تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

[ الفصل ] الخامس

يشترط في الوكالة الإيجاب والقبول ـ وإن تأخّر قولا وفعلا ـ وجواز تصرّفهما ، والتنجيز ، ويجوز تعليق التصرّف ، ولا اعتبار برضى الغريم.

وهي جائزة من الطرفين ، ولو لم يعلمه العزل لم ينعزل على رأي ، فلو اقتصّ الوكيل بعد العزل من دون العلم وقع موقعه ، ولو كان بعد العفو من دونه ضمن ، ويرجع على الموكّل ، ولا يفتقر عزل الوكيل نفسه إلى علم الموكّل.

وتبطل بالموت والجنون ، والإغماء منهما ، والحجر على الموكّل فيما يمنعه الحجر ، وموت أحد الوكيلين المشروط اجتماعهما ، ومع الحياة لا يتصرّف أحدهما منفردا ، وكذا لو أطلق ، ولو نصّ على الانفراد صحّ.

وفعل الموكّل متعلّق الوكالة ، وتلفه ، ولو قال : اقبض حقّي من فلان فمات بطلت ، ولو أتى بـ « على » لم تبطل. ومن عليه دين إذا أمر بشراء شي‌ء به برئ عند التسليم ، وكذا الوكيل يبرأ عنده لو تعدّى في المأذون في بيعه.

وإطلاق الوكالة يقتضي البيع بثمن المثل حالّا بنقد اليد ، وتسليم المبيع والثمن في الشراء ، وشراء الصحيح ، ولو خالف وقف على الإجازة ، وتستعاد العين مع بقائها ، أو القيمة أو المثل مع تلفها إن أنكر المالك قدر الثمن بعد يمينه ، فإن وافق المشتري الوكيل على الثمن وتلف السلعة في يد المشتري بتسليم الوكيل رجع البائع على أيّهما شاء ، ويرجع الوكيل على المشتري إن رجع عليه بالأقلّ من ثمنه وما اغترمه ، وليس لوكيل البيع خاصّة قبض

١٢١

الثمن ، ويملك الردّ بالعيب ، وليس لوكيل الحكومة قبض الحقّ ، ولا العكس.

ويجوز للمكاتب التوكيل ، وللقنّ أن يتوكّل في شراء نفسه ، وأن يوكّل فيما يملكه كالطلاق ، وكذا المحجور عليه ، وللمأذون في التجارة أن يوكّل فيما تقضي العادة بالتوكيل فيه ، ولوليّ الطفل والمجنون ، وللحاكم عن السفيه ، وللغائب في الطلاق ، وللحاضر على رأي ، وللوكيل مع الإذن ومع إطلاق المشيئة ، فإن وكّل عن موكّله فهما مستقلّان ، لا تبطل بموت أحدهما وبعزله وكالة الآخر ، وإن وكّل عن نفسه كان له عزله ، ولو مات الأوّل بطلت وكالته.

ويستحبّ لذوي المروءة التوكيل ، وتوكيل العارف ـ ولا يصحّ نيابة المحرم ، وقبولها في المحرّم عليه ـ وللمرأة أن تتوكّل في طلاق نفسها على رأي ، وغيرها ، وعقد النكاح ، وللعبد في عتق نفسه ، ومع إذن مولاه في غيره ، وللمكاتب بجعل.

ومسائل الوكالة بالنسبة إلى الإسلام والكفر ثمان ، فكل ما يثبت فيه حكم الكفر على الإسلام باطل ، وهو صورتان ، والباقي جائز ، عدا وكالة المسلم للذمّي على المسلم ، فإنّه مكروه على رأي ، ولو ارتدّ الوكيل لم تبطل وكالته ، وكذا لو وكّل زوجته أو عبده ثمّ طلّق وأعتق ، ولو أذن لعبده ثمّ أعتقه بطل الإذن ، ولا يتعدّى الوكيل المأذون إلّا إذا باع في سوق مأمور بغيرها ، ولا ينتقل إلى الوكيل ، ويقضى عليه بما يشتريه إذا لم يذكر الموكّل وأنكرها ، ويكون الشراء للموكّل باطنا مع صدق الوكيل ، فإن قال الموكّل : إن كان لي فقد بعته للوكيل صحّ ، وإلّا استوفى الوكيل ما أدّى ، ورجع بالباقي على الموكّل أو دفعه ، ولو ذكره وأنكر أو كان يبطل الشراء بالنسبة إليه لم يقع عن أحدهما.

وكلّ ما لا غرض للشارع في مباشرته كالبيع صحّ فيه التوكيل ، بخلاف ما قصد به المباشرة كالصلاة.

ولا تثبت الوكالة إلّا بشاهدين اتّفقت على عقد واحد ، ولو شهدا في تأريخين إيقاعا أو بعبارتين كالعربيّة والعجميّة ، أو أحدهما بلفظ الوكالة والآخر بلفظ الاستنابة لم يقبل ، ولو شهدا بالإقرار في الكلّ قبلت ، ويقضي الحاكم بعلمه ، ولو صدّق الغريم الوكيل فيها والموكّل غائب وكان المدّعى عينا لم يؤمر بالتسليم ، ومعه لو أنكر المالك الوكالة وتلفت رجع على أيّهما شاء ، ولا يرجع أحدهما على الآخر ، ولو كان دينا لم يؤمر بالتسليم على إشكال ، إلّا أنّ الرجوع يختصّ بالغريم ، ويرجع هو على الوكيل مع البقاء والتلف بالتفريط ، ولا يضمن لو

١٢٢

تلف بغير تفريط ، ولو كذّبه لم يتوجّه عليه يمين.

ولا يضمن الوكيل إلّا مع التفريط ، ولا تبطل وكالته ، ولو طالبه فأخّر التسليم مع المكنة ضمن ، ولا يضمن مع عدم أحدهما.

وكلّ من في يده مال له الامتناع من التسليم حتّى يشهد صاحبه بالقبض.

والقول قول منكر الوكالة ، وقول الوكيل في التفريط والتلف ومطالبة الموكّل ، ودعوى الابتياع له أو للموكّل ، وقول الموكّل في دفع المال إليه ، بخلاف وليّ الطفل في الإنفاق ، وفي التصرف على رأي ، وفي قدر ثمن المبيع.

ولو زوّجه فأنكر الوكالة فالعقد باطل ظاهرا ، ويطلق مع صدق الوكيل وجوبا ، ويدفع نصف المهر.

وللبائع أن يطالب بالثمن المشتري الوكيل إن جهل الوكالة ، والموكّل إن علمها ، ولو ادّعى الغريم عزل الوكيل أو الإبراء فلا يمين ، إلّا أن يدّعي العلم ، ولو شهد ولد الموكّل بالعزل لم يقبل ، ولو قبض الوكيل مع عدم البيّنة وتلف فحضر الموكّل وادّعى العزل وعلم الوكيل وشهد أبناؤه قبل.

فلو أقرّ الوكيل بقبض الدين من الغريم وصدّقه وأنكر الموكّل قيل : القول قوله (١).

ولو أقرّ الوكيل بقبض ثمن المبيع المأمور به وبتسليمه وبقبض ثمنه ثمّ تلف وصدّقه المشتري فالقول قول الوكيل ، لأنّه الغارم ، حيث سلّم ولم يأخذ الثمن ، فلو ظهر به عيب ردّه على الموكّل على رأي ، ويجوز أن يأذن لوكيله في بيع ماله من نفسه.

ولا يضمن الوكيل في الإيداع إذا لم يشهد ، وكذا في قضاء الدين على رأي ، ويجوز أن يوكّل على كلّ قليل وكثير على رأي ، ويقتصر الوكيل على المصلحة ، ولو وكّله في شراء عبد افتقر إلى وصفه ، ومع الإطلاق يصحّ على رأي ، وفي صحّة التوكيل بالإقرار إشكال ، ينشأ من أنّ الإقرار إخبار ، وإخبار الرجل عن غيره لا يثبت إلّا بشهادة ، وهي منفيّة هنا ، وعلى التقديرين فليس التوكيل بالإقرار إقرارا.

ولو أعطاه مالا ليشتري به شيئا فصرفه في غيره صار قرضا ، وبطلت وكالته ، ولو عزل من

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٤٠٣.

١٢٣

ماله متساويه واشترى به المأمور وقع الشراء له دون الموكّل.

وقيل : الأحوط أنّه لا تجوز وكالة الواحد عن المتخاصمين (١) ، ولو وكّله في شراء عبد فاشترى نصفه بنصف الثمن لم يصحّ ، وكذا لو اشتراه بالثمن صفقتين ، ولو وكّله في شراء عبدين صحّ صفقة وصفقتين إلّا أن يعيّن الواحدة ، ولو وكّله في شراء طعام ، قيل : انصرف إلى الحنطة دون الشعير للعادة (٢) ، ولو وكّله في شراء خبز انصرف إلى غالب البلد.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٣٨٢.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٣٩٩.

١٢٤

[ الفصل ] السادس

يشترط في الحجر على المفلّس ثبوت الديون عند الحاكم ، وحلولها ، والتماس أربابها الحجر ، وقصور ماله عنها ، ولو تصرّف بعده كان باطلا ، ولو أقرّ بدين سابق شارك صاحبه ، ولو أقرّ بعين لم تدفع إليه على رأي ، وله التزام بيع الخيار وفسخه ، ولو اقترض بعد الحجر أو اشترى في الذمّة ، أو أقرّ بلا حقّ ، أو أقرّ ولم يذكر السبب فلا مشاركة ، ويثبت في الذمّة ، ويشارك من أتلف ماله بعد الحجر ، ولو أقرّ بنسب صحّ وأنفق عليه من بيت المال لا من ماله.

ومن وجد منهم عين ماله فله أخذها ، ولو لم يكن سواها بخلاف الميّت ، فإنّه لا يأخذها إلّا مع الوفاء ، وله الضرب مع الباقي ، وقيل : الخيار على الفور (١) ، ولو وجد بعض المبيع سليما أخذه بحصّته من الثمن وضرب بالباقي ، ولو كان معيبا استحقّ أرشه وضرب بأرشه ، ولو كان من قبله تعالى أو من قبل المشتري تخيّر بين أخذه بالثمن وتركه ، ولو قبض بعض ثمن المبيع تخيّر بين الضرب بالباقي وأخذ ما قابل المتخلّف من العين.

والنماء المنفصل للمشتري ، ولو كان متّصلا لم يكن له أخذ العين. ولو أفلس من اشترى شقصا أخذ الشفيع وضرب البائع بالثمن مع الغرماء. وللمؤجر الفسخ إذا أفلس المستأجر وإن بذل الغرماء ، ولو باع الأرض واستعادها بالإفلاس بعد الغرس لم يكن له قلعه ، ولا مع أرشه ، بل يباعان ، وكذا في الثوب بعد صبغه ، ومع امتناعه يباع الغرس منفردا.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٢٥٠.

١٢٥

ولا يبطل حقّ صاحب العين بالخلط بالمساوي والأرداء ، والتصرّفات التي لا تخرجها عن العين ، ويضرب المشتري سلما بالثمن أو بقيمة المبيع ، ويتعلّق حقّ الغرماء بالدية ، ولا يتعيّن عليه أخذها في العمد ، ولو كان له دار غلّة أو جارية وجب أن يؤجّرها ، وليس للغرماء أن يحلفوا مع شاهد المفلّس بحقّ له على رأي ، ويجب الإنظار مع الإعسار ، ولا يجب مؤاجرته ولا استعماله.

ولا تباع داره التي يسكنها ، ولا خادمه ، وتقدّم مؤنته ومؤنة عياله إلى يوم القسمة ، وكفنه.

ويستحبّ إحضار كلّ متاع سوقه ، وحضور الغرماء للزيادة ، والبداءة ببيع المخشيّ تلفه ، والتعويل على مناد يرتضيه المفلّس والغرماء ، وعلى المفلّس أجرة الدلّال من ماله.

ولو ظهر غريم نقضت القسمة ، ويقسّم على الحالّ دون المؤجّل ، والمجنيّ عليه أولى بالجاني من الغرماء ، ولو طلب مولاه الافتكاك فللغرماء المنع ، ولو ماطل مع الغنى حبسه الحاكم أو باع ، ولا يحلّ حبسه بدونه ، ولا يثبت إعساره مع الإنكار إلّا بالبيّنة إلّا إذا لم يكن له مال ظاهر ، ولا كان أصل الدعوى مالا ، فيثبت باليمين ، ومع القسمة يجب إطلاقه.

ويزول الحجر بالأداء.

والصغر سبب للحجر إلّا مع البلوغ والرشد ، ويعلم الأوّل بالإنبات والمنيّ ، وبلوغ خمس عشرة سنة في الذكر ، وتسع للأنثى ، والخنثى المشكل بخروج المنيّ منهما ، أو من الذكر ، والحيض من الآخر ، أو بالأوّل أو بخمس عشرة ، والحيض والحمل دليلان.

ويثبت رشد الرجال بشهادتهم المستندة إلى الاختيار الواجب قبل البلوغ على رأي ، ورشد النساء بهما.

والسفيه الذي يصرف ماله في غير غرض صحيح يحجر عليه فيه ، ويجوز له النيابة في البيع والشراء ، ولا يثبت الحجر عليه وعلى المفلّس إلّا بحكم الحاكم.

والولاية في مالهما للحاكم لا غير ، وللأب والجدّ ولاية على الطفل والمجنون ، فإن لم يكونا فللوصيّ ، فإن لم يكن فللحاكم.

وللسفيه أن يحجّ تطوّعا إن قدر على الاكتساب ، أو استوت نفقته ، وللوليّ مع عدمهما أن يحلّله ، وفي الواجب يحجّ مطلقا. ولو أذن له الوليّ في النكاح أو باع فأجاز صحّ ، ولو نكح من غير إذن صحّ العقد مع الحاجة ، فإن زاد عن مهر المثل بطل الزائد ، ولا يزول حجره إلّا

١٢٦

بحكم الحاكم ، ولو اشترى فالبيع باطل ، ويأخذه صاحبه ، وإن تلف بعد قبض مأذون فيه كان تالفا وإن زال حجره ، ولو أتلف الوديعة لم يضمن على رأي ، وتنعقد يمينه ، ويكفّر بالصوم. ويجوز عفوه عن القصاص لا الدية ، ولا يصحّ بيع الصبيّ قبل بلوغه ، وقيل : للمرأة المطالبة بفسخ النكاح مع إعساره عن النفقة (١) ، فإن بذلت عنه لم تجبر على قبوله ، وكذا من عليه دين لا يجبر صاحبه بقبضه من غيره.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٢٥١. ونسب هذا القول في موضع آخر إلى المخالف ، واعتمد هو وجوب الصبر إلى أن يوسّع الله عليه ، المبسوط ٦ : ٢١.

١٢٧
١٢٨

كتاب الإجارة والوديعة ولواحقهما

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

تفتقر الإجارة إلى الإيجاب والقبول ، وجواز تصرّف المتعاقدين ، وعلمهما بالعوضين ، وتعيين أجل الأجرة إن اشترط ، وكذا في النجوم ، وملك المنفعة ، وإباحتها ، والقدرة على تسليمها ، ولو قال : بعتك ونوى الإجارة لم يصحّ ، وكذا لو قال : بعتك سكناها سنة.

وهي لازمة من الطرفين ، ولا تبطل بالبيع ، ولا بالعذر متى أمكن الانتفاع ، كمستأجر الجمل للحجّ فيبدوا له ، أو لمرض ، أو البيت ليبيع غلّته فتسرق ، ولا بالموت على رأي.

وتصحّ إجارة كلّ عين مملوكة ينتفع بها مع بقائها ، والمشاع والأرض لتعمل مسجدا ، والدراهم والدنانير ، والمزوّق للتنزه على قول (١) ، والكلب للصيد وحفظ الماشية والزرع ، ولو استأجره للاحتطاب أو للاحتشاش أو الاصطياد مدّة صحّ.

ويملك المستأجر ما يحصل فيها ، ولو استأجره لاصطياد شي‌ء معيّن لم يصحّ. ولو استأجر المسلم أرض الحربي المملوكة له ثمّ فتحت لم تبطل الإجارة مع ملك المسلمين. ولو استأجره لقلع الضرس فمضت مدّة يمكن فيها إيقاعه ثبتت الأجرة ، بخلاف ما لو زال الألم عقيب العقد.

ولا يضمن المستأجر العين إلّا بالتفريط ، ولو اشترط على رأي ، ويضمن الصانع إذا

__________________

(١) ذهب إليه ابن إدريس في السرائر ٢ : ٤٧٩.

١٢٩

أفسد ، ولو تلف في يده لا بسببه لم يضمن ، ولا يضمن الملّاح والمكاري من غير تفريط ، ولو أفسد المملوك المأذون فيها لزم المولى في سعيه ، ولو أعتق أتبع به ، ولا يضمن الأجير مع هلاكه لو تسلّمه ليعمل له صغيرا وكبيرا ، ويسقي المستأجر الدابّة ويعلفها ويضمن مع العدم ، ولو سار عليها زيادة ضمن. ولا يضمن صاحب الحمّام مع عدم الوديعة والحفظ ، ولو استأجر لمقدار فبان أزيد وكان المعتبر المستأجر لزمه أجرة الزيادة وضمان الدابّة ، وإن كان المؤجر فلا أجرة ولا ضمان ، وإن كان أجنبيّا لزمته الأجرة ، ويكفي العلم بالمشاهدة للأجرة فيما يكال أو يوزن من دونهما على رأي.

وتملك بالعقد ، وكذا المنفعة ، ومع الإطلاق يعجّل.

وللمؤجر الفسخ والمطالبة بالعوض مع سبق العيب في المضمونة ، والردّ أو الأرش في المعيّنة ، ولواجد العيب في العين المستأجرة الفسخ والرضا بالجميع ، فلو منعه المؤجر سقطت الأجرة ، قيل : ويطالب بالتفاوت (١) ، ولو منعه الظالم قبل القبض فله الفسخ ، ولو كان بعده فلا فسخ ، ومع الانهدام يفسخ المستأجر ويرجع بنسبه ما تخلّف.

ولا تبطل الإجارة بعتق العبد ، قيل : ولا يرجع على مولاه بأجرة زمان العتق (٢) ، ولو بلغ الصبيّ في أثناء مدّة إجارته فسخ أو عمل ، ولو استأجر الآبق بطلت ، ولو تجدّد فله الفسخ ، ولو شرط للعبد غير الأجرة لم يلزمه ، فإن أعطاه فهو لمولاه ، ولو استأجر المسكن لإحراز الخمر لم يصحّ ، وكذا كلّ محرّم.

ويجوز اشتراط الخيار ، وأن يؤجر ما استأجر بأكثر أو أقلّ على رأي ، ولو اشترط سقوط الأجرة إن لم يحمل المتاع إلى المعيّن في الوقت المشترط بطلت ، وله أجرة المثل ، وكذا كلّ موضع تستوفي المنفعة وتبطل الإجارة ، ولو شرط سقوط البعض لزم ، ولو استأجر كلّ شهر بكذا بطلت على رأي ، ولو قال : إن خطته كذا أو اليوم فدرهم ، وكذا أو في غد فدرهمان صحّ على رأي ، ويستحقّ الأجير الأجرة بالعمل ، وقيل : إن كان في ملكه افتقر إلى التسليم (٣) ، ولو أسقطها بعد الثبوت صحّ ، بخلاف المنفعة المعيّنة.

ويكره استعماله قبل المشارطة ، ولو أمر الأجير المستأجر بوضع الأجرة عند عدل فهي

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ١٤٧.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٣٩ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٤٧٢ ، والمحقّق في الشرائع ٢ : ١٤٩.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

١٣٠

من ضمان الأجير ، وللمستأجر أن يؤجر إلّا مع التخصيص ، فيضمن حينئذ ، وإجارة المتبرّع موقوفة ، ولو قدّر المنفعة بالعمل والوقت بطلت على رأي ، ولو استأجره في شهر مطلق بطلت ، ويصحّ في شهر معيّن متأخّر على رأي ، ولو استأجره مدّة لم يجز له العمل بغيره ، بخلاف ما لو استأجره للعمل مطلقا.

ولا يشترط استيفاء المنفعة كالسكنى مع التمكين ، وتستقرّ الأجرة وإن لم ينتفع ، وأجرة المثل إن كانت فاسدة معه ، ولو تلفت العين قبل انقضاء بعض مدّة الانتفاع بطلت ، وكذا لو تلفت الأجرة المعيّنة قبل القبض ، ولو دفع إليه سلعة ليعمل فيها ما تجري عادته الاستئجار له فله أجرة المثل ، وإن لم يكن وكان العمل ماله أجرة عادة فله أيضا ، وإلّا فلا.

ويشترط العلم بالدابّة وبالمحمول كيلا ، أو وزنا ، أو مشاهدة ، وأنّه مكشوف أو لا ، وجنس الغطاء ، وتعيين قدر الزاد المحمول ـ ومع فنائه ليس له حمل بدله ـ ومشاهدة الدولاب إذا استؤجر للدوران فيه ، والأرض المكروبة والمسكونة ، وتعيين وقت السير ، وسعة البئر ، وقدر نزولها وأرضها ، ومشاهدة المرتضع دون موضع الرضاع ، ولو مات الصبيّ أو المرضعة بطلت دون موت الأب على رأي ، ويجوز أن يستأجر زوجته لرضاع ولده ، وأن تؤجر نفسها لإرضاع ولد غيره بإذنه ، فليس للمستأجر منع زوجها من وطئها ، فلو أرضعته بلبن شاة أو غيرها فلا أجرة لها.

ويلزم مؤجر الدابّة ما تحتاج في الركوب إليه ، وما تتوقّف عليه المنفعة فعلى المؤجر كالخيوط ، والمداد والكحل على المستأجر لا الكحّال ، وتدخل المفاتيح في إجارة الدار ، ولو انهارت البئر لم يلزم الأجير إزالته ، ولو حفر بعض المشترط فله حصّته من الأجرة بالنسبة إلى أجرة المثل على رأي ، ولا يجب تقسيط الأجرة على أجزاء المدّة.

والقول قول المالك في عدم الإجارة ، وفي قدر المستأجر وفي ردّه ، وفي ادّعاء الإذن في قطع الثوب قميصا لو ادّعى المستأجر خلافه ، وليس للخيّاط فتقه إذا لم تكن الخيوط منه ، ولا أجرة له ، وعليه التفاوت بين كونه صحيحا وبين كونه مقطوعا قباء ، وقيل : بين كونه مقطوعا قباء وقميصا (١) ، والأوّل أولى ، سواء حلف على النفي أو على الإثبات.

وقول المستأجر في قدر الأجرة على رأي ، وفي الهلاك ، وقدر قيمته ، والتفريط.

__________________

(١) حكاه الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٤٨.

١٣١

[ الفصل ] الثاني

يشترط في المزارعة والمساقاة : الإيجاب والقبول ، وجواز التصرّف لهما ، واشتراكهما في الفائدة ، وشياعها ، وتعيين المدّة ، وأن تكون الأرض ممّا ينتفع بها في المزارعة ، بأن يكون لها ماء إن زارع أو استأجرها للزراعة ، وإلّا فلا يشترط ، وإن انقطع في أثنائها فللمزارع الخيار ، وعليه أجرة ما سلف بالتقسيط بالنسبة إلى أجرة المثل ، ويرجع بما قابل المتخلّف ، فإن وجد قبل الفسخ فلا فسخ ، كالعيب ـ إذا زال قبل الردّ ـ في المبيع ، وكذا لو غرقت بغير جناية أحد بحيث لا يمكن زرعها.

وهما لا زمان لا ينفسخان إلّا بالتقايل ، ولا يبطلان بالموت ، ولو شرط أحدهما الانفراد بشي‌ء والمشاركة في المتخلّف بطلت ، ولو شرط إخراج البذر وسطا صحّ على رأي ، وإلّا كانت الغلّة على ما اتّفقا عليه.

ويكره اشتراط الذهب وغيره ، ولو ذكر المزروع من غير مدّة أو عيّنت وشرط في العقد تأخير الزرع إن بقي بعدها بطلت ، ولو مضت المدّة والزرع باق فللمالك الإزالة ، ولو تركها فله أجرة المثل.

ويكره إجارة الأرض للزراعة بشي‌ء ممّا يحصل منها ، والأولى البطلان ، وأن يؤجرها بالأكثر من غير حدث ، ولو عيّن المزروع لزم ، وإلّا ساغ مطلقا ، ولو استأجر للزراعة ما لا ينحسر عنه الماء بطلت ، وكذا إن كان ينحسر على التدريج. ولو استأجر للغرس ما يبقى

١٣٢

بعد المدّة غالبا فللمالك الإزالة مع الأرش على رأي ، وقيل : مطلقا (١).

ويصحّ في المزارعة أن تكون من أحدهما الأرض ، ومن الآخر البذر والعوامل والعمل ، وكذا إن كان من أحدهما العمل والأرض ، والبذر من الآخر ، ولو اختلفا في المدّة فالقول قول منكر الزيادة ، ولو اختلفا في الحصّة فالقول قول صاحب البذر ، ومع تعارض البيّنتين فالقول قول العامل ، ولو قال الزارع : أعرت ، وادّعى الآخر حصّته ، فالقول قول صاحب الأرض ، وله أجرة المثل ، وعليه التبقية ، وفي ادّعاء الغصب له الإزالة وأرش الأرض والتسوية ، وللزارع المشاركة. وأن يزارع غيره ، إلّا مع شرط الاقتصار.

وخراج الأرض ومئونتها على ربّها إلّا مع الشرط. والزكاة على كلّ واحد منهما إن بلغ نصيبه النصاب على رأي.

ويجوز الخرص فإن قبل المزارع استقرّ بشرط السلامة من الآفات السماوية والأرضيّة على رأي.

وتجوز المساقاة قبل الظهور وبعده إن بقي للعمل فائدة في زيادة النماء ، وإنّما يساقي على أصل نابت له ثمرة ينتفع بها في المدّة ، ويملك الفائدة بالظهور. ويجب على العامل كلّما يزداد به النماء كآلات السقي والحرث والحبال ، والكشّ على رأي ، إلّا أن يشترط إلّا العمل ، فيبطل لو اشترط الجميع بخلاف البعض ، ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك جاز ، وكذا لو شرط عمله له ، وقيل : لو شرط أن يعمل معه المالك لم يجز (٢).

ويكره أن يشترط على العامل ذهبا أو فضّة ، ويلزم بشرط السلامة.

وعلى المالك عمل الجدار ، وما يستقى به ، وخراج الأرض إلّا مع الشرط ، قيل : ولا يجوز للعامل مع اشتراط حصّة من النماء اشتراط بعض الأصل (٣). ولو شرط أحدهما الانفراد بالنماء ، أو شرط معيّنا وما زاد بينهما ، أو ما فضل عنه فللآخر بطلت ، وكذا في المزارعة. ويجوز أن يفاضل في الحصّة من الأنواع ، ولو عيّن حصّة العامل وسكت صحّ ، بخلاف العكس.

__________________

(١) حكاه الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٦٥.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٢١١.

(٣) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ١٢٥.

١٣٣

وكلّ موضع يفسد فيه المساقاة فللعامل الأجرة ، وكذا في المزارعة إلّا أن يكون البذر من العامل فله الزرع وعليه أجرة الأرض ، ويجوز أن يساقيه على بستان بشرط أن يساقيه على آخر ، وأن تختلف حصّة العامل من الشريكين بعد علمه بنصيب كلّ منهما. ولو هرب العامل وبذل عنه العمل فلا خيار ، وإلّا فلصاحب الغرس الفسخ والإشهاد بالرجوع عليه بما يستأجره عنه.

والقول قول العامل في الخيانة ، والإتلاف والتفريط ، ومع ثبوتها فللمالك رفع يده عن حصّته. وإن استأجر للحفظ لزم المالك ، والقول قول المالك في الحصّة ، وللعامل الأجرة على المساقي إن بان الاستحقاق. ولو اقتسما النماء وتلف رجع المالك على الغاصب ، ورجع هو على العامل بالحصّة ، ورجع العامل عليه بالأجرة ، وله الرجوع عليهما ، ولا يختصّ الرجوع بالعامل إلّا مع العلم ، وليس للعامل أن يساقي غيره.

ولو دفع أرضا ليغرسها على الشركة فالغرس لصاحبه ، ولصاحب الأرض القلع والأجرة ، وعليه الأرش.

ويجوز لمن اشترى مراعي بيعها بأكثر من ثمنها ، وأن يرعى معهم على رأي.

١٣٤

[ الفصل ] الثالث

تثبت الشركة بامتزاج المالين الرافع للاثنينيّة ، وإنّما يحصل في المختلف بالإرث ، أو أحد العقود الناقلة. وتكره شركة المسلم للكافر. ولا تصحّ بالأعمال ، ولا بالوجوه ، ولا بالمفاوضة ، وتقسّم أجرة عملهما عليهما إن لم يعلم ، وإلّا انفرد كلّ منهما بأجرته ، ولو احتشّ لغيره وله اختصّ به ولا أثر للنيّة ، ويختصّ كلّ واحد بما حاز ، ولو اقتلعا شجرة تحقّقت الشركة ـ قيل : ولا يفتقر المحيز في تملّك المباح إلى نيّة (١) ـ ومع التساوي في المالين يتساويان في الربح والخسران ، ومع تفاوتهما يتفاوتان ، وهل ينعكس مع الشرط؟ خلاف ، إلّا إذا كان الفاضل للعامل منهما. ولا يجوز التصرّف لأحدهما إلّا مع الإذن ، ويجوز الرجوع ويقتصر على المأذون فيه ، ويضمن مع التعدّي.

وهي جائزة من الطرفين ، فلو فسخ أحدهما انفسخت ـ بمعنى عدم التصرّف ـ ويجوز للفاسخ إلّا أن يفسخ الآخر ، ولا يصحّ فيها التأجيل ، وليس لأحدهما المطالبة بحصّة من رأس المال المشترى به ، بل يقتسمان الأعواض ، وكذا ليس له المطالبة بمال النسيئة. ولو قال أحدهما : خذ الربح والخسران ، والنقد والنسيئة ، ويأخذ الآخر رأس ماله واصطلحا عليه جاز.

والشريك أمين لا يضمن ، والقول قوله في التلف والتفريط والخيانة ، وتبطل بالجنون

__________________

(١) اختاره الشيخ في المبسوط ٢ : ٣٤٦.

١٣٥

والموت ، والقول قول المشتري في اختصاص الشراء واشتراكه ، ولو باع أحدهما سلعة وصدّق الآخر المشتري في إعطاء الثمن برئ من حصّته ، وقبلت شهادته على البائع ، ولو كان المصدّق البائع في إعطاء الثمن للآخر لم يبرأ من الحصّتين.

ولو دفع إليه اثنان دابّة وراوية فلا شركة ، والحاصل للسقّاء ، وعليه أجرتهما ، وقيل : يقسّم الحاصل أثلاثا (١) ، ويكون لكلّ منهما على كلّ واحد من الباقيين ثلث أجرة ماله ، ويسقط الثلث. ولو باع عبدين مشاعين لهما صحّ ، قيل : ولا يصحّ لو كانا منفردين واختلفت قيمتهما (٢) ، وإذا استوفى أحد الشركاء بعض الثمن شاركه الباقون على رأي.

والقسمة ليست بيعا ، ولا تصحّ إلّا مع اتّفاق الشركاء ، وكلّما لا ضرر في قسمته يجبر الممتنع عليها ، وما فيه ضرر لا يجوز قسمته وإن اتّفقوا ، ولا يجبر الممتنع لو تضمّنت ردّا.

ولا تصحّ قسمة الوقف ، وتصحّ قسمته مع غيره ، ولا قسمة الدين ، ولو اقتسماه وقبض أحدهما نصيبه شاركه الآخر ، ولو أذن أحد الشريكين المتساويين في العمل على أن يكون الربح بينهما بالسويّة ، قيل : يكون بضاعة لا شركة ولا قراضا (٣).

ولو اشترك صاحب الأرض ، والبذر ، والفدّان ، والعمل على التساوي في الربح فهي باطلة ، والنماء لصاحب البذر وعليه أجرة الباقين. ولو أخذ الصائد آلة على المشاركة في الصيد فعليه الأجرة وله الصيّد ، وإذا عثر أحد الشريكين على خيانة لم يفعلها.

[ المضاربة ]

والمضاربة جائزة من الطرفين وإن كان بالمال عروض. وتكره مضاربة الكفّار ، ولا يصحّ فيها التأجيل ، لكن يصحّ أن يقول : إذا مضت سنة فلا تشتر ، وتبطل بموت أيّهما كان ، ولا يتعدّى المأذون ، سواء كان في تعيين البائع ، أو المشتري ، أو المتاع ، أو السفر ، أو غير ذلك ، فيضمن لو تعدّى ، ولو ربح حينئذ فهما على الشرط ، ولو شرط أن يشتري أصلا يشتركان في نمائه ، قيل : بطلت (٤).

__________________

(١) استقربه الشيخ في المبسوط ٢ : ٣٤٦.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٣٥٦.

(٣) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ١٠٨.

(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٧١ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٤١٣ والمحقّق في الشرائع ٢ : ١١٠.

١٣٦

وشرطها أن تكون بالأعيان من الأثمان المعلومة المقدار المعيّنة ، فلو ضاربه بأحد المالين أو بالدين قبل قبضه ، أو قال بع هذه السلعة ، فإذا نضّ ثمنها فهو قراض بطلت ، ويصحّ بالمشاع. وعلى العامل العمل ، فلو استأجر له فعليه الأجرة إلّا أن يكون ممّا جرت العادة بالاستئجار فيه ، فله الاستئجار فيه ، فلو تبرّع به فلا أجرة له ، وينفق في السفر من أصل المال كمال نفقته ـ من المأكول ، والمشروب ، والملبوس ، والمركوب ـ على رأي ، ولو كان معه مال له قسّط المئونة ، ولو انتزعه المالك في سفره فنفقة عوده من ماله ، وله ابتياع المعيب والردّ به وأخذ الأرش مع الغبطة ، فلو خالفه المالك قدّم قول من الحظّ معه.

وإطلاق البيع ينصرف إلى ثمن المثل نقدا بنقد البلد ، ويقف على الإجازة مع المخالفة ، وإطلاق الشراء إلى الشراء بالعين ، فلو اشترى في الذمّة ولم يذكر المالك فهو له ، وإن ذكره افتقر إلى الإجازة.

والمضارب أمين لا يضمن إلّا بالتفريط أو التعدّي ، ولو مزج بماله وارتفع الامتياز من غير إذن ضمن ، لأنّه كالتالف ، إذ لا يمكن ردّه بعينه ، ويقبل قوله في التلف والخسارة وقدر رأس المال ، واختصاص المشتري واشتراكه دون الردّ والنصيب ، ولو ادّعى الغلط في قوله : كسبت كذا لم يقبل بخلاف ثمّ خسرت ، ولو أخذ ما يعجز ، أو خلطه بغيره بغير إذن ضمن ، ولو ضاربه بالمغصوب في يده زال الضمان بالدفع إلى البائع ، ولو أقرّ الوارث العامل بعد الشراء لم يصحّ.

وتلزم الحصّة بالشرط على رأي ، ولا بدّ من شياعها بينهما ، ويفسد لو شرط أحدهما المعيّن ثمّ بعده الحصّة ، أو عيّن حصّة المالك وسكت ، ولو عكس صحّ ، ولو قال : على النصف أو بيننا فهو تنصيف ، ولو قال : على أنّ لك ربح ألف من المشتركتين ، ولو ربح الأخرى صحّ ، ولو كان من المنفردتين بطل ، ولو قال : على أنّ لك الثلث وثلث ما بقي صحّ ، ولو شرط لغلام المالك حصّة صحّ وإن لم يعمل ، ولو شرط لأجنبيّ صحّ بشرط العمل ، ولو شرط ربّا المال له النصف وتفاضلا مع تساوي ماليهما قيل : بطل (١) ، ولو دفع إليه قراضا وشرط أن يأخذ بضاعة صحّ.

ويملك العامل الحصّة بالظهور ، ولو اشترى أب المالك بإذنه انعتق وللعامل الأجرة ، وقيل : قدر حصّته من الربح (٢) ، وإن كان بغير إذنه بالعين بطل ، وفي الذمّة يصحّ للعامل إلّا أن

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٩١.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٧٥.

١٣٧

يذكر المالك ، ولو اشترى زوج المالكة بغير إذنها بطل ، وبإذنها يبطل النكاح.

ولو اشترى أباه انعتق نصيبه من الربح فيه ، وسعى المعتق في الباقي ، ولو فسخ المالك صحّ وعليه أجرة العامل إلى وقت الفسخ ، ولو كان به عروض لم يكن له البيع.

ولا يجب على العامل انضاض المال إذا طلبه المالك ، ولو كان سلفا فعليه تحصيله ، ولو مات المالك وهو عروض فله البيع ، إلّا أن يمنعه الوراث على رأي ، ولو وقعت فاسدة فللعامل الأجرة وإن لم يربح المالك.

ولو عامل العامل آخر بالإذن وشرط الربح بين المالك والآخر صحّ ، ولا يصحّ لنفسه ، ولو كان بدون الإذن بطل ، والربح على الشرط ، وعلى الأوّل أجرة الثاني على رأي.

ولو ادّعى المالك القراض فأنكر ضمن إذا أقام البيّنة ، ولا يقبل قوله في التلف حينئذ ، وكذا كلّ أمين أنكر مع قيام البيّنة ، فإن أجاب بعدم الاستحقاق فلا ضمان. ولو تلف الثمن بعد الشراء فإن كان بالعين استعاد البائع سلعته ولا ضمان على العامل إلّا مع التفريط ، ولو كان في الذمّة فالبيع له وعليه الثمن على رأي ، ولو تلف بعض المال بعد التجارة احتسب التالف من الربح ، فلو كان الثمن مائة وخسر عشرة وأخذ المالك عشرة ثمّ ربح فرأس المال تسعة وثمانون إلّا تسعا ، قيل : وكذلك لو كان قبل التجارة (١).

ولو نضّ الربح وطلب أحدهما القسمة لم يجبر المالك ، فإن اقتسما وبقي رأس المال مع العامل فخسر ردّ أقلّ الأمرين.

ولا يجوز أن يشتري المالك من العامل ، ولا يأخذ منه بالشفعة ، ولا أن يشتري العامل جارية يطأها إلّا مع الإذن على رأي. ولو مات وفي يده مضاربة وجهلت فهي ميراث ، وإن جهل التعيين فهي بالسويّة.

ويصحّ مضاربة المريض ، وتكون على ما شرط في الربح من صلب ماله ، ولو أوصى بالمضاربة بتركته أو ببعضها على أنّ الربح نصفان بين العامل والورثة صحّ على رأي. ويصحّ للوليّ دفع مال الطفل مضاربة مع الحظّ ولا ضمان عليه على رأي ، ولو صدّق أحد العاملين بالنصف المالك في أنّ رأس المال ثلثا الحاصل ضعف ما ادّعاه الآخر ، فللمكذّب بعد يمينه السّدس ، وللمصدّق ثلث السدس ، وربح المال المغصوب لربّه على رأي.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ١١٦.

١٣٨

[ الفصل ] الرابع

الوديعة أمانة يجب حفظها ، ولا تضمن وإن شرط عليه الضمان إلّا مع التفريط. ويجوز الحلف عند مطالبة غير المستحقّ ويورّي ، فلو سلّمها مع رضاه منه باليمين ضمن ، ولا يجب تحمّل الضرر الكثير.

وهي جائزة من الطرفين ، وتبطل بالموت والجنون منهما.

والحفظ يختلف ، والبناء على العادة ، ويجب سقي الدابّة وعلفها ، ويضمن بالإخلال ولو لم يأمره ، ولا يضمن لو أمره بالترك وإن حرم ، ولو عيّن موضع الحفظ اقتصر ، ويضمن لو نقل ، إلّا مع خوف التلف أو إلى أحرز ، ولو قال : لا تنقلها من هذا ضمن به ، إلّا مع خوف تلفها فيه ولو قال : وإن تلفت. ولو أمره بوضع الخاتم في الخنصر فوضعه في البنصر ، أو بوضع الوديعة في كمّه فوضعها في جيبه لم يضمن ، بخلاف العكس فيهما ، ولو أمره بالوضع في الكمّ فوضعها في فيه أو في يده ضمن على رأي.

ولا تصحّ وديعة غير المكلّف ، ويضمن المستودع وإن ردّ إليه ، ولا يضمن لو استودع فأهمل.

ويجب على المستودع الإشهاد عند الوفاة ، والسعي إلى الحرز بالعادة ، والردّ عند المطالبة ، إلّا أن يكون غاصبا فتردّ على صاحبها ، ومع الجهل جاز أن يتصدّق بعد تعريف سنة ، أو يملكها ويضمن على رأي ، ولو مزجها الغاصب ولم يتمكّن من التخلّص ردّت إليه.

ولو أودع المستودع من غير إذن أو ضرورة أو سافر بها كذلك ، أو تصرّف فيها لنفسه ، أو

١٣٩

طرحها في غير حرز ، أو ترك نشر الثوب المفتقر إليه ، أو أخّر تركها في الحرز ، أو سلّمها إلى زوجته لتحرزها ، أو منع من الردّ مع القدرة ، أو جحد وشهد عليه ، أو اعترف بعده ، أو خلطها بماله ، أو فتح ختم الكيس ، أو مزج الكيسين المودعين ، أو حمّل الدابّة أثقل من المشروط ، أو زاد ، أو فتح ما غلقه المودع وأخذ البعض ، أو سلّم إلى الحاكم أو الثقة مع عدم العذر ، أو إلى الثقة مع وجود الحاكم والحاجة إلى التسليم ، أو دفنها مع إرادة السفر وعدم خوف المسارعة ، أو سلّمها إلى بعض الوارثين ، ضمن. ولو أعاد الوديعة إلى الحرز بعد إخراجها لم يبرأ ، إلّا في الدابّة للسقي مع الضرورة.

ويبرأ لو تجدّد الاستئمان أو أبرأه من الضمان ، ولو دفعها إلى غير المالك قهرا على رأي ، أو طرحت عنده ولم يستودع ، أو أكره على قبضها وأهمل فيهما ، أو سافر بها مع خوف تلفها إذا أقام بها ، أو نوى التصرّف ولم يفعله ، أو أودعها ثقة مع خوف تلفها وعدم الحاكم ، أو أقرّ لمن يريد أخذها ظلما من غير خوف على رأي فلا ضمان.

ولو كانت الوديعة في حرز المستودع فأخذ بعضها ضمنه خاصّة ، وكذا إن أعاده ومزجه ، وإن أعاد بدله ومزجه بحيث لا يتميّز ضمن الجميع. ولو أنكر الوديعة ، أو ادّعى التلف ، أو الردّ ، أو القيمة مع التفريط على رأي ، فالقول قوله مع يمينه ، ولو دفعها إلى الغير وادّعى الإذن ضمن ولو صدّقه ، ولا يضمن بترك الإشهاد على التسليم ، ولو أنكر الوديعة فقامت البيّنة فادّعى التلف قبل الإنكار سمعت بيّنته على رأي ، ولو ادّعاها اثنان وصدّق أحدهما أو كذّبهما قبل ، وإن نفى العلم أقرّت في يده إلى أن يثبت المالك ، ولو ادّعي عليه العلم فعليه اليمين ، ولو مات المستودع وعلمت الوديعة وجهلت عينها قيل : تخرج من الأصل (١) ، ولو أمره بالإيداع فأنكر الثالث ولا بيّنة عليه حلفا له.

[ العارية ]

العارية أمانة لا يضمنها المستعير إلّا أن تكون ذهبا أو فضّة ، أو بشرط أن يكون المعير غير المالك ، أو يستعير الصيد وهو محرم ، أو يفرّط ، والقول قوله في القيمة يوم التلف

__________________

(١) حكاه المحقّق في الشرائع ٢ : ١٣٤.

١٤٠