تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

بالعيب ، ومعه الأرش ، ويردّ الحيوان بعيب غير ذلك في الثلاثة وإن حدث بعد القبض ، ولا يسقط الردّ مع العلم وتركه طويلا إلّا مع الإسقاط ، ويردّ به وإن كان غريمه غائبا.

وكلّما زاد عن أصل الخلقة أو نقص فهو عيب.

والردّة ، واستحقاق القتل ، أو قطع عضو ، والتخنيث ، والسرقة ، والبخر ، والزنى ، وبول الكبير في الفراش ، عيوب.

وكلّ ما يشترطه المشتري ممّا يسوغ فالإخلال به يثبت الخيار وإن لم يكن عيبا ، فلو شرط الإسلام فبان كافرا ثبت الخيار ، قيل : وكذا العكس (١) ، ويقوّم المبيع صحيحا ومعيبا ويؤخذ من الثمن بنسبة النقيصة من القيمة ، ومع اختلاف أهل الخبرة يعمل على الأوسط ، ولو حصل للمعيب قبل البيع نماء أو لقط لقطة بعد القبض فهو للمشتري وإن ردّ ، ولو حصل قبل القبض فهو للبائع مع ردّ المشتري بالعيب ، وحدوث عيب عند المشتري يمنع من الردّ بالقديم لا الأرش ، فلو اختاره البائع فلا أرش له.

ومن الخيار : خيار المجلس في البيع خاصّة ، ويستمرّ ما لم يفترقا ، ولو حيل مع الملازمة أو فرّقا كرها مع عدم التمكّن من الاختيار أو فارقا مصطحبين ، ويسقط مع إسقاطه في العقد أو بعده ، ولو أوجب أحدهما سقط في حقّه ، ولو تولّى طرفي العقد ثبت الخيار ما لم يسقط أو يفارق مجلسه.

ومنه خيار الشرط ، ويثبت بحسبه من حين العقد ـ على رأي ـ بشرط التعيين ، ولو انتفى بطل البيع ، ويثبت فيما عدا النكاح والوقف والإبراء والطلاق والعتق والصرف ، ويسقط بالتصرّف والإيجاب ، ويختصّ الإسقاط بمن اختصّا به ، ولو أذن أحدهما وتصرّف الآخر سقط خيارهما ، ويجوز اشتراطه للغير ، ولأحدهما معه ، وأن يشترط البائع الردّ بعد مدّة مع إتيانه بالثمن واشتراط المأمور.

[ ومنه خيار التأخير ] ومن باع ولم يقبض ولا قبض ، أو قبض المستحقّ كلّه أو بعضه ولم يشترط التأخير لزم البيع ثلاثا ، فإن جاء المشتري بالثمن ، وإلّا فللبائع الخيار ، ولو هلك كان من مال البائع في الثلاثة ، وبعدها على رأي ، والخيار فيما لم يبق يوما وليلة.

__________________

(١) قاله ابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٥٧ ، واعتمده المصنّف بعد أن حكاه عن والده ، كما في المختلف ٥ : ٢١٦ ، المسألة ١٨٢.

١٠١

ومنه خيار المغبون ، بما لم تجربه العادة ، وهو باق مع التصرّف ، ويزول مع إخراج الملك أو حصول المانع من الردّ كالاستيلاد ، ولا أرش.

ومنه خيار الحيوان ، وهو ثلاثة أيّام للمشتري خاصّة على رأي ، ويسقط بالإسقاط والتصرّف.

[ ومنه خيار الرؤية ] ومن باع غير مشاهد افتقر إلى ذكر الجنس والوصف الذي يثبت الجهالة في البيع عند ارتفاعه ، وللمشتري الخيار إن خرج على غير الوصف ، والقول قوله لو ادّعى نقصان الوصف. ولو كان الرائي هو المشتري فالخيار للبائع ، ولو لم يراه فالخيار لهما ، ولو اشترى ضيعة شاهد بعضها ووصف له الباقي ثبت له الخيار فيها أجمع إذا لم تكن على الوصف.

والخيار يورث ، ولو جنّ صاحبه أو أغمى عليه قام وليّه مقامه ، ولا ينقص مع الصحّة.

ويملك المبيع بالبيع على رأي ، فلو تجدّد في الخيار نماء فللمشتري ، فلو فسخ رجع بالثمن ولم يرجع البائع بالنماء ، ولو تلف المبيع بعد القبض في زمن خيار البائع فمن المشتري ، وإن كان في زمن خيار المشتري فهو من البائع ، ولو وطئ المشتري في مدّة خيار البائع ثمّ فسخ فالولد لأبيه ولا شي‌ء عليه عنه ، وعن الوطء على رأي.

١٠٢

[ الفصل ] الخامس

يثبت الربا مع اتّفاق الجنس في المكيل والموزون ، قيل : والمعدود مع الزيادة والبيع (١) ، ويجوز مع التساوي نقدا ، وفي النسيئة خلاف عدا الصرف ، ولا يشترط التقابض في المجلس إلّا فيه ، ولو اختلف الجنسان صحّ مطلقا مع التماثل والتفاضل نقدا ونسيئة على رأي ، وثمرة النخل جنس ، وكذا الكرم ، والحمام ، والغنم شامل للضأن والمعز ، وكذا البقر العراب والجاموس ، والحنطة والشعير جنسان على رأي ، والأصل والفرع جنس كالحنطة والدقيق ، والسمسم والشيرج ، واللحوم أجناس ، وكذا الأدهان ، والسموك ، والوحش مع إنسيّه جنسان ، والألبان والبيوض والخلول مختلفة ، ويجوز بيع حنطة خالصة بمساويها وإن خالطها تراب قليل أو شيلم أو غيره ، وبيع عسل مصفّى بغيره متساويا ، وبيع شاة في ضرعها لبن بشاة خالية أو بلبن ، وفي بيع الحنطة المبلولة بمساويها يابسة خلاف ، ويجوز بيع السمن بالزيت نسيئة متفاضلا على رأي.

والمعتبر الوزن والكيل في عهده عليه‌السلام وإلّا فالعادة البلديّة ، ولو اختلفت فلكلّ بلد حكمه ، ولا يجوز بيع الرطب بالتمر وإن تساويا على رأي ، وطرده قوم (٢) ، ولا اللحم بالحيّ منه

__________________

(١) قاله الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٠٥ ، وتبعه سلّار في المراسم : ١٧٩.

(٢) منهم ابن أبي عقيل وابن الجنيد ، كما عنهما في المختلف ٥ : ١٢٤ ، المسألة ٨١ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٥٣ ، والشيخ في النهاية : ٣٧٧.

١٠٣

على رأي ، ويجوز من غيره.

ولا ربا بين الوالد وولده ، والسيّد وعبده المختصّ ، والزوج وزوجته ، والمسلم والحربي ، فيأخذ المسلم الفضل ، ولا يجوز العكس ، ويثبت مع الذمّي على رأي.

ويشترط في الصرف التقابض في المجلس ، ولو قبض البعض صحّ فيه ، قيل : ولا يبطل مع الاصطحاب ومفارقة المجلس (١) ، ولو قبض الوكيل قبل التفرّق صحّ ، ولو اشترى منه دراهم بدنانير اشتراها قبل قبضها بطل الثاني ، ومع الافتراق يبطلان ، ولو كان له عليه دنانير جاز أن يشتري بها دراهم منه ، ولا يبطل بالتفرّق.

ولا تباع الفضّة المغشوشة بجنسها إلّا مع العلم ، وكذا الذهب ، ولا يخرجان إلّا مع الإعلام أو التعامل ، ومعدن الفضّة لا يباع بها ، وكذا معدن الذهب ، ولو اجتمعا بيعا بهما.

والأثمان تتعيّن ، ومن اشترى معيّنا من جنس فخرج من غيره بطل ، فإن خرج بعضه تخيّر بين الردّ وأخذ البعض بالحصّة ، ولو خرج معيبا من الجنس فللمشتري الردّ أو الأرش ، لا الإبدال ، ولو كان غير معيّن ففي الأوّل له الإبدال ، وفي الثاني كذلك ، ولو كان صرفا مع عدم التعيين ففي الأوّل الإبدال قبل التفرّق ، ومعه يبطل ، وفي الثاني له الإبدال والإمساك والأرش ، ولو باع مائة درهم بدينار إلّا درهما بطل.

وتراب الصاغة يتصدّق بثمنه ، والمحلّاة إن علمت حليتها بيعت بالزائد ، وإلّا فبغير جنس الحلية ، أو به مع الضميمة ، والمصاغ من الثمنين يباع بهما أو بأحدهما مع العلم ، أو يضمّ ، ولو كان من أحدهما وبيع بمساويه حرمت الزيادة وإن لزمت الغاصب ، ويجوز بيع درهم صحيح بدرهم مكسّر لا أزيد ، ومن اشترى بدينار فزاد ما لم تجر به العادة فهي للبائع ، ولو اشترى بنصف دينار لزمه شقّ دينار لا صحيح ، إلّا أن يزيده عرفا ، ويجوز بيع درهم بدرهم مع صياغة خاتم على رأي.

ويشترط في المرابحة ذكر رأس المال والزيادة والصرف والوزن إن اختلفا ، ويكره نسبة الربح إلى الأصل ، والإخبار إنّما هو بالثمن لا بالضمائم ، سواء اقتضت الزيادة كأجرة العمل ، وفدية جناية العبد ، أو النقيصة كحطّ بعض الثمن بعد العقد ، ولو رجع بأرش عيبه أسقط قدر

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ٤٢ ، والمختصر : ٢١٢.

١٠٤

الأرش ، ولو باع غلامه ثمّ اشترى بالزيادة للإخبار بها جاز مع عدم الشرط ، وللمشتري الخيار بين الردّ والأخذ بالثّمن إن بان كذب المخبر ، وكذا لو اشترى بأجل فباعه مرابحة ولم يذكره ، أمّا لو قال : رأس ماله مائة وربح كلّ عشرة واحدة ، ثمّ قال بعد العقد : غلطت والثمن تسعون ، قيل : كان على المشتري تسعة وتسعون ، ولا خيار (١) ، وقيل : له الخيار بين مائة وعشرة ، وبين الردّ (٢) ، أمّا لو قال : الثمن مائة وعشرة لم يقبل ، ولا تسمع بيّنته ، ولا يمين على المشتري ، إلّا إذا ادّعى عليه العلم ، أمّا لو قال : وكيلي كان اشتراه بمائة وعشرة سمعت بيّنته على رأي ، ولا يجوز الإخبار عن بعض من جملة معيّنة ، ولا يخبر الدلّال بتقويم التاجر.

والتولية : بيع المتاع برأس المال ، ولو باع بمائة ووضيعة كلّ عشرة درهم فالثمن تسعون ، ولو كان من كلّ أحد عشر فالثمن واحد وتسعون إلّا جزء من أحد عشر جزء من درهم.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ١٤٢.

(٢) حكاه الشيخ في المبسوط ٢ : ١٤٢ ـ ١٤٣.

١٠٥

[ الفصل ] السادس

لا يجوز بيع الثمرة قبل ظهورها عاما وعامين على رأي ، ولا قبل بدوّ الصلاح عاما منفردا مع التبقية على رأي ، ولو فات أحد القيود صحّ إجماعا.

وبدوّ الصلاح في النخل : الحمرة أو الصفرة ، وفي الشجر والزرع : الانعقاد ، ويجوز بيع المدرك مع غيره ، سواء كان من بستان أو بستانين ، وبيع الخضر بعد ظهورها لقطة ولقطات ، وكذا الورق ، وما يقطع كالرطبة ، ويجوز استثناء النخلة والشجرة مع التعيين ، والأرطال المعلومة والحصّة المشاعة ، ولو ذهب شي‌ء سقط منه بحسابه ، ولو قال : بعتك الثمرة بأربعة آلاف إلّا ما يخصّ ألفا صحّ في ثلاثة الأرباع ، ولو قال : إلّا ما يساوي ألفا بسعر اليوم بطل.

ولا يجوز بيع الثمرة بالتمر وهي المزابنة ، ولا بيع السنبل بالحبّ وهي المحاقلة ، واستثني عن الأوّل العرايا ولو تعدّدت في الدور أو البساتين ، ويشترط التعجيل ، والتماثل من جهة الخرص بعد الجفاف ، ولا التقابض قبل التفرّق على رأي ، ويجوز الخرص ، وبيع الزرع قصيلا ، وللبائع قطعه وتركه بالأجرة.

ويجوز أن يأكل ممّا يمرّ به من الثمرة على رأي ، ولا يستصحبه.

ويجوز سقي الثمرة والأصل ، ولو امتنع أحد المتبايعين رجّح مصلحة المشتري بما لا يزيد عن قدر الحاجة ، ويجوز أن يتقبّل أحد الشريكين بحصّة صاحبه بشي‌ء معلوم.

ولو قال البائع : بعت قبل البدوّ فالقول قول المشتري ، وكذا لو قال : بعت بالبراءة من العيوب ، أو بخمر أو بخنزير فالقول قول من يدّعي الصحة ، ولو اختلفا في قدر الثمن فالقول

١٠٦

قول البائع إلّا أن يكون المبيع قد هلك ، وكذا القول قوله في تعجيل الثمن ، أو في قدر الأجل ، أو في الزيادة في المبيع ، أو عدم اشتراط الرهن منه على الدرك ، أو إقامة كفيل ، أو قال المشتري : هذا العيب سابق مع الاحتمال ، ولو قال : بعتك هذه الجارية ، فقال : بل هذه ، تحالفا وسقطا ، ولو ادّعى البائع أنّ المبيع أحدهما لا بعينها ، وادّعى المشتري التعيين ، ففي تقديم قوله نظر.

وتجوز الإقالة ، ويرجع كلّ عوض إلى مالكه ، أو مثله ، أو قيمته ، ولا يثبت بها شفعة ، ولا يصحّ بين البائع والشفيع ، ولا تسقط أجرة الدلّال ، وشرطها عدم الزيادة في الثمن والنقصان ، وتبطل مع فقده ، ويجوز في الجميع والبعض.

١٠٧

[ الفصل ] السابع

إنّما يملك الحربي ومن لم يتذمّم من الثلاثة ، ثمّ يسري وإن أسلموا ، ومن أقرّ بالعبوديّة مع الشرائط قبل ، ولو رجع لم يقبل ، وكذا لو اشترى عبدا فادّعى الحرّيّة ، ويقبل قول هذا مع البيّنة.

ويملك ملقوط دار الحرب لا الإسلام والذمّة ويجوز وطؤه في حال الغيبة وإن سباه الكفّار ، ولا يملك الأبوان وإن علوا ، والأولاد وإن سفلوا.

ولا يملك الرجل الأخوات والعمّات والخالات وإن علون ، وبنات الأخ وبنات الأخت وإن نزلن ، ومثلهم من الرضاع على رأي ، ومع الملك لأحدهما ، ولا ينعتق. وتنفسخ الزوجيّة بملك أحدهما للآخر ، ولو اشترت زوجها المأذون له في النكاح بالمهر المضمون على سيّده قبل الدخول بطل البيع ، وإلّا توقّف الشي‌ء على عدمه.

ويباع المسلم على الكافر ، ويأخذ ثمنه ، والعبد غير مالك مطلقا على رأي ، فلو اشترى وبيده مال فللبائع ، ولو شرط المشتري ـ وكان ربويّا ـ شرط النقيصة عن الثمن ، وإلّا صحّ مطلقا ، ولو قال له : اشترني ولك عليّ شي‌ء لم يلزم مطلقا على رأي ، ولو حدث العيب في الثلاثة من غير تصرّف أو قبل القبض أو هلك في الثلاثة من غير تصرّف فمن البائع ، وللمشتري الردّ ، ولو حدث فيه عيب من جهة المشتري لم يمنع الردّ ، إلّا أن يكون بعد القبض والثلاثة ، ولو ادّعى التصرّف على المشتري في الثلاثة فإن حلف وإلّا فالتلف منه في الثلاثة ، ولو اشترى الحامل فالولد للبائع ـ على رأي ـ إلّا مع الشرط ، فلو سقط حينئذ قبل القبض قوّمت في الحالين وأخذ بنسبة التفاوت.

١٠٨

ويجوز بيع البعض والكلّ واستثناء الرأس والجلد ، ويشارك بقيمته على رأي ، ولو أمره بشراء حيوان يشركه فيه وقع لهما ، ولو أذن له في الوزن عنه صحّ ، ولو تلف كان منهما.

ويجوز اشتراط قسمة الربح والانفراد بالخسران ، والنظر إلى وجه المملوكة ومحاسنها ، ولو أمر العبد أن يشتري له نفسه من مولاه صحّ على رأي.

ويستحبّ تغيير اسمه وطعمته الحلاوة والصدقة عنه.

ويكره وطء من ولدت من الزنى ، وأن يريه الثمن في الميزان.

ويجب استبراء الأمة مع وطء المالك بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما ، وكذا المشتري إلّا أن يخبر الثقة به ، أو تكون لامرأة ، أو لم تبلغ ، أو هي حامل ، أو حائض ، أو آيسة ، ولا يجوز وطء الحامل قبلا قبل أربعة أشهر وعشرة أيام ، ومعه يكره بيع ولدها.

ويستحبّ أن يوصي له بشي‌ء.

ويكره التفرقة بين الطفل وأمه قبل الغنى على رأي ، وكذا بين الأخوة.

ولو أحبل ما ظهر استحقاقه أدّى عشر القيمة مع البكارة ، وإلّا فنصفه ، وقيمة الولد عند الولادة مع حرّيّته ، وتؤخذ الجارية ، ويرجع على الجارية بالجميع مع تدليسها.

ولو دفع إلى المأذون ليشتري نسمة ويعتقها ويحجّ ، فاشترى أباه وأعتقه ، ثمّ اختلف الموليان وورثة الآمر ، فالأب لمولى الابن إلّا مع البيّنة على رأي.

ولو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردّها وأخذ الثمن ، أو على الوارث ، ومع عدمه قيل : تسعى (١).

ولو اشترى كلّ من العبدين صاحبه مع الإذن فالعقد للسابق ، ومع التفاوت البطلان ، ولو قيل بصحّة العقدين كان أولى إن كانا وكيلين.

ولو دفع عبدين إلى من اشترى عبدا في الذمّة فذهب أحدهما ضمنه وطالب بالمشترى على رأي.

ولو وطئ الجارية أحد الشريكين وحملت قوّمت عليه وسقط من الحدّ والثمن حصّته ، ولو باع عبدين صفقة فمات أحدهما في الثلاثة فمن البائع ، وله ردّ الآخر ، ولو مات المضموم إلى الدار فمن البائع ، ولا يردّها.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٤١٤.

١٠٩
١١٠

كتاب الديون وما يتبعها

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

القرض أفضل من الصّدقة بمثله في الثواب ، ويحرم اشتراط الزيادة في العين أو الصفة ، ولو بذل المقترض من غير شرط جاز ، ولو شرط أن يدفع إليه بأرض أخرى لزم.

وكلّ ما ينضبط وصفه وقدره صحّ قرضه ، وكلّ ذي مثل يثبت في الذمّة مثله ، وغيره قيمته ، ولو أعطاه من غير الجنس ولم يساعده ثمّ تغيّر احتسب يوم الإعطاء ، ولو اقترض دراهم فسقطت ردّها أو قيمتها وقت القرض.

ويملك المقترض بالقبض ، فليس للمقرض ارتجاع العين ، ولو اقترض من ينعتق عليه انعتق بالقبض ، ولا يتداخل الحال وإن زاد ، ولا يملك الزيادة ، ويجوز تعجيل المؤجّل بإسقاط بعضه ، ولو مات من عليه الدين حلّ ما عليه ، بخلاف المحجور ومن له على رأي ، ولو أراد من عليه دين إلى سنة سفرا يتأخّر فيه أكثر لم يكن لصاحبه منعه ، ولا مطالبته بكفيل ، وصاحب الدين إذا غاب وجب على المدين نيّة القضاء ، والعزل والوصيّة عند الموت ، ولو عدم المدين وورثته تصدّق به عنه.

ويجوز للمسلم قبض ثمن المحرّمات إذا باعها الكافر ، ولو قسّم الشريكان ما في الذمم ثمّ قبض أحدهما من نصيبه فهو لهما ، وما يذهب منهما.

١١١

ولا يجوز بيع الدين بمثله على رأي ، ويصحّ بالحاضر ، ولو كان بأقلّ قيل : لا يلزم المدين أكثر من الثمن (١) ، ودين المملوك المأذون فيه لازم لمولاه إن استبقاه أو باعه أو أعتقه على رأي ، ولو مات أخذ من تركته ، ويكون غريم المملوك وغرماؤه على السواء ، ولو أذن له في التجارة فاستدان فهو لازم لذمّته يتبع به بعد العتق على رأي ، وكذا لو لم يؤذن فيهما ، ولو أخذه المولى حينئذ فللمالك الرجوع على المولى واتّباع العبد بعد العتق ، ولو اقترض العبد أو اشترى بطل ، فإن كانت العين باقية أخذها صاحبها وإلّا تبعه ، ولا يجوز للمملوك التصرّف ببيع وغيره إلّا بإذن مولاه ، ولو أذن له في الشراء انصرف إلى النقد ، ولو أذن له في النسيئة فالثمن في ذمّة المولى ، ولو تلف الثمن رجع على المولى ، ولا يتعدّى الإذن إلى مملوك المأذون.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٣١١.

١١٢

[ الفصل ] الثاني

لا بدّ في الرهن من الإيجاب والقبول ـ وتكفي الإشارة مع العجز ـ وقبض على رأي ، بإذن الراهن ، فلو رجع أو جنّ أو مات قبل القبض فلا رهن ، ولا يشترط استدامة القبض ، ويكفي القبض الباقي إلى حين الرهن ، ويصحّ وإن كان غصبا أو بيعا فاسدا ، ولم يزل الضمان إلّا بالإسقاط ، ولا يقبل رجوع الراهن عن الإقرار بالقبض ، ولو ادّعى المواطأة فله الإحلاف ، ولا يصحّ رهن الدين ولا المنفعة.

ورهن المدبّر إبطال له على رأي ، ولا ما لا يملك ويقف على الإجازة ، ولو جمع مع ماله مضى فيه ووقف الباقي على الإجازة ، ولو رهن الذمّي خمرا عند مسلم على يد ذميّ لم يصحّ على رأي ، ولا مالا يصحّ إقباضه ، ولا الوقف.

ويصحّ رهن المسلم والمصحف عند الكافر إذا وضع على يد مسلم ، وأمّ الولد والرهن في زمن الخيار ، ورهن المرتد مطلقا ، والجاني مطلقا على رأي ، ورهن ما يفسد قبل الأجل مع شرط البيع وإلّا بطل ، وهو لازم من جهة الراهن.

ويشترط في الحقّ الثبوت ، وفي الراهن والمرتهن العقل ، وجواز التصرّف ، ولا يصحّ الرهن على ما لا يمكن استيفاؤه منه ، كالرهن على الإجارة المتعلّقة بعين المؤجر كخدمته ، ويجوز لوليّ الطفل رهن ماله ، وأخذ الرهن له مع الغبطة ، وإقراض ماله ، وإسلافه معها ، واشتراط الوكالة له أو لغيره في العقد يلزم ، ويبطل بالموت دون الرهانة ، ولا ينتقل إلى وارث المرتهن إلّا مع الشرط ، ويجوز اشتراط وضع الرهن على يد عدل أو عدلين ، ولا ينفرد

١١٣

أحدهما ، ورهانة الرهن على حقّ آخر ، والرهن على مال الكتابة للثبوت على رأي ، وتبطل عند فسخ المشروطة ، ورهن المشاع ، ويسلّمه الحاكم مع تشاحّ الشريك والمرتهن إلى ثقة ، فإن كان له أجرة آجره ورهن لقطة مما يلقط وإن اختلط بالثانية ، ولو لم تعلم الورثة الرهن فهو تركة ، والمرتهن أحقّ بالرهن ، ولو أعوز شارك في الحياة والموت ، ولا يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم التلف ـ على رأي ـ إلّا بالتفريط ، والقول قوله في ضياع الرهن مطلقا على رأي ، والقيمة وقدر الرهن التالف بالتفريط على رأي ، وقول الراهن في قدر الدين ، وفي ردّ الرهن ، ويضمن العين والأجرة لو تصرّف ، ويقاصّه لو اتّفق.

وللمرتهن استيفاء دينه منه إن خاف الجحود مع عدم البيّنة ، ولو وطئ الرهن لزمه العشر أو نصفه ، وإلّا مع المطاوعة ، ولو باع فظهر عيب فالرجوع على الراهن ، أمّا مع الاستحقاق فالرجوع عليه إن قبض ، ويرجع به على الراهن ، وللراهن المنع من تسليمه إلى وارث المرتهن ، وتسليمه الحاكم إلى من يرتضيه ، ويردّ العدل إليهما ، أو إلى من يرتضيانه ، ويضمن مع الخلاف ، ولو غابا أو أحدهما سلّمه إلى الحاكم إن كان هناك عذر ، وإلّا ضمن ، ولو خان العدل نقله الحاكم إلى غيره مع اختلافهما.

والراهن والمرتهن ممنوعان من التصرّف ، فلو تصرّف أحدهما وقف على الإجازة ، إلّا إذا أعتق المرتهن ، وللراهن تزويج العبد والأمة ، وليس له تسليم الأمة إلى الزوج ، ولا يبطل رهن الجارية بحملها بعده من الراهن وإن كانت أمّ ولد وكان الأب موسرا على رأي ، وفي بيعها مع وجود الولد خلاف ، ولو أذن المرتهن في البيع بطل الرهن ، ولا يلزم رهنيّة الثمن ، ولو أذن الراهن قبل الأجل لم يتصرّف المرتهن في الثمن إلّا بعد الحلول ، ولو لم يوكّل المرتهن في البيع لم يبع إلّا الحاكم ، ولو شرط أن يكون مبيعا إن لم يردّ في شهر مثلا لم يصحّ ، ولو تلف في مدّة الشهر فلا ضمان ، وبعده يضمن ، والفرق تعلّق الضمان بفاسد البيع دون الرهن ، فإن غرس أو بنى في مدّة الشهر أمر بالإزالة من غير ضمان ، وإن كان بعده فللراهن القلع لكن بعد ضمان النقيصة ، والفرق الإذن في الثاني دون الأوّل ، ونماء الرهن لصاحبه ، ولو كان بعد الارتهان وكان منفصلا لم يدخل على رأي ، وكذا ما ينبت في الأرض بعد رهنها من الشجر ، وفي إجبار الراهن على الإزالة خلاف.

ولو باع الرهن فاستنماه المشتري ثمّ فسخ المرتهن فالوجه عدم الرجوع بالنماء ، ورهن الدين مختصّ به ، وجناية المرهون مقدّمة ولو كانت خطأ ، ويبقى رهنا لو افتكّه مولاه ، ولو

١١٤

جنى على مولاه اقتصّ منه ، ولا يبطل رهنه إن كانت دون النفس ، وفي الخطإ يبقى رهنا ، ولو كانت الجناية على مورثه اقتصّ منه في العمد ، وافتكّ في الخطإ ، والفرق عدم استحقاق المولى على عبده شيئا ، والفرق مع الأجنبي استحقاق المورث دون الأجنبي ، وفيه نظر. ولو جنى أحد عبديه المرهونين عند اثنين اقتصّ المولى أو عفا على مال ، بخلاف ما إذا كان المجتنى عليه طلقا ، وقيمة المتلف على المتلف ، وأرشه رهن وإن كان المرتهن ، لكن لا يكون وكيلا في القيمة ، والأرش لو كان في الأصل ، ولو قال : قد أبرأت من الأرش لم يصحّ ، والأولى عدم تعلّق الرهن به حينئذ.

ورهنية البيضة والحبّ باقيتان بعد الاستفراخ والزرع ، ويبطل رهن العصير لو صار خمرا ، ولو صار خلّا عاد ملك الراهن والرهن. ولو رهن اثنان عبدا بدين عليهما وأدّى أحدهما نصيبه صارت حصّته طلقا ، إلّا أن يجعلها رهنا على كلّ الدين.

والرهانة مورثة ، وللراهن أن يستأمن غير الوارث ، ولو ادّعى أحدهما الإيداع والآخر الارتهان فالقول قول الأوّل على رأي ، ولو اختلفا في تعيين المرهون تحالفا وسقطا ، والقول قول قاضي الدين إذا ادّعى قضاء ما عليه الرهن من جملة الدينين ، ويباع الرهن بالنقد الغالب ، ولو تعدّد بيع بمشابه الحق ، ولو قال بعد البيع المأذون فيه : رجعت في إذن البيع قبله ، وقال المرتهن : بعده ، فالقول قوله ، ولو أذن لغيره في رهن ماله صحّ وليس له الرجوع بعد الرهن ، وهل له المطالبة بافتكاكه قبل حلول الدين؟ فيه نظر. ولو بيع في الرهن رجع بما بيع به إن ساوى القيمة أو كان أكثر ، وإلّا بها. ولو مات أو جنى فهلك رجع صاحبه على الراهن بالقيمة ، ولا يتعدّى المأذون لو عيّن المالك قدر الدين وصفته من الحلول والتأجيل ، ولو باعه شيئا وشرط أن يكون في يد البائع رهنا قيل : بطلا (١) ، وكذا لو شرط البائع تسليمه إلى المشتري ثمّ يردّه إلى بلده رهنا بالثمن.

ولو ادّعى اثنان رهينة شي‌ء وصدّق الراهن أحدهما ثبت رهنه ، سواء كان في يدهما أو يد أحدهما أو يد عدل ، وللآخر إحلاف الراهن ، فإن نكل ألزم بقيمة الرهن للآخر مع يمينه على رأي ، ولو كان له على غيره حقّ برهن فباعه عليه بغيره بطل الرهن ، فإن تلف الثمن قبل التسليم عاد الحقّ والرهن ، وكذا لو قبضه ثمّ تقايلا.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٢٣٥.

١١٥

[ الفصل ] الثالث

يصحّ ضمان كلّ حقّ ثابت في الذمّة وإن كان على ميّت مستقرّا ، كثمن المبيع بعد القبض وانقضاء الخيار ، ونفقة الزوجة الحاضرة والماضية ، وغيره كالثمن قبل الانقضاء ، ومال الكتابة على رأي ، أو يؤول إلى الثبوت كمال الجعالة قبل الفعل.

ويصحّ ضمان الأعيان المضمونة كالغصب والأمانة مع عدم التعدّي ، ولا ما ليس بلازم ، ولا يؤول إليه ، ولا النفقة المستقبلة ، وأن يترامى الضمان وإن دار على رأي ، وأن يضمن ما يقرّبه العبد ، وأن يضمن المجهول كجميع ما عليه على رأي. وتعدّد الضمناء ، فيقسّم الحقّ عليهم ، ويلزمه ما تقوم به البيّنة خاصّة ، ولو ضمن ما يشهد به لم يصحّ ، وضامن عهدة الثمن يلزمه ما يبطل به البيع من أصله كالاستحقاق لا ما يلحقه البطلان كالردّ بالعيب ، وتلف المبيع قبل القبض والتقايل ، ولو خرج البعض مستحقّا فردّ الجميع رجع على الضامن بالمستحقّ ، وعلى البائع بالباقي على رأي ، ولو طالب بالأرش رجع على الضامن.

والضمان ناقل ، ولا يبرأ الضامن بإبراء المضمون عنه ، ولا يصحّ ضمان ما يغرسه المشتري للبائع وغيره ، ويرجع الضامن بما أدّى مع إذن المضمون عنه في الضمان ، ولا اعتبار بإذنه في الأداء ، ولو دفع عوضا عن الدين رجع بأقلّهما ، ولو أذن في الضمان ثمّ شهد بالقبض قبلت مع الشروط وردّت لا معها ، فإذا حلف المضمون له حينئذ رجع الضامن بالأوّل ، ولو لم يشهد رجع بالأخير.

ويشترط جواز تصرّف الضامن ، ولو ادّعى الضمان حال الإفاقة فالقول قول المجنون إن

١١٦

عرف منه ، وإلّا فلا على رأي ، وملاءته ، أو رضى المضمون له بالإعسار ـ ويفسخ لو لم يعلم به ـ ورضى المضمون له ، ولا يشترط العلم بالمضمون له ، ولا رضى المضمون عنه ، ويصحّ المؤجّل وإن كان الدين حالّا ، ويلزم الأجل والحالّ وإن كان الدين مؤجّلا على رأي ، ويصحّ ضمان المملوك بإذن مولاه لا بدونه ، ويثبت في ذمّته لا كسبه ، إلّا أن يشترط في الضمان بإذن مولاه ، وكذا لو شرط أن يكون الضمان من مال معيّن ، والأولى أنّه ليس للضامن مطالبة المضمون عنه بتخليصه قبل مطالبة المضمون له ، ويخرج ما يضمنه المريض من الثلث على رأي.

ويصحّ ضمان الأخرس بالإشارة ، وهل تكفي الكتابة المجرّدة عنها؟ فيه نظر.

ويشترط في الحوالة رضى الثلاثة ، والملاءة ، أو العلم بالإعسار ، والعلم بالمال ، وأن يكون ثابتا.

وهي نافلة ، وقيل : وله المطالبة للمحيل إذا لم يبرئه وقت الحوالة (١) ، ويفسخ مع تجدّد العلم بالإعسار ، لا مع تجدّده ، ويصحّ على من ليس للمحيل ، عليه مال ، أو عليه مخالف على رأي ، وتأخير الحالّ ، وتعجيل المؤجّل ، وترامي الحوالات.

ولو قضى المحيل بمسألة المحال عليه رجع ، وبدونها لا رجوع ، والقول قول المحال عليه في إنكاره ثبوت المال في ذمّته ، ويرجع على المحيل ، والقول قول المحيل لو ادّعى قصد الوكالة بلفظ الحوالة بعد القبض وقبله ، ولو قال : قصدت الحوالة فأنكر ، فالقول قول المحتال ، ولو ردّ المبيع بالعيب بطلت الحوالة بالثمن على رأي ، وكذا لو ارتدّت الزوجة المحالة بالمهر قبل الدخول. ولو أحال الأجنبي بالثمن على المشتري لم تبطل ، ولو بطل أصل العقد بطلت فيهما. ولو أحال البائع بثمن العبد وادّعى هو والمشتري حرّيّته لم تقبل في الحوالة ، ولا تسمع بيّنتهما ، نعم تسمع بيّنة العبد ، أو تصديق المحتال ، فتبطل الحوالة ، إلّا أن يدّعي أنها بغير الثمن فالقول قوله ، ولو ادّعى حوالة زيد عليه فحلف سقطت الحوالة ، وسقط دينه عن زيد ، فإن صدّقه زيد سقط دينه ، وإن كذّبه فالدين على المدّعى عليه ثابت ، وإن ردّ لزمه دفع المحال به ، فإن صدّقه زيد سقط دينه ، وإن كذّبه غرّم ثانيا.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٣١٦.

١١٧

ويعتبر في الكفالة تعلّق حقّ آدميّ بالمكفول ـ فلو كفل الراهن على التسليم صحّ للزومه ـ ورضى الكفيل والمكفول له ، وتعيين المكفول ، فيبطل لو قال : كفلت أحدهما ، أو هذا فإن لم آت به فبهذا ، ولو قال : إن لم أحضره كان عليّ كذا لزمه الإحضار دون المال ، ولو قال عليّ كذا إلى كذا إن لم أحضره وجب المال.

ولا يصحّ تعليق الكفالة بشرط ، ويصحّ أن تكون معجّلة ومؤجّلة بمعلوم لا مجهول ، ومع الإطلاق التعجيل ، وإنّما يبرأ الكفيل بالتسليم التامّ ، أو بأداء ما عليه ، أو بموت المكفول ، أو تسليمه نفسه ، فلو سلّمه في حبس ظالم لم يبرأ ، بخلاف حبس الحاكم ، ولو سلّمه قبل الأجل لم يجب القبول ، ومن أطلق غريما قهرا ضمن الإحضار والأداء ، وفي القاتل الأوّل أو الدية.

ويؤخّر الكفيل بعد الحلول بمقدار الذهاب إلى المكفول والعود ، ويقتضي الإطلاق التسليم في بلد الكفالة ، ويتعيّن بحسب الشرط ، ولو أنكر الكفيل بعدها الحقّ على المكفول فالقول قول الآخر ، ولو ادّعى الكفيل إبراء المكفول فإن حلف المكفول له سقطت الدعوى ، وإن ردّ برئ من الكفالة دون المكفول من المال.

ويصحّ كفالة بذل المكاتب لسيّده ـ على رأي ـ دون بذل الصبيّ والمجنون بإذنهما ، وتصحّ بإذن وليّهما ، وترامي الكفالات ، فلو أبرأ المكفول أو الكفيل الأوّل أو ماتا سقطت الكفالات ، وكذا حكم كلّ أصل مع فرعه. ولو كفل اثنان واحدا وكفل كلّ واحد منهما صاحبه صحّ ، فلو مات المكفول أو أبرئ سقطت ، ولو مات أحدهما أو أبرأ لم يسقط عن الآخر.

وتصحّ الكفالة بما يعبّر به عن الجملة كالبدن والوجه والرأس ، ولو تكفّل من رجلين لم يبرأ بتسليمه إلى أحدهما ، ولو تكفّل رجلان لواحد اكتفي بتسليم أحدهما على رأي.

وتصحّ الكفالة بالمال والنفس عليه مجتمعا ومتفرّقا ، وبالنفس على الحدّ لا به ، وقيل : لو جعل الكفيل جعالة من الطالب أو المطلوب أو منهما في عقد الكفالة بطل (١) ، لأنّه ربا ، وفيه نظر.

__________________

(١) انظر مختلف الشيعة ٥ : ٥٠٢ ، المسألة ١٨٣.

١١٨

[ الفصل ] الرابع

الصلح عقد لازم من الطرفين على الإقرار والإنكار ما لم يغيّر السنّة ، مع علمهما وجعلهما دينا أو عينا ، ويعطي مدّعي الدرهمين أحدهما ونصف الآخر ، ومدّعي نصفهما المتخلّف ، وكذا لو أودعه درهمين وأخذ واحدا وضاع واحد مجهول ، ويعطى صاحب الثوب الذي قيمته ثلاثون ثلاثة أخماس الثمن ، والذي قيمته عشرون الباقي إذا اشتبها.

ويبطل الصلح لو بان استحقاق أحد العوضين.

ويصحّ على عين بها وبمنفعة ، وعلى منفعة بها وبعين ، وأن يصالح عن الدراهم بالدنانير ، ولا يعتبر شروط الصرف ، واختصاص أحد الشريكين برأس ماله وللآخر الربح والخسران ، وأن يصالح عن ثوب قيمته درهم بدرهمين ، وأن يصالح على سقي زرعه أو شجره بمائة على رأي ، أو بإجراء الماء إليه بعد العلم بالمكان الّذي يجري فيه الماء ، وعلى ترك الشفعة ، وأن يصالح المنكر دعوى الدار التي في يده على سكنى سنة ، وكذا لو صدّقه ، ولو صدّق أحد المدعيين في دار في يده فصالح عن النصف بعوض ، فإن كان سبب الدعوى يوجب الشركة افتقر إلى إذن الآخر ، ويكون العوض بينهما ، وإلّا اختصّ به في الربع ، ولو كان لا يوجبها لم يشتركا في المصدّق به ، واستدعاء الصلح ليس بإقرار ، ولو ادّعى دارا في يده فصدّقه وصالحه على خدمة عبده سنة صحّ ، وسواء استبقاه أو باعه أو أعتقه في المدّة ، ويجب عليه

١١٩

تتميم الخدمة بعد العتق ، والأولى أنّ للعبد الرجوع بأجرة ما بعد الحرّيّة ، وإن مات الأوّل المدّة انفسخ الصلح ، وفي أثنائها ينفسخ ما بقي.

ولو تنازع الراكب وقابض اللجام قضي للراكب على رأي. ولو تنازعا في ثوب في يد أحدهما أكثره ، أو عبدا لأحدهما عليه ثياب منهما سواء فيه. ولو تداعيا دابّة ولأحدهما عليها حمل في له.

١٢٠