شرح ألفيّة ابن مالك

ابن ناظم

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

ابن ناظم


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: مطبعة القديس جاورجيوس
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٥

القسم فعاملوا الفعل بعدها معاملته بعد اللام فان تقدمت على ما ربّ لم يؤكد الفعل بعدها الّا فيما ندر من نحو قول الشاعر

ربما أوفيت في علم

ترفعن ثوبي شمالات

وقولهم ربما يقولن ذلك حكاه سيبويه رحمه‌الله لان ربما تصير الفعل بعدها ماضي المعنى واما توكيده بعد لم فنادر ايضا لانه مثل الواقع بعد ربما في مضي معناه قال الراجز

يحسبه الجاهل ما لم يعلما

شيخا على كرسيه معمما

واما توكيده بعد لا النافية فقليل ومن حقه ان يكون اكثر من توكيده بعد لم لشبهه اذ ذاك بالنهي قال الشاعر

فلا الجارة الدنيا لها تلحينّها

ولا الضيف منها ان اناخ محوّل

ومنه قوله تعالى. (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ) خاصة ومنهم من زعم ان هذا نهي على اضمار القول وليس بشيء فانه قد اكد الفعل بعد لا النافية في الانفصال كما في البيت المذكور فتوكيده بها مع الاتصال اقرب لانه اشبه بالنهي واما توكيده اذا كان شرطا لغير اما او جزاء فقليل انشد سيبويه

من تثقفن منهم فليس بآيب

ابدا وقتل بني قتيبة شافي

وانشد ايضا قول الكميت في توكيد الجزاء

فمهما تشأ منه فزارة تعطكم

ومهما تشأ منه فزارة تمنعا

اراد تمنعن مؤكّدا بالنون الخفيفة ثم ابدلها الفا للوقف وجاء توكيد المضارع في غير ما ذكر على غاية من الندور ولذلك لم يتعرض لذكره في هذا المختصر قال الشاعر

ليت شعري واشعرنّ اذا ما

قربوها منشورة ودعيت

ألي الفوز ام عليّ اذا هو

سبت اني على الحساب مقيت

واندر من ذلك توكيد اسم الفاعل لشبهه بالمضارع انشد ابو الفتح قول رؤبة

أريت ان جاءت به املودا

مرجلا ويلبس البرودا

أقائلنّ احضروا الشهودا

ولما فرغ من ذكر ما يدخله نون التوكيد على اختلاف احواله اخذ في بيان ما ينشأ عن دخولها من التغيير فقال وآخر المؤكد افتح كابرزا فعلم ان حق المؤكد بها ان يفتح لانهم جعلوا الفعل معها بمنزلة خمسة عشر في التركيب فبنوه معها على الفتح صحيحا كان

٢٤١

كابرزن واضربن ولا تحسبن او معتلا كاخشين وارمين واغزون وقد يمنع من فتح ما قبل النون مانع فيصار الى غيره وقد نبه على ذلك بقوله

واشكله قبل مضمر لين بما

جانس من تحرّك قد علما

والمضمر احذفنّه إلّا الألف

وإن يكن في آخر الفعل ألف

فاجعله منه رافعا غير اليا

والواو ياء كاسعينّ سعيا

واحذفه من رافع هاتين وفي

واو ويا شكل مجانس قفي

نحو اخشين يا هند بالكسر ويا

قوم اخشون واضمم وقس مسوّيا

المراد بالمضمر اللين الف الاثنين وواو الجمع وياء المخاطبة واعلم ان الفعل متى اسند الى احد هذه الضمائر وجب تحريك آخره بمجانس الضمير فيفتح قبل الالف ويضم قبل الواو ويكسر قبل الياء وان كان آخره معتلا فان اسند الى الواو او الياء حذف الآخر ووليت الواو ضمة والياء كسرة ما لم يكن الآخر الفا فيليان فتحة وذلك نحو هم يغزون ويرمون ويسعون وانت تغزين وترمين وتسعين وان اسند الى الالف فلا حذف بل يفتح آخره فقط ان كان واوا او ياء نحو يغزوان ويرميان ويسعيان ويرد الى ما انقلب عنه ويفتح ان كان الفا نحو غزوا ورميا ويسعيان ويرميان ويرضيان والى هذا الاشارة بقوله وان يكن في آخر الفعل الف فاجعله منه رافعا غير اليا والواو ياء كاسعينّ سعيا اي فاجعل الآخر من الفعل ياء ان كان رافعا غير واو الضمير ويائه وهو الرافع الالف ونحوه مما عرض له عود الالف الى ما انقلبت عنه كالرافع نون الاناث نحو تسعين والمجرد من الضمير البارز حال توكيده بالنون نحو اسعينّ وانما اوجب جعل الالف ياء لان كلامه في الفعل المؤكد بالنون وهو المضارع والامر ولا تكون الالف فيهما الّا منقلبة عن ياء غير مبدلة كيسعى او مبدلة من واو كيرضى لانه من الرضوان وبسط القول في ذلك موضعه في باب التصريف واعلم ان الفعل المسند الى احد الضمائر المذكورة اعني الالف والواو والياء متى اكد بالنون التقى فيه ساكنان اولهما الضمير وثانيهما النون الخفيفة او المدغم من النون الثقيلة فان كان المسند اليه الالف لم يضر التقاؤهما لخفة الالف وشبهها قبل النون بالفتحة وسواء في ذلك ما آخره صحيح نحو هل تضربان او معتل نحو هل تغزوان

٢٤٢

وترميان وتسعيان والامر كالمضارع نحو اضربان واغزوان وارميان واسعيان وان كان المسند اليه الواو او الياء لم يمكن القرار على التقاء الساكنين بل يجب المصير الى الحذف او التحريك فان كان آخر الفعل حرفا صحيحا او واوا او ياء حذف الضمير واقرت الحركة التي كانت قبله مكانه لتدل عليه وذلك نحو يا زيدون هل تضربنّ وتغزنّ وترمنّ ويا هند هل تضربنّ وتغزنّ وترمنّ والى هذا اشار بقوله والمضمر احذفنه الّا الالف اي احذف لنون التوكيد واو الضمير وياءه ففهم انهما يحذفان لنون التوكيد مع الفعل الصحيح والمعتل لكن بشرط ان لا يكون حرف العلة الفا بدليل نصه على حكمه وان كان آخر المسند الى الواو والياء الفا حذفت كما سبق ثم حرك لاجل النون الياء بالكسرة والواو بالضمة نحو اخشينّ يا هند واخشونّ يا قوم والى هذا اشار بقوله واحذفه من رافع هاتين البيت

ولم تقع خفيفة بعد الالف

لكن شديدة وكسرها ألف

مذهب سيبويه رحمه‌الله ان الفعل المسند الى الالف لا يجوز توكيده بالنون الخفيفة لانه لا سبيل عنده الى تحريكها ولا الى الجمع بينها وبين الالف قبلها لانه لا يجتمع ساكنان في غير الوقف الّا والاول حرف لين والثاني مدغم وذهب يونس الى جواز توكيد الفعل المسند الى الالف بالنون الخفيفة مكسورة قال الشيخ رحمه‌الله ويمكن ان يكون من هذا قراءة ابن ذكوان قوله تعالى. (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.) يعني بناء على كون الواو للعطف ولا للنهي ويجوز ان تكون الواو للحال ولا للنفي والنون علامة الرفع وقوله وكسرها ألف يعني ان النون الشديدة اذا وقعت بعد الالف كسرت وان كانت في غير ذلك مفتوحة فعلوا ذلك مع الالف فرارا من اجتماع الامثال

وألفا زد قبلها مؤكّدا

فعلا إلى نون الإناث أسندا

تزاد قبل نون التوكيد الف اذا اكدت فعلا مسندا الى نون الاناث للفصل بين الامثال وذلك نحو اضربنانّ وارمينانّ واخشينانّ واغزينانّ وقد فهم من قوله ولم تقع خفيفة بعد الالف ان سيبويه لا يجيز لحاق الخفيفة في الفعل المسند الى نون الاناث لانه يلزم قبلها الالف ومذهب يونس والكوفيين جواز ذلك لكن بشرط كسرها في الوصل نحو اضربنان زيدا

واحذف خفيفة لساكن ردف

وبعد غير فتحة إذا تقف

٢٤٣

واردد إذا حذفتها في الوقف ما

من أجلها في الوصل كان عدما

وأبدلنها بعد فتح ألفا

وقفا كما تقول في قفن قفا

تحذف نون التوكيد الخفيفة وهي مرادة لامرين احدهما ان يلحقها ساكن كقول الشاعر

لا تهين الفقير علك ان تر

كع يوما والدهر قد رفعه

لانها لما لم تصلح للحركة عوملت معاملة حرف اللين فحذفت لالتقاء الساكنين على حد قولك يرمي الرجل ويغزو الغلام الثاني ان يوقف عليها تالية ضمة او كسرة فانها اذ ذاك تحذف ويرد ما كان حذف لاجل لحاقها كقولك في نحو اخرجن يا هؤلاء واخرجنّ يا هذه اخرجوا واخرجي اما اذا وقف عليها تالية فتحة فانها تبدل الفا كما في التنوين وذلك في نحو قوله تعالى. (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ.) لنسفعا قال النابغة الجعدي

فمن يك لم يثأر باعراض قومه

فاني ورب الراقصات لأثأّرا

وقد تحذف هذه النون لغير ما ذكر في الضرورة كقول الشاعر

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسيف قونس الفرس

(ما لا ينصرف)

الاسم بالنسبة الى شبهه بالحرف وعرائه عن شبهه به ينقسم الى معرب ومبني والمعرب منه بالنسبة الى شبهه بالفعل وعرائه عن شبهه به ينقسم الى منصرف وغير منصرف فما كان من الاسماء المعربة غير شبيه بالفعل فهو المنصرف ويسمى الامكن وعلامته انه يجر بالكسرة مطلقا ويدخله التنوين للدلالة على خفته وزيادة تمكنه وما كان منها شبيها بالفعل فهو غير المنصرف وعلامته انه يجرّ بالفتحة الّا في حالتي الاضافة ودخول الالف واللام وانه لا يدخله التنوين في غير رويّ الّا للمقابلة كما في اذرعات او للتعويض كما في جوار ولما اراد ان يعرف ما ينصرف من الاسماء عرف صفته المختصة به وهي الصرف فقال

ألصّرف تنوين أتى مبيّنا

معنى به يكون الاسم أمكنا

اي الصرف تنوين يبين كون الاسم المعرب خاليا من شبه الفعل فيستحق بذلك ان يعبر عنه بالامكن اي الزائد في التمكين وعلامة هذا التنوين ان يلحق الاسم المعرب لغير مقابلة ولا تعويض والاسم الداخل عليه هذا التنوين هو المنصرف واشتقاقه من الصريف

٢٤٤

يقال صرف البعير بنا به وصريفه بغنة كالتنوين والعرب تقول صرفت الاسم اذا نونته وقيل هو مأخوذ من الانصراف في جهات الحركات ولذلك قال سيبويه اجريته في معنى صرفته وقد فهم من بيان ما ينصرف من الاسماء بيان ما لا ينصرف لانه قد علم ان الاسم المعرب ينقسم الى منصرف وغير منصرف فاذا قيل الاسم المنصرف ما يدخله التنوين الدال على الامكنية علم ان ما لا ينصرف هو الاسم المعرب الذي لا يدخله ذلك التنوين وفي هذا التعريف مسامحة فان من جملة ما لا يدخله التنوين الدال على الامكنية باب مسلمات قبل التسمية به وليس من الممكن ان يقال انه غير منصرف لما ستعرفه بعد واعلم ان المعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم فيه اما فرعيتان مختلفتان مرجع احداهما الى اللفظ ومرجع الاخرى الى المعنى واما فرعية تقوم مقام الفرعيتين وذلك لان في الفعل فرعية على الاسم في اللفظ وهي اشتقاقه من المصدر وفرعية في المعنى وهي احتياجه الى الفاعل ونسهته اليه والفاعل لا يكون الّا اسما فالاسم من هذا الوجه اصل للفعل لاحتياجه اليه فالفعل اذا من هذا الوجه فرع عليه فلا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم الّا اذا كانت فيه الفرعية كما في الفعل ومن ثم صرف من الاسماء ما جاء على الاصل كالمفرد الجامد النكرة كرجل وفرس لانه خف فاحتمل زيادة التنوين وألحق به ما فرعية اللفظ والمعنى فيه من جهة واحدة كدريهم وما تعددت فرعيته من جهة اللفظ كأجيمال او من جهة المعنى كحايض وطامث لانه لم يصر بتلك الفرعية كامل الشبه بالفعل ولم يصرّف نحو احمد لان فيه فرعيتين مختلفتين مرجع احداهما اللفظ وهي وزن الفعل ومرجع الاخرى المعنى وهي التعريف فلما كمل شبهه بالفعل ثقل فيه ما يثقل في الفعل فلم يدخله التنوين وكان في موضع الجرّ مفتوحا وجميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعا خمسة لا تنصرف مع انها نكرة وهي ما فيه الف التأنيث كحبلى وصحراء وما فيه الوصفية مع وزن فعلان غير صالح للهاء كسكران او مع وزن افعل غير صالح للهاء ايضا كاحمر او مع العدل كثلاث وما وازن مفاعل او مفاعيل بلفظ لم يغير كدراهم ودنانير وسبعة لا تنصرف في المعرفة وهي ما فيه العلمية مع التركيب كعلبك او زيادة الالف والنون كمروان او التأنيث كطلحة وزينب او العجمة كابراهيم او وزن الفعل كيزيد ويشكر او زيادة الف الالحاق كارطى علما او العدل كعمر ولما اخذ في بيان هذه الموانع بشروطها قال

٢٤٥

فألف التّأنيث مطلقا منع

صرف الّذي حواه كيفما وقع

الف التأنيث مطلقا اي سواء كانت مقصورة او ممدودة تمنع صرف ما هي فيه كيفما وقع من كونه نكرة او معرفة وكونه مفردا او جمعا اسما او صفة كذكرى وحجلى وسكرى ومرضى ورضوى وكصحراء واشياء وحمراء واصدقاء وزكرياء فهذا ونحوه لا ينصرف البتة لان فيه الف التأنيث وانما كانت وحدها سببا مانعا من الصرف لانها زيادة لازمة لبناء ما هي فيه ولم تلحقه الّا باعتبار تأنيث معناه تحقيقا او تقديرا ففي المؤنث بها فرعية في اللفظ وهي لزوم الزيادة حتى كأنها من اصول الاسم فانه لا يصح انفكاكها عنه وفرعية في المعنى وهي دلالته على التأنيث ولا شبهة انه فرع على التذكير لاندراج كل مؤنث تحت مذكر من غير عكس فلما اجتمع في المؤنث بالالف الفرعيتان اشبه الفعل فمنع من الصرف فان قلت لم انصرف نحو قائمة وقاعدة وهلّا كانت الهاء فيه بمنزلة الالف قلت لانها زيادة عارضة وهي في تقدير الانفصال الّا في مواضع قليلة نحو شقاوة وعرقوة فلم يكن لها من اللزوم ما كان للالف فلم يعتد بها

وزائدا فعلان في وصف سلم

من أن يرى بتاء تأنيث ختم

اي ويمنع صرف الاسم ايضا الانف والنون المزيدتان في مثال فعلان صفة لا تلحقه تاء التأنيث نحو سكران وغضبان وعطشان فهذا ونحوه لا ينصرف لانه كما ترى صفة على وزن فعلان والمؤنث منه على وزن فعلى نحو سكرى وعطشى وغضبى وانما كان ذلك فيه مانعا لتحقق الفرعيتين به اعني فرعية المعنى وفرعية اللفظ اما فرعية المعنى فلأن فيه الوصفية وهي فرع على الجمود لان الصفة تحتاج الى موصوف ينسب معناها اليه والجامد لا يحتاج الى ذلك واما فرعية اللفظ فلأن فيه الزيادتين المضارعتين لألفي التأنيث من نحو حمراء في انهما في بناء يخص المذكر كما ان الفي حمراء في بناء يخص المؤنث وانهما لا تلحقهما التاء فلا يقال سكرانة كما لا يقال حمراءة مع ان الاول من كل من الزيادتين الف والثاني حرف يعبر به عن المتكلم في افعل ونفعل ويبدل احدهما من صاحبه نحو صنعاني وبهراني في النسبة الى صنعاء وبهراء فلما اجتمع في فعلان المذكور الفرعيتان امتنع من الصرف فان قلت لم لم تكن الوصفية في فعلان وحدها مانعة من الصرف فان في الصفة فرعية في المعنى كما ذكرتم وفرعية في اللفظ وهي الاشتقاق من المصدر قلت لأنا رأيناهم صرفوا نحو عالم وشريف مع تحقق الوصفية

٢٤٦

فيه وما ذاك الّا لضعف فرعية اللفظ في الصفة لأنها كالمصدر في البقاء على الاسمية والتنكير ولم يخرجها الاشتقاق الى اكثر من نسبة معنى الحدث فيها الى الموصوف والمصدر بالجملة صالح لذلك كما في رجل عدل ودرهم ضرب الامير فلم يكن اشتقاقها من المصدر مبعدا لها عن معناه فكان كالمفقود فلم يؤثر فان قلت فقد رأينا بعض ما هو صفة على فعلان مصروفا كندمان وسيفان وإليان فلم لم تجروه مجرى سكران قلت لأن فرعية اللفظ فيها ايضا ضعيفة من قبل ان الزيادة فيه لا تخص المذكر وتلحقه التاء في المؤنث نحو ندمانة وسيفانة واليانة فاشبهت الزيادة فيه بعض الحروف الاصول في لزومها في حالتي التذكير والتأنيث وقبول علامته فلم يعتد بها ويشهد لذلك ان قوما من العرب وهم بنو اسد يصرفون كل صفة على فعلان لانهم يؤنثونه بالتاء ويستغنون فيه بفعلانة عن فعلى فيقولون سكرانة وغضبانة وعطشانة فلم تكن الزيادة عندهم في فعلان شبيهة بالفي حمراء فلم تمنع من الصرف واعلم ان ما كان صفة على فعلان فلا خلاف في منع صرفه ان كان له مؤنث على فعلى ولا في صرفه ان كان له مؤنث على فعلانة واما ما لا مؤنث له اصلا كلحيان فبين النحويين فيه خلاف فمن ذاهب الى انه مصروف لانتفاء فعلى فلم يكمل فيه شبه الزيادة بالفي التأنيث اذ لم يصدق عليه ان بناء مذكره على غير بناء مؤنثه ومن ذاهب الى انه ممنوع من الصرف لانتفاء فعلانة وهو المختار لانه وان لم يكن له فعلى وجودا فله فعلى تقديرا لأنا لو فرضنا له مؤنثا لكان فعلى اولى به من فعلانة لانه الاكثر والتقدير في حكم الوجود بدليل الاجماع على منع صرف نحو أكمر وآدر مع انه لا مؤنث له وحكي ان من العرب من يصرف لحيان حملوه على ندمان وسيفان على انه لو كان له مؤنث لكان بالتاء

ووصف اصليّ ووزن أفعلا

ممنوع تأنيث بتا كأشهلا

وألغينّ عارض الوصفيّه

كأربع وعارض الاسميّه

فالأدهم القيد لكونه وضع

في الأصل وصفا انصرافه منع

وأجدل وأخيل وأفعى

مصروفة وقد ينلن المنعا

مما يمنع من الصرف ان تكون الكلمة وصفا اصليا على وزن افعل بشرط ان لا تلحقه تاء التانيث نحو اشهل واحمر وافضل من زيد فهذا ونحوه لا ينصرف لانه كما ترى صفة

٢٤٧

على وزن افعل والمؤنث منه على فعلاء او فعلى نحو شهلاء وحمراء والفضلى وليست الوصفية فيه عارضة عروضها في نحو مررت برجل ارنب بمعنى ذليل وانما لم ينصرف ما كان وصفا اصليا على وزن افعل لان فيه فرعية المعنى بكونه صفة وفرعية اللفظ بكونه على وزن الفعل اي وزن الفعل به اولى من قبل ان افعل اوله زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم وما زيادته لمعنى اصل لما زيادته لغير معنى وانما اشترط ان لا تلحقه تاء التأنيث لان ما تلحقه من الصفات كارمل وهو الفقير وأباتر وهو القاطع رحمه وادابر وهو الذي لا يقبل نصحا في قولهم امرأة ارملة واباترة وادابرة ضعيف الشبه بلفظ الفعل المضارع لان تاء التأنيث لا تلحقه بخلاف ما لا مؤنث له كآدر وأكمر وما مؤنثه على غير بناء مذكره كأشهل ومن ذلك احيمر واصيفر فانه لا ينصرف لانه صفة لا تلحقه التاء وهو على وزن الفعل كابيطر واما اربع من قولهم مررت بنسوة اربع فهو احق بالصرف من ارمل لان فيه مع قبول تاء التأنيث كونه عارض الوصفية ولعدم الاعتداد بالعارض لم يؤثر عروض الاسمية فيما اصله الوصفية كقولهم ادهم للقيد فانهم لم يصرفوه وان كان قد خرج الى الاسمية نظرا الى كونه صفة في الاصل واما قولهم اجدل للصقر واخيل للطائر ذي خيلان وأفعى لضرب من الحيات فاكثر العرب يصرفونه لانه مجرد عن الوصفية في اصل الوضع ومنهم من لم يصرفه لانه لاحظ فيه معنى الوصفية وهي في افعى ابعد منه في اجدل واخيل لانهما مأخوذان من الجدل وهو الشدة ومن المخيول وهو الكثير الخيلان واما افعى فلا مادة له في الاشتقاق ولكن ذكره يقارن تصور ايذائها فاشبهت المشتق وجرت مجراه على هذه اللغة ومما استعمل فيه اجدل واخيل غير مصروفين قول الشاعر

كأن العقيليين يوم لقيتهم

فراخ القطا لاقين اجدل بازيا

وقول الآخر

ذريني وعلمي بالامور وشيمني

فما طائري يوما عليك بأخيلا

وكما شذ الاعتداد بعروض الوصفية في اجدل واخيل وافعى كذلك شذ الاعتداد بعروض الاسمية في ابطح فصرفه بعض العرب واللغة المشهورة منعه من الصرف

ومنع عدل مع وصف معتبر

في لفظ مثنى وثلاث وأخر

ووزن مثنى وثلاث كهما

من واحد لأربع فليعلما

٢٤٨

مما يمنع من الصرف اجتماع العدل والوصف وذلك في موضعين احدهما المعدول في العدد والثاني أخر المقابل لآخرين فالمعدول في العدد سماعا موازن فعال من واحد واثنين وثلاثة واربعة وعشرة وموازن مفعل منها ومن خمسة نحو آحاد وموحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورباع ومربع وخماس ومخمس وعشار ومعشر واقل هذه الامثلة استعمالا الثلاثة الاواخر ولذلك لم ينبه عليها انما نبه على ما قبلها بقوله ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لاربع اي الى اربع فعلم ان الالفاظ الاربعة يبنى منها للعدل مثال فعال ومفعل واجاز الكوفيون والزجاج قياسا على ما سمع خماس ومخمس وسداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن وتساع ومتسع ولم يرد ما سمع من ذلك الّا نكرة ولم يقع الّا خبرا كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الليل مثنى مثنى.

او حالا كقوله تعالى. (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ.) او نعتا كقوله تعالى. (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ.) ومثل ذلك عند سيبويه قول الشاعر

ولكنما اهلي بواد انيسه

ذئاب تبغى الناس مثنى وموحد

ولك ان تحمله على معنى بعضها مثنى وبعضها موحد والمانع من صرف الاعداد المذكورة الوصفية والعدل عن واحد واحد واثنين اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة وخمسة خمسة وعشرة عشرة بدليل انها تفيد فائدة التكرار والمراد بالعدل تغيير اللفظ بدون تغيير المعنى ولذلك صرف نحو ضروب وشرّاب ومنحار لانها وان كانت صفات محولة من فاعل فهي غير معدولة لانها انتقلت بالتحويل الى معنى المبالغة والتكثير فان قلت فهلا منع صرف فعيل بمعنى مفعول نحو جريح وذبيح قلت لانه قبل النقل من مفعول كان يقبل معناه الشدة والضعف وبعد النقل الى فعيل لم يصلح الّا حيث يكون معنى الحدث فيه اشد ألا ترى ان من اصيب في انملته بمدية يسمى مجروحا ولا يسمى جريحا فلما كان النقل مخرجا له عما كان يصلح له قبل لم يكن عدلا لانه يتغير اللفظ بتغيير المعنى فلم يستحق المنع من الصرف على انا نمنع ان فعيلا بمعنى مفعول مأخوذ من لفظ المفعول على وجه العدول بل مما اخذ المفعول منه وذهب الزجاج الى ان المانع من الصرف في احاد واخواته العدل في اللفظ والمعنى اما في اللفظ فظاهر واما في المعنى فلكونها تغيرت عن مفهومها في الاصل الى افادة معنى التضعيف وهذا فاسد من وجهين احدهما ان اجاد مثلا لو كان المانع من صرفه عدله عن لفظ واحد وعن معناه الى معنى التضعيف للزم احد الامرين وهو اما منع صرف كل اسم

٢٤٩

مغير عن اصله لتجدد معنى فيه كما بنية المبالغة واسماء الجموع واما ترجيح احد المتساويين على الآخر واللازم منتف باتفاق والثاني ان كل ممنوع من الصرف فلا بد ان يكون فيه فرعية في اللفظ وفرعية في المعنى ومن شرطها ان تكون من غير جهة فرعية اللفظ ليكمل بذلك الشبه بالفعل ولا يتأتى ذلك في احاد الّا ان تكون فرعيته في اللفظ بعدله عن واحد المتضمن معنى التكرار وفي المعنى بلزومه الوصفية وكذا القول في اخواته فاعرفه واما أخر المعدول فهو المقابل لآخرين وهو جمع اخرى انثى آخر لا جمع اخرى بمعنى آخرة كالتي في قوله تعالى. (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ.) فان هذه تجمع على أخر مصروفا لانه غير معدول ذكر ذلك الفراء والفرق بين اخرى واخرى ان التي هي انثى آخر.

لا تدل على انتهاء كما لا يدل عليه مذكرها فلذلك يعطف عليها مثلها من صنف واحد كقولك عندي رجل وآخر وآخر وعندي امرأة واخرى واخرى وليس كذلك أخرى بمعنى آخرة بل تدل على الانتهاء كما يدل عليه مذكرها ولذلك لا يعطف عليها مثلها من صنف واحد واذا عرفت هذا فتقول المانع من صرف أخر المقابل لآخرين الوصفية والعدل اما الوصفية فظاهرة واما العدل فلأنه غيّر عما كان يستحقه من استعماله بلفظ ما للواحد المذكر بدون تغيير معناه وذلك ان آخر من باب افعل التفضيل فحقه ان لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث الّا مع الالف واللام او الاضافة فعدل في تجرده منهما واستعماله لغير الواحد المذكر عن لفظ آخر الى لفظ التثنية والجمع والتأنيث بحسب ما يراد به من المعنى فقيل عندي رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة اخرى ونساء أخر فكل من هذه الامثلة صفة معدولة عن آخر الّا انه لم يظهر اثر الوصفية والعدل الّا في أخر لانه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما بخلاف اخرى فلذلك خص بنسبة اجتماع الوصفية والعدل اليه واحالة منع الصرف عليه وقد ظهر مما ذكرنا ان المانع من صرف أخر كونه صفة معدولة عن آخر مرادا به جمع المؤنث ولو سمي به بقي على منعه من الصرف للعلمية والعدل عن مثال الى مثال

وكن لجمع مشبه مفاعلا

أو المفاعيل بمنع كافلا

وذا اعتلال منه كالجواري

رفعا وجرّا أجره كساري

ولسراويل بهذا الجمع

شبه افتضى عموم المنع

وإن به سمّي أو بما لحق

به فالانصراف منعه يحق

٢٥٠

ما يمنع من الصرف الجمع المشبه مفاعل او مفاعيل في كون اوله حرفا مفتوحا وثالثه الفا غير عوض يليها كسر غير عارض ملفوظ به او مقدر على اول حرفين بعدها كمساجد ودراهم وكواعب ومداري ودواب اصلهما مداري ودوايب او ثلاثة اوسطها ساكن غير منوي به وبما بعده الانفصال كمصابيح ودنانير فان الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية اللفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربية وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية فاستحق المنع من الصرف وانما قلت ان هذا الجمع خارج عن صيغ الآحاد العربية لانك لا تجد مفردا ثالثه الف بعدها حرفان او ثلاثة الّا واوله مضموم كعذافر او الالف عوض عن احدى يائي النسب كيمان وشآم او ما يلي الالف ساكن كعبال جمع عبالة يقال القى عليه عبالته اي ثقله او مفتوح كبراكاء او مضموم كتدارك او عارض الكسر لاجل اعتلال الآخر كتوان وتدان او ثاني الثلاثة محرك كطواعية وكراهية ومن ثم صرف نحو ملائكة وصياقلة او هو والثالث عارضان للنسب منوي بهما الانفصال وضابطه ان لا يسبقا الالف في الوجود سواء كانا مسبوقين بها كرياحي وظفاري او غير منفكين عنها كحواري وهو الناصر وحواليّ وهو المحتال بخلاف نحو قماريّ وبخاتيّ فانه بمنزلة مصابيح وقد ظهر من هذا ان زنة مفاعل ومفاعيل ليست الّا لجمع او منقول من جمع فلذلك اعتبرت فرعيتهما على زنة الآحاد واثرت في منع الصرف ولاختصاص الزنتين بالجمع لم يشبّهوا شيئا مما جاء عليهما بالآحاد ولم يكسروه وان كانوا قد كسروا غيره من ابنية الجموع كاقوال واقاويل واكلب واكاليب وأصل وآصال فان قلت قد ذكرت ان المعتبر في الزنة المانعة كون الالف غير عوض فلم امتنع من الصرف ثمان كما في قول الشاعر

يحدو ثمانيّ مولعا بلقاحها

حتى هممن بربقة الارتاج

قلت لانه شبه بدراهم لكونه جمعا في المعنى وليس هو على النسب حقيقة فكأن الالف فيه غير عوض على انه نادر والمعروف فيه الصرف نحو رأيت ثمانيا على حد يمانيا فان قلت ان كان المانع من صرف مثال مفاعل ومفاعيل عدم النظير في الآحاد فلم صرفوا من الجموع ما جاء على افعل وافعال وافعلة كافلس وافراس واسلحة قلت لان لها نظائر في الآحاد اى امثلة توازنها في الهيئة وعدة الحروف فافعل نظيره في فتح اوله وضم ثالثه تفعل نحو تنصب وتنقل ومفعل نحو مكرم ومهلك وافعال نظيره في فتح

٢٥١

اوله وزيادة الف رابعة تفعال نحو تجوال وتطواف وفاعال نحو ساباط وخاتام وفعلال نحو صلصال وخزعال وافعلة نظيره في فتح اوله وكسر ثالثه وزيادة هاء التأنيث في آخره تفعلة نحو تذكرة وتبصرة ومفعلة نحو محمدة ومعذرة فلما كان لهذه الامثلة نظائر في الآحاد بالمعنى المذكور فارقت باب مفاعل ومفاعيل فلم يلزمها حكمها فصرفت وكسرت نحو اكلب واكاليب وانعام واناعيم وآنية واوان واذ قد عرفت هذا فاعلم ان موازن مفاعل من المعتل الآخر على ضربين احدهما تبدل فيه الكسرة فتحة وما بعدها الفا ويجري مجرى الصحيح فلا ينون بحال وذلك نحو مداري وعذاريّ وصحاري والآخر تقرّ فيه الكسرة ويلزم آخره لفظ الياء فان خلا من الالف واللام والاضافة جرى في الرفع والجر مجرى سار في التنوين وحذف الياء نحو هولاء جوار ومررت بجوار وفي النصب مجرى دراهم في فتح آخره من غير تنوين نحو رأيت جواري وسبب ذلك ان في آخر نحو جوار مزيد ثقل لكونه ياء في آخر اسم لا ينصرف فاذا اعل في الرفع والجر بتقدير اعرابه استثقالا للضمة والفتحة النائبة عن الكسرة على الياء المكسور ما قبلها وخلا ما هي فيه من الالف واللام والاضافة تطرّق اليه التغيير وامكن فيه التخفيف بالحذف مع التعويض فخفف بحذف الياء وعوض عنها بالتنوين لئلا يكون في اللفظ اخلال بصيغة الجمع ولم يخفف في النصب لعدم تطرق التغيير ولا مع الالف واللام والاضافة لعدم التمكن من التعويض وذهب الاخفش الى ان الياء لما حذفت تخفيفا بقي الاسم في اللفظ كجناح وزالت صيغة منتهى الجموع فدخله تنوين الصرف ويرد عليه ان المحذوف في قوة الموجود والّا كان آخر ما بقي حرف اعراب واللازم كما لا يخفى منتف وذهب الزجاج الى ان التنوين عوض من ذهاب الحركة على الياء وان الياء محذوفة لالتقاء الساكنين وهو ضعيف لانه لو صح التعويض عن حركة الياء لكان التعويض عن حركة الالف في نحو عيسى وموسى اولى لانها لا تظهر فيه بحال واللازم منتف فالملزوم كذلك وذهب المبرد الى ان فيما لا ينصرف تنوينا مقدّرا بدليل الرجوع اليه في الشعر فحكموا له في جوار ونحوه بحكم الموجود وحذفوا الياء لاجله في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين ثم عوضوا عما حذف بالتنوين الظاهر وهو بعيد لان الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير ولا يحسن ارتكاب مثله قوله ولسراويل بهذا الجمع البيت يعني ان سراويل اسم مفرد اعجمي جاء على مثال مفاعيل فشبهوه به ومنعوه من الصرف وجها واحدا خلافا لمن زعم ان فيه وجهين

٢٥٢

الصرف ومنعه والى التنبيه على هذا الخلاف اشار بقوله شبه اقتضى عموم المنع اي عموم منع الصرف في جميع الاستعمال خلافا لمن زعم غير ذلك ومن النحويين من زعم ان سراويل جمع سروالة سمي به المفرد وانشد

عليه من اللوم سروالة

فليس يرق لمستعطف

وقيل هو مصنوع على العرب لا حجة فيه قوله وان به سمي البيت يعني ان ما سمي به من مثال مفاعل او مفاعيل فحقه منع الصرف سواء كان منقولا عن جمع محقق كمساجد اسم رجل او مقدر كشراحيل والعلة في منع صرفه ما فيه من الصيغة مع اصالة الجمعية او قيام العلمية مقامها فلو طرأ تنكيره انصرف على مقتضى التعليل الثاني دون الاول

والعلم امنع صرفه مركّبا

تركيب مزج نحو معدي كربا

لما فرغ من ذكر ما لا ينصرف في النكرة اخذ في بيان ذكر ما لا ينصرف في المعرفة فمن ذلك العلم المركب تركيب المزج نحو بعلبك وحضرموت ومعدي كرب فانه لا ينصرف لاجتماع فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بالتركيب والمراد بتركيب المزج ان يجعل الاسمان اسما واحدا لا باضافة ولا باسناد بل بتنزيل عجزه من الصدر منزلة تاء التأنيث ولذلك التزم فيه فتح آخر الصدر الّا اذا كان معتملّا فانه يسكن نحو معدي كرب لان ثقل التركيب اشد من ثقل التأنيث فناسب ان يخص بمزيد التخفيف فسكنوا ما كان منه معتلا وان كان نظيره من المؤنث يفتح نحو رامية وغازية وقد يضاف صدر المركب الى عجزه فيعربان يعرب صدره بما يقتضيه العامل ويعرب عجزه بالجرّ للاضافة فان كان فيه مع العلمية سبب من اسباب منع الصرف كالعجمة في هرمز من رام هرمز امتنع من الصرف والّا كان مصروفا كقولك هذه حضرموت ورأيت حضرموت ومررت بحضرموت وهذا معدي كرب ورأيت معدي كرب ومررت بمعدي كرب ومن العرب من يقول هذا معدي كرب يمنعه من الصرف لانه عنده مؤنث

كذاك حاوي زائدي فعلانا

كغطفان وكأصبهانا

كل علم في آخره الف ونون مزيدتان على اي وزن كان فانه لا ينصرف للتعريف والزيادتين المضارعتين لألفي التأنيث وذلك نحو مروان وعثمان وغطفان واصبهان

٢٥٣

كذا مؤنّث بهاء مطلقا

وشرط منع العار كونه ارتقى

فوق الثّلاث أو كجور أو سقر

أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر

وجهان في العادم تذكيرا سبق

وعجمة كهند والمنع أحق

مما يمنع من الصرف اجتماع العلمية والتأنيث بالتاء لفظا او تقديرا اما لفظا فنحو طلحة وحمزة وانما لم يصرفوه لوجود العلمية في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه فان العلم المؤنث لا تفارقه العلامة فالتاء فيه بمنزلة الالف في نحو حبلى وصحراء فأثرت في منع الصرف بخلاف التاء في الصفة واما تقديرا ففي المؤنث المسمى في الحال كسعاد وزينب او في الاصل كعناق اسم رجل اقاموا في ذلك كله تقدير العلامة مقام ظهورها ثم العلم المؤنث المعين على ضربين احدهما يتحتم فيه منع الصرف وهو ما كان زائدا على ثلاثه احرف كسعاد نزّل الحرف الرابع منه منزلة هاء التأنيث او ثلاثيا متحرك الوسط كسقر لانه اقيم فيه حركة الوسط مقام الحرف الرابع او ثلاثيا ساكن الوسط وهو اعجمي كماه وجور في اسمي بلدتين او مذكر الاصل كزيد اسم امرأة لانه حصل له بنقله من التذكير الى التأنيث ثقل عادل خفة اللفظ وعند عيسى ابن عمر والجرمي والمبرد ان المذكر الاصل ذو وجهين الضرب الثاني يجوز فيه الصرف وتركه وهو الثلاثي المسكن الوسط غير اعجمي ولا مذكر الاصل كهند ودعد فمن صرفه نظر الى خفة اللفظ وانها قد قاومت احد السببين ومن لم يصرفه وهو المختار نظر الى وجود السببين بالجملة وهما العلمية والتأنيث وحكى السيرافي عن الزجاج وجوب صرفه

والعجميّ الوضع والتّعريف مع

زيد على الثّلاث صرفه امتنع

مما لا ينصرف ما فيه فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بكونه من الاوضاع العجمية لكن بشرطين احدهما ان يكون عجمي العلمية نحو ابراهيم واسماعيل فلو كان عربي العلمية كلجام اسم رجل انصرف لانه قد تصرف فيه بنقله عما وضعته العجم له فألحق بالامثلة العربية الثاني ان يكون زائدا على ثلاثة احرف فلو كان ثلاثيا ضعف فيه فرعية اللفظ بمجيئه على اصل ما تبنى عليه الآحاد العربية وصرف نحو نوح ولوط ولا فرق في ذلك بين الساكن الوسط والمتحرك ومنهم من زعم ان الثلاثي الساكن الوسط ذو وجهين والمتحرك الوسط متحتم المنع وهو رأي لا معول عليه لان استعمال العرب بخلافه ولأن

٢٥٤

العجمة اضعف من التأنيث لانها متوهمة والتأنيث ملفوظ به غالبا فلا يلزمها حكمه

كذاك ذو وزن يخصّ الفعلا

أو غالب كأحمد ويعلى

مما يمنع الصرف اجتماع العلمية ووزن الفعل الخاص به او الغالب فيه بشرط كونه لازما غير مغير الى مثال هو للاسم وذلك نحو احمد ويعلى ويزيد ويشكر والمراد بالوزن الخاص بالفعل ما لا يوجد دون ندور في غير فعل او علم او اعجمي فالنادر نحو دئل لدويبة وينجلب لخرزة وتبشر لطائر والعلم نحو خضّم لرجل وشمّر لفرس والاعجمي نحو بقّم وإستبرق فلا يمنع وجدان هذه الامثلة اختصاص اوزانها بالفعل لان النادر والاعجمي لا حكم لهما ولان العلم منقول من فعل فالاختصاص فيه باق والمراد بالوزن الغالب ما كان الفعل به اولى اما لكثرته فيه كاثمد وأصبع وأبلم فان اوزانها ثقل في الاسم وتكثر في الامر من الثلاثي واما لان اوله زيادة تدل على معنى في الفعل ولا تدل على معنى في الاسم كأفكل واكلب فان نظائرهما تكثر في الاسماء والافعال لكن الهمزة في افعل وافعل تدل على معنى في الفعل ولا تدل على معنى في الاسم وما هي فيه دالة على معنى اصل لما لم تدل فيه على معنى واشترط في وزن الفعل كونه لازما لأن نحو امرء لو سمي به انصرف لان عينه تتبع حركة لامه فهو وان لم يخرج بذلك عن وزن الفعل مخالف له في الاستعمال اذ الفعل لا اتباع فيه فلم يعتبر في امرء الموازنة ولم يجز فيه الّا الصرف واشترط ايضا كون الوزن غير مغير الى مثال هو للاسم لأن نحو ردّ وقيل او سمي بهما انصرفا لانهما وان كان اصلهما ردد وقول قد خرجا بالاعلال والادغام الى مشابهة برد وعلم فلم يعتبر فيهما الوزن الاصلي والتغيير العارض عند سيبويه كاللازم فلو سميت بضرب مخفف ضرب او بيعقر مضموم الياء اتباعا انصرف عنده ولم ينصرف عند المبرد لأن التغيير العارض عنده بمنزلة المفقود ولو سميت رجلا بألبب لم تصرفه لانه لم يخرج بالفك الى وزن ليس للفعل وحكى ابو عثمان عن ابي الحسن صرفه لانه باين الفعل بالفك ومتى سميت بفعل اوله همزة وصل قطعتها في التسمية بخلاف ما اذا سميت باسم اوله همزة وصل نحو اغتراب واقتراب واعتلاء فانك تبقي وصلها بعد التسمية لان المنقول من فعل قد بعد عن اصله فيلحق بنظائره من الاسماء ويحكم فيه بقطع الهمزة كما هو القياس في الاسماء والمنقول من اسم لم يبعد عن اصله فلم يستحق الخروج عما هو له ولا يعتبر مع العلمية وزن الفعل حتى

٢٥٥

يكون خاصا به او غالبا فيه كما سبق ولذلك لو سميت بضارب امرا من ضارب يضارب صرفته لانه على وزن الاسم به اولى لانه فيه اكثر وكذا لو سميت بنحو ضرب ودحرج صرفته وكان عيسى بن عمر لا يصرف المنقول من فعل تمسكا بنحو قول الشاعر

انا ابن جلا وطلّاع الثنايا

متى اضع العمامة تعرفوني

ولا حجة فيه لانه محمول على ارادة انا ابن رجل جلا الامور وجرّبها فجلا جملة من فعل وفاعل فهو محكي لا ممنوع من الصرف والذي يدل على صحة ذلك اجماع العرب على صرف كعسب اسم رجل مع انه منقول من كعسب اذا اسرع والله اعلم

وما يصير علما من ذي ألف

زيدت لإلحاق فليس ينصرف

الف الالحاق على ضربين مقصورة كعلقى او ممدودة كعلباء فما فيه الف الالحاق الممدودة لا يمنع من الصرف سواء كان علما لمذكر او غير علم وما فيه الف الالحاق المقصورة اذا سمي به امتنع من الصرف للعلمية وشبه الفه بالف التأنيث في الزيادة والموافقة لمثال ما هي فيه فان علقى على وزن سكرى وعزهى على وزن ذكرى وشبه الشيء بالشيء كثيرا ما يلحقه به كحاميم اسم رجل فانه عند سيبويه ممنوع الصرف لشبهه بهابيل في الوزن والامتناع من الالف واللام وكحمدون فيما يراه ابو علي من انه لا ينصرف للتعريف والعجمة يعني شبه العجمة لمجيئه بالزيادة التي لا تكون للآحاد العربية فلما اشبه الاعجمي عومل معاملته

والعلم امنع صرفه إن عدلا

كفعل التّوكيد أو كثعلا

والعدل والتّعريف مانعا سحر

إذا به التّعيين قصدا يعتبر

يمنع من الصرف اجتماع التعريف والعدل في ثلاثة اشياء احدها علم المذكر المعدول عن وزن فاعل الى فعل الثاني جمع المؤكد لجمع المؤنث وتوابعه الثالث سحر المراد به معين وامس في لغة بني تميم اما علم المذكر فنحو عمر وزفر وزحل فهذا لا ينصرف لما فيه من العلمية والعدل عن عامر وزافر وزاحل ولو لا ما فيه من العدل لكان مصروفا كأدد وطريق العلم بعدل نحو عمر سماعه غير مصروف خاليا من سائر الموانع فيحكم عليه بالعدل لئلّا يلزم ترتيب الحكم على غير سبب واما جمع فكقولك مررت بالهندات كلهنّ جمع فلا ينصرف للتعريف والعدل اما التعريف فلانه مضاف في المعنى الى ضمير المؤكد وقد استغني بنية الاضافة عن ظهورها وصار جمع كالعلم في

٢٥٦

كونه معرفة بغير قرينة لفظية واثر تعريفه في منع الصرف كما تؤثر العلمية واما العدل فلانه مغير عن صيغته الاصلية وهي جمعاوات لان جمعاء مؤنث اجمع فكما جمع المذكر بالواو والنون كذلك كان حق مؤنثه ان يجمع بالالف والتاء فلما جاؤا به على فعل علم انه معدول عما هو القياس فيه وهو جمعاوات وقيل هو معدول عن جمع على وزن فعل وقيل هو معدول عن جماعي والصحيح ما قدمنا ذكره لان فعلاء لا يجمع على فعل الا اذا كان مؤنثا لا فعل صفة كحمراء وصفراء ولا على فعالي الّا اذا كان اسما محضا لا مذكر له كصحراء وجمعاء ليس كذلك ومثل جمع في منع الصرف للتعريف والعدل ما يتبعه من كتع وبصع وبتع واما سحر فاذا اريد به سحر يوم بعينه عرف بالاضافة والالف واللام كقولك طاب سحر الليلة وقمت عند السحر ولا يعرّى وهو معرفة عن احدهما الّا اذا كان ظرفا فيجوز حينئذ تجريده ممنوع الصرف كقولك خرجت يوم الجمعة سحر وكان الاصل فيه ان يذكر معرفا بالالف واللام فعدل عن اللفظ بالالف واللام وقصد به التعريف فمنع من الصرف وزعم صدر الافاضل ان سحر المذكور مبني على الفتح لتضمنه معنى حرف التعريف وهو باطل لوجوه احدها انه لو كان مبنيا لكان غير الفتح به اولى لانه في موضع نصب فيجب اجتناب الفتح فيه لئلا يوهم الاعراب كما اجتنب في قبل وبعد والمنادى المفرد المعرفة الثاني ان سحر لو كان مبنيا لكان جائز الاعراب جواز اعراب حين في قوله

على حين عاتبت المشيب على الصبا

وقلت ألما أصح والشيب وازع

لتساويهما في ضعف السبب المقتضي للبناء لكونه عارضا الثالث ان دعوى منع الصرف اسهل من دعوى البناء لانه ابعد عن الاصل ودعوى الاسهل ارجح من دعوى غير الاسهل واذا ثبت ان سحر غير مبني ثبت انه غير متضمن معنى حرف التعريف وانما هو معدول عما فيه حرف التعريف ممنوع بذلك من الصرف والفرق بين التضمين والعدل ان التضمين استعمال الكلمة في معناها الاصلي مزيدا عليه معنى آخر والعدل تغيير صيغة اللفظ مع بقاء معناه فسحر المذكور عندنا مغير عن لفظ السحر من غير تغيير لمعناه وعند صدر الافاضل وارد على صيغته الاصلية ومعناها مزيدا عليه تضمن معنى حرف التعريف وهو باطل بما قدمنا ذكره ولو نكر سحر انصرف كقوله تعالى.

(نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا.) واما امس فاذا اريد به اليوم الذي قبل يومك الذي انت فيه فبنوا تميم يعربونه ويمنعونه من الصرف للتعريف والعدل عما فيه الالف

٢٥٧

واللام وذلك في حال الرفع خاصة فيقولون ذهب امس بما فيه وفي النصب والجرّ يبنونه على الكسر وبعضهم يعربه مطلقا ويمنعه من الصرف وعلى ذلك قول الراجز

لقد رأيت عجبا مذ أمسا

عجائزا مثل السعالي خمسا

وغير بني تميم يبنونه على الكسر في الاعراب كله لانه عندهم متضمن معنى الالف واللام ولا خلاف في اعرابه اذا اضيف او اقترن بحرف التعريف او نكر او صغر او كسر وكل معدول سمي به فعدله باق الّا سحر وامس عند بني تميم فان عدلهما يزول بالتسمية وليس في اللفظ تغيير يشعر بالنقل عن معدول فينصرفان بخلاف غيرهما من المعدولات فان في لفظه ما يشعر بعد التسمية به انه منقول من معدول فيمنع من الصرف للتعريف والعدل ولا فرق في ذلك عند سيبويه بين العدد وغيره وذهب الاخفش وابو علي وابن برهان الى صرف العدد المعدول اذا سمي به

وابن على الكسر فعال علما

مؤنّثا وهو نظير جشما

عند تميم واصرفن ما نكرا

من كلّ ما التّعريف فيه اثّرا

ما كان على فعال علما لمؤنث فللعرب فيه مذهبان فاهل الحجاز يبنونه على الكسر لشبهه بنزال في التعريف والتأنيث والعدل والزنة وبنو تميم يعربون منه ما ليس آخره راء كحذام وقطام ورقاش ولا يصرفونه للعدل والتعريف فيقولون هذه حذام ورأيت حذام ومررت بحذام والى هذا اشار بقوله وهو نظير جشما عند تميم واماما آخره راء نحو ظفار ووبار وسفار اسم ماء وحضار اسم كوكب فيوافق فيه التميميون اهل الحجاز غالبا فيقولون هذه ظفار ورأيت ظفار ومررت بظفار وقد يجريه بعضهم مجرى حذام كما في قوله

ألم تروا ارما وعادا

أودى بها الليل والنهار

ومرّ دهر على وبار

فهلكت جهرة وبار

وقوله واصرفن ما نكرا من كل ما التعريف فيه أثرا يعني ان ما كان منع صرفه موقوفا على التعريف اذا نكر انصرف لذهاب جزء السبب وذلك فيما المانع من صرفه التعريف مع التأنيث بالهاء لفظا او تقديرا او مع العجمة او العدل في فعل او وزن الفعل في غير باب احمر او مع التركيب او زيادة الالف والنون او الف الالحاق تقول ربّ طلحة وسعاد وابراهيم وعمر ويزيد وعمران وأرطى لقيتهم فتصرف لذهاب

٢٥٨

الموجب لمنع الصرف وما سوى ما ذكر مما لا ينصرف وهو معرفة نحو ما فيه العلمية مع وزن الفعل في باب احمر او مع صيغة منتهى الجموع او مع العدل في أخر واسماء العدد فانه اذا نكر بقي على منع الصرف لانه كان قبل التعريف ممنوعا من الصرف فاذا طرأ عليه التنكير اشبه الحال التي كان عليها قبل التعريف فلو سميت رجلا باحمر لم تصرفه للعلمية ووزن الفعل فلو نكرته لم تصرفه ايضا لاصالة الوصفية ووزن الفعل وكذا لو سميت بافضل منك فلو سميت بافضل بغير من ثم نكرته صرفته لانه لا يشبه الحال التي كان عليها اذا كان صفة وذهب الاخفش في حواشيه على الكتاب الى صرف نحو احمر بعد التنكير ورجع عنه في كتابه الاوسط وذهب ايضا الى صرف نحو شراحيل بعد التنكير واحتج عليه بمنع صرف نحو سراويل مع انه مفرد نكرة

وما يكون منه منقوصا ففي

إعرابه نهج جوار يقتفي

المنقوص مما نظيره من الصحيح غير مصروف ان لم يكن علما فلا خلاف انه يجري مجرى قاض في الرفع والجرّ ومجرى دراهم في النصب تقول هذا أعيم ومررت بأعيم ورأيت أعيمي كما تقول هولاء جوار ومررت بجوار ورأيت جواري وان كان علما فهو كذلك تقول في قاض اسم امرأة هذه قاض ومررت بقاض ورأيت قاضي وذهب يونس وعيسى بن عمر والكسائي الى ان نحو قاض اسم امرأة يجري مجرى الصحيح في ترك تنوينه وجره بفتحة ظاهرة فيقولون هذه قاضي ورأيت قاضي ومررت بقاضي واحتجوا بنحو قول الشاعر

قد عجبت مني ومن يعيلها

لما رأتني خلقا مقلوليا

وهو عند الخليل وسيبويه محمول على الضرورة

ولاضطرار أو تناسب صرف

ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف

صرف الاسم المستحق لمنع الصرف جائز في الضرورة بلا خلاف ومنع صرف المستحق للصرف مختلف في جوازه في الضرورة فاجاز ذلك الكوفيون والاخفش وابو علي ومنعه غيرهم والحاكم في ذلك استعمال العرب قال الكميت

يرى الراؤن بالشفرات منها

وقود ابي حباحبّ والظبينا

وقال الاخطل

طلب الأزارق بالكتائب اذ هوت

بشبيب غائلة النفوس غدور

٢٥٩

وقال ذو الاصبع

وممن ولدوا عام

ر ذو الطول وذو العرض

وقال الآخر

فما كان حصن ولا حابس

يفوقان مرداس في مجمع

وقال الآخر

وقائلة ما بال دوسر بعدنا

صحا قلبه عن آل ليلى وعن هند

وانشد ثعلب

أؤمل أن اعيش وان يومي

بأوّل أو بأهون أو جبار

أو التالي دبار فان أفنه

فموءنس أو عروبة أو شيار

ويجوز ان يصرف ما لا يستحق الصرف للتناسب كقراءة نافع والكسائي قوله تعالى.

سلاسل وقواريرا. وكقراءة الاعمش قوله تعالى. ولا يغوثا ويعوقا. فصرفهما ليناسبا قوله تعالى. (وَدًّا) و (سُواعاً) و (نَسْراً.)

(اعراب الفعل)

إرفع مضارعا إذا يجرّد

من ناصب وجازم كتسعد

قد تقدم في باب الاعراب ان المعرب من الافعال هو المضارع الذي لم يباشره نون التوكيد ولا نون الاناث فاغنى ذلك عن تقييد الفعل المعرب هنا بخلوه عن سبب البناء فلذلك اطلق العبارة وقال ارفع مضارعا اذا يجرد من ناصب وجازم كتسعد يعنى انه يجب رفع المضارع المعرب اذا لم يدخل عليه ناصب ولا جازم كقولك انت تسعد والرافع له اذ ذاك اما وقوعه موقع الاسم وهو قول البصريين واما تجريده من الناصب والجازم وهو قول الكوفيين وهو الصحيح لان قول البصريين رافع المضارع وقوعه موقع الاسم لا يخلو اما ان يريدوا به ان رافع المضارع وقوعه موقعا هو للاسم بالاصالة سواء جاز وقوع الاسم فيه كما في نحو يقوم زيد او منع منه الاستعمال كما في نحو جعل زيد بفعل واما ان يريدوا به ان رافع المضارع وقوعه موقعا هو للاسم مطلقا فان ارادوا الاول فهو باطل برفع المضارع بعد لو وحروف التحضيض لانه موقع ليس للاسم بالاصالة وان ارادوا الثاني فهو باطل ايضا لعدم رفع المضارع بعد ان الشرطية لانه موضع صالح للاسم بالجملة كما في نحو قوله تعالى. (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

٢٦٠