تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

ولو ادّعى بعض الورثة وقف الموروث عليهم وعلى نسلهم حلفوا مع شاهدهم ، وإلّا حكم بالميراث ، ويكون فاضل نصيب المدّعي عن الديون والوصايا وقفا. ويثبت نصيب الحالف دون الممتنع ، فيقضي من الباقي الديون والوصايا ، والفاضل ميراث. ولو امتنعوا فللأولاد الحلف إن ادّعوا الترتيب. ولو مات الحالف فالأولى انتقال ما حلف عليه إلى البطن الثاني ، لا إلى الباقي من الأوّل ، لتكذيبهم ، ولا إلى الأقرب.

ولا بدّ من يمين البطن الثاني إن ادّعى الأوّلون التشريك ، فيوقف الثلث لولد أحد الأخوين من حين وجوده ، فإن حلف بعد البلوغ أخذ ، وإلّا عاد عليهما على إشكال ، ولو مات أحدهما قبل البلوغ عزل النصف من حين الموت ، وقد كان له الثلث إلى حين الوفاة ، فإن حلف أخذ الجميع ، وإلّا كان الثلث إلى حين الوفاة لورثة الميّت ، وإلّا خرج النصف من حين الوفاة للمتخلّف على إشكال.

ولو ادّعى الترتيب كتب يمين البطن الأوّل ، والحلف على القطع دائما ، إلّا على نفي فعل الغير ، فإنّه على نفي العلم ، ويكتفي بالحلف على نفي الاستحقاق ، وإن أجاب بنفي الدعوى.

ولو ادّعى المنكر الإبراء أو الإقباض انقلب مدّعيا ، فيكتفى من المدّعي باليمين على بقاء الحقّ ، ولا يلزم نفي ذلك.

وكلّما يلزم الجواب فيه يتوجّه فيه اليمين ، ويقضى بالنكول على المنكر على رأي. ولا يتوجّه على الوارث إلّا مع دعوى العلم بموت المورث ، وأنّه ترك في يده مالا ، وثبوت الحقّ ، ويحلف في الطرفين على نفي العلم.

ولو ادّعى على المملوك بجناية أو مال فالغريم المولى ، ولا يسمع الدعوى بالحدّ مع عدم البيّنة ، ولا تتوجّه اليمين فيها ، ولا دعوى غير المكلّف وغير المالك إلّا مع الولاية ، ولا ما لا يتملّك ، ولا دعوى الهبة والرهن على رأي إلّا بعد ادّعاء الإقباض ، ولا أن هذه بنت أمته ، ولو قال : ولدتها في ملكي ، ولا تسمع البيّنة ما لم تصرّح بملكيّة البنت. وكذا لو قال : ثمرة نخلتي. ولا يحكم على المقرّ ذي اليد بذلك ، بخلاف ما لو قال : هذا الغزل من قطنه ، أو الطحين من حنطته.

ويثبت في السرقة لإسقاط المال ، ولو حلف المدّعي ثبت دون الحدّ ، ولو طلب المدّعي

٣٠١

اليمين بعد إسقاط البيّنة قيل : ليس له الرجوع إليها (١).

ولو ادّعى صاحب النصاب الإبدال أو النقصان في الخرص ، أو الذمّي الإسلام قبل الحول ، قبل بغير يمين. ولو ادّعى الحربي الإنبات بعلاج لم يقبل إلّا بالبيّنة.

ولو شهد واحد بدين لمن ليس له وارث قيل : يحبس المنكر حتّى يحلف أو يقرّ (٢).

ولو ادّعى الوصي أنّ الميت أوصى للفقراء مع الشاهد قيل : يحبس الوارث حتّى يقرّ أو يحلف (٣). ولو مات من عليه الدين المستوعب فلا انتقال ، وهو على حكم مال الميّت ، وينتقل الفاضل في غيره ، وللوارث فيهما المحاكمة على ما يدّعيه لمورثه.

ولا يجب على المدّعي دفع الحجّة مع الوفاء ، ولا على البائع دفع كتاب الأصل.

وللمشهود عليه الامتناع من التسليم حتّى يشهد القابض وإن لم يكن شاهدا.

ولو أقرّ المحكوم عليه أنّه هو المشهود عليه ألزم. ولو أنكر فالقول قوله ـ إن كانت الشهادة بوصف مشترك غالبا ـ مع اليمين. وإن كان الاشتراك نادرا فالقول قول المدّعي.

ولو أدّعى المشارك في الاسم والنسب كلّف إبانته ، فإن كان حيّا واعترف أطلق الأوّل. وإلّا وقف حتّى يتبيّن. وإن كان ميّتا فكذلك ، إلّا أن يحصل ما يشهد بالبراءة ، كعدم المعاصرة. وفي توجّه اليمين على المدّعي بنفي علم فسوق الحاكم أو المشهود نظر ، ولا يثبت بالنكول ، ولا اليمين المردودة ، ويتوجّه في دعوى النكاح ، ويثبت بالنكول على رأي. ويحكم للمدّعي بما لا يد لأحد عليه. وروي أنّه إذا انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه البحر فلأهله ، وما أخرج بالغوص فهو للمخرج (٤).

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢١٠.

(٢) حكاهما المحقّق في الشرائع ٤ : ٨٣.

(٣) حكاهما المحقّق في الشرائع ٤ : ٨٣.

(٤) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ٢٩٥ / ٨٢٢.

٣٠٢

[ الفصل ] الثالث

يشترط في القاسم : الإيمان ، والعدالة ، والمعرفة بالحساب ، ولا يشترط العدالة مع التراضي ، ولا الإسلام. ويستحبّ للإمام نصبه ، وتمضي قسمته بنفس القرعة ، ولا يشترط رضاهما بعدها ، قيل : ويشترط في غير المنصوب (١). ويجزئ الواحد إذا لم يكن ردّ ، ومعه الاثنان ، إلّا مع الرضا.

والأجرة من بيت المال ، ومع الغيبة أو القصور فعلى المتقاسمين بالحصص إن لم يستأجراه ، أو أطلقا. وإن عيّن كلّ واحد لزم ، ويجبر الممتنع على قسمة المتساوي الأجزاء مع المطالبة كيلا أو وزنا ، متساويا ومتفاضلا ، وغير المتساوي مع عدم الضرر المشترك ، والمختصّ به على رأي. ويتحقّق بعدم الانتفاع ، وقيل : بنقصان القيمة (٢). وإذا انتفى الردّ والضرر فالقسمة قسمة إجبار ، وإلّا قسمة تراض.

ويقسم الثوب إن لم ينقص بالقطع ، والثياب والعبيد بعد التعديل بالقيمة قسمة إجبار. ويقسم الحاكم إذا سأل الشركاء بمجرّد التصرّف على رأي.

ولو اقتسما ولم يخرجا مجازا أو شربا لأحدهما وهناك درب مسلوك أو شرب نافذ صحّت ، وإلّا فسخت.

فإن تساوت الحصص قدرا وقيمة عدلت على السهام ، ويتخيّر في الإخراج على الأسماء ،

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٨ : ١٤٨.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ١٤٧.

٣٠٣

بأن يكتب كلّ قسم في رقعة ويسترها ويخرج على اسم أحدهم ، أو على السهام ، بأن تكتب الأسماء ويخرج على السهم ، فمن خرج اسمه فله السهم المخرج عليه ، فإن تساوت قدرا خاصّة عدّلت قيمة وألغي القدر ، وإن تساوت قيمة خاصّة سوّيت على الأقل نصيبا ، ويكتب بعدد الشركاء ، ويجعل للسهام أوّل وثاني ، وهكذا إلى الأخير باختيار المتقاسمين ، ومع التعاسر فالقاسم ، ثمّ يخرج الأسماء على السهام لا العكس ، فلصاحب النصف مثلا الثلاثة الأول ثمّ يخرج ، فلصاحب الثلث الباقيان ، والمتخلّف لصاحب السدس ، وكذا العكس.

ولو اختلفت السهام والقيمة سوّيت السهام بالتقويم ، وميّزت على قدر الأقلّ وأقرع. ولو تضمّنت ردّا افتقرت إلى رضاهما ، وإذا اتّفقا عليه وعدّلت السهام ، قيل : لا يلزم بنفس القرعة (١).

ويجبر الممتنع لو طلب نصيبه من العلو والسفل مع التعديل وانتفاء الضرر ، ولو طلب الانفراد بأحدهما أو قسمة كلّ واحد منها منفردا فلا. ويجبر لو طلب قسمة الأرض دون الزرع.

ولو طلب قسمة الزرع بعد الظهور قيل : لا يجبر (٢) ، وقبله لا يصحّ ، قيل : وكذا في السنبل (٣).

ويجبر لو طلب قسمة كلّ واحد من القرحان المتعدّدة وإن تجاورت واختلفت مع تكثّر الطريق بانفراده. والحبوب المختلفة ، ولا يجبر لو طلب قسمتها بعضا في بعض. ويقسّم القراح الواحد وإن اختلفت أشجار أقطاعه ، كالدار المتّسعة. ولا تقسّم الدكاكين المتجاورة بعضا في بعض إلّا بالرضى.

وتقسّم القرية كالقراح الواحد وإن اختلفت قيمة أقرحتها ، ولو ادّعى الغلط أبطلت مع البيّنة ، وله اليمين إن فقدها وادّعى العلم. ولو ظهر استحقاق البعض بطلت إن كان معيّنا مع أحدهما ، أو كان فيهما لا بالسويّة. فلو نقض بناؤه أو قلع غرسه فلا رجوع ، ولو تساويا صحّت ، ولو كان مشاعا بطلت على الأصحّ ، ولو ظهر العيب فالأولى أنّ له الفسخ أو الأرش ، ولو ظهر الدين بعد القسمة وقام به الورثة لزمت ، وإلّا نقصت وقضي الدين.

ولا يجبر أحد الشريكين على المهاياة ، ولو اقتسما الدار فالأولى أنّه ليس لأحدهما منع جريان الميزاب المتقدّم على سطحه إلّا مع الشرط. وتصحّ قسمة الوليّ.

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٨ : ١٣٩.

(٢) القائل هو الشيخ في المبسوط ٨ : ١٤١.

(٣) القائل هو الشيخ في المبسوط ٨ : ١٤١.

٣٠٤

[ الفصل ] الرابع

يقضى بالعين المتنازع فيها مع عدم البيّنة لمن كانت في يده مع اليمين ، ولو تشبّثا فلهما مع التحالف على رأي ، ولو خرجا فللمصدّق ، ولو قال : هي لهما ، تساويا مع التحالف ، ولو كذّبهما أقرّت في يده ، ومع تعارض البينتين يقضى لهما إن تشبّثا ، أطلقتا أو ذكرتا السبب ، لكن مع الإطلاق يقضى لكلّ منهما بما في يد صاحبه ، وللخارج إن تشبّث أحدهما إن شهدتا بالمطلق أو بالسبب على رأي ، ولو أطلقت بيّنة الخارج قضي للمتشبّث ، تكرّر السبب أولا على رأي ، ولو خرجا فلأعدلهما ، فإن تساويا فلأكثرهما عددا ، فإن تساويا فلمن تخرجه القرعة مع اليمين ، وإن امتنع أحلف الآخر وأخذ ، وإن نكلا اقتسما ، فيعول على قدر المدّعين.

ويتعارض الشاهدان مع الشاهد والمرأتين ، لا مع الشاهد واليمين ، ولا الشاهد والمرأتان مع الشاهد واليمين. والواحد مع ثلاث نسوة أولى من رجلين ، والاقتسام مع الإمكان لا في مثل الزوجة والولد ، ولو تعارضت في قدر المهر فإشكال.

وتقدّم شهادة القديم بالملك ، والأقدم على الحارث ، والقديم بالملك على اليد ، وبالسبب على التصرّف.

ولو ادّعى أحد الخارجين جميع الدار والآخر النصف وأقاما بيّنة فالأولى عدم العول ، وأعطي المستوعب النصف ، وأقرع في الباقي ، فيعطى لمن يخرج مع اليمين ، ولو امتنعا اقتسماه نصفين ، ولو تشبّثا قضي بالجميع لمدّعيه.

٣٠٥

ولو ادّعى ثالث الثلث ولا بيّنة مع التشبّث فلكلّ الثلث ، ويحلفان للمستوعب ، والثالث والمستوعب للثاني ، ومع البيّنة فللمستوعب ثلاثة أرباع ما في يده ، وجميع ما في يد الثاني ، وثلاثة أرباع ما في يد الثالث ، وللثاني ربع ما في يد المستوعب ، ويتقارعان في ربع الثالث ، ويقضى للخارج مع اليمين ، ويقسّم إن امتنعا ولا شي‌ء للثالث.

ولو ادّعى الثاني الثلثين والثالث النصف والرابع الثلث مع التشبّث ولا بيّنة فلكلّ ربع مع التحالف ، ومع البيّنة والخروج يقضى للمستوعب بالثلث ، ويقارع الثاني في السدس ، ويتقارعان مع الثالث في السدس أيضا ، ويتقارع الجميع في الثلث ، ويقضى لمن خرجت له مع اليمين. ولو نكلوا قسّم ما يقرع فيه بين المتنازعين في كلّ مرتبة بالسويّة ، ومع التشبّث يأخذ المستوعب نصف ما في يد الثاني ونصف تسعه ، ويقارع الثالث في ثلثه ، فيعطى للخارج مع اليمين ، ولو امتنعا قسّم بينهما ، ويقارع الرابع في تسعه ، فيحلف أو يردّ أو يقسّم ، ويأخذ من الثالث ثلث ما في يده ، ويقارع الثاني في نصفه ونصف تسعه ، فيحلف الخارج أو يردّ أو يقسّم ، ويقارع الرابع في تسعه بالحلف أو القسمة ، ويأخذ من الرابع تسع ما في يده ، ويقارع الثاني في النصف ونصف التسع ، والثالث في الثلث ، ويأخذ الثاني من المستوعب نصف ما في يده ونصف تسعه ، والثالث ثلثه ، والرابع تسعه.

ولو ادّعى أحد المتشبّثين النصف ، والثاني الثلث ، والثالث السدس ، قضي لكلّ بما يدّعيه ، وكذا مع البيّنة.

ولو تداعا الزوجان متاع البيت قضي لذي البيّنة ، ومع العدم فله ما يصلح للرجال ولها ما يصلح لهنّ ، والمشترك يقسّم على رأي ، اشتركت الدار أو اختصّت.

ولو ادّعى أبو الميتة عارية بعض ما في يدها كلّف البيّنة. ولو ادّعى شيئا فقال الغريم : هو لفلان فلا خصومة ، فإن طلب المدّعي إحلافه على عدم العلم بملكيّته فالأولى الإجابة ، فإن امتنع أو ردّ غرم على رأي ، ولو أنكر فلان حفظها الحاكم ، ولو جهل المقرّ له ألزم البيان.

ولو أقاما بيّنة بإجارة الدار التي في يد غيرهما له وإيداعها تعارضا وأقرع مع التساوي. ولو ادّعى ما في يد الغير وأقام بيّنة بسبق اليد أو بسبق الملك فالأولى السماع في الملك ، ولو شهدت للمدّعي بغصبيّة المتشبّث أو استئجاره منه سمعت إجماعا. ولو قال : غصبني ، وقال آخر : أقرّ لي به مع البيّنة قضي للمغصوب ولا ضمان. ولو اختلفا في قدر الأجرة ولا بيّنة بعد

٣٠٦

الانقضاء تحالفا ووجب أجرة المثل ، ولو كان قبله تحالفا وفسخ ، وفي الأثناء ينفسخ فيما بقي ، ويجب عن السالف أجرة المثل ، ولو أقاما بيّنة عمل بالمتقدّم. وتتعارضان لو اتّحدتا ، أو أطلقتا ، أو إحداهما فيقرع ، وقيل : يقضى ببيّنة المؤجر (١).

ولو ادّعى استئجار الدار وقال المؤجر : آجرتك بيتا ، أقرع ، وقيل : القول قول المؤجر (٢) ، ولو أقاما بيّنة حكم للأقدم ، لكن إن تقدّمت بيّنة البيت حكم بإجارته بأجرته وباقي الدار بالنسبة من الأجرة ، ومع الاتّفاق يتعارضان.

ولو ادّعيا شراء ما في يد الثالث منه أقرع مع التساوي بيّنة وتاريخا ، أو أطلقتا التاريخ أو إحداهما ، ولا يقبل قول البائع ، ويغرم لغير الآخذ ، ولو نكلا قسّمت ورجعا بالنصفين ، والأولى أنّ لهما الفسخ. ولو فسخ أحدهما أخذ الآخر الجميع لزوما على إشكال إن كان اختياره بعد اختيار الآخر للفسخ ، وإلّا فالنصف.

ولو ادّعيا ابتياعه منهما وأقاما بيّنة ألزم باليمين إن اختلف التاريخ أو أطلقتا ، ومع الاتّحاد تتعارضان ، فيقرع ويحلف الخارج ويقضى له ، ولو امتنعا قسّم.

ولو ادّعيا شراءه من اثنين ، كلّ واحد من واحد ، وقبض الثمن ، وأقاما بيّنة متساوية قضي بالقرعة ، فيحلف من خرجت له ، ولو نكلا عن اليمين قسّم ورجع كلّ على بائعه بنصف الثمن ، ولهما الفسخ والرجوع بالثمن. ولو فسخ أحدهما فليس للآخر أخذ الجميع ، سواء كان في يد أحد البائعين أو في يد ثالث ، ولو كان في يد أحد المشتريين قضي له على رأي ، وكذا لو ادّعى كلّ منهما الملك والشراء ودفع الثمن وقبض المثمن وأقام بيّنة إلّا في الدرك ، فكلّ موضع قلنا في تلك أنّه يرجع بالكلّ أو البعض لا يرجع هنا بشي‌ء.

ولو ادّعى شراء مدّعي العتق وأقاما بيّنة قضي للسابق ، ومع الاتّفاق بالقرعة واليمين ، فإن امتنعا قيل : يكون نصفه حرّا ونصف لمدّعيه ، ويرجع بنصف الثمن ، ولو فسخ عتق (٣) ، والأقرب التقويم على البائع.

ولو أقام كلّ من الداخل والخارج بيّنة بالشراء من صاحبه قضي للداخل إن شهدتا بالقبض ، وإلّا فللخارج ، ولو وقّتتا قضي للمتأخّر.

__________________

(١) القائل هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٤٦٤.

(٢) القائل هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٤٦٤.

(٣) حكاه الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٨٧.

٣٠٧

ولو أقام بيّنة بشراء ما في يد الغير وأقامت بيّنة بالتزويج منه عليه أقرع وقضي للخارج مع اليمين ، ولو امتنعا قسّم ، ويتخيّر المشتري بالشراء دون الزوجة ، ولها مثل النصف أو نصف القيمة.

ولو أقام بيّنة ببيع الوالدة في زمن الحمل ، وأقام المشتري بالشراء متقدّما على أقلّه ، فالأقرب أن البيّنة بيّنة المشتري.

ولو ادّعى ما في يد آخر وأخذه بالبيّنة ، ثمّ أقام الآخر بيّنة أنّه له ، قيل : نقض الحكم وتعاد (١).

ولو أقاما بيّنة على ما في أيديهما قضي لكلّ واحد بما في يد صاحبه.

ولو ادّعى رقيّة الصغير المجهول قضي له مع اليد ، فلو بلغ وأنكر لم يلتفت إليه. والقول قول الكبير والمميّز لو أنكر.

ولو ادّعاه اثنان فاعترف لهما قضي لهما ، ويختصّ بمن خصّص.

ولو أقام بيّنة بملكيّته منذ مدة فدلّت السنّ على القلّة قطعا أو غالبا سقطت.

ولو ادّعى ملكيّة ما في يد غيره منذ سنة ببيّنة ، فأقام آخر بيّنة بشرائها في المدّعي منذ خمس ، قضي للمشتري بها إن شهدت أنّه اشترى ما هو في ملك البائع ، أو أنّه في ملك المشتري ، أو شهدت بتصرّف البائع تصرّف الملك ، ولو شهدت بالشراء مطلقا فالأقرب أنّه كذلك.

ولو ادّعى شراء ما في يد زيد من عمرو وشهدت بيّنة بالملكيّة له أو للبائع أو بالتسليم قضي له ، وإلّا فلا.

ولو ادّعى مائة ، فقال : قبّضتك خمسين منها ألزم بما ادّعى قضاءه بعد اليمين لا بغيره.

ولو ادّعى تغاير الدين المقرّ به مرّتين طولب بالبيّنة ، أمّا مع اختلاف السبب أو اختلافه جنسا فالقول قوله.

ويقضى للمكتري بالمتّصل كالأبواب ، وللمكترى بما ينقل.

ويقضى بالمساواة لصاحب النهر والضيعة مع اليمين وعدم البيّنة والامتناع ، وتقدّم بيّنة

__________________

(١) نقله عن بعضهم في المبسوط ٨ : ٣٠١.

٣٠٨

مدّعيه إصداق المورث على بيّنة إرثه.

ولو ادّعى الأخ سبق موت الولد والزوج سبق موتها قضي لذي البيّنة ، ومع العدم لا توارث. وتركة الابن لأبيه ، وتركة الزوجة بينهما.

ولو صدّق أحد ولدي المسلم أخاه على سبق إسلامه على موت أبيه ، وادّعى المساواة فأنكر ، فالقول قول المتّفق عليه مع اليمين على نفي العلم ، وكذا العتق. ولو اتّفقا على اختلاف زماني الإسلامين وادّعى المتقدّم تقدّم إسلامه عليه والمتأخّر تأخّره عنه اقتسما.

ولو ادّعى الحاضر من الأخوين انتقال ما في يد الغير بالإرث عن أبيه ، وأقام بيّنة كاملة أخذ النصف ، ولا يلزم بضامن ، والباقي يكون مع الأوّل على رأي ، ويؤخّر التسليم لو لم تكن كاملة ، ويبحث الحاكم مستظهرا ، ثم يسلّم النصف ويضمن. ولو كان ذا فرض أعطي نصيبه كملا مع العلم بعدم الوارث ، واليقين أن لو كان وارث مع عدمه ، ويتمّ مع البحث ويضمن ، ولو كان محجوبا أعطي مع الكاملة ، ومع عدمها بعد البحث والضامن.

ولو قال : إذا متّ قتلا فأنت حرّ ، فأقام بيّنة بالقتل قورع مع بيّنة الورثة بالموت. وكذا لو علّقه بزمان وأقاما بيّنة على الموت فيه ، والتقدّم أو التأخّر.

ولو أقام بيّنة برقّيّة الجارية ، أو أقرّت بالغة وادّعت المرأة حرّيّتها وأنّها بنتها حكم له ، ولو كانت صغيرة أو لا تقرّ له نزعت من يده ، فإن أقامت المرأة بيّنة سلّمت إليها ، وإلّا تركت.

٣٠٩

[ الفصل ] الخامس

يشترط في الشاهد ، البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، والعدالة ، وعدم التهمة ، وطهارة المولد على رأي ، وتقبل شهادة الصبيّ بعد بلوغه ، وقبله في الجراح مع الاجتماع على المباح ، وبلوغ العشر ، وشهادة المجنون حال إفاقته. ويجب فيه وفي غالب السهو الاستظهار ، وشهادة الذمّي خاصّة من الوصيّة مع عدم العدول. ولا يشترط الغربة ، وقيل : يقبل شهادة كلّ ملّة على ملّتهم (١).

ولا تقدح الصغائر في العدالة مع عدم الإصرار ، وتقدح الكبائر ، والإصرار على ترك المندوبات المعلوم منه التهاون.

وتردّ شهادة المخالف في الأصول ، قلّد أو اجتهد ، لا المخالف في الفروع من المعتدين ، ما لم يخالف الإجماع ، كالقائل بالقياس والاستحسان ، ولا يفسق وإن أخطأ.

ولا تقبل شهادة القاذف قبل التوبة. وحدّها الإكذاب مع الكذب ، والتخطئة مع عدمه. واشترط قوم في الصلاح زيادة على الاستمرار (٢). ولا يردّ لو أقام بيّنة أو صدّق.

وتردّ شهادة اللاعب بالنرد والشطرنج ، والأربعة عشر ، والخاتم ، وغيرها من آلات اللهو والقمار وإن قصد الحذق ، والشارب للمسكر والفقّاع ، والعصير إذا غلى من نفسه أو النار وإن

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٣٣٤.

(٢) منهم الشيخ في الخلاف ٦ : ٢٦٤ المسألة ١٣.

٣١٠

قلّت ، إلّا أن يذهب ثلثاه.

وما يتّخذ من التمر والبسر حلال إذا لم يسكر ، ويجوز اتّخاذ الخمر للتخليل.

ومدّ الصوت بالترجيع ، واستماعه في قرآن وغيره ، والحسد ، وبغضه المؤمن ، ولبس الحرير للرجال في غير الضرورة والحرب ، لا الاتكاء عليه والافتراش ، والتحلّي بالذهب لهم ، والرهان على الحمام ، لا اتّخاذها للأنس ، وإنفاذ الكتب ، والفرجة ، والتطيّر ، وعمل الشعر إذا كان كذبا أو هجاء مؤمن أو تشبيبا بمعروفة غير محللّة له فسوق.

ويكره الإكثار من الشعر.

والزمر والعود والصنج وغيره من آلات اللهو ، ويحرم استعماله وسماعه. ويكره الدفّ في الإملاك والختان.

ولا تردّ شهادة مكروه الصنعة ، وتردّ شهادة السائل في كفّه إلّا إذا وقع ندرة ، والمتبرّع إلّا في حقوق الله تعالى ، والمصالح العامّة ، وشهادة المنتفع بها كالشريك فيما هو شريك ، والمديون إذا شهد المحجور عليه ، والسيّد للمأذون ، والوصيّ فيما يتعلّق به ، وجرح العاقلة شهود الجناية ، وجرح الوكيل والوصيّ شهود المدّعي على مولاهما ، وشهادة الوكيل لموكله فيما هو وكيل فيه ، وتقبل في غيره ، ولو عزل قبلت في الجميع ما لم يكن أقامها فردّت ، أو نازع.

وتردّ شهادة العدوّ في الدنيويّة لا الدينيّة وإن لم يفسق بها ، وشهادة بعض المأخوذين على الآخذين.

وتقبل لو شهد لعدوّه أو لنسيبه وإن قرب ، أو عليه ، إلّا الولد على والده على رأي ، أو لزوجة أو لزوجها مع الضميمة. واشترط قوم في الجميع. ولصديقه ، ومستأجره ، وضيفه ، وسيّده لا عليه على رأي ، وكذا المدبّر والمشروط ، قيل : ولو أدّى المطلق قبلت بمقداره (١). ولو ردّت الشهادة في البعض للتهمة لم تردّ في الباقي.

ولو اختلفت الورثة في القسمة فشهد القاسمان بها لم تقبل إن كانا بجعل. ولو تحمّل كافرا أو فاسقا أو عبدا ثمّ أقام بعد الزوال قبلت ، وكذا الابن بعد موت أبيه ، ولو أقامها أحدهم

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٣٣١.

٣١١

وردّت ، ولو تاب لتقبل لم تقبل.

وينقض الحكم لو تبيّن المانع حالة الحكم لا المتجدّد ، ولو شهدا وماتا حكم ، وكذا لو ردّا بعد الموت. ولو فسقا قبل الحكم حكم إلّا في حقوقه تعالى ، ولو انتقل المشهود به إليهما بالإرث عن المشهود له لم يحكم. ولو رجعا قبل الحكم لم يحكم ، وبعد الحكم والاستيفاء والتلف لا نقض ويضمنان. ولو فقد الأخير فالأولى عدم النقض ، ولو فقد الأخيران نقض في حقّه تعالى ، وفي غيره إشكال.

ولو رجعوا في موجب القصاص اقتصّ منهم إن اعترفوا بالتعمّد ، وإلّا فعليهم الدية ، ولو افترقوا فرّق الحكم ، وللوليّ قتل الجميع وردّ الفاضل عن دية صاحبه في العمد ، وقتل البعض ويردّ الباقون قدر جنايتهم.

ولو قال أحد الأربعة في الزنى : تعمّدنا وصدّقه الباقون فللوليّ القتل وردّ الفاضل. وقتل الواحد ويؤدّي الباقي تكملة ديته بعد وضع نصيب المقتول ، وقتل أكثر ويؤدّي الأولياء الفاضل عن دية صاحبهم ، والباقي ما يعود بعد وضع نصيب المقتولين ، ولو كذّبوه لم يمض إلّا في حقّه ، ولو قالوا : تعمّدنا غير أنّا لم نعلم أن شهادتنا تقبل ، أو علمنا القبول ولم نعلم أنّها تقبل بذلك فهو عمد الخطإ.

ولو حكم بالعتق بشهادتهما ورجعا ضمنا ، تعمّدا أو أخطئا.

ولو ثبت تزويرهم نقض واستعيد ، ومع التعذّر يغرم الشهود ، وفي القتل يقتصّ منهم كالاعتراف. ولو باشر الوليّ واعترف بالتزوير اقتصّ منه خاصّة.

ولو رجعا في الطلاق بعد الدخول فلا ضمان ، وقبله النصف ، وقيل به مع عدم القبض ، وإلّا فبالجميع (١) ، ويتساويان في الضمان لو رجعا ، ويضمن أحدهما النصف لو رجع. ولو رجع مع المرأتين ضمن النصف وهما الباقي ، ومع العشرة قيل : السدس (٢). ولو رجع الثلاثة ضمنوا ، ولو انفرد أحدهم ، قيل : يضمن الثلث (٣). وكذا لو رجع ثمان نسوة من العشرة فعلى كلّ واحدة نصف السدس.

__________________

(١) حكاه الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٤٧.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٤٨.

(٣) نقله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٤٨.

٣١٢

ولو رجع المزكّيان بعد الحكم ضمنا ، ولا ينقض الحكم لو شهدوا بالجرح مطلقا ، ولا بعد الشهادة قبل الحكم ، ولو قدموا على الشهادة نقض ، ومع النقض الدية في بيت المال وإن باشر الوليّ مع إذن الحاكم ، ويضمن لو لم يأذن وإن كان بعد الحكم ، ويستعاد المال مع البقاء ، وإلّا غرم المشهود له ، ومع إعساره قيل : يضمن الحاكم ، ويرجع مع الإيسار (١).

ولا بدّ من توارد الشهود على المعنى ، فلا تقبل لو شهد أحدهما بالبيع والآخر بالإقرار له ، بل يحلف مع أحدهما. ولا إذا شهدا بالفعل في وقتين. ولا إذا شهد أحدهما بسرقة دينار والآخر بدرهم ، ولو حلف مع أحدهما أو تعارضت البيّنتان بسرقة عين في الزمان ثبت ولا قطع ، ولو تكثّرت العين ثبتا.

ولو شهد أحدهما ببيع شي‌ء بدينار وآخر بدينارين واتّحد الزمان تعارضا وحلف مع أحدهما. ولو شهد مع كلّ آخر ثبت الديناران بشاهدين.

ولو شهد أحدهما بالنكاح بألف والآخر بألفين ، فإن كان المدّعي الزوج سقطا ، وإلّا حلفت المرأة مع أحدهما.

ولو شهد بإقرار ألف والآخر بألفين ثبت الألف بهما ، والآخر بالآخر واليمين ، ولو شهد مع كلّ آخر ثبت الألف بالأربع ، والآخر باثنين ، وكذا في قيمة المسروق.

ولو شهد واحد بالإقرار بلغة والآخر بغيرها قبلت.

ولو شهدا بعتق واحد ، وآخران أو الورثة أنّ العتق لغيره ، وقيمة كلّ الثلث ، عتق السابق ، ومع الجهل يقرع ، ومع الاتّفاق تأريخا فكذلك ، ومع الاختلاف يعتق المقروع ، فإن ساوى أو نقص صحّ وأكمل من الآخر ، وإلّا فبقدره. ولو كانت الورثة فسقة ولا تكذيب عتق ما شهد به الأجنبيّان ، ومع التكذيب يعتق الأوّل ، والوجه أنّه يعتق أيضا ثلثا ما شهد به الورثة.

قيل : ولو شهد العدلان من الورثة بالرجوع عن الوصيّة الثابتة لزيد بعدلين إلى عمرو قبلت (٢).

ولو شهدا بالرجوع عن وصيّة عتق غانم الثلث إلى سالم الثلث قبلت مع العدالة لا مع الفسوق ، ويعتق من سالم ثلثاه.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٥٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٥٣.

٣١٣

ولو شهد لعمرو واحد بالرجوع حلف وأخذ من زيد.

ولو أوصى بمنفردتين فشهد عدلان برجوعه عن إحداهما ، قيل : لا تقبل لعدم التعيين (١) كما لو شهد لزيد أو عمرو.

ولو أقام مدّعي العتق بيّنة تفتقر إلى البحث ، قيل : يفرّق مع سؤاله (٢). وكذا بحبس الغريم مع إقامة شاهد إذا ادّعى الآخر.

ولا يجوز الشهادة إلّا مع العلم المستند إلى المشاهدة كالأفعال ، ولا يعوّل على خطّه وإن شهد الثقة ، وبالخلاف قول.

وتقبل شهادة الأصمّ ، ويكفي السماع في النسب والموت والملك المطلق والنكاح والوقف والعتق والولاء ، ويشترط فيه التواتر على رأي ، وقيل : يكفي عدلان ، فيصير السامع شاهد أصل (٣).

ولا يشهد بالسبب إلّا أن يكون إرثا ، ولا يفتقر في الملك إلى مشاهدة التصرّف ، ولو عارضه يد متصرّفة فالترجيح لليد.

وقيل : لو سمع قول : هذا ابني أو أبي لكبير مع السكوت شهد بالرضى (٤). ويشهد للمتصرّف بالملك المطلق ، والأولى الشهادة لذي اليد به ، قيل : لو صحّ لم يسمع : الدار ـ التي في يده ـ لي (٥) ، كما لا تسمع ملكه لي ، وهو ضعيف ، للمنع من الملازمة ، والفرق التصريح بالملك في الثاني ، والنقض بسماع الدار ـ التي في تصرّفه ـ لي. ولو شهدا بالدار المعروفة قبلت وإن جهلا الحدود.

ويجوز أن يشهدا بالبيع وإن لم يعرفاه مع علم المتبايعين.

وتكره الشهادة على المخالف.

وتقبل شهادة الأخرس بالإشارة ، ومع الجهل تفتقر إلى مترجمين عارفين بها ،

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٥٣.

(٢) قوّاه الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٥٤.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ١٨١.

(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ١٨١.

(٥) حكاه الشيخ في المبسوط ٨ : ١٨٢.

٣١٤

ولا يكونان فرعين.

وتقبل شهادة الأعمى فيما لا يفتقر إلى النظر ، ويجوز له التحمّل مع العلم بالصوت ، ولا تقبل في الزنى واللواط والسحق إلّا أربعة رجال ، والأصحّ قبول شاهدين في البهائم. ويثبت الزنى خاصّة بثلاثة وامرأتين ، وبرجلين وأربع ، ويثبت بالأخير الجلد خاصّة ، والأقرب أنّ الإقرار كالأصل. وما عدا ذلك من الموجب للحدّ يثبت بشاهدين ، لا بشاهد وامرأتين ، ولا بشاهد ويمين ، ولا النساء. وكذا الطلاق والخلع والوكالة والوصيّة إليه والنسب ورؤية الأهلّة.

والأولى ثبوت القصاص والعتق والنكاح بشاهد وامرأتين. ويثبت بذلك وبشاهد ويمين : الديون والأموال وعقد المعاوضة والوصيّة له والجناية الموجبة للدية والوقف.

ويثبت بشهادة الرجال ، والنساء منفردات ومنضمّات : الولادة والاستهلال وعيوب النساء الباطنة ، وفي الرضاع خلاف.

ويقبل شاهد وامرأتان : في الديون والأموال. وشهادة امرأتين مع اليمين ، ولا تقبل شهادتهنّ على الانفراد وإن كثرن. وتقبل شهادة الواحدة في ربع ميراث المستهلّ ، وربع الوصيّة ، والاثنتين في النصف وهكذا.

وما تقبل فيه شهادتهنّ منفردات لا يثبت بأقلّ من أربع ، والحكم تبع للشهادة ، فلا يستبيح المشهود له إلّا مع العلم بصحّتها ، أو الجهل ، وليست شرطا في شي‌ء من العقود ، إلّا الطلاق والخلع والظهار. ويستحبّ في النكاح والرجعة والبيع ، ويجب أداؤها على الكفاية ، إلّا مع الضرر غير المستحقّ ، وكذا التحمّل على الأصحّ.

وتقبل الشهادة على الشهادة في حقوق الناس كالقصاص والطلاق والنسب والعتق والقرض والعقد وعيوب النساء والولادة والاستهلال ، لا الحدود وإن اشتركت ، كالسرقة والقذف على خلاف فيهما ، ولا تقبل الثالثة ، ولا بدّ من اثنين على واحد. ويجوز اتّحادهما ، وأن يكون أحدهما أحد الأصلين ، أو يكون اثنان على جماعة ، أو على رجل وامرأتين ، أو على النساء.

وأعلى مراتب التحمّل اشهد على شهادتي أنّني أشهد على فلان ، ودونه سماع الشهادة عند الحاكم. ودونه أن يسمعه يقول : أنا أشهد ويذكر السبب ، ولو لم يذكره لم يتحمّل. فيشهد

٣١٥

في الأوّل بأشهدني على شهادته ، وفي الثاني أشهد أنّ فلانا شهد عند الحاكم ، وفي الثالث أن فلانا شهد ويذكر السبب.

ولا يقبل الفرع إلّا مع تعذّر الأصل بالمرض وشبهه. والغيبة وضابطها اعتبار المشقّة بالإحضار. ولو أنكر الأصل طرحت على رأي ، أمّا لو حكم ثمّ حضر أو أنكر لم ينقض ، ولو رجع الأصلان ففي تضمّنهما نظر ، ولو فسق الأصل لم يحكم بالفرع.

وتقبل شهادة النساء فرعا فيما تقبل فيه شهادتهنّ خاصّة على إشكال ، وإذا سمّي الفرعان الأصل وعدلاه أثبت ، وإلّا بحث عنه. ولو عدلاه ولم يسمّياه لم تقبل.

وتقبل الشهادة على الشهادة في الإقرار باللواط والزنى بالعمّة والخالة ووطء البهيمة وشهادة الاثنين. ويثمر إنشاء الحرمة ووجوب البيع.

٣١٦

كتاب الحدود

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

يجب ـ بإيلاج الإنسان ذكره في فرج امرأة محرّمة من غير عقد ، ولا شبهة ، ولا ملك ، حتّى تغيب الحشفة قبلا أو دبرا بشرط العلم بالتحريم ، والاختيار ، والبلوغ ـ الحدّ. وفي الرجم زيادة الإحصان ، وهو أن يكون للبالغ الحرّ فرج مملوك بالدائم أو الملك ، متمكّن منه ، يغدو عليه ويروح ، موطوءا. ولا يشترط الإسلام ، قيل : ولا العقل (١). فيحدّ المجنون ، أو يرجم ، والمرأة كالرجل ، إلّا العقل فإنّه مشترط إجماعا ولو زنى العاقل.

ولو عقد على إحدى المحرّمات نسبا أو رضاعا جاهلا فلا حدّ. ويثبت مع العلم وإن استأجرها للوطء أو غيره ، إلّا مع توهّم الحمل به ، وكذا كلّ موضع متوهّم. والمتشبّهة تحدّ دونه ، وروي حدّه سرّا ، وحدّها جهرا (٢). ولا حدّ مع إكراه المرأة قطعا ، والرجل على الأولى.

ويثبت للمكرهة على الواطئ مهر المثل ، لا مع ادّعاء الزوجيّة ، ولا يكلّف البيّنة ولا اليمين ، ولا مع ادّعاء ما يصلح شبهة.

__________________

(١) حكاه عن البعض في المبسوط ٨ : ٣.

(٢) رواه الشيخ في التهذيب ١٠ : ٤٧ / ١٦٩ ، والكليني في الكافي ٧ : ٢٦٢ / ١٣. انظر الوسائل ٢٨ : ١٤٣ باب ٣٨ من أبواب حدّ الزنى ، ح ١.

٣١٧

والرجعيّ لا يخرج عن الإحصان ، فلو تزوّجت عالمة حدّت مع الزوج إن علم التحريم والعدّة ، وإلّا فلا. ويختصّ مع الاختصاص ، وتقبل من مدّعي الجهالة مع الإمكان.

وتخرج بالبائن ، فلو راجع المخالع فلا رجم إلّا بعد الوطء ، وكذا العبد لو أعتق ، والمكاتب لو تحرّر. ويحدّ الأعمى ويصدّق في ادّعاء الاشتباه المتحمّل على رأي.

ويثبت الزنى بإقرار البالغ المختار الحرّ أربعا في أربعة مجالس إجماعا ، ولو اتّحدت فإشكال.

ويثبت التعزير بالأقل وبالتقبيل والمضاجعة والمعانقة ، ويشترك الرجل والأنثى. وتقبل إشارة الأخرس ، ولو نسبه ثبت في حقّه بأربع ، وفي القذف نظر. ولو لم يبيّن الحدّ المقرّ به لم يكلّف ، وضرب حتّى ينتهي ، ولو أنكر إقرارا يوجب الرجم سقط ، دون غيره على رأي. ولو أقرّ بحدّ ثمّ تاب تخيّر الإمام ، ولو حملت ولا بعل فلا حدّ إلّا أن تقرّ أربعا.

وبشهادة أربعة رجال وإن كان الزوج أحدهم خاصّة على رأي ، ولو شهد الأقل حدّ للقذف. ولو شهد أربعة نسوة بالبكارة فلا حدّ ، وفي حدّ الشهود نظر.

ولو شهد الأربعة وردّت شهادة البعض ، قيل : إن ردّت بأمر ظاهر حدّ الجميع ، وإلّا المردود (١) ، ولو رجع أحدهم بعد الإقامة حدّ خاصّة.

ولا بدّ في شهادتهم من ذكر مشاهدة الإيلاج كالميل من غير عقد ولا شبهة ، ويكفي لا نعلم بسبب التحليل. ولو لم يشهدوا بالمعاينة حدّوا لا مع عدم القذف ، ويعزّروا في اتّحادهم معنى ، فيحدّون لو شهد البعض بالمعاينة ، أو في زاوية أو يوم معيّن ، والباقي بالخلاف.

ولو اختلفوا بالإكراه والمطاوعة فوجهان ، أقربهما السقوط. ولو أقام البعض في وقت حدّوا. ولا ينتظر الإتمام ، ولو شهدوا بالقديم قبلت ، وتقبل الأربعة على اثنين فزائدا ، والاحتياط التفريق بعد الاجتماع.

ولا تسقط الشهادة بتصديق المشهود عليه ، ولا بتكذيبه.

والتائب قبل قيام البيّنة يسقط عنه لا بعده ، حدّا أو رجما.

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٨ : ٩.

٣١٨

ويقتل الزاني بذات محرم ، والمكره ، والذمّي بالمسلمة مطلقا ، وألحق الزاني بامرأة أبيه. ويقتصر على القتل بالسيف على رأي.

ويرجم المحصن الزاني بالبالغة العاقلة ، ويقدّم الجلد إن كان شيخا أو شيخة ، وفي الشابّ قولان (١). وبالصبيّة والمجنونة يجلد ، وكذا المرأة إذا زنى بها طفل ، ولو كان مجنونا حدّت تامّا ، وفي المجنون نظر.

ويجلد الحرّ غير المحصن مائة جلدة ، ويحلق رأسه ، ويغرّب سنة من مصره وجوبا ، ومن بلد الزنى للغريب ، واشترط قوم الإملاك في التغريب (٢).

وتجلد المرأة مائة ، ولا جزّ ولا تغريب.

والمملوك خمسين وإن كان محصنا ، ذكرا كان أو أنثى ، ولا جزّ ولا تغريب.

ويقتل الحرّ بعد الحدّ مرّتين ، وقيل : ثلاثا ، والمملوك في الثامنة (٣) وقيل : التاسعة (٤). وفي المتكرّر واحد وإن كثر اتّحدت أو تكثّرت. ويتخيّر الإمام في أهل الذمّة بأمثالهم بين الإقامة والردّ إلى أهلهم.

وتؤخّر الحامل حتّى تخرج من النفاس ، وترضع إن لم يوجد مرضع ، وإلّا أقيم في الجلد والرجم ، قيل : ويؤخّر من ثبت رجمه بالإقرار مريضا (٥).

ويرجم المريض والمستحاضة ، ولا يجلدان مع عدم وجوب القتل والرجم حتّى يبرأ ، ولو عجّل لمصلحة فبالضغث ، ولا يشترط وصول كلّ شمراخ إلى جسده.

ولا تؤخّر الحائض ، ولا يسقط بالجنون المتجدّد والارتداد. ولا يقام في شدّة البرد والحرّ ، ولا أرض العدوّ ، ولا الحرم للملتجئ ، بل يضيّق عليه ، إلّا أن يحدث فيه الموجب.

وإذا اجتمعت الحدود بدئ بما لا يفوت به الآخر ، وقيل : يتوقّع البرء (٦).

__________________

(١) المختلف ٩ : ١٤٧ ، المسألة ٨ ، الشرائع ٤ : ١٤٢.

(٢) منهم الشيخ في النهاية : ٦٩٤ ، وابن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع : ٥٥٠ ، والمحقّق في الشرائع ٤ : ١٤٢.

وابن حمزة في الوسيلة : ٤١١. والمراد بالإملاك هو : من كان عاقدا على امرأة عقدا شرعيّا ولم يدخل بها.

(٣) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ٥١٩ ، والمحقّق في الشرائع ٤ : ١٤٢.

(٤) قاله الشيخ في النهاية : ٦٩٥ ، وابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٢٠.

(٥) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٥.

(٦) قاله ابن حمزة في الوسيلة : ٤١٣.

٣١٩

ويدفن المرجوم إلى حقويه ، والمرأة إلى صدرها ، ويعاد إن فرّ ويثبت بالبيّنة ، وإلّا فلا ، إلّا أن يقيما على الاعتراف ، واشترط إصابة الحجر. ويبدأ الشهود بالرجم وجوبا ، ولا يشترط حضورهم ، فلو ماتوا أو غابوا لا فرارا حدّوا ، وقيل : لا يجب عليهم الحضور موضع الرجم ، والإمام في المقرّ (١) ، وينبغي الإشعار ، وحضور طائفة ، وقيل : يجب وأقلّها واحد (٢) ، وأن تكون الأحجار صغارا ، ولا يرجمه من عليه حدّ لله تعالى ، ويدفن بعده ، ويحرم إهماله.

ويجلد الزاني على حالته قائما أشدّ الضرب ، ويفرّق ، ويتّقى وجهه ورأسه وفرجه. والمرأة جالسة ، وتربط ثيابها.

ويقيم الحاكم حدوده تعالى بعلمه ، ويقف غيره على المطالبة.

ولو وجد رجلا يزني بامرأة فلا إثم عليه لو قتلهما ، ويقاد إلّا مع البيّنة أو التصديق.

ومن افتض بكرا بإصبعه فعليه مهر نسائها ، وفي الأمة عشر القيمة.

ولو تزوّج أمة على حرّة فوطئ بغير إذن فعليه ثمن حدّ الزاني.

ويعاقب الزاني في رمضان ليلا أو نهارا ، أو في مكان شريف ، أو زمان شريف ، زيادة على الحدّ.

وللسيّد إقامة الحدّ على العبد والأمة المزوّجة وغيرها بغير إذن الإمام في الزنى والشرب. والأولى أنّ السرقة وقتل الردّة كذلك ، بعلمه وبالبيّنة والإقرار. وله الجرح والتعديل ، بل يشترط أن يكون عالما بقدر الحدود ، قيل : وللفاسق والمكاتب الإقامة (٣) ، والأصحّ في المرأة الإقامة.

ويجب في اللواط الموقب القتل عليهما إن كانا عاقلين بالغين ، حرّين كانا أو عبدين ، مسلمين أو كافرين ، محصنين أو غير محصنين ، أو بالتفريق.

ويقتل البالغ العاقل الموقب. ويؤدّب الصبيّ والمجنون. ولو لاط الصبيّ بالبالغ حدّ البالغ تامّا دون الصبيّ. ولو لاط بمثله أدّبا. ولو لاط بعبده قتلا ، ولو ادّعى العبد الإكراه درئ عنه

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ١٤٤.

(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٤٥٣.

(٣) قوّاه الشيخ في المبسوط ٨ : ١٢.

٣٢٠