تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

[ الفصل ] الثاني

يجب جهاد غير اليهود والنصارى والمجوس من الكفّار ، فإن أسلم في دار الحرب عصم دمه ، وولده الأصاغر ، والحمل ـ ولا يملك إذا سبيت أمّه ـ وماله المنقول ، وأمّا غيره فللمسلمين ، ولو أسلم العبد قبل مولاه عتق ، وشرط قوم الخروج من بلد الكفّار قبل مولاه (١).

وتملك الإناث من دار الحرب بالسبي ، وكذلك الأصاغر ، ويعتبر بعدم الإنبات.

والذكور البالغون يقتلون إن كانت الحرب قائمة ما لم يسلموا ، ويتخيّر الإمام بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. والشيخ يقتل إذا كان مقاتلا ذا رأي في الحرب ، وكذا لو اتّصف بأحدهما ، ولو فقدهما لم يقتل ، وإن أسر بعد الانقضاء تخيّر بين المنّ والفداء والاسترقاق وإن كان حربيّا على رأي ، وإن أسلموا بعد الأسر ، ولو عجز الأسير عن المشي لم يجب قتله ، ولو قتله مسلم فهو هدر ، ويجب إطعامه وسقيه ، ومواراة المسلم ، ومع اشتباهه يعتبر بصغر ذكره على رأي ، ويصلّى عليهم بنيّة الصلاة على المسلم على رأي.

وحكم الطفل المسبيّ تابع لأحد أبويه ، وقيل : يتبع السابي في الإسلام لو سبي منفردا (٢) ، فلو بيع على كافر بطل البيع ، فلو أسلم أبوه فهو كذلك.

__________________

(١) منهم الشيخ في النهاية : ٢٩٥ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ١٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٢٢ ـ ٢٣ وابن البرّاج في المهذّب ١ : ٣١٨ ، وابن الجنيد كما عنه في المختلف ٤ : ٤٣٤ ، المسألة ٤٩.

٨١

وتكره التفرقة بين الأمّ والولد على رأي ، لا بينه وبين الولد ، والعمّ والأخ على رأي ، ولو بيع الولد من دون أمّه أو بالعكس صحّ على رأي ، وسبي الزوج لا يفسخ النكاح إلّا أن يكون طفلا أو امرأة ، ولو سبيت الزوجة أو هما انفسخ ، ولو كانا مملوكين تخيّر الغانم على رأي.

ويجوز الذمام للبالغ العاقل المختار المسلم وإن كان عبدا أو امرأة لآحاد المشركين قبل الأسر ، وإن استظهر عليهم إذا تضمّن مصلحة.

ولا يجوز عامّا إلّا للإمام أو من يأذن له ، ويجب الوفاء به ما لم يخالف المشروع.

وكلّ من دخل بشبهة الأمان فهو آمن إلى أن يعاد.

ولو أقرّ المسلم بذمام مشرك في وقت يصحّ إنشاؤه قبل ، ولو أقرّ بعد الأسر لم يقبل إلّا بالبيّنة ، ولو ادّعاه مشرك : فالقول قول المسلم ، ويردّ إلى مأمنه ، وكذا لو مات المسلم من غير جواب.

ولو عقد الأمان لنفسه ليسكن دار الإسلام دخل ماله في الأمان ، فإن استوطن دار الحرب انتقض أمان نفسه دون ماله ، ولو مات في الدارين انتقض أمان المال مع عدم الوارث المسلم ، وانتقل إلى وارثه الكافر وصار فيئا للإمام خاصّة.

ولو أسر فاسترقّ ملك ماله تبعا له ، ويردّ المسلم ما سرقة في دار الحرب إذا دخلها مستأمنا.

ولو أسر المسلم وأطلقوه بشرط استيطان دارهم وأمّنهم منه وجب الوفاء بالثاني دون الأوّل ، بل يحرم على رأي ، ولو أطلقوه بمال لم يجب ، وليس للزوجة ولا لوارثها مطالبة الحربي بالمهر إذا أسلم ، ولو ماتت ثمّ أسلم أو أسلمت قبله ثمّ ماتت طالبه وارثها المسلم.

ويجوز عقد العهد على حكم المسلم العاقل العدل ، والمهادنة على حكمه ، ويجوز تعدّدهم ، ولو مات قبل الحكم فلا أمان ، ويردّون إلى مأمنهم ، ولو مات أحد الحكمين بطل حكم الباقي ، ويتبع حكم الحاكم إذا لم يخالف المشروع ، ولو حكم بالقتل والسبي والمال فأسلموا بطل في القتل خاصّة.

وتجوز جعالة الوالي للدالّ على المصلحة ، ولا بدّ من مشاهدتها ، أو وصفها إن كانت عينا ، ولا يشترط إن كانت من مال الغنيمة ، ولو فتح البلد بأمان وكانت في الجملة وتعاسر

٨٢

أربابها والمجعول له فسخت الهدنة وردّوا ، ولو كانت جارية فأسلمت قبل الفتح دفعت القيمة ، وكذا لو كان بعد الفتح وكان المجعول له كافرا ، ولو ماتت قبل الفتح أو بعده فلا عوض ، ولو أعتق المسلم الذمّي بالنذر فلحق بدار الحرب وأسره المسلمون استرقّ على رأي ، ولا خلاف في الاسترقاق لو كان المعتق ذمّيّا ، ولو سبيت امرأة للمشركين فصولحوا على إطلاق أسير في أيديهم فأطلق لم يجب إعادتها إليهم ، ولو أعتقت بعوض جاز إذا لم يستولدها مسلم.

ويجوز المعاقدة على ترك الحرب مدّة للمصلحة من غير حدّ على رأي ، ولا بدّ من التعيين ، ولا يتولّاها على العموم إلّا الإمام ، ويجوز للمسلم على الخصوص ، ولو وقعت على ما لا يجوز لم يجب الوفاء على رأي ، ولا تعاد المهاجرة إذا أسلمت ، ويعاد على زوجها ما سلّمه من مهرها المباح خاصّة ، ولو طالب بالمهر فماتت أخذ من تركتها ، ولو ماتت قبل أو طلّقها بائنا فلا مطالبة ، ولا تعاد المرأة لو ارتدّت ، ولو كانت أمة لم يكن لسيّدها المطالبة بالقيمة على رأي ، ولو أسلم في الرجعيّة فهو أحقّ ، ويعاد من الرجال من يؤمن فتنته خاصّة.

ولا يجب حمل من يجب ردّه ، ولو شرط إعادة الرجال مطلقا بطل الصلح.

وثلاثة (١) ـ إلّا الأصناف ـ يحاربون على الإسلام ، إلّا مع التزام شرائط الذمّة.

وهي : قبول الجزية ، وأن لا يفعلوا ما ينافي الأمان ، كالعزم على المحاربة ، وأن لا يؤذوا المسلمين ، وأن لا يتظاهروا بالمناكير ، ولا يحدثوا كنيسة ولا بيعة ، ولو استجدت وجب إزالتها ، إلّا أن تكون الأرض فتحت صلحا لهم ، ولهم تجديد ما استهدم على رأي ، وأن لا يضربوا ناقوسا ، ولا يرفعوا بناء ، ولهم استدامة ما اشتروه من المسلمين كذلك ولو انهدم

__________________

(١) لأجل توضيح المراد من هذه العبارة نذكر كلاما للمصنّف في التحرير ١ : ١٣٤ ، في الفصل الثاني في كيفيّة الجهاد ، قال : الكفّارة ثلاثة أصناف :

من له كتاب ، وهم : اليهود والنصارى لهم التوراة والإنجيل ، فهؤلاء يطلب منهم أحد أمرين ، أمّا الإسلام أو الجزية.

ومن له شبهة كتاب ، وهم : المجوس وحكمهم حكم أهل الكتاب.

ومن لا كتاب له ولا شبهة كتاب كعبّاد الأوثان ، ومن لا دين له يتديّن به. وبالجملة كلّ من عدا الأصناف الثلاثة فإنّه لا يقبل منهم إلّا الإسلام ، فإن أجابوا وإلّا قتلوا ، ولا يقبل منهم الجزية. انتهى.

٨٣

حرم عليهم العلوّ ، وأن تجري عليهم أحكام المسلمين ، والأوّلان يخرجان بهما عن الذمّة ، والبواقي مع الشرط ، وإذا خرقوا في بلاد الإسلام ردّهم الإمام ، وله القتل والمنّ والاسترقاق والفداء ، ولو أسلم بعد الخرق عصم نفسه وماله.

وتسقط الجزية عن الصبيان ، والمجانين ، والنساء ، والمملوك ، والهمّ على رأي ، وينظر الفقير ، ولا تسقط عنه على رأي.

ولو أعتق الذمّي ، أو بلغ الطفل ، أو أفاق المجنون سنة ألزموا بالجزية أو الإسلام.

ولو ادّعى الحربي أنّه ذمّي وبذلها قبل بلا بيّنة ، ولو ظهر الخلاف بطل الأمان ، ولا حدّ لها على رأي ، وهو الصغار على رأي ، وله الوضع على الرءوس والأراضي ، ولا يجمع على رأي.

ويجوز اشتراط ضيافة العسكر معها بشرط أن تكون معلومة ، بأن يعيّن الوقت ، كعشرين يوما من السنة ، وعدد من يضاف ، ويعيّن القوت والأدم ، وينبغي أن يكون النزول في فاضل بيوتهم وبيعهم وكنائسهم ، ولو أسلم قبل الحول أو بعده قبل الأداء سقطت على رأي ، ولو مات بعده لم تسقط ، ولو مات الإمام وقد قدّر للجزية أمدا معيّنا وجب على القائم بعده إمضاؤه ، ولو أطلق الأوّل فللثاني التغيير.

ومصرفها المسلمون المجاهدون ، ويجوز أخذها من ثمن الخمور والخنازير.

ويحرم عليهم دخول المساجد ولو أذن لهم ، واستيطان الحجاز على رأي ، ولو انتقلوا عن دينهم إلى ما لا يقرّون عليه قتلوا ، وكذا إلى ما يقرّون عليه على رأي ، ولو رجعوا إلى دينهم الأوّل لم يقبل منهم في الحالين على رأي ، ولو أصرّ فقتل قيل : لا تسبى أطفاله (١) ، ولو تجاهروا بما يسوغ عندهم لا عندنا حكم عليهم ، ولو أسرّوه فلا اعتراض ، وإن فعلوا ما ليس بسائغ تخيّر بين الحكم والردّ إلى حاكمهم.

ويكره أن يبدءوا بالسلام ، وأجرة تجديد الكنائس والبيع.

ولا يجوز لهم شراء المصاحف ، والأحاديث على خلاف.

ويجب جهاد الباغي مع دعاء الإمام إليه أو نائبه على الكفاية ، إلّا مع التعيين ، ولا يرجع

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٥٧ ـ ٥٨.

٨٤

عنهم إلّا بالرجوع أو القتل ، فإن كان لهم فئة جاز الإجهاز ـ واتّباع المدبر ، وقتل الأسير ـ بخلاف ما إذا لم يكن لهم فئة.

ولا يجوز سبي الذراري والنساء على رأي ، ولا تملك أموالهم الغائبة ، ولا الحاضرة على رأي ، وإنّما يتعلّق بهم أحكام البغي بشرط الكثيرة التي لا يمكن تفريق جمعها إلّا بالقتال ، وأن يخرجوا عن قبضة الإمام في بلد أو بادية ، وأن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم.

ولو قاتل الذمّي مع أهل البغي خرق ذمامه ، وللإمام استعانتهم على قتالهم ، ولو أتلف الباغي مال العادل أو نفسه حال الحرب ضمن ، ولو فعل ما يوجب حدّا واعتصم بدار الحرب فمع الظفر يقام عليه.

ومانع الزكاة غير مستحلّ يجوز قتاله حتّى يدفع.

وسابّ الإمام يجب قتله.

٨٥

[ الفصل ] الثالث

تخرج الجعائل من الغنائم ، وما يحتاج إليه كالأجرة ، وما يصطفيه ، وما شرطه للقاتل من السلب ، فليس له من دون شرط على رأي ، ولا إذا قتله بعد انقضاء الحرب ، ويكون له وإن قتل مدبرا ، ويشترط أن يغرّر بنفسه ، فلو رمى في صفّ المسلمين إلى صفّهم سهما فقتل لم يكن له سلب ، ويشترط أن يكون قادرا على القتال ، فلو قتل مثخنا فلا سلب ، وأن لا يكون مخذّلا ، ولو قتله اثنان تشاركا في السلب ، ولو جرحه الأوّل ممتنعا فقتله الثاني فالسلب للأوّل ، وإلّا فللثاني ، والسلب كلّما كانت يده عليه ، وهو جنّة للقتال وسلاح ، كالفرس والبيضة والثياب ، والسلاح والجنيب (١) إذا كان بيده ، وما يرضخه للنساء والعبيد والكفّار.

ثمّ الخمس ، ويقسّم نصفه للإمام والآخر للثلاثة على رأي ، ثمّ يقسّم ما ينقل بين المقاتلة ، ومن حضر ولو كان طفلا أو مولودا قبل القسمة ، ومن يلحق للمعاونة للراجل سهم ، وللفارس سهمان على رأي ، ولذي الأفراس ثلاثة ، وكذا في السفن ، ويعتبر كونه فارسا عند الحيازة لا عند المعركة.

ولا يسهم لغير الخيل ، ولا لما لا ينتفع به منهما على رأي ، ولا للمغصوب مع غيبوبة صاحبه ، ومع حضوره فالسهم له ، ويسهم للمستأجر والمستعار ويملكه المقاتل ، والجيش

__________________

(١) الجنيب : كل طائع منقاد. الصحاح ١ : ١٠٢ « جنب ».

٨٦

يشارك السريّة مع صدورها منه ، ولا يتشارك الجيشان ، ولا يعطى الأعراب على رأي ، بل يرضخ لهم ، ولا يسهم لمن غزا من المسلمين معهم إذا كان مخذّلا لهم ، أو معاونا للمشركين ، بأن يكاتبهم ويطلعهم على عورات المسلمين ، ولا يرضخ لهم ، بخلاف المدين ، ومن منعه أبواه.

ولا يجوز التصرّف في الغنيمة قبل القسمة إلّا بالضروريّ كالطعام ، ولو أخرجوا الطعام إلى بلد الإسلام وجب ردّه إلى الغنيمة ، ولو باع أحد الغانمين غانما شيئا فباطل ، ويكون الثاني أحقّ باليد ، ويجب عليه الردّ إلى الغنيمة إذا خرج من دار الحرب ، ولو لم يكن الثاني غانما لم تقرّ يده عليه.

ويكره تأخير القسمة في دار الحرب ، وإقامة الحدود فيها.

ولا يملك المجعول له الرزق من بيت المال المرصد للجهاد رزقه إلّا بالقبض ، فإن حلّ ومات فلوارثه المطالبة.

ولا يملك الكفّار ما استغنموه من المسلمين ، ولو استردّه المسلمون فالعبيد والأموال لأربابها ، ومع التفريق يرجع الغانمون بقيمتها على الإمام على رأي ، والأحرار لا سبيل عليهم ، ولو وطئ المشرك جارية المسلم واستعادها المسلم فأولادها رقّ ، ولو أسلم ثمّ وطئها ظانّا تملّكها فحملت فالولد للسيّد ، ويقوّم على أبيه ، وعليه عقرها ، ولو اشترى المستأمن عبدا مسلما بطل الشراء ، ويردّ عليه ما وزنه ثمنا ، ولو تلف العبد فعليه القيمة ، ويترادّان الفضلة.

ولو استغنم من ينعتق على بعضهم انعتق حصّته إن جعله الإمام له ولغيره برضاه ، ويجب شراء الباقي على رأي.

ولو وطئ الغانم جارية المغنم عالما درئ عنه الحدّ بقدر نصيبه ، ولو كان جاهلا فلا حدّ ، وتقوّم عليه الجارية حينئذ ، فإن قوّمت بعد الوضع قوّم ولدها أيضا ، وإلّا فلا ، ولا مهر في الحالين.

ومباح الأصل ـ كالصيد والشجر ـ لا يختصّ به أحد ، ولو كان عليها أثر ملك وهي في دار الحرب فهي غنيمة ، ولو وجد في دار الحرب ما يحتمل أن يملكه المسلمون والكفّار فهو لقطة ، وما لا ينقل يخرج خمسه والباقي للمسلمين ، والأسارى يخرج

٨٧

منهم الخمس والباقي للمقاتلة.

والأرض المفتوحة عنوة إن كانت محياة فهي للمسلمين قاطبة ، ولا يملكها المتصرّف ، ولا يصحّ بيعها ، ولا وقفها ، ولا هبتها ، ويصرف الإمام حاصلها في المصالح ، ومواتها للإمام ، ولا تحيا إلّا بإذنه مع ظهوره ، ويملكها المحيي عند غيبته.

والأرض المفتوحة صلحا لأربابها ، ولو بيعت على مسلم انتقل ما عليها إلى رءوسهم ، وإن صولحوا على أنّ الأرض للمسلمين ولهم السكنى فهي كالخراج ، ولو أسلم صاحبها ملكها وسقط عنه ما ضرب عليها.

وأرض من أسلم عليها لهم ، وكلّ أرض ترك عمارتها قبلها الإمام وطسقها (١) لأربابها ، والمحيي للأرض أحقّ من غيره.

__________________

(١) الطسق : الوظيفة من خراج الأرض ، فارسي معرّب. الصحاح ٣ : ١٥١٧ « طسق ». وفي التهذيب الطسق شبه الخراج له مقدار معلوم ، وليس بعربي خالص ، والطسق : مكيال معروف ، كما عنه في لسان العرب ١٠ : ٢٢٥ « طسق ».

٨٨

[ الفصل ] الرابع

يجب سمعا ـ على رأي ـ الأمر بالمعروف الواجب ، والنهي عن المنكر على الأعيان على رأي ، بشرط علمهما ، وتجويز التأثير ، والإصرار ، وعدم المفسدة.

ويستحبّ بالمندوب ، وتجبان بالقلب مطلقا ، فإن لم يؤثّر فباللسان ، فإن لم يؤثّر فباليد ما لم يبلغ الجراح ، فيشترط الإمام على رأي ، إلّا في المملوك والولد والأهل على رأي ، وكذا إقامة الحدود.

والوالي من الجائر القادر يقيمها معتقدا نيابة الأصل على رأي ، ولو اضطرّ إلى ما لا يجوز استعمله ، إلّا في الدماء.

ويجوز نيابة العادل ، وقد تجب ، ويحرم من غيره مع استعمال المحرّم ، ويجوز لا معه ، وللفقهاء العارفين الحكم والفتوى ، ويجب مساعدتهم ، والمؤثّر لغيرهم ظالم.

٨٩
٩٠

كتاب المتاجر

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

يحرم التكسّب بالأعيان النجسة ـ عدا كلب الصيد والزرع والماشية والحائط على رأي ـ وما نجس بالمجاورة من المائعات إذا لم يمكن تطهيره ، إلّا الدهن للاستصباح تحت السماء ، والروث والبول ـ على رأي ـ عدا أبوال الإبل.

وآلات اللهو والقمار ، والأصنام والصلبان ، وبيع السلاح لأعداء الدين ، والعنب ليعمل خمرا ، والخشب ليعمل صنما ، والسفن والمساكن والحمولات للمحرّمات ، ويكره لمن يعمل ذلك.

والطافي والمسوخ بريّة وبحريّة عدا الفيل على رأي ، والسباع إلّا الهرّ ، والجوارح طائرة وماشية على رأي.

وما لا يملك كالحرّ ، وما لا منفعة فيه كالخنافس والعقارب ، والسموم القاتل كثيرها وقليلها ، وتركيب الأدوية المحرّمة ، وتراب الصاغة ، ويتصدّق لو فعل ، والفضلات إلّا اللبن.

وما يشترك فيه الناس كالماء والكلأ قبل الحيازة ، وبيوت مكّة على قول (١) ، وعمل الصور ذات الروح المجسّمة وغيرها على رأي ، والغناء ، ومعونة الظالمين ، بالحرام ، والنوح بالباطل ،

__________________

(١) قاله الشيخ في الخلاف ٣ : ١٨٨ المسألة ٣١٦. مدّعيا عليه إجماع الفرقة وأخبارهم.

٩١

وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقض والحجّة ، والتوراة والإنجيل ، وهجاء المؤمنين ، والإسمار ، والنميمة ، والغيبة للمؤمن ، وتعلّم السحر ، والكهانة ، والقيافة ، والشعبذة ، والقمار ، والغش ـ كخلط الماء باللبن ـ وتدليس الماشطة ، وتزيين الرجل بالحرام ، وأجرة تغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم ، وحملهم إلى الواجب لا المستحبّ ، والأذان والصلاة بالناس ، ولا بأس فيهما برزق بيت المال ، والرشا ، واقتناء المؤذيات كالحيّات ، وسلوك طريق يظهر فيها أمارة الخوف مع ترك التحرّز ، وعمل آلات الأشربة المحرّمة ، وغرس المتعصرة منه كذلك ، وعمارته ، وسقيه ، وصرامه ، وحمله ، وعصره ، وخصى الحيوان على رأي.

ويكره الصرف ، وبيع الأكفان ، والطعام ، والرقيق ، وركوب البحر للتجارة ، وأخذ الرزق من بيت المال على القضاء لا الأجرة ، وعظام الفيل على رأي ، والنحر ، والذبح ، والنساجة ، والحجامة مع الشرط ، وأجرة نسخ المصحف ، وتعليم القرآن معه على رأي ، وضراب الفحل ، وكسب الصبيان ، وغير الموثوق ، وسماع الشعر الحسن ليلة الجمعة ويومها وفي المساجد وللصائم ، والغزل مطلقا ، والقول الخالي من غرض دينيّ ودنيويّ ، ـ ويجوز الأخذ ممّا أمره بدفعه إلى المستحقّ مع اتّصافه مثل ما يعطى إلّا مع التعيين ـ وأخذ أجرة البذرقة (١) ، وخفض الجواري ، وختن الرجال ، وعقد النكاح ، وثمن ماء التغسيل ، وثياب التكفين ، وأجرة المغنّيات في الأعراس بالحقّ على رأي ، وبيع الثوب النجس وشبهه ويعلم المشتري حاله ـ وجوائز الجائر حرام إن علمت كذلك ، وتردّ على أربابها ، ومع الجهل يتصدّق على رأي ـ وما يأخذه باسم المقاسمة والزكاة والخراج وإن كان غير مستحقّ ، والمجهول سائغ مملوك ـ وتستحبّ الصدقة ببعضه ـ وكذا ما ينثر في الأعراس مع إباحة صاحبه ، وجوائز العادل.

ويستحبّ النفقة ، والتسوية ، والإقالة للمستقيل ، والشهادتان ، والتكبير إذا اشترى ، وقبض الناقص ، وإعطاء الراجح.

ويكره مدح البائع وذمّ المشتري ، واليمين عليه ، والبيع في الظلمة ، والربح على المؤمن ، وعلى الموعود بالإحسان ، والمسابقة في دخول السوق ، والسوم قبل طلوع الشمس ، ومعاملة ذوي العاهات ، والأكراد ، والأدنين ، والاستحطاط والزيادة وقت النداء ، والدخول

__________________

(١) البذرقة : الجماعة تتقدّم القافلة للحراسة. المصباح : ٤٠ ، وفي لسان العرب ١٠ : ١٤ : الخفارة « بذرق ».

٩٢

على سوم المؤمن ، والتعرّض للكيل والوزن مع عدم المعرفة ، وتوكيل الحاضر للبادي على رأي ، وأن يبيعه من عنده أو يشتريه إذا أمره بالبيع أو الابتياع من غير علم ، ومعاملة الظالم في المجهول ، والتلقّي على رأي من أربعة فراسخ قصدا ، فإن ثبت الغبن اختار البائع ، وكذا النجش على رأي ، وهو الزيادة لزيادة من واطأه البائع ، ولا خيار للمشتري فيه ، والاحتكار ـ على رأي ـ في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن ، وفي الملح ـ على رأي ـ بشرط الاستبقاء للزيادة لا للقوت ، وأن لا يوجد باذل غيره ، ويجبر على البيع لا على السعر على رأي ، إلّا مع الإفراط ، ولو كان عنده فاضل طعام وبالناس ضرورة وجب بذله.

وقيل : يحرم البيع على بيع المؤمن ، وبيعتان في بيعة (١) ، فقيل : البيع بشرط الابتياع (٢) ، وقيل : اشتراط زيادة الثمن مع التأخير (٣).

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٣٧٤ ، والمبسوط ٢ : ١٦٠.

(٢) م : « وقيل » حكاه ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٤٠.

(٣) المصدر السابق.

٩٣

[ الفصل ] الثاني

البيع : انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدّر على جهة التراضي ، ولا بدّ من اللفظ الدالّ عليه ، أو الإشارة مع العذر ، ومع عدمه يكون مراضاة لكلّ منهما الفسخ ما لم يتلف أحد العوضين ، وتقديم الإيجاب على رأي ، وأن يكون بلفظ الماضي.

ويشترط بلوغهما ، ورشدهما ، واختيارهما ، ولو رضي من فقد عنه هذه الأوصاف لم يكن إلّا المكره ، والملك للبائع أو حكمه كالأب والجدّ له ، والحاكم ، وأمينه ، والوكيل ، والوصيّ ، والمأذون ، ويقف عقد غيره على الإذن ، ولا يكفي السكوت ، ويرجع المشتري على البائع بما دفع إليه ، وما غرمه من نفقة ، أو عوض عن أجرة ، أو نماء مع عدم العلم ، أو دعوى البائع الإذن ، ولا يرجع بالثمن مع العلم بالغصب على رأي ، ويمضي في حصّة المالك إذا جمعها مع مملوك لغيره على رأي ، أو غير مملوك بعد تقسيط الثمن ، وللمشتري الفسخ ، ولو ضمّه إلى المجهول بطل ، ولو جمع مختلفي الحكم ـ كالبيع والإجارة ـ قسّط على ثمن المثل وأجرته.

وللوليّ تولّي الطرفين على رأي ، وتختصّ ولاية الأب والجدّ بالطفل والمجنون ، والوصيّ بعد الموت عليهما ، وكذا الحاكم وأمينه مع فقدهم ، وعلى المحجور عليه ـ للسفه والفلس ـ والغائب.

ويشترط الإسلام في مشتري المسلم ، وأن يكون طلقا مقدورا عليه ، والعلم بالعوضين ، ولو باع ثوبا لم تتمّ نساجته بشرط عمل الباقي مثله لم يصحّ.

٩٤

ويجوز للكافر شراء المسلم ممّن ينعتق عليه ، والوقف إذا أدّى إلى الخلف أو الخراب ، وأمّ الولد بشرط موته أو عجز أبيه عن ثمنها الدين عليه ، والرهن بشرط الإذن ، والآبق بشرط انضمامه على رأي ، وبيع ما يتعذّر إلّا بعد مدّة على رأي ، وللمشتري الخيار ، ولو باع بحكم أحدهما بطل وضمن القابض ، وكذا كلّ شراء فاسد يوم القبض على رأي ، وللمشتري ما زاد بفعله.

ولا يصحّ الجزاف في المكيل والموزون والمعدود ، ولو أخبر البائع جاز القبول.

ويجوز شراء بعض معيّن من جملة متساوية الأجزاء وإن لم يعلم ، وجزء من معلوم بالنسبة ، ومن غيره يبطل ، ولو قال : بعتكما هذا العبد بألف ، فقال أحدهما : قبلت نصفه بخمسمائة لم يصحّ على رأي ، لاختلال التطابق بين الإيجاب والقبول ، أمّا لو قال : بعتكما هذين العبدين بألف ، فقال أحدهما : قبلت أحدهما بخمسمائة لم يصحّ إجماعا.

ويكفي في الأرض والثوب المشاهدة وإن لم يذرعهما ، ويستغني بها عن الوصف مطلقا ، ومع الغيبوبة إن تغيّر فالخيار للمشتري ، وكذا إن لم يشاهد ، ووصف بخلاف ما هو عليه ، ولو باع أرضا على أنّها جربان معلومة فنقصت فله الفسخ والقبول بالحصّة من الثمن ، وقيل : يكمله (١) ، ولو زادت تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء ، وكذا الثوب.

ولا بدّ من الاختبار في المشموم والمذوق بهما ، أو الوصف ، ويجوز بدونهما بشرط الصحّة ، وكذا الأعمى ، وكذا ما يفسد بالاختبار ، فإن كان لمكسوره قيمة فالأرش ، وإلّا فالثمن.

ولو ضمّ السمك إلى القصب المجهولين لم يصحّ على رأي ، وكذا لبنا المحلوب مع ما في الضرع ، والصوف مع الحمل ، وما يلقّح الفحل ، ويجوز بيع المسك وإن لم يفتق ، والأندار للظروف ما يحتمل ، ولو تلف الثمن المعيّن قبل القبض بطل البيع ، وفي تلف بعضه نظر ، فلو وطئ ما اشتراه فاسدا فلا إثم ، وعليه العشر أو نصفه وقيمة الولد يوم سقط حيّا ، ولو سقط ميّتا فلا شي‌ء عليه.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٤٢٠.

٩٥

[ الفصل ] الثالث

إطلاق العقد أو اشتراط التعجيل يقتضيه ، واشتراط الأجل المعيّن في أحدهما يقتضيه ، ويبطل في غير المعيّن ، وكذا إلى أجلين بثمنين على رأي ، ولو اشترط تأخير الثمن إلى معيّن ثمّ اشتراه البائع قبله جاز بزيادة ونقيصة ، حالّا ومؤجّلا إذا لم يشترط ، وكذا إن حلّ واشتراه بغير جنس الثمن ، أو بجنسه مع المساواة ، أو التفاوت على رأي.

وكلّ ذي حقّ حالّ أو مؤجّل حلّ فامتنع من قبضه وتلف من غير تفريط فهو منه ، وإن كان قبله لم يجب ، والتلف من الّذي عليه ، ولو دفع البعض وجب القبول والمطالبة بالتمام ، ولا تجوز الزيادة في الحقّ للتأخير ، ويجوز الإسقاط منه للتعجيل ، وتجوز الزيادة في الثمن أو النقيصة مع علمهما بالقيمة ، ولو عيّنا نقدا وجب ، وإن أطلقاه انصرف إلى الغالب ، ومع عدمه يبطل ، وكذا الوزن.

ويجوز اشتراط ما يسوغ ممّا يدخل تحت القدرة ، بخلاف غيره ـ كجعل الزرع سنبلا ـ ويجوز اشتراط التبقية ، واشتراط عتق العبد أو تدبيره أو كتابته ، ويتخيّر البائع لو لم يعتقه المشتري وإن مات العبد ، ولو شرط ألّا يعتق أو لا يطأ ، قيل : يبطل الشرط ويصحّ البيع (١) ، ويجوز أن يشتري من غير ما باعه إيّاه بزيادة ونقيصة ، حالّا ومؤجّلا بعد القبض ، ويكره قبله إذا كان ممّا يكال أو يوزن ، ولو شرط في حال البيع أن يبيعه لم يجز ، وإن كان من قصدهما

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ١٤٨ ـ ١٤٩.

٩٦

ولم يشترطا لفظا كره.

ويصحّ اشتراط ضمان الثمن أو بعضه ، وجمع شيئين مختلفين في عقد كبيع وإجارة ، أو سلف ونكاح ، ويقسّط العوض ، قيل : ولو شرط أن يكون المبيع رهنا على الثمن فسدا (١) ، ولو شرط تأجيل القرض ، أو المهر ، أو الدين الحالّ ، أو ثمن المبيع ، أو أرش الجناية ، أو شرط الإقراض له أو منه لزم ، ولو كان عليه طعام من سلف ، وله على آخر مثله كره له أن يأمر غريمه بقبضه لنفسه ، ولو دفع إليه مالا وقال : اشتر به طعاما واقبضه لي ثمّ اقبضه لنفسك صحّ الشراء والقبض على رأي ، ولو قال : اشتر لنفسك لم يصحّ الشراء ، ولا يتعيّن له بالقبض ، ولو كان المالان أو المحال به قرضا صحّ.

والسلف بالنسبة إلى الأعواض والأثمان على أربعة : تبطل منها الأثمان والأعواض بمساويهما ، وإنّما يصحّ بشرط ذكر الجنس والوصف المقصود.

فيشترط في التمر : النوع ، والبلد ، واللون ، والجيّد ، أو الردي‌ء ، والصغار أو الكبار ، والحديث أو العتيق ، وكذا الرطب عدا الأخير.

وفي العسل : اللون ، والمكان ، والزمان.

وفي الرقيق : اللون ، والسن ، والقدّ ، والذكورة أو الأنوثة ، والجودة أو الرداءة.

والحاصل : وجوب ذكر الوصف المقصود ، ويجري ما يتناوله الاسم ، ويجوز شرط الجيّد والردي‌ء ، لا الأجود ولا الأردأ.

وما لا يضبط وصفه المقصود لا يصحّ فيه ، كاللحم والخبز والجواهر والعقار والأرض والنبل المعمول والقسيّ المعمولة والأدوية المركّبة والأطياب المركّبة ، إلّا إذا عرف مقدار البسائط ، ويجوز في الخضر والفواكه والحيوان وعيدان النبل قبل نحتها ، وفي القزّ خلاف ، ويجوز في جنسين صفقة ، وفي شاة لبون ، ويجزئ ما من شأنها ، وفي شاة ذات ولد ، وجارية حامل على رأي.

ويشترط قبض الثمن قبل التفرّق ، والتقدير لهما كيلا أو وزنا ، وغلبة وجوده عند الحلول ، ولو قبض البعض صحّ موازيه ، ولو شرطه من دين له بطل على رأي.

__________________

(١) قاله ابن إدريس في السرائر ٢ : ٤٢٩.

٩٧

ويجوز في المذروع أذرعا ، ولا يجوز في المعدود عددا ، ولا الحطب حزما ، ولا القصب أطنانا ، ولا الماء قربا ، ولا قبضة من دراهم.

ولو قال : إلى شهرين فإلى نهايتهما ، ولو قال : إلى شهر كذا أو يوم كذا حلّ بأوّل جزء منه ، ولو قال : إلى ربيع أو إلى الخميس حمل على الأقرب ، ولو قال : إلى خمسة أشهر حمل على الهلاليّة ، إلّا أن يعيّن غيرها ، ولو قال : إلى شهرين وهو في أوّلهما اعتبر بالأهلّة ، ولو كان بعد مضيّ أيّام اعتبر الثاني بالهلال ، وأكمل من الثالث تمام الثلاثين على رأي.

ولو اختلفا في قبض الثمن قبل التفرّق فالقول قول من يدّعي الصحّة.

ولا يجوز بيع السلف قبل الحول ، وبعده يجوز مطلقا ، وليس موضع التسليم شرطا ، ويجوز جعله ويلزم معه ، ويزول مع التراضي.

ويصحّ اشتراط المعلوم مع السلف ، ولا يصحّ لو شرط ثمرة نخل معيّن ، أو غزل امرأة ، أو انضمام أصواف نعجات معيّنة ، ولو تأخّر التسليم عن الحلول تخيّر المشتري ، وكذا لو كان حالّا فغصب من البائع ، وإن وجد الثمن غير الجنس بطل ، وإن كان منه معيّنا تخيّر البائع بين الأرش والردّ ، ولو وجد بالعوض عيبا فردّه طالب بالتسليم ، ولو دفع دون الصفة ورضي المشتري جاز ، ولو كان فوقها وجب ، ولو كان أكثر لم يجب ، ومع إطلاق العقد يجبر البائع والمشتري على التسليم من غير أولويّة.

والقبض : التخلية على رأي ، ولو تلف المبيع قبل التسليم ضمن البائع ، ولو عاب فللمشتري الردّ ، ولو نما فللمشتري ، فلو تلف الأصل فلا ثمن ، ولو تلف النماء ضمن البائع إن فرّط ، وإلّا فلا ، ولو اختلط بغيره في يده قبل القبض فللمشتري الفسخ والشركة ، ولو تلف بعض المبيع وله قسط من الثمن فللمشتري الردّ والرضى بالحصّة ، وإن لم يكن كذلك فله الردّ والأخذ بالكمال ، وقيل : له الأرش (١).

ويجب تسليم المبيع مفرّغا ، ويكره بيع ما لم يقبض من المبيعات وإن كان طعاما على رأي ، ويصحّ بيع الدين بعد حلوله على الذي عليه وعلى غيره ، وقيل : يصحّ بدين مثله (٢).

ولو دفع إلى صاحب الدين عوضا للقضاء من غير مساعدة احتسب بالقيمة يوم القبض ،

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٣٩٥.

(٢) قاله المحقق في الشرائع ٢ : ٦٠.

٩٨

فلو ادّعى النقصان فإن حضر الكيل فالقول قول البائع مع عدم البيّنة واليمين ، وإلّا فالقول قوله معها.

والمسلف طعاما في موضع لا يتعدّاه بالمطالبة بخلاف المغصوب منه ، ومشتري العين بأخرى إذا قبض وباع ثمّ تلفت الأخرى قبله بطل الأوّل ، ورجع صاحب التالف بقيمة الباقي.

ومن باع شيئا دخل فيه جزء المسمّى عرفا ، فيدخل النخل والشجر في البستان دون الدار وإن قال : بحقوقها على رأي ، ويدخل ورق التوت فيه.

وقيل : يدخل عروق الزرع النابت في الأرض المجزوز منها (١) ، ويدخل في القرية البيوت دون المزارع ، ويدخل في الدار البناء والسلّم المثبت ، والرفوف المثبتة ، والأبواب المنصوبة لا المقلوعة ، ولا تدخل الرحى وإن كانت لليد مثبتة ، وتدخل الأغلاق والمفاتيح ، وقد تختلف بالعادة كالغرفة إذا استقلّت بالسكنى والسلوك وإذا لم تستقلّ.

وقيل : يدخل في الأرض الأحجار المخلوقة فيها والمعادن (٢).

وإذا استثنى نخلة فله السلوك ومدى جرائدها ، ولو باع نخلا دخلت الثمرة إن لم تؤبّر ، ولو فات أحد الثلاثة فلا انتقال. ويجب التبقية بمجرى العادة ، ولو ضمّ المؤبّر وغيره فالثاني للمشتري ، والأوّل للبائع.

وأجرة الكيّال ووزّان المتاع وبائع الأمتعة على البائع ، ووزّان الثمن وناقده ومشتري الأمتعة على المشتري ، وليس للمتبرّع أجرة وإن أجيز بيعه ، وأجرة من يبيع على آمره ، وكذا من يشتري ، ولا يتولّاهما الواحد ، ولا يضمن الدلّال إلّا مع التفريط ، والقول قوله مع يمينه في عدم التفريط والقيمة معه.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ١٠٣.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ١١٠.

٩٩

[ الفصل ] الرابع

إطلاق العقد يقتضي السلامة ، ويتخيّر المشتري مع سبق العيب بين الردّ والأرش ، ولو تصرّف أو حدث عيب آخر في يد المشتري سقط الردّ ، ولا يسقط لو حدث قبل القبض ، ويسقط بالتبرّي من العيوب ، وبالعلم به قبل العقد ، وبالإسقاط ، ولو ظهر العيب في بعضه ردّه بأجمعه أو أخذ الأرش ، ولو تعدّد المشتري اجتمعا في الردّ والأرش ، ولا يفترقان مع اتّحاد الصفقة ، ويجوز الافتراق مع افتراقها.

ولا يمنع الوطء من ردّ عيب الحبل خاصّة ، ويردّ نصف عشر قيمتها ، ولا الحلب مع التصرية (١) ، ويردّ قيمة اللبن إن تعذّر المثل أو العين على رأي ، وتختبر بثلاثة أيّام ، ولا يثبت في غير الشاة على رأي ، ولو استقرّت العادة بحلب التصرية في الثلاثة استقرّ البيع.

والإباق عيب ، والثيبوبة ليست عيبا إلّا مع شرط البكارة ، فيردّ لو ثبتت الثيبوبة قبل البيع ، ومع الجهل لا ردّ ، وكذا العكس ، وانقطاع الحيض ستّة أشهر عمّن تحيض مثلها عيب ، والدّردي (٢) في الزيت والبزر ممّا لم تجر به العادة عيب ، وتحمير الوجه ووصل الشعر يثبت الخيار.

ويردّ من الجنون والجذام والبرص ، وروي (٣) القرن الحادثة في سنة مع عدم الإحداث

__________________

(١) التصرية : ترك حلبها حتّى يجتمع لبنها في ضرعها. المصباح المنير : ٣٣٩ « صري ».

(٢) الدّردي : ما يركد في أسفل كلّ مائع كالأشربة والأدهان ، النهاية في غريب الحديث ٢ : ١١٢ « درد ».

(٣) الكافي ٥ : ٢١٦ / ١٦ ، انظر الوسائل ١٨ : ٩٩ ـ ١٠٠ باب ٢ من أحكام العيوب ، ح ٤.

١٠٠