وفي الفتنة الكبرى (١) (ص ١٧١) : فقد روي أنّ عمّار بن ياسر كان يكفّر عثمان ويستحلّ دمه ويسمّيه نعثلاً.
قال الأميني : هذا الصحابي البطل الذي عرفته في صفحة (٢٠ ـ ٢٨) من هذا الجزء ؛ عمّار بن ياسر المعنيّ في عدّة آيات كريمة من الذكر الحكيم ، ومصبّ الثناء البالغ المتكرّر المستفيض من صاحب الرسالة ، من ذلك : أنّه مُلئ إيماناً من قرنه إلى قدمه ، وأنّه مع الحقّ والحقّ معه يدور معه أينما دار ، وأنّه ما عُرض عليه أمران إلاّ أخذ بالأرشد منهما ، وأنّه من نفر تشتاق إليهم الجنّة ، وأنّه جلدة بين عينيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه تقتله الفئة الباغية ، فمعتقد هذا الرجل العظيم ، وهو متلفّع بهاتيك الفضائل كلّها في الخليفة ما تراه يكرّره من أنّه كان ظالماً لنفسه ، حاكماً بغير ما أنزل الله ، مريداً تغيير دين الله تغييراً أباح لهم قتله ، وأنّه قتله الصالحون ، المنكرون للعدوان ، الآمرون بالإحسان ، إلى ما لهذه من عقائد تركته جازماً بما نطق به ، مصرّا على ما ارتكبه ، معترفاً بأنّه كان مع المجهزين عليه ، متأسّفاً على ما فاته من نبش قبره وإحراقه بالنار ، فلم يبرح كذلك حتى أخذ يقاتل الطالبين بثاره مع قاتليه وخاذليه ، مذعناً بأنّ الثائرين له مبطلون يجب قتالهم فلم يفتأ على هذا المعتقد حتى قتلته الفئة الباغية ، أصحاب معاوية ، وقاتله وسالبه وباغضه في النار نصّا من النبيّ المختار صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ـ ٩ ـ
حديث المقداد بن الأسود الكندي
فارس يوم بدر
قال اليعقوبي في تاريخه (٢) (٢ / ١٤٠) في بيعة عثمان واستخلافه : مال قوم مع عليّ ابن أبي طالب ، وتحاملوا في القول على عثمان ، فروى بعضهم قال : دخلت مسجد
__________________
(١) المجموعة الكاملة لمؤلّفات طه حسين : مج ٤ / ٣٦٦.
(٢) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٦٣.