تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

المقصد السادس : في اللواحق

وفيه واحد وعشرون بحثا :

٦٠١٠. الأوّل : إذا أقرّ لميت دفع إلى ورثته ، فإن قال : لا وارث له سوى هذا ولم يعرف له غيره ، أمر بالتسليم إليه. ولو أقرّ لغائب وقال : هذا وكيله لم يؤمر بالتسليم إليه.

٦٠١١. الثاني : إذا ادّعى مالك العبد بيعه على من ينعتق عليه فأنكر ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، فإذا حلف سقط الثمن (١) عنه وعتق العبد.

٦٠١٢. الثالث : لو أقرّ بما في يده للمجهول ، صحّ ، فإذا قال : هذه الدار غصبتها من أحد هذين ، أو قال : هي لأحدهما قبل ، ثمّ يطالب بالبيان ، فإن عيّن أحدهما دفعت إليه. ولو ادّعاها الآخر كانا خصمين ، فإن ادّعى علم المقرّ فاعترف له غرم له ، وإن أنكر فله اليمين عليه ، ولا غرم.

ولو قال : لا أعرفه عينا فصدّقاه نزعت من يده وكانا خصمين ، وإن كذّباه حلف على عدم العلم ، ونزعت من يده وكانا خصمين ، ولو تبيّن بعد ذلك مالكها ، قبل منه ، كما لو بيّنه ابتداء.

__________________

(١) في «أ» : «سقط اليمين» والصحيح ما في المتن.

٤٢١

ويحتمل أنّه إذا ادّعى كلّ منهما أنّه المغصوب منه توجّهت عليه اليمين لكلّ واحد منهما ، فإن حلف لأحدهما ، لزمه دفعها (١) إلى الآخر ، لأنّه يجري مجرى تعيّنه ، وإن نكل عن اليمين لهما معا ، فسلّمت إلى أحدهما بقرعة أو غيرها غرمها للآخر ، لأنّه نكل عن يمين توجّهت عليه فقضي عليه.

ولو أقرّ للمجهول مطلقا مثل أن يقول : هذا العبد لرجل أو لامرأة ، حكم عليه بانتفاء ملكه ، فإن حضر المدّعي وأنكر المقرّ إرادته ، فالقول قوله مع اليمين ، فإن نكل وحلف المدّعي ثمّ حضر آخر وادّعاه وصدّقه ففي التغريم نظر.

٦٠١٣. الرابع : إذا قال : له عندي دراهم ثم فسّر إقراره بأنّها وديعة ، قبل تفسيره ، سواء فسّر ، بمتصل أو منفصل ، فيثبت فيها أحكام الوديعة ، من قبول ادّعاء التلف والرّدّ وكذا لو فسّره بدين.

ولو قال : له عندي وديعة رددتها إليه أو تلفت ، لزمه الضمان لمناقضة الإقرار ، فإنّ المردود والتالف ليس عنده ولا هو وديعة.

أمّا لو قال : كان له عندي وديعة وتلفت ، فإنّه يقبل قوله إجماعا.

ولو قال : له عليّ دراهم وديعة ، لم يقبل قوله ، فلو ادّعى تلفها لم يقبل.

ولو قال : لك عليّ مائة درهم ثمّ أحضرها وقال : هذه الّتي أقررت بها وهي وديعة كانت لك عندي ، فقال المقرّ له : هذه وديعة والّتي أقررت بها غيرها ، وهي دين عليك ، احتمل تقديم قول المقرّ والمقرّ له ، والثاني أقوى.

ولو قال : في إقراره : لك عليّ مائة في ذمّتي ، فإنّ القول قول المقرّ له ، ولو وصل كلامه الأوّل فقال : لك عليّ مائة وديعة قبل.

__________________

(١) في «ب» : لزمه ودفعها.

٤٢٢

ولو قال : لك في ذمّتي ألف وجاء بها وقال : هي وديعة ، وهذه بدلها ، قبل قوله.

ولو قال : له عليّ ألف درهم ، ودفعها وقال : كانت وديعة كنت أظنها باقية فبانت تالفة ، لم يقبل ، لتكذيب إقراره ، أمّا لو ادّعى تلفها بعد الإقرار ، قبل.

ولو قال : له عليّ مائة وديعة دينا أو مائة مضاربة صحّ ، ولزمه ضمانها ، لأنّه قد يتعدّى فيهما فيكون دينا ، ولو قال : أردت أنّه شرط عليّ ضمانها ، لم يقبل ، لأنّها لا تصير بذلك دينا.

ولو قال : له عندي مائة وديعة شرط ضمانها عليّ ، لم يلزمه الضمان ، لأنّها لا تصير بالشرط مضمونة.

ولو قال : أودعني مائة فلم أقبضها ، أو أقرضني مائة فلم آخذها ، قبل متّصلا لا منفصلا.

٦٠١٤. الخامس : لا يقبل رجوع المقرّ عن إقراره إلّا في حدّ الرجم ، أمّا حقوق الآدميّين وحقوق الله تعالى ، كالزكاة ، والكفّارة ، فلا يقبل رجوعه ، فإذا كان في يده دار وقال : هذه الدار لزيد لا بل لعمرو حكم ، بها لزيد وغرم لعمرو القيمة ، إلّا أن يصدّقه زيد ، وكذا لو ادّعى على ميّت بعين فصدّقه الوارث ، ثم ادّعاها آخر فصدّقه ، أو قال : غصبت هذه الدار من زيد لا بل من عمرو ، أو لو قال : غصبتها من زيد وغصبها زيد من عمرو ، ولا فرق بين اتّصال الكلام وانفصاله.

أمّا لو قال : غصبت هذه الدار من زيد وملّكها لعمرو ، فإنّها تدفع إلى زيد ولا يغرم لعمرو ، لعدم تعارض الإقرارين ، ولو قال : ملّكها لعمرو وغصبتها من زيد ، فالأقرب دفعها إلى عمرو ويغرم لزيد.

٤٢٣

وكذا البحث لو قال : هذه الألف دفعها إلى زيد وهي لعمرو أو هي لعمرو دفعها إلى زيد.

ولو قال : هذه لزيد وغصبها زيد من عمرو ، دفعت إلى زيد ، وفي الغرم لعمرو احتمال. ولو قال : دفع إليّ ألف درهم ولم أقبض ، أو نقد لي ولم أقبض ، فالوجه القبول.

٦٠١٥. السادس : لو أقرّ لزيد بعبد في يده فأنكر المقرّ له ، قال الشيخ : يعتق. (١)

وليس بمعتمد ، بل يبقى على الرقّية (٢) المجهول المالك.

ولو أقرّ أنّ المولى أعتق عبده ، فالقول قول المولى ، ولا يمين إلّا أن يدّعي العبد ، فلو اشتراه المقرّ ، صحّ في طرف البائع وعتق على المشتري ، فإن مات هذا العبد ، فللمشتري قدر الثمن من تركته ، لأنّه مع صدقه يكون الولاء للمولى إذا لم يكن وارث سواه ، ومع كذبه يكون المال للمشتري.

٦٠١٦. السابع : لو عقّب إقراره بما يقتضي السقوط ، لم يؤثّر في الإقرار ، فإذا قال : له عليّ عشرة من ثمن خمر ، أو خنزير ، أو ثمن مبيع فاسد ، لم أقبضه ، وجب العشرة ، وكذا له عليّ ألف من ثمن عبد إن سلّم سلّمت ، أو له عليّ ألف لا يلزمني.

ولو قال : له عليّ ألف ، وقطع ، ثمّ قال : من ثمن مبيع لم أقبضه ، لزمه الألف ، وكذا لو وصل على الأقوى ، سواء كان المبيع معيّنا أو مطلقا.

ولو قال : له عليّ ألف قضيتها ، ألزم ، ولو قال : ألف مؤجّل من جهة

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٣.

(٢) في «ب» : على الرقبة.

٤٢٤

العقل (١) قبل ، ولو قال من جهة القرض ، لم يقبل ، ولو أطلق ، فالوجه قبول التأجيل.

ولو قال : ابتعت بخيار ، أو ضمنت بخيار ، قبل إقراره بالعقد ، ولم يثبت الخيار ، ولو قدّم الشرط ، بطل الإقرار ، وفي تأخيره إشكال.

ولو قال : له عشرة لا بل تسعة ، ألزم بعشرة بخلاف عشرة إلّا واحدا.

ولو أقرّ ثم ادّعى أنه أشهد مواطأة للمقرّ له تبعا للعادة ، توجّهت اليمين على المقرّ له ، وكذا لو أقرّ بالبيع وقبض الثمن ، ثمّ ادّعى أنّ الإشهاد بقبض الثمن مواطأة ، وليس هذا تكذيبا لإقراره على ما توهّمه بعض الناس.

أمّا لو شهد الشاهدان بالإقباض مشاهدة ، لم يقبل إنكاره ، ولا تثبت له اليمين ، وكذا لو أقيمت البيّنة عليه بالإقرار فأنكر الإقرار ، لم يلتفت إليه ولا يمين له.

ولو أقرّ الأعجميّ غير الفاهم وقال : لقّنت بالعربية ، قبل دعواه بلا خلاف.

٦٠١٧. الثامن : إنّما يبطل إقرار المكره إذا كان الإكراه على الإقرار لا على غيره ، فاذا أكره على الإقرار لزيد بشي‌ء فأقرّ به لعمرو ، صحّ إقراره ، أو أقرّ لزيد بغيره ، ولو أكره على أداء مال فباع متاعه ليؤدّي ذلك ، صحّ البيع ، لأنّه لم يكره على البيع.

٦٠١٨. التاسع : يصحّ الإقرار لكلّ من يثبت له الحقّ ، فلو أقرّ للعبد بتعزير القذف ، قبل سواء صدّقه المولى أو كذّبه ، وللعبد المطالبة بذلك والعفو ، دون السيد ، ولو كذّبه العبد ، لم يقبل.

__________________

(١) في مجمع البحرين : العقل : الدية.

٤٢٥

٦٠١٩. العاشر : لو قال : له هذه الدار سكنى ، أو هبة ، أو عارية ، احتمل الحكم بالإقرار بالدار و (إلغاء) (١) الضمائم. لأنّها رافعة ما أثبته ، والأقرب الحكم بالإقرار بالبدل ، ولا يكون إقرارا بالدار ، لأنّ البدل سائغ في كلام العرب ، فيثبت فيها حكم ذلك ، وله أن لا يسكنه إيّاها ، وأن يعود في العارية والهبة غير المعوّض عنها.

٦٠٢٠. الحادي عشر : لو أقرّ بدرهم ، ثم أقرّ به في مجلس آخر ، فإن أطلق فيهما ، أو وصفهما بصفة واحدة ، أو بصفتين مختلفتين يمكن اجتماعهما ، أو أطلق أحدهما ووصف الآخر ، أو أسندهما إلى سبب واحد ، فهما واحد.

ولو ادّعى المقرّ له التغاير ، فله اليمين ، ولو كان أحدهما أكثر ، دخل الأقلّ في الأكثر.

ولو وصفهما بصفتين متضادّتين ، أو أسندهما إلى سببين مختلفين تغايرا ، مثل أن يقول : له درهم أبيض ، ثمّ يقول في وقت آخر : له درهم أسود ، أو له عليّ درهم من ثمن مبيع ، ثمّ يقول : له عليّ درهم من قرض ، ولا يدخل الأقلّ هنا الأكثر.

٦٠٢١. الثاني عشر : إذا قال : له عليّ درهمان في عشرة ، وقال : أردت الحساب ، لزمه عشرون ، وإن قال : أردت درهمين مع عشرة على ما يستعمله العامّة ، لزمه اثنا عشر وإن كان من أهل الحساب ، ولو قال : أردت درهمين في عشرة لي قبل.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».

٤٢٦

ولو قال : درهمان في دينار ، لم يحتمل الحساب ، وسئل عن مراده ، فإن عنى العطف لزمه الدرهمان والدينار ، وإن قال : أسلمتهما في دينار ، فصدّقه المقرّ له ، بطل إقراره ، لبطلان السّلم في الصّرف ، وإن كذّبه ، فالقول قول المقرّ له مع اليمين.

ولو قال : له عليّ إمّا درهم أو دينار ، أو له عليّ درهم أو دينار ، كان مقرّا بأحدهما ، ويرجع في التفسير إليه.

ولو قال : له إمّا درهم وإمّا درهمان ، كان مقرّا بدرهم ، والثاني مشكوك فيه ، لا يلزم به.

٦٠٢٢. الثالث عشر : لو قال : داري هذه لفلان ، كان متناقضا ، ويحتمل الصحّة ، لأنّ الإضافة قد يكون مع الاختصاص من دون التملّك كقوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) (١) (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) (٢) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ، (٣)

وكذا لو قال : له في داري نصفها أو من داري بعضها.

ولو قال : له في هذا العبد شركة صحّ ، وقبل تفسيره بأقلّ من النصف.

٦٠٢٣. الرابع عشر : إذا أقرّ الوارث بدين على الميّت قبل إقراره إجماعا ، وتعلّق الدين بالتركة ، فإن لم يخلّف تركة ، لم يلزم الوارث شي‌ء ، وإن خلّف تخيّر الوارث بين القضاء من عين التركة (٤) أو من ماله ، ويلزمه أقلّ الأمرين من القيمة أو قدر الدّين.

__________________

(١) النساء : ٥.

(٢) الطلاق : ١.

(٣) الأحزاب : ٣٣.

(٤) في «ب» : من غير التركة.

٤٢٧

وكذا البحث لو تعدّد الوارث ، ويثبت الدّين بإقرار الميّت ، أو بالبيّنة ، أو بإقرار جميع الورثة ، فإن اختار الورثة قضاء الدّين من مالهم ألزم كلّ واحد من الدّين بقدر نصيبه من التركة.

ولو أقرّ أحدهم وأنكر الباقون ، ألزم من الدّين بقدر ميراثه ، وتخيّر في القضاء ، فلو كانا اثنين ، لزمه نصف الدّين أو يؤدّي نصف ما في يده ، ولا يلزمه أداء الدّين أجمع أو جميع ميراثه.

٦٠٢٤. الخامس عشر : لو ادّعى اثنان عينا بسبب يوجب الشركة ، كالميراث ، أو الابتياع معا ، فأقرّ بنصفها لأحدهما ، فذلك لهما جميعا ، وإن لم يقتض السّبب الاشتراك ، لم يشاركه الآخر ، وكان على خصومة.

ولو أقرّ لأحدهما بالجميع ، وكان المقرّ له يعترف للآخر بالنصف ، سلّمه إليه.

وكذا إن كان قد تقدّم إقراره بذلك ، وإن لم يكن اعترف للآخر ، وادّعى الجميع أو أكثر من النصف ، فله ما ادّعاه ، ولو لم يدّعه ولم يعترف به للآخر ، احتمل دفعه إلى مدّعيه أو إلى الحاكم حتّى يثبت مدّعيه.

٦٠٢٥. السادس عشر : قد بيّنا أنّ إقرار المريض من الأصل مع انتفاء التّهمة ومن الثلث معها ، ولا يبطل بالكليّة.

فلو أقرّ لزوجته بمهر مثلها أو دونه ، لزمه ، لانتفاء التهمة من حيث إنّه أقرّ لحقّ وجد سببه ولم يعلم البراءة منه ، وكذا لو اشترى من وارث شيئا وأقرّ له بالثمن المثلي.

٤٢٨

ولو أقرّ بإقرار واحد لمن يتّهم في طرفه ولمن لا يتّهم ، مضى في حقّ غير المتّهم من الأصل وفي حقّ المتّهم من الثلث.

ولو أقرّ لوارث ، فالأقرب القبول ، ويرث من الأصل ، ولو أقرّ بعتق أخيه المملوك له ، وهو أقرب الوارث إليه ، فالوجه اعتبار التّهمة ، فإن انتفت ، صحّ العتق ، وورث المال ، وإن وجدت عتق من الثلث ، فإن قصر الثلث عتق ما يحتمله الثلث ، وورث من الباقي منه ومن التركة بقدر ما فيه من الحريّة ، وكان الباقي للأبعد منه.

٦٠٢٦. السابع عشر : لو خلّف ألفا فادّعى شخص إيداعها ، وادّعى الآخر ألفا دينا ، فقال الوارث : صدقتما ، فالأقرب أنّ صاحب الوديعة أحقّ.

ولو ادّعى العبد العتق وآخر دينا ، ولا تركة سواه ، فقال الوارث صدقتما ، فالأقرب عتق العبد.

٦٠٢٧. الثامن عشر : لو قال : عليّ وعلى زيد كذا ، قبل قوله في نصيبه ، سواء فسّره بالنصف أو أقلّ أو أكثر ، ولو قال : له عليّ أو على زيد كذا ، لم يكن إقرارا ، ولو قال : له عليّ وعلى الحائط كذا ، فالوجه وجوب الجميع عليه ، وكذا لو قال : أو على الحائط.

٦٠٢٨. التاسع عشر : لو أقرّ بسبق يد الغير على ما يملكه ، لم يخرج عن ملكه ، مثل أن يقول : فلان خاط ثوبي هذا بدرهم ، ثمّ قبضته منه ، أو أعرت فلانا ثوبي هذا ثمّ استعدته ، أو أسكنته داري هذه ، ثمّ استرجعتها ، وادّعى الآخر الثوب والدار ، وكذا لو قال : غصبني هذا العبد ثمّ استخلصته ، وادّعى الآخر ملكيّته.

٤٢٩

أمّا لو قال : أخذت منك ألف درهم وكانت وديعة لي عندك ، فأنكر الإيداع وادّعى الملكيّة ، فالقول قول المقرّ له.

٦٠٢٩. العشرون : لو أقرّت بنكاح رجل وماتت ، ثمّ صدقها الزوج بعد الموت ، جاز تصديقه ، وعليه المهر ، وله الميراث.

ولو ادّعى غلام في يد رجل أنّه ابن فلان وأمّه أمّ ولد له ، فصدّقه المقرّ له وكذّبه ذو اليد ، فالقول قول الغلام إذا جهلت رقيّته.

ولو قال : ماتت أختك أو بنتك وتركت هذا المال الّذي في يدي بيننا نصفين أو أرباعا ، فأنكر الأخ الزوجيّة افتقر الزوج (١) إلى البيّنة.

٦٠٣٠. الواحد والعشرون : لو أقرّ للحربيّ بعد إسلامه فقال : أخذت من مالك ألفا حالة الحرب ، فقال الحربي : بل بعد الإسلام ، فالوجه سقوط الضمان ، وكذا لو أعتق عبده ثمّ قال : قطعت يدك ، أو استهلكت مالك قبل العتق ، فقال : بل بعده ، أو قال للذّمّي بعد إسلامه : أتلفت عليك خمرا أو خنزيرا حالة الكفر ، فقال : بل بعد الإسلام.

ولو تزوّج مجهولة النسب ، فأقرّت أنّها أمة فلان ، جاز إقرارها على نفسها لا في إبطال حقّ الزوج في النكاح ، فإن ولدت بعد ذلك لأكثر من ستّة أشهر ، فالأقرب أنّ الولد حرّ.

__________________

(١) في «أ» : الزوجيّة.

٤٣٠

المطلب الثاني : في الإقرار بالنّسب

وفيه أحد عشر بحثا :

٦٠٣١. الأوّل : إذا أقرّ بابن له ثبت نسبه بشروط أربعة :

أن يكون المقرّ به مجهول النسب ، فلو عرف نسبه لم يصحّ الإقرار.

وأن لا يتنازعه غيره ، فلو نازعه منازع ، لم يثبت النسب إلّا بالبيّنة أو القرعة.

وأن تكون البنوّة ممكنة ، فلو أقرّ ببنوّة من هو مثله في السنّ أو أكبر منه أو أصغر بما لم تجر العادة بمثله ، لم يلتفت إليه ، ولو كان مملوكا لم يعتق عليه.

وأن يكون الولد ممّن لا قول له ، كالصغير والمجنون ، أو يصدّق المقرّ إن كان ذا قول ، أمّا غير الولد من الأنساب ، فلا يثبت نسبه إلّا بتصديق المقرّ به.

فإذا أقرّ بنسب غير الولد للصلب ، ولا وارث له ، وصدّقه المقرّ به ، توارثا بينهما ، ولا يتعدّى التوارث إلى غيرهما إلّا إلى أولادهما ، ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب.

٦٠٣٢. الثاني : إذا أقرّ بالولد الصغير فكبر وأنكر ، لم يلتفت إلى إنكاره ، لثبوت نسبه أوّلا ، ولو طلب إحلافه لم يستحلف ، لأنّ الأب لو جحد بعد إقراره ، لم يقبل منه ، وكذا لو أقرّ بالمجنون ، ثمّ زال جنونه وأنكر.

ولو مات مجهول النسب فأقرّ إنسان ببنوّته ، ثبت نسبه ، صغيرا كان أم

٤٣١

كبيرا ، ويسقط هنا اعتبار التصديق ، سواء كان له مال أو لم يكن ، ويكون ميراثه للمقرّ.

ولو أقرّ بابن ابنه ، وابنه ميّت ، اعتبر فيه الشروط الأربعة مع التصديق.

٦٠٣٣. الثالث : إذا خلّف ابنا فأقرّ بآخر ، ثمّ أقرّ بثالث ، فإن كانا عدلين ، ثبت نسب الثالث ، وإلّا شاركهما من غير ثبوت النسب ، فلو أنكر الثالث الثاني ، لم يثبت نسب الثاني ، ويأخذ الثالث نصف التركة والأوّل الثلث والثاني السدس ، وهو تتمّة نصيب الأوّل.

ولو خلّف اثنين معلومي النسب ، فأقرّ بثالث ، ثبت نسبه مع العدالة ، ولو أنكر الثالث أحدهما لم يلتفت إليه ، وتساووا في التركة.

ولو كان المقرّ أحدهما وأنكر الآخر لم يثبت نسبه ، لكن يشارك في الميراث ، فيأخذ فضل ما في يد المقرّ عن ميراثه ، فللمنكر النصف ، وللمقرّ الثلث ، وله السدس ، وليس له نصف ما في يد المقرّ.

وأصل ذلك أنّ الوارث إذا أقرّ بدين لم يجب عليه دفع جميعه بل قدر حصّته ، فلو مات المنكر وورثه المقرّ خاصّة ، شاركه الآخر.

٦٠٣٤. الرابع : لا يثبت النسب إلّا بشاهدين ذكرين عدلين ، ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين ، ولا بشهادة النساء وإن كثرن ، ولا بشهادة رجل ويمين ، ولا بشهادة فاسقين وإن كانا وارثين ، ولا بإقرار جميع الورثة ، إذا لم يكن فيهم عدلان.

ولو شهد اثنان من الورثة وكانا عدلين ، يثبت النسب في حقّ باقي الورثة ، ولا يشترط تصديق باقيهم.

٤٣٢

٦٠٣٥. الخامس : إذا أقرّ الوارث في الظاهر بمن يحجبه ، دفع إليه ما في يده ، فلو خلّف الميّت أخا فأقرّ بابن دفع إليه التركة ، وكذا الأخ من الأب إذا أقرّ بأخ من الأبوين ، أو ابن الابن إذا أقرّ بابن الصلب.

ولو شهد الأخوان وكانا عدلين بابن للميّت ، ثبت نسبه وأخذ الميراث ، ولا يكون ذلك دورا ، (١) ولو كانا فاسقين ، أخذ الميراث ولم يثبت النسب.

ولو أقرّ أحد الأخوين (٢) وأنكر الآخر ، دفع المقرّ جميع ما في يده ، وكان النصف للآخر.

ولو كانت معهما زوجة ، فأقرّت بالابن ، فإن صدّقاها أخذت الثمن ودفع الباقي الى الولد ، وإن كذّباها دفع إليها ثمن وإلى الولد باقي نصيبها وهو ثمن الآخر ، وإلى الأخوين الباقي ، فكلّ وارث في الظاهر أقرّ بمن هو أولى منه ، دفع إليه جميع ما في يده.

ولو أقرّ بمساو له دفع إليه من نصيبه بنسبة نصيبه ، ولو أقرّ الأخ بولدين دفعة فصدّقاه ، تقاسما التركة ، ومنع الأخ ، ويثبت النسب.

ولو صدّقه كل واحد عن نفسه ، لم يثبت النسب ، ويثبت الميراث ، ودفع إليهما ما في يده.

ولو تناكرا بينهما لم يلتفت الى إنكارهما ، ولو صدّق أحدهما صاحبه دون الآخر ، فالتركة بينهما نصفين.

__________________

(١) نبّه بقوله : «ولا يكون ذلك دورا» على ما حكاه الشيخ في المبسوط من توجّه الدور. لاحظ المبسوط : ٣ / ٣٩.

(٢) في «أ» : «أحد الأبوين» والصحيح ما في المتن.

٤٣٣

ولو كانا توأمين ، لم يلتفت الى إنكار المنكر منهما ، سواء تجاحدا معا أو جحد أحدهما صاحبه ، ولو أقرّ الأخ بنسب واحد منهما ، ثبت نسب الآخر إن صدّقه وإلّا شارك في الميراث.

٦٠٣٦. السادس : لو أقرّ العمّ بأخ للميّت ثمّ أقرّ بابن ، فإن صدّقه الآخر دفع المال إلى الولد ، وإن كذّبه أخذ الأخ المال وغرم العمّ للابن مثله ، ولو كان الثاني مساويا للثالث ، بأن أقرّ العمّ بأخ آخر ، فإن صدّقه الأخ الأوّل دفعت التركة إليهما بالسوية ، وإن كذّبه دفعت التركة الى الأوّل وغرم العمّ للأخ الثاني نصف التركة.

ولو أقرّ الوراث بزوج للميّتة ولم يكن لها ولد ، أعطاه نصف ما في يده ، وان كان لها ولد أعطاه ربع ما في يده ، ولو أقرّ بزوج آخر لم يقبل ، ولو أكذب إقراره الأوّل لم يقبل في حقّ الأوّل ، ويغرم للثاني مثل ما حصل للأوّل.

ولو أقرّ بزوجة للميّت وليس له ولد ، أعطاها ربع ما في يده ، وإن كان لها ولد أعطاها ثمن ما في يده.

ولو أقرّ بثانية أعطاها نصف الربع أو نصف الثمن ، ولو أقرّ بثالثة أعطاها ثلث أحدهما ، ولو أقرّ برابعة أعطاها ربع أحدهما ، هذا مع تكذيبهنّ له ، فإن صدّقته الأولى في الثانية ، كان الربع أو الثمن بينهما ، ولا يغرم شيئا ، ثمّ إن صدّقتاه على الثالثة دفعتا إليها نصيبها ، ثمّ إن صدّقته على الرابعة اقتسمن في نصيب الزوجية بالسويّة من غير غرم.

ولو أقرّ بهنّ دفعة واحدة ثبت لهنّ الربع أو الثمن بالسّوية من غير غرم ، ولو أقرّ بخامسة ، لم يلتف إليه ، فإن ، أنكر إحدى الأول ، لم يلتفت إلى إنكاره وغرم لها ربع أحد النصيبين.

٤٣٤

ولو كان للميّت زوجة فأقرّ الوارث بأخرى فإن صدّقته الأولى اقتسمتا نصيب الزوجية ، وإن كذّبته لم يكن للثانية شي‌ء ، لأنّ الفضل الّذي تستحقّه في يد غير المقرّ.

وكذا ما يكون مثل ذلك : كأن يخلّف أخا من أب وأخا من أمّ ، فيقرّ الأخ من الأمّ بأخ للميّت ، فإن صدّقه الآخر شاركه ، وإلّا فلا شي‌ء له ، سواء أقرّ بأنّه أخاه من أبوين أو من أب أو من أمّ ، لأنّ ميراثه في يد غير المقرّ.

ولو أقرّ بأخوين من أم دفع إليهما ثلث ما في يده ، لاعترافه باشتراكهم في الثلث ، فلكلّ واحد تسع وفي يده سدس ، وهو تسع ونصف تسع ، فيفضل في يده نصف تسع ، وهو ثلث ما في يده.

٦٠٣٧. السابع : لو ادّعى نسب المكلّف ، فأنكر لم يثبت النسب ، فإن مات المقرّ ثمّ صدّقه المنكر ثبت نسبه وورث.

ولو أقرّ رجل بزوجيّة امرأة ، أو أقرّت امرأة بزوجيّة رجل فلم يصدّقه المقرّ به إلّا بعد موته ورثه على إشكال.

وإذا ثبت النسب بالإقرار والتصديق في حقّ البالغ ، أو بالإقرار في حقّ الطفل ، ثمّ أنكر المقرّ له ، لم يقبل إنكاره ، ولو اتفقا على الرجوع عنه ، لم يسقط النسب.

ولو أقرّت المرأة بولد قبل إقرارها ، سواء كانت ذات زوج أو لا ، فإذا أقرّ ببنوّة صغير لم يكن إقرارا بزوجيّة أمّه وإن كانت مشهورة بالحريّة ، ولو أقرّ ببنوّة ولد أمته ، وليس لها زوج ، لحق به ، وحكم بحرّيته.

٤٣٥

٦٠٣٨. الثامن : لو كانت له أمتان لكل منهما ولد ، فقال : أحد هذين ولدي من أمتي ، فإن كان لكل منهما زوج يمكن إلحاق الولد به ، لم يصحّ إقراره ، ولحق الولد بالزوجين ولو كان لإحداهما زوج دون الأخرى انصرف الإقرار الى ولد الأخرى لأنّه الّذي يمكن إلحاقه به.

وإن لم يكن لواحدة منهما زوج ، وأقرّ السيّد بوطئهما معا ، لحق الولدان به إذا أمكن أن يولدا بعد وطئه ، ولو أمكن في إحداهما دون الأخرى انصرف الإقرار الى من أمكن ، وإن لم يكن أقرّ بوطئها صح إقراره ، وثبت (١) حريّة المقرّ به ، فيكلّف البيان ، ويقبل بيانه.

ولو ادّعت الأخرى أنّ ولدها هو الّذي أقرّ به ، فالقول قوله مع اليمين.

ولو مات قبل التعيين ، قال الشيخ : يعين الوارث. فان امتنع أقرع بينهما (٢).

ولو كانت له أمة لها ثلاثة أولاد ، ولا زوج لها ، ولا أقرّ بوطئها ، فقال : أحد هؤلاء ولدي ، صحّ وطولب بالبيان ، فإن عيّن أحدهم ، ثبت نسبه وحريّته ، والآخران رقّ ، ولو اشتبه المعيّن ومات ، استخرج بالقرعة ، وكذا لو لم يعيّن هو ولا الوارث.

٦٠٣٩. التاسع : إذا خلّف ابنين فأقرّ أحدهما بثالث وأنكر الآخر ، لم يثبت النسب ، وأخذ المقرّ به ثلث ما في يد المقرّ ، فلو مات المنكر وخلّف ابنا وصدّق عمّه على إقراره ، ثبت النسب إذا كانا عدلين ، ودفع ثلث ما أخذه أبوه.

__________________

(١) في «أ» : ويثبت.

(٢) المبسوط : ٣ / ٤٦.

٤٣٦

ولو أقرّ بشخص (١) فأنكر المقرّ له نسب المقرّ من الميّت ، استحقّ المقرّ له الكلّ إلّا أن يقيم المقرّ البيّنة بالنسب.

٦٠٤٠. العاشر : إذا أقرّ بنسب البالغ شاركه في الميراث ، ولم يثبت النسب ، ولو مات المقرّ ورثه المقرّ له ، ولو مات المقرّ له لم يرثه المقرّ إلّا أن يكون قد صدّقه ، فيثبت نسبه ويرثه ، ولا يتعدّى إلى غيرهما إلّا إلى أولادهما دون غيرهم من ذوي النسب إلّا مع التصديق لهما.

٦٠٤١. الحادي عشر : لو أقرّ بعتق عبديه ، تثبت حرّيتهما ، فلو ادّعى آخر غصبهما وأنهما عبداه ، فشهدا له ، لم تقبل شهادتهما (٢) وإلّا لبطل العتق ، فتبقى الشهادة على المولى ، فتبطل ، وذلك دور.

__________________

(١) في «أ» : لشخص.

(٢) وفي المبسوط : ٣ / ٤٣ : لا تقبل شهادتهما ، لأنّا لو قبلناها لرجعا رقّين ، وتكون شهادتهما على المولى ، وشهادة العبد لا تقبل على مولاه ، فلذلك بطل.

٤٣٧
٤٣٨

كتاب الجعالة

٤٣٩
٤٤٠