تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

خاصّة. ويحدّ العاقل لو لاط به مجنون ، وفي اللائط قولان (١).

ويقتل الذمّي اللائط بالمسلم وإن لم يوقب ، وبمثله يتخيّر الإمام في الإقامة والدفع. ويتخيّر في القتل بين الضرب بالسيف والإحراق والرجم والإلقاء من شاهق وإلقاء جدار عليه. ويجوز الجمع في الإحراق وغيره.

وبغير الموقب كالتفخيذ بين أليين الرجم مع الإحصان ، وجلد مائة لا معه على قول (٢) ، ولو تكرّر وتخلّل الجلد قتل في الرابعة على رأي.

والمجتمعان في إزار واحد مجرّدين ولا رحم يعزّران من ثلاثين إلى تسعة وتسعين. ولو تكرّر وتخلّل حدّا في الثالثة.

ويعزّر من قبّل غلاما ليس بمحرم بشهوة.

والتائب قبل قيام البيّنة يسقط عنه لا بعده ، ولو أقرّ تخيّر الإمام ، ويثبتان بإقرار البالغ العاقل الحرّ المختار فاعلا أو مفعولا أربعا ، أو شهادة أربعة رجال بالمعاينة. ولو أقرّ دون أربع عزّر ، ولو شهد دون أربعة حدّوا.

وتجلد المساحقة مائة جلدة ، فاعلة كانت أو مفعولة إن كانت غير محصنة ، وإلّا رجمت على رأي ، ومع التكرّر والإقامة تقتل في الرابعة على رأي.

ويسقط بالتوبة قبل البيّنة ، وهي : أربعة رجال لا بعدها. ومع الإقرار ـ وهو : أربع مرّات ـ والتوبة التخيّر.

ولو وجدت الأجنبيّتان مجرّدتين عزّرتا دون الحدّ ، فإن تكرّر مع التعزير أقيم الحدّ في الثالثة ، فإن عادتا قيل : قتلتا (٣).

ويدرأ الحدّ عن المملوكة إن ادّعت الإكراه خاصّة. وقيل : تحدّ المجنونة إذا فعلته (٤) ، ولو فعل بها فلا حدّ.

__________________

(١) ذهب إلى ثبوت الحد المفيد في المقنعة : ٧٨٦. والشيخ في النهاية : ٧٠٥. وذهب إلى عدم الوجوب المحقّق في الشرائع ٤ : ١٤٦.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٧٠٤.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٧٠٧. وابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٣٣.

(٤) قاله الشيخ في النهاية : ٧٠٦.

٣٢١

ولو ساحقت المسلمة الكافرة حدّتا ، ويتخيّر الإمام في الكافرة. وتحدّ البالغة ، وتؤدّب الصبيّة. ولو تساحقت الصبيّتان أدّبتا.

ولو ساحقت بكرا فألقت ماء الرجل في رحمها وحملت رجمت المرأة ، وجلدت الصبيّة مائة بعد الوضع ، ويلحق الولد بالزوج ، وعلى المرأة المهر. ولو افتضّتها بإصبعها فذهبت العذرة ألزمت مهرها وعزّرت مطلقا مغلّظا.

ولا كفالة في حدّ ، ولا تأخير فيه إلّا مع الضرورة ، ولا شفاعة في إسقاطه.

ويجلد القوّاد ـ وهو : الجامع بين الرجال وأمثالهم ، أو بينهم وبين النساء ، رجلا كان أو امرأة ، حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ـ خمسا وسبعين جلدة بعد ثبوته بشاهدين ، أو بالإقرار مرّتين من أهله.

ويختصّ الرجل بحلق الرأس ، والإشهار في البلد ، والنفي ، وقيل : لا ينفى إلّا في الثانية (١).

ويجب على المتناول شربا واصطباغا ، صرفا وممزوجا بالأغذية والأدوية ، للمسكر ، أو الفقّاع ، أو العصير إذا غلا واشتدّ قبل ذهاب ثلثيه ، أو الانقلاب خلّا وإن قلّ ، عاقلا ، مختارا ، بالغا ، عالما بالتحريم. والمتناول ثمانون جلدة ، رجلا أو امرأة ، حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، متظاهرا ، عريانا ، على ظهره وكتفيه ، ويتّقى وجهه وفرجه ، ويترك حتّى يفيق. ويقتل في الثالثة ، وقيل : في الرابعة بعد تكراره (٢). ولو تعدّد ولم يحدّ كفى حدّ واحد.

والأولى في التمر إذا غلى ولم يبلغ الإسكار ، والزبيب المنقوع إذا غلى من نفسه أو بالنار ، التحليل مع عدم البلوغ.

ويثبت بشهادة عدلين بالشرب ، وقيل : به وبالقي‌ء على التفريق (٣) ، إلّا مع ادّعاء الإكراه ، وبالإقرار دفعتين ممّن ذكرنا ، بشرط الحرّيّة.

ويسقط عن الكافر المستتر ، وجاهل التحريم أو المشروب ، والمكره ، وغير المكلّف ، والتائب قبل قيام البيّنة لا بعدها. ولو أقرّ قيل : تتحتّم الإقامة (٤) ، وقيل : يتخيّر (٥).

__________________

(١) قاله المفيد في المقنعة : ٧٩١.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٥٩.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٧١١ وابن إدريس في السرائر ٣ : ٤٧٥.

(٤) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٤٧٨.

(٥) قاله الشيخ في النهاية : ٧١٤.

٣٢٢

ويقتل شارب الخمر مستحلّا ، وقيل : يستتاب ، فإن تاب حدّ وإلّا قتل (١). وباقي المسكرات يحدّ وإن استحلّ. ولو باع الخمرة مستحلّا استتيب ، فإن تاب عزّر وإلّا قتل. وإن لم يستحلّ عزّر ، وغيره يؤدّب إن لم يتب.

ويقتل المستحلّ للمحرّمات المجمع عليها ، كالميتة من المولودين على الفطرة ، ويعزّر لو لم يستحلّ.

ويقتل مدّعي النبوّة ، والشاكّ في نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان على ظاهر الإسلام. ومن عمل السحر مسلما ، ويؤدّب كافرا.

وسابّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام. ويجوز للسامع قتله ما لم يخف ضررا عليه أو على ماله أو مؤمن.

وتكره الزيادة على عشرة أسواط في تأديب الصبيّ والمملوك ، ولو ضربه حدّا في غيره لزمه الإعتاق على قول (٢).

ومن فعل محرّما ، أو ترك واجبا ، أو قذف عبده أو أمته فللإمام تعزيره بما لا يبلغ حدّ الحرّ فيه ، والعبد فيه ، والتقدير إلى الإمام. ولا دية لمقتول الحدّ والتعزير ، وقيل في بيت المال (٣).

ولا يجوز الإقامة في شدّة حرّ أو برد. ولو بان فسوق الشاهدين بعد القتل أو بعد الموت بالحدّ ، فإن كان للقذف فالدية في بيت المال.

ولو أنفذ إلى حامل لإقامة الحدّ فأسقطت خوفا ، فدية الجنين في بيت المال ، وكذا لو أقامه على الحامل فألقته ميّتا ، أو مات بعده به جاهلا ، ولو كان عالما فديته في ماله. ولو ماتت الأمّ قبل الوضع والإسقاط بالحدّ فلا دية. ولو ماتت بعد الإسقاط بالحدّ فكذلك. ولو ماتت بالإسقاط فالدية في ماله مع العلم ، وفي بيت المال مع الجهل ، ولو ماتت بهما فنصف الدية. ولو أرسل رجل من قبل نفسه ، فقال : الإمام يدعوك ، فأسقطت خوفا ، فالدية على عاقلة الرسول. ولو أمر بالضرب زيادة على الحدّ فمات فعليه نصف الدية في ماله إن لم يعلم الحدّاد ، فلو كان سهوا فعلى بيت المال. ولو أمر بالاقتصاد فزاد الحدّاد عمدا فالنصف على الحدّاد في ماله ، أو القصاص بعد الردّ ، وسهوّا على عاقلته.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٧١١ ـ ٧١٢.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٧٣٢.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٦٣.

٣٢٣

[ الفصل ] الثاني

من قال من العقلاء البالغين ـ الأحرار على رأي ـ لمن هو كذلك من المسلمين العفيفين : يا زان ، أو يا لائط ، أو زنيت ، أو لطت ، أو ليط بك ، أو أنت زان ، أو لائط ، أو منكوح في دبره ، وما أدّى معناه صريحا مع العرفان بموضوع اللفظ بأي لغة كان ، أو لست لأبيك ، أو لست بولدي مع سبق الإقرار ، وجبت عليه ثمانون بثيابه متوسّطا ، ويشهّر.

ولو قال : زنت بك أمّك ، أو يا ابن الزانية فقذف للأم. ولو قال : يا بن الزاني أو زنى بك أبوك فهو للأب. ولو قال : يابن الزانيين فهو لهما.

ويثبت الحدّ وإن كان المواجه كافرا أو عبدا إذا كان المقذوف محصنا. وقيل : لو قال : ولدت من الزنى أو ولدتك أمّك من الزنى فهو قذف للأمّ (١). ولو قال : يا زوج الزانية ، أو يا أبا الزانية ، أو يا أخا الزانية ، فالقذف للمنسوب لا للمواجه.

ولو قال : زنيت بفلانة ، أو لطت بفلان ، فهو قذف للمواجه ، وفي الآخر نظر. ولو قال : يا ابن الملاعنة فعليه الحدّ دون المحدود قبل التوبة وبعدها الحدّ.

ولو قال لزوجته : زنيت بك ففي الحدّ نظر ، ولو قال : يا ديّوث ، أو يا قرنان ، أو يا كشخان وشبههما عازما حدّ ، وإلّا عزّر إن أفاد عنده الأذى.

ويعزّر في كلّ تعريض يكرهه المواجه ممّا ليس بقذف لغة ولا عرفا ، إلّا أن يكون المقول

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٧٢٣ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ٥١٨.

٣٢٤

مستحقّا ، وكذا المعيّر ببلائه تعالى.

وقيل : العبد أربعون (١). فلو أنكر الحرّيّة فالقول قوله.

ولو قذف الصبيّ أو المجنون مطلقا ، أو من ذكرنا غير محصن ، أو قال بعد القذف والحدّ : الذي قلته صحيح. أو قال لمسلم : يابن الزانية ، أو أمّك زانية وهي كافرة أو أمة على رأي. أو قذف ولده أو مورثه ، أو تقاذف اثنان ، فالتعزير.

ولو كان وارثا غير الولد فله الحدّ تامّا. ويحدّ الولد بقذف الأمّ وبالعكس ، وكذا الأقارب. ولو قذف جماعة على التفصيل فلكلّ حدّ ، ولو كان بلفظ واحد فكذلك إن جاءوا به مفترقين ، وإلّا فواحد ، وقيل : في التعزير كذا (٢) ، ولو قال : يابن الزانيين ، فواحد مع الاجتماع ، واثنان لا معه ، ويرث حدّ القذف وارث المال ، عدا الزوج والزوجة. ولا يسقط بعضه بعفو البعض.

ولو نسب إلى ابنه وبنته فالحدّ لهما لا للمواجه ، فإن سبقا فلهما ، وإن سبق الأب فله على رأي.

وللمستحقّ العفو قبل الثبوت وبعده ، ولا يعترضه الحاكم ، ولا يقام إلّا مع المطالبة ، ويقتل في الرابعة مع تكرار الحدّ ، وللمتكرّر واحد.

ولا يسقط إلّا بالبيّنة المصدّقة أو التصديق أو العفو أو باللعان في الزوجة.

ويثبت بشهادة عدلين ، أو إقرار العاقل الحرّ المختار مرّتين ، قيل : ولا يعزّر الكفّار ولو تنابزوا بالألقاب ، إلّا مع خوف الفتنة (٣).

ويجب على المكلّف مع ارتفاع الشبهة ، وهتك الحرز سرّا منفردا أو مشاركا ، ويختصّ بالمخرج وإن قرّبه غيره ، وإخراج ما قيمته ربع دينار خالصا منقوشا ـ وإن كانت دنانير أو منضمّا إلى ما لا قطع فيه ـ مختصّ بالغير ، مباشرة أو تسبيبا ، ولو بالصبيّ غير المميّز ، دفعة أو أكثر ، في ليلة أو أكثر. قطع أصابع اليد اليمنى الأربع ، وإن لم يكن له يسار.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ١٦.

(٢) قاله المفيد في المقنعة : ٧٩٦ ـ ٧٩٧.

(٣) قاله المفيد في المقنعة : ٧٩٨.

٣٢٥

ويؤدّب الصبيّ وإن كرّر ، وقيل : يعفى أوّلا ، ويؤدّب ثانيا ، وتحكّ أنامله حتّى تدمى ثالثا ، وتقطع رابعا ، وكالرجل خامسا (١).

ويؤدّب المجنون وإن كرّر.

ولو توهّم الملك أو أخذ النصيب في المشترك ، فبان الخلاف ، أو سرق مال الغنيمة على رواية (٢) ، أو المشترك ، إلّا إذا زاد نصيبه بقدر النصاب ، أو أخرج بعد هتك الغير ، أو هتك ظاهرا قهرا ، أو كان أمينا فخان ، أو والدا لذي المال ، بخلاف العكس ، والأمّ والأقارب ، أو راهنا له ، أو مؤجرا ، أو عبدا من سيّده ، أو عبد الغنيمة منها ، بل يؤدّب ، أو ضيفا مع الإحراز دونه على رأي. أو ادّعى هبة ما أخرجه ، أو ملكيّته ، أو إذن المالك ، ويحلف المالك فيهما للمال ، أو كان غير محرز بقفل ، أو غلق ، أو دفن ، كالأرحبة وشبهها ، إلّا ستارة الكعبة ، أو مع المراعاة على رأي فيهما. أو نقب البيت المغصوب من الغير وسرق مال الغاصب ، أو كان مأكولا في عام مجاعة ، أو كان ثمرة على شجرتها ، بخلاف ما لو سرقت بعد الإحراز ، أو سرق من الجيب أو الكمّ الظاهرين ، أو وضعه في الماء الواقف فانفجر على رأي ، أو أقرّ مكرها.

وإن ردّ السرقة أو سرق الاثنان نصابا على رأي فيهما ، أو وهبه المالك ، أو عفا عن القطع قبل المرافعة ، أو ملك المسروق قبلها ، لا بعدها.

ولا إذا نقص عن النصاب قبلها ، لنقصانه وللسوق ، أو وضعه الداخل في وسط النقب وأخرجه الخارج على رأي ، أو أخرجه بعد أن أحدث فيه ما ينقصه عن النصاب ، أو ابتلعه في الحرز وتعذّر الإخراج. وإن أخرج أو سرق حملا صاحبه نائم عليه ، أو متاعا وصاحبه النائم عليه ، إلّا إذا كان النائم عبدا ، أو سرق المدين مقدار ديته من مال المدين الدافع فلا قطع.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٧١٦.

(٢) رواها الشيخ بإسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : رجل سرق من المغنم ، أي شي‌ء الذي يجب عليه أيقطع؟ قال : « ينظركم الذي يصيبه ، فإن كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزّر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان أخذ مثل الذي له فلا شي‌ء عليه ، وإن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن وهو ربع دينار قطع ». التهذيب ١٠ : ١٠٦ / ٤١٠. انظر الوسائل ٢٨ : ٢٨٩ ، باب ٢٤ من أبواب حدّ السرقة ح ٤.

٣٢٦

ويقطع الذمّي كالمسلم ، والمملوك مع البيّنة وإن كان آبقا ، ويستوي الذكر والأنثى. والأجير إذا أحرز من دونه ، وأحد الزوجين من صاحبه مع الإحراز.

وسارق الصغير المملوك والحرّ ، قيل : يقطع للفساد (١). والمعير والموجر للبيت إذا نقب وسرق مال المستعير والمستأجر. وضيف الضيف. وسارق الوقف مع مطالبة الموقوف ، وباب الحرز ، وأبنيته على رأي ، ومن الباطنين ، ومن الدار المفتوحة الباب مع مراعاة صاحبها على رأي ، وسارق الكفن ، وفي اشتراط النصاب خلاف ، ويعزّر لو نبش من غير أخذ ، أو أخرجه من اللحد إلى القبر ، والأولى أن المطالب الورثة والسيّد إن كان عبدا ، ولو كفّنه الحاكم من بيت المال ففي القطع نظر ، وإنّما يتعلّق القطع بسرقة خمسة الأثواب دون غيرها. ولو تكرّر منه الفعل وفات السلطان فله قتله.

ويقطع لو أخرج من البيت المغلق إلى الدار المفتوحة دون الصور الثلاث ، أو سرق من مال الغاصب مع ماله وإن اشترك على رأي ، أو سرق آلات اللهو إذا بلغت النصاب بعد الإزالة عن الصفة ، ولو أحرزها السارق أو الغاصب فسرقها آخر ففي قطع الثاني نظر.

ويثبت : بشهادة شاهدين مفصّله في الحرز والنصاب والمالك ، والإقرار من أهله مرّتين ، ولو رجع لم يسقط ، وفي المرّة العزم. ولو تاب قبل البيّنة سقط ، ويجب بعدها ، وبعد الإقرار خلاف ، ولا يقبل إقرار العبد فيهما.

ولو قطع وعاد قطعت رجله اليسرى من عند معقد الشراك الناتئ على ظهر القدم ، فإن عاد حبس حتّى يموت ، فإن عاد في السجن قتل وإن اتّحدت العين المسروقة.

ولو لم تتخلّل العقوبة في المتكرّرة كفى الواحد عن الأوّل ، ويغرم المالين ، قيل : ولو شهدت فقطع ثمّ بأخرى بعد الإمساك قطعت رجله (٢).

ولا تقطع اليسار مع وجود اليمين وإن كانت شلّاء ، أو اليسار ، أو هما ، ولو فقدت اليمين حين القطع لم تقطع اليسار ، ولو فقدت حين السرقة قيل : تقطع اليسرى ، فإن لم تكن فالرجل

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٣٠ ـ ٣١.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٧١٩.

٣٢٧

اليسرى (١) ، وقيل : الرجل اليمنى (٢) ، ولو فقدت اليدان والرجلان قيل : يحبس (٣).

ولو قطع الحدّاد يساره مع العلم لم يسقط واقتصّ ، ولو ظنّها اليمنى فالدية عليه ولا سقوط.

ويستحبّ حسمه بالزيت ، ولا يضمن سراية الحدّ وإن أقيم في حرّ أو برد.

ويجب ردّ العين ، ومع التلف المثل ، وإلّا فالقيمة ، وأرش النقصان إلى صاحبها ، ومع العدم الورثة ، ولو لم يكن وارث فالإمام.

والقطع موقوف على المرافعة ، فلا يرفعه الإمام وإن قامت البيّنة ، قيل : ولا يسقط لو أعاده إلى الحرز (٤) ، ويؤخّر المريض والنفساء والوالدة.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٧١٧. وابن حمزة في الوسيلة : ٤٢٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٣٩.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٧١٧.

(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٩.

٣٢٨

[ الفصل ] الثالث

من جرّد السلاح لإخافة الناس ، برّا أو بحرا ، ليلا أو نهارا ، في مصر أو غيره ، من أهل الريبة أو غيرها ، ذكرا أو أنثى ، ضعف عن الإخافة أولا على إشكال ، فهو محارب ، دون الطليع والردء.

فيقتل إن قتل كفوءا قودا ، وإن عفا الوليّ ، أو لم يكن كفوءا حدّا.

ولو أخذ المال معه استعيد ثمّ قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثمّ قتل ، ثمّ صلب ، ولا معه يقطع مخالفا وتحسم يمناه ثمّ اليسرى بعد قطعها استحبابا ، ولا تؤخّر إحداهما عن الأخرى ، ولو فقد إحداهما اقتصر على الأخرى ، ولو فقدتا قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى وينفى.

ولو جرح ولم يأخذ أقتصّ ونفي.

ولو أشهر وأخاف لا غير نفي ، وقيل : بالتخيير (١).

وإذا قتل لا للمال فهو قاتل عمدا ، أمره إلى الوليّ ، ولو جرح له فالقصاص للوليّ ، ولا يتحتّم الاقتصاص مع العفو ، وإن كان مما يقتصّ فيه على رأي.

ولو قطع يمينا وأخذ قطعت قصاصا ورجله بالمحاربة ، ولو قطع يسارا قطعت يساره قصاصا ويده اليمنى ورجله اليسرى بالمحاربة ، ولا توالي بين القطعين.

__________________

(١) قاله المفيد في المقنعة : ٨٠٤.

٣٢٩

ولو تاب قبل القدرة فلا حدّ ، وتثبت حقوق الناس ، ولو تاب بعدها فلا سقوط لشي‌ء. ولو مات قبل الحدّ سقط الصلب بالموت.

واللصّ محارب ، فإذا دخل متغلّبا فلصاحب الدار المحاربة ، فإن قتل فلا ضمان على الدافع ، ولو جنى اللصّ ضمن ، ويجوز الكفّ عنه ، إلّا أن يريد القتل فلا يجوز الاستسلام ، ولو عجز عن المقاومة وجب الهرب.

وإذا نفي كتب إلى كلّ بلد بالمنع من المؤاكلة ، والمخالطة ، والمعاملة ، ولو قصد بلاد الشرك منع ، ولو مكّنوه قوتلوا حتّى يخرج.

ولا يعتبر في قطعه النصاب على رأي ، ولا انتزاعه من حرز ويعزّر المستلب والمختلس والمبنّج وساقي المرقد والمحتال بالتزوير والرسائل الكاذبة ، ويضمن ما يجنيه الشرب ، ولا يقطع.

ويثبت بعدلين ، والإقرار من أهله ولو مرّة ، ولا تقبل بشهادة النساء منفردات ، ولا منضمّات ، ولا بعض اللصوص على بعض ، ولا بعض المأخوذين لبعض ، ولو قالوا : عرضوا لنا وأخذوا أولئك قبلت.

ويقتل المرتدّ عن فطرة واجبا ، بشرط التكليف وإن تاب ، ولو التحق بدار الحرب أو اعتصم. ولو أكره فلغو ، ولو ادّعاه مع الإمارة قبل.

ولا تقتل المرأة وإن كانت عن فطرة ، بل تحبس دائما ، وتضرب أوقات الصلوات ، فإن لحقت بدار الحرب سبيت واسترقّت.

والمرتدّ عن إسلام عقيب كفر يستتاب وجوبا قبل ثلاثة أيّام ، فإن امتنع قتل ، ولو جنّ لم يقتل ، وأمواله باقية ، وتقضى منها ديونه وما عليه من الحقوق الواجبة دون نفقة الأقارب ، ويحجّر عليه ، فإن تاب فهو أحقّ ، ولو التحق بدار الحرب احتفظت له. ويرثه المسلمون ، فإن لم يكن فالإمام.

وولده بحكم المسلم ، فإن بلغ واختار الكفر استتيب ، فإن امتنع قتل ، ولو قتله قاتل قبل وصفه بالكفر قبل البلوغ أو بعده قتل به ، وكذا لو ولد من مسلمة بعد الردّة. ولو حملت بعد ارتدادهما فهو بحكمهما ، لا يقتل به المسلم ، وفي استرقاقه خلاف. ولو تكرّر قتل في

٣٣٠

الرابعة ، وروي في الثالثة (١).

ولو أكره من يقرّ على دينه على الإسلام فليس بمسلم ، بخلاف من لا يقرّ ، ولو صلّى بعد ارتداده في دار الإسلام أو الحرب لم يحكم بالعود. قيل : ويحكم بإسلام السكران وارتداده (٢).

ويضمن المرتدّ ما يتلفه على المسلم في دار الإسلام أو الحرب حالة الحرب وبعدها ، بخلاف الحربي.

ولو تزوّج بمسلمة أو كافرة ، أو زوّج بنته المسلمة لم يصحّ ، وفي الأمة إشكال. ولو طلّق ، فإن تاب في العدّة ظهر أنّ الطلاق وقع في وقته ، وإلّا فلا ، ولا تحلّ ذبيحته ، فإن ذبح شاة لغيره ضمنها إلّا أن يأذن له ، وإن لم يعلمه مرتدّا.

وكلمة الإسلام : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله. ولو اعترف به وأنكر العموم أو الوجود ، افتقر إلى : أبرأ من كلّ دين غير الإسلام ، ويبيّن له.

ويتولّى قتل المرتدّ الإمام ، فيعزّر غيره لو قتله ، والأقرب سقوط الدية.

ولو قتل مسلما عمدا قتل قودا ، ولو عفا الوليّ قتل بالردّة ، ولو قتل خطأ فالدية في ماله مخفّفة ، وتحلّ لو مات.

ولو قتل ذمّيّا فالوجه القصاص ، أما لو رجع فلا قود ، وعليه دية الذمّي ، ولو قتله ذمّي اقتصّ منه ، ولو تاب فقتله معتقدا البقاء قيل : يقتل (٣) ، ولو جرحه مرتدّا فأسلم فسرت فلا ضمان.

ولو نقض الذمّي العهد ولحق دار الحرب فأمان أمواله باق ، فإن مات ورثه الذمّي والحربي ، فيزول الأمان لو ورثه الحربي ، والأصاغر باقون على الذمّة ، ويخيّرون بين عقد الجزية والمضيّ إلى مأمنهم بعد البلوغ.

ويبدأ الإمام بقتل المرتدّين قبل الكفّار.

__________________

(١) رواه الشيخ بإسناده ، عن يونس ، عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام ، قال : أصحاب الكبائر كلّها إذا أقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة. التهذيب ١٠ : ٩٥ / ٣٦٩.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٢٨٧.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٧٢.

٣٣١

ويعزّر واطئ البهيمة إذا كان عاقلا بالغا ، فالمأكولة تحرم هي ونسلها ولبنها ، ويجب ذبحها وإحراقها ، وإغرامه ثمنها إن لم تكن له. وغير المأكولة تباع في غير البلد ، قيل : ويتصدّق به (١) ، وقيل : يعاد على الغارم (٢) ، وإن كانت له دفع إليه.

وتثبت بعدلين خاصّة ، أو الإقرار مرّة ، ويثبت بالأخير التعزير ، ويقتل في الرابعة مع تكرّر التعزير.

ووطء ميّت الآدميّ زنى ولواطا كالحيّ في الإثم والحدّ والإحصان ، وتغلّظ عقوبته ، ويؤدّب إن كانت زوجته ، قيل : ويثبت بشاهدين (٣) ، وقيل : بأربع (٤) ، والإقرار تابع.

ويعزّر المستمني بيده ، وروي أنّ عليّا عليه‌السلام ضرب يده حتّى احمرّت وزوّجه من بيت المال (٥). وتثبت بعدلين ، والإقرار مرّة.

ولو وجد مع زوجته أو مملوكته من ينال دون الجماع فله الدفع ، فإن أبى فهو هدر. ولو اطّلع غير الرحم فلهم زجره ، فإن أصرّ فرموه فهو هدر. ولو رمى من غير زجر ضمن ، والرجم يقتصر على زجره ، فإن رماه ضمنه.

ولو كانت مجرّدة فكالأجنبي ، ولو قتله في منزله ، فادّعى أنّه أراده ، أو ماله ، وأقام البيّنة بشهرة سيفه ، وإقباله عليه ، فلا ضمان.

وله أن يدفع الدابّة الصائلة ولا ضمان به. ولو انتزع المعضوض يده فسقطت الأسنان فلا ضمان ، وله التخلّص باللكم والجرح ، ويضمن لو تخطّى إلى الأشقّ مع التخلّص بالأسهل.

ولو ادّعى كلّ من المتجارحين قصد الدفع حلف المنكر وغرم.

ويضمن الزحفان العاديان ما يجنيانه ، ولو كفّ أحدهما فصال الآخر ضمن ، ولا يضمن

__________________

(١) قاله المفيد في المقنعة : ٧٩٠.

(٢) مال إليه المحقّق في الشرائع ٤ : ١٧٤.

(٣) قاله المفيد في المقنعة : ٧٩٠ ، والشيخ في النهاية : ٧٠٨ ، وابن سعيد الحليّ في الجامع للشرائع : ٥٥٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤١٥.

(٤) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٤٦٨ ، وعليه المحقّق في الشرائع ٤ : ١٧٥.

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ٦٣ / ٢٣٢ ، انظر الوسائل ٢٨ : ٣٦٣ باب ٣ من أبواب نكاح البهائم ووطء الأموات والاستمناء ، ح ١.

٣٣٢

الكافّ إن قصد الدفع ، واقتصر على ما يحصل به.

قيل : إذا أمر الإمام بالصعود إلى نخلة ، أو النزول إلى بئر فمات ، فإن أكرهه وكان لمصلحة عامّة كانت الدية في بيت المال (١) ، وإن لم يكرهه فلا دية ، وإن كان لخاصّة فالدية عليه مع الإكراه ، ولو أمر غيره فلا دية إلّا مع الإكراه.

وقيل : لو أدّب زوجته بالمشروع فماتت ضمن (٢) ، ولو أدّب الأب أو الجدّ له الصبيّ فمات فعليه الدية في ماله.

ولو أمره بقطع السلعة (٣) فمات فلا دية ، إلّا أن يكون مولى عليه فالدية في ماله.

وله أن يدفع عن نفسه وماله وحريمه بما استطاع ، ولو قتل كان شهيدا ، ولا يبدأ ما لم يتحقّق القصد إليه ، وله دفعه مقبلا ، ويكفّ مدبرا. ولو ضربه فعطّله لم يتمّم عليه. ولو قطع يده مقبلا فلا ضمان ، ولا في السراية. ولو ضربه أخرى مدبرا فالقصاص فيها إن اندملت ، وإن سرت واندملت الأولى فالقود ، ولو سرتا فالقود بعد ردّ نصف الدية. ولو قطع يده مقبلا ورجله مدبرا ويده مقبلا وسرى الجميع قيل : عليه ثلث الدية مع التراضي (٤) ، والقصاص بعد ردّ الثلثين. ولو قطع يده ورجله مقبلا ويده مدبرا وسرى الجميع فنصف الدية ، أو القصاص بعد ردّ النصف.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ١٧٩.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٦٦.

(٣) السلعة : خراج كهيئة الغدة .. قال الأطباء : هي ورم غليظ غير ملتزق باللّحم. المصباح : ٢٨٥ ، « سلع ».

(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٧٦.

٣٣٣
٣٣٤

كتاب الجراح والديات

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

يثبت القصاص في النفس بإزهاق المعصومة الكافية عمدا ظلما.

ويتحقّق العمد بقصد المكلّف إلى القتل بسببه غالبا ، والأولى في النادر إذا وقع به التحقّق لا بالقصد إلى الفعل الذي يتّفق به مع فقد قصد القتل.

ويتعلّق الحكم بالمباشرة ، كالذبح والخنق وسقي السمّ القاتل وضرب المحدّد والمثقل ، وغيرهما ، والجرح في المقتل ولو برأس الإبرة.

وبالتسبيب ، كرمي السهم وحجر المنجنيق والخنق بالحبل ولمّا يترك حتّى يموت ، أو يرسله منقطع النفس ، أو إذا حبس نفسه يسيرا لا يقتل بمثله غالبا ، مع قصد القتل على رأي ، ولا معه أو اشتبه الدية.

أو ضربه بعصا مكرّرا مالا يحتمله بالنسبة إلى بدنه وزمانه فمات ، أو دونه فمرض منه ومات. أو منعه الطعام والشراب ما لا يحتمل مثله البقاء فيه. أو طرحه في النار ، أو اللجّة وإن كان قادرا على الخروج ، إلّا أن يعلم تركه تخاذلا ، والوجه أنّه لا دية ، بل أرش ما جنته النار. أو جرحه فمات وإن ترك المداواة ، بخلاف ترك شدّ الفصد. والإلقاء في الماء إذا أمسك نفسه تحته مع القدرة على الخروج ، ولا دية.

أو سرت جراحة العمد ، أو ألقى نفسه عليه وهو يقتل غالبا ، وإلّا فشبيه العمد.

٣٣٥

ودم الملقي هدر.

أو أقرّ أنّه قتله بسحره على إشكال. أو قدّم له طعاما مسموما فأكله ولمّا يعلم ، وينتفيان معه ومع التمييز. أو جعل السمّ في طعام صاحب المنزل فأكله على إشكال. أو حفر بئرا في طريق ودعا جاهلا فوقع فمات. أو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت قبل وصوله على إشكال ، أو ألقاه إلى الحوت فالتقمه. أو أغرى به كلبا عقورا فقتله. أو ألقاه إلى أسد بحيث لا يمكنه التخلّص ، سواء كان في بريّة أو بنيان. أو أنهشه (١) حيّة قاتلا فمات ، أو ألقاها عليه فنهشته فمات.

ولو داوى المجروح نفسه بسمّيّ مجهز فالقاتل المجروح ، ويقتصّ من الجارح في الجراح ، وإن كان غير مجهز وغالبه السلامة فاتّفق الموت سقط عن الجارح نصف الدية ، وللولي القتل بعد ردّه ، وكذا لو كان غير مجهز والغالب معه التلف ، وكذا لو خلط جرحه في لحم حيّ فسرى منهما. ولو جرحه فقطع المجروح لحما ميّتا فلا اعتداد ، وبالحيّ يشارك ، ولو قطع إصبعه فأصابته آكلة فقطع المجروح كفّه خوفا شارك. ولو عضّه الأسد بعد الجرح وسر تا ثبت القود ، والأولى ردّ فاضل الدية ، وكذا لو شارك الأب ، أو اشترك عبد وحرّ في عبد.

ولو كتّفه وألقاه في مسبعة فافترس اتّفاقا فالدية. ويقدّم المباشر ، فلو أوقعه في بئر حفرها آخر ، أو قدّ المعترض المدفوع قبل وصوله ، أو قتل الممسك ، أو قتل مكرها بالغا عاقلا حرّا أو عبدا فالقاتل هو دون الحافر.

والموقع ، والممسك ، والمكره ، ويحبسان أبدا ، وتسمل عين الناظر.

ولو كان المأمور غير مميّز كالطفل والمجنون فالقصاص على المكره ، ولو كان مميّزا غير بالغ فلا قود ، والدية على عاقلة المباشر إن كان حرّا ، وإلّا تعلّقت برقبته ولا قود.

ولو قال : اقتلني وإلّا قتلتك حرم القتل ويسقط الضمان.

ولو أمر المميّز بقتل نفسه فلا شي‌ء على الملزم ، وفي تحقّق الإكراه إشكال ، ولو كان غير مميّز فالقود ، وفي العبد القيمة.

ويتحقّق الإكراه فيما دون النفس ، والقصاص على الآمر. ولو أكرهه على قطع يد أحدهما

__________________

(١) كذا في النسخ والصحيح نهشته حيّة.

٣٣٦

فعين المكره ، فالأولى توجّه القصاص على الآمر.

ولو أمره خليفة الإمام بالقتل فقتل عمدا ظلما اقتصّ من المأمور وإن اعتقد حقيّته.

ولو جرحه اثنان فاندمل أحدهما فالقاتل الآخر يردّ عليه دية المندمل ويقتل ، ولو ادّعاه أحدهما وصدّق الوليّ لم ينفذ في حقّ الآخر.

ولو جعل حياته غير مستقرّة وذبحه الآخر فعلى الأوّل القود ، وعلى الثاني دية الميّت ، ولو كانت حياته مستقرّة فالقاتل الذابح وإن كان جرح الأوّل ممّا يقتل غالبا ، أمّا لو قطع كفّه وآخر ذراعه فهلك فهما قاتلان.

ولو اتّحد الجاني دخلت دية الطرف في دية النفس إجماعا ، وفي تداخل القصاص خلاف ، أقربه التداخل إن كان بضربة واحدة ، وإلّا فلا. ولو جرح فسرى دخل.

ويتخيّر الوليّ في قتل الجماعة القاتلين بعد ردّ فاضل دية المقتول ، فيأخذ كلّ فاضل ديته عن جنايته ، وقتل بعضهم ، ويردّ الباقون دية جنايتهم ، فإن فضل للمقتولين فعلى الوليّ. وكذا في الأطراف.

وتثبت الشركة بفعل كلّ منهم ما يقتل لو انفرد ، أو ما يكون له شركة في السراية مع قصد الجناية ، ولا يعتبر التساوي ، فلو جرح واحد جرحا وآخر مائة تساووا ـ إن سرى الجميع ـ في القود والدية. وكذا في الطرف ، فلو انفرد كلّ منهم بقطع جزء من يده ، أو جعلا يده بين أليتهما واعتمدا ، فلا قصاص في اليد ، بل في الجرح.

ولو قتلته امرأتان قتلتا ولا ردّ ، ويردّ ـ لو كنّ أكثر ـ فاضل ديتهنّ بالسويّة إن تساووا في الدية ، وإلّا أكمل لكلّ واحدة فاضل ديتها عن أرش جنايتها.

ولو شارك امرأة فعليهما الدية نصفين ، وللوليّ قتلهما ، ويردّ على الرجل فاضل جنايته على رأي. وقتل المرأة ولا ردّ ، ويأخذ من الرجل قدر الجناية. وقتل الرجل ، فتردّ عليه المرأة قدر جنايتها على رأي. ويجب الردّ مقدّما فيما يثبت فيه.

ولو شارك عبدا في حرّ عمدا فللوليّ قتلهما ، ويردّ على الحرّ فاضل جنايته على رأي ، وعلى السيّد إن زادت قيمته. وقتل الحرّ ، ويؤدّي السيّد إلى ورثته قدر الجناية ، أو يسلّم العبد إليهم. وقتل العبد ، وردّ الحرّ الزائد عن جنايته إن كان ، وإلّا فعلى الورثة.

ولو كان المشارك امرأة فللوليّ قتلهما ولا ردّ ، إلّا أن تزيد قيمة العبد عن جنايته

٣٣٧

فيختصّ ، وقتل المرأة واسترقاق العبد ، إلّا أن يزيد فيردّ الزائد. وقتل العبد ، فتردّ المرأة دية جنايتها ، تعطى الولي أجمع ، أو ما فضل عن ردّ العبد إن زادت قيمته على الجناية ، إن فضل.

وتقتل المرأة بالحرّ ولا ردّ على رأي ، وبالعكس مع ردّ نصف الدية. ويتساويان في الأطراف قصاصا ودية ما لم يبلغ ثلث دية الحرّ فترجع إلى النصف فيقتصّ لها منه مع الردّ.

ويقتل العبد بالعبد وبالأمة ، والأمة به وبها ، يقتلان بالحرّ ، ولا يقتل حرّ بعبد ولا أمة ، وإن اختار الجاني ، ويغرم قيمتهما لمولاهما يوم القتل ، إلّا أن يتجاوز قيمة العبد دية الحرّ ، وقيمة الأمة دية الحرّة ، فيردّان إليها. ولو كان ذمّيّا لمثله لم يتجاوز قيمة الذكر دية الذمّي ، ولا بالأنثى دية الذمّيّة ، وإن اعتاد قيل : يقتل (١). وإن كان سيّدا غرم الكفّارة وعزّر ، وقيل : يتصدّق بقيمته (٢) ، وروي القتل مع العادة (٣).

ويقتل العبد بالحرّ ، وإن اختار الوليّ الاسترقاق فعل ، وليس لمولاه الفكّ مع كراهيّة الولي. ولا يضمن المولى ، ولو جرح فللمجروح القصاص ، ولو طلب الدية فكّه مولاه بها ، فإن امتنع استرقّه إن أحاطت ، وإلّا المساوي ، ولو اختار بيعه بيع ، وله من الثمن ما يساوي الأرش ، والزائد للمولى.

ولو قتل العبد مثله عمدا فالقود للمولى ، وله الاسترقاق إن طلب الدية وتساوت القيمتان ، أو نقصت قيمة القاتل ، ولا يضمن مولاه ، ولو تبرّع فكّ بقيمة الجناية ، وإن زادت فللمولى منه المساوي.

ولو أخطأ فللمولى الفكّ بقيمته ، والدفع وله الفاضل ، وليس عليه ما يعوز ، ولا يتخيّر مولى المقتول ، ويحلف الجاني على القيمة يوم القتل مع عدم البيّنة ، لا المولى.

والمدبّر كالقنّ يقتل في العمد ، وللوليّ الاسترقاق ، وفي الخطإ يفتكه مولاه بأرش الجناية أو يسلّمه للرقّ ، وفي عتقه بالموت حينئذ خلاف ، ومع العتق في السعي خلاف ، وهل السعي في قيمته أو دية المقتول؟ فيه خلاف.

والمشروط وغير المؤدّي كالقنّ ، والمؤدّي لو قتل مملوكا عمدا يسعى في نصيب الحرّيّة ،

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ١٩٠.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٧٥٢.

(٣) رواه الكليني في الكافي ٧ : ٣٠٣ / ٥ انظر الوسائل ٢٩ : ٩٤ باب ٣٨ من أبواب القصاص في النفس ، ح ١.

٣٣٨

ويسترقّ في نصيب الرقّيّة أو يباع ، وفي الخطإ يتعلّق بالإمام نصيب الحرّيّة ، ويتخيّر مولاه في الباقي بين الفكّ والتسليم للاسترقاق.

ولو قتل العبد مولاه جاز للوليّ القصاص. ولو قتل عبدا لمولاه فله القتل ، وكلّ موضع للمولى الفكّ فإنّما يفكّه بأرش الجناية ، وقيل : بأقلّ الأمرين (١).

وقيمة العبد تقسّم على أعضائه كالحرّ ، ففي الواحد كمال القيمة ، وفي الاثنين الكمال ، وفي كلّ النصف.

وما لا تقدير في الحرّ ففي العبد الأرش.

أمّا الغاصب إذا ذهبت يد العبد لا بجنايته ففيه الأرش وإن كان ثلثي القيمة ، ولو اتّحد فعليه أكثر الأمرين. ويتخيّر المولى ـ لو جنى الحرّ بما فيه القيمة ـ بين الدفع وأخذها ، وبين الإمساك ولا شي‌ء. ولو قطع يده فللمولى نصف القيمة ، وكذا في غير المستوعب ، ولو قطع آخر رجله فله إمساك كلّ بالنصف ولا دفع على رأي.

ولو قتل حرّ حرّين فلأوليائهما قتله خاصّة. ولو قطع يمين رجلين قطعت يمينه بالأوّل ويسراه بالثاني ، فلو قطع يد ثالث ، قيل : الدية (٢) ، وقيل : الرجل (٣) ، وكذا الرابع. ولو قطع ولا يد ولا رجل فالدية.

ولو قتلهما عبد مرتّبا فهو لأولياء الأخير ، وروي الاشتراك ما لم يحكم للأوّل (٤). ويكفي في الاسترقاق اختيار الوليّ الرقّ ، ولا يفتقر إلى الحاكم ، وإذا اختار وليّ الأوّل وقتل بعده فللثاني.

ولو قتل عبد عبدين لمالكين مختصّين عمدا اشتركا ، إلّا أن يتخيّر الأوّل الرقّ فللثاني على رأي ، ولو اختار الأوّل المال وضمن المولى فللثاني القتل ، ويبقى المال على المولى ، ولو لم يضمن ورضي الأوّل بالرقّ تعلّق به حقّ الثاني ، فإن قتل سقط الأوّل ، وإن استرقّ اشتركا.

__________________

(١) قاله الشيخ في الخلاف ٥ : ١٤٩ المسألة ٥.

(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٣٩٧.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٧٧٢ ، انظر الشرائع ٤ : ٢١٩.

(٤) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ١٩٥ / ٧٧٥ ، انظر الوسائل ٢٩ : ١٠٤ باب ٤٥ من أبواب القصاص ، ح ١.

٣٣٩

ولو قتل واحدا لاثنين ، وطلب واحد القيمة استرقّ نصيبه ، وللآخر القود مع ردّ قيمة حصّة شريكه.

ولو قتل عبدان عبدا فللمولى قتلهما وأداء ما فضل عن جناية كلّ واحد منهما إلى مولاه إن ثبت ، ولو طلب الدية تخيّر مولى كلّ واحد بالفكّ والتسليم للرقّ مع الاستيعاب ، وقدر جنايته لا معه. وقتل واحد ، ويردّ الآخر قدر جنايته إلى المقتول ، فإن لم ينهض بقيمته أتمّ مولى الأوّل الناقص أو قتل المساوي.

ولو قتل العبد حرّا عمدا فأعتق صحّ ، وفيه وجه آخر ، ولا يسقط القود ، وكذا البيع والهبة. وفي الخطإ لا يصحّ ، إلّا أن يتقدّم ضمان الدية أو دفعها على قول (١). ولو خرج الحرّ مملوكا فسرت فللمولى القيمة كملا ، ولو تخلّل العتق فللمولى الأقلّ من قيمة الجناية والدية عند السراية ، كما لو قطع يده المساوية خمسمائة وتحرّر ، وقطع آخر أخرى ، وثالث رجله ، وسرى الجميع ، وقيل : له هنا الأقلّ من ثلث القيمة وثلث الدية ، ولا قود ، ولورثة العبد ما زاد عن قيمة الجناية (٢). ولو قطع آخر رجله بعد العتق وسرى الجرحان ، فعلى الأوّل الدية ، وعلى الثاني القصاص بعد الردّ. ولو اتّحد القاطع فعليه نصف قيمته وقت الجناية للمولى ، والقصاص في الجناية حال الحرّيّة أو الدية للمعتق خاصّة ، ولو سر تا ثبت القصاص في الرجل ، والأولى القصاص في النفس بعد ردّ ما يستحقّه المولى. ولو اقتصر على الرجل فللمولى نصف قيمة المجني عليه وقت الجناية ، والفاضل للوارث إن زادت ديتها عن نصف القيمة.

ولا يقتل مسلم بكافر ، حربيّا كان أو ذمّيّا أو مستأمنا ، بل يعزّر ويغرم دية الذمّي ، وقيل : يقتل بالذمّي إن اعتاد بعد الردّ (٣). ويقتل الذمّي بمثله ، وبالذمّيّة بعد الردّ ، والذمّيّة بمثلها وبه ولا ردّ.

ولو قتل الذمّي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أوليائه ليسترقّوه أو يقتلوه ، وقيل : يسترقّ أولاده الصغار (٤). ولو أسلم قبل الاسترقاق لم يكن إلّا القتل.

__________________

(١) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٣٥٨.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٣٩ ـ ٤٠.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٧٤٩.

(٤) قاله ابن حمزة في الوسيلة : ٤٣٥.

٣٤٠