تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

٥٩٣٨. الخامس : لو نذر عتق رقبة بعينها ، فمات قبل العتق فإن كان قد تمكّن منه لزمته الكفّارة ، وإلّا فلا شي‌ء عليه ، وعلى التقديرين لا يلزمه عتق عبد.

السابع : الهدي

وفيه ثمانية مباحث :

٥٩٣٩. الأوّل : إذا نذر أن يهدي إلى مكّة وأطلق ، انصرف إلى أقلّ ما يسمّى من النّعم هديا ، وقيل : يلزمه ما يجزي في الأضحيّة (١) وقيل : يجزي أقلّ ما يتموّل ولو بيضة. (٢)

٥٩٤٠. الثاني : لو نذر أن يهدي بدنة وأطلق ، انصرف الإطلاق إلى الكعبة ، ولو نوى منى لزمه.

ولو نذر الهدي إلى غير هذين الموضعين لم يلزم الوفاء به.

٥٩٤١. الثالث : لو نذر أن يهدي إلى بيت الله تعالى غير النّعم ، قيل : يبطل (٣) وقيل : يباع ويصرف في مصالح البيت (٤) ويحتمل التفرقة في مساكينه.

ولو نذر أن يهدي عبده أو أمته إلى بيت الله أو إلى أحد المشاهد بيع ذلك

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٦ / ١٩٧ ، المسألة ٨ من كتاب النذور.

(٢) نقله المصنف في المختلف : ٨ / ٢٢٥ عن الشيخ في المبسوط ، وحكاه الشهيد في المسالك : ١١ / ٣٧٢ عن المبسوط أيضا. ولم نعثر عليه.

(٣) اختاره القاضي ابن البراج في المهذب : ٢ / ٤٠٩.

(٤) قال الشهيد الثاني قدس‌سره في المسالك : ١١ / ٣٧٣ : أمّا القول ببيعه وصرف ثمنه في مصالح البيت فنقله المصنّف عن بعضهم ، ولم نعلم قائله.

٣٦١

وصرف ثمنه في مصالح البيت أو المشهد الّذي نذر له ، وفي معونة الحاجّ أو الزائرين ، ولا يصرف إليهم ذلك إلّا بعد تلبّسهم بالسّفر إلى الحجّ أو الزيارة ، وتناول اسم الحاجّ أو الزائرين لهم ، والوجه تعميم الحكم ، فلو نذر أن يهدي داره أو أرضه بيع وصرف ثمنه في ذلك.

٥٩٤٢. الرابع : إذا نذر الإهداء إلى مكّة فالوجه وجوب الذبح بها أو النحر ، ولو نذر نحر هدي بمكّة تعيّنت البدنة ، ووجب النحر بها ، وهل يتعيّن التفرقة (١) بها؟ الأقرب ذلك ، وكذا البحث في منى.

ولو نذر نحره أو ذبحه بغير هذين ، قال الشيخ : لا ينعقد (٢) والأقوى انعقاده.

٥٩٤٣. الخامس : لو نذر (٣) هدي بدنة ، تعيّنت الأنثى من الإبل ، فإن تعذّر عليه الإبل ، وجب عليه بقرة ، فإن تعذّر ذلك فسبع شياه ، ولا تجزئ البقرة ولا الشياه مع التمكّن من البدنة.

٥٩٤٤. السادس : لو نذر إهداء الشمع أو الزيت وأشباهه إلى المساكن المشرّفة ، كالمشاهد ، والمساجد ، وجب عليه الوفاء به ، ومنع بعض الجمهور من إهداء ذلك إلى المشاهد ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن المتخذات على القبور المساجد والسّرج. (٤) وليس بمعتمد.

__________________

(١) في «أ» : «الصدقة» بدل «التفرقة».

(٢) حكاه الشهيد في المسالك : ١١ / ٣٧٦ عن الشيخ في المبسوط. ولم نعثر عليه.

(٣) في «ب» : إذا نذر.

(٤) المغني لابن قدامة : ١١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.

٣٦٢

٥٩٤٥. السابع : لو نذر أن يستر الكعبة أو يطيّبها لزمه ، ويجوز ستر الكعبة بالحرير ، وكذا لو نذر تطييب مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو غيره من المساجد.

٥٩٤٦. الثامن : لو نذر أن يضحي ببعض البلاد ، فالوجه لزوم الذّبح به ، والتفرقة على أهله فيه.

ولو نذر أن يهدي ظبية إلى مكّة لزمه التبليغ ، ويتصدّق بها حيّة ، ولا يجب الذبح ، وكذا لو نذر ذلك في بعير معيب.

الفصل الثالث : في اللواحق

وفيه سبعة مباحث :

٥٩٤٧. الأوّل : العهد لازم كاليمين والنذر ، وصورته أن يقول : عاهدت الله أو على عهد الله أنّه متى كان كذا فعليّ كذا ، وإنّما يجب الوفاء به إذا كان ما عاهد عليه واجبا أو ندبا أو ترك حرام أو ترك مكروه أو مباحا يترجّح فعله إن عاهد على الفعل أو تركه إن عاهد على الترك على الطرف الآخر في الدنيا ، أو يتساوى الطرفان ، ولو ترجّح الطرف الآخر على ما عاهد عليه فليفعل الأرجح ، ولا كفّارة عليه بمخالفة العهد ، كما قلنا في اليمين والنذر.

٥٩٤٨. الثاني : لا ينعقد العهد إلّا من مكلّف مختار قاصد ناطق به لفظا مع النيّة ، ولو تجرّدت النيّة عن النطق لم ينعقد ، خلافا للشيخ. (١)

__________________

(١) النهاية : ٥٦٢.

٣٦٣

٥٩٤٩. الثالث : اختلف علماؤنا في كفّارة خلف النذر ، فقيل : كفّارة يمين (١) وبه رواية حسنة (٢) وقيل : كفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان. (٣) والأقوى عندي الأوّل ، وكذا الخلاف في كفّارة خلف العهد ، وإنّما تجب الكفّارة مع المخالفة عمدا اختيارا ، ولو خالف ناسيا أو مكرها لم تجب الكفارة.

٥٩٥٠. الرابع : قد بيّنا أنّ نذر المعصية لا ينعقد ، فلو نذر أن يذبح ولده كان لاغيا ، ولا يجب به كفّارة ، وكذا لو نذر أن يذبح نفسه أو أجنبيّا أو قريبا ، وما روي عن الباقر عليه‌السلام (٤) من تحقّق كفّارة اليمين في النذر لغير الله ، فمحمول على الاستحباب ، مع أنّ في الرّواية ضعفا [في السند] وفي حديث السّكوني : ذبح كبش يتصدّق لحمه على المساكين فيمن نذر نحر ولده. (٥) وهي محمولة على الاستحباب.

٥٩٥١. الخامس : روي (٦) أنّ من نذر أن لا يتزوّج حتّى يحجّ ، ثمّ تزوّج قبل الحجّ ، وجب عليه الوفاء بالنذر ، سواء كانت حجّته حجّة الإسلام أو حجّة التطوّع ، لأنّه عدل عن طاعة إلى مباح.

__________________

(١) هو خيرة الصدوق في الفقيه : ٣ / ٢٣٢ ، في ذيل الحديث ١٠٩٥.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٥٧٥ ، الباب ٢٣ من أبواب الكفارات ، الحديث ٤.

(٣) ذهب إليه المفيد في المقنعة : ٥٦٩ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٥٧٠ ، المبسوط : ٦ / ٢٠٧ وابن البرّاج فى المهذب : ٢ / ٤٢١ ، والحلبي في الكافي في الفقه : ٢٢٥ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٥٣.

(٤) الوسائل : ١٥ / ٥٧٥ ، الباب ٢٣ من أبواب الكفّارات ، الحديث ٦. وضعف الرواية لأبي الجوزاء فانّه كان عامّيا.

(٥) الوسائل : ١٦ / ٢٠٦ ، الباب ٢٤ من كتاب النذر والعهد ، الحديث ٢.

(٦) الوسائل : ١٦ / ١٩١ ، الباب ٧ من كتاب النذر والعهد ، الحديث ١.

٣٦٤

٥٩٥٢. السادس : إذا أطلق النذر لم يجب الفور فيه ، سواء كان حجّا أو صوما أو غيرهما ، لكنّه تستحبّ المبادرة.

وإن عيّنه بوقت لم يجز له التأخير عنه ، فإن أخّره وجب عليه القضاء وكفّارة خلف النذر.

٥٩٥٣. السابع : من نذر أنّه متى رزق ولدا حجّ به أو حجّ عنه ثمّ مات الناذر ، وجب أن يحجّ بالولد أو عنه من صلب ماله.

ولو نذر ترك بيع ما الأولى ترك بيعه فباعه ، ففي صحّة البيع إشكال ، فإن قلنا بانعقاده وجبت الكفّارة ، وإلّا فلا.

٣٦٥
٣٦٦

المقصد الخامس : في الكفّارات

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في أقسامها

وفيه اثنا عشر بحثا :

٥٩٥٤. الأوّل : الكفّارة إمّا مخيّرة أو مرتّبة أو كفّارة الجمع.

فالمخيّرة : كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوبه بما تقدّم من موجبات التكفير ، وهي عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكينا ، وكفّارة من أفطر يوما نذر صومه على الأقوى ، وهي كفّارة رمضان ، وكذا كفّارة الحنث في العهد على الأقوى.

واختلف في كفّارة الحنث في النّذر غير الصوم ، فالأقوى عندي أنّها كفّارة يمين.

وكفّارة اليمين هي عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، فإن عجز عن ذلك كلّه صام ثلاثة أيّام متتابعات.

٣٦٧

والمرتّبة كفّارة الظهار ، وهي عتق رقبة ، فإن عجز صام شهرين متتابعين ، فإن عجز أطعم ستّين مسكينا ، وكذا كفّارة قتل الخطاء.

وكفّارة من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان بعد الزوال ، إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام متتابعات ، ولا كفّارة في قضاء النذر المعيّن ولا غيره من قضاء الواجبات.

وكفّارة الجمع كفّارة قتل العمد ظلما للمؤمن ، وهي عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين ، وإطعام ستّين مسكينا.

واختلف علماؤنا في كفّارة الإحرام ، هل هي مرتّبة أو مخيّرة؟ عدا كفّارة الحلق ، وقد سبق البحث في ذلك كلّه (١).

٥٩٥٥. الثاني : قال الشيخ رحمه‌الله : من حلف بالبراءة من الله أو من رسوله أو من أحد الأئمة عليهم‌السلام ، كان عليه كفّارة ظهار ، فإن عجز كان عليه كفّارة يمين (٢) وقال ابن إدريس : يأثم ولا كفّارة عليه (٣) ، وروى ابن بابويه قال كتب محمد بن الحسن [الصفار] إلى العسكري عليه‌السلام في رجل حلف بالبراءة من الله أو من رسوله فحنث ما توبته وكفّارته؟ فوقّع عليه‌السلام : يطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ ، ويستغفر الله عزوجل. (٤) وعلى هذه الرواية أعمل.

٥٩٥٦. الثالث : لو جزّت المرأة شعرها في المصاب ، قال الشيخ : كان عليها

__________________

(١) انظر الجزء الثاني من هذا الكتاب : ص ٣٨ ، فيما يجب على المحرم من الكفّارات.

(٢) النهاية : ٥٧٠.

(٣) السرائر : ٣ / ٤٠.

(٤) الفقيه : ٣ / ٢٣٧ برقم ١١٢٧. ولاحظ الوسائل : ١٦ / ١٢٦ ، الباب ٧ من كتاب الأيمان ، الحديث ٣.

٣٦٨

كفّارة قتل الخطاء : عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكينا (١) مع أنه أفتى بالترتيب في كفّارة القتل ، فيحتمل إرادته هنا وإرادة المقدار مع التخيير ، والرواية دلّت على التخيير مع ضعف سندها (٢) فقيل : تأثم ولا كفّارة. (٣) وعلى تقدير الكفّارة لو جزّته في غير المصاب بغير ضرورة ففي إلحاقه بالمصاب نظر.

أمّا لو جزّته للحاجة فلا كفّارة.

ولو جزّت بعضه ففي إلحاقه بالجميع إشكال.

والجزّ هو القصّ ، فلو نتفته أجمع لم يلحق بالجزّ على إشكال.

ولو حلقته فالأقرب إلحاقه بالجزّ.

ولا فرق بين أن تفعل ذلك مباشرة أو تأمر بفعله على إشكال.

٥٩٥٧. الرابع : لو نتفت المرأة شعرها في المصاب ، وجب عليها كفّارة يمين ، ويتساوى جميع الشعر وبعضه على إشكال ، فالبحث في النتف بغير المصاب كالجزّ.

٥٩٥٨. الخامس : لو خدشت وجهها في المصاب وجب عليها كفّارة اليمين ، ولا يشترط استيعاب الوجه بالخدش ولا إخراج الدم ، وفي الرواية دلالة على

__________________

(١) النهاية : ٥٧٣.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٥٨٣ ، الباب ٣١ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

(٣) كما في الشرائع : ٣ / ٦٨ ، وفي جواهر الكلام : ٣٣ / ١٨٥ : «وأمّا ما في المتن من أنّه قيل : تأثم ولا كفّارة استضعافا للرواية وتمسّكا بالأصل ، فلم نتحقّقه قبل المصنف ، كما عن جماعة الاعتراف به أيضا».

٣٦٩

اشتراط الدّم (١) ولا قطع الجلد بأسره ، بل لو قطعت ظاهره تعلّق به الحكم.

ولو لطمت خدّها من غير خدش لم يجب عليها كفّارة.

ولو خدشت غير الوجه من سائر جسدها لم يتعلّق به حكم.

ولا كفّارة على الرّجل بالجزّ والخدش والنّتف.

٥٩٥٩. السادس : لو شقّ الرّجل ثوبه في موت ولده أو زوجته ، وجب عليه كفّارة يمين ، ولا كفّارة عليه لو شقّه على غيرهما من الأب والأخ وغيرهما وإن كان أجنبيّا ، بل يستغفر الله تعالى ، وفي إلحاق أمّ الولد والسّريّة بالزوجة إشكال ، أمّا المتمتّع بها فإنّها زوجة ، وكذا المطلّقة رجعيّا.

ولا تتعلّق الكفّارة بشقّ العمامة وغيرها.

ولا كفّارة على المرأة بالشقّ على من كان ، بل تستغفر الله تعالى.

ولا فرق بين شقّ الثوب أجمع أو بعضه ، ولا بين كون الولد للصلب أو ولد الولد ذكرا كان أو أنثى لذكر كان أو لأنثى على إشكال.

٥٩٦٠. السابع : من تزوّج امرأة في عدّتها ، فارقها وكفّر بخمسة أصوع من دقيق ، وقال ابن إدريس : إنّه مستحبّ ، (٢) ولا فرق بين عدّة الموت والطلاق ، ولا بين كون الطلاق رجعيّا أو بائنا ، ولا بين كونه عالما بالتحريم والعدّة أو جاهلا بهما أو بأحدهما على إشكال ، ولا بين كون المرأة حرّة أو أمة ، ولا بين كون التزويج دائما أو منقطعا ، ولا بين كون العدة للنكاح الدائم أو المنقطع ، ولا بين

__________________

(١) الوسائل : ١٥ / ٥٨٣ ، الباب ٣١ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

(٢) السرائر : ٣ / ٧٧.

٣٧٠

كون الفرقة بالطلاق أو غيره كاللعان والارتداد والفسخ بالعيب ، ولا بين كون التزويج منضمّا إلى الدخول أو لا.

ولو اشترى المدخول بها ففسخ أو لم يفسخ ، ثمّ وطئ بالملك مع الجهل ، لم يجب عليه الكفّارة ، وكذا مع العلم.

ولو زنى بذات العدّة فلا كفّارة ، عالما كان أو جاهلا ، وفي رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام في رجل تزوّج امرأة ولها زوج فقال : إذا لم يرفع خبره إلى الإمام فعليه أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقا (١) هذا بعد أن يفارقها ، وفي هذه الرواية دلالة على وجوب الكفّارة على من تزوّج بذات البعل.

وقال السيّد المرتضى : من تزوّج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم بذلك ، فعليه أن يفارقها ويتصدّق بخمسة دراهم. (٢) ولا يجزئ غير الدقيق من الحنطة والشعير وغيرهما ، ويجزئ الدّقيق من الحنطة والشعير والذرة والدخن ، والأقرب إجزاء الخمسة من الخبز.

٥٩٦١. الثامن : من نام عن العشاء ولم يستيقظ حتّى يمضي نصف الليل ، قضاها وأصبح صائما كفّارة عن ذلك الفعل ، أفتى به الشيخ. (٣) والرواية به مقطوعة. (٤) وقال ابن ادريس : إنّه مستحبّ (٥).

__________________

(١) الوسائل : ١٥ / ٥٨٥ ، الباب ٣٦ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

(٢) الانتصار : ٣٦٦ ، المسألة ٢٠٨.

(٣) النهاية : ٥٧٢.

(٤) الوسائل : ٣ / ١٥٧ ، الباب ٢٩ من أبواب المواقيت ، الحديث ٨.

(٥) السرائر : ٣ / ٧٧.

٣٧١

والأقرب عدم إلحاق غير النائم به ، ولا يجب الصوم على العامد ولا على السكران ولا على الناسي.

ومع القول بوجوب الصوم فالأقرب اختصاص النائم عمدا به ، سواء نوى الصلاة بعد الانتباه أو لا.

أمّا ناسي الصّلاة إذا استوعب النوم الوقت ، فلا صوم عليه ، وكذا لا صوم على النائم من غير العتمة.

٥٩٦٢. التاسع : قال الشيخ : من وجب عليه صوم يوم نذره ، فعجز عن صيامه ، أطعم مسكينا مدّين من طعام كفّارة لذلك اليوم ، وقد أجزأه (١) وفي رواية محمّد بن منصور عن الكاظم عليه‌السلام في رجل نذر صياما فثقل الصوم عليه ، قال :

تصدّق كلّ يوم بمدّ من حنطة (٢)

وقال ابن إدريس : إن كان عجزه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه كالعطاش الذي لا يرجى برؤه ، فقول الشيخ صحيح ، وإن كان لمرض يرجى برؤه كالحمى ، وجب عليه الإفطار والقضاء من غير إطعام. (٣)

٥٩٦٣. العاشر : قال الصادق عليه‌السلام : كفارة الضحك اللهم لا تمقتني (٤).

وقال عليه‌السلام : كفارة عمل السّلطان قضاء حوائج الاخوان (٥).

__________________

(١) النهاية : ٥٧١.

(٢) الوسائل : ١٥ / ١٩٥ ، الباب ١٢ من كتاب النذر والعهد ، الحديث ٢.

(٣) السرائر : ٣ / ٧٥.

(٤) الوسائل : ١٥ / ٥٨٤ ، الباب ٣٤ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

(٥) الوسائل : ١٥ / ٥٨٤ ، الباب ٣٣ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

٣٧٢

وقال عليه‌السلام : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كفّارة الاغتياب؟ قال : تستغفر لمن اغتبته كلّما ذكرته (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : كفّارات المجالس أن تقول عند قيامك منها سبحان ربّك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين. (٢)

٥٩٦٤. الحادي عشر : روى ابن بابويه في حديث صحيح عن الرضا عليه‌السلام انّه سئل يا ابن رسول الله قد روي لنا عن آبائك عليهم‌السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ، ثلاث كفّارات ، وروي عنهم أيضا كفّارة واحدة ، فبأيّ الخبرين نأخذ؟

فقال : بهما جميعا ، متى جامع الرّجل حراما أو فطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفّارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان نكح حلالا ، أو أفطر على حلال ، فعليه كفّارة واحدة ، وقضاء ذلك اليوم وإن كان ناسيا فلا شي‌ء عليه. (٣)

٥٩٦٥. الثاني عشر : من ضرب مملوكه فوق الحدّ استحبّ التكفير بعتقه.

__________________

(١) الوسائل : ١٥ / ٥٨٣ ، الباب ٣٢ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٥٨٥ ، الباب ٣٧ من أبواب الكفّارات ، الحديث ١.

(٣) الفقيه : ٣ / ٢٣٨ برقم ١١٢٨ ، ولاحظ الوسائل : ٧ / ٣٥ ، الباب ١٠ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١.

٣٧٣

الفصل الثاني : في خصالها

وهي خمسة : العتق والصيام والإطعام والكسوة والاستغفار.

فالنظر يتعلّق هنا بأمور خمسة :

النظر الأوّل : في العتق

وفيه اثنا عشر بحثا :

٥٩٦٦. الأوّل : يشترط في الرّقبة الإيمان والسلامة وكمال الرقّ والخلوّ عن العوض.

وقد أجمع علماؤنا على اعتبار الإيمان في كفّارة القتل ، واختلفوا في اعتباره في غيرها من الكفّارات ، فقال السيّد المرتضى (١) وأكثر علمائنا :

باعتباره وهو الأقوى عندي ، وخالف فيه الشيخ. (٢) والمراد بالإيمان الإسلام فيجزئ عتق المخالف عدا الناصب والغلاة.

٥٩٦٧. الثاني : يجزئ في الرّقبة الذكر والأنثى والكبير والصغير وإن كان بعد سقوطه حيّا بلا فصل ، وفي رواية حسين بن سعيد عن رجاله عن الصادق عليه‌السلام :

إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كلّ العتق يجوز له المولود إلّا في كفّارة القتل ، فإنّ الله

__________________

(١) الانتصار : ٣٧٢ ، المسألة ٢١٦ ، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة.

(٢) المبسوط : ٦ / ٢١٢ ؛ الخلاف : ٤ / ٥٤٢ ، المسألة ٢٧ من كتاب الظهار.

٣٧٤

تعالى يقول : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (١) يعني بذلك مقرّة قد بلغت الحنث ، ويجزئ في الظهار صبيّ ممّن ولد في الإسلام (٢).

ومضمون الرواية جيّد ، ويحكم بإسلام الصبيّ بإسلام أحد أبويه.

٥٩٦٨. الثالث : يجب كون الرقبة منفصلة فلا يجزئ الحمل وإن كان أبواه مسلمين ، ولا قبل كمال انفصاله ، ولو أعتقه حين الولادة ثمّ مات أجزأ إن كان تحرّك بعد الولادة حركة الأحياء.

٥٩٦٩. الرابع : يجزئ الأخرس إذا كان قد سبق منه الإسلام أو كان أحد أبويه مسلما ، ولو كانا كافرين فبلغ وأسلم بالإشارة أجزأ ، سواء صلّى أو لا.

والمسبيّ من أطفال الكفّار لا يجزئ وإن انفرد به السابي المسلم عن أبويه الكافرين.

ولو أسلم المراهق فالوجه عدم الإجزاء ، نعم ينبغي أن يفرّق بينه وبين أبويه ، لئلّا يمنعاه عن عزم الإسلام.

٥٩٧٠. الخامس : يكفي في الإسلام الإقرار بالشهادتين ، ولا يشترط في الإجزاء الصلاة ولا التبرّي ممّا عدا الإسلام.

ويجزئ في ولد الزنا إذا كان مسلما ، وحكم بعض علمائنا بكفره (٣) ضعيف.

__________________

(١) النساء : ٩٢.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٥٥٦ ، الباب ٧ من أبواب الكفّارات ، الحديث ٦.

(٣) وهو السيد المرتضى قدس‌سره. انظر الانتصار : ٣٦٧ ، المسألة ٢٠٩ ـ كتاب الكفّارات ـ.

٣٧٥

ولو كانت أعجميّة وعرف مولاها أو الحاكم لغتها أجزأت ، وإلّا افتقرت إلى مترجمين عدلين يشهدان بالإسلام.

٥٩٧١. السادس : يشترط السلامة من العيوب الموجبة للعتق ، وهي : العمى ، والجذام ، والبرص ، والإقعاد ، وتنكيل المولى به ، ولا يشترط السلامة عن غير ذلك ، فيجزئ الأصمّ ، والخصيّ ، وأقطع اليدين ، أو إحدى الرّجلين ، لا مقطوعهما ، والأقرع ، والأعرج ، والأعور وأقطع الأذنين ، والرتقاء ، والهرم ، والعاجز ، والمريض ، سواء رجي برؤه أو لا ، وسواء مات في مرضه ذلك أو لا ، والأبرص.

وفي إجزاء المجنون المطبق عندي إشكال إذا لم يسبق منه الإسلام ولا ولد عليه.

ولو أعتق المرتدّ حال ردّته لم يجز على ما اخترناه ، سواء كان عن فطرة أو لا ، ولو أعتقه بعد رجوعه إلى الإسلام ، فإن كان عن غير فطرة أجزأ ، وإن كان عن فطرة فالوجه عدم الإجزاء ، وكذا لو أعتق من وجب قتله حدّا مع التوبة ، ولو قتل عمدا فأعتقه في الكفّارة فللشيخ قولان أقواهما عدم الجواز (١) ، وكذا القولان في الخطاء ، والأقرب الإجزاء (٢) ، ويضمن المولى الدّية.

ولو عفا الوليّ صحّ عتقه في الموضعين ، ولا بدّ من تجديد العتق في

__________________

(١) وهو خيرة الشيخ في الخلاف : ٤ / ٥٤٦ ، المسألة ٣٣ من كتاب الظهار وأمّا القول بالجواز فذهب إليه في المبسوط : ٥ / ١٦١.

(٢) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٤ / ٥٤٦ ، المسألة ٣٣ من كتاب الظهار ، وأمّا القول بعدم الجواز فخيرته في المبسوط : ٥ / ١٦١.

٣٧٦

العمد لو سبق العتق على ما اخترناه ، وكذا لا يجزئ لو جنى ما يجب العتق بالقصاص فيه ، كالعينين ، ويجزئ لو جنى غير ذلك ، ولو جنى دون النفس على عبد عمدا ، فالوجه الإجزاء ، وإن تعذّر القصاص ويضمن المولى حينئذ.

٥٩٧٢. السابع : المكاتب المطلق إذا أدّى من كتابته شيئا لم يجز عتقه لنقصان الملك ، ولو لم يؤدّ شيئا أو كان مشروطا ، فالوجه الإجزاء ، ولو كانت الكتابة فاسدة أجزأ إجماعا.

أمّا المدبّر فإن أعتقه بعد نقض التدبير أجزأ إجماعا ، وإن أعتقه قبله ، فالأقوى الإجزاء خلافا للشيخ في نهايته (١). ويجزئ عتق أمّ الولد ، سواء كان ولدها حيّا أو ميّتا ، وولدها المولود بعد كونها أمّ ولد ، ولا يجزئ منذور العتق ، سواء استقرّ الوجوب فيه بأن يكون مطلقا أو مقيّدا بشرط حصل ، أو لم يستقر بأن تعلّق شرط يتوقّع وجوده ، ولو فات الشرط أجزأ.

ويجزئ الآبق والغائب إذا لم يعرف موته وإن انقطع خبره ، ولو ظهرت وفاته قبل العتق لم يجزئه.

ولو كان في ظهار ووطئ ففي تكرير الكفّارة حينئذ إشكال.

ولو أعتق المرهون صحّ إن أجاز المرتهن وإلّا فلا ، وقال الشيخ : يصحّ مع عدم الإجازة إذا كان موسرا فيطالب بالمال إن كان حالّا ، ويرهن عوضه إن كان مؤجّلا (٢).

__________________

(١) النهاية : ٥٥٤.

(٢) المبسوط : ٥ / ١٦٠ ـ ١٦١. ولاحظ الخلاف : ٤ / ٥٤٥ ، المسألة ٣٢ من كتاب الظهار.

٣٧٧

ولو أعتق المغصوب صحّ عتقه وأجزأ عن الكفّارة.

٥٩٧٣. الثامن : لو أعتق جزءا من عبده المختصّ ، ونوى به التكفير ، صحّ وسرى العتق إليه أجمع ، ولو نوى إعتاق الجزء الّذي باشره بالإعتاق عن الكفّارة دون غيره ، ففي الإجزاء إشكال.

ولو كان مشتركا فأعتق نصيبه عن الكفّارة وهو موسر أجزأ.

وإن قلنا بعتقه أجمع بالإعتاق إذا نوى إعتاق جميعه عن الكفّارة (فالأقرب الإجزاء) (١).

ولو نوى عتق نصيبه خاصّة ففي الإجزاء إشكال وإن قلنا يعتق بأداء قيمة حصّة الشريك عتق نصيبه (٢) ، فإن نواه عن الكفّارة ثمّ دفع قيمته ونوى الإعتاق عن الكفّارة ، فالأقرب الإجزاء.

ولو نوى عتق الجميع عند الإعتاق ولم ينو عند الأداء ، ففي الإجزاء نظر.

ولو كان معسرا صحّ العتق في نصيبه ولم يجز عن الكفّارة وإن نواه ، ولا يسري العتق إلى نصيب الشريك ، وإن أيسر بعد ذلك.

ولو ملك النصيب فنوى إعتاقه عن الكفّارة فالأقرب الإجزاء ، لتحقّق عتق الرقبة ، وإن كان متفرّقا.

ولو أعتق نصفين من عبدين مشتركين لم يجزئه ، لعدم تحقّق النسمة ، وكذا لو كان نصف الرقيق حرّا.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».

(٢) أي عتق ولكن لا يحسب عن الكفّارة إلّا إذا نوى كما في العبارة التالية.

٣٧٨

ولو اشترى من يعتق عليه ، ونوى إعتاقه عن الكفّارة ، فالوجه عدم الإجزاء ، لأنّ النسمة لم يصادف ملكا قبل الشراء ولا بعده ، وللشيخ قولان أحدهما الإجزاء (١).

٥٩٧٤. التاسع : لو قال له : أنت حرّ وعليك كذا ، لم يجز عن الكفّارة ، لاشتماله على العوض ، فلم تتمحض القربة ، وكذا لا يجزئ لو قيل له : أعتق عبدك عن كفّارتك وعليّ كذا ، فأعتقه على ذلك ، وفي وقوع العتق حينئذ إشكال ، فإن قلنا بوقوعه ، وجب له العوض على الجاعل فإن ردّ المالك العوض لم يجزئ عن الكفّارة ، وهل يقع العتق عن باذل العوض؟ الأقرب أنّه يقع عن المالك.

ولا فرق بين تقدّم ذكر العوض وتأخّره ، مثل [أن يقول :] أعتقت عبدي على أنّ عليك كذا عن كفّارتي ، أو أعتقت عبدي عن كفّارتي على أنّ عليك كذا ، ولا فرق بين أن يقول عقيب الاستدعاء : أعتقته عن كفّارتي على أن عليك كذا ، أو أعتقته عن كفّارتي ، لابتناء الجواب على الاستدعاء.

فإن قال : رددت عليك العوض ليجزئ عن كفّارته لم يجزئه.

ولو قصد العتق مجرّدا عن العوض صحّ.

ولو قال : أعتق مستولدتك على ألف ، فأعتق صحّ ، واستحقّ العوض ، ولا يجزئ عن الكفّارة.

__________________

(١) حكاه عنه المحقّق في الشرائع : ٣ / ٧٤ عن المبسوط ، ولم نعثر عليه ، ولاحظ المسالك : ١٠ / ٧٤ ، والجواهر : ٣٣ / ٢٤٣ ، والقول الآخر عدم الإجزاء ، وهو خيرته في المبسوط : ٥ / ١٦٢ ، والخلاف : ٤ / ٥٤٧ ، المسألة ٣٥ من كتاب الظهار.

٣٧٩

٥٩٧٥. العاشر : لو أعتق عنه غيره بمسألته ، صحّ وأجزأ عن الكفّارة ، سواء شرط عليه عوضا أو لم يشرط ، (١) ومع شرط العوض يلزمه العوض عن العتق عنه (٢) ولو لم يشترط أو شرط عدمه لم يلزمه.

ولو أعتق عنه متبرّعا ، صحّ عن المعتق لا عن المعتق عنه لفقد النيّة.

ولو اعتق عن ميّت فإن كان وصيّا فيه صحّ ، وكذا إن كان وارثا ، سواء أعتق من مال الميّت أو من ماله عنه ، وإن كان أجنبيّا لم يجزئ على إشكال.

ولا فرق بين الكفّارة المخيّرة والمرتّبة في ذلك.

ولو قال : أعتق مستولدتك عنّي على ألف ، فأعتق ، فالأقرب الإجزاء ، لأنّ ذلك ليس بيعا.

ولو قال : إذا جاء الغد فأعتق عبدك عنّي بألف ، وأعتق في الغد صحّ ، واستحقّ.

ولو قال عبدي عنك (٣) حرّ بألف إذا جاء الغد ، فقال : قبلت لم يصحّ.

ولو قال له : أعتقه عنّي على خمر أو خنزير فأعتق ، ففي نفوذ العتق إشكال ، فإن قلنا بوقوعه ، ففي نفوذه عن الآمر نظر ، ومع النفوذ هل يستحقّ المالك عوض الخمر قيمته عند مستحلّيه أو قيمة العبد ، لفساد العوض ، أو لا يستحقّ شيئا؟ إشكال.

٥٩٧٦. الحادي عشر : إذا أعتق عنه بمسألته ، قيل : يملكه الآمر بشروع المالك

__________________

(١) في «أ» : أو لم يشترط.

(٢) في «ب» : مع العوض عنه.

(٣) في «أ» : عبدي عندك.

٣٨٠