تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

ـ على رأي ـ والتفريط ، ولو جحد الإعارة بطل الاستئمان.

ويشترط كون المعير جائز التصرّف إلّا أن يأذن الوليّ للصغير مع المصلحة ، وصحّة الانتفاع مع بقاء العين ، ولو استعار من الغاصب مع العلم والتلف في يده ورجع عليه لم يرجع على الغاصب ، ولو رجع على الغاصب رجع عليه ، ولو كان لا معه ضمن الغاصب خاصّة ، ويقتصر المستعير على المأذون ، وإلّا بنى على العادة ، ولو خالف المأذون ضمن وعليه أجرة المثل إن كان ممّا يستأجر له ، ولو أذن له في الغرس والزرع قيل : له القطع مع الأرش (١) ، وله بيعه على المعير وغيره ، ولو حملت الريح الحبّ فثبت كان للمالك قلعه ولا أرش ، ولو أعاده للدفن لم يكن له قلع الميّت ، ولو أذن في طرح خشبة فله الإزالة مع الأرش ، إلّا أن يكون الطرف الآخر في ملكه ويؤدّي إلى خرابه ، ولو انقلعت لم تجدّد إلّا بالإذن ، وكذا في الغرس.

ولا يعير المستعير ، ولا يؤجّر إلّا بإذن ، وإنّما يبرأ المستعير بالردّ إلى المالك أو الوكيل ، ولو أعاد إلى المسافة المأذون فيها بعد التعدّي لم يبرأ ، ولو نقصت بالاستعمال ثمّ تلفت مع التفريط ضمن يوم التلف لا مع النقص ، ولو قال المالك : آجرتك وادّعى العارية حلف المالك في عدمها ، وله أجرة المثل على رأي ، وكذا لو ادّعى عارية الأرض المزروعة ، وإن كان الاختلاف عقيب القبض فالقول قول من ينكر الأجرة ، والقول قول المالك في الردّ. ويجوز إعارة الشاة للحلب.

ويكره استعارة الأبوين للخدمة. ويستحبّ للترفّه.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ١٣٧.

١٤١

[ الفصل ] الخامس

إنّما تجوز المسابقة على النصل الشامل للسهم والنشّاب والحراب والسيف ، وعلى الخفّ الشامل للإبل والفيل ، وعلى الحافر الشامل للفرس والبغل والحمار.

وهي عقد لازم كالإجارة على رأي ، ولا بدّ من العوض عينا أو دينا ، سواء كان من أحدهما أو مغايرا ، ويجوز من بيت المال ، ويملكه السابق مع تمام السبق ، ولا يشترط المحلّل ، ويجوز جعل العوض له أو للسابق.

وشرط المسابقة تقدير المسافة والعوض وتعيين ما يسابق عليه ، وكونه محتملا للسبق وعدمه ، ويجوز جعل العوض لأحدهما أو للمحلّل ، واتّحاد الغاية لا الموقف ، ولا يشترطان في الرمي.

وشرط المراماة تعيين عدد الرمي وعدد الإصابة ، وصفتها ، وقدر المسافة ، وما يقصد إصابته ، والعوض ، وتماثل جنس القوس لا شخصها ، ولو شرط تعيينه لم يتعيّن.

ويجوز اشتراط المبادرة ، وهي أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في عدد الرمي.

والمحاطّة ، وهي إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة ، ولو كان العوض من أجنبي للتسابق من خمسة فتساووا فلا استحقاق ، ولو سبق أحدهم أو اثنان فلهما ، وهكذا إلى الأربعة ، ولو

١٤٢

قال : من صلّى فله اثنان ، ومن سبق فله ثلاثة ، فعوض السابق لمن سبق اتّحد أو تكثّر ، وكذا عوض المصلّي لمن صلّى ، ولو تأخّر البعض فلا شي‌ء له ، ولو كان العوض من المتسابقين وأدخلا المحلّل وقالا : من سبق فله العوضان ، فإن سبق المحلّل فله ، وكذا لو سبق أحدهما ، ولو سبقا المحلّل فلكلّ ماله ، ولو سبق أحدهما والمحلّل فللسابق ماله وله وللمحلّل الآخر ، ولو شرطا المبادرة وعدد الرمي عشرون والإصابة خمسة فأصاب كلّ واحد خمسة من عشرة فقد تساويا ، ولا يجب الإكمال لعدم فائدة المبادرة ، ولو أصاب أحدهما خمسة منها والآخر أربعة فقد سبق الأوّل ، ولا يجب الإكمال ، ولو شرطا المحاطّة فأصاب كلّ واحد خمسة من عشرة تحاطّا وأكملا ، ولو أصاب أحدهما تسعة منها والآخر خمسة تحاطّا في الخمسة وأكملا ، ولو بادر أحدهما مع المحاطّة إلى إكمال العدد مع انتهائه فقد سبق ، وإن كان قبله وسأل صاحب الأقلّ الإكمال أجيب مع الفائدة ، بأن يرجّح ، أو يساويه ، أو يمنعه من الانفراد بالإصابة ، بأن يقصّر بعد المحاطّة عن العدد ، ولا يجاب مع عدمهما ، كما لو أصاب أحدهما خمسة عشر منها والآخر خمسة تحاطّا ، فإذا أكملا فأكثر ما يحصل لصاحب الخمسة الباقي دون الآخر ، فيفصل للآخر الكمال ، ولو فسد العقد فلا أجرة ولا عوض ، ولو كان العوض مستحقّا فعلى الباذل القيمة ، وقيل : لا يصحّ فيه المعاوضة (١).

والاعتبار في المسابقة بالعنق أو الكتد (٢) ، وقيل : بالأذن (٣) ، ولو كان عنق أحدهما أطول وسبق بما يزيد عن الفاضل سبق ، وإلّا فلا ، ولو أخرج أحدهما عشرة وقال : إن نضلتني فهي لك وإلّا فلا شي‌ء عليك ، فقال ثالث للمخرج : أنا شريكك في الغنم والغرم ، إن نضلك فعليّ النصف ، وإن نضلت فلي نصف ما أخرجت لم يصحّ ، وكذا لو أخرجا وأدخلا المحلّل ، وقال الرابع لكلّ منهما : أنا شريك في الغنم والغرم.

__________________

(١) حكاه الشيخ في المبسوط ٦ : ٢٥٩ ونسبه إلى الشاذّ.

(٢) الكتد : قال ابن السكّيت : مجتمع الكتفين. وبعضهم يقول : ما بين الكاهل إلى الظهر. وقيل : مغرز العنق في الكاهل عند الحارك. عنه المصباح : ٥٢٥ « كتد ».

(٣) قاله ابن الجنيد ، كما عنه في إيضاح الفوائد ٢ : ٣٦٣.

١٤٣

ولو كان العدد عشرين والإصابة خمسة فرمى كلّ منهما عشرة وأصاب اثنين فقال أحدهما : ارم سهمك فإن أصبت نضلتني لم يجز ، ولو قال له : ارم عشرين فإن كان صوابك أكثر فلك دينار صحّ جعالة ، ولو قال : ناضل نفسك فإن كان الصواب أكثر فلك دينار لم يصحّ ، ولو شرط أن يسقط عنه واحدا حظّا لا له ولا عليه بطل النضال ، ولو شرط الإصابة مطلقا أجزأ ما أصاب بالنصل مطلقا.

والخاسق : هو الذي يثقب الغرض ويثبت فيه ، فلو ثقبه ثقبا يصحّ للخسق وسقط السهم لم يكن خاسقا ، ولو شرط الخاسق فمزق ، بأن ثقب ونفذ من وراء الغرض فهو خاسق ، ولو ادّعى ما اشترطاه من الصفة وأنكر الآخر فالقول قول المنكر مع يمينه (١).

__________________

(١) لا بأس بتوضيح المعاني المستعملة في كتاب السبق والرماية ، المصلّي : الذي يحاذي رأسه صلوى السابق ، والسبق : العوض وهو الخطر ، والمحلّل : الذي يدخل بين المتراهنين ، إن سبق أخذ ، وإن سبق لم يغرم ، والغاية : مدى السباق ـ أي منتهاه ـ والمناضلة : المسابقة والمراماة ، ويقال : سبّق إذا أخرج السبق. والرشق : عدد الرمي. الشرائع ٢ : ١٨٣ ـ ١٨٤.

١٤٤

[ الفصل ] السادس

يجوز التقاط الصبيّ للبالغ العاقل الحرّ ، ويجب على الكفاية ، ولو أذن السيّد جاز ، قيل : ويشترط الإسلام وهو حرّ على الأصل (١) ، ولو كان مملوكا ردّه على سيّده ، ولو أنفق عليه وتعذّر الاستيفاء باعه ، ولو كان كبيرا دفعه إلى الحاكم ليحفظه أو يبيعه ، فلو جاء صاحبه وقال : كنت أعتقته قبل وبطل البيع ، قيل : وينتزع من يد البدوي (٢) ، ومن يريد السفر لعدم الاستقرار الموجب لضياع النسب ، ومن الفاسق.

وينفق الملتقط من السلطان ، فإن تعذّر فمن المسلمين ، فإن تعذّر أنفق ورجع مع نيّته ، ولا يرجع مع وجود المعيّن.

والملقوط مالك لكلّ ما في يده ، فيملك الدار والخيمة التي هو فيها وأثاثها ، وما يوجد تحته أو فوقه ، ولا يملك ما يوجد بين يديه أو إلى جانبه في غيرهما ، ولا ينفق من ماله بدون إذن الحاكم ، ويضمن بدونه إلّا مع تعذّر الحاكم ، ويحكم بإسلام الملقوط في دار الإسلام أو الكفر إذا استوطنها مسلم ، وإلّا فهو رقّ ، ومن ادّعى بنوّته مع جهل النسب قبل منه ، ولو وجد أحد أبويه أو جدّه أجبر على أخذه ، ويجبر الملتقط له أوّلا.

ويقبل إقرار اللقيط ـ البالغ المجهول حرّيّته ـ بالرقيّة إذا لم يكن ادّعاها أوّلا ، ولو بلغ

__________________

(١) حكاه المحقّق في الشرائع ٣ : ٢٢٥. وهو أحد قولي الشافعي كما عنه في الخلاف ٣ : ٥٨٨ المسألة ١٦.

(٢) حكاه الشيخ في المبسوط ٣ : ٣٤١.

١٤٥

فقذف وقال القاذف : هو رقّ وأنكر ثبت الحدّ على رأي.

وعاقلة اللقيط الإمام إن لم يتوال أحدا ، فلو قتل خطأ فالدية للإمام وعمدا له القصاص ، وكذا في الجراح مع الصغر على رأي ، ولو بلغ فالدية على الإمام إذا قتل خطأ ، والقصاص عليه في العمد والدية في شبهه.

ولو اختلفا في الإنفاق فالقول قول الملتقط في المعروف ، وكذا لو كان في ماله ، ولو التقطه اثنان وتشاحّا أقرع بينهما ، ولو ترك أحدهما للآخر صحّ ، ولو ادّعى التقاطه اثنان أقرع بينهما مع البيّنة ، ومع عدمها لصاحب اليد ، ومع عدمها يدفعه الحاكم إلى من أراد ، ولو أقاما بيّنة ببنوّته أقرع ، ولا تأثير لو اختصّ أحدهما بالالتقاط ، ولو وجد عبده في غير مصره كلّف من يشهد بالعين ، ولا يجب حمل العبد إلى الشهود.

ويكره الالتقاط إلّا مع تحقّق التلف ، والتقاط العصا والشظاظ (١) والوتد والحبل وغير ذلك ممّا تكثر فائدته وتقلّ قيمته.

ويستحبّ الإشهاد ، ولا يؤخذ البعير في الكلإ والماء ، أو إذا كان صحيحا ، ومعه يضمن ، ويبرأ بالتسليم إلى صاحبه ، أو إلى الحاكم مع التعذّر ، وكذا البغل والفرس والحمار والبقرة ، وإن نزل من جهد في غير كلإ ولا ماء أخذ وملك ولا ضمان ، وكذا البواقي.

وتؤخذ الشاة في الفلاة ويملكها ويضمن ، أو يحفظها أو يدفعها إلى الحاكم ولا ضمان ، وكذا صغار الإبل وما ذكر ، ولا يؤخذ ما يمتنع بالعدو كالغزال وبالطيران ، ولا يؤخذ الحيوان مطلقا في العمران ، فإن أخذ تخيّر بين الدفع إلى الحاكم ، ـ فإن تعذّر أنفق ورجع ـ وبين الاحتفاظ والإنفاق ولا رجوع ، والشاة يحبسها ثلاثة أيام ثمّ يتصدّق بثمنها.

ولا يشترط الإسلام ولا الحريّة في ملتقط الحيوان والأموال ، ويأخذها المولى ، وليس بواجب وإن كان العبد فاسقا ، ويعرّفها ويملكها بعد سنة ، أو يحفظها ، وكذا وليّ الطفل والمجنون إلّا أنّ التملّك هاهنا لهما ، ولو أعتق بعد الالتقاط من غير علم المولى فله أخذها منه.

__________________

(١) الشظاظ : العود الذي يدخل في عروة الجوالق ، وقيل : الشظاظ خشيبة عقفاء محدّدة الطرف توضع في الجوالق. لسان العرب ٧ : ٤٤٥ « شظظ ».

١٤٦

والتعريف إن قلنا للعبد أخذ اللقطة ، وإلّا فلا ، ومن أعتق بعضه وهاياه مولاه فلقطة كلّ يوم لصاحبه ، ولو نما الملقوط قاصّه الملتقط بالنفقة إذا لم يجد السلطان.

ولا يضمن الملتقط بعد التعريف سنة ، إلّا مع التفريط أو نيّة التملّك وإن رجع إلى نيّة الحفظ ، ويملك ما يوجد في المفاوز ، والخربة ، والمدفون في المبيع إذا لم يعرفه البائع ، أو في غير ملك ، وما يوجد في جوف السمكة ، أو جوف الدابّة مع عدم معرفة البائع ، أو في داره ، أو صندوقه مع عدم المشارك ، ومعه لقطة ، أو ما كان دون الدرهم. والزائد إن كان في الحرم كره بشرط نيّة الإنشاد ، وعرّف سنة ثمّ يتصدّق به ولا ضمان على رأي ، أو احتفظ به ولا ضمان إلّا مع التفريط ، وإن كان في غيره يعرّف سنة ، ثمّ يملك مع النيّة لا بدونها ، ويضمن بها لا بالمطالبة والتعريف ، أو يتصدّق به فيضمن ، أو يحتفظه ، فإن كان لا يبقى قوّمه وضمن ، أو دفعه إلى الحاكم ولا ضمان.

ولا يشترط في التعريف التوالي ، ولا التعريف بنفسه ، ومع التملّك لا يجب دفعها ، بل مثلها أو قيمتها ، ولو ردّ العين جاز ، إلّا أن تكون معيبة منه ، ولو دفع الأرش على رأي ، وله النماء المنفصل بعد الحول والنيّة ، ولو دفع إلى الحاكم فباع دفع الثمن إلى المالك ، ومع عدمه إلى الملتقط.

ويكفي تعريف العبد في تمليك السيّد ، ولو أتلفها بعد التعريف تعلّقت برقبته بعد العتق ، ولا يجب الدفع مع الوصف ، فلو دفع وبان البطلان ضمن ويرجع على الأوّل ، إلّا أن يعترف له بالملك ، ولو دفعت إلى الأوّل بالبيّنة وعورضت بأخرى أقرع ، وتنتزع للثاني إن خرجت له.

ولا يضمن الملتقط لو تلفت إذا دفع بحكم الحاكم ، ولو دفع باجتهاده ضمن ، أمّا لو دفع العوض إلى الأوّل بعد التعريف والتملّك ضمن للثاني ، ويرجع على الأوّل ، ومن ردّ الآبق أو البعير في المصر فدينار ، وفي غيره أربعة دنانير ، إلّا أن يستدعي الردّ ولا يبذل أجرة فلا شي‌ء ، وفي غيرهما يستحقّ ما يجعله ، ولو حصلت الضالّة في يده قبل الجعل لزم التسليم ولا أجرة ، ولو تبرّع الأجنبي بالجعل لزمه.

[ الجعالة ]

والجعالة جائزة على كلّ عمل مقصود محلّل ، ويجوز أن يكون مجهولا قبل التلبّس

١٤٧

وبعده من جهة العامل ، ولازمة بعده من جهة الجاعل ، إلّا أن يدفع أجرة ما عمل.

ويشترط أن يكون العوض معلوما ، ومع الجهالة تثبت أجرة المثل وصحّة تصرّف الجاعل ، ويستحقّ الجعل بالتسليم ، ولو عقّب بأخرى عمل بالأخيرة ، ولو تبرّع العامل فلا استحقاق.

كلّ ما فسدت فيه الجعالة ففيه أجرة المثل ، ولو قال : من ردّ عبدي فله دينار فردّه جماعة استحقّوه بأسرهم ، ولو قال : من دخل داري فله دينار فلكلّ دينار ، ولو جعل لكلّ واحد من ثلاثة جعلا معيّنا فجاءوا به أجمع فلكلّ واحد ثلث جعله ، ولو عيّن لأحدهم وأبهم للآخر فللمبهم ثلث أجرة المثل ، وللباقي ثلث المعيّن ، ولو ردّه المتبرّع والمجعول له فللثاني نصف الجعل وسقط ، الأوّل ، ولو جعل للردّ من المسافة فردّ من بعضها فله منه بنسبة المسافة.

والقول قول من ينكر الجعل والزيادة ، ويثبت الأقلّ من أجرة المثل والمدّعى ، ولو قال المالك : لم أقصد المردود من الآبقين قبل مع اليمين.

١٤٨

كتاب الهبات وما يتبعها

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

تفتقر الهبة إلى الإيجاب والقبول ، والقبض ، وجواز تصرّف الواهب ، ولو وهب ما في ذمّته له صحّ وإن أنكر ، ولا يصح لغيره ، ولو مات الواهب قبل القبض بطلت ، ولو قبض الموهوب من غير إذنه فلا أثر ، ولا يفتقر ما هو في يد الموهوب ـ ولا هبة الأب والجدّ للطفل الصغير ـ إلى تجديد قبض ، ويفتقر في غيرهما وإن كان وليّا ، ويتولّاه الوليّ ، وهبة المشاع وقبضه جائزان ، لا المبهم ، ولو وهب الاثنين وقبضا صحّ ، ولو قبض أحدهما صحّ فيه.

ويكره تفضيل بعض الأولاد في العطيّة ، ورجوع أحد الزوجين في هبة الآخر.

وتستحبّ العطيّة للنسب ، ويتأكّد في العمودين ، والتسوية بين الأولاد فيها.

ويلزم بالقبض إن كانت للأبوين إجماعا ولذوي الرحم على رأي ، وبه وبالتعويض وإن قلّ ، أو الهلاك ، أو التصرّف على رأي للأجنبي ، ولو باع بعد اللزوم لم يصحّ ، وكذا في الأجنبي مع عدم الشروط قبل الرجوع ، ولو كانت فاسدة صحّ ، وكذا لو باع مال مورثه ولا يعلم موته.

ولو شرط العوض صحّ ولو كان مطلقا ، وله الرجوع ما لم يدفع المشترط ، ولا يجبر الموهوب على دفعه ، ولو تلفت أو عابت حينئذ لم يضمن الموهوب على رأي ، ولو رجع بعد حجر الموهوب لإفلاس فهو أحقّ.

١٤٩

ولا يشترط في القبض التعجيل ، ويملك به ، والنماء قبله للواهب ، ويقبل قوله مع اليمين في الهبة وترك القبض ، ولو أقرّ به ورجع لم يقبل وإن كان في يده ، وقيل : يقبل قوله في إنكار القبض لو قال : وهبته وملّكته (١) ، وهو صحيح إن كان مالكيّا ، أو توهّم صحّته ، ولو رجع بعد العيب فلا أرش ، وبعد النماء المنفصل فللموهوب ، والمتّصل للواهب.

وحكم الهديّة حكمها في الافتقار إلى الإيجاب والقبول والقبض ، ويجوز إعطاء الغنم بالضريبة مدّة من الزمان بذهب أو فضّة.

ويكره باللبن والسمن.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ١٨١.

١٥٠

[ الفصل ] الثاني

يفتقر الوقف إلى الإيجاب ـ وهو وقفت خاصّة ، وفي غيره لا بدّ من القرينة ، ويديّن بالنيّة ، وكذا في حبّست وسبّلت على رأي ـ والقبول ، والقبض ، والدوام ، والتنجيز ، وعدم المشاركة ، وجواز تصرّف الواقف ، وكون الموقوف عليه ممّن له أهليّة الملك معيّنا ، وأن لا يكون عليه الوقف محرّما ، وأن يكون ممّن لا ينقرض غالبا ، ومعه يكون حبسا.

وأن يكون الموقوف عينا مملوكة معيّنة يصحّ إقباضها والانتفاع بها مع بقائها ، وكلّ ما صحّ تملّكه والانتفاع به مع بقائه صحّ وقفه ، وفي الأثمان قولان (١).

ويصحّ وقف المشاع ، ولو وقف أحد الشيئين لم يصحّ.

ويدخل في وقف الشاة صوفها ولبنها الموجودان. ولو وقف ما لا يملك صحّ مع الإجازة على رأي.

والوقف لازم مع شروطه ، ناقل ، ويصحّ أن يجعل النظر لنفسه ولغيره ، فإن لم يذكر فللموقوف عليه ، ولو وقف على المعدوم تبعا للموجود صحّ ، ولو عكس صحّ على الموجود ولغي الأوّل على رأي ، وكذا فيمن لا يملك مع من يملك ، ويصرف إلى الموقوف عليه في الحال ، سواء كان المذكور أوّلا لا يمكن اعتبار انقراضه كالمعدوم والمجهول ، أو يمكن كالعبد.

والوقف على المساجد والقناطر صحيح ، لأنّه وقف على المسلمين ، ولو وقف على البيع والكنائس ، وكتابة التوراة والإنجيل ـ إلّا من الكافر ومعونة الفاسقين ـ أو وقف وشرط قضاء

__________________

(١) نقل القولين الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٨٨ ، ونسب القول بالصحّة إلى الشواذ. والأكثر على عدم الصحّة.

١٥١

ديونه ، أو نفقته ، أو شرط نقله عن الموقوف عليه إلى من سيوجد ، أو إخراج من يريد ، أو وقف الآبق أو الدين ، أو على الحمل قبل انفصاله ، أو على المملوك ، أو قال : وقفت ولم يذكر الموقوف عليه لم يصحّ.

ولو وقف على الكافر غير الحربي جاز ، ومن وقف على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته ، وعلى المسلمين للمصلّي إلى القبلة ، وعلى المؤمنين أو الإماميّة للاثني عشريّة ، وعلى الشيعة لمن قدّم عليّا عليه‌السلام ، وعلى الزيديّة للقائلين بإمامة زيد ، وعلى الهاشميّين لمن انتسب إلى هاشم من جهة الأب على رأي ، وكذا على كلّ من انتسب إلى شخص أو بلد لا يشاركه غيره ، فيه الذكر والأنثى سواء ، إلّا أن يفضّل ، وعلى الجيران لمن يلي داره من أربعين ذراعا.

ولو وقف على مصلحة فبطلت انصرف إلى وجوه البرّ ، ولو وقف على وجوه البرّ انصرف إلى ما يتقرّب به ، وإذا وقف على الأقرب فهو بمنزلة الميراث ، إلّا أنّ من يتقرّب بسببين أولى ، وقبضه قبض أولاده الأصاغر ، ولو وقف على الفقراء وصار منهم شارك ، ولو شرط العود عند الحاجة فهو حبيس ، ولو شرط إدخال من يريد معهم صحّ ، ولا يصحّ من دون الشرط وإن كان الوقف على أولاده الصغار.

ولا يشترط القبول في الوقف على المصلحة ، ويقبضه المتولّي لها ، وفي الوقف على الفقراء بنصب قيّم للقبض.

ويلزم وقف المسجد والمقبرة بصلاة واحدة أو دفنه ، ولا يكفيان من دون الوقف ، ولو أعتق عبدا أوقف حصّته منه لم يصحّ ، وكذا لو أعتقه الموقوف عليهم. ولو أعتق الشريك حصّته لم يقوّم عليه الوقف. ونفقة المملوك الوقف على الموقوف عليهم على رأي ، ولو جنى عمدا اقتصّ منه ، وليس للمجنيّ استرقاقه ، ولو كانت خطأ تعلّقت بكسبه على رأي ، ولو استحقّ الأرش أو قصاص النفس فللموجودين ، ولو استحقّ الدية أخذت من الجاني للموجودين على رأي.

ويجوز بيع الوقف عند وقوع الخلف الموجب للخراب ، وبدونه لا يجوز ولو كان أنفع.

ولو وقف على سبيل الله فهو لمصالح المسلمين ، ولو وقف على مواليه ـ وله موالي من أعلى وأسفل ولم يعلم القصد ـ تشاركوا بناء على إرادته معنى المشترك منه. والحقّ عندي خلافه.

ولو وقف على أولاده لم يدخل أولاد الأولاد ، ولو قال على أولادي وأولاد أولادي اختصّ بالبطنين.

١٥٢

ولو وقف مسجدا فخرب وخربت القرية لم يعد إلى الملك ، بخلاف الكفن إذا أكل الميّت السبع فإنّه للورثة. ولو صارت الدار عرصة لم تخرج عن الوقف.

ويعتبر في الوقف وصرف فائدته شروط الواقف ، فلو أسهم الأنثى بشرط عدم التزويج فتزوّجت لم يكن لها حقّ ، فإن طلّقت عاد حقّها ، ولو عطف بعض الموقوف عليه على بعض بما يقتضي التشريك مطلقا تشاركوا ، وإن عطف بما يقتضي الترتيب ترتّبوا ، فتنصرف حصّة الميت في الأوّل إلى كلّ الموجودين ، وفي الثاني إلى المتقدّمين.

ولو وقف على أولاد أولاده فهو لأولاد البنين والبنات ، ولو قال : على من انتسب إليّ فهو لأولاد البنين على رأي ، ولو قال : على أولادي فإذا انقرضوا أولاد أولادي فعلى الفقراء ، كان انقراض أولاد الأولاد شرطا ، وليس لهم حصّة على رأي.

وينصرف الوقف على الفقراء أو العلويين أو غيرهم من المنتشرين إلى الموجودين في البلد ، ولا يتبع من غاب ، ولو أجرّ الأوّل ثمّ مات بطلت الإجارة.

ووطء الموقوف عليه للأمة حرام ، والولد حرّ ولا قيمة ، ولا تصير أمّ ولد على رأي ، والواقف كالأجنبي في الوطء ، ويجوز تزويجها ، والمهر والولد من عبد أو زنى أو مع شرط الرقّ للموجودين.

وتفتقر السكنى والصدقة إلى الإيجاب والقبول والقبض ، ولا يجوز الرجوع فيهما بعده.

ومن شرط الصدقة نيّة القربة ، وتحرم الواجبة على بني هاشم إلّا منهم ، أو على مواليهم ، وتجوز على الذمّي ، والسرّ أفضل ، إلّا مع التهمة.

ويجوز جعل السكنى مدّة عمر أحدهما ، أو زمانا معيّنا ، ولو قال : أعمرتك لك ولعقبك ، أو قال : لك سكنى هذه الدار ما بقيت ، أو ما حييت ، فهي عمري غير ناقلة ، ولا تبطل بالبيع ، ولا اعتبار بموت من قرنت السكنى بصاحبه ، فلورثة الساكن السكنى إن قرنت بالمسكن ، وله بعده إن قرنت به ، ولو أطلق رجع متى شاء ، والإطلاق يقتضي أن يسكن بأهله وأولاده ، ولا يجوز غيرهم ، ولا يؤجر إلّا بالشرط.

ويجوز إعمار ما يجوز وقفه ، وحبس الفرس في سبيل الله ، والغلام في خدمة البيت.

والمسجد لا يجوز تغييره ما دامت العين ، ولو حبس على رجل مطلقا أو مدّة رجع بعد موته ، أو انقضائها.

١٥٣

[ الفصل ] الثالث

تفتقر الوصيّة إلى الإيجاب والقبول ، وأن تكون الوصيّة من جائز التصرّف ، وأن يكون الموصى به مملوكا ، ووجود الموصى له ، وحرّيّته أو كونه رقّا له ، وينتقل بالوصيّة ، وموت الموصي ، والقبول ، ولو ردّ في حياة الموصي وقبل بعده لزمت ، وإن ردّ بعد الموت والقبض وقبل القبول ثم قبل بطلت ، ولو ردّ بعد الموت والقبول وقبل القبض لزمت على رأي ، ولو قبل البعض صحّ فيه ، وللوارث القبول لو مات ، ولو أوصى له بالجارية وولدها منه ومات وقبل الوارث لم ينعتق على الموصى له ، ولا على الوارث ، إلّا أن يكون ممّن ينعتق فيرث إن لم تنقسم التركة.

وقيل : للبالغ عشرا الوصيّة بالمعروف (١) ، ولو جرح مهلكا ثمّ أوصى بطلت ، ولو أوصى ثمّ قتل نفسه صحّت.

وللأب والجدّ الوصيّة بالولاية على الأطفال دون غيرهما ، فلو أوصت أمّه بشي‌ء ونصبت وصيّا مضت من الثلث وبطلت في الولاية.

وتبطل الوصيّة في المعصية ، وكذا لو أوصى الذّمي ببناء كنيسة أو بيعة ، أو صرف شي‌ء في كتابة التوراة والإنجيل ، وتصحّ لو أوصى لأهل ملّته.

وللموصي الرجوع ، ولو أخرج الموصى به عن ملكه أو عن العين فهو رجوع ، كطحن

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٦١١.

١٥٤

الطعام ، أمّا تغيّر الصفة مع بقائها فليس برجوع ، كسحق الخبز.

ولا تمضي الوصيّة في الأعيان والمنافع فيما زاد على الثلث إلّا مع الإجازة بعد الموت إجماعا ، وقبله على رأي ، أو تكون الوصيّة بالواجب ، ولو أجاز البعض مضى في حصّته ، وكلّما قلّت كان أفضل.

ولا يجوز تغيير الوصيّة بالحقّ ، وإنّما يعتبر الثلث وقت الوفاة ، فلو اعتبر بعدها فلا اعتبار بالمتقدّم ، وكذا العكس ، وتحسب ديته وأرش جراحته من تركته ، ويبدأ في المتعدّد بالأوّل فالأوّل ، ومع الاشتباه القرعة.

ولو أوصى بثلث ولآخر بربع بطل الأخير ، ولو كان بثلث بطل الأوّل. ولو أوصى بعتق مماليكه اشترك المختصّ والمشترك ، فإن لم يكن سواهم أعتق ثلثهم بالقرعة ، يبدأ بالأوّل فالأوّل. ولو أعتق عددا استخرج بالقرعة ، ولو أعتق مملوكه وليس له سواء عتق ثلثه ويستسعي ، وكذا لو أعتق ثلثه ، ولو كان سواه عتق كلّه في الموضعين.

ولو أوصى بعتق المؤمن تعيّن ، ومع التعذّر يجزئ من لا يعرف بنصب ، أو من بان أنه غيره.

ولو أوصى بعتق رقبة بثمن معيّن فوجد بأزيد توقّع الوجود ، ولو كان بأنقص أعتق وأعطي الباقي ، ولو أجاز الورثة وصيّة النصف ثمّ ادّعوا ظنّ القلّة صدّقوا باليمين ، أمّا لو كانت الوصيّة بالعين فلا التفات.

ولو أوصى بالثلث مشاعا فللموصى له الثلث من كلّ شي‌ء ، ولو كان معيّنا بقدره فهو له ، ولو كان بعض المال غائبا أعطي من الموصى به ما يحتمل ثلث الموجود ، فإن تلف من الغائب شي‌ء نقص بحسابه.

ولو أوصى بثلث شي‌ء وخرج الباقيان مستحقّين فالوصية بالمملوك.

ولو أوصى بما ينطلق على المحلّل والمحرّم انصرف إلى المحلّل.

ولو أوصى بالمحرّم صفته ، فإن أمكن زوالها صحّت على رأي ، وإلّا بطلت.

ولو أوصى بالجزء فهو السبع ، وقيل : العشر (١) ، وبالشي‌ء السدس ، وبالسهم الثمن ، وبغيرها

__________________

(١) قاله المحقّق في المختصر النافع : ٢٦٨.

١٥٥

من المبهم يرجع إلى الوارث ، والقول قوله مع يمينه إذا أنكر ما عيّنه الموصى له من قصد الموصي ، ولو نسي الوصيّ بعض الوجوه صرف في البرّ على رأي.

قيل : ولو أوصى بالسيف والجراب والسفينة والصندوق دخل الحاوي والمحوي (١).

ولو أوصى بإخراج بعض ولده بطلت على رأي ، ولو أوصى بالمضادّة عمل بالأخيرة ، ولو أمكن الجمع جمع ، ولو قال : إن كان في بطنها ذكر فله درهمان ، وإن كان أنثى فدرهم ، فاجتمعا فثلاثة ، ولو أتى بـ « الذي » بطلت.

وتقوّم المنفعة الموصى بها ، وتخرج من الثلث.

ونفقة العبد الموصى بخدمته للأجنبي على الورثة ، ولا تبطل ببيعه ولا عتقه ، وعليه الخدمة ولا رجوع ، ولو قتل قيل : يشترى بقيمته عبد كهيئته (٢) ، وقيل : للورثة (٣).

وكلّ لفظ يغلب فيه أحد المعنيين يحمل عليه ، وما يتساوى يرجع إلى الورثة ، ولو أوصى بعبد مطلقا ، فماتوا إلّا واحدا تعيّن ، ولو مات بطلت بخلاف القتل.

وتجوز الوصيّة للأجنبي وللوارث وللذمّي لا الحربي ، وللحمل ، وتستقرّ بالانفصال حيّا ، وبه إن جاء لدون ستّة أشهر ، وتبطل لما زاد عن عشرة ، وما بينهما يصحّ إن لم يكن لها زوج أو مالك ، وبالنماء المتجدّد ، ولمكاتب الغير فيما يعتق.

ولا يثبت إلّا بعدلين ، ومع الضرورة يقبل أهل الذمّة ، ويقبل في المال واحد ويمين ، أو امرأتان ، وشهادة الواحدة في الربع ، والاثنين في النصف وهكذا. ولو أشهد عبدين على أنّ الحمل منه وأنّهما معتقان فردّت شهادتهما ثمّ أعتقا وشهدا قبلت ، ورجعا رقّين ، ويكره استرقاقهما.

ولا تقبل شهادة الوصيّ فيما هو وصيّ فيه ، ولا فيما تخرج به الوصيّة من الثلث.

ولو أوصى لعبده بقدر الثلث وقيمته الثلث أعتق ، وأعطي الموصى به الورثة ، ولو نقصت ردّ عليه ، ولو زادت سعى في الباقي مطلقا على رأي.

__________________

(١) ذهب إليه الأكثرون ، كالصدوق في المقنع : ٤٨٣ ، والشيخين في المقنعة : ٦٧٤ والنهاية : ٦١٣ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٠٩ ، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي : ٣٦٥.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ١٥.

(٣) حكاه الشيخ في المبسوط ٤ : ١٥.

١٥٦

ولو أوصى المدين بعتق المملوك قدّم الدين وعتق من الثلث.

ولو أوصى لأمّ ولده بشي‌ء أعتقت منه لا من النصيب ، ولو أوصى للأولاد أو للأعمام والأخوال تساووا إلّا مع الشرط.

والوصيّة للقوم لأهل اللغة. ولذوي القرابة المعروفين بنسبه. وللعشيرة للأقرب نسبا ، ولأهل البيت للأولاد والآباء والأجداد. والذريّة للأولاد وأولاد الأولاد ، وللعترة كذلك ، وللجيران كالوقف. ومن أوصى للفقراء فهو لفقراء ملّته.

ولو مات الموصى له أوّلا ولم يرجع قبل الوارث ومع عدمه تبطل.

ولو قال أعطوه كذا ولم يعيّن الوجه صرف إليه يعمل به ما شاء.

ولو أوصى للقرابة شمل الوارث وغيره ، ولو كان للأقرب فهو للوارث ويترتّبون ترتّبه.

ولو أوصى إلى العدل ففسق بعد موته ، أو إلى المملوك بغير إذن مولاه ، أو إلى الصبيّ منفردا ، أو إلى الكافر من المسلم ، أو ردّ الموصى إليه وعلم الموصي ، أو أوصى بالنظر في مال ولده الكبير أو الصغير ، وله أب بطلت.

ولو أوصى إلى الصغير مع الكبير تصرّف الكبير إلى البلوغ فيشارك ، ولا ينقض الماضي الجائز ، ولو مات أو بلغ مجنونا لم يضمّ الحاكم آخر.

ولو أوصى إلى اثنين مطلقا أو مجتمعين لم يجز الانفراد ، ويجبرهما الحاكم ، فإن تعذّر استبدل ، ولا تجوز القسمة بينهما إلّا أن يشترط الانفراد ، ولو عجز أحدهما ضمّ إليه الحاكم ، ولو مات أحدهما أو فسق بطلت وصيّته ولا يضمّ إلى الآخر ، ويستبدل بمن فسق بعد الموت إذا كان واحدا ، ولو مات الموصي قبل العلم بالردّ لزمت.

والوصيّ أمين ، ويجوز له استيفاء دينه وشراؤه من نفسه ، ولو أذن له أن يوصي جاز إجماعا ، ومع عدم الإذن على الخلاف ، ولو لم يكن وصيّ نظر الحاكم. ولو قال أوصيت إليك فإذا متّ أنت فوصيّي فلان ، أو أوصيت إليك فمن أوصيت أنت إليه فهو وصيّي ، أو متى أوصيت إلى فلان فهو وصيّي ، صحّ الجميع.

وتختصّ الولاية بما خصّصه الموصي. ولو أوصى إلى الصبيّ أو المجنون أو العبد ومات بعد زوال الصفات صحّ على رأي.

وإنّما تصحّ الوصيّة على من عليه الولاية ، كالولد الصغير. ولمتولّي أموال اليتيم أخذ الأجرة.

١٥٧

ولو أوصى لزيد والفقراء فهو نصفان ، ولو صارت الدار براحا لم تبطل الوصيّة بها.

ولو أوصى للفقراء ، أو قال : أعتقوا عبيدا فهو للجميع.

ولو أوصى له بمن ينعتق عليه وهو مريض ، فقيل : انعتق من الأصل إجماعا (١).

ولو أوصى بعبد ولآخر بتمام الثلث ثمّ عاب فللأخير تمام الثلث بعد وضع قيمته صحيحا ، وكذا لو مات.

ولو أوصى بمثل نصيب ولده الواحد فالنصف.

ولو أوصى بمثل نصيب أحدهم أعطي مثل نصيب الأضعف.

ولو أوصى بنصيب ولده فهو بالمثل على رأي.

ولو أوصل بمثل نصيب القاتل بطلت.

ولو أوصى بضعفه فهو مثلاه ، وبضعفيه أو ضعف الضعف فهو ثلاثة أمثاله على رأي ، ولو قال : أعطوه مثل إحدى زوجاتي الأربع مع بنت ، فله سهم من ثلاثة وثلاثين ولهنّ أربعة ، ولو قال : مثل نصيب بنتي مع الزوجة وأجازتا ، فله سبعة من خمسة عشر ، وللزوجة سهم.

وفي منجّزات المريض خلاف ، ولو برئ لزمت إجماعا ، ولو جمع بينهما وبين المؤخّرة قدّمت المنجّزة ، فإن بقي من الثلث شي‌ء صرف في المؤخّرة.

ولو باع الربوي بمثله وقيمته الضعف ولا تركة سواه يزاد مع الورثة في الثلث.

ولو باع عبدا قيمته مائتان ـ هو التركة ـ بمائة ردّ السدس ، وله الخيار ، ولو طلب فسخ البيع وثلث المحاباة أو شراء السدس لم يجب القبول.

ولو أعتق وتزوّج ودخل مضى من الثلث ، ولو كان قيمتها الثلث مائة مثلا وأمهرها آخر صحّ النكاح ، وثبت مهر المثل ، لأنّه كالأرش ، وبطل المسمّى ، لتوقّفه على العقد المتوقّف على العتق ، فيدور ، ومهر المثل لا يتوقّف ، فإذا كان قدره مائة مثلا عتق ثلاثة أرباعها ، فلها من مهر المثل بأزائه تدفع منه ما يقابل الربع إلى الورثة ، فيستقرّ لهم مع الثمن مائة وخمسون ، ولها خمسون.

ولو قال لأجنبي أوصى له بثلث عقيب وصيته لوارث بآخر : إن لم تجز الورثة فلك ثلث

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٠٦.

١٥٨

الوارث صحّ له الثلث مطلقا ، ولو قال : مثل نصيب ابنيّ مع بنت وأجازا فله سهمان مثل الابن ، وللبنت واحد ، وإن لم يجيزا فله ثلاثة من تسعة ، وإن أجاز الابن فله سبعة عشر من خمسة وأربعين ، وللبنت عشرة ، ولو أجازت البنت فله ستّة عشر ، ولها تسعة.

ولو أوصى بخدمة الجارية فأتت بولد رقّ فهو للورثة ، ولا خدمة عليه على رأي ، ولو وطئت بشبهة فالمهر للورثة على رأي.

ولو لم يكن له عبيد وقال : أعطوه عبدا من عبيدي بطلت ، ولو قال : من مالي اشتري له ، ولو كان له جاز أن يشتري على التقدير الثاني لا الأوّل.

ولو قال : أعطوه إبلا تخيّر الورثة بين الذكر والأنثى ، ولو قال : خمسة من الإبل تعيّن الذكور.

ولو أوصى بعتق عبد فاشتري بعين تركته أجمع وأعتق وظهر دين بطل العتق والشراء ، وإن كان في الذمّة صحّ وأعتق عن الموصي ، ولزمهم الثمن ، وإن نقدوا التركة ضمنوا.

ولو تصدّق بثلث ماله ثمّ اشترى أباه بآخر لم ينعتق عليه ، بل على الوارث إن كان ممّن ينعتق عليه على رأي.

١٥٩

[ الفصل ] الرابع

يعتبر في الإقرار جواز تصرّف المقرّ ، وكون المقرّ له ممّن له أهليّة التملّك.

والإقرار للعبد إقرار للمولى ، ولو أقرّ للبهيمة لم يصحّ ، ولو قال : بسببها ، قيل : هو للمالك (١) ، ولو أقرّ للميّت وعيّن الوارث ألزم بالتسليم إليه ، ولو قال : هذا وصيّ الوارث لم يقبل.

ويقبل إقرار المحجور عليه للسفه في غير المال ، ويتّبع العبد بما يقرّبه بعد الإعتاق ، إلّا أن يؤذن له في التجارة ، ويقرّ بما يحتاج إليه فيها فيؤخذ ممّا في يده ، إلّا أن يكون أكثر فيتّبع به بعد العتق.

ويقبل إقرار المريض للوارث والأجنبي في الثلث مع التهمة ، والإقرار بالمرهون ، ولا تبطل الرهانة.

ولا يقبل الإقرار بالبلوغ والحيض ، إلّا ممّن يمكن فيه ذلك ، ولا دور ، ولو أنكر فلا يمين ، وإلّا استلزم ثبوتها عدمها.

ولو أقرّ للحمل وولد لدون ستّة أشهر منه صحّ ، فإن كانا اثنين تساويا ، فإن ولدت أحدهما ميّتا اختصّ به الآخر ، ولو كان واحدا وسقط ميّتا وفسّر السبّب بالميراث رجع إلى باقي الورثة ، وإن فسّر بالوصيّة فهو لوارث الموصي ، ولو أبهم طولب بالتعيين ، فلو علّق

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٢٠.

١٦٠