تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

ولو قتل الكافر مثله وأسلم لم يقتل به وألزم الدية إن كان له دية. ويقتل ولد الرشيدة بولد الزنيّة لإسلامها.

ولو قطع مسلم يد ذمّيّ ، أو صبيّ يد بالغ ، ثمّ سرت بعد زوال الأوصاف فدية النفس ، ولا قصاص ولا قود ، أمّا لو كان مرتدّا أو حربيّا فلا دية أيضا.

ولو رمى ذمّيّا أو حربيّا أو مرتدّا أو عبدا بسهم فأصابه بعد زوال الأوصاف فلا قود ، وتثبت الدية.

ولو قطع يد مسلم فسرت مرتدّا فلا قود ، والأولى القصاص في اليد للولي ، وإلّا للإمام.

ولو عاد قبل السراية ثبت القود ، ولو عاد بعد حصول بعضها فالأولى القود. ولو كانت خطأ تثبت الدية.

ولو وجب القصاص على مسلم فقتله غير الولي فالقود ، ولو وجب قتله بزنى وشبهه فقتله غير الإمام فلا قود ولا دية.

ولا يقتل الأب وإن علا بالابن ، بل تؤخذ الدية ، ولا يثبت له عليه قصاص موروث ، ويردّ عليه النصيب ، ويقتصّ الآخر إن وجد.

ويقتل الابن بأبيه وإن علا ، وبالأم ، وبالعكس. ويقتل بالأقارب كالجدّات من قبلها أو قبله ، والأخوة من الطرفين ، والأعمام والأخوال وبالعكس.

ولو قتل الولد أحد المتداعيين أو هما قبل القرعة فلا قود ولو رجعا ، أمّا لو رجع أحدهما قبل القتل أو بعده فالقصاص على الراجع بعد الردّ ، وعلى الآخر نصف الدية ، وعليهما كفّارتان. ولو كان مولودا على فراشهما كالأمة أو الموطؤة بالشبهة لم يقتل الراجع.

ولو قتل أحد الولدين الأب والآخر الأمّ فلكلّ القود وإن لم تبن منه ، ويقرع في التقديم ، ولو بدر أحدهما اقتصّ وارث الآخر. ولو قتل ثاني الأربعة الإخوة الكبير ، ثمّ ثالثهم الصغير ، فعلى الثالث القود ، والوجه أنّ لورثة الثالث قتل الثاني بعد ردّ النصف.

ولا يقتل كلّ من المجنون والصبيّ بمثله وبالعاقل ، بل الدية على العاقلة ، ولو قتله ثمّ جنّ فالقود ، وروي القصاص من الصبيّ إذا بلغ عشرا (١) ، أو خمسة

__________________

(١) لم ترد في المجاميع الحديثيّة ، وإنّما وردت مرسلة في بعض الكتب الفقهيّة ، وأفتى بها الشيخ في النهاية : ٧٣٣ ، والظاهر أنّها فهمت من مضمون صحيحة أبي بصير ، انظر : الإستبصار ٤ : ٢٨٧ ذيل الحديث ١٠٨٤.

٣٤١

أشبار (١) ، وتقام عليه الحدود ، ولو ادّعى الوليّ بعد الإقامة والبلوغ القتل في وقتهما فأنكر فالقول قول الجاني ، وتثبت الدية.

ويقتل البالغ بالصبيّ على الأصحّ.

ولو قتل العاقل مجنونا فالدية على القاتل في العمد وشبهه ، وعلى العاقلة في الخطإ. ولو قصد الدفع فهدر.

والأولى ثبوت القود في السكران ، وألحق المبنّج نفسه ، وشارب المرقد لا لعذر به ، وفي الأعمى.

ولا قود على النائم ، وعليه الدية ، ولا في قتل كلّ من أباح الشرع دمه ، أو هلك بسراية القصاص أو الحدّ ، ولا دية.

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٧ : ٣٠٢ / ١. انظر الوسائل ٢٩ : ٩٠ باب ٣٦ من أبواب القصاص في النفس ، ح ١.

٣٤٢

[ الفصل ] الثاني

يجب بقتل العمد القصاص لا الدية ، ولا يسقط لو عفا الوليّ على مال ، ولا يثبت المال إلّا مع رضى الجاني. ولو عفا ولم يشرط سقط ولا دية ، ولو بذل القود فليس للوليّ غيره ، ولو طلب الدية فبذلها صحّ ، ولا يجبر لو امتنع ، ولو لم يرض الوليّ جاز الفداء بالأزيد ، ولا يقتصّ إلّا مع تيقّن التلف بالجناية ، ولو اشتبه اقتصر على قصاص الجناية.

ويرث القصاص وارث المال عدا الزوج والزوجة ، فلهما النصيب من الدية في العمد إن أخذت ، وفي الخطإ. ويرث الدية وارث المال ، والخلاف كالقصاص.

ويقتصّ الوليّ الواحد ، والأولى التوقّف على إذن الإمام على رأي ، وتتأكّد في الطرف ، ولو تعدّد لم يجز إلّا بالاجتماع ، وقيل : لكلّ المبادرة ، ويضمن (١).

وينبغي للإمام إحضار شاهدين عارفين ، واعتبار الآلة ، فيضمن المقتصّ في الطرف لو جنى سمّها. ويمنع من الاستيفاء بالآلة ، ولو فعل أساء.

ولا يقتصّ إلّا بالسيف ، ولا يجوز التمثيل ، بل يقتصر على ضرب العنق ، وإن جنى بالتمثيل والتغريق والإحراق والمثقل.

وأجرة الحدّاد على بيت المال ، فإن فقد أو عارض الأهمّ فعلى المجنيّ عليه.

ولا يضمن المقتصّ سراية القصاص إلّا مع التعدّي ، فإن اعترف بالتعمّد اقتصّ في الزائد ،

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٥٤.

٣٤٣

وبالخطإ ديته ، والقول قوله فيه مع اليمين.

ويقتصّ في الطرف لكلّ من يقتصّ منه في النفس ، وما لا فلا. ولو حضر بعض الأولياء ، قيل : يضمن ويستوفي ، وكذا في الصغير (١). ولو كان الوليّ صغيرا قيل : لا يطالب الأب والجدّ بالقصاص فيهما ، ويحبس القاتل حتّى يبلغ ، أو يفيق المجنون (٢).

ويشترك الأولياء فيه ، فلو طلب البعض الدية لم يسقط القود للباقين إلّا على رواية بعد ردّ النصيب (٣) ، ولو عفا فكذلك ، والردّ هنا على الجاني. ولو أقرّ أحد الوليّين بعفو الآخر على مال لم يقبل ، ولهما القود ، وللمنفرد القتل بعد ردّ النصيب على الجاني إن كذّبه ، وفيه نظر ، وإلّا عليه.

ويقتل الأجنبي ، أو الذمّي ، أو المتعمّد لو شاركوا الأب ، أو المسلم ، أو المخطئ ، ويردّون عليهم النصف. وفي الخطإ العاقلة. وفي شركة السبع يردّ الوليّ.

وللمحجور عليه لفلس أو سفه استيفاء القصاص. ولو عفا على مال ورضي قسّم على الغرماء ، ولو قتل قسّمت ديته في الدين والوصايا. وفي استيفاء ورثته القصاص من دون ضمان الدية خلاف.

ولو قتل جماعة مرتّبا اشترك الأولياء في القود ، ولا يتعلّق حقّ واحد بالآخر ، فإن استوفى الأوّل سقط الباقون ولا بدل ، ولو بدر أحدهم أساء وسقط حقّ غيره.

ولو اقتصّ الوكيل بعد العلم بالعزل فعليه القصاص ، ولو عفا قبله فعليه الدية ، ويرجع على الموكّل.

وتؤخّر الحامل حتّى تضع ، والوجه حتّى ترضع إن لم يكن غير لبنها ، وإلّا فلا. وإن تجدّد ، فلو ادّعته فشهدت القوابل ثبت ، وإلّا فلا على رأي. ولو قتلت فبانت حاملا فالدية على

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٥٤.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٥٥.

(٣) رواها الكليني بإسناده إلى عبد الرحمن ـ في حديث ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجلان قتلا رجلا عمدا وله وليّان ، فعفا أحد الوليّين ، قال : فقال : « إذا عفا بعض الأولياء درئ عنهما القتل ، وطرح عنهما من الدية بقدر حصّة من عفا ، وأدّيا الباقي من أموالهما إلى الّذين لم يعفوا ». الكافي ٧ : ٣٥٨ / ٨. انظر الوسائل ٢٩ : ١١٥ باب ٥٤ من أبواب القصاص في النفس ، ح ١.

٣٤٤

القاتل ، ولو جهل المباشر ضمن الحاكم مع علمه.

ولو قطع يد غير مقتوله استوفيا وإن تقدّم القتل ، فلو مات المقطوع حينئذ بالسراية قيل : يستوفى من تركة الجاني نصف الدية (١). ولو قطع يديه فاقتصّ ثمّ سرى الأوّل جاز للوليّ القصاص في النفس. ولو كان القاطع ذمّيّا لمسلم فللوليّ قتله ، ولو طلب الدية فله دية المسلم لا دية يد الذمّي. ولو كان امرأة فللوليّ القصاص أو ثلاثة أرباع الدية.

ولو قطع يده ورجله ثمّ سرى بعد القصاص فللوليّ القصاص في النفس ، لا الدية على إشكال في الجميع.

ولو هلك قاتل العمد فلا قصاص ، وفي الدية إشكال.

ولو اقتصّ من قاطع اليد ثمّ مات المجنيّ عليه بالسراية ثمّ الجاني بها وقع القصاص موقعه في النفس والطرف. ولو تقدّمت سراية الجاني فنفسه هدر ولا قصاص.

ولو عفا مقطوع اليد فقتله القاطع فللوليّ القصاص بعد ردّ دية اليد. وكذا لو قتل مقطوع اليد في قصاص ، أو أخذ ديتها. ولو قطعت بغير جناية ولا أخذ دية فلا ردّ. وكذا في الكف الكامل ومقطوع الأصابع. ولو ضربه الوليّ للقصاص بالممنوع ، وتركه ظانّا للموت وكذب ، فلا يقتصّ إلّا بالقصاص منه. وبالسائغ له القصاص ، ولا يقتصّ منه.

فحكم القصاص في الطرف حكم النفس في الموجب وغيره.

ويشترط التساوي في السلامة ، فلا تقطع الصحيحة بالشلّاء ولو بذل الجاني ، وبالعكس إذا حكم العارفون بأنّها لا تنحسم فالدية ، وإلّا اقتصّ.

وتقطع اليمنى بها ، فإن فقدت فاليسرى ، فإن فقدت فالرجل.

ولو قطع أيدي جماعة مرتّبا قطعت يداه ورجلاه الأوّل فالأوّل ، وللباقي الدية.

ويعتبر في الشجاج تساوي المساحة في البعدين ، والاسم عمقا.

ولا يثبت القصاص فيما فيه تعزير كالجائفة والمأمومة والهاشمة والمثقلة وكسر الأعضاء. ويثبت في الحارصة والباضعة والسمحاق والموضحة وكلّ ما لا تقدير فيه ، والسلامة غالبة.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ٢١٧.

٣٤٥

ويستحبّ الصبر في القصاص إلى الاندمال على رأي.

ولو قطع ما يزيد على الدية خطأ اقتصر على الدية حتّى يندمل ، فيستوفي أوّلا ، فيقتصر على رأي.

ويؤخّر القصاص في الأعضاء إلى اعتدال النهار ، ولا يقتصّ إلّا بالحديد ، بأن يقاس بخيط ويعلّم طرفاه في موضع الاقتصاص ، ثمّ يقطع ما بينهما.

ويجوز التفريق ، والأولى قلع عين القالع بحديدة معوجّة. ولا ينتقل إلى عضو لو استوعب القصاص ، وفي الزائد بنسبة المتخلّف إلى أصل الجرح ، ولو استوعبت الجناية العضو للصغر اقتصّ بمقداره لا مستوعبا.

ولو ألصق المقتصّ منه الأذن ، قيل : للجاني الإزالة (١) ، ويقتضي المذهب بطلان الصلاة فيها ، وكذا لو قطع بعضها ، ولو قطعها فتعلّقت بجلدة ثبت القصاص.

ويقتصّ في العين ولو عمي الأعور الجاني ، ولا ردّ ، وبالعكس قيل : يقتصّ في واحدة ويستردّ النصف (٢).

وفي الضوء يوضع قطن مبلول على الأجفان ، ويقابل المرآة المحميّة تجاه الشمس حتّى يذوب. ولو لطمه فذهب وابيضّت العينان وشخصتا وأمكن القصاص في الجميع فعل ، وإلّا اقتصّ في الضوء ولا شي‌ء في الآخر.

وفي الأنف وأحد المنخرين والحاجبين وشعر الرأس واللحية ولو نبت فلا قصاص.

وفي الذكر ، ويستوي : الشابّ والشيخ والطفل والبالغ والفحل والمسلول والأغلف والمختون.

ولا يقاد صحيح بعنّين ، بل فيه ثلث الدية.

وفي الخصيتين أو أحدهما إلّا أن يخاف ذهاب منفعة الأخرى فالدية.

وفي الشفرين ، وعلى الرجل ديتها.

ولو قطع ذكر خنثى وأنثييه وشفريه اقتصّ من المساوي فيما ساواه ، وأخذ الحكومة في الباقي ، والدية من المخالف من عضو من التحق به ، والحكومة في الآخر ، ولو طالب قبل

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ٢٢١.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٧٦٥ و ٧٦٦.

٣٤٦

البيان بالقصاص لم يجب إليه ، وبالدية يعطى دية الأقلّ ، ويكمل لو ظهر الخلاف ، ويعطى حكومة الباقي. ولو طلب بدية أحدهما مع بقاء القصاص في الآخر لم يلتفت إليه ، وبالحكومة مع بقائه يعطى أقلّ الحكومتين.

ويقطع المجذوم بالصحيح إذا لم يسقط منه شي‌ء ، والشامّ والأقنى والدقيق والكبير بالمخالف ، والسامعة بالصمّاء. وينسب المقطوع من الأنف والأذن إلى الأصل ، ويؤخذ من الجاني بحسابه.

وتؤخذ الأذن الصحيحة بالمثقوبة ، قيل : لا بالمخرومة (١) ، بل الدية ناقصة ، أو يقتصّ إلى حد الخرم ، ويأخذ حكومة في الباقي.

ولو قطع ذو أظفار ما لا ظفر فيه فالدية كاملة لا القصاص.

وفي السنّ القصاص بشرط اتّحاد المحلّ ، ولو قلعت من مثغر فعادت ناقصة أو متغيّرة أو كهيئتها فالحكومة ، ومن غيره إن عادت في سنة فالحكومة ، وإلّا فالقصاص ، وقيل : في سنّ الصبيّ مطلقا بعير (٢). ولو مات قبل اليأس من عودها فللوارث الأرش ، ولو عادت سنّ الجاني فليس للبالغ المجنيّ عليه إزالتها.

ولا يقلع سنّ بضرس ، ولا بالعكس ، ولا أصليّة بزائدة ، ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحلّ. وكذا الأصابع.

وكلّ عضو يقاد موجودا فالدية مع عدمه ، كما يقطع إصبعين ذو واحدة ، أو كفّا تامّا ناقص الأصابع ، وقيل : يطالب الكامل بدية الإصبع الناقصة بعد القطع (٣) ، ولو اندملت سراية قطع الإصبع إلى الكفّ ثبت القصاص فيهما ، والأولى أنّه ليس له القصاص في الإصبع ، وأخذ دية الباقي.

ولو قطع يده من الكوع فالقصاص ، فإن قطع معها بعض الذراع اقتصّ في اليد والحكومة في الزائد. ولو قطع من المرفق اقتصّ منه ولا يقتصّ في اليد ، ويأخذ أرش الزائد.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٩٦.

(٢) قاله أبو الصلاح الحلبي في الكافي : ٣٩٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤٤٨.

(٣) قاله الشيخ في الخلاف ٥ : ١٩٣ المسألة ٦٠.

٣٤٧

ولو ساوى قاطع الكفّ المقطوع في زيادة إصبع فالقصاص. وإن اختصّت بالجاني خارجة عن الكفّ فكذا. وفي سمت الأصابع منفصلة يثبت القصاص في الخمس ، وفي الكفّ الحكومة. ولو اتّصلت ببعضها ثبت في أربع ، والحكومة في الأخرى والكفّ. ولو اختصّت بالآخر فالقصاص وديتها ، وهو ثلث الأصليّة.

ولو كانت خامسة المجنيّ زائدة اقتصّ في أربع ، وله أرش الخامسة. ولو انعكس فالقصاص مع اتّحاد المحلّ. ولو تساوى الجاني في تعدّد طرفي الأنملة اقتصّ. فإن اختصّ فللمجنيّ الدية ولو اختصّ المجنيّ اقتصّ وأخذ الأرش الزائد.

ولو قطع عليا أنملة ووسطى آخر اقتصّ للأوّل إن سبق وللآخر الوسطى ، ويؤخّر الثاني إن سبق ، فإن اقتصّ الأوّل اقتصّ ، وإن عفا اقتصّ بعد ردّ العليا ، ولو بادر استوفى وعليه دية العليا ، ولصاحب العليا على الجاني دية أنملته.

ولو قطع العليا من واحد ، وهي الوسطى من آخر ، واجتمعا اقتصّ لصاحب العليا ، وللآخر في الأخرى ، وأخذ دية العليا. ولو عفا الأوّل أو أخذ ديته اقتصّ الثاني منهما ، وكذا لو جاء صاحب العليا أوّلا ، ولو سبق صاحبها آخر. ولو تقدّم قطعهما قدّم صاحبهما وأخذ صاحب العليا الدية ، ولو عفا اقتصّ الآخر ، ولو سبق صاحب العليا آخر. ولو بادر أساء واستوفى ، ولصاحبهما الأخرى والدية.

ولو أخرج قاطع اليمنى يسارا فلم يعلم المقتصّ ، قيل : سقط القود (١) ، ويمكن الثبوت ، وتؤخّر حتّى تندمل. ولا دية إن سمع أمر إخراج اليمنى وعلم عدم الإجزاء وأخرجها قصدا. ولو قطعها مع العلم وفوات أحدها قيل : سقط القود إلى الدية (٢) ، ومع الجهل الدية. ولو سرت ضمن النفس وسقط عنه النصف باليمين. وضمان السراية تابع لضمان دية اليسار. ولو قال : بذلها مع العلم لا بدلا فأنكر فالقول قول الباذل. ولو اتّفقا على بذلها لم يقع ، وعلى القاطع الدية ، وله القصاص في اليمنى على إشكال.

وليس للمجنون ولاية الاستيفاء ، فلو بذل له فهدر. ولو وثب المجنون فاستوفى قيل :

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ١٠١.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ١٠٢.

٣٤٨

وقع موقعه (١) ، وقيل : الدية على العاقلة والقصاص باق (٢).

ولو أبرأ الحرّ العبد الجاني بما يتعلّق برقبته لم يصحّ على إشكال. وإن أبرأ السيّد أو قال : عفوت عن أرشها صحّ.

ولو قطع يد رجل بعد قطع إصبع آخر اقتصّ للأوّل ثمّ للثاني ، ويرجع بدية إصبع. ولو عكس اقتصّ في اليد وألزم دية الإصبع.

ولو عفا مقطوع الإصبع قبل الاندمال فاندمل فلا قصاص ولا دية ، وكذا لو عفا عن الجناية. ولو عفا عنها فسرى إلى الكفّ سقط القصاص في الإصبع ، وله دية الكفّ. ولو سرت إلى النفس اقتصّ الوليّ بعد ردّ المعفوّ عنه. ويصحّ عمّا ثبت وقت الإبراء. ولو عفا عنها وعن السراية قيل : صحّ كالوصيّة (٣).

ولو أوضحه فله القصاص فيها لا في الشعر النابت عليها ، ولا دية فيه ، والمجاور إن نبت فلا شي‌ء ، وإلّا ففيه الأرش. فإن ذهب من الجاني فلا ضمان.

ولو قطع يديه ورجليه خطأ وادّعى الموت بالسراية مع قصر الزمان أحلف ، فإن ادّعى الوليّ شرب السمّ فالأولى أنّه كذلك. وإن أمكن الاندمال أحلف الوليّ. ولو اختلفا في المدّة أحلف الجاني.

ولو قطع يده وادّعى الاندمال أحلف إن مضت مدّة يمكن فيها. ولو اختلفا في المدّة أحلف الوليّ على إشكال.

ولو ادّعى الجاني شرب السمّ أو موت الملفوف في الكساء المقدود أحلف الجاني.

ولو ادّعى شلل العضو المقطوع الظاهر فعلى المجنيّ البيّنة ، وفي الباطن على الجاني. ولو سلّم في الظاهر تقدّم السلامة فعليه البيّنة ، ولو منعه تخيّر المجنيّ بين إقامة البيّنة عليه والحلف على الاستمرار أو على السلامة حتّى القطع.

__________________

(١) حكاه الشيخ في المبسوط ٧ : ١٠٥ والظاهر أنّه قول جمهور العامّة.

(٢) قوّاه الشيخ في المبسوط ٧ : ١٠٥.

(٣) قاله الشيخ في الخلاف ٥ : ٢٠٨ المسألة ٨٦.

٣٤٩

[ الفصل ] الثالث

يشترط في مدّعي القتل : التكليف وقت الدعوى لا الجناية.

والدعوى على من تصحّ منه المباشرة ولو رجع إلى الممكن قبل.

والتحرير ، وقيل : لا (١) ، فلو قال : قتله أحدهما سمعت بيّنته فيه ، للثبوت لو خصّص.

ولو ادّعى القتل مع جماعة مجهولة العدد سمعت وقضي بالصلح.

ولو لم يبيّن العمد من غيره طلب منه ، ولو لم يبين طرحت وسقطت بيّنته به.

ولو ادّعى على آخر بعد إفراد الأوّل لم يسمع ، برأه أو شركه.

ولو ادّعى العمد ففسره بالخطإ أو بالعكس لم يبطل أصل الدعوى.

ويثبت بالإقرار مرّة على رأي من المكلّف الحرّ ، ويثبت العمد في المحجور للسفه والفلس ، ويقتصّ. والخطأ لا يشارك. ولو أقرّ بالعمد والآخر بالخطإ تخيّر الوليّ تصديق أحدهما ، ولا سبيل على الآخر. وقضى الحسن عليه‌السلام في حياة أبيه عليه‌السلام بأداء الدية من بيت المال فيمن أقرّ عمدا ، أو رجع بعد إقرار آخر أنّه هو (٢).

ويثبت موجب القصاص بشاهدين خاصّة على رأي ، ويثبت بهما وبواحد وامرأتين ، أو

__________________

(١) اختاره المحقّق في الشرائع ٤ : ٢٠٢.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٧ : ٢٨٩ / ٢. انظر الوسائل ٢٩ : ١٤٢ باب ٤ من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ، ح ١.

٣٥٠

بيمين موجب الدية كالخطإ والهاشمة ، وفيه نظر ، ومعه لا يقتصّ في الموضحة. ولو أنكر لم يلتفت بشرط الخلوص عن الاحتمال. ولو صدّق وادّعى الموت بغير الجناية أحلف.

ولو قال : ضربه فأوضحه أو فأجرى دمه قبلت. ولو قال : اختصما ثمّ افترقا وهو مجروح ، أو ضربه فوجدناه مجروحا ، أو فجرى دمه ، لم يقبل. ولو قال : أسال دمه فمات قبلت في الدامية. ولو قال : أوضحه أو قطع يده فوجدنا موضحين أو قطعين فالدية. ولا يكفي أوضحه حتّى يعيّن.

ولو تغاير الشاهدان في الزمان أو الآلة أو في المكان أو في الفعل والإقرار لم يثبت ، وكان لوثا في الآخر ، وفي الأوّل إشكال ، فإن كان خطأ حلف يمينا واحدة ، فإن حلف مع الفعل فالدية على العاقلة ، وإن حلف مع الإقرار فعليه في ماله مخفّفة.

ولو شهد أحدهما بالإقرار مطلقا وعيّن الآخر العمد ثبت الإطلاق ، وألزم الجاني بالبيان ، فلا يقبل لو أنكر ، وإن قال : عمدا قبل. وإن قال : خطأ وصدّق قبل ، وإلّا أحلف. أما لو شهدا بالفعلين وادّعى الوليّ العمد وأنكر الجاني كان الواحد لوثا ، وأحلف الولي القسامة إن شاء.

ولو شهد المشهود عليهما على الشاهدين بقتله غير متبرّعين وصدّقهما الوليّ أو صدّق الجميع سقط الجميع. وإن صدّق الأوّلين ثبت على الآخرين.

ولو شهدا لمورّثيهما بالجرح بعد الاندمال قبلت ، لا قبله على إشكال ، ولو اندمل فأعادها قبلت. ولو شهدا للمريض المورث قبلت ، والفرق استحقاق الدية ابتداء والتركة انتقالا.

ولو جرحت العاقلة مشهود القتل غير الخطإ أو لم يصل إليهما العقل قبلت ، وإلّا فلا. ولو تعارضت البيّنتان على القاتل سقط عنهما إلى الدية عليهما ، ويحتمل التخيّر ، كالإقرار منهما بالانفراد ، وفي الخطإ على عاقلتهما. ولو برّأ المقرّ بالانفراد عمدا المشهود عليه به فللوليّ قتل المشهود ، ويرد المقرّ عليه نصف الدية ، وقتل المقرّ ولا يردّ ، وقتلهما بعد ردّ النصف خاصّة على المشهود لا غير ، وأخذ الدية منهما ، وفي التشريك نظر.

ولا قسامة بدون التهمة ، فللوليّ يمين واحدة ، فإن نكل أحلف المدّعي واحدة على رأي.

واللوث أمارة يغلب معها الظنّ بالصدق ، كالشاهد العدل ، وجماعة الفسّاق ، أو النساء المأمون عليهم التواطؤ ، والغالب على الظنّ ارتفاعه ، وجماعة الصبيان والكفّار بشرط بلوغ التواتر.

٣٥١

ووجدانه عند المتشحّط بدمه متسلّحا بالمتلطّخ. أو في دار قوم ، أو محلّة منفردة لا يدخلها غيرهم ، أو في صفّ مقابل بعد المراماة.

لا بشهادة الصبيّ والفاسق والكافر المأمون عند نحلته ، وقول المقتول : قاتلي فلان ، وشهادة العدل بالقتل من غير تعيين الصفة.

ولو وجده في قرية مستطرقة أو خلّة محلّة منفردة كذلك فلوث مع العداوة ، وإلّا فلا. والأقرب من القريتين يختصّ باللوث ، ويتساويان معه.

ودية المقتول في زحام على قنطرة أو بئر أو جسر أو جامع عظيم أو شارع أو فلاة على بيت المال.

ولا لوث مع احتمال الشركة ، كالأسد الموجود مع المتلطّخ. ولو قال الشاهد : قتله أحدهما فلوث. ولو قال : قتل أحدهما فلا.

ولا يشترط فيه وجود أثر القتل ، ولا في القسامة حضور الجاني. ويثبت اللوث على عبد المورث لفائدة التسلّط ، وافتكاك الرهن. ولو ادّعى القتل على واحد من أهل الدار ثبتت القسامة ، فإن أنكر الكون أحلف ولا لوث ، للتعلّق بالكون فيها الثابت بالبيّنة والإقرار خاصّة.

والقسامة في العمد خمسون يمينا ، فإن كان للوليّ قوم أحلف كلّ واحد يمينا إن بلغوا ، وإلّا كرّرت عليهم حتّى يكمل ، وكذا لو فقدوا ، ولو ادّعى جماعة قسّمت بالحصص. ولو تعدّد المدّعى عليه فالأولى إحلاف كلّ واحد خمسين ، وقيل : تقسّم الخمسين على عدد الرءوس بالسوية بين الذكر والأنثى (١). ولو اتّحد فأحضر خمسين يقسمون ببراءته حلف كلّ واحد يمينا ، وإن نقصت كرّرت عليهم حتّى يحلفوا. ولو لم يكن للوليّ قسامة ولا حلف ، فله إحلاف المنكر خمسين إن لم يكن له قسامة ، وإلّا كان كأحدهم ، ولو امتنع ولم يكن له من يقسم ألزم ، وقيل : بعد ردّ اليمين (٢).

وفي الخطإ وشبيه العمد خمسون على رأي ، وفي الأعضاء المساوية خمسون ، وإلّا فبالنسبة على رأي.

ولا قسامة إلّا مع العلم ، لا الظنّ بما يقسم عليه ، والأولى عدم قبول قسامة الكافر على

__________________

(١) قاله الشيخ في الخلاف ٥ : ٣١٤ المسألة ١٣.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ٢١٠.

٣٥٢

المسلم. وللمولى مع اللوث القسامة على الحرّ ، وللمكاتب في عبده.

ولو ارتدّ الوليّ بعد القتل منع القسامة ، إلّا أن يرجع ، فإن خالف وقعت موقعها على إشكال ، فإن ارتدّ قبل القتل فالقسامة للوارث خاصّة ، فإن عاد قبل القسمة شارك ، إلّا أن يكون المرتدّ سيّدا ، فإنّه يقسم قبل القتل وبعده.

ولو أوصى بعبده لأمّ ولده بعد القتل قبل القسامة فالأولى أنّه لا يصحّ قسامتها ، بل للوارث ، ويأخذه بالوصيّة ، فلو ملّكها إيّاه فكذلك ، ولو قيل : الملك ففي القسامة إشكال ، والفرق حينئذ مع المكاتب انقطاع تصرّف المولى عنه.

ويقسم السيّد في العبد الميّت بالسراية حرّا إن كانت الدية أقلّ ، وإلّا شارك بالحصّة.

وشرط اليمين ذكر القاتل والمقتول بالتعيين والانفراد ، أو عدمه ، والنوع ، والإعراب إن كان عارفا ، وإلّا كفى ما يعرف معه القتل.

والأولى أنّه لا يجب أنّ النيّة نيّة المدّعي.

ولو اختصّ اللوث بأحد المنكرين أحلف الوليّ له خمسين ، وعلى الآخر واحدة ، فإن قلت ردّ النصف ، ويحلف الحاضر من الوليّين خمسين ، ولا يجب الارتقاب ، فإن حضر حلف خمسة وعشرين ، وكذا مع الصغير. ولو تعدّد المدّعى عليه ، فإن صدقوا قتلوا ، وإن حضر أحد الثلاثة حلف الوليّ خمسين وقتل ، ولم يرتقب ، فإن حضر ثان فالأولى إحلاف الوليّ خمسين أيضا ، وكذا في الثالث لو أكذب أحد الوليّين الآخر ، فلا تأثير ، وأحلف خمسين على من ادّعى ، وللآخر خمسين على الآخر ، ويثبت لكلّ نصف الدية أو القود مع الردّ.

ولو مات الوليّ فالوارث بمنزلته ، ولو كان في الأثناء استأنف ، ولو جنّ بنى بعد الإفاقة.

ولو استوفى بعد حلف القسامة الدية فشهد اثنان بالغيبة المنافية استعيدت وبطلت القسامة.

ولو قال بعد الاستيفاء : هذه حرام ، وفسّر بالكذب استعيدت ، وبأنّه لا يرى القسامة لا اعتراض ، وبأنّها غير مملوكة للباذل ألزم الدفع إلى من عيّنه ، ولا رجوع. ولو فقد أقرّت.

ولو قال بعدها آخر : أنا قتلته منفردا ، قيل : يتخيّر الوليّ (١).

ولو التمس الوليّ حبس المتّهم ليحضر البيّنة ففي إجابته إشكال.

__________________

(١) قاله الشيخ في الخلاف ٥ : ٣١٥ مسألة ١٦.

٣٥٣

[ الفصل ] الرابع

ضابط العمد أن يكون القاتل قاصدا في فعله ونيّته.

وشبيهه أن يكون قاصدا في فعله خاصّة.

والخطأ أن يكون مخطئا فيهما.

ودية العمد مائة بعير من المسانّ ، أو مائتا بقرة ، أو مائتا حلّة ، والحلّة : ثوبان من برود اليمن ، أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، أو ألف شاة ، وهي أصول ، فيتخيّر الجاني ، وتستأدى في سنة من ماله ، وله البذل من أهل البلد وغيرها ، ومن إبله وغيرها ، أعلى أو أدون إذا لم تكن مراضا مع الصفة ، والأولى عدم قبول القيمة مع الوجود.

ودية الشبيه ثلاث وثلاثون حقّة ، وثلاث وثلاثون بنت لبون ، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل ، وروي ثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقّة ، وأربعون خلفة (١) ، ويرجع إلى العارفين في الحمل ، فيرجع لو ظهر الغلط ، ولو أزلقت قبل التسليم أبدل لا بعده ، وتستأدى في سنتين من ماله ، فإن مات أو هرب فمن الأقرب ممّن يرث الدية ، فإن فقد فمن بيت المال.

ودية الخطإ عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقّة ، وروي مائة بنت مخاض وبنت لبون وحقّة وجذعة أرباعا (٢) ، وتستأدى في ثلاث سنين ، كلّ

__________________

(١) رواها الكليني في الكافي ٧ : ٢٨١ / ٣ ، والصدوق في الفقيه ٤ : ٧٧ / ٢٤٠. والشيخ في التهذيب ١٠ : ١٥٨ / ٦٣٥ ، والإستبصار ٤ : ٢٥٩ / ٩٧٦ انظر الوسائل ٢٩ : ١٩٩ باب ٢ من أبواب ديات النفس ، ح ١.

(٢) راجع التهذيب ١٠ : ١٥٨ / ٦٣٤ انظر الوسائل ٢٩ : ٢٠٢ باب ٢ من أبواب ديات النفس ، ح ١٠.

٣٥٤

سنة عند تمامها ثلث الدية ، تامّة أو ناقصة ، أو دية طرف ، من مال العاقلة ـ ولا يضمن الجاني شيئا ـ وهم الذكور من الأقارب الذين هم على حاشية النسب على رأي.

والمعتق وضامن الجريرة ـ لا المضمون ـ والإمام كالإخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، وكلّ متقرّب بالأب ، ولا يشترط إرثهم في الحال ، دون المتقرّب بالأم ، والزوج والزوجة على رأي ، والأقرب دخول الآباء والأولاد ، وابن المرأة الذي هو ابن عمّها.

ولا تعقل المرأة ، ولا الصبيّ ، ولا المجنون وإن ورثوا من الدية ، ولا يكلّف الفقير عند المطالبة ، وهو حؤول الحول ، ولا أهل الديوان ، ولا أهل البلد مع فقد التعصيب ، ولا الحليف ، ولا المولى من أسفل بل من أعلى ، ويقدّم المتقرّب بالأبوين على المتقرّب بالأب.

ولا يضمن ما نقص عن الموضحة على رأي ، والأرش إن نقص عن الثلث أخذ من العاقلة عند نهاية السنة على رأي ، وإن نقص عن الثلثين حلّ الثلث بانسلاخ الحول ، والباقي بانسلاخ الثاني.

ولو زاد على الدية كقطع الأطراف حلّ له ثلث ، لكلّ جناية سدس عند الحول ، وإن تعدّد حلّ لكلّ واحد الثلث.

ولا تعقل العاقلة عبدا قنّا ، أو مدبّرا ، أو مكاتبا أو أمّ ولد ، ولا صلحا ولا إقرارا ، ولا عمدا مع وجود القاتل ، وإن أوجب الدية كالأب والمسلم والحرّ ، ولا ما يجنيه على نفسه قتلا أو جرحا ، ولا المسبب.

والذمّي في ماله وإن أخطأ ، ولو عجز فالإمام.

ولا يجتمع الضامن مع العصبة ، ولا المعتق ، ولا يضمن الإمام مع وجوده موسرا ، والأولى عدم رجوعهم على الجاني.

والتقسيط برأي الإمام ، والترتيب في التوزيع بين القريب والبعيد بمعنى الاقتصار على القريب مع الوفاء ، لكثرتهم أو لقصورهم عن الواجب ، وإلّا فشاركهم من بعدهم.

ولو زادت الدية عن العصبة أخذ من الموالي ، ولو اتّسعت أخذ من عصبة الموالي ، فإن زادت فعلى مولى المولى ثمّ عصبة مولى المولى ، فلو زادت فالفاضل على الإمام.

ولو زادت العاقلة فالأولى التوزيع بالحصص.

ولو غاب بعضهم لم يختصّ الحاضر ، وابتداء الأجل في النفس من حين الموت ، وفي الطرف من حين الجناية. وفي السراية وقت الاندمال ، ولا يفتقر في الأجل إلى الحاكم ، ولو

٣٥٥

مات الموسر بعد الحلول أخذ ما لزمه من التركة ، ولو كانت غائبة كوتب إلى الوالي ليوزّع ، ولو فقدت أو عجزت أخذت من الجاني ، فإن عجز فمن الإمام.

ولا يعقل إلّا من عرف كيفيّة انتسابه ، ولا يكفي كونه من القبيلة.

ولو أقرّ بنسب مجهول ألحق به ، فإن أقام آخر بيّنة ألحق به ، فإن ادّعى ثالث ولادته على فراشه قضي له وأبطل الأوّلان.

ويدفع الأب القاتل الولد عمدا الدية منه إلى الوارث ، فإن فقد فالإمام. وفي الخطإ الدية على العاقلة ، ولا يرث الأب الدية على رأي ، ولو لم يرثه إلّا العاقلة فلا دية. وكذا لو قتل أباه خطأ.

ولا يضمن العاقلة بهيمة ، ولا إتلاف مال.

ولو رمى الذمّي طائرا فأسلم ، فقتل مسلما لم يعقل عنه عصبته من الذمّة ، ولا المسلمين على رأي ، بل في ماله.

وكذا المسلم لو رماه فارتدّ ، فأصاب مسلما.

ويغلّظ على القاتل في أشهر الحرم بثلث الدية من أيّ الأجناس كان ، وألحق حرم مكّة ، ولا تغليظ في الطرف. ولو رمى في الحلّ إلى الحرم فأصاب فيه غلّظ ، وفي العكس إشكال.

ويضيّق على الملتجئ إلى الحرم في المطعم والمشرب ليخرج ، ولو جنى فيه اقتص منه ، وألحق به المشاهد.

ودية المرأة النصف مما عدّ ، ودية الخنثى المشكل نصفهما.

وولد الزنى المسلم كالمسلم على رأي.

ودية الذمّيّ ثمانمائة درهم من أي الثلاثة كان ، والمرأة على النصف ، وروي كالمسلم (١) ، وروي أربعة آلاف درهم (٢) ، ونزّلا على المعتاد (٣).

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ١٨٧ / ٧٣٥ والإستبصار ٤ : ٢٦٩ / ١٠١٧. انظر الوسائل ٢٩ : ٢٢١ باب ١٤ من أبواب ديات النفس ، ح ٢.

(٢) رواه الشيخ أيضا في التهذيب ١٠ : ١٨٧ / ٧٣٧ والإستبصار ٤ : ٢٦٩ / ١٠١٩. انظر الوسائل ٢٩ : ٢٢٢ باب ١٤ من أبواب ديات النفس ، ح ٤.

(٣) قال الشيخ رحمه‌الله في ذيل هذين الخبرين : قال محمّد بن الحسن : الوجه في هذه الأخبار ان تحملها على من يتعوّد قتل أهل الذمّة ، فإن من كان كذلك فللإمام أن يلزمه دية المسلم كاملة تارة ، وتارة أربعة آلاف درهم بحسب ما يراه أصلح في الحال وأردع لكي ينكل عن قتلهم غيره. فأما من قدر ذلك منه فلا يلزمه أكثر من الثمانمائة حسب ما قدّمناه أوّلا.

٣٥٦

ولا دية لغيرهم ، وإن كانوا ذوي عهد أو لم تبلغهم الدعوة.

ودية العبد قيمته ، فإن تجاوزت الحرّ ردّت ، والأمة قيمتها ، وتردّ إلى الحرّة لو زادت.

ويؤخذ من الجاني الحرّ في غير الخطإ ، وفيه من عاقلته ، ولو جنى عليه بغير المستوعب فللمولى المطالبة بدية الجناية ، لا الدفع وأخذ القيمة. ولو جنى العبد خطأ تخيّر المولى بين الدفع ليسترقّ أو مساويه قنّا كان أو مدبّرا أو أم ولد.

ويضمن الطبيب ما يتلف بعلاجه ـ وإن كان عارفا ، وإن أذن البالغ العاقل أو وليّ غيرهما على رأي ـ في ماله ، وفي براءته بالإبراء المتقدّم خلاف.

ويضمن عاقلة النائم ما يتلفه من الأنفس بانقلابه أو حركته على رأي.

ويضمن كلّ من الزوجين صاحبه مع الإعناف قبلا ودبرا ، أو ضمّا والموت.

والحامل للمتاع على رأسه إن أصاب به إنسانا أو كسره في ماله.

والصائح بالمريض والمجنون والطفل ، أو اغتفل الكامل وفاجأه بالصيحة فمات ، والأولى أنّ البالغ كذلك في ماله على رأي. وكذا المشهر سيفه في وجه إنسان.

ولو فرّ فألقى نفسه في بئر ، أو على سيف ، أو صادفه سبع فأكله ، قيل : لا ضمان (١). ولو كان المطلوب أعمى ضمن ديته ، أو مبصرا وقع في بئر لا يعلمها ، أو انخسف به السقف ، أو اضطرّه إلى مضيق فافترسه الأسد.

ودية المصدوم في مال الصادم ، والصادم هدر إن كان في ملك المصدوم ، أو مباح ، أو طريق واسع ، أو ضيّق مع القصد ، أما لا معه فيه مع وقوف المصدوم ، فقيل : لا ضمان (٢).

ولو مات المتصادمان الحرّان فلورثة كلّ نصف ديته ، فارسان أو راجلان ، أو بالتفريق ، وعلى كلّ واحد نصف قيمة فرس الآخر إن ماتتا بالتصادم ، ويتقاصّ في الدية ، ولو قصداه فعمد. وفي الصبيّين نصف دية كلّ واحد على عاقلته وإن أركبهما وليّهما ، وعلى الأجنبي ضمانهما كملا لو أركبهما. والعبدان البالغان هدر ، ولو مات أحد الحرّين فعلى الباقي نصف دية التالف ، وروي الكمال (٣). والحاملان تسقط نصف دية كلّ واحد ويثبت الباقي ، وأما

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ١٥٩.

(٢) قوّاه الشيخ في المبسوط ٧ : ١٦٧.

(٣) انظر الوسائل ٢٩ : ٢٦١ باب ٢٥ من أبواب موجبات الضمان ، ح ١.

٣٥٧

الجنين فيثبت في مال كلّ واحدة نصف دية الجنين. ولو جلس في الطريق فعثر به آخر فماتا فدية كلّ واحد على عاقلة الآخر.

ولو أصاب المارّين الرماة بسهم فالدية على عاقلة الرامي ، ولو قال : حذار فلا ضمان ، ولو قرّب الصبيّ للمصاحب من طريق السهم لا قصدا ، فالضمان على المقرّب لا الرامي على إشكال.

وروي أنّ عليّا عليه‌السلام ضمّن ختّانا قطع حشفة غلام (١).

ولو اضطرّه إلى الوقوع ، أو قصده لغير القتل فخطأ محض. ولو ألقاه الهوى أو زلق فلا ضمان. والواقع هدر على كلّ تقدير. ولو دفعه غيره فديته ودية الأسفل على الدافع.

وقضى أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ دية الراكبة نصفان بين الناخسة والمنخوسة (٢) ، وقيل : عليهما الثلثان (٣) ، وقيل : على الناخسة مع الإلجاء وعلى القامصة لا معه (٤).

والمخرج لغيره ليلا ضامن حتّى العود ، فإن عدم فالدية ، فإن وجد قتيلا فأقام بيّنة على الغير برئ ، وإلّا فالدية على رأي في ماله ، وإن وجد ميّتا ففي الدية إشكال.

وتصدّق الظئر لو أنكر الولد أهله ما لم يعلم الكذب فالدية ، أو إحضاره أو من يحتمله ، فلو دفعته إلى أخرى بغير إذن ضمنت الدية إذا جهل خبره.

ولو انقلبت فقتلته فالدية في مالها إن طلبت الفخر ، وإلّا فالعاقلة.

وروي عن الصادق عليه‌السلام في لصّ جمع الثياب ، ووطئ المرأة مكرها ، وقتل ولدها ، وحمل الثياب ليخرج فقتلته ، بأربعة آلاف درهم في ماله بالإكراه ، وبضمان مواليه دية الغلام ، ولا شي‌ء عليها في قتله (٥).

وروي عنه عليه‌السلام في امرأة أدخلت صديقها ليلة البناء الحجلة ، فاقتتل هو والزوج ، فقتله

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٣٤ / ٩٢٨ ، انظر الوسائل ٢٩ : ٢٦٠ باب ٢٤ من أبواب موجبات الضمان ، ح ٢.

(٢) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٤١ / ٩٦٠. انظر الوسائل ٢٩ : ٢٤٠ باب ٧ من أبواب موجبات الضمان ، ح ١.

(٣) قاله المفيد في المقنعة : ٧٥٠.

(٤) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٣٧٤.

(٥) رواه الكليني في الكافي ٧ : ٢٩٣ / ١٢ ، والشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٠٨ / ٨٢٣ ، انظر الوسائل ٢٩ : ٦٢ باب ٢٣ من أبواب القصاص في النفس ، ح ٢.

٣٥٨

الزوج ، فقتلته هي ، بضمانها دية الصديق وقتلها بالزوج (١).

وروي عن عليّ عليه‌السلام في أربعة سكروا ، فجرح اثنان وقتل اثنان ، قضى دية المقتولين على المجروحين بعد رفع جراحتهما منها (٢).

وعن الصادق عليه‌السلام ، جعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ، وجراحة الباقين من دية المقتولين (٣).

وروي عن عليّ عليه‌السلام ، في ستّة غلمان ، غرق واحد فشهد اثنان على الباقي بالغريق وبالعكس ، قضى ثلاثة أخماس الدية على الاثنين ، والخمسين على الثلاثة (٤).

والواضع حجرا أو سكّينا ، والحافر بئرا في ملك غيره ، أو في طريق مسلوك ، ضامنان ، إلّا إذا وضعها في ملكه ، أو مباح. ولو حفر في ملك غيره فرضي المالك ، أو في الطريق المسلوك لمصلحة المسلمين ، فلا ضمان على رأي.

ولو بنى في الطريق مسجدا ، قيل : لا يضمن إن كان بإذن الإمام (٥).

ولو سلّم ولده لمعلم السباحة ضمن في ماله بالتفريط ، ولو كان بالغا عاقلا فلا ضمان.

ويضمن من يمدّ حبال المنجنيق ما يجنيه الحجر على أحدهم بعد وضع نصيبه ، دون ممسك الخشب ، والمساعد كغيره ، ولو قصدوا أجنبيّا فعمد ، وإلّا فخطأ. وقيل : يضمن الهادمان ثالثهم إذا وقع عليهم (٦) ، والأولى الشركة.

ويضمن الملّاحان المالكان بتصادم السفينتين مفرطين لكلّ على الآخر نصف قيمة ما أتلفه. وكذا الحمّالان لو أتلفا أو أحدهما. وغير المالكين يضمن كلّ منهما نصفهما ، وما فيهما

__________________

(١) رواه الصدوق في الفقيه ٤ : ١٢٢ / ٤٢٦ ، والشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٠٩ / ٨٢٤ ، انظر الوسائل ٢٩ : ٢٥٨ باب ٢١ من أبواب موجبات الضمان ، ح ١.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٧ : ٢٨٤ / ٥ ، والشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٤٠ / ٩٥٦ ، انظر الوسائل : ٢٩ : ٢٣٣ باب ١ من أبواب موجبات الضمان ، ح ١.

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٤٠ / ٩٥٥ ، انظر الوسائل : المصدر السابق ، ح ٢.

(٤) رواه الكليني في الكافي ٧ : ٢٨٤ / ٦ ، والشيخ في التهذيب ١٠ : ٢٣٩ / ٩٥٣ ، انظر الوسائل ٢٩ : ٢٣٥ باب ٢ من أبواب موجبات الضمان ، ح ١.

(٥) قاله الشيخ في المبسوط ٧ : ١٨٦.

(٦) قاله الشيخ في النهاية : ٧٦٤.

٣٥٩

في مالهما ، وبدون التفريط لا ضمان. ولو وقعت سفينة على واقفة فلا ضمان على الواقفة ، ولا على الأخرى إلّا أن يفرّط الواقع.

ويضمن الملّاح ـ لو أصلحها سائرة ، أو أبدل لوحا فغرقت بفعله ـ المال والنفس في ماله.

وصاحب الحائط إذا بناه في غير ملكه ، أو في ملكه مائلا إلى غير ملكه ، أو مستويا فمال إلى الطريق أو إلى غير ملكه وتمكّن من الإزالة. ولا ضمان إذا بناه في ملكه أو مباح فتلف بالوقوع ، أو وقع في الطريق فمات إنسان بغباره ، أو لم يتمكّن من إزالة المائل.

ويجوز نصب الميزاب إلى الطريق ، والرواشن ، ولا ضمان لما يتلف بوقوعها على رأي.

ولو أجّج نارا في ملكه لم يضمن ولو سرت إلى غيره ، إلّا أن يزيد عن قدر الحاجة مع غلبة الظنّ بالتعدّي ، كوقت الأهوية ، ولو عصفت بغتة لم يضمن ، ولو أجّجها في ملك غيره ضمن النفس والمال في ماله ، ولو قصد إتلاف النفس وتعذّر الفرار فالقود.

ولو بالت دابّته في الطريق ، أو رشّه ، أو ألقى قمامة المنزل المزلقة فيه ، فزلق إنسان ضمن على رأي. ولا يضمن جناية سقوط الإناء الموضوعة على حائطه.

ويجب حفظ الدابّة الصائلة ، فيضمن مع الإهمال لا مع عدمه أو الجهل ، ولو جنى على الصائلة للدفع فلا ضمان ، ويضمن لغيره.

ويضمن جناية الهرّ الضارية المملوكة ، ويجوز قتلها.

وصاحب الداخلة على أخرى ضامن مع التفريط في الحفظ لا صاحب الأخرى.

ومالك الكلب ضامن للداخل بإذنه ، وإلّا فلا.

وراكب الدابّة وقائدها ضامنان لما تجنيه بيديها ورأسها ، لا ما تجنيه برجلها وذنبها ، والواقف بها والضارب والسائق ضمناء لما تجنيه بيديها ورجليها. ويتساوى الرديفان ، ولو كان المالك يضمن دون الراكب ، ولو ألقته لم يضمن المالك إلّا بالتفريط. ويضمن المولى لو أركب مملوكه جنايته ، ومنهم اشترط الصغر (١) ، فلو كان بالغا تعلّقت برقبته إن كانت على نفس أو مال ، ولا يضمن المولى ، والأقرب الإتباع في المال لا السعي.

ولو جهل المباشر السبب ضمن المسبب ، كالمغطّي لما حفره في غير ملكه مع دفع غيره

__________________

(١) وهو ابن إدريس في السرائر ٣ : ٣٧٢.

٣٦٠