تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

الصغر واليأس والحبل ، ويشترط تعيينها ، فلو ظاهر من إحدى زوجتيه من غير تعيين لم يقع ، ويكفي التعيين بالنيّة.

وهل يشترط الدخول؟ نصّ الشيخ على ذلك (١) وبه رواية صحيحة عن الفضيل بن يسار عن الصادق عليه‌السلام (٢) وهو اختيار ابن بابويه (٣) وقال ابن إدريس : لا يشترط عملا بالعموم ، (٤) ونحن في ذلك من المتوقّفين.

٥٤٦٤. الرابع : لا فرق بين أن تكون الزوجة حرّة أو أمة ، وهل يقع من الرجل على مملوكته؟ نصّ الشيخ على ذلك (٥) وهو مذهب ابن أبي عقيل ، ومنع منه ابن إدريس ونقله عن المرتضى والمفيد (٦).

والحقّ عندي الأوّل ، للعموم ، وعليه دلّت رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما‌السلام (٧) ورواية إسحاق بن عمار الصحيحة عن أبي إبراهيم عليه‌السلام. (٨)

__________________

(١) النهاية : ٥٢٦ ؛ المبسوط : ٥ / ١٤٦ ؛ الخلاف : ٤ / ٥٢٦ ، المسألة ٣ من كتاب الظهار.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٥١٦ ، الباب ٨ من أبواب الظهار ، الحديث ١.

(٣) الهداية : ٢٧٤ (الطبع الحديث) والفقيه : ٣ / ٣٤٠ برقم ١٦٣٨. ولاحظ الوسائل : ١٥ / ٥١٦ ، الباب ٨ من أبواب الظهار (ذيل الحديث ١).

(٤) السرائر : ٢ / ٧١٠.

(٥) النهاية : ٥٢٧ ؛ الخلاف : ٤ / ٥٢٩ ، المسألة ٨ من كتاب الظهار. وقال في المبسوط : ٥ / ١٤٨ : روى أصحابنا أنّ الظهار يقع بالأمة وأمّ الولد والمدبّرة.

(٦) السرائر : ٧٠٩ ـ ٧١٠ ، ولاحظ المقنعة : ٥٢٤.

(٧) الوسائل : ١٥ / ٥٢٠ ، الباب ١١ من أبواب الظهار ، الحديث ٢.

(٨) الوسائل : ١٥ / ٥٢٠ ، الباب ١١ من أبواب الظهار ، الحديث ١.

١٠١

ورواية حمزة بن حمران عن الصادق عليه‌السلام (١) متأوّلة ، مع ضعف سندها. (٢)

وفي وقوعه بالمتمتّع بها خلاف ، أقربه الوقوع ، وهو اختيار ابن أبي عقيل. (٣).

٥٤٦٥. الخامس : إن شرطنا الدخول وقع وإن كان الوطء دبرا ، صغيرة كانت أو كبيرة ، مجنونة أو عاقلة ، مسلمة أو كافرة ، وكذا يقع بالمريضة الّتي لا توطأ ، وبالرتقاء ، وبالمطلّقة رجعيّا قبل الرجوع.

٥٤٦٦. السادس : الصيغة الصريحة أن يقول : أنت عليّ كظهر أمّي ، وكذا لو قال : هذه أو زوجتي أو فلانة ، وسواء قال : «عليّ» أو «منّي» أو «عندي» أو «معي» أو قال : أنت كظهر أمّي ، أو مثل ظهر أمّي على إشكال فيهما.

وكذا يقع لو قال : جملتك ، أو جسمك أو نفسك ، أو ذاتك أو جثّتك أو كلّك عندي كظهر أمّي.

ولو ذكر عوض الظهر شيئا من الأعضاء ، كقوله : أنت عليّ كبطن أمّي ، أو كرأس أمّي ، أو كفرج أمّي ، أو شبّه عضوا من أعضاء زوجته ، مثل أن يقول :

__________________

(١) الوسائل : ١٥ / ٥٢١ ، الباب ١١ من أبواب الظهار ، الحديث ٦.

(٢) قال المصنّف بعد نقل حديث حمزة بن حمران (قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمّه ، قال : يأتيها وليس عليه شي‌ء) ما هذا نصّه : «والرواية ضعيفة السند ، فإنّ في طريقها الحسن بن فضّال وابن بكير ، وهما ضعيفان ، وحمزة بن حمران لا أعرف حاله» المختلف : ٧ / ٤١١.

وقال الشيخ : فأمّا ما رواه ... حمزة بن حمران ... فمحمول على أنّه إذا كان قد أخلّ بشرائط الظهار من الشاهدين أو الطهر أو غير ذلك ، فأمّا مع استكمال الشرائط فالظهار واقع. التهذيب : ٨ / ٢٤ ذيل الحديث ٧٨.

(٣) بل وغيره كالسيّد المرتضى وأبي الصلاح وابن زهرة ، كما في المختلف : ٧ / ٤٠٨.

١٠٢

«فرجك» أو «رأسك» أو «رجلك» ـ وما أشبه هذا ـ عليّ كظهر أمّي ، أو قال : رجلك عليّ كرجل أمّي ، أو بطنك كبطن أمّي ، أو فرجك كفرج أمّي ، ونوى الظهار ، قال الشيخ يقع (١) ومنع المرتضى من ذلك كلّه سوى لفظة الظّهر ، (٢) واختاره ابن إدريس ، (٣) وفيه قوّة.

ولو قال : أنت عليّ كأمّي أو مثل أمّي ، وقال : أردت الكرامة ، لم يقع ، وإن قال : أردت التحريم ، قال الشيخ : يقع ، (٤) وفيه الإشكال ، وقال ابن الجنيد : لا يقع ، وإن أطلق ، ولم تكن له نيّة ، لم يكن ظهارا.

ولو ظاهر إحدى زوجتيه ، وقال للأخرى : أشركتك معها ، أو أنت شريكتها ، أو أنت كهي ، لم يقع بالأخرى ، سواء نوى الظهار أو لا.

٥٤٦٧. السابع : لو قال : أنت طالق كظهر أمّي ، طلّقت مع نيّة الطلاق ، ولغى الزائد ، إن لم ينوي الظهار ، أو نوى به تأكيدا لتحريم الطلاق ، ولو نوى به الظهار ، قال الشيخ : وقعا كما لو قال : أنت طالق [و] أنت [عليّ] كظهر أمّي ، إن كان الطلاق رجعيّا ، (٥) وإن نوى بالطلاق الظهار وبيّنه بقوله «كظهر أمّي» ديّن في ذلك ما لم تخرج من العدّة ، ويقع لاغيا ، ولا يقبل لو فسّر بعد العدّة.

ولو قال : أنت عليّ حرام كظهر أمّي ، قال الشيخ : لا يتعلّق به حكم لا طلاق ولا ظهار ولا تحريم عين ، سواء أطلق أو نوى به الظهار أو الطلاق أو الأمرين أو تحريم العين. (٦) والأولى عندي وقوعه إن نواه ، لرواية زرارة الصحيحة عن

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ١٤٩.

(٢) الانتصار : ٣٢٢ ، المسألة ١٨٠.

(٣) السرائر : ٢ / ٧٠٨ ـ ٧٠٩.

(٤) المبسوط : ٥ / ١٤٩.

(٥) المبسوط : ٥ / ١٥١.

(٦) المبسوط : ٥ / ١٥١.

١٠٣

الباقر عليه‌السلام قد سأله عن كيفيّة الظهار ، فقال : يقول الرّجل لامرأته ـ وهي طاهر من غير جماع ـ : أنت عليّ حرام مثل ظهر أمّي (أو أختي) (١) ، وهو يريد بذلك الظهار (٢).

ولو قال : أنت طالق ، ونوى به الظهار ، أو أنت عليّ كظهر أمّي ، ونوى به الطلاق ، كان لغوا ، وكذا لو قال : أنت عليّ حرام وإن نوى الظهار.

ولو قال : أنت عليّ كظهر أمّي حرام ، وقع الظهار إن قصده.

٥٤٦٨. الثامن : تشترط في الصّيغة النيّة ، فلا يقع ظهار الساهي والنائم وغير القاصد والقاصد غيره ، ويدين بنيّته في ذلك ، ووقوعها بحضور شاهدين عدلين يسمعانها فلو ظاهر ولم يسمعها الشاهدان ، بطل ولم يلزمه حكمه.

وهل يشترط تجريدها من الشرط؟ قال السيّد المرتضى : نعم ، (٣) واختاره ابن إدريس (٤) وقال الشيخ : لا يشترط ، (٥) فلو قال : أنت عليّ كظهر أمّي إن دخلت الدار ، أو وطئتك ، وقع الظهار مع حصول الشرط ، وبه روايات صحيحة ، (٦) فلو ظاهر إحدى زوجتيه إن ظاهر ضرّتها ، ثمّ ظاهر الضّرة ، وقع الظهاران.

__________________

(١) ما بين القوسين لم يوجد في المصدر.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٥٠٩ ، الباب ٢ من أبواب الظهار ، الحديث ٢.

(٣) الانتصار : ٣٢١ ، المسألة ١٧٨.

(٤) السرائر : ٢ / ٧٠٩.

(٥) النهاية : ٥٢٥ ؛ المبسوط : ٥ / ١٥٠ ؛ الخلاف : ٤ / ٥٣٦ ، المسألة ٢٠ من كتاب الظهار.

(٦) لاحظ الوسائل : ١٥ / ٥٢٩ ، الباب ١٦ من أبواب الظهار ، الحديث ١ و ٧ و ٩. ولاحظ التهذيب : ٨ / ١١ ـ ١٢ ؛ الاستبصار : ٣ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

١٠٤

ولو ظاهر زوجته إن ظاهر فلانة الأجنبيّة ، وأطلق ، أو نوى ظهارا شرعيّا ، فإذا ظاهرها وهي أجنبيّة ، لم يقع الظهاران ، وإن تزوّجها وظاهر منها صحّ ، وهل يقع ظهار المشروط؟ فيه إشكال : ينشأ من جعل الشرط منوطا بالاسم (١) فيقع ، وبالوصف فيبطل ، وقوّى الشيخ الثاني (٢) وإن قصد النطق بلفظ الظهار ، وقع ظهاره المشروط عند مواجهة الأجنبيّة به (٣).

ولو قال : إن تظاهرت من فلانة أجنبيّة فامرأتي عليّ كظهر أمّي ، وقصد الشرعيّ ، لم يقع الظهار وإن ظاهر الأجنبيّة ، (٤) ولو تزوّجها وظاهرها ، وقع ظهاره دون المشروط ، لعدم الصيغة المعلّق بها المشروط.

ولو قال : إن تظاهرت من فلانة فامرأتي عليّ كظهر أمّي ، وكانت أجنبيّة وقصد الشرعي ، لم يقع مع ظهاره منها وهي أجنبيّة ، وإن قصد النطق بظهاره منها وقع عند مواجهتها ، وإن تزوّجها وظاهرها ، وقع الظهاران إن قصد الشرعيّ.

ولو قال : أنت عليّ كظهر أمّي إن شاء زيد ، فقال زيد : شئت ، وقع ، ولو قال : إن شاء الله لم يقع.

__________________

(١) يريد بالاسم ، اسم الزوجة الثانية ، وبالوصف «عنوان الأجنبيّة» ، وعلى هذا فلو كان المعلّق عليه ، هو ذات الأجنبيّة الّتي يشار إليها باسمها فيقع ظهار الزوجة الأولى ، لحصول المعلّق عليه ، ولو كان المعلّق عليه هو عنوان الأجنبيّة فقد زال عند الظهار وصارت زوجته ، فلم يحصل المعلّق عليه (ظهار الأجنبيّة) فلا يقع ظهار الزوجة الأولى.

(٢) المبسوط : ٥ / ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٣) الجملة من توابع قوله : «ولو ظاهر زوجته» دون قوله : «وإن تزوّجها» وكأنّه جملة معترضة بين الفقرتين ، والمقصود أنّه إذا نوى بقوله : «إذا تظاهرت من فلانة الأجنبيّة فأنت عليّ كظهر أمّي» مخاطبة الأجنبيّة بهذه الجملة وهي أجنبيّة ، فلا يقع ظهارها لعدم كونها زوجة ويقع ظهار زوجته ، لكون المحلّ قابلا أوّلا ، وتحقّق الشرط (مخاطبة الأجنبيّة) ثانيا.

(٤) كذا في «أ» ولكن في «ب» : لم يقع الظهاران إن ظاهر الأجنبيّة.

١٠٥

ولو قال : إن لم أتزوّج عليك فأنت عليّ كظهر أمّي ، لم يتحقّق الظهار إلّا عند الموت ، ولا كفّارة في التركة.

٥٤٦٩. التاسع : لا يقع الظهار إذا جعله يمينا ، ولا في إضرار ، ولا معلّقا بانقضاء الشهر ، أو دخول الجمعة مثلا ، وهل يقع موقّتا كأن يقول : أنت عليّ كظهر أمّي شهرا أو سنة مثلا؟ قال الشيخ : لا يقع ، (١) ويلوح من كلام ابن الجنيد وقوعه ، (٢) وحينئذ إذا انقضت المدّة بطل الظهار وحلّت من غير تكفير.

٥٤٧٠. العاشر : يقع الظهار مع التشبيه بالأمّ إجماعا ، ولو علّقه بظهر غيرها من المحرّمات المؤبّدة ، كما لو قال : كظهر أختي ، أو بنتي ، أو عمّتي أو خالتي ، أو غيرها من المحرّمات نسبا أو رضاعا ، فالذي نصّ الشيخ وابن الجنيد وابن أبي عقيل وجماعة وقوعه ، (٣) وقال ابن إدريس : لا يقع ، (٤) والأقرب عندي الأوّل ، وعليه دلّت رواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه‌السلام (٥).

ولو شبّهها بغير أمّه من المحرّمات بما عدا لفظة الظهر لم يقع ، وكذا لو شبّهها بمحرّمة بالمصاهرة تحريم جمع أو تأبيد كأمّ الزوجة وأختها ، وبنت أختها ، وزوجة الأب والابن.

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ١٥٦ ؛ الخلاف : ٤ / ٥٤٢ ، المسألة ٢٦ من كتاب الظهار.

(٢) نقله عنه المصنف أيضا في المختلف : ٧ / ٤٣٢.

(٣) الشيخ في النهاية : ٥٢٤ ، والصدوق في الفقيه : ٣ / ٣٤٠ برقم ١٦٤٠ ، والمفيد في المقنعة : ٥٢٣ والحلبي في الكافي : ٣٠٣ ، وسلّار في المراسم : ١٦٠ ، وابن البراج في المهذب : ٢ / ٢٩٧ ، وابن زهرة في الغنية : ٣٦٦.

(٤) السرائر : ٢ / ٧٠٨.

(٥) الوسائل : ١٥ / ٥١١ ، الباب ٤ من أبواب الظهار ، الحديث ١ ، وذيله في ص ٥٠٩ ، الباب ٢ من أبواب الظهار الحديث ٢.

١٠٦

ولو قال : كظهر أبي ، أو أخي ، أو عمّي لم يقع إجماعا ، لأنّه ليس بمحلّ الاستحلال ، وكذا لو قالت هي : أنت عليّ كظهر أبي أو أمّي.

الفصل الثاني : في أحكامه

وفيه سبعة مباحث :

٥٤٧١. الأوّل : إذا وقع الظهار بشرائطه حرم عليه الوطء قبل الكفّارة ، وهل يحرم ما دونه من التقبيل والملامسة بشهوة؟ قال الشيخ : الأقوى عندنا التحريم ، لقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا) (١) وهو صادق على ما دون الوطء (٢) وفيه نظر ، هذا إذا كان مطلقا ، وإن كان مشروطا ، لم يحرم حتّى يقع الشرط ، سواء كان الشرط الوطء أو غيره.

٥٤٧٢. الثاني : إذا ظاهر لم تجب الكفّارة إلّا بالعود ، وهو العزم على الوطء ، فمتى أراد الوطء وجبت عليه الكفارة ، وهل لها استقرار أو معنى وجوبها تحريم الوطء حتّى يكفّر؟ فيه نظر ، أقربه الأوّل ، لدلالة الآية عليه (٣).

فإن وطأ قبل الكفّارة لزمه كفّارتان وكلّما كرّر الوطء قبل التكفير تكرّرت الكفّارة.

__________________

(١) المجادلة : ٤.

(٢) المبسوط : ٥ / ١٥٥.

(٣) إشارة إلى قوله سبحانه : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) المجادلة : ٣.

١٠٧

ولو طلّقها بعد الظهار بائنا ، (١) سقطت الكفّارة ، ولا يعود عليه ، (٢) لو جدّد العقد ، وكذا لو طلّقها رجعيّا وخرجت العدّة وتزوّجها بعدها ، أو ارتدّ أحدهما ، أو مات ، أو لاعنها.

ولو طلّقها رجعيّا وراجعها في العدّة ، عادت الكفّارة عليه ، والأقرب أنّ نفس الرجعة ليست عودا.

ولو اشتراها بطل العقد ، (٣) فلو وطئها بالملك لم تجب الكفّارة.

ولو ابتاعها غير الزّوج ففسخ ، سقط حكم الظهار ولا كفّارة وإن تزوّجها ثانيا.

ولو باع أمته المظاهر منها سقط حكم الظهار ، فإن اشتراها لم يعد.

ولو جنّ الزّوج ثمّ عاد ، لم تسقط الكفّارة ولو طلّق بعد العود ، ففي الكفّارة إشكال.

٥٤٧٣. الثالث : الظهار محرّم ، لأنّه تعالى وصفه بالمنكر ، (٤) وقيل : لا عقاب فيه لتعقيبه بالعفو. (٥)

٥٤٧٤. الرابع : لو ظاهر من أربع بلفظ واحد ، مثل أن يقول : أنتنّ عليّ كظهر أمّي ، كان عليه عن كلّ واحدة كفّارة ولا تجزئه كفّارة واحدة.

ولو ظاهر من واحدة مرارا ، وجب بكلّ مرّة كفّارة ، سواء فرّق الظهار أو تابعه ما لم يقصد التأكيد.

__________________

(١) في «ب» : بعد الظهار ثانيا.

(٢) في «ب» : ولا يعود إليه.

(٣) والمراد أنّه إذا كانت الزوجة المظاهر منها أمة فابتاعها الزوج المظاهر من مولاها بطل العقد.

(٤) حيث قال تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) المجادلة : ٢.

(٥) حيث قال سبحانه : (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) المجادلة : ٢.

١٠٨

ولو وطئها قبل التكفير ، لزمه عن كلّ وطء كفّارة واحدة.

٥٤٧٥. الخامس : يحرم الوطء قبل الكفارة ، سواء كفّر بالعتق أو الصيام أو الإطعام.

ولو وطئها في خلال الصوم ، استأنف ، سواء وطئها ليلا أو نهارا ، ولو وطئ غيرها نهارا بطل التتابع لا ليلا.

ولو عجز عن الكفّارة قال الشيخ : تحرم عليه حتّى يكفّر ، (١) وقال ابن إدريس : يجزئه الاستغفار ، (٢) وهو قويّ ، وكذا لو ظاهر مائة مرّة مثلا ، وعجز عن تعدّد الكفّارة.

٥٤٧٦. السادس : إذا ظاهر فإن صبرت المرأة فلا بحث ، فإن رافعته خيّره الحاكم بين الرّجعة مع التكفير وبين الطلاق ، وضرب له مدّة التخيير ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، فإن انقضت ولم يختر ضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يختار أحدهما ، ولا يجبره على الطلاق ولا يطلّق عنه.

ولو ظاهره لم ينو العود فكفّر ، لم يجزئه.

٥٤٧٧. السابع : لو ظاهرها وتركها أكثر من أربعة أشهر ولم يكفّر لم يكن موليا.

ولو قال : إن ظاهرت من زينب فعمرة عليّ كظهر أمّي ، وهما زوجتان ، ففي اختصاص الشّرط بذلك النكاح نظر.

__________________

(١) النهاية : ٥٢٧.

(٢) السرائر : ٢ / ٧١٣.

١٠٩
١١٠

المقصد الرابع : في الإيلاء

وفيه فصلان :

[الفصل] الأوّل : في أركانه

وفيه أربعة مباحث :

٥٤٧٨. الأوّل : أركان الإيلاء (١) أربعة : الحالف ، والمحلوف به ، والمحلوف عليه ، والمحلّ.

ويشترط في الحالف البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد ، حرّا كان أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، سليما أو خصيّا ، صحيحا أو مريضا ، وفي المجبوب إشكال أقربه الجواز ، وفئته كالعاجز.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : الإيلاء في اللغة عبارة عن اليمين عن كلّ شي‌ء ، يقال : آلى يؤلى إيلاء ، فهو مول ، والأليّة : اليمين ، وجمعه ألايا [مثل عطيّة وعطايا] ... ويقال : ائتلى يأتلي ائتلاء فهو مؤتل ، ومنه قوله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) ـ النور : ٢٢ ـ يعني لا يخلف.

هذا وضعه في اللغة ، وقد انتقل في الشرع إلى ما هو أخص منه ، وهو إذا حلف ألّا يطأ امرأته.

المبسوط : ٥ / ١١٤ ، ولاحظ المسالك : ١٠ / ١٢٥.

١١١

٥٤٧٩. الثاني : المحلوف به هو الله تعالى وأسماؤه المختصّة والعالية وصفاته ، ولا يقع الإيلاء بغير ذلك من طلاق ، أو عتاق ، أو تحريم ، أو التزام صوم أو صدقة ، أو غير ذلك.

ويشترط في الإيلاء النطق باليمين مع القصد بأيّ لسان كان ، ولو آلى من زوجته وقال للأخرى : شرّكتك معها ، لم يقع بالثانية ، وإن نواه.

ولو امتنع من وطئها بغير يمين ، لم يكن موليا ، وإن طال هجره لها ، ولا تضرب له المدّة وإن قصد الإضرار.

٥٤٨٠. الثالث : المحلوف عليه هو الجماع في القبل ، وصريحه تغيّب الحشفة في الفرج ، وإيلاج الذكر ، والنيك. والمحتمل (١) الجماع والوطء ، فإن قصده بهما صحّ ، وإلّا فلا.

ولو قال : لا جمع رأسي ورأسك مخدّة (٢) أو بيت ، أو لا ساقفتك (٣) وقصده ، للشيخ قولان ، (٤) أقربهما الوقوع ، وكذا لأسوءنّك ، لأطيلنّ غيبتي عنك ، لا باشرتك ، لا لامستك ، لا أصبتك ، لا باضعتك.

ولا فرق بين الصريح والمحتمل عندنا في افتقارهما إلى النيّة والقصد.

__________________

(١) وفي «أ» : «المحل» وهو مصحّف ، ثمّ مثّل المصنّف بالمحتمل بلفظي الجماع والوطء ، فالأوّل مشترك بين العمل الجنسي والوطء بالرّجل ، كما أنّ الثاني مشترك بينه وبين اجتماع البشرتين.

(٢) المخدّة ـ بالكسر ـ : الوسادة ، لأنّها توضع تحت الخدّ. مجمع البحرين.

(٣) أي لا اجتمعت أنا وأنت تحت سقف ، كما في الشرائع.

(٤) أحدهما عدم الوقوع ذهب إليه في الخلاف : ٤ / ٥١٥ ، المسألة ٧ من كتاب الإيلاء ، والآخر وقوعه ، واختاره في المبسوط : ٥ / ١١٦ ـ ١١٧.

١١٢

فلو قال في الصريح : لم أقصد ، قبل منه ، ولو قال : والله لا أجنبت منك كان موليا ، وكذا إن قال : لا أغتسل منك ، وأراد لا أجامعك فلا يلزمني الغسل ، بخلاف لا أغتسل من جماعك لأنّي لا أرى وجوب الغسل من التقاء الختانين ، أو لأنّي أطأ غيرك بعدك فاغتسل من جماعها دونك ، أو انّي أترك الغسل دون الجماع ، أو لا أجامعك إلّا جماعا ضعيفا ، أو لا جامعتك في دبرك ، أو في الحيض أو النفاس ، أمّا لو قال : إلّا في دبرك ، كان موليا ، وكذا إلّا جماع سوء ، وأراد في الدبر ، أو لا أغيب الحشفة أجمع كان مؤليا ، بخلاف لا جامعتك جماع سوء.

٥٤٨١. الرابع : يشترط في المؤلى منها أن تكون منكوحة بالعقد الدائم مدخولا بها ، فلو آلى من مملوكته ، أو المتمتّع بها ، أو من غير المدخول بها ، وإن كانت زوجة دوام ، لم يقع.

ولا فرق بين الحرّة والأمة إذا كانت زوجة في صحّة الإيلاء منها ، ولا بين المسلمة والذميّة.

والمرافعة للأمة ولا اعتراض للمولى.

ويقع بالمطلّقة رجعيّا في العدّة ، ولا يحتسب عليه مدّة العدّة من مدّة الإيلاء ، فإن تركها حتّى تنقضي عدّتها بانت ، وإن راجعها فابتداء المدّة من حين المراجعة ، ولا يقع في البائن ولا بالأجنبيّة وإن علّقه بالنكاح.

١١٣

الفصل الثاني : في أحكامه

وفيه أربعة عشر بحثا :

٥٤٨٢. الأوّل : يشترط في وقوع الإيلاء النيّة ، ولو تجرّد عنها لم يقع ، ووقوعه في إضرار ، فلو حلف لصلاح اللبن (١) لأجل الولد أو في صلاحه إمّا لتوفّره على العبادة أو الحرب أو غيرهما أو صلاحها ، لم يقع.

وهل يشترط تجريده عن الشرط؟ الأقرب ذلك.

٥٤٨٣. الثاني : لا يقع الإيلاء حتّى يكون الحلف مطلقا ، أو مقيّدا بالدّوام ، أو بمدّة تزيد على أربعة أشهر ، أو مضافا إلى فعل لا يحصل إلّا بعدها غالبا ، كقوله : ما بقيت ، أو حتّى أمضي من بغداد إلى الهند وأعود.

فلو حلف أن لا يطأها أربعة أشهر فما دون لم يقع ، ولا [معلّقا] بفعل (٢) ينقضي لدونها غالبا أو محتملا.

ولو قال : لا وطئتك حتّى أدخل الدار لم يقع ، لإمكان التخلّص من الكفّارة مع الوطء بالدخول ، وكذا لا أصبتك سنة إلّا مرّة ، (٣) فإن وطأ وقع

__________________

(١) في «أ» : إصلاح اللبن.

(٢) أضفنا ما بين المعقوفتين لتكميل العبارة قال المحقّق : ولا يقع لأربعة أشهر فما دون ولا معلّقا بفعل ينقضي قبل هذه المدة يقينا أو غالبا أو محتملا على السواء. شرائع الإسلام : ٣ / ٨٥.

(٣) أي لا يكون مؤليا في الحال ، لأنّه لا يلزمه بالوطء شي‌ء ، لاستثنائه الوطء مرّة.

١١٤

الإيلاء ، (١) وكذا إلّا عشر مرّات أو مائة مرّة مع (٢) استيفاء العدد إن تخلّف قدر التربّص فصاعدا ، وإلّا بطل حكمه ، لكن متى وطأ قبل السنة حنث ، وكذا لا وطئتك سنة إلّا يوما.

٥٤٨٤. الثالث : إذا آلى وانعقد وقربها في المدّة ، حنث ، ووجبت عليه كفّارة اليمين ، وانحلّ الإيلاء ، وإن استمرّ اعتزاله تخيّرت بين الصّبر عليه حتّى يفي‌ء أو يطلّق ، والمرافعة إلى الحاكم بنفسها أو بوكيلها ، فإن رافعته (٣) خيّره الحاكم بين الفئة والتكفير وبين الطلاق ، وضرب لمدّة التخيير أربعة أشهر ، قال الشيخ : مبدؤها من حين المرافعة لا من حين الإيلاء (٤) وفيه نظر.

فإن خرجت المدّة ولم يختر أحدهما ، ألزمه وضيّق عليه في المطعم والمشرب ، فان امتنع حبسه حتّى يفي‌ء إلى المباشرة أو يطلّق.

والمدّة في الحرّة والأمة والزّوج الحرّ والمملوك سواء أربعة أشهر ، وهي حقّ للزّوج ، وليس للزوجة فيها مطالبته.

ومع انقضائها بغير وطء لا تطلّق من غير طلاق ، وليس للحاكم طلاقها عنه ولا إجباره على أحدهما تعيينا.

وإذا طلّق الزّوج خرج من حقّها وكانت المطلّقة رجعيّة ، فإن وطأ في مدّة

__________________

(١) إن بقي من السنة أكثر من أربعة أشهر ، وقد أشار المصنّف إلى هذا القيد في الفرع التالي «مع استيفاء العدد إن تخلّف قدر التربّص فصاعدا» ولعلّه اكتفى به عن ذكره في المقام ، لاحظ المسالك : ١٠ / ١٧٠.

(٢) في «ب» : «ومع» ولعلّ ما في المتن هو الأصحّ.

(٣) في «أ» : فإن رافعت.

(٤) المبسوط : ٥ / ١٣٧.

١١٥

التربّص ، لزمته كفّارة اليمين إجماعا ، وإن وطأ بعدها فللشيخ قولان أجودهما اللزوم (١).

ولو وطئ المؤلي ساهيا أو مجنونا ، أو اشتبهت بغيرها من حلائله ، انحلّ حكم الإيلاء ، ولا كفّارة ، وكذا لو حلف مدّة معيّنة ودافع بعد المرافعة حتّى انقضت المدّة.

٥٤٨٥. الرابع : لو أسقطت حقّها من المطالبة لم يسقط في المستقبل (٢) ، ولا يضرب لها مدّة أخرى.

ولو اختلفا في انقضاء المدّة ، قدّم قول مدّعي البقاء مع اليمين ، وكذا يقدّم قول مدّعي تأخير الإيلاء.

ولو ادّعى الإصابة قدّم قوله مع اليمين ، وكذا لو أنكر أصل الإيلاء وادّعته ، وإذا حلف على الإصابة وطلّق وأراد الرّجعة بدعوى الوطء الّذي حلف عليه ، فالأقرب أنّه لا يمكّن [من الرجعة] ، وكان القول قولها في نفي العدّة والوطء على قياس الخصومات. (٣)

__________________

(١) وهو خيرة الشيخ في الخلاف مدّعيا عليه الإجماع ، لاحظ الخلاف : ٤ / ٥٢٠ ، المسألة ١٨ من كتاب الإيلاء.

وقال في المبسوط : ٥ / ١٣٥. إذا آلى منها ثمّ وطئها ، عندنا عليه الكفّارة سواء كان في المدّة أو بعدها ، وقال قوم : إن وطئها قبل المدّة فعليه الكفارة ، وإن وطئها بعدها فلا كفّارة عليه ، وهو الأقوى.

(٢) علّله في الشرائع : بأنّه حقّ يتجدّد.

(٣) واستدلّ في المسالك (١٠ / ١٥٥) بأنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ، وانّما خالفناه في دعوى الإصابة لما ذكر من العلة [يعني تعذّر إقامة البيّنة أو تعسّرها] وهي منتفية هنا ، كما لو اختلفا في الرجعة ابتداء.

ثم إنّ صاحب الجواهر خلط بين ما نقله عن التحرير وما ذكره صاحب المسالك برهانا لما استقربه العلّامة. لاحظ جواهر الكلام : ٣٣ / ٣٢٦.

١١٦

٥٤٨٦. الخامس : لو جنّ في المدّة بعد ضربها ، احتسب زمان الجنون ، وتربّص به حتّى يفيق أو استمرّ ، ولو انقضت المدّة وهناك ما يمنع الوطء كالحيض والمرض ، كان لها المطالبة بفئة العاجز على إشكال.

ولو تجدّدت أعذارها في أثناء المدّة ، قال الشيخ : تنقطع الاستدامة (١) عدا الحيض (٢) ولا تنقطع بأعذار الرّجل ابتداء واعتراضا ، ولا يمنع من المرافعة انتهاء.

فلو انتقضت [المدّة] وهو محرم ألزم بفئة العاجز ، وكذا الصّائم ، ولو جامعا (٣) أثما وأتيا بالفئة ، وكذا كلّ وطء محرّم كما في الحيض والنفاس.

أمّا لو ارتدّ في أثناء المدّة ، أو طلّق رجعيّا ، فإنّه ينقطع الاستدامة عند الشيخ فيهما (٤) فإن تاب أو راجع استؤنفت العدّة.

وفئة القادر غيبوبة الحشفة في القبل ، وهل يجزئ بروكها عليه أو تغيّب المكره؟ فيه نظر ، والعاجز (٥) إظهار العزم على الوطء مع القدرة.

ويمهل القادر لو طلبه بما جرت العادة ، كالأكل وتوقّع خفّته ، والنوم ، والاستراحة ، وصلاة النافلة.

__________________

(١) والمراد عدم احتسابها من المدّة ، فإذا زال العذر ثبت على ما مضى من المدة قبل العذر.

لاحظ المسالك : ١٠ / ١٤٦.

(٢) المبسوط : ٥ / ١٣٦.

(٣) في النسختين «جامعها» ولعلّه مصحّف.

(٤) المبسوط : ٥ / ١٣٦.

(٥) عطف على القادر في قوله : «وفئة القادر».

١١٧

٥٤٨٧. السادس : لو ترافع الذمّيان تخيّر الحاكم بين الحكم بينهما بموجب شرعنا وبين ردّهما إلى أهل نحلتهما.

٥٤٨٨. السابع : لو ظاهر ثمّ آلى صحّا ، فيوقف بعد انقضاء مدّة الظهار ، فإن طلّق وفّى عنهما ، وان امتنع ألزم الوطء والتكفير للظهار ، وتلزمه كفّارة الإيلاء.

٥٤٨٩. الثامن : لو اشترى المؤلى منها وأعتقها وتزوّجها ، لم يعد الإيلاء ، وكذا لو [آلى العبد من الحرّة ثمّ] اشترته الحرّة وأعتقته وتزوّج بها.

ولو حلف على أجنبيّة ألّا يطأها ، انعقدت يمينه ولو لم يكن مؤليا وإن تزوّج بها ، سواء بقي من مدّة اليمين أكثر من أربعة أشهر أو لا ، لأنّ الإضرار شرط في الإيلاء ، وهو منتف عن الأجنبيّة.

٥٤٩٠. التاسع : لو قال لأربع : والله لا وطئتكنّ ، لم يكن مؤليا في الحال ، ولا (١) يحنث إلّا بوطء الجميع ، وجاز له وطء ثلاث منهنّ ، فتتعيّن الرابعة للتحريم ، وترافعه ثمّ تقفه بعد المدّة.

ولو ماتت إحداهنّ قبل الوطء انحلّ الإيلاء ، بخلاف ما لو طلّقها أو طلّق اثنتين أو ثلاثا.

ولو قال : والله لا وطئت واحدة منكنّ ، تعلّق الإيلاء بالجميع ، وضربت المدّة لهنّ عاجلا ، ويحنث بوطء واحدة ، وينحلّ الإيلاء في البواقي.

ولو طلّق بعضهنّ بقي الإيلاء في المتخلّف ، ولو قصد هنا واحدة قبل.

ولو قال : لا وطئت كلّ واحدة منكنّ ، كان مؤليا من كلّ واحدة ، كالمنفردة ،

__________________

(١) في «أ» : فلا.

١١٨

فمن طلّقها وفّاها ، وبقي الإيلاء في المتخلّف ، وكذا لو وطئها قبل الطلاق ، فتلزمه الكفّارة عنها ، ويبقى الإيلاء في المتخلّف.

٥٤٩١. العاشر : لو كرّر الإيلاء لم تتكرّر الكفّارة ، سواء قصد التأكيد أو المغايرة أو أطلق إلّا أن يتغيّر الزمان ، مثل والله لا وطئتك خمسة أشهر ، فإذا انقضت فو الله لا وطئتك سنة ، فيتعدّد الإيلاء إن قلنا بوقوعه مشروطا ، ولها المرافعة ، فإن ماطل حتّى انقضت خمسة أشهر ، انحلّت ويدخل وقت الإيلاء الثاني.

وعلى ما اخترناه من بطلان المشروط ، لا يقع الثاني ، وقال الشيخ : يقع الثاني عملا بالظاهر المتناول للإيلاء بصفته ، وفرّق بينه وبين الطلاق والعتاق بالإجماع فيهما ، (١) قال : فإن فاء بعد مدّة التربّص خرج من [الإيلاء] الأوّل ، وإن طلّق رجعيّا فكذلك ، راجع أو لا ، وإذا انقضت الخمسة دخل وقت الثاني ، فان كان في الأوّل فاء أو دافع حتّى انقضت ، أو طلّق وراجع ، كان في الثاني كأنّه آلى منها الآن ، فيضرب له أربعة بعد الخمسة ، فإن فاء بعدها خرج من حكمه ، وإن دافع حتّى انقضت السنة أثم وخرج من حكمه ، وإن طلّق [طلاقا] رجعيّا وراجع ، وقد بقي أكثر من أربعة ، تربّص ووقف بعد التربّص ، وإلّا لم يتربّص ، وينحلّ الإيلاء دون اليمين ، فيحنث لو وطئ قبل الانقضاء ، ولا يحتسب عليه الزمان من حين الطلاق إلى الرجوع (٢).

__________________

(١) قال الشيخ : إذا قال : والله لا أصبتك خمسة أشهر ، فإذا انقضت فو الله لا أصبتك سنة ، فهما إيلاءان ويمينان مختلفان إحداهما خمسة أشهر والأخرى سنة ، والأولى مطلقة معجّلة والثانية معلّقة بصفة فإذا وجدت الصفة انعقدت ، وليس هذا يجري مجرى الطلاق والعتاق الّذي قلنا لا يقعان بصفة ، لأنّ هناك منعنا فيه إجماع الفرقة ، وليس هاهنا ما يمنع منه ، والظواهر تتناوله.

المبسوط : ٥ / ١١٧.

(٢) المبسوط : ٥ / ١١٨ ، نقله المصنّف بتلخيص.

١١٩

ولو قال : والله لا أصبتك خمسة أشهر والله لا أصبتك سنة ، كانا إيلاءين معجّلين يتداخلان خمسة أشهر ، فيتربّص عقيب اليمين أربعة ، فإن فاء خرج منهما ، وكذا إن دافع حتّى انقضتا ، ولو دافع حتّى انقضت القصيرة بقي المتخلّف من الطويلة ، فإن طلّق انحلّت الأولى وكذا الثانية إن لم يراجع أو راجع ولم تبق مدّة التربّص ، ويبقى حكم اليمين في الأخير ، وإن بقي مدّة التربّص وقف وتربّص.

٥٤٩٢. الحادي عشر : إذا طلّق المؤلي رجعيّا وفّى ، فإن راجع ضربت له مدّة أخرى ، ووقف بعد انقضائها ، فإن فاء ، أو طلّق وفّى ، وإن راجع ضربت له أخرى ووقف بعد انقضائها ، فإن طلّق ثالثا بانت.

٥٤٩٣. الثاني عشر : إذا قال : والله لا أصبتك أربعة فإذا انقضت فو الله لا أصبتك أربعة ، قال الشيخ : لا يكون مؤليا ، لأنّ المؤلي من يوقف بعد التربص للفئة أو الطلاق ، وبعد الأولى لا يطالب بفئتها ، لانقضائها ، ولا بفئة الثانية ، لأنّ التربّص لها ما وجد. (١)

٥٤٩٤. الثالث عشر : لو قال : إن وطئتك فأنت زانية ، لم يكن إيلاء ولا قذفا وإن وطئها ، لانتفاء احتمال التصديق والتكذيب.

ولو قال : إن وطئتك فو الله لا وطئتك ، لم يكن في الحال مؤليا ، وعلى القول بجوازه مشروطا يقع عند غيبوبة الحشفة ، فإن لم ينزع حنث وكفّر وانحلّ الإيلاء سواء بقى على حاله أو كمل له الإيلاج ، وإن نزع لم يحنث به.

ولو قال : لا وطئتك إن شئت ، وجوّزنا المشروط ، فالصفة مشيئتها ألّا

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ١١٨ ـ ١١٩.

١٢٠