شرح ألفيّة ابن مالك

ابن ناظم

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

ابن ناظم


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: مطبعة القديس جاورجيوس
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٥

فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً.) ومثله قول الشاعر

بضرب بالسيوف رؤس قوم

ازلنا هامهنّ عن المقيل

واعمال المصدر مضافا اكثر ومنونا اقيس وقد يعمل مع الالف واللام كقول الشاعر

ضعيف النكاية اعداءه

يخال الفرار يراخي الأجل

وقول الآخر

لقد علمت أولى المغيرة انني

كررت فلم انكل عن الضرب مسمعا

اراد عن ان اضرب مسمعا يعني رجلا وقد عدّ من هذا قوله تعالى. (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ.) وقد اشار الى الاوجه الثلاثة في اعمال المصدر على الترتيب بقوله مضافا او مجردا او مع أل اي مجردا من الاضافة والالف واللام وهو المنون وقوله ولاسم مصدر عمل بتنكير عمل لقصد التقليل اشارة الى ان اسم المصدر قد يعطى حكم المصدر فيعمل عمل فعله كقول الشاعر

اكفرا بعد رد الموت عني

وبعد عطائك المائة الرتاعا

ومنه قول عائشة رضي‌الله‌عنها من قبلة الرجل امرأته الوضوء وليس ذلك بمطّرد في اسم المصدر ولا فاش فيه

وبعد جرّه الّذي أضيف له

كمّل بنصب أو برفع عمله

قد تقدم ان المصدر يعمل مضافا وغير مضاف فاذا كان مضافا جاز ان يضاف الى الفاعل فيجره ثم ينصب المفعول نحو بلغني تطليق زيد امرأته وان يضاف الى المفعول فيجره ثم يرفع الفاعل نحو بلغني تطليق هند زيد ونحوه قول الشاعر

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة

نفي الدراهيم تنقاد الصياريف

وزعم بعضهم انه مختص بالضرورة وليس كذلك بدليل قوله تعالى. (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً.) وانما هو قليل ولا تكثر اضافة المصدر الى المفعول الّا اذا حذف الفاعل كما في قوله تعالى. (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ.)

وجرّ ما يتبع ما جرّ ومن

راعى في الاتباع المحلّ فحسن

المضاف اليه المصدر ان كان فاعلا فهو مجرور اللفظ مرفوع المحل وان كان مفعولا فهو مجرور اللفظ منصوب المحل ان كان مقدرا بأن وفعل الفاعل او مرفوع المحل ان كان مقدرا بان وفعل ما لم يسمّ فاعله فاذا اتبعت المضاف اليه المصدر فلك في التابع

١٦١

الجرّ حملا على اللفظ والرفع او النصب حملا على المحل تقول عجبت من ضرب زيد الظريف بالجرّ وان شئت قلت الظريف كما قال الشاعر

حتى تهجر في الرواح وهاجها

طلب المعقّب حقه المظلوم

فرفع المظلوم على الاتباع لمحل المعقب وقال الآخر

السالك الثغرة اليقظان سالكها

مشيّ الهلوك عليها الخيعل الفضل

الفضل اللابسة ثوب الخلوة وهو نعت للهلوك على الموضع لانها فاعل المشي وتقول عجبت من اكل الخبز واللحم واللحم فالجرّ على اللفظ والنصب على محل المفعول كما قال الشاعر

قد كنت داينت بها حسّانا

مخافة الافلاس والليانا

ولو قلت عجبت من اكل الخبز واللحم جاز على معنى من ان اكل الخبز واللحم واعلم ان المصدر قد يعمل عمل الفعل وان لم يكن في تقدير الفعل مع الحرف المصدري وذلك اذا كان بدلا من اللفظ بالفعل كقول القائل

يمرّون بالدهنا خفافا عيابهم

ويخرجن من دارين بجر الحقائب

على حين الهى الناس جلّ امورهم

فندلا زريق المال ندل الثعالب

فجعل ندلا بدلا من اندل فلذلك يقال انه متحمل ضمير الفاعل وناصب للمفعول به وان لم يكن مقدرا بان والفعل لانه لما صار بدلا من اللفظ بالفعل قام مقامه وعمل عمله

(اعمال اسم الفاعل)

كفعله اسم فاعل في العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل

وولي استفهاما او حرف ندا

أو نفيا او جا صفة أو مسندا

المراد باسم الفاعل ما دل على حدث وفاعله جاريا مجرى الفعل في افادة الحدوث والصلاحية للاستعمال بمعنى الماضي والحال والاستقبال فخرج بقولي وفاعله اسم المفعول وجاريا مجرى الفعل في افادة الحدوث افعل التفضيل كافضل من زيد والصفة المشبهة باسم الفاعل كحسن وظريف فانهما لا يفيدان الحدوث ومن ثم لم يكونا لغير الحال على ما ستقف عليه في موضعه ولا يجىء اسم الفاعل الّا جاريا على مضارعه في حركاته وسكناته كضارب ومكرم ومستخرج ويعمل عمل فعله مجردا ومع الالف واللام

١٦٢

فاذا كان مجردا عمل بمعنى الحال او الاستقبال لشبهه حينئذ بالفعل الذي بمعناه لفظا ومعنى ولا يعمل بمعنى المضي لانه لم يشبه لفظه لفظ الفعل الذي بمعناه والغالب ان اسم الفاعل المجرد من الالف واللام لا يعمل حتى يعتمد على استفهام نحو اضارب اخوك زيدا او نفي نحو ما مكرم ابوك عمرا او يجيء صفة سواء كان نعتا لنكرة نحو مررت برجل راكب فرسا او حالا لمعرفة نحو جاء زيد طالبا ادبا او يجيء مسندا نحو زيد ضارب ابوه رجلا ويدخل في المسند خبر المبتدأ وخبر كان وان والمفعول الثاني في باب ظنّ وقوله او حرف ندا مثاله يا طالعا جبلا والمسوغ لاعمال طالعا هنا هو اعتماده على موصوف محذوف تقديره يا رجلا طالعا جبلا وليس المسوغ الاعتماد على حرف النداء لانه ليس كالاستفهام والنفي في التقريب من الفعل لان النداء من خواص الاسماء

وقد يكون نعت محذوف عرف

فيستحق العمل الّذي وصف

يعني ان اسم الفاعل قد يعمل عمل فعله لاعتماده على موصوف مقدر كما يعمل لاعتماده على موصوف مظهر قال الله تعالى. (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ.)

فعمل مختلف لاعتماده على موصوف محذوف تقديره ومن الناس والدواب والانعام صنف مختلف الوانه ومثله قول الاعشى

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها واوهى قرنه الوعل

وقول عمر بن ابي ربيعة

وكم ما ليء عينيه من شيء غيره

اذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى

ومنه يا طالعا جبلا ويا حسنا وجهه كما ذكرنا

وإن يكن صلة أل ففي المضي

وغيره إعماله قد ارتضي

لما فرغ من ذكر اعمال اسم الفاعل مجردا شرع في ذكر اعماله مع الالف واللام فبين انه اذا كان صلة الالف واللام قبل العمل بمعنى الماضي والحال والاستقبال باتفاق تقول هذا الضارب ابوه زيدا امس فتعمل ضاربا وهو بمعنى المضي لانه لما كان صلة للموصول واغنى بمرفوعه عن الجملة الفعلية اشبه الفعل معنى واستعمالا فاعطي حكمه في العمل كما اعطي حكمه في صحة عطف الفعل عليه كما في قوله تعالى. (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً.) وقوله تعالى. (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً.)

١٦٣

واعلم ان اعمال اسم الفاعل مع الالف واللام ماضيا كان او حاضرا او مستقبلا جائز مرضي عند جميع النحويين

فعّال او مفعال او فعول

في كثرة عن فاعل بديل

فيستحقّ ما له من عمل

وفي فعيل قلّ ذا وفعل

كثيرا ما يبني اسم الفاعل لقصد المبالغة والتكثير على فعّال كعلّام او فعول كغفور او مفعال كمنحار فيستحق ما لاسم الفاعل من العمل لانه نائب عنه ويفيد ما يفيده مكررا حكى سيبويه اما العسل فانا شرّاب وانه لمنحار بوائكها وانشد

اخا الحرب لباسا اليها جلالها

وليس بولّاج الخوالف اعقلا

وقال الراعي

عشية سعدى لو تراءت لعابد

بدومة تجر عنده وحجيج

فلا دينه واهتاج للشوق انها

على الشوق اخوان العزاء هيوج

فنصب اخوان العزاء بهيوج لان اسم الفاعل وما في معناه يعمل مؤخرا كما يعمل مقدما وقوله وفي فعيل قل ذا وفعل يعني انه قد يبنى اسم الفاعل لقصد المبالغة على فعيل او فعل فيعمل كما يعمل فعال وذلك قليل ومنه قول بعضهم ان الله سميع دعاء من دعاه وقول الشاعر

فتاتان اما منهما فشبيهة

هلالا والاخرى منهما تشبه البدرا

وانشد سيبويه على اعمال فعل

حذر امورا لا تضير وآمن

ما ليس منجيه من الاقدار

ومثله قول زيد الخير

اتاني انهم مزقون عرضي

حجاش الكرملين لها فديد

فاعمل مزقا وهو فعل عدل به للمبغالة عن مازق

وما سوى المفرد مثله جعل

في الحكم والشّروط حيثما عمل

ما سوى المفرد وهو المثنى والمجموع يحكم لهما في الاعمال بما يحكم للمفرد ويشترط لهما ما اشترط ثمّ ومن اعمال الجمع قول طرفة

ثم زادوا انهم في قومهم

غفر ذنبهم غير فخر

فاعمل غفر وهو جمع غفور وقول الآخر

١٦٤

أو الفا مكة من ورق الحمى

وقول الآخر

ممن حملن به وهنّ عواقد

حبك النطاق فشبّ غير مهبل

ولو صغر اسم الفاعل او نعت بطل عمله الّا عند الكسائي فانه اجاز اعمال المصغر واعمال المنعوت وحكي عن بعض العرب اظنني مرتحلا وسويرا فرسخا واجاز انا زيدا ضارب ايّ ضارب ومما يحتج به الكسائي في اعمال الموصوف قول الشاعر

اذا فاقد خطباء فرخين رجّعت

ذكرت سليمى في الخليط المزايل

وانصب بذي الإعمال تلوا واخفض

وهو لنصب ما سواه مقتضي

اذا كان اسم الفاعل بمعنى الحال او الاستقبال واعتمد على ما ذكر جاز ان ينصب المفعول الذي يليه وان يجره بالاضافة تخفيفا فان اقتضى مفعولا آخر تعين نصبه كقولك انت كاسي خالد ثوبا ومعلم العلاء زيدا رشيدا الآن او غدا وقد يفهم من قوله وانصب بذي الاعمال انّ ما لا يعمل اذا اتصل بالمفعول لا يجوز نصبه فيتعين جره بالاضافة هذا بالنسبة الى المفعول الاول واما غيره فلا بد من نصبه تقول هذا معطي زيد امس درهما وهذا ظان زيد امس منطلقا فتنصب درهما ومنطلقا باضمار فعل لانك لا تقدر على الاضافة واجاز السيرافي نصبه باسم الفاعل الماضي لانه اكتسب بالاضافة الى الاول شبها بمصحوب الالف واللام وبالمنوّن وعندي ان المصحح لنصب اسم الفاعل بمعنى المضي لغير المفعول الاول هو اقتضاء اسم الفاعل اياه فلا بد من عمله فيه قياسا على غيره من المقتضيات ولا يجوز ان يعمل فيه الجرّ لان الاضافة الى الاول تمنع الاضافة الى الثاني فوجب نصبه لمكان الضرورة

واجرر أو انصب تابع الّذي انخفض

كمبتغي جاه ومالا من نهض

اذا اتبع المجرور باضافة اسم الفاعل اليه فالوجه جرّ التابع على اللفظ نحو هذا ضارب زيد وعمرو ويجوز فيه النصب فان كان اسم الفاعل صالحا للعمل كان نصب التابع على وجهين على محل المضاف اليه او على اضمار فعل وذلك نحو مبتغي جاه ومالا من نهض فتنصب مالا بالعطف على محل جاه او باضمار يبتغي ومثل هذا المثال قول الشاعر

هل انت باعث دينار لحاجتنا

او عبد ربّ اخاعون ابن مخراق

١٦٥

وان كان اسم الفاعل غير صالح للعمل كان نصب التابع على اضمار الفعل لا غير وذلك نحو قوله تعالى. (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً.)

التقدير جعل الشمس والقمر حسبانا هذا اذا لم يرد بجاعل الليل حكاية الحال

وكلّ ما قرّر لاسم فاعل

يعطى اسم مفعول بلا تفاضل

فهو كفعل صيغ للمفعول في

معناه كالمعطى كفافا يكتفي

قد تقرر لاسم الفاعل انه يجوز ان يعمل عمل فعله اذا كان معه الالف واللام مطلقا واذا كان مجردا منهما بشرط ان يكون للحال او الاستقبال وهو معتمد على استفهام او نفي او ذي خبر او ذي نعت او حال وكذلك اسم المفعول يجوز ان يعمل عمل فعله بالشروط المذكورة فيرفع المفعول لقيامه مقام الفاعل تقول زيد مضروب ابوه فترفع الاب باسم المفعول كما ترفعه بالفعل اذا قلت زيد ضرب ابوه والمراد باسم المفعول ما دل على حدث وواقع عليه وبناؤه من الثلاثي على وزن مفعول ومن غيره بزيادة ميم في اوله وصوغه على مثال المضارع الذي لم يسمّ فاعله نحو مكرم ومستخرج واذا كان اسم المفعول من متعد الى اثنين او ثلاثة رفع واحدا منها ونصب ما سواه نحو هذا معطى ابوه درهما ونحوه قوله المعطى كفافا يكتفي فالالف واللام مبتدأ ويكتفي خبره واسم المفعول صلة الالف واللام والمفعول الاول ضمير عائد على الموصول واستتر لقيامه مقام الفاعل وكفافا مفعول ثان وتقول هذا معلم اخوه بشرا فاضلا تقيم الاخ مقام الفاعل وتنصب الآخرين

وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع

معنى كمحمود المقاصد الورع

يصح في اسم المفعول ان يضاف الى مرفوعه معنى اذا ازيلت النسبة اليه تقول زيد مضروب عبده ترفع العبد لاسناد مضروب اليه وتقول زيد مضروب العبد بالاضافة فتجرّ لانك اسندت اسم المفعول الى ضمير زيد فبقي العبد فضلة فان شئت نصبته على التشبيه بالمفعول به فقلت زيد مضروب العبد وان شئت خففت اللفظ فقلت مضروب العبد ومثله محمود المقاصد الورع اي الورع محمود المقاصد

(ابنية المصادر)

فعل قياس مصدر المعدّى

من ذي ثلاثة كردّ ردّا

١٦٦

ابنية مصادر الفعل الثلاثي كثيرة وانما ذكر منها في هذا المختصر الأهم فمنها فعل وهو مقيس في مصدر الفعل الثلاثي المتعدي نحو رد الشيء ردّا واكل اللحم اكلا وقتل قتلا ولثمه لثما وفهمه ومنها فعل وهو المشار اليه بقوله

وفعل اللّازم بابه فعل

كفرح وكجوى وكشلل

يعني انه اطرد فعل في مصدر فعل اللازم نحو فرح فرحا وجوي جوى وشلت يده تشل شللا ومنها فعول وهو المذكور في قوله

وفعل اللّازم مثل قعدا

له فعول باطّراد كغدا

ما لم يكن مستوجبا فعالا

أو فعلانا فادر أو فعالا

يعني انه يطرد فعول في فعل اللازم ما لم يكن لاباء او تقلب او داء او صوت او سير وهو المستوجب لاحد الاوزان المذكورة وذلك نحو قعد قعودا وبكر بكورا وغدا غدوا

فأوّل لذي امتناع كأبى

والثّان للّذي اقتضى تقلّبا

للدّا فعال أو لصوت وشمل

سيرا وصوتا الفعيل كصهل

المراد بالاول فعال وهو لما دل على امتناع او اباء نحو أبى اباء وشرد شرادا ونفر نفارا والمراد بالثاني فعلان وهو للتنقل والتقلب كالجولان والطوفان والغليان والنزوان واما فعال فهو للداء نحو سعل سعالا وزكم زكاما ومشى بطنه مشاء وللاصوات ايضا نحو نعب الغراب نعابا ونعق الراعي نعاقا وازّت القدر ازازا وبغم الظبي بغاما وضبح الثعلب ضباحا واما فعيل فهو للسير نحو زمل زميلا ورحل رحيلا وللاصوات ايضا وكثيرا ما يوافق فعالا كنعيب ونعيق وازيز وقد ينفرد عنه نحو صهل الفرس صهيلا وصخد الصرد صخيدا اذا صاح كما انفرد فعال في نحو بغام وضباح

فعولة فعالة لفعلا

كسهل الأمر وزيد جزلا

فعولة وفعالة مطردان في مصدر فعل نحو سهل سهولة وصعب صعوبة وعذب عذوبة وملح ملوحة وصبح صباحة وفصح فصاحة وصرخ صراخة

وما أتى مخالفا لما مضى

فبابه النّقل كسخط ورضا

١٦٧

الابنية المذكورة اما من الكثرة بحيث يقاس عليه واما دون ذلك وما جاء من ابنية المصادر مخالفا لها فنظائره قليلة تحفظ لتعلم نحو ذهب ذهابا ووقدت النار وقودا وشكر شكرانا وسخط سخطا ورضي رضا وعظم عظمة وكبر كبرا ولم يخرج عن ذلك الّا فعالة فانها قد كثرت في الحرف نحو تجر تجارة ونجر نجارة وخاط خياطة ومنه ولي عليهم ولاية وسفر بينهم سفارة اذا اصلح

وغير ذي ثلاثة مقيس

مصدره كقدّس التّقديس

وزكّه تزكية وأجملا

إجمال من تجمّلا تجمّلا

واستعذ استعاذة ثمّ أقم

إقامة وغالبا ذا التّا لزم

وما يلي الآخر مدّ وافتحا

مع كسر تلو الثّان ممّا افتتحا

بهمز وصل كاصطفى وضمّ ما

يربع في أمثال قد تلملما

لما فرغ من ذكر ابنية مصادر الفعل الثلاثي شرع في ذكر ابنية مصادر ما زاد على الثلاثة فقال وغير ذي ثلاثة مقيس اي كل فعل زاد على ثلاثة احرف فله مصدر مقيس لا يتوقف في استعماله على السماع فان كان الفعل على فعّل فمصدره من الصحيح اللام على تفعيل نحو قدس تقديسا وعلم تعليما ومن المعتل اللام على تفعلة نحو زكى تزكية وغطى تغطية وقد يجيء فعّل على فعال نحو كذب كذابا وان كان على افعل فمصدره من الصحيح العين على افعال نحو اجمل اجمالا واكرم اكراما واعطى اعطاء ومن المعتل العين على افعال ايضا الّا انه يجب فيه نقل حركة العين الى الفاء فتبقى ساكنة والالف بعدها ساكنة فتحذف الالف لالتقاء الساكنين ويعوّض عنها بتاء التأنيث نحو اقام اقامة واعان اعانة وابان ابانة وقد تحذف الالف ولا يعوّض عنها بتاء التأنيث كقوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ). ومنه قول بعضهم اجاب اجابا بمعنى اجابة ومنه ما حكاه الاخفش من قول بعضهم اراه اراء وان كان على تفعل فمصدره على تفعل نحو تجمل تجملا وتعلم تعلما وتفهم تفهما وان كان تفعل معتل اللام ابدلت الضمة التي قبل آخره كسرة نحو توقى توقيا وتجلى تجليا وان كان الفعل مزيدا اوله همزة وصل فبناء مصدره يكون بكسر ثالثه وزيادة الف قبل آخره نحو اقتدر اقتدارا واصطفى اصطفاء وانفرج انفراجا واحمر احمرارا واستخرج استخراجا واحرنجم احرنجاما فان كان استفعل من

١٦٨

المعتل العين نقلت حركة عينه الى فائه ثم حذفت الفه وعوّض عنها بتاء التأنيث نحو استعاذ استعاذة واستقام استقامة وان كان الفعل على تفعلل فمصدره على تفعلل والى هذا اشار بقوله وضم ما يربع في امثال قد تلملما يعني انك اذا اردت بناء المصدر في نحو تلملم فضم ما يربع من حروفه اي يقع رابعا وذلك نحو قولك في تلملم تلملما وفي تدحرج تدحرجا

فعلال او فعللة لفعللا

واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا

اذا كان الفعل على فعلل او الملحق به فمصدره المقيس على نحو فعللة كدحرج دحرجة وبهرج بهرجة وبيطر بيطرة وحوقل حوقلة وقد يجيء على فعلال نحو سرهف سرهافا وزلزل زلزالا ودحرج دحراجا وهو عند بعضهم مقيس مطلقا

لفاعل الفعال والمفاعله

وغير ما مرّ السّماع عادله

اذا كان الفعل على فاعل فله مصدران فعال ومفاعلة نحو قاتل قتالا ومقاتلة وخاصم خصاما ومخاصمة وتنفرد مفاعلة غالبا بما فاؤه ياء نحو ياسره مياسرة ويامنه ميامنة وقولي غالبا احترازا من نحو ياومه مياومة ويواما حكاه ابن سيده وقوله وغير ما مرّ السماع عادله اي كان له عديلا في انه لا يقدم عليه الّا بثبت فالاشارة بذلك الى ما شذّ من مجيء مصدر فعّل من المعتل اللام على تفعيل كقول الراجز

وهي تنزّي دلوها تنزيّا

كما تنزّي شهلة صبيا

ومن مجيء تفعل على تفعال نحو تجمل تجمالا وتملق تملاقا ومن مجيء تفاعل على فعيل كقولهم ترامى القوم رميا اي ترام ومن مجيء فوعل على فيعال نحو حوقل حيقالا قال الراجز

يا قوم قد حوقلت او دنوت

وبعد حيقال الرجال الموت

ومن مجيء افعلل على فعلّيلة نحو اقشعر قشعريرة واطمأن طمأنينة

وفعلة لمرّة كجلسه

وفعلة لهيئة كجلسه

يدل على المرة من مصدر الفعل الثلاثي ببنائه على فعلة نحو جلس جلسة وقام قومة ولبس لبسة فان كان بناء المصدر على فعلة كرحم رحمة ونعم نعمة فيدل على المرة منه بالوصف ويدل ايضا على الهيئة بفعلة كالجلسة والنعمة والقتلة

١٦٩

في غير ذي الثّلاث بالتّا المرّه

وشذّ فيه هيئة كالخمره

يعني انه يدل على المرة في مصدر غير الثلاثي بزيادة التاء على بنائه نحو اغترف اغترافة وانطلق انطلاقة واستخرج استخراجة قوله وشذ فيه هيئة كالخمرة اشار به الى نحو قولهم هو حسن العمة والقمصة وهي حسنة الخمرة والنقبة يريدون الهيئة من تقمص وتعمم واختمرت وانتقبت

(ابنية اسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة بها)

المراد بالصفة ما دل على حدث وصاحبه فإن كان له فعل ولم يكن اسم فاعل ولا افعل تفضيل ولا اسم مفعول فهو الصفة المشبهة باسم الفاعل

كفاعل صغ اسم فاعل إذا

من ذي ثلاثة يكون كغذا

يقول بناء اسم الفاعل من الفعل الثلاثي على وزن فاعل فيشمل ذلك ما كان على وزن فعل او فعل او فعل وليس نسبته اليها على السواء بل هو في فعل متعديا كان او لازما وفي فعل المتعدي مقيس وفي فعل وفعل اللازم مسموع وذلك نحو ضرب فهو ضارب وذهب فهو ذاهب وغذا فهو غاذ وشرب فهو شارب وركب فهو راكب فهذا وامثاله مقيس واما المسموع فنحو أمن فهو آمن وسلم فهو سالم وعقرت المرأة فهي عاقر وحمض اللبن فهو حامض ويفهم هذا التفصيل من قوله بعد

وهو قليل في فعلت وفعل

غير معدّى بل قياسه فعل

وأفعل فعلان نحو أشر

ونحو صديان ونحو الأجهر

يعني ان فاعلا قليل في اسم الفاعل من فعل على فعل او فعل غير متعد وهو اللازم كما قد ذكرنا وقوله بل قياسه فعل وافعل فعلان يعني به ان قياس فعل اللازم ان يجئ اسم فاعله على مثال فعل او افعل او فعلان ففعل للاعراض كفرح وأشر وبطر وغرث وافعل للالوان والعيوب والخلق كاخضر واسود واكدر واحول واعور واجهر وهو الذي لا يبصر في الشمس وفعلان للامتلاء وحرارة الباطن نحو شبعان وريان وعطشان وصديان

وفعل اولى وفعيل بفعل

كالضّخم والجميل والفعل جمل

١٧٠

يقول الذي كثر في اسم الفاعل من فعل حتى كاد يطرد ان يجيء على فعل او فعيل نحو ضخم فهو ضخم وشهم فهو شهم وصعب فهو صعب وسهل فهو سهل وجمل فهو جميل وظرف فهو ظريف وشرف فهو شريف

وأفعل فيه قليل وفعل

وبسوى الفاعل قد يغنى فعل

يعني انه قد يخالف باسم الفاعل من فعل الاستعمال الغالب فيأتي على افعل نحو حرش فهو احرش وخطب فهو اخطب اذا كان احمر يميل الى الكدرة وعلى فعل نحو بطل فهو بطل وقد يأتي على غير ذلك نحو جبن فهو جبان وفرت الماء فهو فرات وجنب فهو جنب وعفر فهو عفر اي شجاع ماكر وفره فهو فاره قوله وبسوى الفاعل قد يغنى فعل يعني انه قد يستغنى في بناء اسم الفاعل من فعل بمجيئه على غير فاعل وذلك نحو قولهم طاب يطيب فهو طيب وشاخ يشيخ فهو شيخ وشاب يشيب فهو اشيب وعفّ يعفّ فهو عفيف ولم يأتوا فيها بفاعل

وزنة المضارع اسم فاعل

من غير ذي الثّلاث كالمواصل

مع كسر متلوّ الأخير مطلقا

وضمّ ميم زائد قد سبقا

بيّن بهذين البيتين كيفية بناء اسم الفاعل من كل فعل زائد على ثلاثة احرف وانه يكون بمجيء المثال على زنة مضارعه مع جعل ميم مضمومة مكان حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر مطلقا اي سواء كان في المضارع مكسورا نحو اكرم يكرم فهو مكرم وواصل يواصل فهو مواصل وانتظر ينتظر فهو منتظر او مفتوحا وذلك فيما فيه تاء المطاوعة نحو تعلم يتعلم فهو متعلم وتدحرج يتدحرج فهو متدحرج وقوله وزنة المضارع اسم فاعل من غير ذي الثلاث تقديره واسم الفاعل مما زاد على ثلاثة احرف هو ذو زنة المضارع فقدم الخبر وحذف معه المضاف اعتمادا على ظهور المراد

وإن فتحت منه ما كان انكسر

صار اسم مفعول كمثل المنتظر

يعني ان بناء اسم المفعول من كل فعل زائد على ثلاثة احرف هو كبناء اسم الفاعل منه الّا في كسر ما قبل الآخر فان اسم المفعول منه يكون ما قبل آخره مفتوحا وذلك نحو مكرم ومواصل ومنتظر

وفي اسم مفعول الثّلاثيّ اطّرد

زنة مفعول كآت من قصد

١٧١

كل فعل ثلاثي فانه يطرد في اسم المفعول منه مجيئه على وزن مفعول وذلك نحو قصده فهو مقصود ووجده فهو موجود وصحبه فهو مصحوب وكتبه فهو مكتوب

وناب نقلا عنه ذو فعيل

نحو فتاة أو فتى كحيل

يقول ناب عن بناء وزن مفعول في الدلالة على اسم المفعول من الفعل الثلاثي ذو فعيل اي صاحب هذا الوزن وذلك نحو كحل عينه فهو كحيل وقتله فهو قتيل وطرحه فهو طريح وجرحه فهو جريح وذبحه فهو ذبيح بمعنى مكحول ومقتول ومطروح ومجروح ومذبوح وهو كثير في كلام العرب وعلى كثرته لم يقس عليه باجماع وقد اشار الى ذلك بقوله وناب نقلا اي فيما نقل لا فيما قيس ونبه بقوله نحو فتاة او فتى كحيل على ان باب فعيل بمعنى مفعول ان المؤنث منه يساوي المذكر في عدم لحاق تاء التأنيث به

(الصفة المشبهة باسم الفاعل)

صفة استحسن جرّ فاعل

معنى بها المشبهة اسم الفاعل

وصوغها من لازم لحاضر

كطاهر القلب جميل الظّاهر

الصفة ما دل على حدث وصاحبه والمشبهة باسم الفاعل منها ما صيغ لغير تفضيل من فعل لازم لقصد نسبة الحدث الى الموصوف به دون افادة معنى الحدوث فلذلك لا تكون للماضي المنقطع ولا للمستقبل الذي لم يقع وانما تكون للحال الدائم وهو الاصل في باب الوصف واما اسم الفاعل واسم المفعول فانهما كالفعل في افادة معنى الحدوث والصلاحية لاستعمالها بمعنى الماضي والحال والاستقبال والى كون الصفة المشبهة لا تكون لغير الحال الاشارة بقوله وصوغها من لازم لحاضر اي للدلالة على معنى الزمن الحاضر ولو قصد بالصفة المشبة معنى الحدوث حوّلت الى بناء اسم الفاعل واستعملت استعماله كقولك زيد فارح امس وجازع غدا قال الشاعر

وما انا من رزء وان جلّ جازع

ولا بسرور بعد موتك فارح

واكثر ما تكون الصفة المشبهة غير جارية على لفظ المضارع نحو جميل وضخم وحسن وملآن واحمر وقد تكون جارية عليه كطاهر وضامر ومعتدل ومستقيم وتمثيله بطاهر القلب جميل الظاهر منبه على مجيئها بالوجهين ومما تختص به الصفة المشبهة عن اسم

١٧٢

الفاعل استحسان جرّها الفاعل بالاضافة نحو طاهر القلب جميل الظاهر تقديره طاهر قلبه جميل ظاهره فان ذلك لا يسوغ في اسم الفاعل الّا ان أمن اللبس فقد يجوز على ضعف وقلة في الكلام نحو زيد كاتب الاب يريد كاتب ابوه وهذه الخاصة لا تصلح لتعريف الصفة المشبهة وتمييزها عما عداها لان العلم باستحسان الاضافة الى الفاعل موقوف على العلم بكون الصفة مشبهة فهو متأخر عنه وانت تعلم ان العلم بالمعرّف يجب تقدمه على العلم بالمعرّف فلذلك لم اعول في تعريفها على استحسان اضافتها الى الفاعل

وعمل اسم فاعل المعدّى

لها على الحدّ الّذي قد حدّا

لما بين ما المراد بالصفة المشبهة باسم الفاعل اخذ في بيان احكامها في العمل فقال وعمل اسم فاعل المعدّى لها اي بأنها تعمل عمل اسم الفاعل المتعدي فتنصب فاعلها في المعنى على التشبيه بالمفعول به كقولك زيد الحسن وجهه كما ينصب اسم الفاعل مفعوله في نحو زيد باسط وجهه وقوله على الحد الذي قد حدّا اي ان العمل هنا مشروط بالشرط المذكور في اعمال اسم الفاعل

وسبق ما تعمل فيه مجتنب

وكونه ذا سببيّة وجب

اسم الفاعل لقوة شبهه بالفعل يعمل في متأخر ومتقدم وفي سببي واجنبي والصفة المشبهة فرع على اسم الفاعل في العمل فقصرت عنه فلم تعمل في متقدم ولا غير سببي والمراد بالسببي المتلبس بضمير صاحب الصفة لفظا نحو زيد حسن وجهه او معنى نحو حسن الوجه هذا بالنسبة الى عملها فيما هو فاعل في المعنى واما غيره كالجار والمجرور فان الصفة تعمل فيه متقدما عنها ومتأخرا وسببيا وغير سببي تقول زيد بك فرح كما تقول فرح بك وجذلان في دار عمرو كما تقول في داره

فارفع بها وانصب وجرّ مع أل

ودون أل مصحوب أل وما اتّصل

بها مضافا أو مجرّدا ولا

تجرر بها مع أل سما من أل خلا

ومن إضافة لتاليها وما

لم يخل فهو بالجواز وسما

يعني انه يجوز في الصفة المشبهة ان تعمل في السببي الرفع والنصب والجرّ فالرفع على الفاعلية والنصب على التشبيه بالمفعول به في المعرفة وعلى التمييز في النكرة والجرّ على

١٧٣

الاضافة وذلك مع كون الصفة مصاحبة للالف واللام او مجردة منهما وكون السببي اما معرفا بالالف واللام نحو الحسن الوجه وهو المراد بقوله مصحوب أل واما مضافا او مجردا من الالف واللام والاضافة

وهو المراد بقوله وما اتصل بها مضافا او مجردا اي وما اتصل بالصفة ولم ينفصل عنها بالالف واللام فاما المضاف فعلى اربعة اضرب مضاف الى المعرف بالالف واللام نحو الحسن وجه الاب ومضاف الى ضمير الموصوف نحو الحسن وجهه ومضاف الى المضاف الى ضميره نحو الحسن وجه ابيه ومضاف الى المجرد من الالف واللام والاضافة نحو الحسن وجه اب واما المجرد فنحو الحسن وجها فهذه ستة وثلاثون وجها في اعمال الصفة المشبهة لان عملها ثلاثة انواع رفع ونصب وجرّ وكل منها على تقديرين احدهما كون الصفة مصاحبة للالف واللام والآخر كونها مجردة منهما فهذه ستة اوجه وكل منها على ستة تقادير وهي كون السببي اما معرفا بالالف واللام واما مضافا الى المعرف بهما او الى ضمير الموصوف او الى المضاف الى ضميره او الى المجرد من الالف واللام والاضافة واما مجردا والمرتفع من ضرب ستة في ستة ستة وثلاثون كلها جائزة الاستعمال الّا اربعة اوجه وهي المرادة بقوله ولا تجرر بها مع أل سما اي اسما من أل خلا ومن اضافة لتاليها اي لتالي أل ففهم من هذه العبارة ان الصفة المصاحبة للالف واللام لا يجوز اضافتها الى السببي الخالي من التعريف بالالف واللام ومن الاضافة الى المعرف بهما وذلك هو المضاف الى ضمير الموصوف والمضاف الى المضاف الى ضميره والمجرد والمضاف الى المجرد فلا يجوز الحسن وجهه ولا الحسن وجه ابيه ولا الحسن وجه ولا الحسن وجه اب لان الاضافة فيها لم تفد تخصيصا كما في نحو غلام زيد ولا تخفيفا كما في نحو حسن الوجه ولا تخلصا من قبح حذف الرابط او التجوز في العمل كما في نحو الحسن الوجه وما عدا هذه الاوجه الاربعة ينقسم الى قبيح وضعيف وحسن فاما القسم القبيح فهو رفع الصفة مجردة كانت او مع الالف واللام المجرد منهما ومن الضمير والمضاف الى المجرد وذلك اربعة اوجه وهي حسن وجه وحسن وجه أب والحسن وجه والحسن وجه أب وعلى قبحها فهي جائزة في الاستعمال لقيام السببية في المعنى مقام وجودها في اللفظ لانك اذا قلت مررت بزيد الحسن وجه لا يخفى ان المراد الحسن وجه له والدليل على الجواز قول الراجز

ببهمة منيت شهم قلب

منجذ لاذي كهام ينبو

فهذا نظير حسن وجه والمجوز لهذه الصورة مجوز لنظائرها اذ لا فرق واما القسم الضعيف

١٧٤

فهو نصب الصفة المجردة من الالف واللام المعرف بالالف واللام والمضاف الى المعرف بهما او الى ضمير الموصوف او الى المضاف الى ضميره وجرها المضاف الى ضمير الموصوف او الى المضاف الى ضميره وذلك ستة اوجه وهي حسن الوجه ونحوه قول النابغة

ونأخذ بعده بذناب عيش

اجب الظهر ليس له سنام

ويروى اجب الظهر برفع الظهر وجره وحسن وجه الاب وحسن وجهه ونحوه قول الراجز

أنعتها اني من نعاتها

كوم الذرا وادقة سراتها

وحسن وجه ابيه وحسن وجهه وحسن وجه ابيه وعند سيبويه ان الجرّ في هذا النحو من الضرورات وانشد للشماخ

أمن دمنتين عرّج الركب فيهما

بحقل الرخامى قد عفا طللاهما

أقامت على ربعيهما جارتا صفا

كميتا الاعالي جونتا مصطلاهما

فجونتا مصطلاهما نظير حسن وجهه واجازه الكوفيون في السعة وهو الصحيح لوروده في الحديث كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حديث ام زرع. صفر وشاحها. وفي حديث الدجال. اعور عينه اليمنى. وفي وصف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم شثن اصابعه ومع جوازه ففيه ضعف لانه يشبه اضافة الشيء الى نفسه واما القسم الحسن فهو رفع الصفة المجردة المعرف بالالف واللام والمضاف الى المعرف بهما او الى ضمير الموصوف او الى المضاف الى ضميره ونصبها المجرد من الالف واللام والاضافة والمضاف الى المجرد منهما وجرها المعرف بالالف واللام والمضاف الى المعرف بهما والمجرد من الالف واللام والاضافة والمضاف الى المجرد منهما ورفع الصفة مع الالف واللام المعرّف بهما والمضاف الى المعرف بهما او الى ضمير الموصوف او الى المضاف الى ضميره ونصبها المعرف بالالف واللام والمضاف الى المعرف بهما او الى ضمير الموصوف او الى المضاف الى ضميره والمجرد من الالف واللام والاضافة والمضاف الى المجرد منهما وجرها المعرف بالالف واللام والمضاف الى المعرف بهما فهذه اثنان وعشرون وجها وهي حسن الوجه كقوله اجب الظهر وحسن وجه الاب وحسن وجهه وحسن وجه ابيه وحسن وجها ومثله قول الشاعر

هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة

مخطوطة جدلت شنباء انيابا

وحسن وجه اب وحسن الوجه وحسن وجه الاب وحسن وجه ومثله انشاد سيبويه

١٧٥

لعمرو بن شاس

ألكني الى قومي السّلام رسالة

بأية ما كانوا ضعافا ولا عزلا

ولا سييء زيّ اذا ما تلبسوا

الى حاجة يوما مخيسة بزلا

وحسن وجه اب والحسن الوجه والحسن وجه الاب ومثله انشاد سيبويه

لا يبعدن قومي الذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

النازلون بكل معترك

والطيبون معاقد الأزر

والحسن وجهه والحسن وجه أبيه والحسن الوجه ومثله قول الشاعر

فما قومي بثعلبة بن سعد

ولا بفزارة الشعر الرقابا

والحسن وجه الاب وعليه قوله

لقد علم الايقاظ اخفية الكرى

تزججها من حالك واكتحالها

والحسن وجهه والحسن وجه ابيه والحسن وجها كقول رؤبة

فذاك وخم لا يبالي السبا

الحزن بابا والعقور كلبا

والحسن وجه اب والحسن الوجه والحسن وجه الاب فهذا هو جميع ما يمتنع ويقبح ويضعف ويحسن في اعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل فاعرفه

(التعجب)

التعجب هو استعظام فعل فاعل ظاهر المزية فيه ويدل عليه بصيغ مختلفة نحو قوله تعالى. (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ.) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لابي هريرة. سبحان الله ان المؤمن لا ينجس. وقولهم لله انت وقول الشاعر

واها لليلى ثم واها واها

هي المنى لو اننا نلناها

وقول الآخر

بانت لتحزننا عفاره

يا جارتا ما انت جاره

وقول الآخر انشده ابو علي

يا هيء ما لي من يعمر يفنه

مرّ الزمان عليه والتقليب

والمبوّب له في كتب العربية صيغتان ما أفعله وأفعل به لاطرادهما في كل معنى يصح التعجب منه ولما اراد ان يذكر مجيء التعجب على هاتين الصيغتين قال

بأفعل انطق بعد ما تعجّبا

أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا

١٧٦

اي انطق في حال تعجبك بالفعل المتعجب منه على وزن افعل بعد ما نحو ما احسن زيدا او جيء به على وزن أفعل قبل مجرور بباء نحو احسن بزيد فاما نحو ما احسن زيدا فما فيه عند سيبويه نكرة غير موصوفة في موضع رفع بالابتداء وساغ الابتداء بالنكرة لانها في تقدير التخصيص والمعنى شيء عظيم احسن زيدا اي جعله حسنا فهو كقولهم شيء جاء بك وشرّ اهرّ ذا ناب واحسن فعل ماض لا يتصرف مسندا الى ضمير ما والدليل على فعليته لزومه متصلا بياء المتكلم نون الوقاية نحو ما اعرفني بكذا وما ارغبني في عفو الله ولا يكون كذلك الّا الفعل وعند بعض الكوفيين ان افعل في التعجب اسم لمجيئه مصغرا نحو قوله

يا ما اميلح غزلانا شدنّ لنا

من هؤليائكنّ الضال والسمر

وانما التصغير للاسماء ولا حجة فيما اوردوه لشذوذه ولإمكان ان يكون التصغير دخله لشبهه بافعل التفضيل لفظا ومعنى والشيء قد يخرج عن بابه لمجرد الشبه بغيره وذهب الاخفش الى ان ما في نحو ما احسن زيدا موصولة وهي مبتدأ واحسن صلتها والخبر محذوف وجوبا تقديره الذي احسن زيدا شيء عظيم والذي ذهب اليه سيبويه اولى لأن ما لو كانت موصولة لما كان حذف الخبر واجبا لانه لا يجب حذف الخبر الّا اذا علم وسدّ غيره مسده وههنا لم يسد مسد الخبر شيء لانه ليس بعد المبتدأ الّا صلته والصلة من تمام الاسم فليست في محل خبره انما هي في محل بقية حروف الاسم فلا تصلح لسدّ مسد الخبر واما أفعل في نحو أحسن بزيد ففعل لفظه لفظ الامر ومعناه الخبر وهو مسند الى المجرور بعده والباء زائدة مثلها في نحو كفى بالله شهيدا وهو في قوة قولك حسن زيد بمعنى ما احسنه ولا خلاف في فعليته ويدل عليها مرادفته لما ثبتت فعليته مع كونه على زنة تخص الافعال والاستدلال بتوكيده بالنون في قوله

ومستبدل من بعد غضبي صريمة

فأحر به بطول فقر وأحربا

ليس عندي بمرضى لانه في غاية الندور فلو ذهب ذاهب الى اسميته لامكنه ان يدعي ان التوكيد فيه مثله في قول الآخر انشده ابو الفتح في الخصائص

أريت ان جاءت به املودا

مرجلا ويلبس البرودا

أقائلنّ احضروا الشهودا

وتلو أفعل انصبنّه كما

أوفى خليلينا وأصدق بهما

تقول ما اوفى خليلينا كما تقول ما احسن زيدا فتنصب ما بعد افعل بالمفعولية وهو

١٧٧

في الحقيقة فاعل الفعل المتعجب منه ولكن دخلت عليه همزة النقل فصار الفاعل مفعولا بعد اسناد الفعل الى غيره وتقول اصدق بهما كما تقول احسن بزيد وقد اشتمل هذا البيت على بيان احتياج افعل الى المفعول وعلى تمثيل صيغتي التعجب

وحذف ما منه تعجّبت استبح

إن كان عند الحذف معناه يضح

المراد بالمتعجب منه المفعول في ما افعله والمجرور في افعل به وفيه تجوز لان المتعجب منه هو فعله لا نفسه الّا انه حذف منه المضاف واقيم المضاف اليه مقامه للدلالة عليه واعلم انه لا يجوز حذف المتعجب منه لغير دليل اما في نحو ما افعله فلعرائه اذ ذاك عن الفائدة لو قلت ما احسن وما اجمل لم يكن كلاما لان معناه ان شيئا صيّر الحسن واقعا على مجهول وهذا مما لا ينكر وجوده ولا يفيد التحدث به واما نحو افعل به فلا يحذف منه المتعجب منه لانه الفاعل وان دل على المتعجب منه دليل وكان المعنى واضحا عند الحذف جاز تقول لله در زيد ما اعفّ وامجد كما قال علي كرم الله وجهه

جزى الله عني والجزاء بفضله

ربيعة خيرا ما اعفّ واكرما

وتقول احسن بزيد واجمل كما قال الله تعالى. (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ.) واكثر ما يستباح الحذف في نحو افعل به إذا كان معطوفا على آخر مذكور معه الفاعل كما في الآية الكريمة وقد يحذف بدون ذلك قال الشاعر

فذلك ان يلق المنية يلقها

حميدا وان يستغن يوما فأجدر

اي فاجدر بكونه حميدا فان قلت كيف جاز حذف المتعجب منه مع افعل وهو فاعل قلت لانه اشبه الفضلة لاستعماله مجرورا بالباء فجاز فيه ما يجوز فيها

وفي كلا الفعلين قدما لزما

منع تصرّف بحكم حتما

كل واحد من فعلي التعجب ممنوع من التصرف والبناء على غير الصيغة التي جعل عليها مسلوك به سبيل واحدة لتضمنه معنى هو بالحروف اليق وليكون مجيئه على طريقة واحدة ادل على ما يراد به

وصغهما من ذي ثلاث صرّفا

قابل فضل تمّ غير ذي انتفا

وغير ذي وصف يضاهي أشهلا

وغير سالك سبيل فعلا

الغرض من هذين البهتين معرفة الافعال التي يجوز في القياس ان يبنى منها فعلا

١٧٨

التعجب اعني مثالي ما افعله وافعل به وهي كل فعل ثلاثي متصرف قابل للتفاوت غير ناقص ككان واخواتها ولا ملازم للنفي ولا اسم فاعله على افعل ولا مبني للمفعول فلا يبنيان مما زاد على ثلاثة احرف لان بناءهما منه يفوت الدلالة على المعنى المتعجب منه اما فيما اصوله اربعة نحو دحرج وسرهف فلانه يؤدي الى حذف بعض الاصول ولا خفاء في اخلاله بالدلالة واما في غيره فلانه يؤدي الى حذف الزيادة الدالة على معنى مقصود ألا ترى انك لو بنيت من نحو ضارب وانضرج واستخرج افعل فقلت ما اضربه واضرجه واخرجه لفاتت الدلالة على معنى المشاركة والمطاوعة والطلب واجاز سيبويه بناء فعل التعجب من افعل كقولهم ما اعطاه للدراهم وما اولاه للمعروف لا من غيره مما زاد على الثلاثة ولا يبنيان من فعل غير متصرف نحو نعم وبئس ولا من فعل لا يقبل التفاوت نحو مات زيد وفني الشيء لانه لا مزية فيه لبعض فاعليه على بعض ولا من فعل ملازم للنفي نحو ما عاج زيد بهذا الدواء اي ما انتفع به فان العرب لم تستعمله الّا في النفي فلا يبنى منه فعل التعجب لان ذلك يؤدي الى مخالفة الاستعمال والخروج به عن النفي الى الايجاب ولا يبنيان من فعل اسم فاعله على افعل نحو شهل فهو اشهل وخضر الزرع فهو اخضر وعور فهو اعوّر وعرج فهو اعرج لان افعل هو لاسم فاعل ما كان لونا او خلقة واكثر افعال الالوان والخلق انما تجيء على افعل بزيادة مثل اللام نحو احمرّ وابيضّ واسودّ واعورّ واحولّ فلم بين فعل التعجب في الغالب مما كان منها ثلاثيا اجراء للاقل مجرى الاكثر ولا يبنيان من فعل مبني للمفعول نحو ضرب وحمد لئلّا يلتبس التعجب منه بالتعجب من فعل الفاعل وعلى هذا لو كان الالتباس مأمونا مثل ان يكون الفعل ملازما للبناء للمفعول نحو وقص الرجل وسقط في يده لكان بناء فعل التعجب منه خليقا بالجواز

وأشدد أو أشدّ أو شبههما

يخلف ما بعض الشّروط عدما

ومصدر العادم بعد ينتصب

وبعد أفعل جرّه بالبا يجب

تقول اذا اردت التعجب من فعل فقد بعض الشروط المصححة للتعجب من لفظه فجئ باشد او اشدد او ما جرى مجراهما وأوله مصدر الفعل الذي تريد التعجب منه منصوبا بعد افعل ومجرورا بالباء بعد افعل وهذا العمل يصح في كل فعل لم يستوف الشروط الّا ما عدم التصرف كنعم وبئس لانه لا مصدر له صريحا ولا مؤوّلا فاما المنفي والمبني

١٧٩

للمفعول فلا يصح ذلك فيه الّا بإيلاء اشدّ او ما جرى مجراه المصدر المؤوّل تقول في التعجب من نحو استخرج ما اشد استخراجه واشدد باستخراجه ومن نحو مات زيد ما افجع موته وافجع بموته ومن نحو ما قام زيد وما عاج بالدواء ما اقرب ان لا يقوم زيد واقرب بان لا يقوم وما اقرب ان لا يعيج بالدواء واقرب بان لا يعيج به فتأتي بالمصدر المؤوّل لتتمكن من ان تستعمل معه النفي وان تعمل فيه الفعل الذي تتعجب به وتقول في التعجب من نحو خضر وعور ما اشد خضرته واشدد بخضرته وما اقبح عوره واقبح بعوره ومن نحو ضرب زيد ما اشد ما ضرب واشدد بما ضرب فتولي اشد واشدد المصدر المؤول ليبقى لفظ الفعل المبني للمفعول ولو أمن اللبس جاز ايلاؤه المصدر الصريح نحو ما اسرع نفاس هند واسرع بنفاسها

وبالنّدور احكم لغير ما ذكر

ولا تقس على الّذي منه أثر

الاشارة بهذا البيت الى انه قد يبنى فعل التعجب مما لم يستوف الشروط على وجه الشذوذ والندور فيحفظ ما سمع من ذلك ولا يقاس عليه فمن ذلك قولهم ما اخصره من اختصر فاختصر فعل خماسي مبني للمفعول ففيه مانعان احدهما انه مبني للمفعول وثانيهما انه زائد على ثلاثة احرف ومنه قولهم ما اهوجه وما احمقه وما ارعنه وهي من فعل فهو افعل كأنهم حملوها على ما اجهله ومنه قولهم ما اعساه واعس به فهو من عسى الذي للمقاربة وهو غير متصرف ومما هو شاذ ايضا بناؤهم التعجب من وصف لا فعل له كقولهم ما اذرعها اي ما اخف يدها في الغزل يقال امرأة ذراع اي خفيفة اليد في الغزل ولم يسمع له فعل ومثله قولهم اقمن بكذا اي احتق به اشتقوه من قولهم هو قمن بكذا اي حقيق به ولا فعل له

وفعل هذا الباب لن يقدّما

معموله ووصله به الزما

وفصله بظرف او بحرف جر

مستعمل والخلف في ذاك استقر

لا خلاف في امتناع تقديم معمول فعل التعجب عليه ولا في امتناع الفصل بينه وبين المتعجب منه بغير الظرف والجار والمجرور كالحال والمنادى واما الفصل بالظرف والجار والمجرور ففيه خلاف مشهور والصحيح الجواز وليس لسيبويه فيه نص قال الاستاذ ابو علي الشلوبين حكى الصيمري ان مذهب سيبويه منع الفصل بالظرف بين

١٨٠