تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

والأمّ اتّحد أو تكثّر ، ذكورا أو إناثا ، أو بالتفريق ، لكن للذكر مثل حظّ الأنثيين ، وسقط المتقرّب بالأب وحده ويردّ الفاضل عن نصيب الأخت للأبوين ، أو الأختين لهما عليهنّ ، دون المتقرّب بالأمّ خاصّة ، وللأخت من قبل الأمّ مع الأخت من قبل الأب ، أو الأختين من قبله السدس ، ويردّ الباقي عليهما أرباعا ، أو أخماسا على رأي ، وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى ، والنقص داخل على من يتقرّب بالأب والأم ، أو بالأب خاصّة.

وللجدّ المنفرد المال ، وكذا الجدّة لأب أو لأمّ ، ولو اجتمع الجدّ للأب أو الجدّة أو هما مع الجدّ للأمّ أو الجدّة أو هما فللمتقرّب بالأمّ الثلث اتّحد أو تكثّر بالسويّة ، والباقي لمن يتقرّب بالأب للذكر مثل حظّ الأنثيين ، والنقص بدخول الزوج أو الزوجة على المتقرّب بالأب.

ولو اجتمع الأجداد والأخوة : فالجدّ من قبل الأب بمنزلة الأخ من قبله أو قبلهما ، والجدّة منه كالأخت منه أو منهما ، والجدّة من قبل الأم كالأخت من قبلها ، والجدّة من قبلها كالأخ منها ، والجدّ وإن علا يقاسم الأخوة مع عدم الأدنى ، ولو اجتمعا فالمقاسم الأدنى ، ولو ترك أجداد أبويه الثمانية فلأجداد الأمّ الثلث أرباعا ، والباقي لأجداد الأب ، ثلثاه لأجداد أبيه للذكر مثل حظّ الأنثيين ، والثلث لأجداد أمّه كذلك.

وأولاد الأخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم مع عدمهم ، ويرث كلّ منهم نصيب من يتقرّب به ، فللواحد النصيب ، وللأكثر بالسويّة إن اتّحدوا ، وإن تفرّقوا فللذّكر مثل حظّ الأنثيين إن كانوا من قبل الأب أو من قبلهما ، وإلّا فبالسويّة ، ولأولاد الأخت من قبلهما النصف تسمية والباقي ردّا ، ولأولاد الأختين الثلثان تسمية والباقي ردّ الكل منهم نصيب من يتقرّب به. ولأولاد الواحد من قبل الأم السدس تسمية والباقي ردّا. ولأولاد المتكثّر من قبلها الثلث تسمية والباقي ردّا لكلّ منهم نصيب من يتقرّب به ، وسقط أولاد الأخ أو الأخت أو هما من قبل الأب مع من يتقرّب بهما. ولو اجتمعوا فلأولاد الأخ أو الأخت السدس ، والباقي لأولاد الأخ أو الأخت من قبل الأب والأمّ ، وسقط الباقي. ولأولاد المتكثّر من قبل الأمّ الثلث بالسويّة لكلّ منهم نصيب من يتقرّب به. ولأولاد الأخ أو الأخت أو هما من قبل الأب والأمّ الباقي ، وسقط معهم أولاد الأخوة والأخوات من قبل الأب ، ومع الزوج أو الزوجة يدخل النقص على المتقرّب بالأب أو به وبالأمّ دون المتقرّب بالأمّ ودونهما.

وتقوم أولاد كلالة الأب مقام أولاد كلالة الأب والأمّ مع عدمهم على ترتيبهم ، فلأولاد

٢٨١

الأخ ، من قبل الأب مع عدم أولاد الواحد من قبل الأمّ ما زاد على السدس. ولأولاد الأخت من قبله مع أولاد الواحد من قبل الأمّ النصف تسمية ، والسدس لأولئك ، والباقي يردّ أرباعا ، ولو كانوا أولاد أختين فالردّ أخماسا ، ولو كانوا أولاد أخت مع التكثّر فالردّ كذلك على رأي ، ويقاسمون الأجداد كآبائهم ، ويمنعون من يمنعه الآباء ، والأخ من الأمّ أولى من ابن الأخ للأب والأمّ على رأي ، وتمنع الأخوة وأولادهم المتقرّب بالجدّ من الأعمام والأخوال وأولادهم ، ولا يمنعون آباء الأجداد وإن علوا.

وثالث المراتب : الأعمام والأخوال ، فللعمّ المال ، وإن تكثّر فبالسويّة ، وكذا العمّة وإن تكثّرت ، ولو اجتمعوا فللذكر مثل حظّ الأنثيين ، ولو اختلفوا فللواحد ـ ذكرا كان أو أنثى ـ من قبل الأمّ السدس ، وان تكثّر فالثلث بالسويّة ، والباقي لمن كان من قبل الأب والأمّ ـ واحدا أو أكثر ـ للذكر مثل حظّ الأنثيين ، ويسقط المتقرّب بالأب ، ومع عدم المتقرّب بهما يقوم المتقرّب بالأب مقامه كهيئته ، ولا يرث أولادهم معهم مطلقا ، إلّا مسألة إجماعيّة ، وهي : أنّ ابن العمّ لهما أولى من العمّ من قبل الأب ، فلو انضمّ الخال معهما سقط ابن العمّ وتشاركا. وسمعنا مذاكرة : مشاركة الخال وابن العمّ واختصاص الخال. وكذا تسقط بنت العمّ منهما مع العمّ له أو العمّة ، وابن العمّ مع العمّة ، والأقرب اختصاص أولاد العمّ لهما مع العمّ أو الأعمام.

وللخال وحده المال ، فإن تكثّر فبالسويّة ، وكذا الخالة وإن تكثّرت ، ولو اجتمعوا تساووا ، ولو اختلفوا فللواحد من قبل الأمّ السدس ، وإن تكثّر فالثلث بالسويّة ، والباقي للمتقرّب بهما بالسويّة أيضا ، وسقط المتقرّب بالأب ، ولو عدم المتقرّب بهما قام المتقرّب بالأب مقامه كهيئته.

ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث ، ولو كان واحدا ، ذكرا كان أو أنثى. وللأعمام الباقي ، فإن اتّفق الأخوال تساووا ، وإن اختلفوا فللمتقرّب بالأمّ سدس الثلث إن اتّحد ، وثلثه إن تكثّر بالسويّة ، وباقيه للمتقرّب بهما ، وللأعمام الباقي ، للذكر مثل حظّ الأنثيين إن تساووا ، وإن اختلفوا فللمتقرّب بالأمّ سدس الثلثين إن اتّحد ، والثلث إن تكثّر بالسويّة ، وباقيهما للمتقرّب بهما على التفصيل ، ويسقط المتقرّب بالأب إلّا مع المتقرّب بهما.

٢٨٢

والعمومة والعمّات وأولادهم وإن نزلوا ، والخؤولة والخالات وأولادهم وإن نزلوا ، أولى من عمومة الأب وعمّاته وخؤولته وخالاته ، ومن عمومة الأمّ وعمّاتها وخئولتها وخالاتها ، وكذا أولاد أعمام الأب وأخواله ، وأولاد أعمام الأمّ وأخوالها يمنعون أعمام الجدّ وأخواله ، فإذا عدم الأدنى قام الأبعد مقامه.

وكلّ بطن وإن نزلت أولى من العليا ، فإن خلّف العمومة والخؤولة الثمانية فللمتقرّب بالأمّ الثلث أرباعا ، وثلثا الباقي لمن تقرّب بالأب من العمومة على التفصيل ، والباقي لخؤولته على التساوي ، وأولاد العمومة المتفرّقين يأخذون نصيب آبائهم ، فلبني العمّ من الأمّ السدس ، ولو تكثّر المنتسب إليه فالثلث ، لكلّ نصيب من يتقرّب به ، والباقي لبني العمّ أو العمّة للأب ، والأمّ أو للأب مع عدمهم كذلك ، وكذلك الخؤولة.

وإذا كان أبناء عمّ أحدهما أخ فالمال له ، ولو كان ابن عمّ لأب هو ابن خال لأمّ ، أو ابن عمّ هو زوج ، أو بنت عمّ هي زوجة ، أو عمّة لأب هي خالة من أمّ. ورث بهما وشارك من في درجته.

وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى مع الخؤولة والخالات ، والعمومة والعمّات ، وأولادهم ، وعمومة الأب وخؤولته ، وعمومة الأمّ وخؤولتها. ويدخل النقص على المتقرّب بالأب ، أو بهما ، وأولادهم دون المتقرّب بالأمّ ، فلو خلّفت زوجها وأحد الخالين لأمّ وأحدهما لأبوين فللزّوج النصف ، وقيل : للخال لهما سدس الباقي (١) ، والأقرب سدس الثلث ، ولو انظمّت العمومة فللزوج النصف ، وللأخوال الثلث ، منه سدس للخال للأمّ ، والباقي للأعمام.

والزوجة ترث وإن كانت غير مدخول بها ، أو مطلّقة رجعيّة إذا مات في العدّة ، أو بائنا إذا طلّقها مريضا بالشروط ، وكذا الزوج ، ولا توارث في البائن. وللزوجات الأربع نصيب الواحدة ، ولو طلّق إحداهن وتزوّج أخرى واشتبهت المطلّقة فللأخيرة ربع الحصّة ، والباقي بينهم بالسويّة. ولو كان للزوجة ولد من الميّت ورثت من جميع ما تركه ، وإلّا لم ترث من الأرض شيئا ، وأعطيت حصّتها من قيمة الآلات والأبنية على رأي ، ولو كان هناك دين

__________________

(١) لم يظهر له قائل ، كما ذكر غير واحد ، منهم السيّد الأعرجي في كنز الفوائد ٣ : ٣٨٥.

٢٨٣

فالتقسيط بالحصص. ولو تزوّجها مريضا ومات فيه من غير دخول بطل ، ولا مهر ولا ميراث ، ويصحّ لو دخل وترث. ولو انفرد الزوج فالأولى أنّه يأخذ الجميع ، وفي الزوجة كذلك على رأي (١) ، وقيل : بالتفصيل (٢) وقيل : بالمنع من الزائد مطلقا (٣).

وإذا أردت معرفة السهام من التركة فانسب سهام كلّ وارث من الفريضة ، وخذ من التركة بتلك النسبة ، فما كان فهو نصيبه ، أو تقسّم التركة على الفريضة ، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ واحد ، فما بلغ فهو نصيبه.

ولك طريق آخر ، وهو : أن تأخذ ما حصل لكلّ وارث من الفريضة وتضر به في التركة إذا فقد الكسر ، فما يحصل فاقسمه على العدد الذي تصحّ منه الفريضة ، فما خرج فهو نصيب الوارث. ولو وجد الكسر فابسط التركة من جنسه ، بأن تضرب مخرجه في التركة ، فما ارتفع أضفت إليه الكسر وصارت كالصحيحة ، فما اجتمع للوارث قسّمته على ذلك المخرج ، فإن كان الكسر نصفا قسّمته على اثنين وهكذا. ولو كانت المسألة عددا أصمّ فاقسم التركة عليه ، فإن بقي ما لا يبلغ دينارا فابسطه قراريط ، فإن نقص فابسطه حبّات ، فإن نقص فابسطه أرزات ، فإن نقص فابسطه بالأجزاء.

__________________

(١) ذهب إليه المفيد في المقنعة : ٦٩١ ، وهو المروي كما في النهاية : ٦٤٢.

(٢) استقربه الشيخ في النهاية : ٦٤٢ ، قائلا : .. إن هذا الحكم [ أي أخذ الجميع ] مخصوص بحال غيبة الإمام ( عج ) وقصور يده ، فأمّا إذا كان ظاهرا فليس للمرأة أكثر من الربع ، والباقي له على ما بيّناه. وهذا وجه قريب من الصواب.

(٣) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ٥٨٤.

٢٨٤

[ الفصل ] الثالث

أوّل أقسام الولاء : العتق ، ولا يرث المعتق مع وجود النسب الوارث وإن بعد ، ولا مع غير المتبرّع ، ولا مع التبرّي من ضمان الجريرة والحدث ، ويثبت مع التدبير ، ولا تشترط الشهادة في سقوطه ، ولا مع التنكيل به.

والولاء كلحمة النسب وهو موروث ، ويثبت للكافر بإعتاق المسلم والكافر إلّا أنّه لا يرث المسلم حال كفره ، وللمسلم بإعتاق الكافر والمسلم ، ويرثهما ، ومع الشروط يرث إن كان واحدا ، ولو تكثّروا اشتركوا بالحصص مطلقا ، ولا ينعكس ، بل يكون للإمام مع العدم ، ويشارك الزوجان ، ولو عدم المعتق ، قيل : يكون للأولاد الذكور خاصّة إن كان المعتق رجلا ، وإلّا فللعصبة (١). وهي تتفرّع من الأب والابن ، ويتشارك الأولاد والآباء ، ومع انفراد الأبوين لا يشركهما غيرهما من الأقارب. ويقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم مع عدمهم ، ويأخذ كلّ منهم نصيب من يتقرّب به كالميراث. ولو عدم الآباء والأولاد وإن نزلوا تشارك الأخوة والأخوات ، والأجداد والجدّات ، ومع عدمهم الأعمام والعمّات وأولادهم وإن نزلوا ، ويترتّبون الأقرب فالأقرب ، للذكر مثل حظّ الأنثيين ، وقيل : لا يرث الإناث ، ولا يرث من يتقرب بالأمّ (٢). ولو عدم قرابة المعتق ورثه مولى المولى ، فإن عدم فقرابة مولى المولى للأب ،

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٦٧٠.

(٢) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ٣٠ و ٣١.

٢٨٥

ولا ترث المرأة بالولاء إلّا إذا باشرت العتق ، أو أعتق مولاها.

ولا يصحّ بيع الولاء ، ولا هبته ، ولا اشتراطه في بيع ، فلو اشترط البائع العتق والولاء صحّ البيع واشتراط العتق ، وكان الولاء للمعتق.

ويرث ولد المعتقة معتقه وإن كان حملا ، ولا ينجرّ ولاؤهم ، ولو حملت بهم بعد العتق فولاؤهم لمولاها مع رقّيّة أبيهم ، وإن كان حرّا فلا ، ولو كان معتقا فولاؤهم لمولى أبيهم ، وكذا لو أعتق بعد ولادتهم انجرّ من مولى أمّهم إلى مولى أبيهم ، فإن فقد مولى الأب فعصبة المولى ، فإن فقدوا فلمولى عصبة مولى الأب ، فإن فقدوا فلضامن الجريرة ، فإن فقدموا فللإمام ، ولا يرجع إلى مولى الأمّ.

ولو تزوّج العبد بمعتقة فولاء الولد لمولاها ، فإن أعتق الجدّ انجرّ الولاء إلى معتقه ، فإن أعتق بعد ذلك الأب انجرّ من مولى أبيه إلى مولاه ، ولو أنكر بعد عتقه الولد فلا عنته فولاؤه مع عدم النسب لمولى أمّه ولو اعترف بعد اللعان.

ولو أولدها قبله بنتين فاشترتاه فميراثه لهما بالنسب. ولو ماتتا أو إحداهما قبله فالميراث له ، ومع عدمه فميراث السابقة لللاحقة بالنسب ، ولو ماتت الأخرى ولا نسب لم يرثها مولى أمّها.

ولو أعتق أحد الولدين مع أبيه مملوكا فمات الأب ثمّ المعتق فللمشتري ثلاثة أرباع ، وللآخر الربع.

ولو اشترى ابن المعتقة عبدا ، فولاؤه بعد العتق له ، فلو اشترى أباه وأعتقه انجرّ الولاء من مولى الأمّ إلى مولى الأب ، وكان كلّ واحد منهما مولى الآخر ، فإن مات الأب فميراثه للابن ، ولو مات الابن ولا نسب فولاؤه لمعتق أبيه ، ولو مات المعتق ولا نسب فولاؤه للابن ، ولو ماتا قيل : يرجع الوليّ إلى مولى الأمّ (١). ولو أعتقت المطلّقة ثنتين أو الميّت عنها فالولد حرّ ، فإن أعتق العبد الزوج قال الشيخ : لا ينجرّ ، لحصول الشكّ بوجوده حال العتق وعدمه (٢).

وثانيه : ولاء تضمّن الجريرة ، وهو يكون مع عدم الأوّل لمن توالى غيره ، يضمن جريرته وحدثه ، ويكون ولاؤه له ، ويصير مولى له ، ولصغار ولده دون كبارهم. ويثبت به الميراث ،

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ١٠٧.

(٢) كما في المبسوط ٤ : ٩٧.

٢٨٦

ولا يتعدّى الضامن. فلو مات ضامن الجريرة لم يرث وارثه الولاء ، ولا يصحّ إلّا لمن ليس عليه ولاء ، ويشاركه الزوج والزوجة ، فيأخذان الأعلى. وللذمّيّ مولاه المسلم ، ولا يجوز العكس.

ويجوز التقايل في الولاء ، وللمولى إبطال الولاء عنه ما لم يؤدّ المولى عنه جناية.

فإذا عدم الضامن فهو للإمام ، وهو ثالثه.

وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يضعه في فقراء بلده ، وضعفاء جيرانه. ومع غيبته يقسّم على الفقراء والمساكين ، ولا يدفع إلى الظالم ، إلّا مع الخوف. ويختصّ به ما تأخذه السريّة بغير إذنه ، وما يفارقه المشركون فزعا من غير حرب ، والمصالح عليه ، والجزية للمجاهدين ، ومع العدم لفقراء المسلمين. والمسروق من أهل الحرب يعاد عليهم حال الهدنة ، وإلّا فللآخذ بعد الخمس.

ومال الميّت من الكفّار مع عدم الوارث للإمام. وميراث ولد الملاعنة لأمّه ومن يتقرّب بها ، وأولاده وزوجه وزوجته على التفصيل ، ولا يرثه الأب ولا من يتقرّب به ، ولو انفردت الأمّ فالمال لها على رأي ، ولو لم يكن وارث من جهة الأمّ فللإمام ، ويرث هو قرابة الأمّ على الأصحّ ، ولا يرث أقارب أبيه ، وإن اعترف به بعد اللعان ، ويتساوى الإخوان من قبل الأب والأمّ ، ومن قبل الأمّ.

ولو أنكر الحمل ولا عن فولدت توأمين توارثا بالأمومة. ولو تبرّأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه قيل : يكون ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه (١).

وولد الزنا لا يرثه أبواه ، ولا من يتقرّب بهما ، ولا يرثهم ، بل ولده وزوجه وزوجته على ما بيّن ، ومع عدمهم الإمام. ولا يرث أحد التوأمين صاحبه.

__________________

(١) قاله القاضي ابن البرّاج في المهذّب ٢ : ١٦٧ ، وحكاه عن الشيخ في الشرائع ٤ : ٤٤ ، قائلا : وهو قول شاذّ ، وحكاه أيضا ابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٨٦ ، قائلا : وإنّما هذه رواية شاذّة من أضعف أخبار الآحاد ، وأوردها شيخنا إيرادا لا اعتقادا ، وقد رجع عنها في الحائريّات ، في المسألة الخامسة والثمانين والمائة.

٢٨٧

[ الفصل ] الرابع

الخنثى من له الفرجان ، فيحكم بما يسبق منه البول ، فإن اتّفقا فبما ينقطع منه أخيرا ، فإن اتّفقا أعطي نصف الميراثين على رأي ، فإن انفرد أخذ المال ، وإن تعدّد تساووا ، ولو كان معه ذكر وأنثى قسّمت الفريضة مرّتين باعتبار حالتيه ، ويعطى نصف النصيبين ، فله مع الذكر خمسة من اثني عشر ، ومع الأنثى سبعة ، ومعهما ثلاثة عشر من أربعين ، ولو دخل عليهم الزوج أو الزوجة ضرب مخرج سهمه في أربعين ، فيأخذ الزوج أربعين من المجتمع ، وللخنثى تسعة وثلاثون ، وللأبوين معه السدسان تارة ، والخمسان أخرى ، فيضرب خمسة في ستّة فلهما أحد عشر ، وللخنثى تسعة عشر ، ولو تعدّد فلهما السدسان ، والباقي للمتعدّد بالسويّة. ولو كان أحد الأبوين مع المتعدّد فله أحد عشر من ستّين ، والباقي للخنثى ، فالردّ أخماسا. وسهم الأخوة من الأب أو منهما ، والعمومة في الخناثى على ما ذكر ، قيل : ولو كان زوجا وزوجة فله نصف نصيبهما (١) ، وكذا في الأجداد ، وفاقدهما يرث بالقرعة.

وذو الرأسين ينبّه أحدهما ، فإن تبعه الآخر فواحد ، وإلّا اثنان.

والحمل يرث إن ولد حيّا ، وإن خرج نصفه حيّا أو تحرّك بما لا يدلّ على استقرار الحياة ـ وإن وقع بجناية ـ لم يرث ، ولا يشترط حياته عند الموت ، فيرث لو ولدته لتسعة أشهر من الموت مع عدم التزويج ، ولدون ستّة معه ، ويعطى أصحاب الفروض الأقلّ ، فإن خرج ميّتا

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ١١٧.

٢٨٨

أكمل لهم ، ويعطى الابن الموجود معه الثلث ، وللبنت الخمس ، ولو تعارف اثنان توارثا ، ولا يفتقر إلى البيّنة إلّا مع اشتهارهما بغيره.

وينتظر المفقود بمجرى العادة على رأي.

ويتوارث الغرقى والمهدوم عليهم إذا كان لهم أو لأحدهم مال مع التوارث والاشتباه ، ويسقط الحكم مع عدم التوارث ، أو اختصاص البعض به ، أو علم الاقتران ، أو التقدّم ، وفي الاطّراد نظر. ولا يرث الثاني ممّا يورث منه على رأي ، ففي وجوب تقديم الأضعف في التوريث نظر ، فيفرض موت الزوج أوّلا ، فتأخذ الزوجة نصيبها ، ثمّ نفرض موتها ، فيأخذ نصيبه لا ممّا ورثته ، وينتقل الباقي من كلّ منهما وما ورثه إلى الورثة الأحياء.

ونفرض موت الابن فيأخذ الأب ، ثمّ العكس ، ولو كان كلّ منهما أولى بالآخر انتقل مال كلّ منهما إلى ورثة صاحبه ، وإن شاركهما أو أحدهما المغاير أخذ ما يصيبه وانتقل إلى ورثته ، والباقي للمشارك. ولو تساويا كالأخوين لم يقدّم أحدهما ، ولو كان لأحدهما وارث دون الآخر انتقل مال ذي الوارث إلى الإمام والآخر إلى ورثته ، ولو اختصّ أحدهما بالمال ورث الآخر دونه.

والأظهر في المجوس توريثهم بالأسباب والأنساب الصحيحة والفاسدة ، فلأمّ الزوجة نصيبها ، وكذا لو كانت بنتا أو أختا ، فإن فقد المشارك فالباقي ردّ بالنسب ، ولو اجتمع المانع وغيره ورث من جهة المانع ، فللبنت الأخت المال لا بالأخوّة ، وللبنت بنت البنت المال بالأقرب ، وللأخت للأب ـ العمّة ـ المال بالأخوّة ، وللعمّة بنت العمّة المال بالأقرب ، وغيرهم من الكفّار إذا تحاكموا إلينا ورّثناهم على كتاب الله تعالى.

والمسلم لا يرث بالنسب الفاسد وإن اعتقد التحليل ، ويرث بالنسب صحيحة وشبهته ، فإنّ الشبهة كالصحيح ، ولو مات بعض الوارثين قبل القسمة واتّحد الوارثان فالفريضتان كالواحدة ، ولو اختلف الاستحقاق أو الوارث أو هما ، ولم ينهض نصيب الثاني بالقسمة على الصحّة ، وكان بين نصيب الميّت الثاني من فريضة الأوّل والفريضة الثانية وفق ، فاضرب وفق الفريضة الثانية في الفريضة الأولى ، فتصحّ الفريضة من المجتمع ، ولو تباينا ضربت الثانية في الأولى ، وصحّت من المجتمع.

٢٨٩

[ الفصل ] الخامس

لا يرث الكافر مطلقا ، ولا المرتدّ المسلم وإن قربوا ، ولا مع المسلم وإن بعد كالضامن ، ولو عدم المسلم كان للإمام ، ويرث الكافر مع فقد المسلم ، ولو كان مرتدّا ورثه الإمام ، ولا يرثه الكافر.

ولو أسلم الوارث قبل القسمة شارك مع المساواة ، وانفرد مع الأولويّة ، ولو أسلم بعدها أو كان الوارث واحدا فلا إرث ، ولو لم يكن وارث ، قيل : ورث إن لم تنتقل التركة إلى بيت المال (١) ، ولو كان الواحد زوجا أو زوجة أخذ الفاضل على رأي.

ويحكم بإسلام الطفل لو كان أحد أبويه مسلما أو أسلم ، ويقهر بعد البلوغ عليه ، ومع الامتناع فهو مرتدّ ، قيل : ولو خلّف الكافر أولادا صغارا وأخوة وأخوات مسلمين قسّم أثلاثا ، وأنفق الأخوة على الأولاد بنصيبهم ، وكذا الأخوات ، فإن أسلموا بعد البلوغ فهم أحقّ ، وإلّا استقرّ ملك الأخوة والأخوات (٢).

والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب. والكفّار يتوارثون وإن اختلفوا في الملل والديانات.

والمرتدّ عن فطرة تقسّم تركته حين الارتداد ، وتعتدّ زوجته للوفاة ، ولا يستتاب ،

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ٧٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٩٤.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٦٦٥.

٢٩٠

وتحبس المرأة ، وتضرب أوقات الصلوات ، ولا تقسّم تركتها إلّا بعد الموت. وفي اكتسابه بعد الارتداد إشكال.

ولو كان عن غير فطرة استتيب ، فإن تاب وإلّا قتل ، ولا تقسّم تركته إلّا بعد وفاته أو قتله. وتعتدّ زوجته من حين الارتداد عدّة الطلاق ، فإن عاد فيها فهو أحقّ.

والقاتل عمدا ظلما لا يرث ، ولا يمنع لو كان بحقّ ، أو خطإ على رأي ، وقيل : بالمنع في الدية (١) ، ولو لم يكن سواه فالمال للإمام. ولو قتل أباه وله ولد لم يمنع بسبب منع أبيه مع عدم الولد ، ولو كان مع القاتل وارث كافر منعا ، فإن أسلم ورث وله المطالبة ، ولو لم يكن إلّا الإمام فله المطالبة بالقود أو الدية مع الرضى ، لا العفو ، ويخرج من الدية الديون والوصايا وإن أخذت في العمد. ويرث الدية كلّ مناسب ومسابب ، عدا المتقرّب بالأمّ على رأي ، ولا يرث أحد الزوجين القصاص ، ويرث الدية لو رضي الورثة بها.

والرقّ مانع في الوارث والموروث ، فلو خلّف المملوك مع الحرّ فالميراث للحرّ وإن بعد ، ولو كان للرقّ ولد حرّ ورث ، ولو عتق المملوك قبل القسمة شارك أو اختصّ ، ولو كان بعد القسمة أو كان الوارث واحدا فلا مشاركة ، ولو لم يكن سواه اشتري من التركة قهرا وأعتق ودفع إليه الباقي ، ولو قصرت عن الثمن كانت للإمام على رأي ، وكذا لو تعدّد وقصرت عنهما جميعا ، ولو عتق بعضه ورث بحسبه ، ويورث منه كذلك ، قيل : ولو كسب في يومه لم يرثه سيّده (٢) ، وقيل : يختصّ بالفكّ الآباء والأولاد (٣) ، وقيل : بالتعميم حتى الزوج والزوجة (٤). ولا ترث أمّ الولد ، ولا المدبّر ، ولا المكاتب المشروط ، والمطلق مع عدم الأداء ، ومع الدين المستوعب لا انتقال ، وينتقل فاضل غيره.

__________________

(١) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ٥٩٥ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٧٤.

(٢) يظهر من المبسوط ٦ : ٥٥.

(٣) قاله الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٩٥ ، وعليه المحقّق في المختصر : ٣٨٥.

(٤) قاله الشيخ في النهاية : ٦٦٨.

٢٩١
٢٩٢

كتاب القضايا والشهادات

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

يشترط في القاضي : البلوغ ، والعقل ، والذكورة ، والإيمان ، والعدالة ، وطهارة المولد ، والعلم ، ولا يكفيه الاستفتاء والضبط ، قيل : والكتابة ، والبصر ، والحرّيّة (١).

وفي النائب إذن الإمام ، أو من نصبه لأهل البلد. ويلزم حكم من تراضى به الخصمان ، ولا يشترط رضاهما بعد الحكم ، ويشترط فيه ما شرط. ومع غيبته عليه‌السلام ينعقد قضاء الفقيه الجامع لشرائط الفتوى ، والعادل عنه معاقب.

ويجب على الإمام نصب قاض في كلّ بلد ، ويجب متابعته ، ويقاتلون لو امتنعوا ، ويجوز تعدّدهما فيه مشتركين ، ومنفردين على رأي.

وهو واجب على الكفاية ، ولو لم يعلم به الإمام وجب عليه إعلامه ، ولا يجوز أن يبذل مالا ليليه.

ويستحبّ للواثق من نفسه بالقيام بشرائطه. ولا يعدل عن الأفضل على رأي. ويجوز الاستحلاف مع الإذن أو الإطلاق ، والأمارة الدالّة عليه ، وإلّا فلا.

__________________

(١) اشتراط الكتابة للمحقّق في المختصر النافع : ٤٠٣ ، والأخيرين للشيخ في المبسوط ٨ : ١٠١.

٢٩٣

ويجوز لمن لم يتعيّن عليه أخذ الرزق من بيت المال ، ولمن تعيّن عليه مع عدم الكفاية ، ولا يجوز من المتحاكمين مطلقا إلّا على رأي في صورة عدم التعيين وحصول الضرورة.

ويجوز لكاتبه والمترجم وصاحب الديوان ووالي بيت المال وكيّال الناس والوزّان والمعلّم للقرآن والآداب والمؤذّن والقاسم الأخذ من بيت المال ، لا للمشاهد.

وتثبت ولايته والنسب والملك المطلق والموت والنكاح والوقف والعتق بالاستفاضة ، ومع عدمها يشهد الإمام أو النائب على الولاية شاهدين ، ولا يجب قبول قوله مع عدمهما وإن حصلت الأمارة.

وينعزل لو حدث به ما يمنع الانعقاد وإن لم يشهد الإمام على عزله ، ويجوز عزله لمصلحة ، وفي الجواز اقتراحا نظر ، أقربه الثبوت ، والأقرب انعزاله بموت الإمام لا بموت المنوب على رأي ، قيل : ويجوز نصب فاقد الشرائط للمصلحة (١). وكلّ من لا تقبل شهادته لا ينفذ حكمه ، كالابن والعبد والخصم. ولا يحكم لمن لا تقبل له شهادة.

ويستحبّ النداء بقدومه مع عدم الانتشار ، والسكنى في أوسط البلد ، وجلوسه في موضع بارز ، والبدأة بأخذ ما في يد المعزول من الحجج والودائع ، وصلاة التحيّة في المسجد لو حكم فيه ، والجلوس مستقبل القبلة على قول (٢) ، والسؤال عن أهل السجن ، والنداء بحضور غرمائهم ، والسؤال عن الموجب ، فإن ثبت ، وإلّا أشاع أمره ، فإن ظهر الخصم ، وإلّا أطلقه ، ولو قال : لا خصم لي أشاع وأطلق بعد اليمين على رأي ، والسؤال عن الأوصياء ، واعتماد ما يجب من تضمين ، أو إنفاذ ، أو استبدال ، أو إسقاط ولاية ، أو ضمّ مشارك ، فإن ظهر فسوق الوصي بالتفريق على المتعيّنين لم يضمن به ، وعلى المجهولين يضمن. والنظر في أمناء الحكم الحافظين لأموال اليتامى ، والمحجور عليهم ، والودائع. وفي اللقط ، فيتبع مخوف التلف ، وما يحصل به ضرر ، ويسلّم إلى الملتقط ممّا عرّفه حولا إن كان في يده ، ويستبقي مثل الجواهر. وإحضار أهل العلم حكمه ، لينهوه لو أخطأ ، ويستوضح المبهم. ولو أتلف خطأ فالضمان في بيت المال ، ويعرّف المخطئ الخطأ بسهولة ، فإن عاد أدّبه.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٤ : ٦٣.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٩٠ ، وابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٩٥.

٢٩٤

ويكره اتّخاذ الحاجب وقت القضاء ، وجعل المسجد مجلسا له دائما على رأي ، والقضاء حالة الغضب ومساويه ، وأن يتولّى البيع والشراء لنفسه ، والحكومة ، واستعمال الانقباض واللين ، وتعيين شهود ، وقيل : يحرم (١).

ويقضي الإمام بعلمه مطلقا ، وغيره في حقوق الناس ، وفي حقوق الله تعالى على الأصح ، ولا يفتقر إلى من يشهد الحكم. قيل : ويحبس الغريم مع البيّنة إلى أن تثبت العدالة (٢) ، وينقض الأوّل إذا تبيّن الخطأ ، سواء كان حكمه أو حكم غيره. ولا يجب تتبع حكم السابق ، إلّا إذا ادّعى الغريم الخطأ ، ولو ادّعى الحكم بشهادة فاسقين وجب إحضاره وإن لم يقم بيّنة ، فإن اعترف ألزم ، ولو قال : لم أحكم إلّا بشهادة عدلين قيل : يلزم ، إلّا مع البيّنة (٣) ، ولو ادّعى على القاضي ترافعا إلى الإمام ، فإن لم يكن وكان في غير ولايته ترافعا إلى قاضي تلك البقعة ، وإلّا ترافعا إلى خليفته. ولا يقبل المترجم الواحد.

ويجب أن يكون الكاتب بالغا عاقلا مسلما بصيرا.

ويحكم الحاكم إن عرف العدالة ، ويطرح إن عرف الضدّ ، ولو جهل بحث ، ولا يكتفي بالإسلام على الأصح ، ولا حسن الظاهر ، ولو حكم بالظاهر فتبيّن الفسق حالة الحكم نقض.

وينبغي السؤال عن التزكية سرّا ، وتفتقر إلى المعرفة الباطنة ، ويقبل فيها الإطلاق. ولا بدّ في الجرح من التعيين على رأي ، فلو قال : زنى أو لاط لم يكن قاذفا ، ولو تعارضا قدّم الجرح ، وقيل : يتوقّف (٤). ولا يشهد بالجرح إلّا مع المشاهدة أو الشياع الموجب للعلم. ويحكم باستمرار العدالة ، إلّا أن يظهر المنافي على رأي ، ولو قال : إن شهد فلان أجزت شهادته فشهد ، لم يلزمه إذا كان فاسقا.

وينبغي تفريق الشهود ، ويكره مع الوثوق بهم ، ولا يجوز له أن يتعتع الشاهد ، ولا يرغّبه في الإقدام لو وقف ، ولا يزهّده فيها ، ولا يوقف عزم الغريم عن الإقرار ، إلّا في حقوقه تعالى ،

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ١١١.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٩٣.

(٣) قوّاه الشيخ في المبسوط ٨ : ١٠٣.

(٤) قاله الشيخ في الخلاف ٦ : ٢١٩ المسألة ١٢.

٢٩٥

ويكره تخصيص أحدهما بالضيافة.

وكلّ موضع يجب فيه كتابة المحضر ، فإن دفع ثمن القرطاس من بيت المال أو من الملتمس وجبت ، ولا يجب على الحاكم.

وتحرم الرشوة ، ويأثم الدافع للتوصّل إلى الباطل ، ويجوز إلى الحقّ ، ويجب على الآخذ الإعادة ، ولو تلفت ضمنها. والهديّة من غير المعتاد حرام ، ومنه للحكم رشوة.

ولو التمس الخصم إحضار غريمه أحضر وإن لم يحرّر الدعوى ، ويفتقر مع الغيبة إلى التحرير إن كان في بعض ولايته ولا خليفة ، وإن كان في غيرها أثبت الحكم عليه بالحجّة ، وكذا المرأة ، إلّا أن تكون متخدّرة ، فيبعث إليها الحاكم نائبا.

ولا عبرة بكتابة قاض إلى آخر. ولو شافهه بالحكم أو الإنفاذ أو الإمضاء قال الشيخ : لا تقبل (١) ، أمّا بالثبوت فكذا قطعا. ولو شهدت البيّنة بالحكم وبإشهاده إياهما على حكمه فالأولى القبول في حقوق الناس ، فينفذه الثاني ، لا أنّه يحكم بصحّته. ولو لم يحضر الحكم وحكى الصورة وأشهدهما على الحكم فالأولى القبول ، ولو كان حكما على غائب وحضر الدعوى وإقامة الشهادة والحكم وأشهدهما أنّه حكم به قبل. ولو لم يحضر أو أشهدهما بالصورة فالأولى القبول ، ولو أشهدهما أنّه حكم بمضمون الكتاب ولم يقرأه عليهما لم يصح ، وكذا إشهاد الشخص على نفسه بالملك ، والوصيّة على كتاب مدرج.

ولو تغيّرت حال الأوّل بعزل أو موت لم يقدح ، ولو تغيّرت بفسق لم يعمل بحكمه ، ويقرّ ما سبق إنفاذه على الفسق ، ولا اعتبار بتغيّر المكتوب إليه ، بل كلّ من قامت عنده البيّنة بحكم الأوّل عمل به ، ولو عزل فأخبره بالحكم وعزاه إلى وقت ولايته لم يقبل ، ولا يكون بمنزلة شاهد ، وكذا لو قال : حكم به حاكم نافذ الحكم ، أما لو قال : أقرّ عندي كان شاهدا.

ولا يجوز أن يلقّن أحد الخصمين ، ولا أن يهديه لوجوه الحجاج.

ويسوّي بينهما في الجلوس ، والسلام ، والنظر ، والكلام ، والإنصات ، مع التساوي في الإسلام أو الكفر ، ويجوز أن يكون المسلم قاعدا أو أعلى منزلة ، بخلاف الذمّي.

__________________

(١) الخلاف ٦ : ٢٤٥ المسألة ٤٢.

٢٩٦

ولا يجب التساوي في الميل القلبي ، ويعدل في الحكم.

ويستحبّ : أمرهما بالكلام مع السكوت ، أو أمر المدّعي. ويكره التخصيص بالخطاب.

ويستحبّ إجلاسهما ، ويجوز قيامهما ، ويلزم الحكم مع الوضوح ، والوقف مع عدمه إلى أن يتّضح. ويستحبّ الترغيب في الصلح.

ويبدأ أوّلا فأوّلا ، ولو اجتمعوا أقرع ، وقيل : يكتب الأسماء ويسترها ، ويحكم للخارج ، ويقيمه بعد الفراغ ، وينظر في أمر غيره (١). وإن قال : لي أخرى مع غيره لم تقدّم الثانية ، ولا يسمع دعوى المنكر حتّى تفرغ الحكومة ، ولو بدر أحدهما فهو أولى ، ولو اتّفقا سمع من الذي على يمين صاحبه.

ويستوي المسافر والحاضر ، ويقدّم المتضرّر بالتأخير.

ويكره للحاكم الشفاعة في إسقاط أو إبطال.

__________________

(١) قاله المحقّق في المختصر النافع : ٤٠٥ ، وفي الشرائع ٤ : ٧٢.

٢٩٧

[ الفصل ] الثاني

لا تسمع الدعوى المجهولة ، كفرس على رأي. ويقبل الإقرار المجهول ، ويلزم التفسير. وتسمع الدعوى بالوصيّة المجهولة ، واشترط قوم الجزم (١). ولا تفتقر إلى الكشف إلّا في القتل. ومع تمام الدعوى يطالب الغريم بالجواب إن طلبه المدّعي.

وعرّف بأنّه الذي يترك لو ترك الخصومة ، قيل : وهو غير جامع بالإبراء والإقباض ، وهو خطأ ، وبأنّه الذي يدّعي خلاف الظاهر ، وهو دائر إلّا في دعوى الإقرار على إشكال ، فإن أقرّ ألزم إن كان جائز التصرّف ، ولو جهل بحث ، ولا يحكم عليه إلّا مع مسألة المدّعي ، وله أخذ ما أقرّ به ـ إن كان غنيّا ـ قهرا ما لم يؤدّ إلى فساد من دون إذن الحاكم. ولو كان دينا وبذل لم يستقلّ بالأخذ ، ويتخيّر في جهة القضاء ، ولو منع غير الحاكم ، ولو جحد وثبتت البيّنة عند الحاكم والوصول إليه ممكن جاز الأخذ ، ولو فقدت البيّنة أو تعذّر الوصول إلى الحاكم أخذ المجانس ، إلّا في الوديعة على رأي ، وغير المجانس بالقيمة ، ويجوز له بيعه بالمساوي وقبض ماله. ولو تلف قبل البيع قال الشيخ : لا ضمان (٢). ولو التمس الحجّة عليه لم يكتب إلّا بعد المعرفة باسمه ونسبه ، أو يشهد عدلان بذلك ، ولو شهد بالحلية جاز ، ولو ادّعى الإعسار وظهر فقره أنظر.

__________________

(١) منهم المحقّق في الشرائع ٤ : ٧٣.

(٢) كما في المبسوط ٨ : ٣١١.

٢٩٨

ولو أقام المدّعي بيّنة بالمال المجهول لم يقبل ، ولو عيّنت وصدّق قبلت ، ولو قال : ليس لي ولم يبيّن قضي منه ، وإن بيّن وكذّب المقرّ له بطل ، وإن صدّق بيّنته قيل : قضي له (١) ، ولو فقدت فالأولى التكذيب.

ولو أنكر طولب المدّعي بالبيّنة وجوبا مع الجهل ، وجوازا مع عدمه ، فإن فقدت عرّفه استحقاق اليمين ، ولا يحلفه إلّا مع سؤاله ، فيعيد لو تبرّع هو ، أو الحاكم مع الالتماس.

فإن حلف سقطت الدعوى ، ولا يحلّ للغريم مقاصّته وإن كذب ، ولا معاودة المطالبة ، ولا تسمع دعواه وإن أقام بيّنة على رأي ، أو شاهدا وبذل اليمين. وتحلّ المقاصّة والمطالبة لو أكذب نفسه.

وإن ردّ لزم المدّعي اليمين ، فإن نكل سقطت ، ولو بذلها المنكر بعد الردّ قبل الحلف قيل : ليس له ذلك ، إلّا برضى المدّعي (٢).

ولو ادّعى جماعة على واحد بحقّ لكلّ واحد ، وأقاموا وكيلا وطلب منه يمينا وحدة أجزأت ، وإن لم يحلف المنكر ولم يردّ قال الحاكم : إن حلفت وإلّا جعلتك ناكلا.

ويستحبّ التكرار ثلاثا ، فإن أصرّ قضى بالنكول على رأي ، ولو بذل بعده لم يلتفت ، ولو حضرت البيّنة لم يسألها الحاكم ما لم يلتمس المدّعي ، ولو أقيمت لم يحكم إلّا بالالتماس بعد المعرفة بالعدالة. ويسأل المنكر عن الجارح ، وينظر لو سأله ثلاثا ، فإن تعذّر حكم. ولا يحلف المدّعي مع البيّنة إلّا في الميّت ، فيستحلف على بقائه في ذمّته ، قيل : وفي الصبيّ والمجنون والغائب (٣). ويدفع الحاكم قدر الحقّ في مال الغائب بعد التكفيل.

ولو ذكر المدّعي غيبة بيّنته خيّره الحاكم بين الانتظار والإحلاف ، وليس له ملازمته ولا مطالبته بكفيل. وإن سكت المنكر عنادا ألزم بالجواب ، ويحبس حتّى يبيّن على رأي ، فإن كان لآفة توصّل إلى تعريفه والجواب بالإشارة المفيدة لليقين.

ويحكم على الغائب عن مجلس الحكم وإن كان حاضرا في البلد على رأي. ويقضى على الغائب في حقوق الناس خاصّة. ولو اشتمل عليهما قضى بالمختصّ. ولو طالب وكيل

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٨ : ٢٦٧.

(٢) حكاه المحقّق في الشرائع ٤ : ٨٠.

(٣) أنظر الدروس الشرعيّة ٢ : ٩٠.

٢٩٩

الغائب فادّعى الغريم التسليم ولا بيّنة فالأولى الإلزام.

ولا يصحّ الحلف إلّا بالله تعالى ، وإن كان كافرا أو مجوسيّا على رأي ، ويجوز إحلاف الذمّي بما يراه أردع.

ويستحبّ : الوعظ والتخويف والتغليظ بالقول والزمان والمكان في الحقوق كلّها وإن قلّت ، عدا المال ، فإنّه لا تغليظ فيما قلّ عن نصاب القطع.

ولا يجبر الحالف عليه. ولو ادّعى العتق غلّظ على السيّد إن بلغ المقدار ، وإلّا فلا ، ولو ردّ غلّظ على العبد مطلقا.

ويحلف الأخرس بالإشارة ، وروي (١) كتابة اليمين في لوح والأمر بالشرب ، فإن امتنع ألزم. ولا يستحلف الحاكم إلّا في مجلس قضائه ، إلّا لعذر كالمريض والمرأة غير البرزة.

وإنّما تتوجّه اليمين على المنكر ، والمدّعي مع الردّ والنكول على رأي ، والشاهد الواحد بشرط الشهادة أوّلا ، وثبوت العدالة ، فتلغو لو حلف قبلهما ، ويختصّ بالمال أو ما كان المقصود منه المال ، وفي النكاح إشكال ، والأولى في الوقف القبول. وأمّا الخلع والطلاق والرجعة والعتق والتدبير والكتابة والنسب والوكالة والوصيّة إليه والحدود وعيوب النساء فلا.

ولو ادّعى ملكيّة الجارية واستيلادها حلف مع الشاهد ، وثبتت الملكيّة دون الولد ، وحكم بصيرورتها أمّ ولد بإقراره. ولو ادّعى عبدا ذكر أنّه أعتقه حلف على رأي.

ويقبل في جناية الخطإ ، وعمد الخطإ ، وقتل الوالد والحرّ ، وكسر الأعضاء ، والجائفة ، والمأمومة ، والوصيّة له ، والبيع ، والإجارة ، وما أشبه ذلك ممّا كان مالا أو المقصود منه المال.

ولو ادّعى العمد كان الشاهد لوثا ، وتوجّهت القسامة على المدّعي. ويحلف كلّ واحد من المتعدّدين مع الواحد ، ويثبت نصيب الحالف دون الممتنع ، ولا يحلف ليثبت حقّ غيره ، فيحلف الوارث مع شاهد المورث دون الغريم ، والراهن دون المرتهن ، وفي توجّهها على المقرّ له إذا أقام شاهدا بشراء المقرّ من الأجنبي نظر ، ولو كان البعض مولى عليه انتظر بنصيبه زوال الولاية ، فإن حلف أخذ ، وإلّا فلا ، وإن مات حلف وارثه.

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ٣١٩ / ٨٧٩ ، أنظر الوسائل ٢٧ : ٣٠٢ باب ٣٣ من أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ، ح ١.

٣٠٠