تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ولو قدر الغائب على الإشهاد على المطالبة ، فلم يفعل ، لم تبطل شفعته ، سواء سافر عقيب العلم أو أقام لعذر ، ولا خلاف أنّه إذا عجز عن الإشهاد لا تبطل شفعته ، وكذا لو قدر على إشهاد من لا يقبل قوله خاصّة ، أو على من لا يقدم معه إلى بلد المطالبة على الأولى ، وكذا لو لم يقدر إلّا على إشهاد واحد أو على إشهاد من يفتقر إلى التزكية ، لما فيه من المشقّة.

ولو أشهد على المطالبة ثم أخّر القدوم مع إمكانه ، فالوجه بطلان شفعته ، وكذا لو لم يقدر على المسير وقدر على التوكيل فترك ، ولو عجز عن القدوم أو لحقه به ضرر لم تبطل شفعته بترك القدوم.

ولو لم يقدر على الإشهاد وتمكّن من القدوم أو التوكيل فلم يفعل ، بطلت شفعته.

ولو كان المرض لا يمنعه من الطلب ، كالصّداع اليسير ، فهو كالصّحيح ، ولو منعه من الطلب كالحمّى ، فهو كالغائب في الإشهاد والتوكيل.

والمحبوس إن كان ظلما أو بدين يعجز عنه ، فهو كالغائب ، وإن كان محبوسا بحقّ يقدر عليه ، فهو كالمطلق.

ولو كان للغائب وكيل عامّ الوكالة ، فله الأخذ بالشفعة مع المصلحة للغائب ، وكذا لو كان وكيلا في الأخذ وإن لم يكن مصلحة.

ولو ترك هذا الوكيل الأخذ كان للغائب المطالبة بها مع قدومه ، سواء ترك الوكيل لمصلحة أو لا.

٦١٧٧. الرابع : تثبت الشفعة للصبيّ ، ويتولّى الأخذ الولىّ ، فإن ترك الوليّ

٥٦١

الأخذ ، فإن كان الغبطة في الترك ، بطلت الشفعة ، ولم يكن للصبيّ بعد بلوغه المطالبة بها ، وإن كانت الغبطة في الأخذ لم تبطل الشفعة بترك الوليّ ، وكان للصبيّ بعد بلوغه المطالبة بها ، ولا غرم على الوليّ.

ولو أخذ الوليّ مع الغبطة بالأخذ ، لم يكن للصبيّ بعد بلوغه النقض ، وإن كانت الغبطة في الترك لم يصحّ الأخذ ، ويكون الملك باقيا على المشتري دون الصبيّ والوليّ.

ولو كان وصيّا لاثنين فباع لأحدهما نصيبا في شركة الآخر ، كان له الأخذ للآخر بالشفعة.

ولو كان الوصيّ شريكا ، فباع حصّة الصغير ، كان له الأخذ بالشفعة على الأقوى.

ولو باع الوصيّ نصيبه ، كان له الأخذ للصغير بالشفعة مع الغبطة ، وكذا الأب لو باع شقص الصبيّ المشترك معه كان له الأخذ بالشفعة.

ولو بيع شقص في شركة حمل لم يكن لوليّه أن يأخذ له بالشفعة ، لأنّه لا يمكن تمليكه بغير الوصيّة والميراث ، فإذا ولد الحمل ثمّ كبر احتمل أن يأخذ بالشفعة كالصبيّ إذا اكبر.

ولو عفا وليّ الصّبي عن الشفعة ، وكانت الغبطة في الأخذ لم يصحّ العفو ، وكان للوليّ الأخذ بها ، أمّا لو كانت الغبطة في الترك فعفا ، ثمّ صار الحظّ في الأخذ لم يكن له الأخذ ولا للطفل إذا بلغ.

٦١٧٨. الخامس : حكم المجنون وحكم الصبيّ سواء ، وكذا السّفيه ،

٥٦٢

وأمّا المغمى عليه فلا ولاية عليه ، وحكمه حكم الغائب تنتظر إفاقته.

وأمّا المفلّس فله الأخذ بالشفعة والترك ، وليس لغرمائه الأخذ بها ولا إجباره على الأخذ ، ولا على العفو ، لأنّه إسقاط حقّ ، سواء كان الحظّ في الأخذ أو الترك ، لأنّه يأخذ في ذمّته ، وليس بمحجور عليه في ذمّته ، ولهم منعه من دفع ماله في ثمنها ، وإذا ملك الشقص بالشفعة تعلّق حقوق الغرماء به ، سواء أخذه برضاهم أو بدونه.

وللمكاتب الأخذ والترك ، وليس لسيّده الاعتراض ، وللمأذون له الأخذ بالشفعة ، فإن أسقطها السيّد ، سقطت ، وإن كره العبد ، وإن عفا العبد لم ينفذ عفوه.

وإذا بيع شقص في شركة مال المضاربة ، فللعامل الأخذ بها مع الغبطة ، فإن عفا فللمالك الأخذ.

ولو اشترى المضارب بمال القراض شقصا في شركة ربّ المال ، فليس لربّ المال فيه شفعة على الأقوى ، لأنّ الملك له ، ولو كان فيه ربح فكذلك ، سواء قلنا إنّ العامل يملك بالظهور أو بالإنضاض ، لأنّه شراء مأذون فيه ، وإن لم يكن ظهر فيه ربح لم يكن للعامل اعتراض ، وكان له الأجرة من عمله.

ولو كان المضارب شفيعه ولا ربح في المال ، فله الأخذ بها ، لأنّ الملك لغيره ، فإن كان فيه ربح ، وقلنا لا يملك بالظهور فكذلك وإن قلنا يملك بالظهور ، احتمل الشفعة وعدمها كربّ المال.

٥٦٣

وإن باع المضارب شقصا في شركته (١) لم يكن له الأخذ بالشفعة ، لأنّه متّهم على إشكال.

٦١٧٩. السادس : تثبت الشفعة بين شريكين باع أحدهما فيأخذ الآخر إجماعا ، ولو زاد الشركاء على اثنين ، قال أكثر علمائنا : تبطل الشفعة. (٢) وقال بعضهم : تثبت مطلقا على عدد الرءوس. (٣) وقال آخرون : تثبت في الأراضي ، ولا تثبت في العبد إلّا للواحد. (٤) والأقوى عندي الأوّل.

وعلى القول بثبوتها مع الكثرة إنّما تثبت على عدد الرءوس ، لأنّ كلّ واحد لو انفرد لاستحقّ الجميع ، فأشبه بالمعتقين في السراية ، وخيّر ابن الجنيد أخذها على عدد الرءوس أو على قدر السهام (٥).

وإذا كان الشفعاء أربعة ، فباع أحدهم وعفا الآخر ، فللباقين أخذ المبيع أجمع ، وليس لهما الاقتصار على حقّهما وقال ابن الجنيد : لهما ذلك (٦).

ولو كانوا غائبين فحضر واحد أخذ الجميع أو ترك ، فإن حضر الآخر أخذ النصف أو ترك ، فإن حضر ثالث أخذ منهما الثلث أو ترك ، فإن حضر الرابع أخذ الربع أو ترك.

__________________

(١) في «ب» : في شركة.

(٢) هو خيرة المفيد في المقنعة : ٦١٨ ؛ والشيخ في النهاية : ٤٢٤ ، والمبسوط : ٣ / ١٠٧ ، والخلاف : ٣ / ٤٣٥ المسألة ١١ من كتاب الشفعة ؛ وابن ادريس في السرائر : ٢ / ٣٨٦ ؛ وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٣٦١ ؛ والقاضي في المهذب : ١ / ٤٥٣ ؛ والسيد المرتضى في الانتصار : ٤٥٠ ، المسألة ٢٥٧ ؛ وقطب الدين الكيدري في إصباح الشيعة بمصباح الشريعة : ٢٥٤.

(٣) وهو خيرة ابن الجنيد على ما حكاه عنه المصنف في المختلف : ٥ / ٣٥٥.

(٤) ذهب إليه الصدوق في غير الحيوان في الفقيه : ٣ / ٤٦ في ذيل الحديث ١٦٢.

(٥) لاحظ المختلف : ٥ / ٣٥٧.

(٦) نقله عنه المصنّف في المختلف : ٥ / ٣٧٥ في تذنيب الثاني من المسألة ٣٢٨.

٥٦٤

ولو نما الشقص في يد الأوّل نماء منفصلا ، ثمّ حضر الثاني لم يشاركه في النماء ، وكذا لو نما ما أخذ الثاني في يده ، ثمّ حضر الثالث لم يشاركه في المنفصل.

ولو وهب بعضهم حصّته من الشفعة لبعض لم يصحّ ، لأنّ ذلك عفو ، فلا يصحّ لغير من هو عليه ، كالقصاص.

ولو امتنع الحاضر من الأخذ حتّى يحضر الغائب ، لم تبطل شفعته على إشكال ، ولو عفا لم تبطل الشفعة ، وكذا لو حضر ثلاثة وعفوا كان للرابع أخذ الجميع أو الترك.

ولو قال الحاضر : لا آخذ إلّا قدر حقّي ، احتمل بطلان شفعته ، لقدرته على أخذ الجميع وتركه ، فكان كالمنفرد ، وثبوتها لأنّ الترك لعذر ، وهو قدوم الغائب.

فعلى هذا لو كانوا ثلاثة ، فأخذ الأوّل الشقص كلّه بالشفعة ، فقدم الثاني وأخذ نصيبه وهو الثلث ، فإذا قدم الثالث أخذ من الثاني ثلث ما في يده ، فيضيفه إلى ما في يد الأوّل ويقتسمانه نصفين ، فيقسّم الشقص على ثمانية عشر ، لأنّ الثالث أخذ من الثاني ثلث الثلث ، ومخرجه تسعة ، فضمّه إلى الثلثين (١) ، وهي ستّة ، صارت سبعة ، ثمّ قسّما السبعة نصفين ، ولا نصف لها ، فتضرب اثنين في تسعة تكون ثمانية عشر ، للثاني أربعة أسهم ، ولكلّ من الشريكين سبعة ، لأنّ الثاني ترك سدسا كان له أخذه ، وحقّه منه ثلثاه ، وهو التسع ، فتوفّره على شريكه

__________________

(١) في «أ» : «إلى الثلث» والصحيح ما في المتن.

٥٦٥

في الشفعة ، والأوّل والثالث سواء في الاستحقاق ، ولم يترك أحدهما شيئا من حقّه ، فيجمع ما معهما فيقسّمه ، فيكون كما قلنا.

ولو حضر واحد وأخذ الجميع ، ثمّ حضر الثاني قاسمه ، فإن حضر الثالث وطالبه ، فسخت القسمة ، ولو ردّه الأوّل بعيب ، كان للثاني الأخذ.

ولو ورث أخوان دارا أو اشترياها بينهما نصفين أو غير ذلك ، فمات أحدهما عن اثنين ، فباع أحدهما نصيبه ، فالشفعة بين أخيه وعمّه ، ولا يختصّ بها الأخ ، ولو أخذ الحاضر الجميع دفع الثمن ، وليس له التأخير بحصص الغائبين من الثمن ، فإذا دفع ثمّ حضر الثاني وطلب أخذ النصف ، ودفع إلى الأوّل نصف الثمن ، فإن خرج الشقص مستحقا ، كان دركه على المشتري دون الشفيع الأوّل ، لأنّه كالنائب عنه في الأخذ ، فيرجعان معا على المشتري ، ولا يرجع أحدهما على الآخر.

وإذا اقتسم الحاضران نصفين ، فحضر الغائب وأحد الشريكين غائب ، أخذ من الحاضر ثلث ما في يده ، ويأخذ له الحاكم من حصّة الغائب الثلث ، ولو لم يكن حاكم انتظر حتّى يقدم الغائب ، لأنّه موضع عذر.

ولو باع أحد الثلاثة من شريكه ، استحقّ الشفعة الثالث خاصّة ، لأنّ المشتري لا يستحقّ على نفسه شيئا ، ويحتمل استحقاقه ، لأنّه شريك ، ولا نقول يأخذ من نفسه بل يمنع الشريك من أخذ حقّه ، وحينئذ يثبت لشريك المشتري قدر نصيبه لا غير أو العفو ، وإن قال له المشتري : قد أسقطت شفعتي فخذ الجميع أو اترك ، لم يصحّ ، لاستقرار ملكه على قدر حقّه ، فجرى

٥٦٦

مجرى الشفيعين إذا أخذا بالشفعة ، ثمّ عفا أحدهما عن حقّه ، وكذا إذا أخذ الحاضر الجميع ، ثمّ حضر الآخر فقال له الأوّل : خذ الكلّ أو دع ، فقد أسقطت شفعتي ، لم يكن له ذلك ، وليس للمشتري هنا خيار تبعيض الصفقة لو أخذ الشريك البعض.

ولو باع الشريك من ثلاثة صفقة ، فللشفيع أخذ الجميع والأخذ من الاثنين ومن واحد ، لأنّها بمنزلة عقود ، فإذا أخذ نصيب واحد ، لم يكن للآخرين مشاركته في الشفعة.

ولو باعه من ثلاثة في عقود متفرّقة ، ثمّ علم الشفيع ، فله أخذ الجميع (وأن يأخذ ما شاء ، فإن أخذ نصيب الأوّل لم يكن للآخرين مشاركته في الشفعة) (١) وإن أخذ نصيب الثاني وعفا عن الأوّل شاركه الأوّل في الشفعة ، وإن أخذ من الثالث وعفا عن الأوّلين شاركاه ، وإن أخذ من الثلاثة (٢) لم يشاركه أحد منهم ، لأن أملاكهم قد استحقها بالشفعة ، فلا يستحقّ عليه بها شفعة.

ويحتمل شركة الثاني في شفعة الثالث ، لأنّ الشفعة تستحق بالملك لا بالعفو ، ويشاركه الأوّل في شفعة الثاني والثالث.

ولو باع اثنان من اثنين ، فهو بمنزلة عقود أربعة ، فللشفيع (٣) أخذ الجميع والرّبع والنصف وثلاثة الأرباع ، وليس لبعضهم شفعة ، لانتقال المبيع إليهم دفعة ، فيتساوى الآخذ والمأخوذ منه.

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من نسخة «أ».

(٢) في «ب» : وإذا أخذ الثلاثة.

(٣) في «أ» : وللشفيع.

٥٦٧

ولو وكّل أحد الثلاثة شريكه في بيع نصيبه مع نصيبه ، فباعهما لواحد فلشريكهما الشفعة فيهما وفي أحدهما ، وهذه الفروع إنّما تأتي على القول بثبوت الشفعة مع الكثرة.

٦١٨٠. السابع : لو باع الشريك الواحد نصف حصّته لواحد ، ثمّ باع الباقي عليه أو على غيره ، ثمّ علم الشفيع ، كان له أخذ الجميع والأوّل خاصّة ، والثاني خاصّة ، وكذا لو باعه من أكثر من اثنين

٦١٨١. الثامن : قال السيّد المرتضى : إنّ لإمام المسلمين وخلفائه المطالبة بشفعة الوقوف الّتي ينظرون فيها على المساكين أو على المساجد ومصالح المسلمين ، وكذلك كلّ ناظر بحقّ في وقف من وليّ ووصيّ ، له أن يطالب بشفعته (١) ، مع أنّه قال : إنّ الشفعة لا تثبت مع الكثرة. (٢)

قال ابن إدريس : إن كان الوقف على جماعة المسلمين ، أو على جماعة ، فمتى باع صاحب الطلق ، فليس لأصحاب الوقف الشفعة ، ولا لوليّه ذلك ، لزيادة الشركاء على اثنين ، وإن كان [الوقف] على واحد صحّ ذلك. (٣)

__________________

(١) الانتصار : ٤٥٧ ، المسألة ٢٦٠.

(٢) الانتصار : ٤٥٠ المسألة ٢٥٧.

(٣) السرائر : ٢ / ٣٩٧.

٥٦٨

الفصل الثالث : في كيفيّة الأخذ

وفيه تسعة عشر بحثا :

٦١٨٢. الأوّل : يملك الشفيع الشقص بأخذه وبكلّ لفظ دلّ على أخذه ، مثل :

أخذته بالثمن ، أو تملّكته ، أو نحو ذلك ، وهل يملك بالمطالبة؟ الأقرب أنّه لا يملك ، وإلّا لم يسقط الشفعة بالعفو بعد المطالبة.

ولا يفتقر التملّك إلى حكم الحاكم ، نعم يفتقر إلى أن يكون الثمن والشقص معلومين ، ولو كان أحدهما مجهولا ، فقال : أخذت الشقص بمهما كان ، أو أخذت الشّقص بالثمن مهما كان ، لم يصحّ ، وله المطالبة بالشفعة ، ثمّ يتعرّف قدر الثمن والمبيع فيأخذه بثمنه.

٦١٨٣. الثاني : إنّما يستحق الشفيع الأخذ بالشفعة بعد العقد لا قبله إجماعا ، وهل يتوقّف على انقضاء الخيار الّذي للبائع؟ قال الشيخ رحمه‌الله : نعم. (١) وفيه قوّة من حيث إنّ في الأخذ إسقاط حق البائع من الفسخ وإلزام البيع في حقّه بغير رضاه ، وقال آخرون : لا يتوقّف. (٢) لأنّ الملك انتقل بالعقد ، ونحن في ذلك من المتوقّفين.

أمّا لو كان الخيار للمشتري خاصّة ، فإنّ الشفعة تثبت ، فإن باع الشفيع

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ١٢٣ ، والخلاف : ٣ / ٤٤٥ المسألة ٢١ من كتاب الشفعة.

(٢) وهو خيرة الحلّي في السرائر : ٢ / ٣٨٦.

٥٦٩

حصّته في مدّة خيار البائع عالما بالبيع الأوّل ، سقطت شفعته ، وتثبت الشفعة فيما باعه للمشتري الأوّل ، ويتخرّج على قول الشيخ ثبوتها للبائع ، لعدم الانتقال عنده ، ولو باعه قبل علمه بالبيع الأوّل ، سقطت الشفعة أيضا إن قلنا بسقوطها فى حقّ من نقل ملكه جهلا على ما يأتي ، وإلّا كان له الشفعة على المشتري الأوّل ، وللمشتري الأوّل الشفعة فيما باعه الشريك.

٦١٨٤. الثالث : اختلف علماؤنا في اشتراط الفور في الشفعة للعالم المتمكّن ، فقال الشيخ رحمه‌الله : إنّه شرط (١) فلو أخّر المطالبة مع علمه وتمكّنه من المطالبة بطلت شفعته ، وإلّا لتضرّر المشتري ، لعدم استقرار ملكه ومنعه من التصرف بالعمارة.

وقال السيّد المرتضى رحمه‌الله (٢) وابن الجنيد (٣) وابن إدريس (٤) : لا تبطل الشفعة إلّا بالإسقاط ، وإن تطاول الزمان ، لأنّه حقّ ماليّ فلا يسقط بترك طلبه كغيره من الحقوق ، ثمّ أجاب السيّد بأنّ المشتري يبذل للشفيع تسليم المبيع فإمّا أن يتسلّم أو يترك شفعته ، فيزول الضرر عن المشتري. (٥) ونحن في ذلك من المتوقّفين.

فعلى قول الشيخ رحمه‌الله لو أخّر الطلب مع إمكانه بطلت شفعته وإن كانا في المجلس ، ولو أخّرها لعذر مثل أن يعلم ليلا فيؤخّره إلى الصّبح ، أو لشدّة جوع

__________________

(١) النهاية : ٤٢٤ ؛ المبسوط : ٣ / ١٠٨ ؛ الخلاف : ٣ / ٤٣٠ ، المسألة ٤ من كتاب الشفعة.

(٢) الانتصار : ٤٥٤ ، المسألة ٢٥٩.

(٣) نقله عنه المصنّف في المختلف : ٥ / ٣٦١.

(٤) السرائر : ٢ / ٣٨٦ ـ ٣٨٨.

(٥) الانتصار : ٤٥٧ في ذيل المسألة ٢٥٩.

٥٧٠

أو عطش حتّى يأكل أو يشرب ، أو لطهارة ، أو إغلاق باب ، أو للخروج من الحمّام ، أو ليؤذّن ويقيم ويصلّي متئدا (١) أو ليشهدها في جماعة يخاف فوتها ، لم تبطل الشفعة ، وكذا كلّ عذر يمنعه عن مباشرة الطلب وعن التوكيل.

ولا يجب أن يتجاوز عادته في المشي ، ولا قطع العبادة الواجبة أو المندوبة ، وجاز الصبر حتى يتمّها ، ولو دخل الوقت صبر حتى يتطهّر ويصلّي الصّلاة بسنّتها.

ولو علم بالشّفعة مسافرا ، وقدر على السعي أو التوكيل ، فأهمل بطلت شفعته ، ولو عجز عنهما لم تبطل ، وإن لم يشهد بالمطالبة.

ولو كان المشتري حاضرا عنده في هذه الأحوال وأمكنه مطالبته من غير اشتغال عن إشغاله بطلت شفعته إن لم يطلب.

وإن كان المشتري غائبا ، وفرغ من حوائجه مشى على عادته ، فإذا لقيه بدأه بالسّلام ، ودعا له عقيبه بمجرى العادة [ثمّ طالبه] ولو اشتغل بكلام آخر أو سكت لغير حاجة ، بطلت شفعته.

ولو أخبره مخبر بالبيع وصدّقه لقرائن دلّت على صدقه ، ولم يطالبه ،

__________________

(١) وهو بمعنى المتثبّت من غير عجلة. قال الطريحي في مجمع البحرين : التّؤدة من الوئيد وهي السكون والرزانة والتأنّي والمشي بثقل ، ويقال : اتّئد في أمرك : أي تثبّت. وفي النسختين «متأيدا».

قال في المسالك : ١٢ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ : «والمراد بالمتّئد : المتثبت من غير عجلة» ثم نقل كلاما عن نهاية ابن الأثير وقال : «وعلى هذا فيجب كتابة قوله : «متئدا» بالتاء المثناة المشدّدة ثمّ الهمزة ، وتكتب بالياء لكونها مكسورة ، وفي كثير من النسخ مكتوب بالف بين التاء والياء ، وهو غلط.

٥٧١

بطلت شفعته ، ولو قال : لم أصدّقه ، وكان [المخبر] ممّن يحكم بشهادته ، كرجلين عدلين ، بطلت شفعته ، وإن كان ممّن لا يعمل بقوله ، كالصبيّ ، والفاسق ، والواحد العدل ، لم تبطل.

ولو وجده في غير بلده ولم يطالبه ، وقال : إنّما تركت لأطالبه في البلد الّذي فيه البيع أو المبيع ، أو لأخذ الشقص في موضع الشفعة ، بطلت شفعته ، إذ ليس ذلك عذرا.

ولو قال : نسيت فلم أذكر المطالبة ، أو نسيت البيع ، بطلت ، لأنّه خيار على الفور ، إذا أخّره نسيانا بطل ، ويحتمل عدم البطلان ، لأنّه عذر ، وكذا التردّد لو قال : جهلت استحقاق الشفعة ، مع إمكانه في حقّه.

٦١٨٥. الرابع : لو أظهر المشتري له أنّ الثمن أكثر ممّا وقع عليه العقد ، فترك ، لم تبطل شفعته ، ولا يفتقر إلى اليمين بأنّه لم يترك إلّا لكثرة الثمن ، وكذا لو أظهر أنّ المبيع سهام قليلة فبانت كثيرة أو بالعكس ، أو أنّ الثمن دراهم فبان دنانير أو بالعكس ، سواء تساوت قيمتها أولا ، أو أنّ الثمن نقد فبان عرضا ، أو بالعكس ، أو نوع من العرض فبان غيره ، أو أنّ المشتري اشتراه لنفسه فبان لغيره ، أو بالعكس ، أو أنّ الشراء لواحد فبان لاثنين ، أو بالعكس ، أو أنّه اشتراه لشخص فبان لآخر ، أو أنّه اشترى الجميع بثمن فبان أنّه اشترى نصفه بنصفه ، أو أنّه اشترى نصفه بثمن ، فبان أنّه اشتراه أجمع بضعفه ، أو أنّه اشترى الشقص وحده ، فظهر أنّه اشتراه هو وغيره ، أو بالعكس.

ولو أظهر أنّه اشتراه بثمن فترك ، فبان بأكثر ، أو أنّه اشترى الجميع بثمن فترك ، فبان شراء البعض به ، بطلت شفعته.

٥٧٢

٦١٨٦. الخامس : الشفيع يأخذ الشّقص بالثمن الّذي وقع عليه العقد ، ويسلّمه أوّلا ، فإن امتنع لم يجب على المشتري التسليم حتّى يقبض ، فإن كان الثمن مثليا كالذّهب والفضّة وغيرهما أعطاه الشفيع مثله ، وإن لم يكن مثليّا اختلف علماؤنا ، فالأكثر على ثبوت الشفعة (١) وقال بعضهم : تسقط (٢) ، وعليه دلّت رواية علي بن رئاب الصّحيحة عن الصادق عليه‌السلام (٣) ولأنّها تجب بمثل الثمن وهذا لا مثل له.

وعلى القول الأوّل يأخذه بقيمة الثمن وقت العقد ، وليس للشفيع تبعيض حقّه ، بل يأخذ الجميع بكلّ الثمن أو يدع ، ولا يلزمه ما يغرم المشتري من دلالة ، أو وكالة ، أو أجرة حافظ ، أو غير ذلك من المؤن ، ويأخذ الثمن الّذي وقع عليه العقد ، سواء كانت قيمة الشقص أكثر أو أقلّ.

ولو كان البائع مريضا ، وباع بثمن المثل صحّ ، سواء باع للوارث أو لغيره.

ولو باع بالمحاباة صحّ ما قابل الثمن ، وكان الزائد من الثلث ، فإن خرج صحّ البيع في الجميع ، وللشفيع أخذه بالشفعة بذلك الثمن ، ولا يمنعها كونه مسترخصا ، وكذا إن لم يخرج وأجاز الورثة ، وإن لم يجز صحّ بقدر الثلث ، وبطل الزائد ، فيتخيّر المشتري ، فإن أخذه كان للشفيع أخذ ما حصل له بالبيع

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٣ / ١٠٨ و ١٣١ ، والمفيد في المقنعة : ٦١٩ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٣٦١ ، والحلّي في السرائر : ٣٨٥ ـ ٣٨٦.

(٢) وهو خيرة ابن حمزة في الوسيلة : ٢٥٨ ، والشيخ في الخلاف : ٣ / ٤٣٢ ، المسألة ٧ من كتاب الشفعة.

(٣) الوسائل : ١٧ / ٣٢٤ ، الباب ١١ من أبواب الشفعة ، الحديث ١.

٥٧٣

والمحاباة بالشفعة بمثل الثمن ، وإن فسخ لتبعيض الصفقة ، كان للشفيع الأخذ ، كما لو ردّ المشتري بالعيب.

ولو زاد المشتري في الثمن أو نقصه البائع بعد العقد وانقضاء الخيار ، فهو هبة ، أو إبراء لا يثبت في حقّ الشفيع ، بل يدفع كمال الثمن من غير زيادة ولا نقصان ، وكذا لو كانت الزيادة في وقت الخيار أو النقيصة وقال الشيخ رحمه‌الله : يلحق بالعقد بناء على أنّ الانتقال بانقضاء الخيار (١) وليس بمعتمد ، وينسحب على قول الشيخ ـ لو كان الثمن غير مثليّ ـ وجوب القيمة يوم انقضاء الخيار.

ولو كان الثمن مؤجّلا فللشيخ قولان : أحدهما تخيّر الشفيع بين دفع الثمن عاجلا وأخذ الشقص ، وبين الصبر إلى الأجل وأخذه بالثمن في محلّه ، ودفع الثمن بعد الأجل (٢) والثاني أخذ الشقص عاجلا وإقامة كفيل بالمال ليدفعه عند الأجل إن لم يكن مليّا (٣) وهو الأقوى عندي.

وإذا أخذه الشفيع بالأجل ، فمات الشفيع أو المشتري حلّ الدّين على الميّت منهما دون صاحبه.

ولا يجب على المشتري دفع الشقص ما لم يبذل الشفيع الثمن الّذي وقع عليه العقد.

ولو باع شقصا مشفوعا منضمّا إلى ما لا شفعة فيه ، صفقة ، تثبت الشفعة

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ١٢٧.

(٢) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٣ / ١١٢.

(٣) وهو خيرة الشيخ في النهاية : ٤٢٥.

٥٧٤

في الشقص بحصّته (١) من الثمن ، ولا تثبت في الآخر ، ولا خيار للمشتري هنا ، لأنّ تبعيض الصّفقة تجدّد في ملكه باستحقاق الشفعة.

ولو باع شقصين من موضعين ، تجب فيهما الشفعة لو أخذ صفقة ، وشريك أحدهما غير شريك الآخر ، فلهما أن يأخذا ، ويقسّم الثمن على قدر القيمتين ، ولو أخذ أحدهما دون الآخر صحّ ، وليس له أخذ الحصّتين ، ولو كان الشريك واحدا فله أخذهما وتركهما ، وأخذ أحدهما دون الآخر.

ولو اشتراه بمائة ودفع عرضا يساوي عشرة ، لزم الشفيع مائة أو يترك.

٦١٨٧. السادس : تصرّف المشتري في المبيع قبل الأخذ بالشفعة صحيح ، فان باعه تخيّر الشفيع بين فسخ البيع وأخذه بالبيع الأوّل بثمنه ، وبين إمضائه والأخذ من الثاني ، فلا ينفسخ الأوّل ، وكذا لو باعه الثاني على ثالث ، إن أخذ من الأوّل انفسخ الآخران ، وإن أخذ من الثاني ، انفسخ الثالث خاصّة ، وإن أخذ من الثالث لم ينفسخ شي‌ء.

فإذا أخذه من الثالث دفع إليه الثمن الّذي اشترى به ، ولم يرجع على أحد.

وإن أخذه من الثاني ، دفع إليه الثمن الّذي اشترى به ، ورجع الثالث عليه بما أعطاه ، لانفساخ عقده.

ولو تصرّف المشتري بما لا تجب فيه الشفعة (٢) كالوقف ، والهبة ، والرهن ، وجعله مسجدا ، فللشفيع فسخ ذلك ، ويأخذه بالثمن الّذي وقع عليه

__________________

(١) في «ب» : بحصّة.

(٢) في «ب» : بما لا يجب في الشفعة.

٥٧٥

العقد ، ويأخذ الشفيع الشّقص ممّن هو في يده ، ويفسخ عقده ، ويدفع الثمن إلى المشتري لا الموهوب.

ولو تقايل المتبايعان ، لم تسقط الشفعة ، وللشفيع فسخ الإقالة والدرك باق على المشتري ، وكذا لو ردّ المشتري بعيب.

ولو رضي الشفيع بالبيع ثمّ تقايلا ، لم يكن له بالإقالة شفعة ، لأنّها فسخ لا بيع.

ولو سأل البائع الشفيع الإقالة فأقاله لم تصحّ ، لأنّها انّما تثبت بين المتعاقدين ، نعم لو باعه إيّاه صحّ.

٦١٨٨. السابع : الشفيع إنّما يأخذ من المشتري ودركه عليه ، فلو ظهر الشقص مستحقّا ، رجع بالثمن على المشتري ، ويرجع المشتري على البائع ، وإن أخذه (١) معيبا ، فله ردّه على المشتري ، أو أخذ أرشه منه ، والمشتري يردّ على البائع ، أو يأخذ منه الأرش ، سواء كان الشفيع أخذ من البائع أو من المشتري.

وحكم الشفيع حكم المشتري في الردّ بالعيب ، فإن علم المشتري بالعيب دونه ، فللشفيع ردّه على المشتري ، ويسقط الأرش ، لأنّه يأخذ بالثمن الّذي استقرّ عليه العقد.

وإن علم الشفيع دون المشتري ، فلا أرش لأحدهما ولا ردّ ، لأنّ الشفيع أخذه عالما بعيبه ، والمشتري زال ملكه عنه بأخذ الشفيع ، فلا ردّ ولا أرش له ،

__________________

(١) في «ب» : وإن وجده.

٥٧٦

لأنّه استرجع جميع ثمنه ، فأشبه بما لو ردّه على البائع ، ويحتمل الأرش ، لأنّه عوض الجزء الغائب ، فان أخذ الأرش ، سقط عن الشفيع من الثمن بقدره.

ولو علما معا فلا أرش لأحدهما ولا ردّ ، ولو جهلا ، فإن ردّه الشفيع تخيّر المشتري بين الأرش والردّ ، وإن أخذه الشفيع بالأرش فلا ردّ للمشتري ، وله الأرش ، ولو أخذه الشفيع بغير أرش ، فالوجه أنّ للمشتري أخذ الأرش من البائع.

ثمّ إن كان الشفيع أسقطه عن المشتري ، توفّر عليه ، وإلّا سقط من الثمن عن الشفيع بقدره ، لأنّه الثمن الذي استقرّ عليه البيع وسكوته لا يسقط حقّه.

ولو اشتراه المشتري بالبراءة من العيوب ، فان علم الشفيع بالشرط ، فحكمه حكم المشتري ، وإلّا فحكمه حكم ما لو علم المشتري دون الشفيع.

وإذا كان الشقص في يد المشتري أخذه الشفيع ، وإن كان في يد البائع ، قيل له : خذ من البائع أو دع.

ولا يكلّف المشتري القبض من البائع لو امتنع ، سواء طلبه الشفيع أو لا ، ويكون قبض الشفيع من البائع كقبض المشتري ، والدرك مع ذلك على المشتري.

وليس للشفيع فسخ البيع ، ولو نوى الفسخ والأخذ من البائع لم يصحّ.

٦١٨٩. الثامن : لو غرس المشتري أو بنى بأن يظهر للشفيع أنّه موهوب ، أو اشتراه بأكثر من ثمن المثل ، فيقاسمه ، ثمّ يظهر الخلاف بعد الغرس والبناء ، أو يكون غائبا فيقاسمه وكيله ، أو مجنونا أو صبيّا ، فيقاسمه الوليّ ، ثمّ يقدم أو

٥٧٧

يعقل ، أو يبلغ بعد البناء والغرس ، فإذا طلب الشفيع بالشفعة ، كان للمشتري قلع بنائه وغرسه ، وليس عليه تسوية الحفر ولا أرش النقص ، لأنّه تصرّف في ملكه ، فلا يقابله ثمن ، وللشفيع أن يأخذ بجميع الثمن أو يدع.

ولو امتنع المشتري من الإزالة ، كان للشفيع قلعه ويضمن ما نقص من الغرس والبناء بالقلع ، ولو بذل قيمة الغرس والبناء ، كانا له مع اختيار المشتري ، ولو قيل بوجوب إلزام المشتري بالقلع ولا شي‌ء له كان وجها.

وعلى قول أصحابنا لا تجب قيمة الغرس مستحقّا للبقاء في الأرض ، لأنّه لا يستحقّ ذلك ولا قيمته مقلوعا ، لأنّه لو وجبت قيمته مقلوعا ، لملك قلعه من غير أرش ، ولأنّه قد لا يكون له قيمة بعد القلع.

وإنّما طريق ذلك أن تقوّم الأرض وفيها الغرس والبناء ، ثمّ تقوّم خالية عنهما ، فيكون بينهما قيمة الغرس والبناء ، فيدفعه الشفيع الى المشتري إن اتّفقا ، أو ما نقص منه إن اختار القلع ، ويحتمل أن يقوّم الغرس والبناء مستحقا للترك بالأجرة أو لأخذه بالقيمة إذا امتنعا من قلعه.

ولو كان للغرس وقت يقلع فيه ، لو قلع قبله لم يكن له قيمة ، أو تكون قيمته قليلة ، جاز للشفيع قلعه ، لأنّه يؤدّي الأرش.

ولو غرس أو بنى مع الشفيع أو وكيله ، ثمّ أخذه الشفيع ، فالحكم في أخذ نصيبه من ذلك كالحكم في الجميع.

ولو زرع المشتري ، فللشفيع الأخذ ، وليس له قلع الزّرع ، لقلّة لبثه في الأرض ، ولا أجرة له ، لأنّ المشتري زرعه في ملكه ، وقيل يتخيّر الشفيع بين الأخذ في الحال ، والصبر إلى الحصاد (١) وليس بمعتمد.

__________________

(١) وهو خيرة المحقّق في الشرائع : ٣ / ٢٦٢.

٥٧٨

وكذا لو أثمر النخل في ملك المشتري ثمّ أخذ الشفيع ، كان عليه التبقية إلى أو ان أخذه.

وإذا نما الشقص في يد المشتري نماء متصلا كالشجر يكبر ، فللشفيع أخذه مع الزيادة ، ولو كان النماء منفصلا ، كالغلّة والأجرة والثمرة ، فهي للمشتري ويجب بقاؤها إلى حين أخذها.

ولو اشتراه وفيه طلع غير مؤبّر ، فأبّره المشتري ، ثمّ أخذه الشفيع ، فالثمرة للمشتري ، ويأخذ الأرض والنخل بحصّتهما (١) من الثمن.

ولو تجدّد الطّلع في يد المشتري ، فأخذه الشفيع قبل التأبير ، قال الشيخ : الطّلع للشفيع ، لأنّه بمنزلة السعف (٢) وليس بمعتمد.

٦١٩٠. التاسع : لو تلف المبيع في يد المشتري سقطت الشفعة ـ سواء كان بفعله أو لم يكن ـ قبل المطالبة ، أمّا لو أتلفه بعد المطالبة ، فإنّه يكون مضمونا عليه ، ولو تلف بعضه كانهدام المبيع أو تعيّب ، فان كان بغير فعل المشتري أو بفعله قبل المطالبة ، تخيّر الشفيع بين الأخذ بكلّ الثمن ، وبين الترك لا بحصّته (٣) الموجود من الثمن (٤) ، وإن كان بفعل المشتري بعد المطالبة ، ضمن المشتري النقص ، ويحتمل ضمانه إذا فعل ذلك قبل المطالبة ، فيأخذ الشفيع بحصّته من الثمن ، وكذا إن كان بفعل آدميّ غير المشتري ، لأنّه يرجع بدله إلى المشتري فلا يتضرّر ، والأنقاض (٥) على التقديرات كلّها للشفيع سواء كانت في المبيع أو منقولة عنه.

__________________

(١) في «ب» : بحصّتها.

(٢) المبسوط : ٣ / ١١٩.

(٣) في «ب» : لا بحصّة.

(٤) ردّ لما يقوله بعض العامّة ، قال ابن قدامة في المغني : ٥ / ٥٠٣ : «ثمّ إن أراد الشفيع الأخذ بعد تلف بعضه ، أخذ الموجود بحصّته من الثمن» وعلى ذلك ففي العبارة حزازة. ولاحظ المبسوط : ٣ / ١١٦.

(٥) الأنقاض : هي آلات البناء من الخشب والحجارة. كذا فسّره الشهيد في المسالك : ١٢ / ٣٢٥.

٥٧٩

ولو ظهر عيب سابق فأخذ المشتري أرشه ، فللشفيع أخذه بما بعد الأرش ، ولو أمسكه المشتري بغير أرش ، أخذه الشفيع بغير أرش أو ترك.

٦١٩١. العاشر : لو اشترى بثمن فظهر مستحقّا ، فإن كان الشراء بالعين بطل البيع ، ولا شفعة ، ولو أجاز مالك الثمن الشراء صحّ البيع ، وثبتت الشفعة ، وعلى تقدير عدم الإجازة لو كان الشفيع قد أخذ بالشفعة ، لزمه ردّ ما أخذ على البائع ، وإن كان قد اشترى بثمن في الذمة ، ثمّ نقد الثمن فبان مستحقّا ، ثبتت الشفعة ، فإن تعذّر قبض الثمن من المشتري لإعسار أو غيره ، فللبائع فسخ البيع ويقدّم حقّ الشفيع (١).

ولو دفع الشفيع الثمن فبان مستحقا ، لم تبطل شفعته ، ووجب عليه دفع عوضه.

وإنّما تثبت غصبيّة ما دفعه المشتري بالبيّنة أو بإقرار الشفيع والمتبايعين ، فلو أقرّ المتبايعان وأنكر الشفيع ، لم يقبل قولهما عليه ، ويأخذ بالشفعة ويدفع الثمن إلى صاحبه ، ويرجع البائع على المشتري بعوضه ، إن كان الثمن في الذّمة ، وإن كان بالعين رجع بقيمة الشقص.

ولو أقرّ الشفيع والمشتري دون البائع بطلت الشفعة ، ووجب على المشتري ردّ مثل الثمن الّذي دفعه إلى البائع أو قيمته ، ويبقى الشقص معه بزعم (٢) أنّه للبائع ، فيشتري الشقص منه ويتبارءان.

__________________

(١) في «ب» : وتقديم حقّ الشفيع.

(٢) في «ب» : يزعم.

٥٨٠