شرح ألفيّة ابن مالك

ابن ناظم

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

ابن ناظم


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: مطبعة القديس جاورجيوس
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٥

في مصدر المعتلّ عينا والفعل

منه صحيح غالبا نحو الحول

وذلك نحو صام صياما وانقاد انقيادا والاصل صوام وانقواد ولكنه لما اعتلت الواو في الفعل استثقل بقاؤها في المصدر بعد الكسرة وقبل حرف يشبه الياء فاعتلت حملا للمصدر على فعله بقلبها ياء ليصير العمل في اللفظ من وجه واحد الّا فيما شذ من قولهم نار نوارا بمعنى نفر فلو صحت الواو في الفعل لم يؤثر كونها بين الكسرة والالف نحو لاوذ لواذا وجاور جوارا وكذا لو لم تكن قبل الالف لان العمل حينئذ مع التصحيح يكون اقل وذلك نحو حال حولا وعاد المريض عودا

وجمع ذي عين أعلّ أو سكن

فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عن

تقول اينما عرض كون الواو مكسورا ما قبلها وهي عين جمع اعتلت في واحده او سكنت فيه وجب قلبها ياء وليس ذلك على اطلاقه بل وجوب القلب فيه مشروط بوقوع الالف بعد الواو وذلك نحو ديار وثياب اصلهما دوار وثواب ولكن قلبت الواو في الجمع ياء لانكسار ما قبلها ومجيء الالف بعدها مع كونها في الواحد اما معتلة كدار او شبيهة بالمعتل في كونها حرف لين ساكنا ميتا كثوب وهذا الشرط المذكور في وجوب القلب يدل عليه مساق قوله

وصحّحوا فعلة وفي فعل

وجهان والإعلال أولى كالحيل

لانه تضمن بيان ما لا يعلّ وما يجوز فيه الوجهان من كل واو مكسور ما قبلها وهي عين لجمع اعتلت في واحده او سكنت ففهم انه يجب الاعلال فيما سكت عن ذكره وهو فعال فاما فعلة فالزموا عينه التصحيح نحو عود وعودة وكوز وكوزة لانه لما عدمت الالف قل عمل اللسان فخفف النطق بالواو بعد الكسرة فصحت ولم يجز اعتلالها الّا فيما شذ من قول بعضهم ثيرة لانه انضم الى عدم الالف تحصين الواو ببعدها عن الطرف بسبب تاء التأنيث واما فعل فجاء فيه التصحيح كحاجة وحوج نظرا الى عدم الالف والاعلال ايضا كقامة وقيم وحيلة وحيل وديمة وديم نظرا الى انها بقربها من الطرف قد ضعفت وثقل فيها التصحيح فاعلت غالبا

والواو لاما بعد فتح يا انقلب

كالمعطيان يرضيان ووجب

إبدال واو بعد ضمّ من ألف

ويا كموقن بذا لها اعترف

٣٤١

تبدل الواو ياءان تطرفت رابعة فصاعدا وانفتح ما قبلها لان ما هي فيه اذ ذاك لا يعدم نظيرا يستحق الاعلال فيحمل هو عليه وذلك نحو اعطيت اصله اعطوت لانه من عطا يعطو بمعنى اخذ فلما دخلت عليه همزة النقل صارت الواو رابعة فقلبت ياء حملا للماضي على مضارعه كما حمل اسم المفعول من نحو معطيان على اسم الفاعل وكذا يرضيان اصله يرضوان لانه من الرضوان ولكن قلبت واوه بعد الفتحة ياء حملا لبناء المفعول على بناء الفاعل قوله ووجب ابدال واو بعد ضم من الف مثاله بويع وضورب وقوله ويا كموقن بذا لها اعترف يعني انه يجب ابدال الياء واوا ان كانت ساكنة مفردة بعد ضمة وذلك نحو موقن وموسر اصلهما ميقن وميسر لانهما من ايقن وايسر ولو تحركت الياء قويت على الصحة ولم تعل غالبا نحو هيام وقولي غالبا احترازا مما يأتي ذكره وكذلك لو تحصنت الياء بالتضعيف كحيض

ويكسر المضموم في جمع كما

يقال هيم عند جمع أهيما

اذا اقتضى القياس في جمع وقوع الياء الساكنة المفردة بعد ضمة لم تخفف بابدال الياء واوا بل بتحويل الضمة قبلها كسرة لان الجمع اثقل من الواحد فكان احق بمزيد التخفيف فعدل عن ابدال عينه حرفا ثقيلا وهو الواو الى ابدال الضمة كسرة وذلك نحو هيماء وهيم وبيضاء وبيض لانهما نظير حمراء وحمر

وواوا اثر الضّمّ ردّ اليا متى

ألفي لام فعل او من قبل تا

كتاء بان من رمى كمقدره

كذا إذا كسبعان صيّره

تبدل الياء المتحركة بعد الضمة واوا ان كانت لام فعل كنهو الرجل اصله نهى الرجل لقولهم في المصدر منه نهية ونحو قضو الرجل بمعنى ما اقضاه او كانت لام اسم مبني على التأنيث بالتاء كمرموة مثال مقدرة من رمى فلو كانت التاء عارضة ابدلت الضمة كسرة وسلمت الياء كما يجب ذلك مع التجريد وذلك نحو توانى توانيا اصله توانيا لانه نظير تدارك ولكن خفف بابدال ضمته كسرة لانه ليس في الاسماء المتمكنة ما آخره واو قبلها ضمة لازمة واذا لحقته التاء للدلالة على المرة قلت توانية لانها عارضة فلا اعتداد بها قوله كذا اذا كسبعان صيره اي كذلك يجب ابدال الياء بعد الضمة واوا فيما صيره الباني له على مثال سبعان وهو اسم مكان وذلك نحو رموان اصله رميان لانه من

٣٤٢

رميت ولكن قلبت الياء واوا وسلمت الضمة قبلها لان الالف والنون لا يكونان اضعف حالا من التاء اللازمة في التحصين من التطرف

وإن تكن عينا لفعلى وصفا

فذاك بالوجهين عنهم يلفى

يعني اذا كانت الياء المضموم ما قبلها عينا لفعلى وصفا جاز تبديل الضمة كسرة وتصحيح الياء وابقاء الضمة وابدال الياء واوا كقولهم في انثى الاكيس والاضيق الكيسى والضيقى والكوسى والضوقى ترديدا بين حمله على مذكره تارة وبين رعاية الزنة اخرى وقوله وصفا احترازا من نحو طوبى بمعنى الطيبة

(فصل)

من لام فعلى اسما أتى الواو بدل

ياء كتقوى غالبا جا ذا البدل

تبدل غالبا الواو من الياء الكائنة لاما لفعلى اسما فرقا بينه وبين الصفة وذلك نحو تقوى اصله تقيا لانه من تقيت ولكنهم قلبوا الياء واوا ليفرقوا بينه وبين صديا وخزيا من الصفات وخصوا الاسم بالاعلال لانه اخف من الصفة فكان احمل للثقل ومثل تقوى الشروى بمعنى المثل والفتوى والبقوى والثنوى بمعنى الفتيا والبقيا والثنيا وقوله غالبا احترازا من نحو قولهم للرائحة ريا ولولد البقرة الوحشية طغيا ولمكان يعينه سعيا

بالعكس جاء لام فعلى وصفا

وكون قصوى نادرا لا يخفى

يقول اذا كانت الواو لاما لفعلى وصفا ابدلت ياء نحو الدنيا والعليا وشذ قول اهل الحجاز القصوى فان كان فعلى اسما سلمت الواو كحزوى

(فصل)

إن يسكن السّابق من واو ويا

واتّصلا ومن عروض عريا

فياء الواو اقلبنّ مدغما

وشذّ معطى غير ما قد رسما

اذا التقى في كلمة واو وياء وسكن سابقهما سكونا اصليا توصل الى تخفيفه بابدال الواو ياء وادغام الياء في الياء وذلك نحو سيد ومرميّ اصلهما سيود ومرموي لانهما فيعل من ساد يسود ومفعول من رميت ولو عرض التقاء الياء والواو في كلمتين لم يؤثر نحو

٣٤٣

يعطي وأعد كما لا يؤثر عروض السكون في نحو قوي وروية مخففي قوي ورؤية فان كان التقاءهما في كلمة واحدة والسكون غير عارض وجب الابدال الّا في مصغر ما يكسّر على مثال مفاعل فيجوز فيه الوجهان نحو جدول اذا صغرته فانه يجوز فيه جديّل على القياس وجديول حملا على جداول وتقول في اسود صفة أسيد لا غير لانه لم يجمع على اساود قوله وشذ معطى غير ما قد رسما الشاذ من هذا النوع على ثلاثة اضرب احدها ما شذ فيه الابدال لانه لم يستوف شروطه كقراءة من قرأ قوله تعالى.

(إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ.) الثاني ما شذ فيه التصحيح كقولهم للسنور ضيون وعوى الكلب عوية ويوم أيوم والثالث ما شذ فيه ابدال الياء واوا وادغام الواو في الواو نحو عوي الكلب عوة ونهوّ عن المنكر

من ياء او واو بتحريك أصل

ألفا ابدل بعد فتح متّصل

إن حرّك التّالي وإن سكّن كف

إعلال غير اللّام وهي لا يكف

إعلالها بساكن غير ألف

أو ياء التّشديد فيها قد ألف

الاشارة بهذه الابيات الى انه يجب ابدال الالف من كل ياء او واو محركة بحركة اصلية ان وليت فتحة ولم يسكن ما بعدها غير الف ولا ياء مشددة بعد اللام وذلك نحو باع وقال ورمى ودعا اصلها بيع وقول ورمي ودعو لانها من البيع والقول والرمي والدعوة فلو كانت الحركة عارضة لم تبدل ما هي عليه نحو جيل وتوم مخففي جيئل وتوأم ولو سكن ما بعد الياء او الواو وجب تصحيحها ان لم تكن لاما نحو بيان وطويل وخورنق فان كانت لاما اعلمت ما لم يكن الساكن بعدها الفا او ياء مشددة كرميا وفتيان وعلوي ومقتوي وهو الخادم وذلك نحو يخشون ويمحون اصلهما يخشيون ويمحوون فقلبت الواو والياء الفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما فالتقى ساكنان فحذفت الالف لالتقاء الساكنين ولو بنيت مثل ملكوت من رمى لقلت فيه رموت على هذا القياس

وصحّ عين فعل وفعلا

ذا أفعل كأغيد وأحولا

التزم التصحيح في عين فعل مما اسم فاعله على افعل نحو هيف فهو اهيف وحول فهو احول مع ان سبب الابدال فيه موجود لان فعل من هذا النحو يختص بالالوان والخلق

٣٤٤

فهو موافق في المعنى لافعل نحو احولّ واعورّ واصيدّ البعير واعين فحمل عليه في التصحيح وحمل المصدر على فعله فقيل هيف هيفا وحول حولا وعور عورا وعين عينا

وإن يبن تفاعل من افتعل

والعين واو سلمت ولم تعل

حق افتعل المعتل العين ان تبدل عينه الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وعدم المانع من الابدال وذلك نحو اعتاد وارتاب فان ابان معنى تفاعل وهو الاشتراك في الفاعلية والمفعولية حمل عليه في التصحيح ان كان من ذوات الواو نحو اجتوروا واشتوروا فان كان من ذوات الياء وجب اعلاله نحو ابتاعوا واستافوا اذا تضاربوا بالسيوف لأن الياء اشبه بالالف من الواو فكانت احق بالاعلال منها

وإن لحرفين ذا الاعلال استحق

صحّح أوّل وعكس قد يحق

يعني اذا اجتمع في كلمة حرفا علة وكل منهما متحرك مفتوح ما قبله فلا بد من اعلال احدهما وتصحيح الآخر لئلّا يتوالى اعلالان والأحق بالاعلال منهما هو الثاني وذلك نحو الحيا والهوى والحوى مصدر حوي اذا اسودّ الاصل فيها حيي لقولهم في التثنية حييان وهوي لقولهم هويت من المكان وحوو لانه من الحوّة لقولهم حواء في انثى الأحوى فوجب فيها سبب اعلال العين واللام ولم يمكن العمل بمقتضاه فيهما جميعا فعمل به في اللام وحدها اذ كانت طرفا والطرف محل التغيير فهو احق به وتحصنت العين بكونها حشوا فسلمت وكذا يفعل بكل ما جاء من هذا الباب الّا ما شذ من نحو غاية اصلها غيبة فأعلت منها العين وصحت اللام لانها هنا تحصنت بهاء التأنيث والعين قد سبقت بمقتضى الاعلال ومثل غاية في ذاك طاية وهو السطح والدكان ايضا وثاية وهي حجارة صغار يضعها الراعي عند متاعه فيثوي عندها

وعين ما آخره قد زيد ما

يخصّ الاسم واجب أن يسلما

يمتنع من قلب الواو والياء الفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما كونهما عينا فيما آخره زيادة تخص الاسماء لانه بتلك الزيادة يبعد شبهه بما هو الاصل في الاعلال وهو الفعل فيصحح لذلك نحو جولان وهيمان وصورى وحيدي ولا يجيء شيء منه معلّا الّا ما شذ من نحو ماهان وداران واما نحو حوكة وخونة فتصحيحه شاذ شذوذ روح وعيب وعفوة لان تاء التأنيث غير مختصة بالاسماء

٣٤٥

وقبل با اقلب ميما النّون إذا

كان مسكّنا كمن بتّ انبذا

في النطق بالنون الساكنة قبل الباء عمر لاختلاف مخرجهما مع منافرة لين النون وغنتها لشدة الباء فاذا وقعت النون ساكنة قبل الباء قلبت ميما لانها من مخرج الباء وكالنون في الغنة والمنفصلة في ذلك كالمتصلة وقد جمع مثاليهما في قوله من بتّ انبذا اي من قطعك فالقه عن بالك واطرحه والالف في انبذا بدل من نون التوكيد الخفيفة

(فصل)

لساكن صحّ انقل التّحريك من

ذي لين آت عين فعل كأبن

ما لم يكن فعل تعجّب ولا

كابيضّ أو أهوى بلام علّلا

اذا كان عين الفعل واوا او ياء وكان ما قبلهما ساكنا صحيحا استثقلت الحركة على العين ووجب نقلها الى الساكن قبلها كقولك يبين ويقول اصلهما يبين ويقول فنقلت منهما حركة العين الى الفاء فصارا يبين ويقول ثم ان خالفت العين الحركة المنقولة ابدلت من مجانسها نحو ابان واعان اصلهما ابين واعون قد خلهما النقل والقلب فصارا ابان واعان ولو كان الساكن قبل العين معتلّا. فلا نقل نحو بايع وعوّق وبيّن وكذا لو كان صحيحا والفعل فعل تعجب او من المضاعف او المعتل اللام فالتعجب نحو ما ابين الشيء واقومه وأبين به وأقوم حملوه في التصحيح على نظيره من الاسماء في الوزن والدلالة على المزية وهو افعل التفضيل واما المضاعف فنحو ابيض واسود ولم يعلوا هذا النحو لئلّا يلتبس بفاعل واما المعتل اللام فنحو أهوى ولا يدخله النقل لئلّا يتوالى اعلالان

ومثل فعل في ذا الاعلال اسم

ضاهى مضارعا وفيه وسم

يشارك الفعل في وجوب الاعلال بالنقل المذكور كل اسم اشبه المضارع في زيادته لا وزنه او في وزنه لا زيادته فالاول كتبيع وهو مثال تحلى من البيع والثاني كمقام فانه اشبهه في الزيادة والوزن فان كان في الاصل فعلا اعلّ نحو يزيد والاوجب تصحيحه ليمتاز عن الفعل كابيضّ واسودّ

ومفعل صحّح كالمفعال

وألف الإفعال واستفعال

٣٤٦

أزل لذا الإعلال والتّا الزم عوض

وحذفها بالنّقل ربّما عرض

المفعال كمسواك ومخياط لاحظ له في الاعلال المذكور لمخالفته الفعل في الوزن والزيادة واما مفعل كمخيط فكان حقه ان يعل لانه على وزن تعلم وزيادته خاصة بالاسماء ولكنه حمل على مفعال لشبهه به لفظا ومعنى في التصحيح قوله والف الافعال واستفعال ازل لذا الاعلال والتا الزم عوض يعني اذا كان المستحق للنقل المذكور مصدرا على وزن افعال واستفعال حمل على فعله فنقلت حركة عينه الى فائه وردت الى مجانستها فالتقى الفان فحذفت الثانية لالتقاء الساكنين ثم عوّض عنها تاء التأنيث وذلك نحو إقامة واستقامة اصلهما اقوام واستقوام ثم فعل بهما ما ذكر قوله وحذفها بالنقل ربما عرض يعني انه ربما حذفت التاء المعوّض بها كقول بعضهم اراه اراء واجابه اجابا حكاه الاخفش ويكثر ذلك مع الاضافة كقوله تعالى. (وَأَقامَ الصَّلاةَ.) فهذا على حد قول الشاعر

وأخلفوك عدا الامر الذي وعدوا

وما لإفعال من النّقل ومن

حذف فمفعول به أيضا قمن

نحو مبيع ومصون وندر

تصحيح ذي الواو وفي ذي اليا اشتهر

اذا بني مثال مفعول من فعل ثلاثي معتل العين نقلت حركتها وحذفت المدة التي بعدها كما يفعل بافعال واستفعال فيقال مبيع ومصون اصلهما مبيوع ومصوون فدخلهما الاعلال المذكور فصارا مبيعا ومصونا كما ترى وكان حق مبيع ان يقال فيه مبوع الّا انهم كرهوا انقلاب يائه واوا فابدلوا الضمة قبلها كسرة فسلمت من الابدال وبعض العرب يصحح مفعولا من ذوات الواو فيقولون ثوب مصوون وفرس مقوود وهو قليل واما مفعول من ذوات الياء فبنو تميم يصححونه فيقولون مبيوع ومخيوط قال الشاعر

وكأنها تفاحة مطيوبة

وقال الآخر

حتى تذكر بيضات وهيجه

يوم رذاذ عليه الدجن مغيوم

وقال الآخر

قد كان قومك يحسبونك سيدا

واخال انك سيد معيون

٣٤٧

وصحّح المفعول من نحو عدا

وأعلل ان لم تتحرّ الأجودا

لا يختلف الحال في بناء وزن مفعول مما لامه ياء فانه يسلك به قياس مثله في الابدال والادغام وتحويل الضمة كسرة وذلك قولك مرميّ ومحميّ اما بناؤه مما لامه واو فيجوز فيه الاعلال نظرا الى تطرف الواو بعد اكثر من حرفين والتصحيح ايضا نظرا الى تحصن الطرف بالادغام فيه وذلك نحو معديّ ومعدو فمن قال معديّ اعل حملا على فعل المفعول ومن قال معدوّ صحح حملا على فعل الفاعل والتصحيح هو المختار الّا فيما كان الفعل منه على فعل كرضي فانه بالعكس لان الفعل اذ ذاك في بنائه للفاعل او للمفعول قد ابدلت الواو فيه ياء وحمل اسم المفعول على فعله في الاعلال أولى من التصحيح قال الله تعالى. (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً.) وقال بعضهم مرضوة وهو قليل

كذاك ذا وجهين جا الفعول من

ذي الواو لام جمع او فرد يعنّ

اذا كان فعول مما لامه واو جمعا فاكثر ما يجيء معتلا وذلك نحو عصا وعصي وقفا وقفي ودلو ودليّ وقد يصحح نحو اب وابو ونحو ونحوّ ونجو ونجو والنحو السحاب الذي هراق ماؤه وان كان فعول المذكور مفردا فاكثر ما يجيء مصححا نحو علا علوا ونما نموّا وقد يعلّ نحو عتا الشيخ عتيا اي كبر وقسا قسيا اي قسوة

وشاع نحو نيّم في نوّم

ونحو نيّام شذوذه نمي

يجوز في فعل مما عينه واو التصحيح على الاصل كنائم ونوم وصائم وصوم والاعلال ايضا هربا من الامثال كنيم وصيم فان جاء بالالف كفعال وجب تصحيحه لان الالف باعدت العين من الطرف وقد شذ الاعلال في قول الشاعر

ألا طرقتنا مية ابنة منذر

وما ارّق النيّام الّا كلامها

واليه الاشارة بقوله ونحو نيام شذوذه نمي اي روي

(فصل)

ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا

وشذّ في ذي الهمز نحو ايتكلا

اذا كان فاء الافتعال وفروعه واوا او ياء وجب ابدالها تاء لعسر النطق بحرف اللين

٣٤٨

الساكن مع التاء لما بينهما من مقاربة المخرج ومنافاة الوصف وذلك نحو اتصل فهو متصل واتسر فهو

متسر هذا هو الغالب في كلام العرب وقوم من اهل الحجاز يتركون هذا الابدال ويقولون ايتصل فهو موتصل وايتسر فهو موتسر وما اصله الهمزة من هذا القبيل فقياسه ان لا تبدل تاء وذلك نحو ايتكل ايتيكالا الاصل ائتكل ائتكالا لانه افتعل من الاكل ففاء الكلمة همزة ولكنها خففت بابدالها حرف لين لاجتماعها مع الهمزة التي قبلها ولا يجوز ابدال ذلك اللين تاء الّا ما شذ من قول بعضهم اتزر اي لبس الازار والى هذا اشارة بقوله نحو ايتكلا ولا يريد انه يقال في افتعل من الاكل اتكل

طاتا افتعال ردّ إثر مطبق

في ادّان وازدد وادّكر دالا بقي

يجب ابدال تاء الافتعال وفروعه طاء بعد احد حروف الاطباق وهي الصاد والضاد والطاء والظاء وذلك نحو اصطبر واضطرم واطعنوا واظلموا الاصل اصتبر واضترم واطتعنوا واظتلموا لانها افتعل من صبر وضرم وطعن وظلم ولكن استثقل اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من مقاربة المخرج ومباينة الوصف اذ التاء من حروف الهمس والمطبق من حروف الاستعلاء فابدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء وتبدل ايضا تاء الافتعال وفروعه دالا بعد الدال او الزاي او الذال كما اذا بنيت مثل افتعل من دان وزاد وذكر فانك تقول فيه ادّان وازداد وادّكر الاصل ادتان وازتاد واذتكر فاستثقل مجيء التاء بعد هذه الاحرف فابدلت دالا ثم ادغمت فيها الذال في نحو ادكر وقد تبدل ذالا بعد الذال وتدغم فيها كقول بعضهم اذكر

(فصل)

فا أمر او مضارع من كوعد

إحذف وفي كعدة ذاك اطّرد

اذا كان الفعل على فعل مما فاؤه واو كوعد ووصل فانه يلزم كسر العين في المضارع تحقيقا كبعد او تقديرا كيهب ويجب حذف الواو استثقالا لوقوعها ساكنة بين ياء مفتوحة وكسرة لازمة وحمل على ذي الياء اخواته من اعد ونعد وتعد والامر ايضا لموافقته المضارع في لفظه نحو عد والمصدر على فعلة كعدة وزنة اصلهما وعد ووزن على مثال فعل ثم حمل المصدر على الفعل فحذفت فاؤه وعوض عنها تاء التأنيث فصار عدة وزنة ولو كان فعلة غير مصدر كان حذف الواو شاذا كقولهم للفضة رقة

٣٤٩

وللارض الموحشة حشة وللترب لدة وتقول في مثل يقطين من وعد يوعيد لان التصحيح اولى بالاسماء من الاعلال

وحذف همز أفعل استمرّ في

مضارع وبنيتي متّصف

حق افعل ان يجيء مضارعه يأفعل بزيادة حرف المضارعة على احرف الماضي كما يجيء غيره من الامثلة نحو ضارب يضارب وتعلّم يتعلّم الّا انه لما كان من حروف المضارعة همزة المتكلم حذفت همزة افعل معها لئلّا يجتمع همزتان في كلمة واحدة وحمل على ذي الهمزة اخواته واسم الفاعل واسم المفعول والى ذا الاشارة بقوله وبنيتي متصف وذلك نحو اكرم ونكرم ويكرم وتكرم ويكرم ومكرم ومكرم ولا يجوز استعمال الاصل الّا في ضرورة قليلة كما قال الشاعر

فانه اهل لأن يؤكرما

ظلت وظلت في ظللت استعملا

وقرن في اقررن وقرن نقلا

كل فعل مضاعف على فعل فانه يستعمل في اسناده الى تاء الضمير ونونه على ثلاثة اوجه تاما كظللت ومحذوف اللام مع نقل حركة العين الى الفاء كظلت ودون نقلها كظلت وقوله وقرن في اقررن يعني انه استعمل التخفيف في اقررن فقيل قرن والضابط في هذا النحو ان المضارع على يفعل اذا كان مضاعفا سكن الآخر لاتصاله بنون الاناث فجاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها الى الفاء وكذلك الامر منه تقول في يقررن يقرن وفي اقررن قرن قوله وقرن نقلا اشارة الى قراءة نافع وعاصم قوله تعالى.

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ.) اصله اقررن من قولهم قرّ في المكان يقرّ بمعنى يقرّ حكاه ابن القطاع ثم خفف بالحذف بعد نقل الحركة وهو نادر لأن هذا التخفيف انما هو للمكسور العين

(الادغام)

أوّل مثلين محرّكين في

كلمة ادغم لا كمثل صفف

وذلل وكلل ولبب

ولا كجسّس ولا كاخصص ابي

ولا كهيلل وشذّ في ألل

ونحوه فكّ بنقل فقبل

يدغم اول المثلين اذا تحركا في كلمة واحدة ولم يصدر او لم يكن ما هما فيه اسما على فعل

٣٥٠

او فعل او فعل او فعل ولم يتصل اول المثلين بمدغم ولم يعرض تحرك ثانيهما ولم يكن ما هما فيه ملحقا بغيره وذلك نحو ردّ وضنّ ولبّ اصلها ردد وضنن ولبب فلو كان المثلان مصدّرين كددن وتتنزل فلا ادغام لتعذر الابتداء بالساكن وكذلك اذا كان الاسم على فعل كصفف ودرر او فعل كذلل وجدد او فعل ككلل ولمم او فعل كطلل ولبب فانه يتعذر فيه الادغام لخفة فعل واختصاص غيره بالاسماء وكذلك اذا اتصل اول المثلين بمدغم كجسس جمع جاس او تحرك ثانيهما بحركة عارضة كقولك اخصص ابي بنقل حركة الهمزة الى الصاد او كان ما هما فيه ملحقا بغيره سواء كان احد المثلين هو الملحق او غيره فالاول نحو قردد ومهدد والثاني كهيلل اذا اكثر من قول لا اله الّا الله فهذا وامثاله لا سبيل الى ادغامه لادائه الى ذهاب مثال الملحق به قوله وشذ في ألل يعني وشذ الفك وترك الادغام في اشياء تحفظ ولا يقاس عليها نحو ألل السقاء اذا تغيرت رائحته ودبب الانسان اذا نبت في وجنتيه الشعر وصكك الفرس اذا اصطك عرقوباه وضبب البلد اذا كثر ضبابه ولححت عينه اذا التصعت بالرمص

وحيي افكك وادّغم دون حذر

كذاك نحو تتجلّى واستتر

لما ذكر الضابط في ادغام المثلين المتحركين من كلمة واحدة شرع الآن في ذكر ما يجوز فيه الادغام والفك من ذلك ليعلم ما يجب فيه الادغام منه فمما يجوز فيه الوجهان ما المثلان منه يا آن لازما التحريك نحو حيي وعيي فمن ادغم قال حيّ وعيّ نظرا الى انهما مثلان متحركان في كلمة حركة لازمة بخلاف نحو لن يحيى فان حركة ثاني المثلين منه عارضة بصدد ان تزول بزوال الناصب ومن فك نظر الى ان اجتماع المثلين في باب حيي كالعارض لكونه مختصا بالماضي دون المضارع والامر بخلاف نظيره من الصحيح نحو ردّ وعدّ ولا يعتدّ بالعارض غالبا ومما يجوز فيه ايضا الوجهان كل ما فيه تا آن مثل تائي تتجلى فقياسه الفك لتصدر المثلين ومنهم من يدغم فيسكن اوله ويدخل عليه همزة الوصل فيقول اتجلى واما نحو استتر فقياسه الفك ايضا لبناء ما قبل المثلين على السكون ويجوز فيه الادغام بعد نقل حركة اول المثلين الى الساكن نحو ستر يستر ستارا

وما بتاءين ابتدي قد يقتصر

فيه على تا كتبيّن العبر

يعني انه قد يقال في نحو تتعلم تعلم وفي تتنزل تنزل وفي تتبين تبين هربا اما من توالى

٣٥١

مثلين متحركين واما من ادغام يحوج الى زيادة الف الوصل وهذا التخفيف يكثر في التاء جدا وقد جاء منه شيء في النون كقراءة بعضهم قوله تعالى. (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ.)

بالنصب على تقدير وننزل الملئكة ومنه على الاظهر قوله تعالى. وكذلك نجي المؤمنين. في قراءة ابن عامر وعاصم اصله (نُنْجِي) ولذلك سكن آخره

وفكّ حيث مدغم فيه سكن

لكونه بمضمر الرّفع اقترن

نحو حللت ما حللته وفي

جزم وشبه الجزم تخيير قفي

اذا سكن آخر الفعل المدغم فيه لاتصاله بضمير الرفع وجب الفك نحو حللت وحللنا والهندات حللن وقوله وفي جزم وشبه الجزم تخيير قفي يعني انه يجوز في نحو يحلّ اذا دخل عليه جازم الفك نحو لم يحلل والادغام نحو لم يحلّ والفك لغة اهل الحجاز وبها جاء التنزيل نحو قوله تعالى. (مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ.) وقوله تعالى. (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي.) وقوله تعالى. (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ.) وقوله تعالى. (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ.)

والادغام لغة بني تميم وعليها قوله تعالى. (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ.) في سورة الحشر وقوله تعالى. (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ.) في سورة المائدة على قراءة ابن كثير وابي عمرو والكوفيين والمراد بشبه الجزم سكون الامر نحو احلل وان شئت قلت حل لان حكم الامر ابدا حكم المضارع المجزوم

وفكّ أفعل في التّعجب التزم

والتزم الإدغام أيضا في هلم

لما فرغ من الكلام على المجزوم والامر شرع في بيان حكم افعل التعجب وانه مفكوك ابدا بخلاف غيره من امثلة الامر وذلك نحو احبب الى زيد بعمرو واشدد بياض وجه زيد وكما التزم في هذا النوع الفك كذلك التزم في هلم الادغام فلم يقل فيه هلمم هذا آخر ما تضمنته هذه الارجوزة من علم احكام النحو ولذلك لما انتهى اليه لم يعقبه باكثر من قوله

وما بجمعه عنيت قد كمل

نظما على جلّ المهمّات اشتمل

احصى من الكافية الخلاصه

كما اقتضى غنى بلا خصاصه

فأحمد الله مصلّيا على

محمّد خير نبيّ أرسلا

٣٥٢

وآله الغرّ الكرام البرره

وصحبه المنتخبين الخيره

فما علم بانه قد انتهى غرضه من هذا النظم وانه قد اشتمل على اعظم المهمات من علم العربية ثم ختم الكلام بحمد الله تعالى وبالصلاة على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى آله واصحابه الطيبين الطاهرين صلاة دائمة الى يوم الدين امين والحمد لله رب العالمين

تم بحمد الله تعالى وحسن توفيقه طبع هذا الكتاب الذي هو الدرة اليتيمة في بابه مصححا بقلم الفقير الى الله الغني محمد بن سليم اللبابيدي البيروتي خدمة للطالبين بلغه الله في الدارين آماله ووفق لما يرضيه اعماله فالحمد لله العظيم حمدا دائما وله الشكر والنعمة على آلائه والصلاة والسّلام على خاتم انبيائه سيدنا محمد الشفيع المعظم وعلى آله وصحبه وسلّم

في ١١ شوال سنة ١٣١٢

٣٥٣

فهرس كتاب شرح الفية ابن مالك لابن الناظم

صحيفة

صحيفة

٣

الكلام وما يتألف منه

١٠٦

 المفعول له

٦

المعرب والمبني

١٠٧

 المفعول فيه ويسمى ظرفا

٢٠

 النكرة والمعرفة

١١٠

 المفعول معه

٢٧

 العلم

١١٣

 الاستثناء

٢٩

 اسم الاشارة

١٢٣

 الحال

٣١

 الموصول

١٣٦

 التمييز

٣٨

 المعرّف باداة التعريف

١٣٩

 حروف الجرّ

٤٠

 الابتدأ

١٤٦

 الإضافة

٥٠

 كان واخواتها

١٥٩

 المضاف الى ياء المتكلم

٥٦

 فصل في ما ولا ولات وان المشبهات بليس

١٦٠

 اعمال المصدر

٥٨

 افعال المقاربة

١٦٢

 اعمال اسم الفاعل

٦١

 إنّ واخواتها

١٦٦

 ابنية المصادر

٧٠

 لا التي لنفي الجنس

١٧٠

 ابنية اسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة بها

٧٤

 ظنّ واخواتها

١٧٢

 الصفة المشبهة باسم الفاعل

٨٠

 أعلم وأرى

١٧٦

 التعجب

٨٢

 الفاعل

١٨١

 نعم وبئس وما جرى مجراهما

٨٨

 النائب عن الفاعل

١٨٦

 افعل التفضيل

٩١

 اشتغال العامل عن المعمول

١٩١

 النعت

٩٤

 تعدي الفعل ولزومه

١٩٦

 التوكيد

٩٨

 التنازع في العمل

٢٠١

 العطف

١٠١

 المفعول المطلق

٢٠٣

 عطف النسق

٣٥٤

تابع فهرس شرح الفية ابن مالك لابن الناظم

٢١٥

 البدل

٢٩١

 فصل

٢١٩

 النداء

٢٩٢

 الحكاية

٢٢٣

 فصل تابع ذي الضم المضاف الخ

٢٩٤

 التانيث

٢٢٥

 المنادى المضاف الى ياء المتكلم

٢٩٧

 المقصور والممدود

٢٢٦

 اسماء لازمت النداء

٢٩٩

 كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا

٢٢٧

 الاستغاثة

٣٠٢

 جمع التكسير

٢٢٨

 الندبة

٣١٠

 التصغير

٢٣٠

 الترخيم

٣١٤

 النسب

٢٣٤

 الاختصاص

٣٢٠

 الوقف

٢٣٥

 التحذير والاغراء

٣٢٤

 الإمالة

٢٣٦

 اسماء الافعال والاصوات

٣٢٧

 التصريف

٢٣٩

 نونا التوكيد

٣٣٤

 فصل في زيادة همزة الوصل

٢٤٤

 ما لا ينصرف

٣٣٥

 الابدال

٢٦٠

 اعراب الفعل

٣٤٣

 فصل من لام فعلى الخ

٢٧٠

 عوامل الجزم

٣٤٣

 فصل ان يسكن السابق الخ

٢٧٦

 فصل لو

٣٤٦

 فصل لساكن صح الخ

٢٧٩

 اما ولو لا ولو ما

٣٤٨

 فصل ذو اللين الخ

٢٨١

 الاخبار بالذي والالف واللام

٣٤٩

 فصل في الاعلال بالحذف الخ

٢٨٤

 العدد

٣٥٠

 الادغام

٢٩٠

 كم وكأين وكذا

 

٣٥٥