تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

الإقرار بالشرط بطل.

ولو قال : إن شهد فلان فهو صادق لزم في الحال ، ولو قال : له عليّ ألف إذا جاء رأس الشهر أو عكس لزم.

وإطلاق الإقرار يقتضي نقد البلد ووزنه ، ولو تعدّد رجع إليه ، ولو عطف الدرهم على الآخر لزمه اثنان ، إلّا أن يكون بـ ( بل ).

أمّا لو قال : له قفيز حنطة بل قفيز شعير لزمه القفيزان ، ولو قال : له قفيز بل قفيزان لزمه قفيزان.

ولو قال : له درهم ، أو مع درهم ، أو قبل درهم ، أو بعد درهم لزمه واحد.

ولو قال : له هذا العبد ، أو هذا الثوب رجع في التعيين إليه مع اليمين ، وللحاكم انتزاعه إن أنكر المقرّ له وإبقاؤه في يده ، ولا يلزم دخول الظرف في الإقرار.

ولو قال : له عبد عليه عمامة فهو إقرار بهما ، بخلاف له دابّة عليها سرج.

ولو قال : بعتك أباك فحلف الولد انعتق ، ولا ثمن.

ولو قال : ملّكتك هذا من فلان أو غصبته أو قبضته منه فهو إقرار بخلاف تملّكته على يده.

ولو أقرّ بالدين المشهود به لآخر لم يلتفت وغرّم ، ولو أقرّ بالعين في يد الغير فلا غرم ، ولو أخبر عن الماضي لزمه.

والإقرار بالإقرار إقرار ، ولو أقرّ بالمبهم حبس حتّى يبيّن ، ولو فسّر بأقلّ ما يتموّل قبل.

ولو قال : له أكثر ممّا لفلان ألزم به وبالزائد عليه ، ويرجع إليه في تفسيره ، ولو ادّعى ظنّ القلّة قبل.

ولو قال : له دراهم ألزم بثلاثة.

ولو قال : له ألف ودرهم أو درهمان رجع في الألف إليه.

ولو قال : ألف وثلاثة دراهم ، أو مائة درهم ، أو خمسون درهما ، فالجميع دراهم.

ولو قال : كذا ألزم التفسير ، فإن فسّر بالدرهم نصبا فعشرون ، وجرّا مائة على رأي ، ولو ركّب ونصب فأحد عشر ، ولو عطف ونصب فأحد وعشرون ، هذا إذا كان عارفا.

ولو قال : ألف إلّا درهما فالكلّ دراهم على رأي ، ولو أقرّ بدرهم في وقتين لم يتكرّر إلّا مع اختلاف السبب ، ولو أقرّ لأحد رجلين وعيّن صحّ ، وللآخر إحلافه ، ولو رجع ضمن ، ولو

١٦١

جهل اختصما وعليه اليمين لو ادّعى أحدهما علمه.

ولو أقرّ بما في يده لزيد صحّ ، فإن قال : بل هو لفلان غرم للثاني ، وكذا لو قال : غصبته من فلان بل من فلان.

ولو قال : غصبته من فلان وهو لفلان لزمه تسليمه إلى المغصوب منه ولا يضمن ، ولا يحكم بالملك للمقرّ له.

وكذا لو قال : هو لزيد غصبته من عمرو.

ولو قال : له عليّ كذا من ثمن خمر أو خنزير لزم.

ولو قال : له عليّ ألف من ثمن مبيع ، ثمّ قال بعد سكوت : لم أقبضه ، أو قال : له عليّ ألف ، ثمّ قال بعد سكوت : من ثمن مبيع لم أقبضه فهما سواء على رأي ، ولو اتّصل الجميع قبل على قول (١).

ولو أقرّ بالبيع وقبض الثمن ثمّ ادّعى المواطأة كان له الإحلاف ، أمّا لو شهدت البيّنة بمشاهدة البيع والقبض بطلت دعواه.

ولو قال : له في ميراث أبي أو منه مائة فهو إقرار ، ولو قال : في ميراثي أو من ميراثي منه فليس بشي‌ء ، وكذا لو أضاف بما يوجب التملّك ، كقوله : له هذه داري ، إلّا أن يقول بحقّ واجب ، أو سبب صحيح وشبهه.

ولو قال : له في هذه الدار مائة قبل ، ويرجع إليه في التفسير مع اليمين.

ولو أقرّ له بعبد فأنكر بقي على الرقّيّة المجهولة المالك.

ولو قال : عليك ألف ، فقال : رددت ، أو قبضت ، أو اتّزنه أو أجّله ، أو نعم ، أو أجل ، أو بلى ، أو أنا مقرّ به ، فهو إقرار ، بخلاف أنا مقرّ.

ولو قال : أليس عليك ألف؟ فقال : بلى ، فهو إقرار ، بخلاف نعم ، ولو استثنى الجميع بطل.

ولو قال له درهم ودرهم إلّا درهما ، قيل : تفريعا على العود إلى الجملتين يصحّ ، وعلى العدم يبطل (٢) ، وهو غلط في الحكم والعلّة.

ولو قال : عشرة إلّا درهما فهو بتسعة ، ولو رفع فهو بعشرة.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٢٢ والقاضي في المهذّب ١ : ٤١٣.

(٢) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١١٨.

١٦٢

ولو قال : ماله عندي عشرة إلّا درهما فليس بإقرار ، ولو رفع فهو بدرهم.

ولو قال : عشرة إلّا اثنين إلّا واحدا فهو تسعة.

ولو قال : إلّا واحدا إلّا واحدا فهو ثمانية.

ولو قال : إلّا اثنين وإلّا واحدا فهو سبعة.

ولو قال : عشرة لا بل تسعة فهو عشرة.

ولو قال : ما بين الواحد والعشرة فثمانية.

ولو قال : في الواحد إلى العشرة فتسعة على رأي.

ولو قال : له هذه العبيد إلّا واحدا رجع إليه في التعيين مع اليمين.

ولو قال : له هذا البيت إلّا بناؤه بطل الاستثناء ، لدخوله في المعنى ، وعود الاستثناء إلى اللفظ.

ولو قال : له هذه الدار ، وهذا البيت لي متّصلا قبل.

ولو قال : له ألف درهم إلّا ثوبا سقط عنه قيمة الثوب على رأي.

وإطلاق الدرهم ينصرف إلى نقد البلد وقت الإقرار ، وإن تعدّد فالأغلب ، وإن تساوى فسّر.

وليس الإقرار بالولد إقرارا بزوجيّة أمّه.

ولو أقرّ بعتق عبد غيره وأنكره ثمّ اشتراه عتق ، ولو مات العبد فللمشتري أخذ الثمن من تركته إن لم يكن وارث.

ولو أقرّ لميّت وادّعى وصيّة زيد على ولده لم يؤمر بالتسليم إليه.

ولو قال : له عندي وديعة وهلكت لم يقبل ، أمّا لو قال : كان قبل.

ولو قال : اشتريت أو كفلت أو ضمنت بالخيار ثبت دون الخيار.

ولو قال : له ألف ناقصة أو معيبة قبل ، ولو قال : مؤجّلة قيل : يقبل للاتّصال (١) ، وقيل : لا ، لأنّه دعوى لا صفة (٢).

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٣٥ ، وابن البرّاج في المهذّب ١ : ٤١٤.

(٢) قاله الشيخ في الخلاف ٣ : ٣٧٧ ، المسألة ٢٨. وتبعه ابن إدريس في السرائر ٢ : ٥١٣ ، وبه قال ابن الجنيد كما عنه في المختلف ٥ : ٥٣٣ ، المسألة ٢٣٣.

١٦٣

ولو قال : له عليّ ألف ، ودفع إليه وقال : هذه الّتي أقررت بها كانت وديعة وأنكر فالمصدّق المقرّ.

وكذا لو قال : لك في ذمّتي ألف ودفع ، وقال : هي وديعة ، وهذه بدلها.

ولو قال في الأخيرة : هذه الّتي أقررت بها كانت وديعة فالمصدّق المقرّ له.

ولو قال : له درهم درهم لزمه واحد ، فإن عطف فاثنان.

ولو قال : له درهم ودرهم ودرهم لزمه بالأوّلين اثنان مطلقا ، وبالثالث آخر ، إلّا أن يقصد التأكيد ويصدّق.

ولو صدّق الوارث ادّعاء العبد العتق ، والمدين دعوى الدين ، ولا مال ولا بيّنة فلا سبيل إلى العبد.

ولو صدّق الوارث الواحد مدّعي وداعة التركة ، ومدّعي مساويها في ذمّة الميّت دفعة ، ففي تقديم الوديعة نظر.

ولو قال : له عليّ أو على زيد كذا فليس بإقرار ، ولو أتى بالواو فهو بالنصف ، وفي قوله : عليّ أو على الحائط نظر ، ولو اقتسم الثلاثة الورّاث التركة وصدّق الأكبر مدّعيها ، والأوسط في ثلثيها ، والأصغر في الثلث ، دفع إليه ما في يد الأكبر ، وثلثا ما في يد الأوسط ، وثلث ما في يد الأصغر.

ولو قال : له درهم في عشرة وأراد الضرب فهو عشرة ، وإلّا فدرهم.

ولو أقرّ بالمتساويين في مجلسين فهما واحد ، ويدخل الأقلّ في الأكثر لو تفاوتا ، إلّا أن يختلفا جنسا أو سببا.

ويقبل إقرار المولى بجناية العبد الخطإ دون الحدّ والقصاص والطلاق.

ولو ادّعى المقرّ الصّغر وقت الإقرار حلف المقرّ له.

ولو أقرّ العربيّ بالعجميّة ، أو بالعكس ، وادّعيا عدم المعرفة قبل مع اليمين.

ولا يثبت الإقرار بنسب الولد إلّا مع الإمكان والجهالة وعدم المنازع ، ولا يشترط التصديق في الصغير ، وفي الكبير على الخلاف ، ولا يقبل إنكاره بعد البلوغ ، ولا في المجنون ، ولا الميّت ، وفي غير الولد يعتبر مع ذلك التصديق ، ولا يتعدّى التوارث إلى غيرهما إلّا إلى أولادهما.

١٦٤

ولو أقرّ الولد بآخر وأقرّا بثالث وكانا مرضيين ثبت نسبه ، ولو أنكر الثاني لم يثبت نسب الثاني ، ويأخذ السدس ، والأوّل الثلث ، والثالث النصف ، ولو كان الأوّلان معلومي النسب فلا اعتبار بإنكاره.

وكلّ وارث منفرد أقرّ بآخر مساو له شاركه ، وإن كان أولى اختصّ.

وكلّ وارث مشارك أقرّ بآخر مضى في حقّه ، فللزوجة مع الأخوة الثمن إذا أقرّت بالولد ، وللولد باقي حصّتها.

ولو مات مجهول فأقرّ آخر ببنوّته ثبت نسبه وإن كان كبيرا ذا مال ، ويرثه المقرّ.

ولا يثبت النسب إلّا بشهادة عدلين ، ولو أقرّ الأخوان بابن للميّت ثبت النسب مع عدالتهما ، وأخذ الميراث ، ومع فسقهما له المال ولا نسب ولا دور.

ولو أقرّ باثنين أولى منه متساويين وتناكرا بينهما لم يلتفت إلى الإنكار في مال الميّت ، ولا يثبت نسبهما.

ولو أقرّ بأولى وأعطاه ، ثمّ أقرّ بأولى منهما ، فإن اعترف الثاني دفع إليه ، وإلّا ضمن الأوّل ، ولو كان الثاني مساويا وصدّق الأوّل قاسمه ، وإلّا غرم المقرّ النصف.

ولو أقرّ بزوج لذات الولد أعطاه ربع نصيبه ، ولو أقرّ بآخر بطل ، فإن كذّب نفسه في الأوّل ضمن للثاني ، وكذا فيما زاد عن الأربع في الزوجات ، إلّا أنّه إذا أقرّ بواحدة أخذت الثمن ، ولو أقرّ بأخرى فلها نصف الثمن ، ولو أقرّ بثالثة فلها الثلث ، ولو أقرّ بالرابعة فلها الربع ، ولو أقرّ بهنّ فلهنّ الثمن بالتساوي.

ولو أقرّ ببنوّة ابن أمته لحق به إن لم يكن لها زوج.

ولو أقرّ بابن إحدى أمتيه وعيّن صحّ ، وعليه اليمين لو ادّعت الأخرى أنّ ولدها هو المقرّ به ، ولو مات قبل التعيين أقرع.

١٦٥
١٦٦

كتاب الغصب

وهو : التسلّط على مال الغير عدوانا ، وتحريمه عقلي وسمعي.

فمن أتلف مال غيره ـ سواء كان عينا أو منفعة ، أو فعل ما يحصل به التلف ، كحفر البئر في غير الملك ، أو أكره غيره على الإتلاف ـ ضمن ، ومع تعارض المباشر والسبب فالمباشر أولى.

ولو سكن مع المالك ضمن نصف الدار على رأي ، ولو استقلّ مع الضعف عن المقاومة وحضور المالك قيل : لا ضمان (١) ، ومع غيبته يضمن.

ولو منعه من إمساك دابّته المرسلة ، أو حبس الصانع ، أو منعه عن العمل مدّة الإجارة ، أو قاد الدابّة وصاحبها راكب ، أو غصب الحرّ وإن كان طفلا لم يضمن.

ولو استخدم لزمه الأجرة وإن كان الخادم حرّا ، وكذا لو حبس الدابّة.

ويضمن الخمر من الكافر بالقيمة عنده مع الاستتار.

ولو أرسل ماء أو نارا فتأذّى الجار لم يضمن ، إلّا أن يتجاوز قدر الحاجة اختيارا مع العلم بأن ذلك يوجب الضرر ، وقيل : لو أرسل بقدر الحاجة وهو يعلم أنه يصل إليه ضمن (٢).

ويضمن لو ألقى شخصا في مسبعة مع الضعف عن الفرار ، أو فكّ القيد عن الدابّة ، أو عن

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٨٤.

(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ٢ : ٤٩٤.

١٦٧

العبد المجنون ، أو فتح قفص الطائر ، أو أزال وكاء الظرف الحافظ فسال ، أو قبض للسوم ، أو بالبيع الفاسد.

ولو فتح الظرف فقلبته الريح ، أو أذابته الشمس ، أو فتح الباب على المال فسرق ، أو أزال القيد عن العبد العاقل فلا ضمان.

وقيل : لا يضمن ولد الشاة إذا مات جوعا وحبسها الغاصب ، أو حبس مالك الشاة عن حفظها فاتّفق التلف ، أو غصب دابّة فتبعها الولد (١) ، أو ركب دابّة غيره ولم ينقلها من موضعها.

ويجب ردّ المغصوب ، ومع التلف المثل ، ومع تعذّره قيمته يوم الإقباض ، فإن كان ذهبا أو فضّة وتعذّر المثل فبنقد البلد إن كان مخالفا ، وإن كان موافقا في الجنس واتّفق المضمون والنقد وزنا صحّ ، وإلّا ضمن بعين الجنس ، فإن لم يكن مثليّا فالقيمة العليا من الغصب إلى التلف.

ولو مزج حنطة بشعير مغصوب كلّف التمييز ، ولو استدخل الخشبة في البناء أو في السفينة كلّف التخليص ، إلّا أن يخاف الغرق ، فيصبر أو يأخذ القيمة على رأي ، سواء كان فيها متاع أو لم يكن ، وسواء كان فيها حيوان أو لا.

وتنتزع الخيوط المغصوبة إن أمكن مع الأرش ، إلّا من جرح حيوان له حرمة يخاف عليه الشين.

ولو نقص بالعيب فعليه الأرش ، ولو كان عيبا لا يستقرّ ردّه مع الأرش ، ويضمن المتجدّد أيضا.

ولو اشتمل المغصوب على الصنعة ذات القيمة ضمنها أيضا ، وإن كان ربويّا ، وكذا المنافع : كسكنى الدار ، والحمل ، وفي أعضاء الدابّة الأرش.

ولو تجاوزت قيمة العبد المقتول أو الميّت في يده غصبا ديّة الحرّ وجب الزائد على رأي ، ولا يضمن الجاني الزائد ، ولو جنى الغاصب بما فيه القيمة أدّاها ولا يأخذه ، وغيره يؤدّي ويأخذ ، فلو زادت القيمة بالجناية كالخصاء ردّه مع ديّة الخصيتين ، وقيل : لو مثّل به الغاصب عتق ، وعليه القيمة (٢) ، ولو جنى ما فيه مقدّر في الحرّ فبحسابه في العبد من القيمة

__________________

(١) تردّد به المحقّق في الشرائع ٣ : ١٨٦.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٦٢.

١٦٨

على رأي ، وما ليس فيه مقدّر فالحكومة.

والمدبّر والمكاتب وأمّ الولد كالقنّ ، ولو دفع القيمة ملكها المغصوب منه ، ولا يملك الغاصب المغصوب ، وعليه الأجرة إن كان ذا أجرة من حين الغصب إلى وقت دفع البدل على رأي ، ولو تمكّن من الردّ وجب واستعاد القيمة.

ولو غصب الخفّين وتلف أحدهما ضمنه مجتمعا وأرش الآخر ، أمّا لو غصب أحدهما ضمنه مجتمعا دون أرش الآخر.

والمغصوب باق على ملك المالك وإن خرج عن الصفة.

ولو أطعمه المالك مع الجهل ضمنه ، ولو كان لآخر تخيّر ، ومع الرجوع على الآكل يرجع الآكل على الغاصب ، ويتخيّر مع تعاقب الأيدي الغاصبة في الجمع والتفريق على من شاء.

ولو غصب فحلا فأنزاه على الأنثى فالولد لصاحبها ، وعليه أجرته والأرش.

ولو غصب شاة وأنزاها فحله فكذلك.

ولو أنزى المغصوب على شاته فالولد له وعليه أجرة الفحل.

ولو غصب ما له أجرة فنقص ضمنها.

ولو أغلى الزيت أو العصير فنقص ضمن ـ على رأي ـ في العصير.

ولو زادت العين بالأثر الصادر من الغاصب تبع الأصل ، ولو كانت الزيادة عينا فهي للغاصب ، وله إزالة الصبغ من الثوب ، وعليه الأرش ، ولو اتّفقا على التبقية اشتركا ، وضمن الغاصب ما ينقص عن قيمة الثوب ، ولا يضمن المغصوب ما نقص عن قيمة الصبغ.

ولو مزج المغصوب بالمثل فهو شريك ، ولو زادت القيمة لا بفعله كالسمن ، وتعلّم الصنعة من غيره ضمنها إذا زالت ، فلو حصل ما يجبر نقصان الصفة ، فإن كان هو الصفة الأولى فلا يضمن الصفة ، وإن كان غيرها ردّها بالزيادة ، ورجع عليه بالتالفة.

ولا يضمن تفاوت القيمة السوقية مع بقاء العين ، ولا السمن المفرط إذا لم تزد به القيمة.

ولو غصب العصير فانقلب خلّا بعد انقلابه خمرا فهو للمالك ، ويضمن ما نقص عن قيمته عصيرا ، ولو غلاه فنقص وزادت قيمته بقدره ضمن النقصان.

ولو اشترى المغصوب عالما ضمن ، ولا يرجع على الغاصب إن رجع عليه المالك ، ويرجع عليه الغاصب إن رجع عليه ، وإن كان جاهلا رجع بالثمن ، ويضمن للمالك المثل أو

١٦٩

القيمة ، ولا يرجع على الغاصب بالتفاوت ، وللمالك مطالبة الغاصب ، فيرجع عليه به ، ويرجع على الغاصب بالغرامة التي ليس في مقابلتها نفع كالبناء.

ولو أولدها مع الجهل فهو حرّ ، ويغرم للمالك ويرجع ، وما حصل في مقابلته نفع رجع به أيضا على رأي.

ولو وطئ المغصوبة جاهلين بالتحريم فالعشر مع البكارة ، ونصفه مع عدمها ، وقيل : مهر أمثالها ، وعليه قيمة الولد يوم سقط حيّا وأرش ما نقص بالولادة (١) ، وقيل : لا يضمنه لو سقط ميّتا (٢) ، ولو سقط بضرب أجنبي ضمن للغاصب دية جنين حرّ ، وضمن الغاصب للمالك دية جنين أمّة.

ولو افتضّها بإصبعه لزمه دية البكارة ، ولو وطئها بعد ذلك لزمه الأمران ، ولو كانا عالمين فللمولى المهر مع الإكراه وعليه الحدّ ، ومع المطاوعة لا مهر ، وقيل : عليه عوض الوطء للمالك ، وعليه أرش البكارة ، والولد رقّ (٣).

ولو كان الواطئ عالما وهي جاهلة لم يلحق به الولد ، ووجب الحدّ والمهر ، ولو كان بالعكس لحق به الولد وسقط الحدّ عنه ، والمهر على الخلاف.

ولو زرع الحبّ ، أو استفرخ البيض فهو للمالك ، ولو غصب الأرض فغرس وزرع فعليه الأرش والطمّ ، والغرس والزرع له.

ولو حفر بئرا لم يكن له طمّها مع كراهية المالك.

ولو تعذّر إخراج الدابّة ، فإن كان حصولها بسبب صاحب الدار هدمت ولا ضمان ، وإلّا ضمن ، ولو أدخلت رأسها في قدر ويد مالك الدابّة عليها ، أو فرّط في حفظها ضمن ، وإن لم يكن يده عليها ، أو فرّط صاحب القدر بجعلها في الطريق مثلا فلا ضمان ، وإن لم يفرّط أحدهما ضمن صاحب الدابّة.

وقيل : لو خيف من وقوع الحائط جاز أن يسند بجذع الغير من غير إذنه (٤).

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٩٥.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٦٦.

(٣) حكاه المحقّق في الشرائع ٣ : ١٩٦.

(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٨٦.

١٧٠

ولو باع الغاصب ثمّ انتقل إليه ، فقال للمشتري : بعتك ما لا أملك ، قيل : تسمع بيّنته إن لم يضمّ إلى البيع ما يتضمّن الملكيّة ، ولا تسمع إن ضمّ (١) ، ولو جنى المغصوب فقتل ، أو اقتصّ منه فعلى الغاصب القيمة ، ولو ألزم بالدية ألزم الغاصب بالأقلّ من أرش الجناية والقيمة.

والقول قول المالك في القيمة على رأي ، وكذا لو ادّعى الغاصب العيب ، أو ادّعى ردّ العبد قبل الموت.

وقول الغاصب في التلف ، وكذا لو ادّعى المغصوب منه زيادة صفة ، أو ادّعى ما على العبد الذي في يد الغاصب من ثوب وشبهه.

وقيل : لو ادّعى الغاصب كون العيب قبل الغصب مع وجود العين فالقول قوله (٢) ، ومع عدمها على ما مضى.

ويجب على الغاصب نقل الغصب إلى بلد الغصبيّة إلّا أن يرضى المالك ، ولو طلب الأجرة على النقل لم يجب على الغاصب ، وما لا مئونة في نقله يأخذه أين وجده ، وإن اختلف الصرف.

وذو المئونة والمثل إذا اتّحدت قيمته في البلدين يأخذ مثله ، فإن تعذّر فقيمته ، ولو اختلف فقيمته في موضع الغصب ، ومالا مثل له فقيمته فيه أيضا ، أو يترك ليستوفى فيه ، وكذا القرض.

ولو أكلت الشاة ثمنها المعيّن قبل القبض ولا يد عليها بطل البيع ولا ضمان ، ولو كان يد البائع عليها صحّ البيع ولا ضمان ، ولو كان بعد القبض ولا يد عليها فلا ضمان ، ولو كان يد البائع عليها ضمنه ، وإن كان في الذمّة فالعقد بحاله ، وعلى البائع الضمان إن كانت في يده ، وإلّا فلا.

ولو أكلت بهيمة الغير ماله ، وكان يتلف به ويده عليها ضمنه بالمثل أو القيمة ، وإن كان لا يتلف به كالذهب والحيوان غير مأكول ضمنه ولم يذبح ، وإن كان مأكولا ففي الذبح إشكال.

ولو صدّق البائع مدّعي الغصبيّة في زمن الخيار فسخ ، ولو كان بعده لم يقبل ، فإن كان قبض الثمن لم يرجع عليه ، وإن لم يقبض لم يطالب.

ولو صدّق المشتري ردّ ولا يرجع على البائع.

ولو صدّقه المتبايعان والعبد بعد العتق ، قيل : لا يقبل (٣) ، ولو مات فالتركة للمدّعي.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٠٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٠٤.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٩٧.

١٧١
١٧٢

كتاب الشفعة

وهي : ثابتة في كلّ ما يصحّ قسمته خاصّة على رأي ، وإن كان فيما ينقل ويحوّل على رأي ، ممّا هو بين شريكين لا أزيد على رأي ، مشاعا فيه ، أو في الطريق إذا لم يحوّل الباب وقت البيع أو الشرب ، قد انتقلت الحصّة إليه بالبيع لا بغيره ، ولا تتوقّف على انقضاء خيار البائع على رأي.

ولو باع المقسوم مع الشقص فالشفعة في الشقص بعد نسبة الثمن ، ولا خيار للمشتري ، وللموقوف عليه أخذ الشقص الآخر المطلق بالشفعة على رأي.

ولو عجز الشفيع عن الثمن ، أو ماطل ، أو أجلّ ثلاثة أيّام لغيبة الثمن لا في بلد آخر فخرجت ، أو أهمل المطالبة مع التمكّن والعلم على رأي ، أو رضي بالبيع ، أو كان الشراء بالعين وخرجت مستحقّة ، أو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة قبل الأخذ ، أو قبل العلم أيضا على رأي ، أو جهلا قدر الثمن ، أو بلغه البيع متواترا ، أو بشاهدي عدل ، فقال : لم أصدّق ، أو كان المبيع نائيا فأخّر المطالبة للوصول ، أو أقرّ الشفيع بغصبيّة الثمن المعيّن ، أو تلف قبل قبضه ، أو بلغه أنّ الثمن أقلّ ، أو أنّه مؤجّل فترك فبان الخلاف ، أو قال : أخذ نصف المبيع خلافا لمن قال : إنّه تصريح بالطلب فليس بتسليم ، لأنّه ضدّه دلالة بطلت الشفعة.

ولا يجب قطع العبادة المندوبة للطلب ، ولا السعي على خلاف عادته ، ولو ذكر غيبة المال في بلد آخر أجّل بمقدار الوصول منه وثلاثة ما لم يستقرّ المشتري ، ولا يجب عليه الدفع قبل القبض.

١٧٣

وتثبت : للغائب ، ويأخذ الوكيل ، وإلّا فهو إذا حضر ، وللمجنون والصبيّ ، ويأخذ الوليّ ، وإلّا فهما مع زوال الوصفين ، إلّا أن يترك لمصلحتهما على رأي. وللكافر على مثله لا على المسلم ، وللمسلم عليه وعلى الكافر ، وللمكاتب على غيره ، وإن لم يرض المولى ، وللأب والجدّ من اليتيم ، وللوكيل من الموكّل ، والوصيّ على رأي.

وليس للشفيع أخذ البعض ، إلّا أن يكون شقصين من موضعين في صفقة ، ويأخذ بالثمن لا أقلّ ، وإن زاد عن القيمة.

ولا اعتبار بالزيادة والنقيصة في الثمن بعد العقد ، وإن كان في مدّة الخيار على رأي ، ولا بالدلالة والوكالة ، ويتعيّن المثل ، فإن لم يكن الثمن مثليّا فالقيمة على رأي وقت العقد.

ولو ترك المطالبة توهما كثرة الثمن أو كونه من جنس أو حالّا فبان الخلاف ، أو قال : اشتريت النصف بكذا فبان أنّ المشترى الربع بنصف الثمن ، أو بالعكس ، أو بلغه أنّ المشتري اثنان فبان واحدا أو بالعكس ، أو أنّه اشترى لنفسه فبان لغيره ، أو بالعكس ، أو أخّر لعذر يمنع مباشرة الطلب والتوكيل ، أو بان استحقاق ثمن الشفيع ، أو تقايل المتبايعان ، أو نزل عن الشفعة قبل البيع على رأي ، أو ضمن الشفيع الدرك عن أحدهما ، أو شرطا له الخيار ، أو كان وكيلا لأحدهما ، أو شهد على البيع ، أو بارك لأحدهما على إشكال ، أو أخبره واحد وقال : لم أصدّق ، لم تبطل الشفعة.

ولو باع المشتري فللشفيع الفسخ والأخذ من الأوّل ، أو من الثاني ، وكذا لو وقفه أو جعله مسجدا فله الفسخ ، وإنّما يأخذ الشفيع من المشتري ، والدرك عليه ، وإن أخذ من البائع ، ولا يكلّف المشتري الأخذ والتسليم.

ولو عابت العين بغير فعل المشتري أو بفعله قبل المطالبة ، فللشفيع الأخذ بالثمن أو الترك ، ولو كان بعدها ضمن المشتري ، وللشفيع الأنقاض.

ولو غرس المشتري ثمّ طالب الشفيع فله غرسه ، وليس عليه إصلاح الأرض ، ولو لم يقلعه قلعه الشفيع وعليه أرش الغرس ، والزيادة المتّصلة للشفيع ، والمنفصلة للمشتري.

ولو أخذ المشتري أرش عيب ظهر في المبيع فللشفيع الأخذ بما بعد الأرش ، ولو لم يأخذ فله الأخذ بالجميع والترك.

ولو قال وقت بلوغه البيع : أخذت بالشفعة وعلم الثمن صحّ ، وإلّا فلا ، ولو قال : أخذت

١٧٤

بمهما كان لم يصحّ.

ولو اشترى بثمن مؤجّل فللشفيع الأخذ بالمؤجّل بعد التكفيل به على رأي.

وقيل : لو كانت الأرض مشغولة بزرع يجب تبقيته. يخيّر الشفيع بين الأخذ والصبر مع ثبوت الشفعة (١).

والشفعة تورث كالمال على رأي ، ولو عفا أحدهم كان للباقي أخذ الجميع ، أو الترك.

ولو علم الشفيع والمشتري بالعيب قبل الشراء فلا خيار ، ويختصّ الخيار بين الردّ وتركه بالجاهل ، إلّا أن يكون المشتري فله الأرش أيضا ، إلّا أن يلتزم الشفيع فيسقط الردّ ، ولو اشترك اشترك الخيار ، إلّا في الأرش فيختصّ بالمشتري ، إلّا مع التزام الشفيع فيسقط الردّ.

ولا تبطل الشفعة بالفسخ المتعقّب ، فلو باعه بغير مثليّ فظهر العيب رجع بقيمة الشقص لا به ، ولو عاد إلى المشتري لم يجب الردّ والقبول على واحد منهما ، وإن كانت قيمته أقلّ من قيمة الثمن لم يرجع الشفيع بالتفاوت ، وإن كانت أكثر لم يرجع عليه ، ولو رجع البائع بالأرش لم يرجع على الشفيع إن كان أخذه بقيمة الصحيح ، وإلّا رجع ، ولو باع عن الغائب من ادّعاء الوكالة من غير ثبوت لم تثبت الشفعة على رأي ، والقول قول المشتري في كميّة الثمن لو خالفه الشفيع.

ولو تعارضت البيّنة قيل : قدّمت بيّنة المشتري (٢) ، وقيل : الشفيع (٣).

ولا تقبل شهادة البائع للشفيع ، ولو اختلف المتبائعان قدّمت بيّنة المشتري ، ومع عدم البيّنات يحلف البائع ، قيل : ويقضى على الشفيع بما حلف عليه ، أو يترك (٤) ، وعندي يأخذ بما ادّعاه المشتري ، ولو ادّعى الشريك البيع فأنكر الغريم ثبتت الشفعة للآخر على المدّعي على رأي.

ولو ادّعى المتبائعان غصبيّة الثمن وأنكر الشفيع فالقول قوله مع اليمين ، ولو قال : أنسيت الثمن حلف وبطلت الشفعة ، ولو قال : لا أعلم لم يكن جوابا.

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ٢٠٨.

(٢) قاله الشيخ في الخلاف ٣ : ٤٣١. المسألة ٦ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ٢١٣.

(٣) قاله أبو حنيفة كما عنه في الخلاف ٣ : ٤٣٢ ، واحتمله المحقّق في الشرائع ٣ : ٢١٣.

(٤) نسبه إلى المخالفين في المبسوط ٣ : ١١٠.

١٧٥

ولو ادّعى الشريك تأخّر شراء صاحبه حلف وبرئ ، ولو ادّعى كلّ منهما السبق تحالفا.

ولو تعارضت البيّنات قيل : يقرع (١) ، وقيل : سقطتا (٢) ، وقيل : يقرع لو أقاما بيّنة على دعوى الشريك ابتياع شريكه ، ودعوى الآخر الإرث (٣) ، ولو ادّعى الشريك الإيداع قدّمت بيّنة الشفيع ، ولو شهدت بالابتياع مطلقا ، والأخرى أنّ المودع أودع ما يملكه متأخّرا ، قدّمت بيّنة الإيداع على رأي ، فإن صدّق المودع سقطت الشفعة وإلّا ثبتت ، ولو شهدت بيّنة الإيداع مطلقا وبيّنة الشفيع أنّ البائع باع ما يملك قضى بالشفعة.

ولو باع أحد الشريكين حصّته على واحد بالتعاقب لم تبطل الشفعة ، ولو وكّل أحد الشريكين صاحبه في بيع نصف حصّته فباعه مع نصف حصّته لم تبطل شفعته ، وأخذ منهما على رأي.

ولو باع المريض وحابى أخذ الشفيع بالثمن ، إلّا أن يزيد على الثلث ، فيأخذ ما قابل الثلث بالثمن على رأي.

والقول قول المشتري لو خالفه الشفيع في أنّ البناء أحدثه.

ولو تلف نصف ثمن الشقص وغيره المعيّن قبل القبض قيل : بطل البيع (٤) ، وقيل : بطل فيما قابله (٥) ، فتثبت الشفعة في بعض الشقص المقابل لبعض الثمن الموجود ، ولا يثبت بعد الشفعة خيار للشفيع ، وله إبطال خيار المشتري.

ولو باع قطعة معيّنة من المشترك مضى في نصيبه ، وللآخر الشفعة.

ولو اشترى عامل القراض شقصا في شركته ولا ربح فليس للمالك الشفعة على رأي ، لأنّه وكيل ، ومع الربح يأخذ أصل المال وحصّة صاحبه بالشفعة ، وفي حصّته قول يبنى على أنّ لربّ المال أن يأخذ بالشفعة إذا كان الشقص في شركته أم لا.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٣٥.

(٢) حكاه الشيخ في المبسوط ٣ : ١٣٥.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٢٩.

(٤) حكاه الشيخ في المبسوط ٣ : ١٥٤.

(٥) اختاره الشيخ في المبسوط ٣ : ١٥٤. وجعله أصحّ القولين.

١٧٦

وإذا لم يكن الشفيع رأى المبيع فلا شفعة ، فإن رضي المشتري بأن يكون له خيار الرؤية صحّ ، وإلّا فلا.

ولو بيع بعض الأرض بالدين فلا شفعة للورثة ، وكذا لو أوصى بالبيع والتصدّق بالّثمن.

وقيل : إنّما تثبت الشفعة في الأرضين (١) ، فيدخل النبات والأبنية وغيرهما ممّا يتّصل بها تبعا.

ولو بيعت منفردة فلا شفعة ، ويدخل الدولاب ، والناعورة تبعا ، لا الحبال التي تركّب عليها الدلاء.

وقيل : تثبت الشفعة مع الكثرة (٢) ، قيل : على عدد الرءوس (٣) ، وقيل : على قدر الأنصباء (٤) ـ (٥).

فلو باع أحد الأربعة وعفا الآخر أخذ الآخران الجميع لا قدر حقّهما ، ولو شهدا بالعفو بعد عفوهما قبلت ، ولو كان قبله أو أعادها بعده لم يقبل ، ولو حضر أحدهم أخذ الجميع ، فلو حضر آخر أخذ منه النصف ، فإن حضر الثالث أخذ الثلث ، فلو حضر الرابع أخذ الربع ، أو تركوا.

ولو ظهر الشقص مستحقّا لم يرجع المتعقّب على السابق ، بل على المشتري ، ولو قاسم الأوّلين فللآخر إبطالها ، ولو ردّه الأوّل لعيب فللآخر أخذها ، ولو استغلّها لم يشاركه الثاني ، إلّا في الشقص ، ولو قال الحاضر : لا آخذ إلّا مع حضور الغائب لم تبطل شفعته على إشكال ، ولو باع أحد الثلاثة على صاحبه ، قيل : تختصّ الشفعة بالثالث (٦) ، وقيل : تشترك بينه وبين المشتري (٧).

ولو باع اثنان من ثلاثة فللشفيع الأخذ من الجميع ، أو من اثنين ، أو من واحد ، ولو باعا

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٣ : ١٩٩.

(٢) قاله الصدوق في الفقيه ٣ : ٤٦ ذيل حديث ١٦٢ ، ونسبه إلى قوم من الأصحاب في المبسوط ٣ : ١١٣.

(٣) وهو مختار الصدوق كما تقدّم.

(٤) الأنصباء : جمع نصيب ، والنصيب الحصّة. المصباح المنير : ٦٠٦ « نصب ».

(٥) حكاه في المبسوط ٣ : ١١٣ ، وهو مختار ابن الجنيد كما عنه في المختلف ٥ : ٣٥٧ ، المسألة ٣٢٨.

(٦) قاله الشيخ في الخلاف ٣ : ٤٤٧ ، المسألة ٢٦.

(٧) حكاه الشيخ عن أبي حنيفة كما في الخلاف ٣ : ٤٤٧ ، المسألة ٢٦.

١٧٧

من اثنين فهي أربعة عقود ، وليس لبعضهم مع الشفيع شفعة.

ولو باع الشريك من ثلاثة على التعاقب ، فإن أخذ الشفيع من الأوّل لم يشاركه الباقيان ، وإن أخذ من اللاحق شاركه السابق ، ولو كان لأحد الثلاثة النصف وتساوى الباقيان ثمّ اشترى أحدهما الربع منه للقراض من مال الآخر ، قيل : لا شفعة (١) ، فإن باع الرّبع الباقي على أجنبي فلصاحب المال ثلثه ، وللعامل الثلث ، ولمال القراض الثلث.

ولو باع أحد الأربعة على صاحبيه ، فالشفعة في كلّ منهما أثلاثا ، ولو عفا كلّ منهما عن صاحبه دون الآخر فله نصف مشترى كلّ واحد منهما ، ولو عفا عنهما دونهما فلكلّ منهما نصف مشترى صاحبه ، فاستقرّ المشترى بينهما كما لو لم يكن شفعة ، ولو عفا عن أحدهما أخذ من الآخر ثلث حصّته ، والعفو عنه الثلث ، ويأخذ الآخر من المعفوّ عنه النصف.

ولو اشترى من أحد الثلاثة وادّعى العفو عن الباقيين واعترفا أو قامت البيّنة فلا شفعة ، وإلّا فعليهما اليمين ، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قيل : لا ردّ ، لعدم الفائدة (٢) ، وعندي فيه نظر ، ويسلّم الجميع إلى الحالف ، فإن طالبه الناكل وصدّقه في عدم العفو شاركه ، وإلّا فالقول قول الناكل مع يمينه ، ولا يسقط حقّه عليه لنكوله أوّلا.

__________________

(١) حكاه عن قوم في المبسوط : ٣ : ١٥٠.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ١٦٤.

١٧٨

كتاب إحياء الموات

العامر من الأراضي ، ومصلحة العامر كالشرب ، والطريق ، والقناة ، لأربابه.

والموات للإمام ، لا يملك بالإحياء ما لم يأذن ، فيملك مع الإذن وإن كان كافرا.

والأرض الخراجيّة إذا ماتت لا يصحّ إحياؤها ، ومواتها وقت الفتح للإمام ، وله كلّ ما لم يجر عليه ملك مسلم ، وكلّ ما ليس له مالك معروف.

ومع غيبته المحيي أحقّ به ، وإن زالت الآثار فأحياها غيره انتقل الاستحقاق ، وللإمام مع ظهوره رفع يده.

وشرط الإحياء أن لا يكون عليها يد مسلم ، وأن لا تكون حريما للعامر كالطريق ، وحدّه في المباحة سبع أذرع.

والشرب ، وحدّه مطرح التراب ، والمجاز عليه.

والبئر ، فللمعطن أربعون ذراعا ، وللناضح ستّون ، وللعين ألف في الرخوة ، وخمسمائة في الصلبة.

والحائط ، وحدّه مطرح ترابه.

والحريم إنّما تثبت في المبتكر من الموات.

وما يكون بقرب العامر يصحّ إحياؤه إذا لم يكن مرفقا له ، ولا حريما.

ولو غرس في جانب الأرض المحياة ما تبرز أغصانه أو عروقه إلى المباح لم يكن للغير الإحياء ، وله المنع.

١٧٩

وأن لا تكون مشعرا للعبادة ، وأن لا تكون مقطعا من الإمام ، وأن لا يسبق بالتحجير أحد.

ولو ادّعى صاحب النهر في ملك غيره الحريم قضي له على رأي.

ولو حجّر وأحياها غيره لم يملك المحيي ، ولو حجّر وأهمل أجبره الإمام على الترك أو العمارة ، فإن امتنع أخرجها من يده ، ولو بادر إليها المحيي لم يصحّ ما لم يرفع السلطان يده ، أو يأذن في الإحياء.

والتحجير يكون بنصب المروز (١) أو الحائط.

وللإمام أن يحمي لنفسه ولغيره ما يفضل عن مراعي المسلمين ، للخيل المعدّة للجهاد ونعم الصدقة والجزية والضوالّ ، وليس لآحاد المسلمين ذلك.

وما حماه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الإمام لمصلحة فزالت جاز نقضه.

والمرجع في الإحياء إلى العرف ، وربما سمّي التحجير إحياء.

ويجوز الانتفاع بالطرق في غير الاستطراق بما لا يضرّ.

ومن سبق إلى مكان في المسجد والطريق فهو أحقّ به ، فلو قام بنيّة العود لم يزل الاستحقاق ما دام رحله ، ولو جلس للبيع والشراء في الطريق منع على رأي ، إلّا في المواضع المتّسعة ، فلو رفع رحله عنها بنيّة العود قيل : بطلت الأولويّة (٢).

ولو استبق اثنان إلى المسجد وتعذّر الاجتماع أقرع بينهما.

ومن سكن بيتا في مدرسة أو رباط ممّن له السكنى فهو أحقّ ، ما لم يشترط المدّة ويخرج ، أو يشترط الاشتغال بالعلم فيترك فله أن يمنع من المشاركة ، ولو فارق لعذر سقطت الأولويّة.

ولا تملك المعادن الظاهرة بالإحياء ، ولا يختصّ بها المحجّر ، وللسابق أخذ حاجته ، فإن تعدّد ولم يمكن الاجتماع أقرع.

ولو حفر بقرب المملحة بئرا في موات ، وساق الماء إليها وصارت ملحا ملكها.

وتملك بالإحياء الباطنة ، وحدّه أن يبلغ نيلها ، ولو لم يبلغ فهو أحقّ ولا يملك ، ويجبره الإمام على الترك أو الإتمام.

__________________

(١) المرز : الحباس الذي يحبس الماء ، فارسي معرّب ، عن أبي حنيفة ، والجمع مروز. لسان العرب ٥ : ٤٠٨ « مرز ».

(٢) حكاه المحقّق في الشرائع ٣ : ٢٢١ ، وجعله الأولى.

١٨٠