تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

كتاب العتق وتوابعه

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

العتق فيه فضل كثير ، وعبارته أنت حرّ ، وفي الإعتاق إشكال ، ولو قال : يا حرّ فلا عتق ، وكذا أنت حرّ للمسمّى به إذا نوى به اللقب ، أو اشتبه ، أو أشار مع القدرة ، أو كنّاه ، أو قال : يدك حرّة (١) ووجهك ، بخلاف جسدك وبدنك.

ولا يصحّ معلّقا بالشرط والصفة ، قيل : ولا يشترط التعيين (٢) ، فلو أعتق أحدهم ثمّ عيّن صحّ ، وإن رجع لم يقبل ، ولو مات أقرع ، ولو عيّن واشتبه توقّع الذكر ، ولا يقبل الرجوع ، ولو ادّعى أحدهم قصده فالقول قول المالك أو الوارث ، ولو مات أقرع ، ولو ادّعى الوارث العلم قبل.

ويشترط البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد ، وعدم الحجر ـ إلّا في ابن عشر سنين على رواية (٣) ـ والتقرّب ، فيبطل عتق الكافر وإسلام المعتق على رأي ، وبالإجماع في النذر وشبهه ، وانتفاء القتل والملك فيبطل ولو أجاز المالك ، ويصحّ عتق ولد الزنى على رأي ، ولو علّق العتق بالملك بطل ، إلّا بالنذر ، ولو جعله يمينا لم يقع ، ولو قوّم عبد ولده

__________________

(١) في النسخ حرّا.

(٢) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ٧٩.

(٣) رواها الشيخ في التهذيب ٨ : ٢٤٨ / ٨٩٨ ، انظر الوسائل ٢٣ : ٩١ باب ٥٦ من كتاب العتق ، ح ١. وإليه ذهب الشيخ في النهاية : ٥٤٦.

٢٤١

الصغير عليه صحّ عتقه ، ولو فقد أحد الوصفين بطل ، ولو شرط عليه حالة العتق شرطا وجب الوفاء ، قيل : ولو اشترط العود مع المخالفة عاد معها (١) ، ولو شرط خدمته مدّة صحّ ، فإن أبق فيها عتق ، والوجه مطالبة الورثة بالأجرة.

ويستحبّ عتق من ملك سبع سنين ، وعتق المؤمن ـ ويكره المخالف ـ والعاجز ويستحبّ إعانته.

ولو دبّر لم يجز عن عتق واجب ، ولو نذر عتق أوّل مملوك يملكه فملك جماعة قيل : لا عتق (٢) ، وقيل : يقرع أو يعتق من شاء (٣). ولو نذر عتق أوّل ما يلده فولدت اثنين عتقا ، والفرق إضافة أفعل إلى النكرة الشخصيّة ، والموصول الجائز تعدّده.

ولو أجاب بنعم عن سؤال عتق مماليكه مع عتق بعضهم انصرف إليه ، ولو علّق نذر المعتق بالوطء صحّ ، فإن باعها انحلّ ، ولا ينعقد بعودها.

ولو نذر عتق كلّ قديم انصرف إلى من مضى عليه في ملكه ستّة أشهر فصاعدا.

ولو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة ، ويعتبر بالقيمة لا العدد. ولو أعتق ذا مال فالمال للمولى على رأي ، ولو أعتق عن غيره بإذنه صحّ وانتقل إليه عند الأمر.

والولاء للمعتق إنّ تبرّع عنه في غير واجب ، ولو كان في واجب فلا ولاء ، ولو أمره في تطوّع فللآمر.

ولو أوصى بعتق من يخرج من الثلث لزم الوارث الإعتاق ، ولو امتنع أعتقه الحاكم ، وما اكتسبه بعد الموت وقبل العتق للوارث على رأي ، ولو أعتق في المرض ثلاثة هي تركته أقرع ، وإن مات أحدهم فإن خرج مات حرّا ، وإلّا رقّا ، ولا يحتسب من التركة ، إلّا أن يموت بعد قبض الوارث له والموت ، ولو كنّ إماء وخرجت لحامل متجدّدة الحمل بعد الإعتاق فهو حرّ إجماعا ، وقبله على الخلاف.

ويسري لو أعتق بعض عبده ، فإن تعدّد المالك قوّم على المعتق مع التمكّن ، وحدّه ملك القيمة فاضلا عن قوت يومه وليلته ، قيل : وينعتق بعد الدفع ، كانا مسلمين أو أحدهما أو

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٥٤٢.

(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ١٢.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٥٤٣.

٢٤٢

مشركين (١) ، فإن هرب أو أعسر أنظر حتّى يعود أو يوسر ، ويسعى العبد مع عدمه على رأي ، ومع امتناع العبد يجوز المهاياة ، وتتناول المعتاد وغيره ، ولو تعدّد المعتق قوّمت عليهما بالسويّة مع الاقتران ، ولو اختلفا في الحصص ، ولو عجز أحدهما قوّمت على الآخر ، والتقويم وقت العتق ، وبالأداء ينعتق ، ولو اختلفا في القيمة فالقول قول الشريك ، ولو ادّعى كلّ من الشريكين على الآخر العتق تحالفا واستقرّت الرقّيّة ، ولو أعتق الشريك قبل الأداء فالأولى الصحّة ، أمّا لو باع فلا ، ولو مات العبد فالوجه عدم وجوب الدفع ، ولو ادّعى أحدهما العتق فالقول قول المنكر ، ويبقى كلّه رقّا ، وقيل : ينعتق بالإعتاق (٢) ، فالصدّ ثابت في الجميع على إشكال ، ولو ادّعى المعتق أو الشريك عينا أو صنعة فالقول قول النافي ، ولو ورث بعض من ينعتق عليه لم يقوّم عليه على رأي ، وكذا لو ملك اختيارا موسرا. ولو أوصى بعتق بعض عبده لم يقوّم على الوارث ولا عليه لو أعتقه ، ولا شي‌ء غيره ، ويعتبر قيمة الموصى به عند الوفاة.

والمنجز عند الإعتاق والتركة بأقل الأمرين من حين الوفاة إلى حين القبض.

قيل : وعتق الحامل عتق الولد دون العكس (٣) ، ويصحّ إقراره بالعتق ، ولو شهد وارث بالعتق مضى في نصيبه ، ولا يكلّف التقويم ، فإن كانا مرضيين قبلت.

وملك الأبوين وإن علوا ، والأولاد وإن نزلوا ، أو ملك الرجل إحدى المحرّمات عليه نسبا ورضاعا ، وعمى المملوك ، وجذامه ، وإقعاده ، وإسلامه في دار الحرب قبل مولاه ، وتنكيل مولاه به ، ودفع قيمة الوارث ، أسباب للعتق.

ولو أوصى للمولى عليه بمن ينعتق عليه ولا ضرر جاز القبول للوليّ ، وإلّا فلا ، ولو أوصى ببعضه مع يساره ، قيل : لا يقبل (٤).

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٥٤ و ٥٥.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٥٥.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٦٥.

(٤) حكاه الشيخ في المبسوط ٦ : ٦٩. وهذا القول مبنيّ على وجوب النفقة عليه ، وإن قلنا بعدم وجوبها على اعتبار أنه ملك قهري ، لكن يبقى إشكال آخر هو أنّه يقوّم عليه نصيب شريكه ، فلا يصحّ قبوله ، إلّا أنّ الشيخ يقول : إنّه لا يقوّم عليه فلا مانع من قبوله.

٢٤٣

[ الفصل ] الثاني

أمّ الولد هي الأمة الموطوءة بالملك مع العلوق ، سواء ولدته تامّا أو غير تامّ ، ولو أولد أمة غيره حرّا ثمّ ملكها قيل : تصير أمّ ولد (١) ، أمّا عبدا فلا ، ولا إذا ملكها. ولا يبطل الرهن هذا الوصف ، تقدّم أو تأخّر ، ولا يبطل هذا الوصف بالملكيّة ، فتستخدم وتؤجّر ، وتعتق في الكفّارة ، وتوطأ بملك اليمين ، وتجبر على النكاح.

ولا يجوز وقفها ولا هبتها ما دام الولد حيّا ، ولو مات السيّد ولا تركة سواها وعليه دين غير ثمنها قوّمت على الكبير ، وانتظر الصغير ، ويجبر بعد بلوغه على أدائه وعتقت ، فإن مات قبل البلوغ بيعت فيه ، وتتحرّر بموت المولى من نصيب ولدها ، ويحرم على المولى بيعها ما دام الولد حيّا ، إلّا في ثمن رقبتها مع العجز ، أو تسلم تحت الذمّي.

ولو مات الولد جاز البيع مطلقا ، ولو تكثّرت الورثة ولا تركة سواها عتق النصيب وسعت في الباقي ، ولو أوصى لها بشي‌ء عتقت من الوصيّة على رأي ، فإن فضل أخذت ، وإن أعوز عتقت من النصيب ، ولو جنت خطأ تعلّقت برقبتها ، وللمولى الفكّ.

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٦ : ١٨٦.

٢٤٤

بأرش الجناية على رأي ، وله الدفع ، ولو جني عليها في طرف أو نفس فللسيّد القيمة والأرش.

ولو أسلمت الذمّيّة الأمة فأولدها ، ثمّ عتقت بعد موته ، ثمّ ارتدّت وولدت من الذمّيّ ، قيل : يرجع أولادها من الذمّيّ رقّا للولد ، ويفعل بها ما يفعل بالمرتدّة (١). ولو أسلمت أم ولد الكافر حيل بينهما ولم تبع ، وأنفق عليها عند مسلم ، وقيل : تباع (٢).

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية : ٤٩٩ و ٥٠٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ١٨٨.

٢٤٥

[ الفصل ] الثالث

التدبير هو العتق بعد موت المالك وغيره على رأي ، وهو مطلق ، كقوله : إذا متّ فأنت حرّ ، ومقيّد ، كقوله : إذا متّ في وقت كذا ، أو في حال كذا ، ولا ينعقد بقوله : أنت مدبّر ، ويفتقر إلى النيّة والقربة على رأي ، والتجريد من الشرط والصفة.

ولو دبّر الشريكان صحّ ، ولو مات أحدهما لم يقوّم على الآخر ، وكذا لو أعتق على رأي ، ولو دبّر أحدهما ثمّ أعتق قوّم عليه ، ولو أعتق الآخر قيل : لم يجب التقويم (١) ، وهو كالوصيّة يمضي من الثلث ، ولو لم يكن سواه عتق ثلثه ، وله الرجوع في الجميع والبعض والوطء ، ولا يبطل بالحمل ، وينعتق بوفاته من الثلث ، فإن عجز عتق من نصيب الولد.

والحمل المتجدّد عن عقد أو شبهة أو زنى مدبّر ، وكذا ولد المدبّر ، وحدّه : ما قصر عن أقلّ الحمل ، ولو ولدت أحدهما متجدّدا ، أو تأخّر الآخر وليس بينهما ستّة أشهر فهما حمل واحد ، وهما مدبّران.

وللمولى الرجوع في تدبيره على رأي ، ولو ادّعت تجدّده فالقول قول المالك أو الوارث ، ولا يتبع الحمل الأمّ ، ولا العكس ، وإخراج المدبّر عن الملك ، والإباق ، والوصيّة إبطال ، بخلاف إنكار التدبير وإن حلف ، وارتدادهما إلّا أن يلتحق المملوك بدار الحرب ، وإباق الأب

__________________

(١) حكاه الشيخ عن قوم في المبسوط ٦ : ١٨٠.

٢٤٦

المدبّر ، والمقاطعة على مال لتعجيل العتق ، وفي الكتابة نظر ، وقيل : البيع ليس بإبطال (١). فيتناول الخدمة ، ولو عاد إليه عاد التدبير ، ولو مات انعتق ، ولو دبّر جماعة عتقوا من الثلث ، ومع العجز يبدأ بالمندوبة إلى أن يستوفي ، ولو جهل أقرع ، والدين المستوعب يبطل وإن تجدّد على رأي.

ولو دبّر بعض عبده لم ينعتق الباقي ، ولم يقوّم عليه ، ولو دبّر أحد عبيده صحّ ، ولو مات قبل التعيين أقرع.

والمدبّر في حياة مولاه رقّ ، وكسبه للمولى ، والقول قوله بعد الموت في تجدّد الاكتساب لا قول الوارث.

ولا يصحّ تدبير غير المكلّف الجائز التصرّف ، وفي الكافر والبالغ عشرا خلاف ، فلو دبّر من أسلم بعد التدبير بيع عليه ، ولو مات تحرّر ما يحتمله الثلث ، والباقي للوارث المسلم ، ولو ارتدّ لا عن فطرة ودبّر صحّ ، بخلاف الارتداد عن فطرة ، ويصحّ تدبير الأخرس ، ورجوعه بالإشارة.

ولو جنى المدبّر تعلّق برقبته ، وللسيّد الافتكاك ، والتدبير باق ، والبيع ، ولو باع ما يساوي الجناية فالباقي مدبّر ، ولو مات المولى قبل الافتكاك انعتق ، ولا أرش في التركة على رأي.

ولو جني عليه فالأرش للمولى ، ولو قتل فكذلك يقوّم مدبّرا ، ولو جعل للغير الخدمة ثمّ هو حدّ فأبق لم يبطل. ولو اكتسب بعد الوفاة ، فإن خرج العبد من الثلث فالمال له ، وإلّا فله بقدر ما عتق ، ولو كان غائبا عتق ثلثه ، وكلّما وصل عتق بحسبه ، ولو دبّر الحمل صحّ ، ولو كاتب ثمّ دبّر صحّ ، فإن أدّى الكتابة انعتق ، وإلّا عتق بعد موت المولى من الثلث ، وسقط من الكتابة بنسبته ، والباقي مكاتبة.

__________________

(١) قاله ابن حمزة في الوسيلة : ٣٤٦.

٢٤٧

[ الفصل ] الرابع

تستحبّ الكتابة مع الأمانة ، والاكتساب ، خصوصا مع سؤال المملوك ، وليست عتقا ، ولا بيعا ، وهي لازمة من الطرفين مطلقا على رأي ، والفاسدة لاغية.

وتفتقر إلى الإيجاب والقبول والنيّة ، والأجل المعيّن على رأي ، تكثّر أو اتّحد ، ويعتبر وقت الأداء والعوض ، لا الاتّصال ، وإن كان خدمة ، وقيل : تفتقر إلى نيّة قوله : فإن أدّيت فأنت حرّ (١).

وهي مطلقة ، ومشروطة بالعود في الرقّ مع العجز ، ويلزم ، ولا يعيد ما أخذ ، وحدّه التأخير عن النجم ، أو علم العجز ، وقيل : إلى الآخر (٢) ، ويفسخ مع حضور العبد وإن لم يكن حاكم ، وتفتقر في الغائب إليه ، ليستحلفه مع البيّنة.

ولو جنّ المكاتب فأثبت الحاكم الكتابة والعجز واستحلف وفسخ جاز ، وينفق السيّد ، فإن ظهر له مال دفع إلى السيّد وعتق ، ويرجع السيّد بالنفقة ، ولو أفاق فأقام بيّنة بالدفع عتق ، ولا رجوع في النفقة ، ولو أبرأه من مال الكتابة عتق ، ولو كان من البعض لم ينعتق بإزائه ، ولا تبطل بموت المالك ، ويطالب الوارث ، وينعتق بالأداء ، ولو وهب أحدهما انعتق نصيبه ولم يقوّم عليه ، وكذا لو أعتق.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٧٤.

(٢) قاله المفيد في المقنعة : ٥٥١ ، وتبعه ابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٧.

٢٤٨

ولا تصحّ إلّا من المكلّف المتمكّن شرعا ، ولا من المرتدّ ، والأقرب في الكافر والوليّ الصحّة ، ولو أسلما والعوض خمرا وشبهه فالقيمة مع عدم القبض ، ولو أسلم بعد الكتابة ، قيل : لا يباع عليه (١).

ويشترط في المكاتب التكليف والإسلام ، ولو كان العوض خدمة شهر ودينار بعده لم يلزم تأخيره عنه ، ولو مرض فيه العبد بطلت.

وفي العوض العلم ، وأن يكون دينا ، وصحّة تملّكه للمولى ، ويكره التجاوز ، وتجوز على المنفعة ، ويلزم ما يشترطه من المباح ، ولو حبسه بعد المكاتبة لزمه الأجرة ، ويقسّط العوض على ثمن المثل ، وثمنه لو جمع بينهما وبين بيع.

ولو باعه نفسه حالّا أو مؤجّلا فالأولى عندي الصحّة ، فلو ادّعاه السيّد فالقول قول العبد ، فإذا حلف سقط الثمن وانعتق.

ولو كاتبه الاثنان لم يؤدّ إلى أحدهما دون الآخر إلّا بإذنه ، وبدونه لا اختصاص ، فلو صدّقه أحدهما في الأداء إليهما لم تقبل شهادته على المنكر ، فلو حلف رجع بالنصف على العبد أو عليهما ، ولا يرجع أحدهما على الآخر ، ولو أتاهما بالعوض فتشاحّا في التقديم ، فإن أذن أحدهما ليقبض الباقي فتلف قبل قبضه رجع على القابض بالحصّة من المقبوض. ولو كاتب اثنين قسّط العوض على ثمنهما وقت العقد ، ولو عجز أحدهما استرقّ.

وعلى الإمام أن يفكّ من سهم الرقاب المطلق العاجز ، ولو مات المشروط بطلت ، وأولاده رقّ.

والمطلق يتحرّر منه ما أدّى ، ويورث بقدر الحرّيّة ، والباقي للمولى ، ويؤدّي الوارث ما يخلف من نصيب الحريّة ، ومع عدم المال يسعى الأولاد في باقي أبيهم ، وينعتقون مع الأداء ، ويصحّ له ممّا يوصي له بحسب الحريّة ، وكذا في الحدّ والميراث والفطرة.

ولا يتصرّف المكاتب في ماله ببيع محاباة وهبة وعتق ووطء وغيره بدون إذن المولى.

ولو زوّجه بنته ومات فملكته أو بعضه بطل النكاح ، ولا يتصرّف المولى في ماله إلّا بالاستيفاء ، ولا يطأ ، ويحدّان بحسب الحرّيّة مع المطاوعة ، ولا يحدّ في المشروطة ، وعليه

__________________

(١) صحّحه الشيخ في المبسوط ٦ : ١٨٣.

٢٤٩

المهر وإن كانت عالمة ، ويعزّران معه. ولا أمة المكاتب ، ولو وطئها بشبهة فعليه المهر ، وصارت أمّ ولد ، فتقوّم عليه ، ولو تكرّر وطؤه قبل الأداء فلا تعدّد ، ويتعدّد بعده ، ولو وطئ بنت المكاتبة فلا مهر ، ولا تصير أمّ ولد ، وكسب المكاتب قبل الأداء وبعده له.

ولا يتصرّف المكاتب بما ينافي الاكتساب ، ولا يشتري أباه ، ولا يقبله وصيّه بدون الإذن ، ومعه ينعتق مع عتقه ، ويسترقّ مع عجزه. ولو قتل سيّده اقتصّ الوارث منه ، ويكون كالموت. ولو جرحه اقتصّ المولى ولا بطلان ، وإن كان خطأ فكّ نفسه بالأرش ، فإن أدّى الحقّين عتق ، وإلّا بدأ بالأرش ، فإن عجز عن الآخر استرقّ ، وإن لم يكن له مال أصلا فاسترقّه مولاه فلا أرش ، وإلّا فله الأرش ، ولو قتل أجنبيّا واقتصّ فهو كالموت ، وإن كان خطأ فله فكّ نفسه ، ولو فقد المال فللأجنبي البيع إلّا أن يفديه السيّد فتبقى الكتابة ، وكذا لو جنى على جماعة.

وللمكاتب أن يقتصّ لبعض عبيده من بعض ، وافتكاك عبده الجاني إن كانت دون القيمة ، وإلّا فلا ، والبيع للمولى وغيره ، والشراء بالحالّ والمؤجّل مع الزيادة ، والاستسلاف لا الرهن والقراض ، ولو كان أحد عبيده القاتلين أباه لم يقتصّ ، وعلى المولى والأجنبي الحرّ أرش ما يجنيه على المكاتب عمدا وخطأ ، وعلى المملوك القصاص والأرش في كلّ موضع للمكاتب ، ولا يقتصّ من عبد المولى لو جنى عليه بغير إذن ، وله الأرش عليه في الخطإ وإن كره السيّد ، ولو أبرأ توقّف على الإذن.

ولو جنى من انعتق بعضه على قنّ فلا قصاص ، ويتعلّق برقبته ما فيه من الرقّ ، ويلزم بالحرّيّة ، ويثبت لو جنى على حرّ أو مساو أو أزيد ، وفي الخطإ يتعلّق بالعاقلة قدر الحرّيّة ، وبرقبته قدر الرقّيّة ، وللسيّد فكّها بنسبتها من الأرش.

ولا يدخل الحمل في كتابة أمّه إلّا أن تحمل بعد الكتابة من قنّ ، فينعتق بعتقها ، فإن قتل فعلى القاتل القيمة لأمّه ، وإن اكتسب فهو موقوف ، وللامّ الاستعانة به مع الإشراف على العجز ، ولو مات فهو لأمّه ونفقته منه ، فإن قصّر تمّمه السيّد ، قيل : ولو أعتقه سيّده مع وجود الكسب لم ينعتق (١) ، ولو ادّعت تأخّر الحمل عن الكتابة فالقول قول السيّد ، لأصالة عدم

__________________

(١) ذكره الشيخ في المبسوط ٦ : ١٠٩.

٢٥٠

العقد ، ولو حملت من مولاها ومات ولم توف تحرّر الباقي من نصيب ولدها ، وتسعى مع عدم الولد في الباقي ، ولو انعتق نصفه وطلب المهاياة لم يجب على رأي ، بل الكسب بينهما ، قيل : وتجب الإعانة من الزكاة الواجبة (١).

وتستحبّ العطيّة ولا حدّ لها ، وفطرة المشروط على المولى ، ويكفّر المطلق بالصوم ، ولو أطعم أو أعتق مع الإذن ، قيل : لا يجزئه (٢).

ويجوز بيع مال الكتابة ، والمشروط مع العجز والفسخ لا المطلق ، ولو اشتبه من أدّى من أحد المكاتبين أخّر إلى موت المولى فيقرع ، والقول قوله ولو ادّعيا علمه ، ولو اختلفا في المدّة أو النجوم أو المال فالقول قول منكر زيادة المال والمدّة ، ولو بان العوض معيبا بعد العتق فللمولى الفسخ والاسترقاق ، ولو تجدّد به آخر لم يمنع من الردّ مع أرش الحادث.

ويجوز أن يكاتب بعض عبده سواء كان الباقي رقّا له أو حرّا ، ولو كان رقّا لغيره وأذن صحّ ، وإلّا بطلت لتضرّر الشريك ، ويتحاصّ الديّان والمولى مع عجز المطلق ، ويقدّم الدين في المشروط ، ولو مات لم يضمنه المولى.

ولو كان له على مولاه مال مساو تساقطا ، ويرجع صاحب الفضل ، ومع الاختلاف يفتقر إلى المراضاة ، وهذا حكم مطلق ، ولا يقبل قول المولى : إنّ هذا المال حرام إلّا بالبيّنة ، فإن حلف المكاتب أجبر السيّد على القبض أو الإبراء.

وتجوز الوصيّة بمال الكتابة لا به إلّا مع اشتراط العود ، ولو جمعهما لواحد أو لاثنين جاز ، ولو كانت فاسدة صحّت به وبما يقبضه ، لا بما في ذمّته.

ولو قال : ضعوا عنه أكثر ممّا عليه فهو وصيّة بالزائد عن النصف ، ويختار الورثة فيه. ولو قال : ونصفه فهو بالزائد على ثلاثة الأرباع ، ولو قال : ومثله فهو بالجميع ، وبطلت في الزائد. ولو قال : ما شاء وأراد الجميع قيل : لا يصحّ (٣) ، بخلاف البعض.

ولو قال : ضعوا من مكاتبته ما شاء فأراد الجميع لم يصحّ قولا واحدا. ولو قال : ضعوا أوسط نجومه صحّ ، وينصرف إلى الأوسط عددا أو قدرا ، ولو اجتمعا أقرع ـ على رأي ـ وإن

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٠١.

(٢) قوّاه الشيخ في المبسوط ٦ : ٢١٧.

(٣) قوّاه الشيخ في المبسوط ٦ : ١٦١.

٢٥١

لم يكن أوسط جمع بين نجمين ، فيؤخذ الثاني والثالث من الأربعة ، ولو أوصى بعتقه ولا مال ولم يحلّ مال الكتابة عتق ثلثه ويبقى الباقي مكاتبا ، ولو كاتب المريض اعتبر من الثلث على رأي ، ولو أوصى بالكتابة ولم يقدّر انصرف إلى العادة ، ولو قدّر عمل به من الثلث فيهما.

ولا يحتسب مال الكتابة من التركة.

ولو أوصى بكتابة أحد عبيده فالأولى القرعة ، ولا تجزئ الأنثى ، ولا الخنثى إلّا إذا حكم بذكوريّته ، وبالعكس في الإماء. ولو صدّق أحد الوارثين دعوى الكتابة مضى في نصيبه ، وافتقر إلى عدلين على المنكر ، أو حلفه.

وكسبه قبل الكتابة لسيّده ، وبعدها بينه وبين المنكر ، ونفقته عليه وعلى المنكر ، ولو فسخ المقرّ للعجز كان ما في يده له ، لأنّ المنكر استوفى أوّلا فأوّلا ، ولو ادّعى المنكر أنّ الكسب قبل الكتابة ليكون من التركة فالقول قول المقرّ ، فلا يقوّم عليه لو انعتق ، وقيل : الولاء المشروط كلّه للمقرّ (١).

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٦ : ٨٧.

٢٥٢

كتاب الأيمان وتوابعها

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

لا يمين بغير الله تعالى وأسمائه المختصّة أو الغالبة ، قيل : وتنعقد بقوله : وجلال الله ، وعظمته ، وقدرته ، وعلمه إن قصد كونه قادرا (١) ، لا المعنى.

والحروف الباء والواو والتاء. ولو قال : لاها الله ، أو أيمن الله ، أو اسم الله ، أو م الله ، أو خفض مع الحذف فهو قسم ، ولو قال : لعمر الله ، أو أقسم بالله ، أو أحلف ، أو أولى ، أو أقسمت ، أو حلفت ، أو آليت انعقدت. ويصدّق مع ادّعاء الإخبار أو العزم. وفي أشهد بالله إشكال.

ولا تنعقد بقوله : أعزم بالله ، ولا أقسم ، ولا أحلف مجرّدا ، ولا بقوله : وحقّ الله ، ولا مع التجرّد عن النيّة ، ولو استثنى بالمشيئة المتّصلة لفظا أو حكما وقفت. ولا بدّ فيه من النطق ، ولو قال : لا فعلت إن شئت فقال : شئت انعقدت ، ولو نفى أو جهل لم ينعقد ، ولو قال : لأفعلنّ إلّا أن تشاء فقد عقد ، فلو قال : قد شئت عدم الفعل وقفت ، ولو قال : لا فعلت إلّا أن تشاء ، فقال : شئت الفعل انحلّت.

ولا تنعقد مع عدم التكليف والقصد ، وقيل : تصحّ من الكافر (٢) ، ولا على الماضي ، ومع

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٣٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ١٩٤.

٢٥٣

الحنث لا كفّارة ، ولا على المستقبل في غير الواجب والمندوب ، وترك القبيح ، وترك المكروه والمباح ، وما يكون ترك البرّ أرجح ، ولا على فعل الغير ، ولا المستحيل وإن كان عادة ، ومع تجدّد العجز تنحلّ ، ولا يمين الولد والمرأة والمملوك ، مع كراهية الوالد والزوج والمولى ، ولهم الحلّ إلّا في فعل الواجب وترك القبيح ، ولا كفّارة. ولو ادّعى عدم النيّة قبل منه.

ولو حلف لا يأكل ما يشتريه زيد فأكل ما اشتراه مع عمرو قيل : لا يحنث وإن اقتسما (١) ، ولو امتزج ما اشتراه كلّ منهما فأكل ما زاد على النصف حنث.

ولو حلف ليأكلنّ الطعام في غد ، فأكله قبله أو أتلفه حنث. وإن تلف في غد بعد التمكّن من الأكل فالأولى عدم الحنث.

ولو حلف لا يشرب من لبن عنز ولا يأكل لحمها لزم مع عدم الحاجة ، ولا يتعدّاها.

ولو حلف لا شربت من الفرات حنث بالكرع وبالتناول من آنية غرفا ، ولو حلف لا شربت ماءها حنث بالبعض على رأي ، بخلاف ماء الكوز.

ولو حلف لا يأكل بسرا أو رطبا فأكل منصّفا حنث.

ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة فطحنها ، أو حلف لا يأكل الدقيق فيخبزه ، أو حلف لا يأكل لبنا فأكل جبنا أو سمنا أو زبدا ، أو حلف لا يأكل لحما فأكل ألية أو من شحم الجوف لم يحنث. وفي الكبد والقلب إشكال.

ولو حلف لا يأكل ثمرة فامتزجت لم يحنث إلّا بالجميع أو يتيقنّ أكلها.

ولو حلف لا يأكل شيئا انصرف إلى المعروف ، كالرءوس ينصرف إلى البقر والغنم والإبل دون الطيور ، إلّا أن يكون البلد معتادا بأكلها منفردة. والفاكهة إلى الرمان والعنب والرطب وغيرها دون البطيخ. والمال إلى العين والدين الحالّ والمؤجّل. والكلام إلى التلفّظ وإن كان بالقرآن ، لا بالكتابة والإشارة والإرسال. والأدم إلى ما يؤتدم به كالملح والدبس واللحم.

ولا يحنث في الشحم بشحم الظهر ، بل بما في الجوف خاصّة على قول (٢).

ويحنث لو حلف لا يذوق شيئا فلفظه بعد المضغ.

__________________

(١) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٤٩.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٢٤١.

٢٥٤

والحليّ يصدق على الخاتم واللؤلؤ.

وإن حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر فيه وفهمه فالأولى عدم الحنث.

ولو قال : لا أكلّمك حتّى تكلّمني فتكلّما معا ، أو حلف ألّا ينام على هذا الفراش ففرش عليه آخر ونام عليه ، فالأولى الحنث.

ولو علّق يمينه بأمرين في الإثبات لم يبرأ إلّا بهما ، وفي النفي لو حلف لا آكل هذين لم يحنث بأحدهما ، قال الشيخ : ولو حلف لا كلّمت زيدا وعمرا فكلّم أحدهما حنث (١) ، والأولى خلافه ، أمّا مع تكرير حرف النفي فالحقّ ما قاله.

ولو حلف ليرفعنّ المنكر إلى الوالي المعيّن فعزل أو مات فالأولى الانحلال. ولو قال : إلى وال لم تنحلّ بهما ، للمعيّن. ولو قال : إلى الوالي انصرف إلى والي البلد ، ولا تنحلّ بهما ، لتجدّد آخر على قول.

ولو حلف ليعتقنّ كلّ مملوك يملكه غدا ، دخل فيه ما يملكه اليوم مع البقاء ، بخلاف ما يشتريه.

ولو حلف على شي‌ء فأزاله عن الصفة لم يحنث كالخلّ ، أمّا لو اصطبغ به حنث.

ولو حلف لا شربت لك ماء من عطش انصرف إلى الحقيقة ، وقيل : إلى العرف (٢).

ويحنث بالابتداء لا بالاستدامة ، إلّا فيما يتّفق نسبة الفعل إليهما ، فيحنث في الإجارة والبيع والهبة والتطيّب والدخول بالابتداء دون الاستدامة.

ويحنث في الإسكان والمساكنة واللبس والركوب بهما ، ولا يحنث لو عاد لنقل متاعه ، أو عيادة مريض ، أو لغيره إذا لم يعد للسكنى ، ولو لبث عقيب اليمين للنقل فالأولى عدم الحنث ، وفي المساكنة لو خرج أحدهما ، أو كانا في بيتين لدار لكلّ منهما باب وعلّق لم يحنث.

ولو حلف لا دخلت الدار فنزلها من سطحها ولو إلى الغرفة حنث ، ولو نزل من سطحها لم يحنث.

ولو حلف لا دخلت بيتا لم يحنث بغرفته ، ولا ببيوت البادية إلّا أن يكون من أهلها. قال

__________________

(١) كما في المبسوط ٦ : ٢٣١.

(٢) حكاه الشيخ عن بعضهم في المبسوط ٦ : ٢٢٥.

٢٥٥

الشيخ : ولا يحنث بالكعبة والحمّام والدهليز والصفّة (١) ـ (٢).

ولو أضاف متعلّق اليمين إلى شي‌ء بالتمليك فخرج ، أو علّق على اسم فزال انحلّت ، ولو علّق المعيّن عليهما فزالا فإشكال ، ولو تجدّدت الإضافة فالأولى عدم التعلّق.

ولو حلف لا دخلتها من بابها فحوّلت الباب ودخل حنث ، والفرق ضعيف ، ولو حلف لا دخلت على زيد فدخل عليه وعلى عمرو عالما حنث وإن نوى تخصيص الدخول بعمرو ، وإلّا فلا.

ولو حلف لا كلّمته فسلّم على جماعة حنث إلّا أن يعزله بالنيّة.

واليمين تقتضي التأبيد في النفي ، إلّا مع التقييد نطقا أو ضميرا ، ويدين بنيّته.

ولو حلف ليبيعنّ أو ليهبنّ انصرف إلى الإيجاب والقبول ، والإجماع على الانعقاد ، وربّما يشكل ، ويناسبه قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ) (٣) ويمكن التخلّص ، ولا ينطلق على الباطل.

ولو حلف لا يفعل انطلق إلى المباشرة ، والأولى العادة ، فلو حلف لا يبني حنث بالأمر والاستئجار.

ولو حلف السلطان ليضربنّ حنث بالأمر ، وفيه إشكال ، أما لو حلف لا بعت فتوكّل فيه حنث.

ولو حلف لا أستخدم عبدا فخدمه لم يحنث ، وإن كان له أن يستخدمه.

ولو حلف لا تزوّجت بالكوفة ، فقبل بها نكاح امرأة بمكّة زوّجها الفضولي ، فأجازت بمكّة فإشكال ينشأ من أن الإجازة من تمام العقد ، وكذا في الشراء.

ولو حلف لا يستضي‌ء بالسراج لم يحنث بالشمس.

ولو حلف ليضربنّ مائة سوط قيل : يجزئ الضغث إذا علم وصول كلّ شمراخ إلى بدنه (٤) ، ولو قال : مائة مرّة لم يعتد في الضغث إلّا بواحد ، ولو قال : مائة ضربة أجزأ الضغث.

ولو حلف ليهبنّ أجزأ الوقف والصدقة.

__________________

(١) الصفّة من البنيان شبه البهو الواسع الطويل السّمك ، لسان العرب ٩ : ١٩٥ « صفف ».

(٢) كما في المبسوط ٦ : ٢٤٩.

(٣) النساء (٤) : ٣.

(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٢٤٣.

٢٥٦

ولو حلف لا بعت ( حرّا ) (١) فباعه قيل : لا يحنث.

ولو حلف ليفعلنّ قربة تضيّق الوجوب عند غلبة الظنّ بالوفاة.

ولو حلف ليعطينّ آخر من يدخل داره فهو لآخر من يدخل قبل موته ، ولو قال : لأوّلهم فدخلها واحد استحقّ وإن لم يعقبه آخر.

ويجزئ في الإثبات الإتيان بجزء من الماهيّة المحلوف عليها ، وفي النفي الجميع.

ولو حلف لا ركبت دابّة العبد لم يحنث بخلاف المكاتب.

ولو حلف لمن يبشّره فهو للمخبر الأوّل بالسارّ ولو كانوا جماعة دفعة ، ولو قال : لمن يخبرني فهو للجميع وإن ترتّبوا.

ولو حلف ليضربنّ عبده تأديبا على الدنيويّة جاز العفو ولا كفّارة.

ولو حلف لا دخلت دارا فركب دابّة أدخلته مختارا حنث ، ولا يحنث بالإكراه والنسيان وعدم العلم.

ولو قال : لا قضيته إلى شهر فهو غاية ، ولو قال : لا كلّمته إلى حين أو زمان فهو كالنذر في الصوم عند الشيخ (٢) ، ولو قال : دهرا فهو مجهول ينصرف إلى أقل زمان ، ولو عرّف فإشكال ، الأولى فيه العموم ، ولو قال : أيّاما أو شهورا أو سنين ولم يعيّن فهو ثلاثة ، ولو قال : لا فارقته حتّى أستوفي حقّي ، ففلّس انحلّت ، ولو قبض ظانّا أنه حقّه فبان غيره لم يحنث ، ولو قبل حوالته أو قبض العوض أو أبرأه حنث ، ولو قال : حتّى أستوفي لم يحنث بقبض البدل المساوي.

وتكره اليمين الصادقة على القليل ، خصوصا الغموس ، وقد يجب.

وتجب التورية فيما ظاهره الكذب مع المعرفة.

ويمين البراءة حرام ، وفي الكفّارة خلاف.

ويصدّق الحالف إن ادّعى التخصيص أو المجاز ، ولو نوى ما لا يحتمله اللفظ كما إذا نوى بدخول البيت أكل الخبز فلا يمين له.

والحيلة المباحة جائزة إذا توصّل بها إلى المباح ، وهي إمّا مانعة الحنث ، كما لو حلف

__________________

(١) كذا وردت في النسخ وفي الكتب الفقهيّة [ خمرا ] بدل [ حرّا ] ، أنظر الشرائع ٣ : ١٣٩.

(٢) كما في المبسوط ٦ : ٢٣٠.

٢٥٧

ليطلقنّ زوجته عند الدخول ، أو يعتق عبده عنده ، فخالعها أو أعتقه قبل الدخول انحلّت اليمين. وإمّا مانعة من الانعقاد ، كمن حلف يمينا ، فإنّكما تكون على ما نواه دون ما نطق به إلّا في صورة واحدة ، وهي أنّه إذا استحلفه الحاكم لخصمه فيما هو حقّ عنده ، فإنّ النيّة نيّة الحاكم ، ونيّة الحالف إذا كان الحاكم مبطلا عند الحالف.

ولو حلف على عدم الفعل ونوى التخصيص بالمكان ، أو بغيره ، أو ليفعلنّ ، ونواه ، أو حلف ليطلّقنّ نساءه ونوى الأقارب ، أو ليعتقنّ جواريه ونوى السفن ، أو ما كاتبت فلانا ونوى كتابة العبيد ، أو ما عرفته أي جعلته عريفا ، أو ما سألته حاجة أي شجرة صغيرة في البرّ يقال لها : الحاجة صحّ.

ولو حلف على زوجته ليطلّقها أو تصدّقه فلتخبر بالنقيضين.

ولو حلف ليخبرنّه بعدد حبّ الرمّان فليعدّ عددا يعلم به الدخول ، فإن نوى من غير زيادة ونقصان لم يبرأ إلّا بالعدّ.

٢٥٨

[ الفصل ] الثاني

يشترط في النذر صدوره لفظا على رأي ، مقيّدا بالله تعالى ، من مكلّف ، مسلم ، قاصد للقربة ، وإذن الزوج أو المالك ، ولو أعتق فلا انعقاد للسابق ، ولا يشترط التعليق على رأي ، ويستحبّ الوفاء للكافر بعد إسلامه. وأن يكون الشرط سائغا إن قصد الشكر ، والجزاء طاعة ، والزجر منه ينعقد إن قصد القربة ، أو أنّه متى حصل كان لله عليه ذلك.

ولو نذر الحجّ ماشيا تعيّن من البلد على رأي ، ويسقط عنه وعن ناذر العمرة عند طواف النساء ، ولو عجز ركب ، وقيل : يسوق بدنة (١) ، ولو أحرم ماشيا ففاته الحجّ فعليه القضاء ماشيا ، ويتحلّل بعمرة ، ويجوز له الركوب من حين الفوات.

ولو نذر الركوب تعيّن ، ويحنث بالمشي ، ولو نذر المشي إلى بيت الله الحرام أو إلى بيت الله انصرف إلى مكّة ، ولو قال : لا حاجّا ولا معتمرا. ففي الانعقاد إشكال ، ولو نذر المشي انصرف إلى المقصود ، فإن فقد بطل ، قيل : ولو نذر المشي إلى المسجد الأقصى أو إلى [ مسجد ] رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لزم ، ويجب فيه صلاة ركعتين.

ولو نذر زيارة أحد المشاهد وجب ، وإن نذر إن رزق ولدا أن يحجّ به أو عنه فمات حجّ بالولد أو عنه من الأصل ، ولو نذر الحجّ وهو فقير فحجّ عن غيره ، قيل : أجزأ عنهما (٢).

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٠٣.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٥٦٧ ، وتردّد به المحقّق في الشرائع ٣ : ١٤٦.

٢٥٩

وأقلّ ما يجزئ ناذر الصلاة ركعتان على رأي ، ولو عيّن المكان تعيّن وشرطت المزيّة ، ولو عيّن الوقت تعيّن ، ولو نذر فعل قربة تخيّر بين صلاة ركعتين وصدقة بشي‌ء وصوم يوم وغيرها من القرب.

ولا يجب التتابع لو أطلق النذر ، ويجب بالشرط ، والمبادرة أفضل ، ولو نذر العيدين ، أو أيام التشريق بمنى ، أو أيام الحيض ، أو يوم قدوم زيد لم ينعقد ، ولو نذره دائما سقط يوم قدومه ، ووجب فيما بعد ، ويصومه عن رمضان فيه ولا قضاء ، ولا في العيد على رأي ، ولو وجب متتابعان فالأولى صومه عن النذر ، ولا يسقط التتابع فيهما ، تقدّم النذر أو تأخّر ، ولو أطلق فأقلّه يوم ، ولا يتعيّن المكان ولو عيّنه على رأي.

ولو نذر زمانا صام خمسة أشهر ، وحينا ستّة أشهر ، ولو نوى غيره لزم ، ولو نذر سنة معيّنة لزم إلّا العيدين وأيّام التشريق بمنى ورمضان ولا يقضي ، فلو أفطر في أثنائها لغير عذر قضى ، وبنى إن لم يشترط التتابع ، وكفّر ، ولو شرط استأنف ، ومع العذر البناء مطلقا ، ولا كفّارة.

والشهر إمّا عدّة بين هلالين أو ثلاثون ، ولو صام شوّالا ناقصا أتمّه بيومين على رأي ، ولو نوى غير معيّنة فصام سنة أتمّها بشهر ويومين ، ولا ينقطع التتابع ، ولو نذر صوم شهر متتابعا وجب ما يصحّ فيه ، وأقله خمسة عشر ، ولو نذر صوم أوّل يوم من رمضان قيل : لا ينعقد (١) ، ولو نذر الدهر صحّ ، ويسقط العيدان ، وأيام التشريق بمنى ، ويفطر في السفر والحيض ولا قضاء.

وخوف العامل والمرضع على أنفسهما أو الولد ، والإكراه على الإفطار ، والسفر الضروريّ أعذار لا ينقطع بها التتابع ، ولا في الكفّارة ، بخلاف الاختياري.

ولو نذر عتق مسلم لزم ، ولو نذر عتق كافر غير معيّن لم ينعقد ، وفي المعيّن خلاف ، ويجزئ الصغير والكبير والصحيح والمعيب.

ولو نذر ألّا يبيع مملوكه لزم ، ولو اضطرّ على قول (٢) ، ولو نذر الصدقة أجزأ الأقلّ ، ولو قيّده تعيّن ولو بالمكان ، ويعيد المثل لو خالف ، ولو قال : بمال كثير فهو ثمانون درهما ، وغيره يفسّر بما أراد ، ومع الموت يفسّر الوليّ.

__________________

(١) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٦٨.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٥٦٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٤١٢.

٢٦٠