تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

وكذا لو فعله مكرها ، كمن حلف أن لا يدخل دارا فأدخل مربوطا أو ضرب أو هدّد حتّى دخل.

ولا كفّارة في يمين الغموس (١) ولا يمين اللغو (٢).

٥٨٩٨. الحادي عشر : إذا حلف على شيئين يمينا واحدا ، كما لو قال : والله لأصلّين وأصومنّ ، فحنث فيهما أو في أحدهما ، فكفّارة واحدة ، وكذا لو حلف أيمانا متكرّرة على شي‌ء واحد إن قصد التأكيد ، وكذا إن قصد تعدّد اليمين على إشكال.

ولو حلف أيمانا على أجناس متعدّدة فحنث في واحدة منها ، فعليها الكفّارة ، فإن حنث في أخرى فكفّارة أخرى ، سواء أخرج الأوّل أو لا.

٥٨٩٩. الثاني عشر : لا يحب التكفير قبل الحنث ، فإن كفّر قبله لم يجز عن الكفّارة لو حنث ، سواء كانت الكفّارة صياما أو غيره.

ولو ظاهر ولم ينو العود ثمّ كفّر لم يجز به عن كفّارة الظهار ، لأنّه كفّر قبل الوجوب ، وإذا وجبت الكفّارة في الظهار وجب تقديمها على الجماع ، سواء كانت الكفّارة عتقا أو صياما ، ولو جامع قبل التكفير وجب عليه كفّارة أخرى.

٥٩٠٠. الثالث عشر : إذا قال : حلفت ، ولم يكن قد حلف ، كان كاذبا ولا كفّارة عليه.

ولو حلف على ترك شي‌ء صار فعله حراما.

__________________

(١) قال الشهيد في المسالك : ١١ / ٢٩٢ : المعهود بين الفقهاء وأهل اللغة أنّ اليمين الغموس هي الحلف على الماضي كاذبا متعمّدا ، بأن يحلف أنّه ما فعل وقد كان فعل أو بالعكس ، وأنّها محرّمة ، وأنّها سمّيت غموسا ، لأنّها تغمس الحالف في الذنب أو النار.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ٢٠٢ ؛ لغو اليمين : أن تسبق اليمين إلى لسانه لم يعقدها بقلبه كأنّه أراد أن يقول : بلى والله ، فسبق لسانه لا والله ، ثمّ استدرك فقال : «بلى والله» فالأوّل لغو.

٣٤١
٣٤٢

كتاب النذر

٣٤٣
٣٤٤

المقصد الرابع : في النذر

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في ماهيّته

وفيه ثمانية مباحث :

٥٩٠١. الأوّل : يشترط في النذر صدوره نطقا من البالغ العاقل المسلم المختار القاصد ، فلو نذر الصبيّ أو المجنون أو الكافر أو المكره أو فاقد القصد بسكر أو غضب أو عدم نيّة أو غير ذلك لم يقع.

قال الشيخ : يكفي في النذر النيّة والضمير عن النطق (١) وليس بجيّد.

٥٩٠٢. الثاني : لا بدّ في النذر من نيّة القربة ، ولو نذر الكافر حال كفره ثمّ أسلم ، استحبّ له الوفاء به.

ولو قصد بالنذر منع نفسه لا لله لم ينعقد.

__________________

(١) النهاية : ٥٦٢.

٣٤٥

ويشترط في نذر المرأة بغير الواجب إذن زوجها ، وفي نذر المملوك بذلك إذن المالك ، فإن بادر من غير إذن لم ينعقد وإن تحرّر ، ولو أجاز المالك ففي صحّته إشكال ، نعم لو أذن له في النذر فنذر انعقد ، وكذا ينعقد لو علّقه بتحريره.

٥٩٠٣. الثالث : المشهور عند علمائنا وقوع النذر المطلق ، وقال السيّد المرتضى رحمة الله : لا يقع إلّا معلّقا بشرط. (١) وليس بمعتمد.

٥٩٠٤. الرابع : صيغة النذر أن يقول : لله عليّ كذا ، ويسمّى تبرّعا إن خلا عن الشرط ، وبرّا إن قصد شكر النعمة أو دفع البليّة ، وزجرا إن قصد المنع عن الفعل المجعول شرطا ، مثل لله عليّ كذا إن رزقت ولدا ، أو شفاني الله من المرض ، أو إن فعلت معصية ، أو إن لم أفعل طاعة ، وفي التبرّع نازع المرتضى رحمه‌الله (٢) والإجماع على انعقاد البواقي.

٥٩٠٥. الخامس : إن قصد بالنذر الشكر وجب أن يكون الشرط سائغا إمّا واجبا ، أو ندبا ، أو مباحا يتساوى طرفاه ، أو يترجّح وجود الشرط على عدمه في الدّين أو الدنيا ، ولو كان العدم أولى لم ينعقد النذر ، كما قلنا في اليمين سواء ، ويجب أن يكون الجزاء طاعة لله تعالى.

٥٩٠٦. السادس : لا ينعقد النذر بالطلاق ولا بالعتاق ولا مجرّدا من ذكر الله تعالى ، نعم لو قال : عليّ كذا ، استحبّ له الوفاء.

وإنّما يجب الوفاء لو قال : لله عليّ كذا ، ولو عقّب النذر بقوله إن شاء الله لم يلزمه شي‌ء.

__________________

(١) الانتصار : ٣٦٢ ؛ المسألة ٢٠٣ ـ الاشتراط في النذر ـ.

(٢) الانتصار : ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ، المسألة ٢٠٣.

٣٤٦

ولو قال : لله عليّ صوم إن شاء زيد ، لم يلزمه شي‌ء وإن شاء زيد.

٥٩٠٧. السابع : قد بيّنا أنّ الملتزم بالنذر ، يشترط فيه كونه طاعة كالصّوم ، والصّلاة ، والحجّ ، ولو كان واجبا ، فالأقوى انعقاد النذر فيه ، لفائدة وجوب الكفّارة بالإخلال.

ولا ريب في انعقاد النذر بفروض الكفايات ، كالجهاد ، وتجهيز الموتى ، وبصفات فروض الأعيان ، كما لو نذر المشي في حجّة الإسلام ، أو طول القراءة في الفرائض ، أو زيادة الذكر في الركوع ، وبالعبادة المندوبة ، كصلاة النافلة ، وبالقربات كعيادة المريض ، وإفشاء السلام ، وزيارة القادم ، وتجديد الوضوء ، دون المباحات كالأكل والنّوم.

نعم لو قصد بالأكل التقوّي على العبادة ، فيثاب عليه لزم.

ولو نذر ما هو طاعة وليس بطاعة لزمه الإتيان بالطاعة خاصّة.

ولو نذر الجهاد في جهة تعيّنت الجهة ، ولم يجزه ما يساويها في المسافة والمئونة.

٥٩٠٨. الثامن : لا يشترط كون الشرط مقدورا ، ويشترط كون الجزاء مقدورا ، فلو نذر الصوم العاجز عنه لم ينعقد ، ولا يجب عليه كفّارة ، وكذا لو تجدّد العجز مع عدم سبق الوجوب ، ولو عجز لعارض يرجى زواله انتظر ولا كفّارة عليه ، فإن استمرّ إلى أن صار غير مرجوّ الزّوال سقط ، ولو زال العجز بعد فوات وقت النذر المعيّن ، فلا قضاء.

٣٤٧

الفصل الثاني : في أنواع الجزاء

الأوّل الصوم

وفيه سبعة مباحث :

٥٩٠٩. الأوّل : إذا نذر صوما ، فإن أطلق أجزأه يوم واحد.

ولو نذر صوم أيّام ، وأطلق ، فأقلّه ثلاثة أيّام.

ولو عيّن عددا وجب ، ولا يجب التتابع إلّا أن يشترط فيتعيّن ، نعم يستحبّ له المبادرة ، ويصوم العدد في أيّ وقت شاء ممّا يصح صومه ، فلو صامه في رمضان لم يجزه.

فإن عيّن الشهر تعيّن ، فإن أخلّ به لغير عذر ، وجب عليه القضاء والكفّارة عن خلف النذر.

ولو نذر صوم سنة معيّنة ولم يشترط التّتابع ، وجب عليه صيام تلك السنة إلّا العيدين وأيّام التشريق إن كان بمنى ، وإن كان بغير بمنى وجب صيام أيّام التشريق ، ولا يقضي العيدين ولا أيّام التشريق إذا كان بمنى ، ويجب عليه تتابع الصوم ، فإن أفطر في أثناء السّنة لعذر قضاه ، وإن كان لغير عذر وجب مع القضاء الكفّارة ، ويا بني في الحالين.

٣٤٨

وإن شرط التتابع لفظا ثمّ أفطر في الأثناء لغير عذر ، وجب الاستئناف والكفّارة ، وان كان لعذر وجب البناء والقضاء ولا كفّارة.

وقال بعض علمائنا : إذا تجاوز نصف السنة بيوم واحد جاز له التفريق. (١) وليس بجيّد.

ولو نذر صوم سنة مطلقة ، ولم يشترط التتابع جاز صومها متتابعا ومتفرّقا ، ويصوم إمّا اثني عشر شهرا بالأهلّة أو بالعدد كلّ شهر ثلاثون يوما ، فإن صام شوّالا قضى بدل العيد يوما ، ولو كان ناقصا قضى يومين ، لأنّه لم يصم ما بين الهلالين وقيل : يقضي يوما واحدا ، ويصوم رمضان عن الفرض لا النذر ، ويقضي شهرا بدله ، وكذا يقضي يوم النحر وأيّام التشريق إن كان بمنى.

ولو شرط التتابع وجب ، فإن أفطر لعذر لم يسقط التتابع ولا كفّارة ويصوم بدلا عن رمضان والعيدين شهرا ويومين ، ولا ينقطع التتابع لأنّه عذر ، وكذا الحيض عذر والسفر الضروريّ أيضا دون الاختياريّ.

ولو أفطر لغير عذر وجب الاستئناف ولا كفّارة هنا.

٥٩١٠. الثاني : إذا نذر الاعتكاف اقتضى وجوب الصوم ، فإن عيّن زمانا ومكانا تعيّن إذا لم يقصر الزمان عن ثلاثة ، ولا خرج المكان عن أحد المواطن الأربعة ، ولو أطلقها تخيّر في إحدى المواطن الأربعة ، ووجب عليه الاعتكاف ثلاثة أيّام.

__________________

(١) نسبه ثاني الشهيدين إلى الشيخ في المبسوط ، كما حكاه عنه فخر المحققين في إيضاح الفوائد. لاحظ المسالك : ١١ / ٣٨٢. والإيضاح : ٤ / ٥٦. ولم نعثر عليه في المبسوط ، ويمكن أن يراد منه ما نقله الشيخ في صوم شهرين متتابعين. انظر المبسوط : ٦ / ٢١٣ ـ ٢١٤.

٣٤٩

ولو نذر أربعة أيّام ولم يشترط التتابع ، فاعتكف ثلاثة ، وخرج في الرابع ، وجب عليه قضاؤه ، فيضمّ إليه آخرين ، والأقرب نيّة الوجوب فيهما.

والأقرب أنّه إذا شرع في اعتكاف مندوب فاعتكف يومين بنيّة الندب جوّز إيقاع الثالث عن المنذور ، ولا يفتقر إلى آخرين وكذا لو نذر اعتكاف يوم ولم يشترط نفي الزائد.

٥٩١١. الثالث : إنّما ينعقد نذر الصوم إذا كان طاعة ، فلو نذر صوم العيد أو أيّام التشريق وهو بمنى لم ينعقد ، ولا يجب عليه قضاء ولا كفّارة ، وكذا لو نذرت صوم أيّام حيضها.

ولو نذر صوم يوم فاتّفق أن كان هو العيد ، وجب الإفطار ، والأقوى عندي عدم وجوب القضاء ولو اتّفقت حائضا أفطرت وفي القضاء نظر أقربه الوجوب. ولو نذر صوم قدوم زيد لم ينعقد.

ولو نذر صوم أوّل يوم من رمضان قيل : لا ينعقد (١) لوجوب الصوم بغير النذر ، والأقوى عندي انعقاده.

ولو نذر صوم أيّام متفرقة فالأقوى جواز التتابع ، وكذا لو نذر صوما في بلد معيّن ، فالأقوى عندي جواز الصّوم في غيره.

ولو نذر أن يصوم حينا ولم يعيّن ، وجب صوم ستّة أشهر.

__________________

(١) قال الشهيد في المسالك : ١١ / ٣٨٩ : اختلف الأصحاب في صحّة نذر الواجب ، سواء في ذلك أوّل يوم من شهر رمضان وغيره ، فذهب جماعة منهم المرتضى والشيخ وأبو الصلاح وابن إدريس إلى المنع ، لأنّه متعيّن بأصل الشرع فإيجابه بالنذر تحصيل للحاصل وذهب أكثر المتأخرين إلى الصحة ، لأنّ الواجب طاعة مقدورة للناذر فينعقد نذره ـ إلى أن قال ـ وهو الأقوى.

٣٥٠

ولو نذر أن يصوم زمانا صام خمسة أشهر ، ولو عيّن بالنيّة فيهما غير ذلك ، لزم ما نواه ولو كان يوما واحدا.

٥٩١٢. الرابع : لو نذر أن يصوم يوم قدوم زيد دائما سقط اليوم الّذي يقدم فيه ، سواء قدم ليلا أو نهارا ، وسواء تناول الناذر قبل قدومه أو لا ، وسواء قدم قبل الزّوال أو بعده ، ووجب صوم ذلك اليوم فيما يأتي من الزمان دائما ، ويصوم ذلك اليوم في رمضان عن رمضان ، ولا يقضيه.

ولو اتّفق يوم عيد أفطره ، والوجه عدم القضاء ، وليس له أن يصوم فيه ما لا يتعيّن صومه لقضاء رمضان والنذر المطلق وكفّارة اليمين.

أمّا لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين كفّارة عن قتل أو ظهار ، قال الشيخ رحمه‌الله : الأقوى أنّه يصوم ذلك اليوم في الشهر الأوّل عن الكفّارة ويقضيه ، وفي الثاني عن النذر (١) وقال ابن إدريس : تسقط الكفّارة بالصوم ، وتنقل إلى الإطعام. (٢) وكلامهما ردي‌ء ، والأقرب صومه عن النذر في الشهر الأوّل والثاني معا ، ولا ينقطع به التتابع ، لأنّه عذر ، سواء تقدّم النذر الكفّارة أو تأخّر.

ولو نذر هذا صوم شهرين متتابعين ، فالأقرب تداخل النذرين.

ولو نذر صيام شهر من يوم يقدم فلان ، فقدم في أوّل رمضان ، فإن قلنا بصحّة نذر رمضان أجزأه صيامه لرمضان ونذره ، وينوي عنهما ، وإلّا صام عن رمضان وسقط نذره.

٥٩١٣. الخامس : لو نذر أن يصوم شهرا متتابعا ولم يسمّه فمرض في بعضه ، احتمل وجوب الاستئناف والبناء ، ولا كفّارة على التقديرين.

ولو عيّن الشهر وجنّ جميعه ، لم يجب القضاء ولا الكفّارة.

__________________

(١) نقله ابن ادريس عن الشيخ في مبسوطه ، ولم نعثر عليه. لاحظ السرائر : ٣ / ٦٨.

(٢) السرائر : ٣ / ٦٨.

٣٥١

ولو صام ناذر المعيّن قبل الوقت لم يجزه ، ولو مات بعد إمكان الأداء ، وجب على وليّه القضاء عنه.

٥٩١٤. السادس : من وجب عليه صوم شهرين متتابعين بنذر أو كفّارة ، فصام شهرا ومن الثاني شيئا ، ثمّ فرّق الباقي ، أجزأه وهل يأثم؟ قولان ، ولا كفّارة قولا واحدا ، ولو فطر في الأوّل لعذر بنى ولا كفّارة ، وإن كان لغير عذر استأنف وكفّر إن كان النذر معيّنا وأثم ، والأحوط أنّ المفطر في الأوّل لعذر يصوم في أوّل أوقات الإمكان ، وهل هو واجب؟ فيه نظر.

ومن وجب عليه صوم شهر متتابع ، فصام خمسة عشر يوما ، جاز له تفريق الباقي على الخلاف ، ما لم يكن الصوم معيّنا ، سواء كان الوجوب بالنذر أو بالكفّارة إذا كان عبدا.

ولا يجب التتابع في قضاء المتتابع سواء كان رمضان أو نذرا قيّد بالتتابع.

٥٩١٥. السابع : لو نذر صوم يوم معيّن فعجز عن ، سقط النذر ، واستحبّ له الصّدقة عنه بمدّ ، ولو ابتدأ بصوم تطوّع فنذر في أثناء النهار إتمام ذلك الصوم ، لزم.

ولو نذر ابتداء صوم بعض يوم لغى ولم يجب يوم كامل.

ولو نذر صوم الاثنين ويوم يقدم زيد أبدا ، فقدم يوم الاثنين لزمه الاثنين لا غير.

ولو نذر صوم الدهر سقط العيدان وأيّام التشريق إن كان بمنى ، وصام رمضان عنه لا عن النّذر.

ولو حاضت المرأة أفطرت ولا قضاء ، وكذا لو سافر أو مرض.

٣٥٢

ولو أفطر عمدا كفّر ولا قضاء على إشكال ، ولو قيل : يقضى من تركته كان وجها ، وحينئذ ففي جواز الاستنابة مع الحياة إشكال ، وكذا لو أفطر هذا الناذر يوما من شهر رمضان.

ولو صام بعض الأيّام قضاء عمّا أفطره إمّا من رمضان أو من النذر ، فالوجه عدم وقوعه عمّا نواه ووجوب قضاء آخر ، وكفّارة خلف النذر ، حيث لم ينوه عمّا نذره.

ولو نذر الصوم المكروه كيوم عرفة لمن يضعّفه عن الدعاء ، ومع الشك في الهلال ، ففي الانعقاد نظر.

الثاني : في الحجّ

وفيه ستّة مباحث :

٥٩١٦. الأوّل : من نذر الحجّ وأطلق ، وجب عليه الإتيان به ، ولا يشترط الفور ، ولا تجب العمرة ، وكذا لو نذر العمرة لم يجب الحجّ ، ويكفي المرة ، ويتعيّن الوقت والعدد إن عيّنهما.

ولو عيّن الوقت فأحصر أو صدّ سقط ولا قضاء.

ولو مات ناذر الحجّ بعد إمكان أدائه ، خرج من صلب ماله أجرة الحجّ.

٥٩١٧. الثاني : لو نذر أن يحجّ ماشيا ، لزمه الوفاء به ، وكذا الاعتمار ، فإن أطلق تعيّن المشي من بلد النذر ، وقيل : من الميقات ، فلو ركب أعاد ، ولو ركب بعض الطريق بغير عذر ، وكان النذر مقيّدا بوقت ، وجب عليه كفارة خلف النذر ، وإن

٣٥٣

كان مطلقا قيل : يعيد الحجّ يمشي ما ركب ، والأقوى الإعادة ماشيا ، وإن كان لعذر ، فإن كان النذر مقيّدا أجزأ ، وهل يجب سياق بدنة؟ المرويّ ذلك (١) والأقرب عندي الاستحباب وإن كان مطلقا ، فالأقوى توقّع المكنة ، سواء قلنا إنّ المشي يجب من بلده أو من الميقات ، فالإحرام من الميقات إلّا أن ينذره متقدّما.

٥٩١٨. الثالث : لو نذر أن يحجّ ماشيا فعجز ، لم يسقط عنه الحجّ ، ويجب أن يحجّ راكبا ، وهل يجب على ناذر المشي أن يقف مواضع العبور؟ الأقرب أنّه مستحبّ ، ويسقط فرض المشي عن ناذره بعد طواف النساء.

ولو نذر أن يحجّ راكبا فمشى ، فالأقرب أنّه يحنث فيكفّر عن خلف النذر.

وإذا أفسد الحجّ المنذور ماشيا ، وجب القضاء مشيا ، وكذا إن فاته الحجّ ويسقط عن من فاته توابع الوقوف من المبيت بمزدلفة ومنى والرمي ، ويتحلّل بعمرة ، ويمضي في الحجّ الفاسد حتّى يتحلّل منه ، وهل يجب المشي إلى التحلّل؟ فيه نظر ، أقربه عدم الوجوب ، ثمّ يجب قضاء النذر إن كان مطلقا ، أو فرّط في إتيان الموقّت.

٥٩١٩. الرابع : لو نذر أن يطوف على أربع ، قال الشيخ : عليه طوافان ليديه ورجليه (٢) والأقرب بطلان النذر.

__________________

(١) الوسائل : ١٦ / ٢٠٣ ، الباب ٢٠ من كتاب النذر والعهد ، الحديث ١.

(٢) قال الشيخ في النهاية : ٢٤٢ ـ كتاب الحج ـ ومن نذر أن يطوف على أربع ، كان عليه طوافان : أسبوع ليديه وأسبوع لرجليه. ولاحظ التهذيب : ٥ / ١٣٥ في ذيل الحديث ٤٤٥ من كتاب الحج باب الطواف.

٣٥٤

٥٩٢٠. الخامس : لو نذر أن يحجّ وليس له مال ، فحجّ عن غيره ، قال الشيخ أجزأ عنهما (١) وليس بمعتمد.

٥٩٢١. السادس : لو نذر إن رزق ولدا أن يحجّ به (٢) أو يحجّ عنه ، ثمّ مات ، حجّ بالولد أو عنه من صلب المال.

الثالث : إتيان المساجد

وفيه ثلاثة مباحث :

٥٩٢٢. الأوّل : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام انصرف إلى بيت الله سبحانه وتعالى «بمكّة» ولزمه ذلك ، وكذا يجب عليه لو نذر أن يمشي إلى المسجد الحرام ولو نذر المشي الى الحرم ففي الانعقاد نظر ، وينعقد لو نذر أن يمشي إلى «الصّفا» وإلى «المروة» أو «منى» ولا ينعقد لو نذر المشي إلى «عرفة» وإلى قريب من الحرم.

٥٩٢٣. الثاني : لو نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام لا حاجّا ولا معتمرا ، فالوجه عندي بطلان النذر ، ولو نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام ، فقد قلنا إنّه يجب عليه ذلك ، ويجب الإتيان بنسك إمّا بحجّ أو عمرة.

ولو نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى ، احتمل انصرافه إلى بيت الله الحرام ، وعوده إلى أحد المساجد.

٥٩٢٤. الثالث : إذا نذر المشي مطلقا لم يجب الوفاء به ، لأنّه ليس فى نفسه

__________________

(١) النهاية : ٥٦٧.

(٢) في «أ» : أن يحج بالولد.

٣٥٥

طاعة ، ولو قصد إمّا بالنيّة أو اللفظ المشي إلى المسجد الحرام ، أو مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو المسجد الأقصى ، وجب عليه ما نذره ، وكذا لو نذر غير هذه الثلاثة من المساجد ، قال الشيخ : ويجب أن يصلّي فيه ركعتين. (١) وعندي فيه نظر.

ولو قصد المشي إلى موضع لا مزيّة فيه لم ينعقد نذره.

ولو نذر القصد إلى أحد المشاهد وجب ، وكذا لو نذر المشي إلى بعض المؤمنين.

ولو نذر المشي إلى مكّة فهو كما لو نذر وقصد مسجد الحرام.

ولو نذر أن يأتي إلى بيت الله الحرام ، أو يذهب إليه لزمه ، ووجب الحجّ أو العمرة إن كان ممّن يجب عليه الدخول بإحرام ، وإلّا فلا ، ويتخيّر بين المشي والركوب.

الرابع : الصلاة

وفيه ثلاثة مباحث :

٥٩٢٥. الأوّل : إذا نذر صلاة غير معيّنة القدر ، قيل : لزمه ركعتان. (٢) وقيل : ركعة. (٣) وهو الوجه عندي ، وإن عيّن العدد لزمه.

ويجب عليه ما يجب في الفرائض اليوميّة من الشرائط ، كالطهارة ،

__________________

(١) نقله المصنّف عن الشيخ في المبسوط ، ولم نعثر عليه. لاحظ المختلف : ٨ / ٢٢٢.

(٢) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٦ / ٢٠١ ، المسألة ١٧ من كتاب النذور.

(٣) وهو خيرة الحلّي في السرائر : ٣ / ٦٩.

٣٥٦

واستقبال القبلة ، وغيرهما ، فإن كان العدد أزيد من ركعتين وأطلق ، احتمل وجوب التشهد والتسليم عقيب كلّ ركعتين وعدمه ، وإن عيّن انفصال كلّ ركعتين بتشهّد وتسليم وجب ، وإن عيّن انفصال كلّ عشرة ركعات مثلا احتمل الوجوب.

٥٩٢٦. الثاني : إذا لم يعيّن الوقت جاز له التأخير إلى قبل الوفاة بمقدار الأداء ، وإن عيّنه تعيّن ، فإن أخلّ به عامدا كفّر وقضى ، وإلّا وجب القضاء خاصّة.

ويجب أن يكون الوقت المعيّن (١) ممّا يصحّ إيقاعه فيه ، فلو عيّنت الصلاة وقت الحيض أو النفاس ، لم ينعقد النذر ، وكذا لو عيّن وقتا لا يتّسع لها.

٥٩٢٧. الثالث : إذا لم يعيّن مكانا صلّى أين شاء ، وإن عيّن موضعا ، فإن كان له مزيّة الفضيلة كالمسجد ، تعيّن ، فلو أوقعها في غيره لم يجز ووجب عليه الإعادة فيه.

ولو عيّن موضعا معيّنا من المسجد تعيّن ، وإذا عيّن موضعا فيه مزيّة فصلّى فيما هو أفضل منه ففي الإجزاء نظر ، وكذا في المساوي.

ولو عيّن أحد الأوقات المكروهة ، فالوجه أنّه يتعيّن ولا يجزيه غيره.

ولو نذر صلاة النافلة وجبت على هيئتها ، كما لو نذر صلاة عليّ عليه‌السلام (٢) أو صلاة جعفر (٣).

__________________

(١) في «أ» : معيّنا.

(٢) وهي ركعتان يقرأ في الأولى منهما الحمد مرة والقدر مائة مرّة ، وفي الثانية الحمد مرّة والتوحيد مائة مرّة. لاحظ المجلد الأوّل من هذا الكتاب : ص ٢٩٥.

(٣) لاحظ في كيفيّتها المجلد الأوّل من هذا الكتاب : ص ٢٩٤.

٣٥٧

ولو نذر صلاة الأعرابيّ (١) لم يجز له الإخلال بالصفة ولا الفصل بالتسليم في غير موضعه.

ولو نذر أن يصلّي مثل صلاة الكسوف أو العيد ، أو يأتي بأكثر من سجدتين في ركعة أو بسجدة واحدة ، أو بغير ركوع ، ففي انعقاده نظر ، ومنع ابن إدريس من نذر خمس ركعات بتسليمة (٢).

الخامس : الصّدقة

وفيه ستة مباحث :

٥٩٢٨. الأوّل : إذا نذر أن يتصدّق ولم يعيّن قدرا أجزأته الصدقة بأقلّ ما يتموّل وتصح الصدقة به ، فلو تصدّق بدون ذلك لم يجزه ، كما لو تصدق بحبّة من حنطة ، ولو تصدّق بتمرة أجزأه.

ولو عيّن قدرا وجب عليه الوفاء به إلّا أن يكون دون المجزيّ ، فالوجه البطلان.

٥٩٢٩. الثاني : لو نذر الصدقة على قوم بأعيانهم لم يجز العدول عنهم إذا كانوا من أهل الاستحقاق ، وكذا لو نذر الصّدقة في موضع معيّن بعينه ، فإن عدل عن ذلك وجبت الإعادة على من عيّنه.

ولو أطلق جاز صرفها إلى من شاء ممّن يستحقّ الصدقة ، وإن كان كافرا على إشكال.

__________________

(١) لاحظ في كيفيّتها المجلد الأوّل من هذا الكتاب : ص ٢٩٦.

(٢) السرائر : ٣ / ٥٨.

٣٥٨

٥٩٣٠. الثالث : إذا نذر أن يتصدّق بمال كثير لزمه ثمانون درهما ، قال ابن إدريس : إن كان العرف في بلد الناذر المعاملة بالدنانير وجب التصدق بثمانين دينارا (١).

ولو قال : بمال جليل ، أو خطير ، أو عظيم ، أو نفيس ، أو جمّ ، عيّن ما شاء ، ولو مات قبل التعيين عيّن الوارث.

٥٩٣١. الرابع : لو نذر أن يتصدّق بجميع ماله لزمه ذلك ، فإن تضرر قوّم ماله ، ويتصدّق على التدريج بقدره ، ولا يجزيه الثلث ، ولا المال الزكويّ.

٥٩٣٢. الخامس : لو نذر الصدقة بنوع تعيّن ، ولا تجزيه قيمته ولا ثلثه ، ولو نذر الصدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من ذلك القدر يقصد به وفاء النذر ، فالوجه عدم الإجزاء ، وإن كان الغريم من أهل الصّدقة ، حتّى يقبضه.

ولو نذر أن يتصدّق بمال (٢) وفي نيته أنّه ألف لزمه ما نواه ، وكذا لو نذر أن يصلّي ونوى ركعات معيّنة ، أو يصوم ونوى أيّاما بأعيانها ، وإن لم يتلفّظ بالمقدار.

٥٩٣٣. السادس : من نذر أن يخرج شيئا من ماله في سبيل من سبل الخير ولم يعيّن ، تخيّر بين الصّدقة على فقراء المؤمنين ، وجعله في الحجّ ، أو الزيارة ، أو بناء المسجد ، أو قنطرة ، أو غيره من المصالح.

__________________

(١) السرائر : ٣ / ٦١.

(٢) في «ب» : بماله.

٣٥٩

السادس : العتق

وفيه خمسة مباحث :

٥٩٣٤. الأوّل : إذا نذر عتق عبد مسلم وجب عليه الوفاء ، ولو نذر عتق كافر ، فإن أطلق لم ينعقد ، وإن عيّنه ، ففي الانعقاد قولان.

ولو نذر عتق عبد وأطلق ، لزمه عتق مسلم.

٥٩٣٥. الثاني : إذا أطلق النذر أجزأه عتق الصغير والكبير ، الصّحيح والمعيب ، الذكر والأنثى ، والوجه إجزاء الشقص ، أمّا لو قيّد العتق بالرقبة ، وجب كمال الرقبة لا بعضها.

ولو عيّن رقبة بعينها لم يجزه غيرها وإن كان أكمل.

٥٩٣٦. الثالث : لو نذر عتق كلّ عبد له قديم ، لزمه عتق من مضى في ملكه ستّة أشهر.

ولو نذر أن يفعل قربة ولم يعيّنها ، تخيّر بين الصوم يوما ، وبين صلاة ركعة ، وبين صدقة ما يتموّل وإن قلّ ، وبين عتق رقبة ، وبين غيرها من أنواع القرب.

ولو قال : لله عليّ نذر ، وأطلق ، لم يلزمه شي‌ء.

٥٩٣٧. الرابع : لو نذر أن لا يبيع مملوكا لزمه النّذر ، فإن اضطرّ إلى بيعه قال الشيخ رحمه‌الله ليس له بيعه. (١) والوجه الجواز.

__________________

(١) النهاية : ٥٦٧.

٣٦٠