بجروح قاتلة في بعض المعارك ، أوصت أولادها بالإسلام فأسلموا ، وكان لهم أثر طيب في استقرار الإسلام في المغرب. انظر العبر ٧ / ٨ ـ ٩.
(٣) اشتجر القوم : تشابكوا ، وتشاجروا بالرماح : تطاعنوا. والجلاد : الضرب بالسيف.
(٤) الحنايا : جمع حنية ، وهي القوس. ويريد بها : مجرى الماء الذي اجتلب إلى «قرطاجنة» ، ووضع على أعمدة عالية ، عقدت بأقواس وصلت بين عدة جبال منحازة بعضها من بعض ، ثم أجرى الماء فوق هذه «الحنايا» العالية. وكانت المسافة بين قرطاجنة ، وبين منبع الماء ثلاثة أيام ؛ ولا تزال بقايا هذه الحنايا موضع العبرة من مشاهديها. انظر ياقوت ٧ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٥)(Gregoire) هو البطريق الذي كانت له الولاية على المغرب من قبل الإمبراطور البيزنطي. وقد انفصل عن بيزنطة ، واستقل بالمغرب عند الفتح الإسلامي ؛ والعرب يسمونه جرجير ، وابن الخطيب يشير إلى ما كان من الحوادث بين الجيش الإسلامي ، وبين جرجير أيام الفتح. وانظر : La Grande ٢٦٤.p ٢٣.Encyclopedie Vol
على وديعة ، أو أسلمه بن أبي سرح ، (١) في نشب للفتح وسرح ، (٢) أو حتم له روح ابن حاتم (٣) ببلوغ المطلب ، أو غلب الحظوظ بخدمة آل الأغلب ، (٤) أو خصّه زيادة الله بمزيد ، (٥) أو شارك الشّيعة في أمر أبي يزيد ، (٦) أو سار على منهاج ، في
__________________
(١) هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح ؛ كان أحد كتاب الوحي للرسول صلىاللهعليهوسلم ، ثم ارتد ، وأهدر دمه يوم فتح مكة ؛ وكان محمد بن أبي بكر الصديق يقول عنه حين ولى مصر : إنه لم يعد إلى الإسلام بعد ردته. ابن الأثير ٣ / ٥٧ ، ٨٢.
وهو أخو عثمان رضى الله عنه من الرضاعة ، ولاه مصر بعد عزل عمرو بن العاص ، ثم أمره أن يغزو إفريقية سنة ٢٥ ه ، على أن له من الغنيمة خمس الخمس. انظر العبر ٢ / ١٢٨ ، ١٣٩ (القسم الثاني).
(٢) النشب : المال والعقار ؛ والسرح : المال يسام في المرعى ، يعدى به ويراح. وقد صالح أهل إفريقية عبد الله بن أبي سرح على مليونين وخمسمائة ألف دينار ، وبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار ، وسهم الراجل ألفا ، وقد أصبح هذا المبلغ مضرب المثل ، وإلى ذلك ينظر ابن الخطيب. انظر العبر ٢ / ١٢٩ (القسم الثاني).
(٣) هو روح بن حاتم بن قبيصة بن الملّهب بن أبي صفرة ؛ كان من الكرماء الأجواد. ولي الكوفة ، ثم السند ، ثم البصرة أيام المهدي ؛ وولي إفريقية أيام الرشيد ، وبها توفي سنة ١٧٤. وفيات الأعيان ١ / ٢٣٥.
(٤) هو الأغلب بن سالم ، أحد الذين قاموا مع أبي مسلم الخراساني بالدعوة العباسية ، وتولى الأغلب أيام المنصور ولاية القيروان ؛ وابنه إبراهيم بن الأغلب ، هو رأس دولة الأغالبة بتونس ، التي تبتدئ سنة ١٨٤ ه ، وتنتهي سنة ٢٩٦ ه.
(٥) زيادة الله هو ثاني ملوك بني الأغلب ، (٢٠١ ـ ٢٢٣) قلده الخليفة المأمون العباسي.
(٦) هو أبو يزيد : مخلد بن كيداد (أو كنداد) بن سعد الله بن مغيث اليفرني ، وقد عرف أيضا بصاحب الحمار : عالم شهير من علماء البربر ؛ أخذ العلم بتوزر عن مشيختها ، ورأس في الفتيا ، وقرأ مذهب الإباضية وصدق فيه ، ثم لقي عمارا الأعمى الصّفرى النكاري فتلقّن عنه ، وعن مشيخة النكارية بتيهرت ، مذهب النكارية. وطارده الشيعة فخرج عليهم سنة ٣٠٢ ، وكانت بينه وبينهم حروب. انظر العبر ٦ / ١٠٥ ، ٧ / ٣١ ـ ١٧.
مناصحة بني صنهاج ، (١) وفضح بتخليد أمداحهم كلّ هاج.
وأعجب به ، وقد عزّز منه مثنى البيان بثالث ، فجلب سحر الأسماع ، واسترقاق الطباع ، بين مثان للإبداع ومثالث ، كيف اقتدر على هذا المحيد ، وناصح مع التثليث مقام التوحيد ، نستغفر الله وليّ العون ، على الصّمت والصون ، فالقلم هو الموحّد قبل الكون ، والمتّصف من صفات السّادة ، أولي العبادة ، بضمور الجسم وصفرة اللون ، إنما هي كرامة فاروقية ، وأثارة (٢) من حديث سارية (٣) وبقية ، سفر وجهها في الأعقاب ، بعد طول الانتقاب ، وتداول الأحقاب ، ولسان مناب ، عن كريم جناب ، وإصابة السهم لسواه محسوبة ، وإلى الرامي الذي سدّده منسوبة ، ولا تنكر على الغمام بارقة ، ولا على المتحقّقين بمقام التوحيد كرامة خارقة ، فما شاءه الفضل من غرائب برّ وجد ، ومحاريب خلق كريم ركع الشّكر فيها وسجد ، حديقة بيان استثارت نواسم الإبداع من مهبّها ، واستزارت غمائم الطباع من مصبّها ، فآتت أكلها مرتين بإذن ربّها ، لا. بل كتيبة عزّ طاعنت بقنا (٤) الألفات سطورها ، فلا يرومها النقد ولا يطورها ، (٥) ونزعت عن قسي النونات خطوطها ، واصطفت من بياض الطّرس ، وسواد النّقس ، بلق (٦) تحوطها.
__________________
(١) تحدّث ابن خلدون عن الدولة الصنهاجية في المغرب ـ في العبر ٦ / ١٥٢ ـ ١٦٢.
(٢) الأثارة : البقية.
(٣) يشير إلى قصة سارية بن زنيم بن عمر بن عبد الله بن جابر الكناني أمير الجيش الإسلامي في وقعة «نهاوند» ؛ فقد كمن له العدو في جبل ، ولم يكن قد علم به ، فناداه عمر رضى الله عنه من فوق المنبر بالمدينة يحذره : «يا سارية الجبل الجبل!» ، فسمع سارية صوت عمر. وهي كرامة ذكروها للفاروق رضى الله عنه. انظر رسالة القشيرى ص ١٨٧ طبع بولاق سنة ١٢٨٧ ه ، تاج العروس (سرى).
(٤) جمع قناة ؛ وهي الرمح.
(٥) لا يطور : لا يحوم حولها.
(٦) الطرس : الورق. والنقس : الحبر. وبلق : جمع أبلق ، أو بلقاء ؛ وهي الخيول التي في لونها سواد وبياض.
فما كأس المدير ، على الغدير ، (١) بين الخورنق (٢) والسّدير ، (٣) تقامر بنرد (٤) الحباب ، عقول ذوي الألباب ، وتغرق كسرى في العباب ، (٥) وتهدي ، وهي الشمطاء (٦) ـ نشاط الشباب ؛ وقد أسرج ابن سريج (٧) وألجم ، وأفصح الغريض (٨) بعد ما جمجم ، وأعرب النّاي (٩) الأعجم ، ووقّع معبد (١٠) بالقضيب ، وشرعت في حساب العقد (١١) بنان الكفّ الخضيب ، وكأنّ الأنامل فوق
__________________
(١) يشير إلى قصة امرئ القيس يوم الغدير ، وهو يوم دارة جلجل ؛ وهي مفصلة في الأغاني بولاق ١٩ / ٢٧.
(٢) الخورنق : قصر النعمان بن المنذر بظاهر الحيرة ؛ جاء ذكره في شعر عدي بن زيد ، والمنخل اليشكري. وحوله قصص طريفة تجدها في ياقوت ٣ / ٤٨٢ ، والبكري ٢ / ٥١٥ والمعرّب ص ١٢٦ ، والأغاني طبع دار الكتب ٢ / ١٤٤ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٧٢ ، والخزانة ١ / ١٤٢.
(٣) السدير : قصر للنعمان أيضا بالحيرة ، قريب من الخورنق. ياقوت ٥ / ٥٤.
(٤) النرد : أعجمي معرّب ، وورد في الحديث «نردشير» ؛ وهو نوع مما يقامر به.
(٥) بنى كسرى أبرويز ـ فوق دجلة ـ بناء اتخذه لمجالس أنسه ، ففاضت دجلة وأغرقته مرات ، أنقذ كسرى فيها من الغرق ـ وإلى ذلك يشير ابن الخطيب. انظر الطبري ٢ / ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٦) امرأة شمطاء : بيضاء الشعر ؛ ويكنى بذلك عن قدم الخمر.
(٧) أبو يحيى عبيد الله بن سريج المغنّي المعروف : أخباره في الأغاني بولاق ١ / ٩٧ ـ ٩٩.
(٨) أبو يزيد ، وأبو مروان : عبد الملك. ولقب بالغريض لأنه كان طري الوجه غض الشباب ؛ وهو من مولدي البربر. أخذ الغناء عن ابن سريج ، وعارضه في كل أصواته. انظر الأغاني بولاق ٢ / ١٢٨.
(٩) الناي : المزمار. مفاتيح العلوم ص ١٣٧.
(١٠) هو معبد بن وهب المغني المعروف. غنى في دولة بني أمية ، ومات في أيام الوليد بن يزيد بدمشق. وانظر الأغاني بولاق ١ / ١٩.
(١١) حساب العقد ، ويسمى حساب العقود أيضا : نوع من الحساب يكون بأصابع اليدين ، ويقال له حساب اليد ؛ وفي الحديث : «وعقد عقد تسعين». وقد ألفوا فيه رسائل وأراجيز ، منها أرجوزة أبي الحسن علي الشهير بابن المغربي ، وشرحها عبد القادر بن علي بن شعبان العوفي. وانظر خزانة الأدب للبغدادي ٣ / ١٤٧.
مثالث العود ومثانيه ، (١) وعند إغراء الثقيل بثانية ، (٢) وإجابة صدى الغناء بين مغانيه ، المراود تشرع في الوشي ، أو العناكب تسرع في المشي ، وما المخبر بنيل الرّغائب ، أو قدوم الحبيب الغائب ، لا. بل إشارة البشير ، بكمّ المشير ، على العشير ، بأجلب للسرور ، من زائره المتلقّى بالبرور ، وأدعى للحبور ، من سفيره المبهج السفور ، فلم نر مثله من كتيبة كتاب تجنب (٣) الجرد ، تمرح في الأرسان ، (٤) وتتشوف مجالي ظهورها إلى عرائس الفرسان ، وتهزّ معاطف (٥) الارتياح ، من صهيلها الصراح ، بالنغمات الحسان ، إذا أوجست الصريخ نازعت أفناء الأعنّة ، وكاثرت بأسنّة آذانها مشرعة الأسنّة ، فإن ادّعى الظليم (٦) أشكالها فهو ظالم ، أو نازعها الظبي هواديها (٧) وأكفالها فهو هاذ أو حالم ، وإن سئل الأصمعي (٨) عن عيوب
__________________
(١) أوتار العود أربعة : أغلظها البم ، والذي يليه المثلث (بفتح الميم وتخفيف اللام على مثال مطلب) ، والذي يلي المثلث : المثنى (بوزن معنى) ، والجمع مثالث ومثاني. وانظر مفاتيح العلوم ص ١٣٧.
(٢) كذا في الأصول ؛ ولعل أصل القول : «الثقيل الأول بثانية». والثقيل الأول : إيقاع موسيقي تتوالى فيه ثلاث نقرات ثقيلة ؛ وفي الثقيل الثاني تتوالى نقرتان ثقيلتان ثم واحدة خفيفة. وانظر مفاتيح العلوم ص ١٤١.
(٣) من الجنب : وهو أن تجنب فرسا عريا عند الرهان إلى الفرس الذي تسابق عليه ، فإذا فتر المركوب ، تحولت إلى المجنوب. ويريد أن هذه الرسالة بمنزلة خيول احتياطية.
(٤) جمع رسن ؛ وهو الحبل يتخذ زماما للدابة وغيرها.
(٥) المعاطف : الأردية ؛ والعرب تضع الرداء موضع البهجة ، والحسن ، والبهاء ، والنعمة.
(٦) الظليم : فرس فضالة بن هند بن شريك الأسدي.
(٧) هوادي الخيل : أعناقها.
(٨) عبد الملك بن قريب ، اللغوي المشهور (١٢٢ ـ ٢١٦) ، على خلاف في المولد والوفاة. وابن الخطيب يشير إلى ما عرف عن الأصمعي من خبرته الواسعة بالخيل ؛ وله في ذلك مع أبي عبيدة معمّر بن المثنى قصّة طريفة. انظرها في ترجمة الأصمعي في وفيات ابن خلكان ١ / ٣٦٢.
الغرر والأوضاح ، (١) قال مشيرا إلى وجوهها الصّباح (٢) :
جلدة بين العين والأنف سالم (٣)
من كل عبل الشّوى ، (٤) مسابق للنجم إذا هوى ، سامي التّليل ، (٥) عريض ما تحت الشّليل ، (٦) ممسوحة أعطافه بمنديل النّسيم البليل.
من أحمر كالمدام ، تجلى على النّدام ، (٧) عقب الفدام ، (٨) أتحف لونه بالورد ، في زمن البرد ، وحيّي أفق محيّاه بكوكب السعد ، وتشوف الواصفون إلى عدّ محاسنه فأعيت على العدّ ، بحر يساجل البحر عند المدّ ، وريح تباري الرّيح عند الشّدّ ، (٩)
__________________
(١) جمع غرة : وهي البياض ؛ والوضح : البياض أيضا. ويكنى به في الفرس عن البرص ، والجمع أوضاح.
(٢) وجه صبيح : جميل ، والجمع صباح.
(٣) شطر بيت قاله عبد الله بن عمر لما لامه الناس في حب ابنه سالم ، وأوله :
يديرونني عن سالم وأريغهم* وجلدة الخ.
وجعله لمحبته بمنزلة جلدة بين عينه وأنفه. وفي الحديث : «لا تؤذوا عمارا ، فإنما عمار جلدة ما بين عينيّ».
وسالم هذا ، ويكنى أبا عمر ، وأبا المنذر ، من خيار الناس ، وفقهائهم. مات بالمدينة سنة ١٠٦. انظر المعارف لابن قتيبة ص ٩٣ طبع جوتنجن سنة ١٨٥٠ ولسان العرب (سلم) ١٥ / ١٩١ ، والرسالة العثمانية للجاحظ ورقة ١٠٧ ب (نسخة كوبريلي رقم ٨١٥).
(٤) شوى الفرس : قوائمه ؛ وعبل اشّوى : غليظ القوائم.
(٥) التليل : العنق.
(٦) الشليل : الحلس ، والكساء الذي يجعل تحت الرحل.
(٧) جمع نديم : وهو الشريب الذي ينادمك.
(٨) الفدام : الخرقة التي يضعها الساقي من الأعاجم ، والمجوس على فمه عند السقى. وكانت عادتهم ، إذا سقوا ، أن يفدّموا أفواههم. وفدام الإبريق ، والكوز : المصفاة التي توضع عليه.
(٩) الشّدّ : العدو.
بالذراع الأشدّ (١) ؛ حكم له مدير فلك الكفل باعتدال فصل القدّ ، وميّزه قدره المميّز عند الاستباق ، بقصب السّباق ، (٢) عند اعتبار الحد ، وولّد مختطّ غرّته أشكال الجمال ، على الكمال ، بين البياض والحمرة ونقاء الخد ، وحفظ رواية الخلق الوجيه ، (٣) عن جدّه الوجيه ، (٤) ولا تنكر الرواية على الحافظ ابن الجدّ. (٥)
وأشقر ، أبى الخلق ، والوجه الطلق أن يحقر ، كأنما صيغ من العسجد ، وطرف بالدّر وأنعل بالزبرجد ، ووسم في الحديث بسمة اليمن والبركة ، (٦) واختصّ بفلج (٧) الخصام ، عند اشتجار المعركة ، وانفرد بمضاعف السهام ، المنكسرة على الهام ، في الفرائض المشتركة ، (٨) واتّصف فلك كفله بحركتي الإرادة والطبع من أصناف
__________________
(١) الأشدّ : الأقوى ؛ يقال حلبتها بالساعد الأشدّ ، أي حين لم أقدر على الرفق ، أخذت الأمر بالشدة والقوة.
(٢) كانت الغاية التي يحددونها للسباق تذرع بالقصب ، ثم تركز القصبة في منتهى الغاية ؛ فمن سبق اقتلعها وأخذها ، ليعلم الناس أنه السابق من غير نزاع ، ويقال : حاز أو أحرز قصبة السبق. تاج (قصب).
(٣) الخلق الوجيه : الحميد ، والوجيه من تكون له خصال حميدة.
(٤) الوجيه : فرس من خيل العرب نجيب ؛ ويأتي ذكره مرة أخرى.
(٥) يومئ ابن الخطيب إلى أبي بكر محمد بن عبد الله بن فرج الفهري المعروف بابن الجد (٤٩٦ ـ ٥٨٦). أصله من «لبلة» ، واستوطن إشبيلية ، وعاصر ابن رشد الفقيه ، وأبا بكر بن العربي. وانظر الديباج ص ٣٠٢.
(٦) يشير إلى حديث : «إن يمن الخيل في شقرتها» ، رواه الإمام أحمد في المسند ٢ / ٢٧٢.
(٧) الفلج : الظفر والفوز.
(٨) يومئ إلى المعاني التي تعارفها الفقهاء بينهم في باب «التوارث» من الفقه الإسلامي ؛ فالسهم :
النصيب الذي فرضه الشارع للوارث ، وانكسار السهام يكون حيث تضيق التركة على استيفاء الفرائض كاملة ، ويتقرر العول.
الحركة ، (١) أصغى إلى السماء بأذن ملهم ، وأغرى لسان الصّهيل ـ عند التباس معاني الهمز والتّسهيل ـ ببيان المبهم ، وفتنت العيون من ذهب جسمه ، ولجين نجمه ، بالدّينار والدّرهم ، فإن انقضّ فرجم ، أو ريح لها حجم ، وإن اعترض فشفق لاح به للنّجم نجم. (٢)
وأصفر قيّد الأوابد الحرّة ، وأمسك المحاسن وأطلق الغرّة ، وسئل من أنت في قواد الكتائب ، وأولي الأخبار العجائب؟ فقال : أنا المهلّب بن أبي صفرة ، (٣) نرجس هذه الألوان ، في رياض الأكوان ، تحثى به وجوه الحرب العوان ، (٤) أغار بنخوة الصائل ، (٥) على معصفرات الأصائل ، (٦) فارتداها ، وعمد إلى خيوط شعاع الشمس ، عند جانحة الأمس ، فألحم منها حلّته وأسداها ، واستعدت عليه تلك المحاسن فما أعداها ، فهو أصيل تمسّك بذيل الليل عرفه وذيله ، وكوكب يطلعه من القتام ليله ، فيحسده فرقد (٧) الأفق وسهيله. (٨)
__________________
(١) الحركتان : الطبيعية ، والإرادية معا ؛ مبدؤهما أمر داخلي غير خارج عن ذات المتحرك ، ثم تمتاز الحركة الإرادية بخضوعها لإرادة المتحرك وميله. أما الطبيعية فلا إرادة فيها ولا شعور ، وذلك مثل طلب الجسم الثقيل للجهة السفلى. وانظر تعريفات الجرجاني ص ٥٨.
(٢) النجم : الثريا ؛ والمعنى المراد ـ فيما أرجو ـ : لاح للثريا بهذا الفرس المعترض في الأفق نجم آخر هو غرته. وقد سميت الغرة نجما في شعر لابن نباته أورده عبد القاهر في أسرار البلاغة ص ٢٣٣ ، ثم إنه قد قال في وصفه : «وفتنت العيون من ذهب جسمه ، ولجين نجمه ، بالدينار والدرهم».
(٣) أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة الأزدي. له مع الخوارج حروب ومواقع ظهرت فيها شجاعته. وقد ذكر أغلبها أبو العباس المبرد في «الكامل». وانظر الوفيات ٢ / ١٩١ ـ ١٩٥.
(٤) الحرب العوان : الحرب التي سبقتها حرب أخرى.
(٥) النخوة : العظمة ، والكبر ؛ والصائل : المستطيل المتوثب.
(٦) الأصيل : العشى ، والجمع الأصائل.
(٧) الفرقد : واحد الفرقدين ؛ وهم كوكبان من صورة بنات نعش الصغرى ؛ ويقال الفرقد على الكوكبين معا.
(٨) سهيل : كوكب من الكواكب الجنوبية ؛ ولذلك لا يراه سكان البلدان الشمالية مثل خراسان ، وأرمينية.
وأشهب تغشّى من لونه مفاضة ، وتسربل منه لامة فضفاضة ، قد احتفل زينه ، لمّا رقم بالنّبال لجينه ، فهو الأشمط ، الذي حقه لا يغمط ، والدّارع (١) المسارع ، والأعزل الذارع ، (٢) وراقي الهضاب الفارع ، (٣) ومكتوب الكتيبة البارع. وأكرم به من مرتاض سالك ، ومجتهد على غايات السابقين الأولين متهالك ، وأشهب (٤) يروي من الخليفة ، في الشّيم المنيفة ، عن مالك.
وحباريّ (٥) كلما سابق وبارى ، استعار جناح الحبارى ، فإذا أعملت الحسبة ، قيل من هنا جاءت النّسبة ، طرد النّمر ، لما عظم أمره وأمر ، (٦) فنسخ وجوده بعدمه ، وابتزّه الفروة ملطّخة بدمه ، وكأنّ مضاعف الورد نثر عليه من طبقه ، أو الفلك ، لما ذهب الحلك ، مزج فيه بياض صبحه بحمرة شفقه.
وقرطاسيّ حقّه لا يجهل ، «متى ما ترقّى العين فيه تسفّل» (٧) ، إن نزع عنه جلّه (٨) ، فهو نجم كلّه ، انفرد بمادة الألوان ، قبل أن تشوبها يد الأكوان ، أو تمزجها
__________________
(١) رجل دارع : ذو درع.
(٢) ذرع : أسرع ؛ كأنه لسرعته يقيس المسافات بالذراع.
(٣) الفارع : المرتفع الهيّئ الحسن. والبارع : التام في كل فضيلة.
(٤) يورّي بأشهب بن عبد العزيز المالكي أبو عمر المصري. وقد تقدم في ص ٢٥.
(٥) الحباريّ : لونه لون الحبارى. والحبارى بضم الحاء ، وفتح الباء المخففة ، وراء مفتوحة بعد ألف : طائر رمادي اللون ؛ وهو أشدّ الطير طيرانا ، وأبعدها شوطا. ولذلك يقول : إن سرعة هذا الفرس تأتي من شبهة بالحبارى الذي له هذه الصفة. وانظر حياة الحيوان للدميري ١ / ١٩٦.
(٦) أمر : ارتفع شأنه.
(٧) عجز بيت لامرئ القيس وصدره :
ورحنا يكاد الطرف يقصر دونه* متى الخ
وفي الأصول : «.... فيه تسهل». والمثبت رواية الديوان ، وشرحه للبطليوسي ص ٣٤ طبع التقدم سنة ١٣٢٣ ه.
(٨) جلّ الفرس ، وجلّه : الغطاء الذي تلبسه إياه لتصونه.
أقلام الملوان (١) ، يتقدم الكتيبة منه لواء ناصع ، أو أبيض مناصع (٢) ، لبس وقار المشيب ، في ريعان العمر القشيب ، وأنصتت الآذان من صهيله المطيل المطيب ، لما ارتدى بالبياض إلى نغمة الخطيب ، وإن تعتّب منه للتأخير متعتّب ، قلنا : الواو لا ترتّب (٣) ، ما بين فحل وحرّة ، وبهرمانة (٤) ودرّة ، ويا لله من ابتسام غرّة ، ووضوح يمن في طرّة (٥) ، وبهجة للعين وقرّة ، وإن ولع الناس بامتداح القديم ، وخصّوا الحديث بفري الأديم ، (٦) وأوجب المتعصّب ، وإن أبى المنصب ، مرتبة التقديم ، وطمح إلى رتبة المخدوم طرف الخديم ، وقورن المثري بالعديم ، وبخس في سوق الكسد الكيل ، ودجا الليل ، وظهر في فلك الإنصاف الميل ، لمّا تذوكرت الخيل ، فجيء
__________________
(١) الملوان : الليل والنهار.
(٢) الناصع : الخالص من كل شيء ؛ والمناصع : المجالس. جمع منصع.
(٣) يشير إلى قول النحاة : إن العطف بالواو لا يفيد ترتيبا بين معطوفاتها.
(٤) البهرمان : نبات بأرض العرب يصبغ به ، ويقال له العصفر ؛ ولونه دون الأرجوان في الحمرة.
(٥) الطرة : الناصية ، والاشارة إلى الحديث : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» واضحة. وانظر سنن ابن ماجة ٢ / ٩٤.
(٦) الأديم : الجلد ؛ وفريه : قطعه. وهو يشير إلى قول ابن شرف القيرواني :
أغرى الناس بامتداح القديم |
|
وبذم الحديث غير الذميم |
ليس إلا لأنهم حسدوا الحيّ ورقوا على العظام الرميم
انظر «ألف با» للبلوى ١ / ٥٩ ـ ٦٠. وفي مقدمة تاج العروس ١ / ٢٩ أنهما لابن رشيق وهو خطأ. وانظر طراز المجالس ص ١٢١.
بالوجيه (١) والخطار (٢) ، والذائد (٣) وذي الخمار (٤) ، وداحس (٥) والسكب (٦) ، والأبجر (٧) وزاد الركب (٨) ، والجموح (٩) واليحموم (١٠) ، والكميت (١١)
__________________
(١) الوجيه : فرس لغنيّ بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان. وهو مما سمى من جياد الفحول ، والإناث المنجبات. تاج (وجه) ، مخصص ٦ / ١٩٥ ، ابن الكلبى ص ٢٢.
(٢) الخطار : فرس حذيفة بن بدر الفزاري. وله ذكر في حرب داحس والغبراء. المخصص ٦ / ١٩٦ ، تاج (خطر ، دخس) ، ابن الكلبي ص ٧٠.
(٣) الذائد : فرس نجيب من نسل الحرون ، ومن أبنائه أشقر مروان. ابن الكلبى ص ٤٥ ، ٤٤ ، تاج (ذاد).
(٤) ذو الخمار : فرس للزبير بن العوام ، ولمالك بن نويرة الشاعر. وانظر المخصص ٦ / ١٩٤ ، ابن الكلبى ص ٦٣ ، تاج (خمر).
(٥) داحس : فرس قيس بن زهير بن جذيمة العبسي. له ذكر في حرب داحس والغبراء المخصص ٦ / ١٩٦ ، تاج (دحس) ، ابن الكلبي ص ٢٤ ، ٢٩. وانظر مجمع الأمثال : «أشأم من داحس» ١ / ٢٥٦.
(٦) السكب : من أفراس النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو أول فرس ملكه. انظر المخصص ٦ / ١٩٣ ، ابن الكلبي ص ٨ ، تاج (سكب).
(٧) الأبجر : من خيل غطفان بن سعد ، وهو فرس عنترة بن شداد العبسي. ابن الكلبي ص ٦٩ ، تاج (بجر).
(٨) زاد الركب : فرس للأزد ، وهو من أقدم فرسان العرب. ابن الكلبي ص ١٤ ، ١٨ ، ١٩.
(٩) الجموح (كصبور) : فرس مسلم بن عمرو الباهلي ، وفرس للحكم بن عرعرة النميري تاج (جمح) ، ابن الكلبي ص ٤٥.
(١٠) اليحموم : فرس النعمان بن المنذر ، ولذلك كان يقال للنعمان فارس اليحموم. وسمى باليحموم عدة أفراس. تاج ٨ / ٢٦١ ، خزانة الأدب ١ / ٥٤٥ ، ابن الكلبي ص ٩٢.
(١١) الكميت : فرس المعجب بن سفيان (أوشييم) الضبى. وذكر في تاج العروس في (كمت) عشرة أفراس باسم الكميت ، مع أسماء أصحابها. وانظر المخصص ٦ / ١٩٥.
ومكتوم (١) ، والأعوج (٢) وحلوان (٣) ، ولاحق (٤) والغضبان (٥) ، وعفزر (٦) والزعفران (٧) والمحبّر (٨) والّلعّاب (٩) ، والأغر (١٠) والغراب (١١) ، وشعلة (١٢)
__________________
(١) مكتوم : فرس لغني بن أعصر ، من جياد الفحول. تاج (كتم) ، ابن الكلبي ص ٢٢.
(٢) أعوج (بلا لام) : فرس لبني هلال ؛ تنسب إلي الأعوجيات ، كان لكندة فأخذته سليم ، ثم صار إلى بني هلال ، بعد أن كان لبني آكل المرار. تاج (عوج).
(٣) لم أجد فيما رجعت إليه من المراجع فرسا بهذا الاسم.
(٤) لاحق : هناك أفراس كثيرة تسمى بلاحق ، والمشهورة منها الذي يعد من سوابق الخيل في الجاهلية فرس لغني بن أعصر ، وهو لاحق الأكبر. المخصص ٦ / ١٩٤ ، ١٩٦ ، ابن الكلبي ص ٢٢ ، تاج (لحق).
(٥) لم أجد فيما رجعت إليه من المراجع فرسا بهذا الاسم.
(٦) عفزر (كجعفر) : السابق السريع ؛ وهو فرس سالم بن عامر بن عريب الكناني أخي قيس ؛ له ذكر في ديوان هذيل. تاج (آخر عفر). وفي الأصول : «عفرز» بتقديم الراء على الزاي ؛ وقد ورد كذلك بخط مرتضى الزبيدي في هذا البيت :
وطاب عن اللعاب نفسا وربه |
|
وغادر قيسا في المكر وعفرزا |
وقد نبه مصحح التاج على أنه تصحيف انظر التاج (لعب).
(٧) الزعفران : فرس لعمير بن الحباب ، ولآخرين. مخصص ٦ / ١٩٦ ، تاج (الزعفران) ابن الكلبي ص ٧١.
(٨) المحبر : فرس لضرار بن الأزور الأسدي ، ولمالك بن نويرة. مخصص ٦ / ١٩٤ ، ابن الكلبي ص ٥٦ ، لسان (حبر).
(٩) اللعاب (ككتان) : اسم فرس لعله لهذيل. تاج (لعب) ، مخصص ٦ / ١٩٨.
(١٠) الأغر : اسم يقع على أفراس كثيرة ، ذكر معظمها في القاموس وشرحه (غر). وانظر المخصص ٦ / ١٩٥ ، ١٩٦.
(١١) الغراب : فرس لغني بن أعصر ؛ وكان العباس بن مرداس يفتخر بما صار إليه من بنات الغراب ، انظر المخصص ٦ / ١٩٦ ، ابن الكلبي ص ٢٢.
(١٢) شعلة (بالضم ، وبلا لم) : فرس قيس بن سباح. تاج (شعل) ، ابن الكلبي ص ٩٧.
والعقاب (١) ، والفياض (٢) واليعبوب (٣) ، والمذهب (٤) واليعسوب (٥) ، والصّموت (٦) والقطيب (٧) ، وهيدب (٨) والصّبيب (٩) ، وأهلوب (١٠)
__________________
(١) العقاب : فرس مرداس بن جعونة ، من خيل غني بن أعصر ، ولطفيل الغنوي. المخصص ٦ / ١٩٧ ، وابن الكلبي ص ٦٨.
(٢) الفياض : فرس لبني جعدة ، وقد ورد ذكره في شعر النابغة الجعدي. ابن الكلبي ص ٢٦ ، ١٥ ، أبو عبيدة ص ٦٧.
(٣) اليعبوب : فرس للربيع بن زياد ، وكان يقال للربيع فارس اليعبوب. ابن الكلبي ص ٧١ ، خزانة الأدب ١ / ٢٥ ، مخصص ٦ / ١٩٦.
(٤) المذهب : فرس لأبرهة بن عمر ، ولغني بن أعصر ، ولبني عبس. مخصص ٦ / ١٩٦ ، ١٩٧ ، ابن الكلبي ص ٢٢.
(٥) اليعسوب : فرس للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وللزبير بن العوام ، وهو من بنات «العسجدي».
مخصص ٦ / ١٩٣ ، ابن الكلبي ص ٢٠ ، ٣٠.
(٦) الصموت : اسم واقع على أفراس كثيرة ، منها فرس لعباس بن مرداس السلمى ابن الكلبي ص ٧١.
(٧) القطيب : فرس صرد بن حمزة بن شداد اليربوعي ، سابق به فرس أبي سواج الضبي. لسان (برا) ، مخصص ٦ / ١٩٥ ، ١٩٨ ، ابن الكلبي ص ٦١.
(٨) هيدب : فرس عبد بن عمرو بن راشد بن جزء بن كعب. مخصص ٦ / ١٩٧ ابن الكلبي ص ٩١ ، ٩٢.
(٩) الصبيب (كزبير) : فرس من خيل العرب معروف. تاج (صبب).
(١٠) أهلوب (كأسلوب) : فرس ربيعة بن عمرو. مخصص ٦ / ١٩٦. تاج (الهلب).
وهدّاج (١) ، والحرون (٢) وخراج (٣) ، وعلوى (٤) والجناح (٥) ، والأحوى (٦) ومجاح (٧) ، والعصا (٨) والنّعامة (٩) ، والبلقاء (١٠) والحمامة (١١) ، وسكاب (١٢)
__________________
(١) هداج : فرس الريب بن شريق. تاح (هدج).
(٢) الحرون : فرس لعقبة بن مدلج ، ولعمرو بن مسلم الباهلي ، اشتراه من رجل من بني هلال ، ولجزء بن شريح بن الأحوص. مخصص ٦ / ١٩٥ ابن الكلبي ص ١١٧.
(٣) خراج (كقطام) : فرس جريبة بن الأشيم الأسدي. تاج (خرج) مخصص ٦ / ١٩٤ ، ابن الكلبي ص ٥٥.
(٤) علوى : فرس خفاف بن ندبة ، وقيل لخفاف بن عمير. وكانت علوى من سوابق الخيل عند العرب. تاج (علو).
(٥) الجناح : فرس لعكاشة بن محصن ، ولمحمد بن مسلمة الأنصاري ، ولحذلم بن خالد بن عمر الفقعسي. مخصص ٦ / ١٩٤ ، ابن الكلبي ص ١٠٧ ، ٥٦.
(٦) الأحوى : فرس لقبيصة بن ضرار الضبي ، ولعامر بن الطفيل. تاج ، لسان (حوا) ، مخصص ٦ / ١٩٥ ، ابن الكلبي ص ٥٢.
(٧) مجاح (ككتاب) : فرس مالك بن عوف النضري (أو النصري) ، ويقال له فارس مجاح. مخصص ٦ / ١٩٤ ، ابن الكلبي ص ٧٠ ، تاج (مجح).
(٨) العصا : فرس لجذيمة بن الأبرش ، وهي بنت العصية ، وفيهما ورد المثل : «لا تلد العصا غير العصية» ، و «إن العصا من العصية». مخصص ٦ / ١٩٦ ، ابن الكلبي ص ٩٤ ، تاج (عصا).
(٩) النعامة : فرس للحارث بن عباد ، ولمسافع بن عبد العزى ، ولغيرهما. مخصص ٦ / ١٩٤ ، ابن الكلبي ص ١٠٦ ، تاج (نعم).
(١٠) البلقاء : فرس للأحوص بن جعفر ، ولقيس بن عيزارة الهذلي الشاعر ، ولسعد بن أبي وقاص. تاج (بلق).
(١١) الحمامة : فرس لإياس بن قبيصة ، ولقراد بن يزيد. تاج (حم).
(١٢) سكاب : فرس لعبيدة بن ربيعة ، وللأجدع بن مالك. مخصص ٦ / ١٠٥ ، ابن الكلبي ص ١٠٠.
والجرادة (١) ، وخوصاء (٢) والعرادة (٣) ، فكم بين الشاهد والغائب ، والفروض والرّغائب (٤) ، وفرق ما بين الأثر والعيان ، غنيّ عن البيان ، وشتّان بين الصريح والمشتبه ، ولله درّ القائل :
«خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به» (٥)
والناسخ (٦) يختلف به الحكم ، وشرّ الدواب عند التفضيل بين هذه الدّوابّ الصّمّ البكم ، (٧) إلا ما ركبه نبيّ ، أو كان له يوم الافتخار برهان خفيّ (٨) ومفضّل
__________________
(١) الجرادة : فرس لعبد الله بن شرحبيل الهلالي ، ولسلامة بن نهار بن أبي الأسود بن حمران بن عمرو بن الحارث السدوسي ، ولعبادة الأنصاري. مخصص ٦ / ١٩٦ ، ابن الكلبي ص ٩٣ ، ٧٤.
(٢) الخوصاء : فرس توبة بن الحمير ، وله فيها شعر. مخصص ٦ / ١٩٦ ، ابن الكلبي ص ٧٧.
(٣) العرادة (كسحابة) : فرس لكلحبة العرني ؛ وهو هبيرة بن عبد الله بن عبد مناف العرني ، ولآخرين. مخصص ٦ / ١٩٥ ، ابن الكلبي ص ٤٧ ، تاج (عرد) ، (كلحبة).
(٤) الرغائب : جمع رغيبة ، وهي الأمر المرغوب فيه. وفي الحديث لابن عمر لا تدع ركعتي الفجر ، فإن فيهما الرغائب ؛ أي ما يرغب فيه من الثواب العظيم. تاج (رغب) ، الدر الثمين شرح المورد المعين ٢ / ١٢.
(٥) صدر بيت للمتنبي من قصيدة يمدح بها سيف الدولة ؛ وعجزه عن شرح العكبري ٢ / ٦٨ طبع الشرفية سنة ١٣٠٨ ه :
(*) «.... في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل»
(٦) النسخ في مصطلح أهل أصول الفقه : إنهاء حكم شرعي ثبت بنص شرعي ، وإحلال حكم آخر بدله بنص شرعي جاء دليلا على انتهاء الحكم الأول والناسخ : هو النص الأخير الذي بمقتضاه يرتفع الحكم الأول ، ويلغي النص السابق. وانظر شرح تنقيح القرافي ص ١٣٢.
(٧) الاشارة إلى الآية ٢٢ من سورة الأنفال. ويريد : إن فضل خيولك هذه من الوضوح بحيث لا يخفى إلا على من كانت هذه حالته من تعطل آلات التمييز مع تملكها. وتلك هي حالة من وصفتهم الآية المشار إليها ، وما سبقها ، ولحقها من الآيات.
(٨) خفيّ : خاف مستور ، يريد لا فضل لقديم من الخيل على محدث منها ، إلا أن يجيء التفضيل من حيث إن نبيا من الأنبياء ركب فرسا ، فيفضل بهذا الاعتبار.
ما سمع على ما رأى غبيّ ، فلو أنصفت محاسنها التي وصفت ، لأقضمت (١) حبّ القلوب علفا ، وأوردت ماء الشبيبة نطفا ، (٢) واتخذت لها من عذر (٣) الخدود الملاح عذر موشية ، (٤) وعلّلت بصفير ألحان القيان كلّ عشية ، وأنعلت بالأهلّة ، وغطيت بالرياض بدل الأجلّة. (٥)
إلى الرقيق ، (٦) الخليق بالحسن الحقيق ، يسوقه إلى مثوى الرّعاية روقة (٧) الفتيان رعاته ، ويهدي عقيقها من سبجه (٨) أشكالا تشهد للمخترع سبحانه بإحكام مخترعاته ، وقفت ناظر الاستحسان لا يريم ، (٩) لما بهره منظرها الوسيم ، وتخامل الظّليم ، (١٠) وتضاؤل الريم (١١) وأخرس مفوّه (١٢) اللسان ، وهو بملكات البيان ، الحفيظ العليم ، وناب لسان الحال ، عن لسان المقال ، عند الاعتقال ، (١٣) فقال يخاطب المقام الذي أطلعت أزهارها غمائم جوده ، واقتضت اختيارها بركات وجوده : لو علمنا أيها الملك الأصيل ، الذي كرم منه الإجمال والتفصيل ، أن الثّناء يوازيها ، لكلنا لك بكيلك ، أو الشّكر يعادلها ويجازيها ، لتعرّضنا بالوشل (١٤) إلى
__________________
(١) القضم : أكل القضيم ، وهو شعير الدابة ، وأقضم الدابة : قدم لها القضيم.
(٢) النطفة : الماء الصافي ؛ والجمع نطف.
(٣) العذار : خط لحية الغلام ؛ والجمع عذر.
(٤) العذار من اللجام : السيران اللذان يجتمعان عند قفا الفرس ؛ والجمع عذر.
(٥) جل الدابة : ما تغطى به ، والجمع جلال ؛ وجمع جلال : أجلّة.
(٦) الرقيق : الضعف لا صبر له على شدة البرد ، ونحوه.
(٧) الروقة من الغلمان : الملاح منهم ؛ يقال غلمان روقة : أي حسان ، والمفرد رائق.
(٨) السبج : خرز أسود.
(٩) لا يريم : لا يبرح.
(١٠) الظليم : ذكر النعام ؛ وفرس فضالة بن شريك الأسدي.
(١١) الريم : الظبي الخالص البياض.
(١٢) رجل مفوّه : يجيد القول.
(١٣) اعتقل لسانه : حبس ، ولم يقدر على الكلام.
(١٤) الوشل : الماء القليل.
نيل نيلك ، (١) أو قلنا هي التي أشار إليها مستصرخ سلفك المستنصر (٢) بقوله : أدرك بخيلك ، (٣) حين شرق بدمعه الشّرق ، (٤) وانهزم الجمع واستولى الفرق ، واتسع فيه ـ والحكم لله ـ الخرق (٥) ورأى إن مقام التوحيد بالمظاهرة على التّثليث ، وحزبه الخبيث ، الأولى والأحقّ.
والآن قد أغنى الله بتلك النّية ، عن اتّخاذ الطّوال الردينيّة ، (٦) وبالدّعاء من تلك المثابة الدينية إلى ربّ البنيّة ، (٧) عن الأمداد السّنيّة والأجواد تخوض بحر الماء إلى بحر المنية ، وعن الجرد العربية ، في مقاود الليوث الأبيّة ، وجدّد برسم هذه الهديّة ، مراسيم العهود الودّية ، والذمم الموحّدية ، لتكون علامة على الأصل ، ومكذّبة لدعوى الوقف والفصل ، وإشعارا بالألفة التي لا تزال ألفها ألف الوصل ، ولأمها حراما على النّصل. (٨)
وحضر بين يدينا رسولكم ، فقرّر من فضلكم ما لا ينكره من عرف علوّ مقداركم ، وأصالة داركم ، وفلك إبداركم ، وقطب مداركم ، وأجبناه عنه بجهد (٩) ما كنّا لنقنع
__________________
(١) النيل : نهر مصر حماها الله. والنيل (بالفتح) : العطاء.
(٢) هو أبو بكر يحيى بن عبد الواحد الحفصي. وانظر الحاشية رقم (٢) ص ٩.
(٣) يشير إلى قصيدة ابن الأبار التي مطلعها : «أدرك بخيلك خيل الله أندلسا». وانظر ص ٩.
(٤) يريد شرق الأندلس.
(٥) يشير إلى المثل : «اتسع الخرق على الراقع» الذي يقال عند استفحال الأمر ، والعجز عن إصلاحه.
تاج (خرق).
(٦) الردينية : منسوبة إلى ردينة ، وهي امرأة السمهري ؛ وكانا يقومان الرماح والقنا بخط هجر ؛ فيقال : الرماح الردينية ، والخطية ؛ نسبة إلى الشخص تارة ، وإلى الموضع أخرى.
(٧) البنية : الكعبة ، وكانت تسمى بنية إبراهيم ؛ وكثر قسمهم بها فيقولون : «لا ورب هذه البنية».
(٨) اللام : جمع لأمة ؛ وهي الدرع. والنصل : حديدة السهم والرمح. وانظر اللسان (نصل).
(٩) الجهد (بالفتح) : المشقة.
من جناه (١) المهتصر ، (٢) بالمقتضب المختصر ، ولا لنقابل طول طوله (٣) بالقصر ، لولا طروّ الحصر. (٤)
وقد كان بين الأسلاف ـ رحمة الله عليهم ورضوانه ـ ودّ أبرمت من أجل الله معاقده ، (٥) ووثرت للخلوص ، (٦) الجليّ النصوص ، مضاجعه القارّة ومراقده ، وتعاهد بالجميل يوجع لفقده فاقده ، أبى الله إلا أن يكون لكم الفضل في تجديده ، والعطف بتوكيده ، فنحن الآن لا ندري أيّ مكارمكم نذكر ، أو أيّ فواضلكم نشرح أو نشكر ، أمفاتحتكم التي هي في الحقيقة عندنا فتح ، أم هديتكم ، وفي وصفها للأقلام سبح ، (٧) ولعدوّ الإسلام بحكمة حكمتها كبح ، (٨) إنّما نكل الشّكر لمن يوفّي جزاء الأعمال البرّة ، ولا يبخس مثقال الذّرّة ولا أدنى من مثقال الذّرّة ، ذي الرحمة الثّرّة ، (٩) والألطاف المتّصلة المستمرّة ، لا إله إلا هو.
وإن تشوّفتم إلى الأحوال الراهنة ، وأسباب الكفر الواهية ـ بقدرة الله ـ الواهنة ، (١٠) فنحن نطرفكم بطرفها ، (١١) ونطلعكم على سبيل الإجمال بطرفها ، وهو أننا لما أعادنا من التّمحيص ، إلى مثابة التّخصيص ، من بعد المرام العويص ، كحلنا بتوفيق الله بصر البصيرة ، ووقفنا على سبيله مساعي الحياة القصيرة ، ورأينا
__________________
(١) الجنى : ما يجتنى من الشجر وغيره.
(٢) المهتصر : الممال ؛ يقال هصرت الغصن : إذا أملته إليك.
(٣) الطول (بالضم) : خلاف العرض. والطّول (بالفتح) : النعمة والفضل.
(٤) الحصر : العىّ ، وعدم القدرة على الإبانة.
(٥) المعاقد : مواضع العقد.
(٦) وثر الفراش (بالضم) : وطؤ ولان.
(٧) السبح : الجرى.
(٨) كبح الفرس : جذبه إليه باللجام يمنعه عن الجري.
(٩) الرحمة الثرة : الغزيرة الكثيرة.
(١٠) وهي ، ووهن : ضعف.
(١١) جمع طرفة (بالضم) ؛ وهي أن يعطي المرء ما لم يملكه فيعجبه.
كما نقل إلينا ، وكرّر على من قبلنا وعلينا ـ أن الدنيا ـ وإن غرّ الغرور (١) وأنام على سرر الغفلة السّرور ، فلم ينفع الخطور (٢) على أجداث (٣) الأحباب والمرور جسر يعبر ، ومتاع لا يغبط من حبي به ولا يحبر ، (٤) إنّما هو خبر يخبر ، وأن الحسرة بمقدار ما على تركه يجبر ، وأن الأعمار أحلام ، وأن الناس نيام ، وربّما رحل الراحل عن الخان ، (٥) وقد جلّله بالأذى والدخان ، أو ترك به طيبا ، وثناء يقوم بعد للآتي خطيبا ، فجعلنا العدل في الأمور ملاكا ، (٦) والتفقّد للثغور مسواكا ، وضجيع المهاد ، حديث الجهاد ، وأحكامه مناط الاجتهاد ، وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ)(٧) من حجج الاستشهاد ، وبادرنا رمق (٨) الحصون المضاعة وجنح (٩) التّقية (١٠) دامس ، (١١) وعواريها (١٢) لا تردّ يد لامس ، (١٣) وساكنها بائس ، والأعصم (١٤) في شعفاتها (١٥) من العصمة يائس ، فزيّنّا ببيض الشرفات ثناياها ،
__________________
(١) الغرور (بالفتح) : الشيطان ؛ وفي القرآن : (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ).
(٢) الخطور : التبختر في المشي.
(٣) جمع جدث : وهو القبر.
(٤) يحبر : ينعم ويسر ويكرم.
(٥) الخان : المكان الذي ينزله الناس في المدن ، والطرق ، وهو الفندق. وانظر المعرّب ص ٢٣٩.
(٦) ملاك الأمر : ما يقوم به ذلك الأمر.
(٧) يشير إلى الآيات (١٠ ـ ١٣) من سورة الصف.
(٨) الرمق : بقية الحياة والروح. وفي الكلام تجوّز.
(٩) جنح الطريق : جانبه ، وجنح القوم : ناحيتهم.
(١٠) التقية : الحفظ.
(١١) ليل دامس : مظلم.
(١٢) جمع عارية ؛ وهي المتجردة من الثياب. والعورات : الخلل في الثغر وغيره ، يتخوف منه في الحروب.
(١٣) يقال للمرأة تزنّ بالفجور : لا ترد يد لامس ؛ أي لا ترد من يريدها عن نفسها.
(١٤) الأعصم : الوعل ، وعصمته : بياض في رجله.
(١٥) الشعفات ، جمع شعفة ؛ وهي رؤس الجبال.
وأفعمنا بالعذب الفرات ركاياها وغشّينا بالصفيح المضاعف أبوابها ، واحتسبنا عند موفّي الأجور ثوابها ، وبيّضنا بناصع الكلس (١) أثوابها ، فهي اليوم توهم حس العيان ، أنّها قطع من بيض العنان ، (٢) وتكاد تناول قرص البدر بالبنان ، متكفّلة للمؤمنين من فزع الدنيا والآخرة بالأمان ، وأقرضنا الله قرضا ، وأوسعنا مدوّنة الجيش (٣) عرضا ، وفرضنا إنصافه مع الأهلّة فرضا ، واستندنا من التّوكل على الله الغنيّ الحميد إلى ظل لواء ، ونبذنا إلى الطّاغية عهده على سواء (٤) وقلنا : ربّنا أنت العزيز ، وكلّ جبّار لعزّك ذليل ، وحزبك هو الكثير ، وما سواه قليل ، أنت الكافي ، ووعدك الوعد الوافي ، فأفض (٥) علينا مدارع (٦) الصّابرين ، واكتبنا من الفائزين بحظوظ رضاك الظّافرين ، وثبّت أقدمنا وانصرنا على القوم الكافرين.
فتحركنا أول الحركات ، وفاتحة مصحف البركات ، في خفّ (٧) من الحشود ، واقتصار على ما بحضرتنا من العساكر المظفّرة والجنود ، إلى حصن آشر البازي المطلّ ، وركاب العدو الضالّ المضلّ ، ومهدي نفثات (٨) الصّل ، (٩) على امتناعه وارتفاعه ، وسمو يفاعه ، (١٠) وما بذل العدو فيه من استعداده ، وتوفير أسلحته وأزواده ،
__________________
(١) الكلس ؛ يشبه الجصّ ؛ يبيض به ، ويتخذ للبناء بين الآجر ، واللّبن.
(٢) العنان : السحاب.
(٣) يريد الجيش الرسمي الذي كان مدونا في سجلات الدولة. وفي مقدمة الإحاطة ١ / ١٩ ، ٣٦ وصف للجيش الأندلسي ، وسلاحه ، وأقسامه ، وذكر لمقدار ما كان يأخذه كل شهر. وانظر اللمحة البدرية ص ٢٧.
(٤) نبذ العهد : نقضه ، وألقاه إلى من كان بينه وبينه. والتعبير مقتبس من الآية ٥٨ من سورة الأنفال.
(٥) أفض : أفرغ.
(٦) جمع مدرع : وهو ضرب من الثياب. والكلام على التوسّع.
(٧) الخف : الخفيف.
(٨) نفثت الحية السم : إذا لسعت بأنفها ، فإذا عضت بنابها قيل : نشطت.
(٩) الصل (بالكسر) : الحية التي لا تنفع فيها الرقية.
(١٠) اليفاع : ما ارتفع من الأرض.