تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ولو مات المولى قبل فكّه انعتق ، ولا يثبت أرش الجناية في تركة المولى ، لكن إن أوجبت قصاصا اقتصّ منه ، وإن أوجبت مالا أخذ منه.

٥٦٩٢. السادس عشر : يصحّ تدبير المكاتب ، فإن أدّى مال الكتابة ، عتق بها ، وبطل التدبير ، وكان ما في يده له ، وإن عجز وفسخت الكتابة ، بطلت كتابته دون تدبيره ، فإذا مات المولى عتق من الثلث ، وما في يده لسيّده ، وإن مات المولى قبل الأداء والعجز ، عتق بالتدبير من الثلث ، فإن قصر الثلث ، عتق منه ما يحتمله ، ويسقط من مال الكتابة بإزائه ، وكان الباقي مكاتبا.

ولو كاتب المدبّر ، احتمل بطلان التدبير ، أمّا لو قاطعه على مال ليعجّل عتقه ، لم يبطل التدبير.

ويجوز تدبير الحمل ولا يسري إلى الأمّ فإن أتت به لدون ستّة أشهر من حين التدبير ، حكم بالتدبير فيه ، وإلّا فلا ، ويجوز الرجوع في تدبيره كالمنفصل.

٥٦٩٣. السابع عشر : لا اعتبار بردّ المملوك تدبير مولاه ، سواء ردّه في حياة المولى أو بعد وفاته.

٥٦٩٤. الثامن عشر : قد بيّنّا أنّ التدبير بمنزلة الوصيّة يجوز الرجوع فيه ، ويخرج من الثلث ، وهذا إنّما هو في المندوب المتبرّع به ، أمّا التدبير الواجب بالنذر وشبهه ، فلا يجوز الرجوع فيه ، ويخرج من صلب المال ، ولا يخرج بالنذر عن الملك ، فيجوز له استخدامه ووطؤه إن كانت جارية ، نعم لا يجوز له بيعه ولا إخراجه عن ملكه ، ويجوز له أن يوجره.

وله عتق المدبّر تبرّعا في كفّارة ظهار ، أو قتل ، أو نذر عتق ، وإن لم يرجع لفظا ، خلافا للشيخ (١) أمّا المدبّر واجبا فهل له ذلك؟ عندي فيه نظر.

__________________

(١) النهاية : ٥٥٤.

٢٢١
٢٢٢

المقصد الثالث : في الكتابة

وفيه مطلبان

[المطلب] الأوّل : في أركانها

وفصوله أربعة :

[الفصل] الأوّل : [في] الماهيّة والصيغة

وفيه ستّة مباحث :

٥٦٩٥. الأوّل : الكتابة (١) عقد مستقلّ بنفسه (٢) يفتقر إلى الإيجاب والقبول ،

__________________

(١) في المغني لابن قدامة : ١٢ / ٣٣٨ : الكتابة : إعتاق السيّد عبده على مال في ذمته يؤدّي مؤجّلا ، سمّيت كتابة لأنّ السيّد يكتب بينه وبينه كتابا بما اتّفقا عليه ، وقيل : سمّيت كتابة من الكتب وهو الضمّ ، لأنّ المكاتب يضمّ بعض النجوم إلى بعض ، ومنه سمّي الخرز كتابا ، لأنّه يضمّ أحد الطرفين إلى الآخر بخرزه ، وسمّيت الكتيبة كتيبة لانضمام بعضها إلى بعض ، والمكاتب يضمّ بعض نجومه إلى بعض ، والنجوم هاهنا الأوقات المختلفة ، لأنّ العرب كانت لا تعرف الحساب وانّما تعرف الأوقات بطلوع النجوم.

(٢) قال الشهيد في المسالك : ١٠ / ٤١٤ : واعلم أنّ عقد الكتابة خارج عن قياس المعاملات من جهة أنّها دائرة بين السيّد وعبده ، وأنّ العوضين للسيّد ، وأنّ المكاتب على رتبة متوسّطة بين الرّقّ والحريّة ، وليس له استقلال الأحرار ولا عجز المماليك ، وكذلك تكون تصرّفاته متردّدة بين الاستقلال ونقيضه.

٢٢٣

وليست بيعا للعبد من نفسه ، ولا عتقا بصفة ، وهي جائزة بالنص (١) والإجماع ، مستحبّة مع أمانة العبد وقدرته على التكسّب ، وتتأكّد مع التماس العبد ، ولا تجب ولا تستحبّ مع فقد أحد الوصفين ، ولا تكره كتابة غير المكتسب. (٢)

٥٦٩٦. الثاني : لو باع العبد من نفسه بثمن مؤجّل أو حالّ لم يصحّ على إشكال ولا يكون كتابة.

٥٦٩٧. الثالث : الكتابة لا يثبت فيها خيار المجلس ، لأنّها ليست بيعا ، ويثبت فيها خيار الشرط.

٥٦٩٨. الرابع : صيغة الكتابة أن يقول : كاتبتك على كذا ، ويذكر أجلا معيّنا ، وينوي العتق عند الأداء ، ولا يفتقر إلى أن يقول : فإذا أدّيت فأنت حرّ ، مع النيّة له ، ويقول العبد : قبلت ، أو ما شابهه.

ولو قال : إن أدّيت إليّ ألفا ، فأنت حرّ ، لم يصحّ كتابة ولا عتقا.

٥٦٩٩. الخامس : الكتابة ضربان :

مطلقة ، وهي الّتي اقتصر فيها على الأجل والعوض والنيّة مع الصّيغة.

ومشروطة ، وهي الّتي زيد فيها على ذلك الردّ في الرّقّ عند العجز ، وهي لازمة إن كانت مطلقة إجماعا من الطّرفين ، وإن كانت مشروطة فكذلك من طرف السيّد ما لم يحصل العجز ، قال الشيخ : وجائزة من جهة العبد لأنّ له تعجيز نفسه (٣) وفيه منع.

__________________

(١) قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) النور : ٣٣.

(٢) في «أ» : غير المكتسب.

(٣) الخلاف : ٦ / ٣٩٣ ، المسألة ١٧ من كتاب المكاتب. ولاحظ المبسوط : ٦ / ٩١.

٢٢٤

٥٧٠٠. السادس : يجوز أن يشترط في الكتابة ما هو سائغ بخلاف غيره ، فلو شرط الوطء بطل الشرط ، والأقوى بطلان العقد أيضا.

ويجب الوفاء بالشرط السائغ إذا وقع في العقد ، ولو شرط خدمة شهر بعد العتق بالأداء ، لم يستبعد جوازه.

الفصل الثاني : في السيّد

وفيه أحد عشر بحثا :

٥٧٠١. الأوّل : يشترط فيه البلوغ ، فلا تصحّ كتابة الصبيّ وإن بلغ عشرا ، أو كان مراهقا ، أو أذن له الوليّ.

٥٧٠٢. الثاني : يشترط فيه العقل ، فلو كاتب المجنون لم يصحّ ، ولو كان الجنون يعتوره فكاتب في زمن صحّته صحّ.

ولو ادّعى العبد الكتابة فيها ، وادّعى المولى وقوعها حالة الجنون ، قدّم قول المولى بخلاف دائم العقل.

وليس لوليّ الطفل والمجنون كتابة عبدهما ، سواء كان الوليّ أبا أو غيره ، فان فعل كان ما يؤدّيه العبد للسيّد ولا (١) يعتق به ، ولو قيل بالجواز مع المصلحة كان وجها.

__________________

(١) في «ب» : فلا.

٢٢٥

٥٧٠٣. الثالث : يشترط فيه الاختيار ، فلو كاتب المكره لم يقع.

٥٧٠٤. الرابع : يشترط فيه زوال الحجر بالفلس والسّفه ، فلو كاتب أحدهما عبده لم يصحّ.

ولا بدّ من القصد ، فلا اعتبار بعبارة الساهي والنائم والغافل والسكران.

٥٧٠٥. الخامس : تصحّ كتابة الذّميّ ، فاذا كاتب مثله على خمر أو خنزير وتقابضا حال الكفر ، حصل العتق لا بمعنى أنّ الحاكم يحكم بصحّته ، بل لا يتعرّض له ، كما يحكم ببقاء الزوجيّة لو تزوّجها على خمر وتقابضا ثم أسلما ، ولو تقابضا بعد الإسلام قبل الترافع أبطل الحاكم الإقباض ، وحكم على المكاتب بقيمته عند مستحلّيه ، ولا يبطل الكتابة.

ولو ترافعا بعد الإسلام قبل التقابض فكذلك ، ولو تقابضا البعض حالة الكفر ، وجبت قيمة الباقي ، وكذا الحكم لو أسلم أحدهما.

٥٧٠٦. السادس : لو أسلم العبد خاصّة بيع على مولاه ، وليس للمولى كتابته ، ولو اشترى الذّميّ مسلما لم يصحّ ، ولو أسلم مكاتب الذّمي لم تبطل الكتابة على مولاه ، فان عجز ورقّ بيع عليه حينئذ.

٥٧٠٧. السابع : الحربيّ يصحّ أن يملك فتصحّ كتابته ، سواء كان في دار الحرب أو الإسلام ، فإن دخلا مستأمنين لم يتعرّض الحاكم لهما ، فإن ترافعا إليه ألزمهما حكم الكتابة إن كانت صحيحة ، وإلّا بيّن لهما فسادها ، وإن دخلا وقد أكره أحدهما الآخر ، بطلت الكتابة ، لأنّ العبد إن قهر سيّده ملكه ، وإن قهره السيّد على ردّه رقيقا ، بطلت ، وإن دخلا من غير قهر وقهر أحدهما في دار الإسلام لم تبطل الكتابة ، لأنّ القهر لا يؤثّر فيها إلا بالحقّ ، وإن دخلا مستأمنين لم يمنعا

٢٢٦

من الرجوع لو أراداه ، ولو أراده السيّد فامتنع المكاتب ، لم يجبر على طاعته ، وتخيّر السيّد بين المقام للاستيفاء وعقد الذّمة مع طول المدّة ، وبين التوكيل فيه ، فيعتق مع الأداء ، وتخيّر المكاتب مع الأداء بين عقد الأمان للإقامة وبين الرجوع ، ولو عجز استرقّه السيّد ، ويردّ إليه ، لأنّ أمان المال لا يبطل ببطلان أمان النفس.

ولو كاتبه في دار الحرب ، فهرب إلينا ، بطلت الكتابة ، سواء دخل مسلما أولا ، ولا يبطل لو جاء بإذن مولاه ، فإن سبي سيّده وقتل ، انتقلت الكتابة إلى ورثته ، وإن منّ عليه الإمام ، أو فاداه ، أو هرب ، فالكتابة بحالها ، وان استرقّه فكذلك إن عتق ، وإن مات أو قتل فالمكاتب للمسلمين يعتق بأداء المال إليهم ويسترقونه مع العجز.

وللمكاتب أداء المال إلى الحاكم أو أمينه قبل عتق سيّده أو موته ، فيوقف على ما ذكر ، ويعتق المكاتب بالأداء والسيّد رقيق.

٥٧٠٨. الثامن : لو كاتب المسلم عبده ثمّ ظهر المشركون فأسروا المكاتب [وحملوه] من الدار (١) إلى دار الحرب ، لم يملكوه ، والكتابة باقية ، وكذا لو دخل الكافر بأمان وكاتب عبده ، ثمّ ظهر المشركون فقهروا المكاتب ، فانفلت منهم (٢) ، أو غلبهم المسلمون ، فإنّ كتابته باقية وقوّى الشيخ وجوب تخليته مثل المدّة التي حبسه فيها المشركون ليكسب مالا ، قال : وكذا لو كاتب عبده ثمّ حبسه. (٣) ويقوى عندي في الأوّل العدم وفي

__________________

(١) في «أ» : «فأسروا المكاتب فانقلب من الدار» ما بين المعقوفتين أخذناه من المبسوط.

(٢) أي تخلّص منهم ، وفي المبسوط : ٦ / ١٣٢ : فإن انفلت المكاتب منهم أو ظهر المسلمون على الدار فأخذوه فهو على كتابته.

(٣) المبسوط : ٦ / ١٣٢.

٢٢٧

الثاني لزوم الأجرة ، فعلى ما اخترناه إن أدّى بعد الحلول ، وإلّا عجّزه مولاه.

ولو لم ينفلت (١) وحلّ عليه المال ، فالوجه أنّ للمولى فسخ الكتابة وإن لم يراجع الحاكم ، فإن جاء ولم يدّع مالا صحّ الفسخ ، وإن ادّعاه وأقام البيّنة به عند الفسخ ، أبطل الفسخ ، ودفع المال إلى السيّد.

٥٧٠٩. التاسع : لو كاتب في دار الحرب وجاء بإذن سيّده استمرّت الكتابة ، وإن كان بغير إذنه فهو قاهر له على نفسه فيملكها ويعتق ويبطل الكتابة ، ثم يتخيّر بين الإقامة مع عقد الذّمة وبين اللحوق بدار الحرب.

٥٧١٠. العاشر : المرتدّ عن فطرة يزول تصرّفه عن أمواله ، فلو كاتب لم تصحّ ، وأمّا المرتدّ عن غير فطرة ، فإن كاتب قبل حجر الحاكم عليه ، احتمل البطلان والصحّة ، فإن أدّى العبد قبل الحجر إليه عتق بالأداء ، وإن أدّى بعده إلى الحاكم عتق ، فإن دفع إلى مولاه لم يصحّ الدفع ، ولا يعتق ، فإن كان باقيا ، أخذه ودفعه إلى الحاكم ، وعتق حينئذ ، وإن تلف هلك من ضمانه ، فإن دفع غيره (٢) إلى الحاكم ، وإلّا كان له تعجيزه.

فإن أسلم السيّد كان عليه أن يحتسب له بما دفع ويعتق عليه. والوقف (٣) فإن أسلم المولى علمت الصحّة وإلّا البطلان.

وإن كاتب بعد الحجر ، فالوجه البطلان ، أمّا لو كاتب السيّد ثم ارتدّ ، فإنّ الكتابة لا تبطل قطعا ، لكنّ الدفع إلى الإمام ، فإن دفع إلى المرتدّ ، فالحكم كما تقدّم في المرتدّ قبل الكتابة.

__________________

(١) في النسختين «ولو لم ينقلب» وما في المتن أخذناه من المبسوط : ٦ / ١٣٣.

(٢) في «أ» : فإن دفع حينئذ غيره.

(٣) عطف على قوله : «البطلان» أي احتمل البطلان والصحة والوقف.

٢٢٨

٥٧١١. الحادي عشر : المريض تصحّ كتابته ، فإن برأ ألزمت من الأصل ، وإن مات فيه صحّت من الثلث ، فالزائد موقوف على إجازة الوارث.

ولو كاتبه في الصحّة ، ووضع النجوم في المرض ، اعتبرنا خروج الأقلّ من الثلث ، فإن كانت قيمة الرّقبة أقلّ فليس لهم سواها لو عجز نفسه ، وإن كانت النجوم أقلّ فليس لهم غيرها ، وكذا لو أوصى بوضع النجوم عنه أو بإعتاقه.

ولو أقرّ في المرض بقبض النجوم من مكاتبه في الصحّة ، قيل : من الأصل مع انتفاء التهمة ، وإلّا فمن الثلث.

الفصل الثالث : في العبد

وفيه أربعة مباحث :

٥٧١٢. الأوّل : يشترط فيه التكليف ، فلا تصحّ كتابة الصبيّ وإن كان مميّزا ، ولا المجنون ، ولا ينعتق أحدهما مع الأداء ، وتصحّ لمن يعتوره أدوارا في وقت إفاقته.

٥٧١٣. الثاني : قوّى الشيخ اشتراط إسلام العبد إذا كان السيّد مسلما (١) فلو كاتب السيّد عبده الكافر لم تصحّ ، وإن كان ذميّا ، وهو قول لا بأس به.

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ١٣٠.

٢٢٩

٥٧١٤. الثالث : قوّى الشيخ أيضا اشتراط كتابة الجميع مع اتّحاد المالك (١) فلو كاتب نصف عبده لم تصحّ ، وعندي فيه نظر.

ولو كان النصف الآخر حرّا ، صحّ إجماعا ، وكذا لو كان رقيقا لغيره وأذن ، ولا تسري الكتابة إلى حصّة الشريك ، ولو لم يأذن قال : لا يصحّ ، ومع الإذن والأداء قال : ينعتق ويقوّم عليه ، ولا يرجع به على العبد ، ويؤدّي العبد نصف كسبه إلى الشريك فإن دفعه في الكتابة لم يعتق به ، وليس له دفع جميع كسبه إلى المكاتب ، وإن أذن الشريك في الكتابة.

ولو هاياه (٢) الشريك فكسب في نوبته ، أو أعطى من سهم الرقاب ، فله أداء جميعه إلى المكاتب.

ولو كان ثلثه حرّا وثلثه مكاتبا وثلثه رقيقا ، فورث بجزئه الحرّ ، وأخذ بجزئه المكاتب من سهم الرقاب ، فله صرف جميعه في الكتابة.

٥٧١٥. الرابع : لو كاتباه معا صحّ ، سواء اتّفق العقدان أو تفرّقا ، وسواء اتّفقت حصصهما (٣) أو اختلفت ، وسواء اتّفقا في العوض مع تساويهما في الحصص أو اختلفا ، وسواء اتّفق أحدهما مع الاختلاف في البذل (٤) أو اختلفا مع اتفاق البذل (٥) أو اختلافه.

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ٩٨.

(٢) في مجمع البحرين : المهاياة في كسب العبد انّهما يقسمان الزمان بحسب ما يتّفقان عليه ، ويكون كسبه في كلّ وقت لمن ظهر له بالقسمة.

(٣) في «ب» : حصّتهما.

(٤) في «أ» : البدل.

(٥) في «أ» : البدل.

٢٣٠

ولو كاتباه بعوض واحد قسط على قدر ملكهما (١) ولو كاتباه لم يكن له الدفع إلى أحدهما خاصّة ، فإن دفع إليه وحده كان لهما.

ولو أذن أحدهما لصاحبه جاز.

ولو كاتباه ثمّ عجّزه أحدهما وأراد الثاني إبقاء الكتابة في نصيبه بالإنظار ، صحّ.

ولو مات المولى فعجّزه أحد الوارثين وأنظره الآخر في نصيبه ، صحّ.

الفصل الرابع : في العوض

وفيه عشرة مباحث :

٥٧١٦. الأوّل : العوض شرط في الكتابة ، فلو تجرّدت عنه لم يصحّ ، ويشرط أن يكون دينا ، فإنّ العين ملك غيره إذ لا مال له ، وهل يشترط الأجل؟ قال الشيخ : نعم (٢) والأقرب المنع ، فعلى قول الشيخ لا يجب تعدّده ، بل يجوز أن يكون واحدا ، نعم يجب تعيينه ، فلو كاتبه وشرط أجلا مجهولا لم يصحّ إجماعا.

٥٧١٧. الثاني : يشترط في العوض أن يكون معلوم الوصف والقدر ولو جهل أحدهما لم يصحّ ، ولو كاتبه على عبد مطلق بطلت ، ولم يجب عليه عبد وسط.

ولا بدّ وأن يكون وقت الأداء معلوما إمّا حالّا أو مؤجّلا بأجل معيّن ، فلو

__________________

(١) في «أ» ملكيهما.

(٢) المبسوط : ٦ / ٧٣.

٢٣١

قال : كاتبتك إلى عشرة آجال كلّ أجل سنة جاز ، ولو قال كاتبتك إلى عشرة سنين جاز.

فإن قال : تؤدّي إليّ في هذه العشر سنين وعني ظرفيّة المدّة للأداء ، بطل لجهالة وقت الأداء.

ولو كاتبه إلى أجلين مختلفين كسنة وعشر سنين جاز ، وهكذا نجم كلّ أجل يصحّ التساوي فيه والتفاضل ، والأقرب في العوض المطلق انصرافه إلى الحلول دون البطلان.

٥٧١٨. الثالث : العوض إن كان من الأثمان ، فإن كان النقد واحدا ، أو غالبا ، كفى الإطلاق ، وإلّا وجب التعيين.

وإن كان من الأعواض وجب وصفه بما يصف المسلم ، سواء كان حيوانا أو غيره ، ولو كان منفعة جاز بشرط علمها كخدمة شهر ، وخياطة ثوب ، وبناء دار معلومين.

ويجوز أن يجمع بين منفعة وعين ، فلو كاتبه على خدمة شهر ودينار صحّ ، فإن أطلق كان الدينار حالّا ، وإن قيّده بأجل لزم ، سواء كان عقيب الشهر أو متقدّما عليه ، أو في أثنائه ، أو متأخّرا عنه بأجل آخر.

فإن مرض العبد شهر الخدمة أو بعضه ، بطلت الكتابة لتعذّر العوض.

٥٧١٩. الرابع : لا يشترط في مدّة المنفعة اتّصالها بالعقد ، فلو كاتبه على خدمة شهر بعد هذا الشهر صحّ ، ومنع الشيخ (١) ضعيف.

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ٧٤.

٢٣٢

ولو قال على أن تخدمني شهرا من وقتي هذا ثمّ شهرا عقيب هذا الشهر صحّ ، وكذا لو قال : على أن تخدمني شهرا أو خياطة كذا ثوبا (١) عقيب الشهر.

وإطلاق الخدمة يكفي ، لأنّها معلومة بالعرف ، ويلزمه خدمة مثله ، ولو قال : على منفعة شهر لم يجز ، للجهالة.

٥٧٢٠. الخامس : الأحكام المختلفة يجوز اجتماعها مع عدم التضادّ ، كبيع وإجارة بشيئين لا بشي‌ء واحد ، فلو كاتبه وباعه شيئا بعوض واحد صحّ ، ويقسط العوض عليهما بالنسبة ، وكذا لو ضمّ إلى الكتابة غيرها من عقود المعاوضات.

٥٧٢١. السادس : لا يشترط في العوض قدرا خاصّا ، بل يجوز على كلّ قليل وكثير بشرط العلم بقدره ووصفه وصفا يشتمل على كلّ ما يتفاوت الثمن لأجله.

ويكره أن يتجاوز به القيمة ، وإذا كاتبه على جنس لم يلزمه قبض غيره ، وإن أعطاه خيرا من النقد المشترط ، فإن كان يتّفق في جميع ما يتّفق فيه المسمّى لزمه القبول ، وإن كان لا يتّفق في بعض البلدان الّتي يتّفق فيه المسمّى لم يلزمه.

٥٧٢٢. السابع : لو كاتب عبديه صفقة صحّ ، وقسّط العوض على قدر القيمتين ، وتعتبر القيمة وقت العقد ، ومن أدّى حصّته عتق وإن لم يؤدّ الآخر ، ومن عجز منهما رقّ خاصّة.

ولو شرط كفالة كلّ واحد منهما صاحبه وضمان ما عليه صحّ.

ولو استوفى من أحدهما ونسي التعيين ، فالوجه الصبر ما دام حيّا ، لرجاء

__________________

(١) في «ب» : أثوابا.

٢٣٣

التذكّر ، فإن ذكره عتق المسمّى ، فإن ادّعى الآخر الأداء حلف المولى وبقي عليه نجومه ، فإن نكل عتق أيضا.

فإن مات المولى قبل الذكر ، أقرع الورثة وحلفوا للآخر على نفي العلم إن ادّعاه عليهم ، ويتعدّد اليمين بتعدّدهم.

فإن أقام أحدهما البيّنة بالأداء ، أعتق إن كان قبل القرعة ، ورقّ الآخر إن عجز ، وإلّا بقي على كتابته ، وإن كان بعدها ، احتمل ذلك أيضا ، لأنّ القرعة ليست عتقا ، بل هي كاشفة ، والبيّنة أقوى منها ، وأن يعتقا (١) معا ، وكذا البحث لو ذكر السيّد المؤدّي منهما.

٥٧٢٣. الثامن : لو ادّعى من قلّت قيمته من الثلاثة المكاتبين صفقة بمائة أداءها بالسّوية وكون الفاضل عن قيمته قرضا على الآخر أو وديعة عند السيّد ، وادّعى من كثرت قيمته الأداء على القيمة ، قوّى الشيخ تقديم الأوّل ، لأنّ يدهم على المال بالسويّة (٢).

ويحتمل الثاني عملا بالظاهر المقتضي لأداء كلّ واحد ما عليه لا أزيد.

ويحتمل التفصيل ، فإن كان المؤدّي جميع الحقّ فالأوّل ، وإن كان البعض فالثاني.

ولو أدّى أحد المكاتبين عن صاحبه قبل العتق ، والسيّد جاهل لم يصحّ ، وصرف الأداء إلى المؤدّي إن حلّ عليه ، وإلّا استردّه ، أو جعله أمانة ، وإن كان

__________________

(١) عطف على اسم الإشارة في قوله : «احتمل ذلك».

(٢) المبسوط : ٦ / ٧٨.

٢٣٤

عالما ، بأن قال : هذا عن صاحبي ، فالوجه جوازه ، ويرجع به على الرقيق إن كان بإذنه ، وإلّا فلا.

وإن كان بعد العتق صحّ ، فإن أدّى ما عتق به بإذنه رجع ، وإلّا فلا ، وإن أدّى ما لم يعتق به بإذنه ، فهو قرض عليه ، فإن كان معه ما بقي في القرض (١) ومال الكتابة ، صرف فيها ، وإلّا قدّم مع التّشاحّ الدّين.

ولو كانا لسيدين فأدّى أحدهما عن رقيقه بعد العتق ، صحّ مطلقا ، وإن كان قبله لم يصحّ ، وإن علم القابض ما لم يرض المالك ، وله الرجوع على القابض ، فإن أخّر حتّى عتق الدافع ، احتمل الرجوع على القابض ، لوقوع القبض فاسدا ، والعدم لزوال الرقّية المقتضية للفساد.

٥٧٢٤. التاسع : لو ظهر استحقاق العوض المدفوع ، بطل الدفع وحكم بفساد العتق ، فإن دفع غيره ، عتق مع بقاء الأجل ، وإن مات قبل الدفع ثانيا ، مات عبدا ، وإن ظهر معيبا ، فإن رضي به المولى ، استقرّ العتق ، فإن اختاره (٢) مع الأرش فله ، والأقرب أنّ له الردّ وإبطال العتق.

ولو تلفت العين عند السيّد ، أو حدث فيها عيب ، استقرّ الأرش ، وعاد حكم الرّقّ في العبد ، فإن عجز عن الأرش استرقّه المولى ، ويحتمل مع تجدّد عيب آخر ردّه بالأوّل مع أرش الحادث.

ولو قال السيّد بعد قبض المستحقّ : هذا حرّ ، أو أنت حرّ ، لم يحكم بعتقه ،

__________________

(١) في «ب» : بالقرض.

(٢) في «ب» : وإن اختاره.

٢٣٥

لأنّ ظاهره الإخبار ، ولو ادّعى العبد العتق بذلك ، قدّم قول السيّد.

٥٧٢٥. العاشر : لو كان العوض مؤجّلا ، فدفعه العبد قبله ، لم يجب على المولى قبوله ، سواء كان عليه ضرر في التقديم أو لا.

المطلب الثّاني : في الأحكام

وفيه فصول :

[الفصل] الأول : في تصرّفاته

وفيه ثمانية مباحث :

٥٧٢٦. الأوّل : المكاتب كالحرّ في التصرفات إلّا فيما فيه تبرّع أو خطر ، فلا ينفذ عتقه ولا هبته ولا شراء قريبه بالمحاباة ولا بيعه بالعين ، ولا يبيع بالنسيئة وإن تضاعف الثمن ، ويحتمل الجواز مع الرهن والضمين.

ويجوز أن يشتري نسيئة ، وليس له أن يدفع به رهنا ، ولا أن يضارب بماله.

ويجوز أن يقبض مال غيره قراضا أو قرضا.

ويقبل إقراره بالبيع.

وليس له إهداء طعام ولا إعارة دابّة.

ولا يدفع المبيع قبل قبض الثمن.

٢٣٦

ولا يكاتب ، لا يتزوّج ، ولا يزوّج عبده ولا أمته ، وإن كان على وجه النظر.

ولا يتسرّى خوفا من طلق الجارية.

ولا يقبل هبة من يعتق عليه مع انتفاء كسبه.

ولا يتزوّج المكاتبة ، ولا يكفّر إلّا بالصيام ، ولو كفّر بغيره من عتق أو إطعام لم يجز ، وفي الإجزاء مع أذن المولى نظر ، ولا يقرض ماله.

ولو فعل جميع ذلك بإذن مولاه صحّ.

٥٧٢٧. الثاني : لو فعل أحد هذه العقود بغير إذن المولى وقع باطلا ، فلو عتق بالأداء لم ينفذ منها شي‌ء.

٥٧٢٨. الثالث : لو أعتق تبرّعا بإذن مولاه نفذ ، سواء أعاد إلى الملك للعجز أو لا ، لكن مع العود ، الولاء للمولى ، ومع العتق له ، فيكون موقوفا قبل الحالتين ، فإن مات قبلهما رقيقا استقرّ للسيّد.

ولو مات العتيق فالوجه إيقاف الميراث حتّى يعتق فيكون له ، أو يعجز أو يموت فللسيّد.

٥٧٢٩. الرابع : لو اشترى من يعتق على سيّده صحّ ، فإن عجز رجع إلى السيّد ، وعتق عليه ، وكذا لو قبله في الهبة أو الوصية.

ولو اشترى أباه لم يصحّ بدون إذن المولى ، ولو أذن صحّ ، ولا يملك بيعه ، ويكون موقوفا على كتابته ، وينفق عليه بحكم الملك لا النسب ، وكذا لو أوصى له به ، فإذا قبله ، ولا ضرر في قبوله بأن يكون مكتسبا ، فالأقرب جواز قبوله ، وإن

٢٣٧

لم يأذن المولى ، وعلى التقديرين إن عتق المكاتب عتق الأب بعتقه ، وإن عجز استرقّهما المولى.

٥٧٣٠. الخامس : كلّما يكتسب المكاتب فهو له قبل الأداء أو بعده ، ولو سأل الناس لم يكن للمولى منعه ، وإن شرط ، فالوجه بطلان الشرط.

٥٧٣١. السادس : لو تزوّجت المكاتبة كان العقد موقوفا على رضا المولى ، وإن كانت مطلقة ، ومع الإذن تملك المهر هي.

وليس للمكاتب وطء أمته بدون الإذن ، وإن كان مطلقا ، فإن استولد فولده كحكمه ، ينعتق بعتقه ، ويرقّ برقّه ، والأقرب أنّ أمته مستولدة مع العتق.

٥٧٣٢. السابع : ليس له أن يحجّ مع حاجته إلى زائد النفقة ، ولو لم يحتج جاز إذا لم يأت نجمه ، وله البيع والشراء إجماعا ، والنفقة ممّا في يده على نفسه بالمعروف وعلى رقيقه والحيوان المملوك ، وتأديب عبيده وتعزيرهم ، دون إقامة الحدّ على إشكال ، والمطالبة بالشفعة والأخذ بها من سيّده ، وإقراره بالبيع والشراء والعيب والدّين ، والأقرب ثبوت الربا بينه وبين مولاه ، وله السفر سواء بعد أو لا ، فإن شرط المولى في الكتابة عدمه ففي بطلانه نظر ، ومعه يقوى الإشكال في صحّة الكتابة ، وعلى الصحّة له ردّه ، فإن عجز فالوجه أنّه ليس للمولى تعجيزه إلّا مع العجز عن الأداء.

٥٧٣٣. الثامن : لو جنى عبد المكاتب ، كان له افتكاكه بالأرش مع الغبطة له لا بدونها.

ولو كان المملوك أب المكاتب ، لم يكن له افتكاكه بالأرش وإن قصر عن قيمة الأب على إشكال.

٢٣٨

الفصل الثاني : في تصرّفات السيّد

وفيه ستّة مباحث :

٥٧٣٤. الأوّل : ينقطع بالكتابة تصرّفات المولى عن رقبة العبد إلّا أن يعجز مع اشتراط العود في الرقّ عنده ، فليس له بيعه بدون ذلك ولا هبته ولا نقل الملك منه ، وليس له التصرّف في ماله إلّا بما يتعلّق بالاستيفاء ، سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة.

٥٧٣٥. الثّاني : الأقرب عندي أنّ للسيّد بيع النجوم وإن كانت الكتابة مشروطة ، ويتخرّج على قول الشيخ عدم الجواز ، فحينئذ إن قبض المشتري النجوم ، فالوجه العتق ، لأنّ المشتري كالوكيل ، فيردّ عليه ، والعتق على قولنا ظاهر.

٥٧٣٦. الثالث : لو أوصى السيّد بمال الكتابة لرجل صحّ ، فإن سلّم مال الكتابة إلى الموصى له ، عتق ، وكذا لو أبرأه منه ، وإن أعتقه لم يصحّ ، وإن عجز فاسترقّه الوارث كان ما قبضه الموصى له ملكا له بالوصيّة ، والأمر في تعجيزه إلى الوارث ، وإن أراد الموصى له إنظاره ويبطل حقّ الموصى له بالتعجيز ، ولو أراد الوارث إنظاره لم يملك الموصى له (١) تعجيزه.

ولو أوصى به للمساكين ، ونصب قيّما للتفرقة ، لم يبرأ المكاتب بإبراء القيّم ، ولا يدفع المال إلى المساكين ، بل يدفعه إلى القيّم.

__________________

(١) في حاشية المطبوع : لم يكن للموصى له.

٢٣٩

ولو أوصى بدفع المال إلى غرمائه ، تعيّن القضاء منه.

وإن أوصى بقضاء ديونه مطلقا ، كان على المكاتب الجمع بين الورثة والوصيّ بقضاء الدّين ، ويدفعه إليهم بحضرته.

٥٧٣٧. الرابع : ليس للمولى وطء المكاتبة بالملك ولا بالعقد ، سواء كانت مطلقة أو مشروطة ، وسواء شرط النكاح في عقد الكتابة أو لا ، فإن طاوعته عزّرت ، ويعزّر للشبهة مع الشرط وعدمه ، والوجه ثبوت المهر عليه لها ، سواء طاوعته أو أكرهها.

ولو كرّر الوطء ، فإن كان قبل أداء المهر لم يتعدّد المهر ، وإلّا تعدّد.

وهل تصير أمّ ولد لو ولدت منه؟ الأقرب ذلك ، فتعتق عند موت مولاها من نصيب ولدها مع العجز ، والولد حرّ ، ولا قيمة عليه.

وليس له وطء بنت المكاتبة ، ويعزّر لو فعله ، والمهر موقوف بملكه إن أعتقت بعتق أمّ الولد ، ولو أحبلها فالأقرب أنّها أمّ ولد على إشكال ، والولد حرّ ولا قيمة عليه للبنت ، لأنّ أمّها لا تملكها ولا لولدها.

وليس له وطء جارية مكاتبه (١) ، ويأثم لو فعل ، ويعزّر ، وعليه المهر للسيّد ، والولد حرّ ، وتصير أمّ ولد ، وعليه قيمتها للسيّد ، وهل تجب قيمة الولد؟ إشكال.

والتعزير الّذي أوجبناه إنّما هو للعالم منهما ، فلو جهلا فلا تعزير ، ولو جهل أحدهما عزّر الآخر.

__________________

(١) في «أ» : مكاتبته.

٢٤٠