تلخيص المرام في معرفة الأحكام

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تلخيص المرام في معرفة الأحكام

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: هادي القبيسي
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-843-0
الصفحات: ٣٩٢

ولو أحيا أرضا فظهر فيها معدن ملكه ، ولو اشترى دارا فظهر فيها معدن فهو له دون البائع.

ومن حفر بئرا في مباح فهو أملك بمائها من غيره ، وكذا من حفر نهرا ، ويكره بيعه ، ولو حفرها لا للتملّك فهو أحقّ ما دام مستعملا ، وإذا فارق فالسابق أحقّ بالانتفاع.

ومياه العيون والآبار والغيوث شرع ، وتملك بالإحازة في الإناء وشبهه.

وما يفيضه النهر المملوك من المباح قيل : لا يملكه الحافر ، بل هو أولى (١) ، فإن كان فيه جماعة ولم يسعهم قسّم على قدر أنصبائهم من النهر ، ولو قصر النهر المباح عن الجميع بدأ بالأوّل للزرع إلى الشراك ، وللشجر إلى القدم ، وللنخل إلى الساق ، ثمّ يرسل إلى تاليه ، ولا يجب قبل ذلك ولو أدّى إلى تلف الأخير ، ولا يشاركهم اللاحق ، وإنّما يأخذ ما يفضل على رأي.

ولو استجدّ النهر جماعة فبالحفر يصيرون أولى ، فإذا وصلوا منتزع الماء ملكوه على قدر النفقة على عمله.

ويجوز إخراج الروشن والجناح إلى النافذ إذا لم يضرّ وإن عارض المسلم ، ولو أظلم الطريق قيل : لا يزال (٢) ، وفتح الأبواب بخلاف المرفوعة إلّا مع الإذن ، ولو صالحهم على إحداث روشن قيل : لم يجز (٣).

ويجوز فتح الروازن والشبابيك ، ولو أحدث فيها حدثا جاز لكلّ مستطرق إزالته ، ولكلّ من الداخل والخارج فيهما التقدّم ، وينفرد الداخل ما بين البابين ، ويشتركان في الصدر إلى الأوّل ، وفي الفاضل ، وذو الدارين يجوز أن يفتح بينهما بابا وإن كانت كلّ واحدة في زقاق. ولو سقط الروشن المستوعب في النافذ فللمحاذي عمل آخر.

ولا يجب على الجار وضع خشب جاره على حائطه بل يستحبّ ، ولو أذن ورجع قبل الوضع جاز ، وبعده على رأي ، ويضمن ، ولو صالحه على الوضع جاز شرط ذكر عدد الخشب والوزن والطول ، ولو انهدم افتقر إلى تجديد الإذن.

ولو تداعيا جدارا مطلقا فهو لمن حلف عليه مع نكول الآخر ، ولهما إن حلفا أو نكلا ،

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٢٩١.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط : ٢ : ٢٩٢.

١٨١

ولمن اتّصل ببنائه ، ولمن عليه طرحه ، ولصاحب الأساس ، وبالعكس فيه مع اليمين ، ولا اعتبار بالروازن والخوارج ، ويقضى بالخصّ (١) لمن إليه معاقد قمطه. ولا يجبر الشريك على العمارة لو انهدم الحائط ، وكذا غيره ، ولو هدمه بغير إذنه أو بإذنه بشرط الإعادة أعاده ، ولا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذن الآخر.

وجدران البيت لصاحب السفلي ، والسقف لصاحب العلوي ، ولا يجبر أحدهما على بناء الجدار الحامل للعلوّ. وجدران الغرفة لصاحبها ، وله الدرجة ، والغرفة للأسفل وإن كان لها باب إلى الآخر. وللجار عطف أغصان شجر جاره ، والقطع ، ولو صالحه على الإبقاء في الهواء لم يصحّ ، ويصحّ على الحائط مع تقدير الزيادة ، ولو تداعيا الصحن فطريق صاحب العلوّ مشترك ، والباقي لصاحب السفل.

__________________

(١) الخصّ : البيت من القصب. المصباح : ١٧١. ومنه الحديث : الخصّ لمن إليه القمط. مجمع البحرين ٤ : ١٦٨ « خصص ».

١٨٢

كتاب النكاح

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

ينقسم النكاح إلى الدائم ، والمنقطع ، وملك اليمين.

فالدائم : مستحبّ مع التمكّن ، وقد يجب.

ويستحبّ التخيّر لذلك : الأصل ، البكر ، العفيفة ، الولود ، وصلاة ركعتين ، والدعاء بعدهما ، والإشهاد ، والإعلان ، والخطبة أمام العقد ، وإيقاعه ليلا ، وصلاة ركعتين عند الدخول ، والدعاء ، وأمر المرأة بالصلاة ركعتين ، والدخول ليلا ، ووضع اليد على ناصيتها ، والدعاء ، والتسمية عند الجماع ، وسؤال الله الولد الذكر الصالح السويّ ، والوليمة عنده ، والأكل مع الحضور ولو كان صائما ندبا.

ويكره العقد والقمر في برج العقرب ، والجماع ليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وعند الزوال ، والغروب حتى يذهب الشفق ، وبعد الفجر إلى الطلوع ، وفي المحاق ، وأوّل ليلة من الشهر عدا رمضان ، وليلة النصف ، وفي السفر إذا فقد الماء ، وعند الرياح السود والصفر ، والزلزلة ، والجماع عاريا ، وقبل الغسل أو الوضوء من الاحتلام ولا بأس بالجماع ، والجماع وعنده من ينظر إليه ، والنظر إلى الفرج ، والجماع في الدبر على أصح الروايتين ، والجماع مستقبل القبلة ومستدبرها ، وفي السفينة ، والكلام بغير الذكر.

ويجوز تكرار النظر إلى وجه من يريد نكاحها من غير إذن ، وكفّيها ، قائمة وماشية ، وإلى

١٨٣

أمة يريد شرائها ، وإلى شعرها ومحاسنها ، وإلى أهل الذمّة وشعورهن إلّا لتلذّذ أو ريبة ، وأن ينظر الرجل إلى مثله عدا العورة لا لريبة أو تلذّذ ، وكذا المرأة ، وأن ينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا ، وإلى محارمه عدا العورة ، وكذا المرأة ، ولا ينظر إلى الأجنبيّة إلّا لضرورة ، ويجوز أن ينظر إلى وجهها وكفّيها مرّة ، ويحرم المعاودة ، وكذا المرأة ، وللطبيب أن ينظر إليها مع الحاجة ، وإلى عورتها.

ولا يجوز للخصيّ النظر إلى المالكة ، ولا إلى الأجنبيّة ، ولا للأعمى سماع صوت الأجنبيّة ، ولا للمرأة النظر إليه.

ويحرم العقد على الأمّ وإن علت ، والبنت وإن نزلت ، والأخت وبناتها وإن نزلن ، وبنات الابن والأخ وإن نزلن ، والعمّات والخالات وإن علون ، وبناتهما إذا زنى بهما ، سواء كنّ نسبا أو رضاعا ، وأمّ الزوجة أو الموطوءة بالملك وإن علت نسبا ورضاعا ، وبناتها وبنات أولادها ذكورا وإناثا ، نسبا ورضاعا ، بشرط الدخول بالأمّ ، تقدّمت ولادتهنّ أو تأخّرت ولو لم تكن في حجره ، وحلائل الابن وإن نزل ، ومنكوحة الأب وإن علا ، والمعقود عليها في العدّة عالما ، ومع الجهل والدخول ، وأزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن لم يدخل بهنّ ، وإن طلقهنّ ، وأمّ من أوقبه وأخته وبنته مع التأخر ، والمعقود عليها حالة الإحرام عالما بالتحريم ، والمطلّقة تسعا للعدّة ، ولو تخلّلها طلاق السنّة فالأولى التحريم ، وفي التحريم في الأمة وعدده نظر ، والمفضاة بالوطء لدون تسع ، والملاعنة ، والمقذوفة مع الصمم أو الخرس ، وذات البعل المزنيّ بها في حباله ، أو في العدّة الرجعيّة.

ولا تحرم مملوكة كلّ واحد من الأب والابن على الآخر بمجرّد الملك ، بل بالوطء ، وللأب أن يقوّم مملوكة الابن مع صغره ، ولو وطئ من دون ذلك ، أو وطئ الابن لا مع الرضى ، أو الشبهة ، فهو زنى.

قال الشيخ : ولا ينعتق ولد الولد على الأب ، قال : ولو ملك بنته من الزنى عتقت ولا تقوّم عليه (١) ، وفي الجميع نظر ، ويختصّ الحدّ بالابن ، ولو حملت مملوكة الأب من الابن بالشبهة عتق ولا تقويم ، بخلاف مملوكة الابن من الأب فيهما ، إلّا في الأنثى.

__________________

(١) قاله في المبسوط ٤ : ٢٠١ ـ ٢٠٣.

١٨٤

ولو وطئ الأب زوجة الابن للشبهة لم تحرم عليه ، لسبق التحليل على رأي ، وعليه المهر مع الإكراه ، ولا تكون أمّ ولد.

ويثبت النسب مع النكاح الصحيح ، والشبهة دون الزنى ، لكن يحرم الولد منه على الزاني والزانية ، وعلى هذا يحرم على أولادهما وآبائهما ، وبالجملة من يحرم عليه لو كان من وطء صحيح ، وفيه نظر.

وتحريم أخت الزوجة جمعا ، وبنت أخيها وأختها إلّا مع رضاها ، ومع الكراهية يبطل ، ولو عكس صحّ ، وكذا لو علت العمّة والخالة نسبا ورضاعا.

ولا يحرّم المتأخّر المتقدّم ، كمن لاط بابن زوجته.

ولا خلاف في أنّ الوطء المباح ينشر تحريم المصاهرة في النسب والرضاع ، فتثمر صيرورة المحرّمة عليه على التأبيد محرما يجوز أن يسافر بها وينظر أحدهما إلى صاحبه ، وفي الزنى روايتان (١) ، وادّعى الشيخ الإجماع في الوطء بالشبهة (٢).

ولو تزوّج الأختين فالعقد للسابقة ، ولو اقترنا بطلا.

ولو وطي الأمة بالملك ثمّ تزوّج أختها حرمت الأولى ما دامت الثانية زوجة.

ولو وطئ إحدى الأمتين الأختين حرمت الثانية حتّى تخرج الأولى من الملك.

ولو لمس الأب أو الابن أو نظرا ما يحرم على غيرهما كره للآخر العقد.

ولو نظر أو لمس أو وطئ في غير الفرج بغير شهوة لم ينشر حرمة المصاهرة إجماعا ، وإن كان بشهوة وكان محرّما فكذلك ، وإن كان مباحا أو بشبهة قال الشيخ : ينشر الحرمة إلى الأمّ وأمّهاتها ، والبنت وإن نزلت (٣).

__________________

(١) الأولى : أنّه ينشر ، لما روي في الوسائل ٢٠ : ٤٢٣ باب ٦ ، من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح ١ ، بإسناده إلى محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنّه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة ، أيتزوّج بابنتها؟ قال : « لا » ، الحديث. وعليه عمل الأكثر ، بل هو المشهور.

والثانية : أنّه لا ينشر ، لما روي في نفس الباب ح ٦ بإسناده إلى سعيد بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل فجر بإمرأة ، يتزوّج ابنتها؟ قال : نعم يا سعيد ، إنّ الحرام لا يفسد الحلال. وإليه ذهب في الفقيه ، والمقنع ، والمقنعة ، والسرائر ، والإرشاد ، وكشف الرموز وغيرها.

(٢) المبسوط ٤ : ٢٠٨.

(٣) قاله في المبسوط ٤ : ٢٠٩.

١٨٥

ويكره العقد على الإماء مع الطول.

وكلّ امرأتين حرم الجمع بينهما في النكاح حرم الجمع بينهما في الوطء ، بملك اليمين.

وحكم الرضاع في جميع ما ذكر حكم النسب.

وتحرم الأمة على الحرّة من غير إذن ، ويبطل لو بادر ، ولو أدخل الحرّة تخيّرت في نفسها ، ولو جمعهما في عقد واحد صحّ على الحرّة خاصّة.

ولو لم يدخل بالمتزوّجة في العدّة ، مع الجهل بالعدّة والتحريم ، أو عقد في حال الإحرام جاهلا ، بطل واستأنف ، ولو دخل لحق به الولد إن جالسته أشهر ، ولها المهر مع الجهل ، وتتمّ عدّة الأوّل ، وتستأنف للثاني ، ولا مهر مع علمها. ولا تحرم من زنى بها غير ذات بعل ، أو عدّة رجعية ، والمصرّة عليه وذات البعل تحرم في حباله وعدّته.

وتحرم بنت الزوجة إذا لم يدخل بالأمّ جمعا.

ويحرم على الحرّ في الغبطة ما زاد على أربعة حرائر ، وما زاد على أمتين منهنّ ، وعلى العبد ما زاد على أربع إماء أو حرّتين ، ويجوز للحرّ العقد على أمتين وحرّتين ، وللعبد العقد على حرّة وأمتين ، ولا ينحصر الباقيان في عدد ، ولو طلّق إحدى الأربع رجعيّة استصحب التحريم ، ويزول لو كان بائنا ، وكذا الأخت ، ولو تزوّج بعد الثلاث اثنتين بطل على رأي.

ويكره العقد على القابلة وبنتها ، وتزويج ابنة بنت زوجته الصائرة بعد المفارقة ، والتزويج بضرّة الأمّ مع غير الأب ، وبأخت الأخ ، وبالزانية قبل أن تتوب.

ويجوز الجمع بين المرأة وزوجة أبيها ، أو وليدته إذا لم تكن أمّا ، وإن تزوّج كلّ من الوالد والولد بأمة الآخر.

١٨٦

[ الفصل ] الثاني

تحرم غير الكتابيّة من الكفّار في الثلاث إجماعا ، والكتابيّة من اليهود والنصارى والمجوس في الدائم على رأي ، ويجوز في الباقيين.

ولو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ العقد ، ويسقط المهر إن كان المرتدّ المرأة ، وإلّا فالنصف ، وتنتظر العدّة بعد الدخول ، ولا سقوط ، وإن كان ارتداد الزوج عن فطرة فلا انتظار.

ولو أسلم زوج الكتابيّة بقي العقد وإن كان قبل الدخول ، وله منعها من الخروج إلى البيع والكنائس ، وشرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، واستعمال النجاسات ، وليس له الإلزام بالغسل ، بل بإزالة الوسخ المانع من الاستمتاع.

ولو أسلمت دونه سقط المهر ، وينفسخ النكاح إن كان قبل الدخول ، وإلّا وقف على العدّة ولا سقوط.

ولو أسلم أحد الزوجين الحربيّين انفسخ في الحال إن كان قبل الدخول ، وإلّا انتظرت العدّة ، ولو اصطحبا فلا فسخ ، ولو انتقلت زوجة الذمّي إلى ملّة كفر قيل : وقع الفسخ في الحال ولو عادت (١).

ويتخيّر المسلم على أكثر من أربع بالدائم ، سواء اصطحب عقدهنّ أو ترتّب أربعا بالقول

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٣٩.

١٨٧

أو الوطء ، وإن كان عبدا فحرّتين ، أو حرّة وأمتين ، أو أربعة إماء ، ويثبت العقد لو كنّ أربعا ، وليس له الفسخ ، ولو رتّب اختياره ثبت عقد الأوّل ، والطلاق اختيار بخلاف الظهار والإيلاء ، وعندي أنّهما اختيار ، وفي التقبيل واللمس بشهوة نظر.

ولو أسلم وقد وطئ الأمّ والبنت بالعقد أو الأمّ حرمتا ، ومع عدمه تحرم الأمّ ، فلا اختيار ، ويحرمان لو كانتا أمتين مع وطئهما ، ولو وطئ واحدة حرمت الأخرى ، ومع عدم الوطء يتخيّر ، ويتخيّر إحدى الأختين ، وإن وطئهما ، وكذا العمّة والخالة مع بنت أخيها وأختها إذا لم تتخيّر ، أو الحرّة مع الأمة ، ولو اخترن صحّ الجمع في غير الأختين.

ولو أسلم معه بعض الزائد على الأربع فله اختيارهنّ والتربّص ، فإن لحق به في العدّة تمام الأربع ولم يزدن ثبت عقدهنّ ، وإن زدن تخيّر ، ولو اختار من سبق إسلامهنّ وهنّ أربع فلا اختيار في الباقيات وإن لحقن قبل العدّة ، وكذا لو كان عنده أكثر من أمتين تخيّر اثنتين إذا رضيت الحرّة إن كانت.

ولو أسلم عن أربع وثنيّات حرائر فأسلم معه اثنتان ، ثمّ أعتق ولحق به الباقي تخيّر اثنتين ، ولو أسلمن ثمّ أعتق ثمّ أسلم وأسلم البواقي ، أو أسلمن بعد عتقه وإسلامه في العدّة ثبت على الأربع.

ولو أسلم عن أربع وثنيّات مدخول بهنّ فليس له العقد على الزائد ، ولا على الأخت إلّا بعد العدّة مع استمرار كفرهنّ ، ولو عقد كان باطلا لا موقوفا.

ولو أسلمت الوثنيّة فتزوّج أختها وانقضت العدّة على الكفر صحّ عقد الثانية ، ولو أسلما قبل الانقضاء تخيّر.

ولو أسلم الوثني فاعتدّت زوجته فارتدّ فخرجت العدّة فلا نكاح ، ولو أسلمت في العدّة ورجع فيها فهو أحقّ ، والموت لا يبطل الاختيار ، ولو مات ومتن أقرع ، ولو مات قبلهنّ فعليهنّ أجمع العدّة ، ولو أسلمن معه أنفق على الجميع حتّى يختار ، وينفق لو أسلمن دونه ، ولا عكس ، ولو اختلفا في السابق فالقول قوله ، ولو مات قبل الاختيار ورثه أربع منهنّ ، ويوقف حتّى يصطلحن ، وقيل : بالقرعة أو التشريك (١) ، فعلى الأوّل : لو لم يصطلحن على

__________________

(١) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٤٣.

١٨٨

التساوي وكنّ ثماني لو طلب دون الخمس لم يعطين شيئا ، فإن طلب الخمس أعطين ربع الموقوف ، فإن جاءت أعطين النصف ، وهكذا.

ولو أسلم الوثنيّات الأربع معه دون الكتابيّات الأربع ثمّ مات ، قيل : لا يوقف (١) ، لجواز أن تكون الزوجات الكتابيّات ، ولا إيقاف إلّا مع تحقّق الميراث ، ولو مات قبل إسلامهن فلا ميراث ، والوجه ثبوته قبل القسمة.

ولو أسلم عن حرّة وأربع إماء وأسلم الإماء ، وأعتقهنّ لم يكن له أن يختار منهنّ شيئا قبل العتق ـ للتمسّك بالحرّة ـ وبعده ، لأنّ وقت الاختيار حين اجتماع الإسلامين ، وهنّ حينئذ إماء ، فإن لم يختر وأسلمت الحرّة في العدّة ثبت نكاحها وبطل نكاح الإماء مع عدم الاختيار ، وإن استمرّت اختار ثنتين ، لأنّ الاختيار يراعى وقت الثبوت لا وقت الوجود ، ولو اختار وأسلمت في العدّة بطل اختياره إلّا أن ترضى الحرّة ، وإن استمرّت ففي الافتقار إلى تجدّد الاختيار نظر.

ولا يصحّ تعليق الفسخ بالشرط ، وللسلطان الإجبار على الاختيار ، ولو اتّفقا على السبق قبل الدخول ولم يعلما التعيين ، فإن كان المهر مقبوضا ردّت نصفه خاصّة ، وإلّا فلا شي‌ء لها ، ولو اختلفا في التعيين فالقول قولها في نصف المهر لا النفقة ، ولو ادّعى للاصطحاب وادّعت السبق فالأصل البقاء.

ولو اغتصبها الحربي أو طاوعته وأقاما على هذا لم يقرّا عليه بعد إسلامهما ، ولو تعاقدا النكاح بشرط الخيار المؤبّد لهما أو لأحدهما بطل ، وإن كان يختار الشرط وأسلما بعد انقضائه أقرّا عليه ، ولو أسلما في المدّة بطل سواء نكحها في المدّة أو لا.

والحاصل أنّ كل موضع لا يعتقد لزوم النكاح فيه يبطل ، وما لا فلا ، وليس للمرتدّ أن يختار ، وقيل : إنّ الآبق كالمرتدّ ، ولم يثبت (٢).

__________________

(١) حكاه الشيخ عن بعضهم كما في المبسوط ٤ : ٢٣٣.

(٢) تردّد به المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٤٣ ، لضعف السند ، انظر التهذيب ٨ : ٢٠٧ / ٧٣١ ، الوسائل ٢١ : ١٩٢ ، باب ٧٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، ح ١.

١٨٩

[ الفصل ] الثالث

يشترط في الرضاع المحرّم كون اللبن عن نكاح صحيح أو شبهه ، لفحل واحد ، وأن يكون في مدّة الحولين خمس عشرة رضعة على رأي ، متوالية كاملة عادة ، من غير فصل ولا امتزاج ، أو مدّة يوم وليلة ، أو ما أنبت اللحم وشدّ العظم ، ولو طلّقها وأرضعت من لبنه لحق به ، وكذا لو تزوّجت ودخل الثاني واتّصل إلى الولادة ، فما قبلها للأوّل ، وما بعدها للثاني ، ولو رضع بعض الرضعة ، أو من غير الثدي ، أو تخلّله رضاع أخرى ، أو جعل في فيه شي‌ء يمازج اللبن ، أو كمل الحولان ولم يرو من الأخيرة ، لم يحتسب ، ويحتسب لو كمل بعد كمال العدد. ويشترط حياة المرضعة على رأي ، ولا يعتبر الحولان بالنسبة إلى ولد المرضعة على رأي ، وكما أنّه يحرم النكاح فكذا يبطله ، ولو أرضعت بلبن فحل واحد كثيرا حرم بعضهم على بعض. ولو نكح امرأتين فأرضعتا نفسين ثبتت الحرمة بينهما. ولو أرضعت بلبن اثنين صبيّين لم تنشر الحرمة.

وأولاد الفحل نسبا ورضاعا وأولاد المرضعة نسبا لا رضاعا يحرمون على المرتضع ، والمرضعة أمّ ، والفحل والد ، آباؤهما أجداد وجدّات ، وأولادهما أخوة وأخوات ، وأخوتهما أخوال وأعمام ، ويحرم على أب المرتضع أولاد الفحل ولادة ورضاعا ، وأولاد المرضعة ولادة خاصّة ، ويجوز لأولاده الّذين لم يرتضعوا من المرأة أن ينكحوا في أولادهما على رأي.

أما لو أرضعت ابنا لقوم وبنتا لآخرين جاز التناكح بين أخوة أحدهما وأخوة الآخر ،

١٩٠

ولا تتعدّى الحرمة إلى من يكون في درجة المرتضع من أخوته وأخواته ، أو أعلى منه كأمهاته وأخواله ، فللفحل نكاح أخت المرتضع وأمّه ، ولأخ المرتضع نكاح المرضعة ، وللابن أن ينكح أمّ البنت التي لم ترضعه.

ولو أرضعته ذات الابن ذات الأخت جاز نكاح الابن للأخت ، ولو تزوّج رضيعة فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة بإرضاعه كأمّه حرمت ، وسقط المهر إن انفردت الصغيرة بالارتضاع ، وإلّا فالنصف ، قيل : ويرجع على المرضعة مع قصد الفسخ (١) ، ولو كانت الزوجة أمة تتبع به بعد العتق ، ولو كانت أمته لم يرجع عليها إلّا أن تكون مكاتبة ، فلو أرضعتها امرأة أبيه أو ابنه بلبنها نشر الحرمة ، وإن كان بغيره لم ينشر ، وينشر لو أرضعتها أمّه من الرضاع ، أو أخته ، أو ابنته ، أو امرأة أبيه أو ابنه من الرضاع حكمه حكم النسب.

ولا تحرم أمّ أمّ الولد في الرضاع وإن حرمت من النسب ، لأنّها ما حرمت بالنسب ، بل بالمصاهرة.

ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، لا ما يحرم من المصاهرة.

ولو أرضعت زوجته الكبيرة الصغيرة حرمتا أبدا إن دخل بالكبيرة ، وإلّا فالكبيرة وتجدّد العقد.

ولو أرضعتها إحدى الكبيرتين ثمّ أرضعتها الأخرى حرمن كلّهنّ على رأي.

ولو أرضعتها أمته الموطوءة أو المطلّقة حرمن.

ولو أرضعت الكبيرة صغيرتين حرمن مع الدخول ، وإلّا جدّد عقدهما.

ولو أرضعت الكبيرة ، إحدى الصغار الثلاث حرمتا على التأبيد مع الدخول ، فإذا أرضعت الباقيتين معا انفسخ نكاحهما ، ويحرمان مؤبّدا إن دخل بهما ، وإلّا جدّد نكاح أيّتهما شاء ، ولو أرضعتهنّ على التعاقب انفسخ نكاحها مع الأولى وثبت نكاح الثانية مع عدم الدخول ، وهل ينفسخ نكاح الثالثة وحدها أو نكاحها مع الثانية؟ قال الشيخ بالثاني (٢) ، والأقوى عندي الأوّل.

ولو كانت إحدى الأربع كبيرة لها ثلاث بنات من الرضاع ، فأرضعن الصغار دفعة من غير

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٥ : ٢٩٨.

(٢) قاله في المبسوط ٥ : ٣٠٠.

١٩١

دخول بالكبيرة انفسخ نكاح الجميع ، وحرمت الكبيرة على التأبيد دون الصغائر ، ولكلّ من الأربع نصف مهرها ، ويرجع بنصف مهر كلّ صغيرة على مرضعتها ، وعلى المراضيع أجمع نصف مهر الكبيرة ، وإن تعاقب الرضاع انفسخ بالأولى نكاحهما ، وحرمت الكبيرة مؤبّدا ، ولها نصف المسمّى ، ويرجع به على المرضعة ، والباقيتان لا ينفسخ نكاحهما ، وإن كان مع الدخول وحصل الرضاع دفعة حرمن كلّهنّ ، ولكلّ صغيرة نصف المسمّى ترجع به على المرضعة ، وللكبيرة المسمّى يرجع به على المراضيع ، وإن تعاقب فكذلك ، إلّا أنّ مهر الكبيرة يرجع به على الأولى خاصّة.

ولو طلّق كلّ من زوج الكبيرة والصغيرة ، ثمّ تزوّج الأخرى وأرضعت ، حرمت الكبيرة عليهما ، والصغيرة على من دخل بالكبيرة ، وكذا لو تزوّجتا بواحد ثمّ بآخر وأرضعت ، ولو فسخت زوجة الصغيرة ثمّ تزوّجت بآخر وأرضعته من لبنه حرمت عليهما ، ولو زوّج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة وأرضعت إحداهما جدّتهما نشر الحرمة ، ولو استولدها فأرضعت بعد طلاقهما زوجها الصغير حرمت عليهما ، ولو أقرّ بالرضاع قبل العقد حكم عليه بالتحريم ، ولو كان بعده فكذلك مع البيّنة ، ولا مهر قبل الدخول ، والمسمّى بعده ، ومع عدم البيّنة فالنصف قبله ، والجميع بعده إلّا أن تعترف الزوجة ، ولا تسمع البيّنة فيه إلّا مفصّلة.

ولو أرضعت الخنثى نشر الحرمة.

١٩٢

[ الفصل ] الرابع

الكفاءة في الإسلام شرط في النكاح ، وإيمان زوج المؤمنة على رأي ، وأن لا يكون ناصبيّا ، ولا يشترط التمكّن من النفقة ، ولا تفسخ المرأة لو تجدّد العجز ، أو بان في غير القبيلة التي انتسب إليها على رأي ، ولا التساوي في النسب والشرف ، ولو خطب المؤمن القادر وجبت الإجابة وإن كان أدون.

ويكره تزويج الفاسق ، ولا يفسخ الرجل لو علم تقدّم الزنى ، ولا يرجع بالمهر ، والرجعيّة لا يجوز التصريح والتعريض لها بالخطبة ، والبائن يجوز التعريض من الزوج وغيره ، والتصريح فيه خاصّة ، والمطلّقة ثلاثة يجوز التعريض لها من الزوج وغيره لا التصريح منهما ، والمطلّقة تسعا للعدّة في العدّة يحرم التصريح من الزوج وغيره ، والتعريض منه خاصّة.

ولو خطب الممنوع وانقضت العدّة فنكحها لم تحرم ، قيل : وتحرم الخطبة على غير الخاطب المجاب ، ويصحّ النكاح (١). ولو شرطت على المحلّل الإنكاح بعده بطل ، وقيل : الشرط (٢) ، ولو شرطت الطلاق قيل : بطل الشرط خاصّة ولها مهر المثل إن دخل (٣) ، ولو

__________________

(١) قاله الشيخ في الخلاف ٤ : ٣٢٢ المسألة ١٠١ ، والمبسوط ٤ : ٢١٨.

(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ٢ : ٥٧٥.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٤ / ٢٤٧.

١٩٣

لم يشترط وكان في نيّتهما فلا فساد.

ونكاح الشغار باطل ، وهو أن يكون مهر كلّ امرأة نكاح الأخرى ، ولو شرط في العقد مع المهر المعلوم تزويج الأخرى صحّ العقد وبطل المهر ، ولو قال : زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك ، على أن نكاح بنتي مهر بنتك ، صحّ نكاح بنته وبطل نكاح بنت الخاطب ، وينعكس لو عكس.

ويكره أن يطرق أهله ليلا ، والعزل عن الحرّة إذا لم يشترط في العقد ولم تأذن ، ويجب الدية عشرة دنانير للمرأة.

ويحرم ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر ، والدخول قبل التسع ، ولا يحرم بدون الإفضاء ، وتجب عليه النفقة إلى أن يموت أحدهما ، فإن صلحت بحيث لا تتضرّر بالوطء قيل : وجب عليها التسليم بعد التسع (١).

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ٣١٥.

١٩٤

[ الفصل ] الخامس

يشترط في العقد الإيجاب والقبول الواقعان بلفظ الماضي والأمر على رواية بالعربيّة ، إلّا مع العجز فيجزئ ولو إيماء لمن له أهليّة التكليف ، وامتياز الزوجة عن غيرها ، ولا يشترط تقديم الإيجاب ، ولا اتّفاقه مع القبول لفظا ، ولا الزيادة على لفظة « قبلت » ، ولا الولي في البالغ الرشيدة ، ولا الشهود ، ولا ذكر المهر.

وصيغة الإيجاب : « زوّجتك » و « متّعتك » و « أنكحتك » على رأي ، وفي الجواب : بنعم عن سؤال التزويج نظر ، ولا ينعقد بلفظ البيع ، والهبة ، والإجارة ، والتمليك ، ولا عبرة بعبارة السكران وإن أفاق وأجاز على رأي ، ولو أوجب وجنّ أو مات بطل.

ويدخل الخيار الصداق دون العقد ، ولو شرطه فيه بطل العقد على رأي. ولو ادّعى أحدهما الزوجيّة وصدّقه الآخر لزم ، ومع عدم التصديق يحكم على المقرّ دون الآخر ، ولو قصد الأب عند التزويج إحدى بناته من غير ذكر ثمّ اختلفا بطل العقد إن لم يكن الزوج راهنا ، وإلّا دفع إليه المنوبة ، ولو كانت واحدة اسمها زينب فقال : زوّجتك بنتي فاطمة صحّ ، ولا اعتبار بالاسم ، ولو كانت الكبيرة زينب والصغيرة فاطمة فقال : زوّجتك الكبيرة فاطمة صحّ نكاح الكبيرة ، ولو ادّعت أخت من ادّعى زوجيّتها الزوجيّة وتعارضت البيّنتان رجحت دعواها مع السبق أو الدخول ، وإلّا سقطت ، ولو ادّعى غيره زوجيّة من عقد عليها فلا التفات من دون البيّنة.

وللأب والجدّ له مطلقا ولاية النكاح على الصغيرين وإن كانت الأنثى ثيّبا ، والبالغين مع

١٩٥

الجنون لا بدونه في النكاحين ، ولو تشاحّا قدّم اختيار الجدّ وعقده لو اتّفقا ، وإلّا فالسابق ، وللمولى على المملوكين ، لا على من تحرّر بعضه ، وللوليّ على أمة المولى عليه ، وللحاكم وللوصيّ على البالغ المجنون خاصّة.

ولو وكّلت البالغة في التزويج فليس للوكيل أن يتزوّجها من دون إذن ، ومعه يجوز على رأي ، وللجدّ أن يزوّجها من ابن ابنه الآخر ، وللأب من موكّله ، وللمرأة أن تزوّج نفسها ، وأن تتوكّل.

وإنّما تثبت الولاية للمسلم العاقل ، وتعود ولاية من زالت عنه للجنون بزواله. والعبد كالحرّ في الولاية على الحرّة الصغيرة.

وللمرأة الفسخ لو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل ، أو بالمجنون ، أو بالخصيّ. وللذكر لو زوّجه بمن بها أحد العيوب ، أو بالمملوكة على قول (١).

وإذن البكر السكوت ، ولا بدّ في الثيّب من النطق ، ويشترط في الأمة والعبد إذن المالك.

ولو عقد الأبوان على الصغيرين أو المجنونين لزم وتوارثا ، ولو كان غيرهما وقف على الإجازة ، ولو دخل المجنون حينئذ قيل : لا مهر (٢) ، فإن مات أحدهما بطل ، وإن مات بعد البلوغ والإجازة أخرج ميراث الآخر ، فإن بلغ وأجاز حلف بعدم الطمع وأعطي ، ولو أذن للعبد مطلقا فهو بمهر المثل ، والزائد في رقبته ، والمهر والنفقة على مولاه ، ولو نكح بغير إذن وفرّق المولى قبل الدخول فلا مهر ، وبعده يتبع به ، ولو تزوّج فاسدا مع إذن المولى في المطلق فكذلك ، وليس لمولاه مع إطلاق الإذن والصحّة منعه منها ، إلّا أن يتزوّج في غير بلده.

ويستحبّ استئذان الأب مع البلوغ ، ومع عدمه توكيل أخيها الأكبر ، ولو وكّلته والصغير فالعقد للسابق ، ولو دخلت بالمتأخّر اعتدّت ، ولحق به الولد وعليه المهر ، ولو ادّعى كلّ منهما السبق فإن أنكرت وحلفت سقطت الدعويان وبطلا ، وإن ردّت

__________________

(١) حكاه المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٢٢.

(٢) قاله المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٢٣.

١٩٦

وحلفا أو نكلا بطلا ، وإن حلف أحدهما صحّ نكاحه ، وإن اعترفت لهما بطلا ، وإن اعترفت لأحدهما صحّ نكاحه ، قيل : وتحلف للآخر (١) ، لأنّها لو اعترفت لزمها مهر مثلها للثاني ، وفيه نظر ، ومع عدم السبق قيل : العقد للأكبر (٢) ، ومع عدم التوكيل تختار من شاءت ، وإلّا وليّ الأكبر.

ولا ولاية للأمّ ، ولو رضي لزمه المهر ، وإلّا لزمها على قول (٣) ، ولو ادّعى الزوج أو وارثه عدم توكيلها فالقول قولها.

__________________

(١) قوّاه الشيخ في المبسوط ٤ : ١٨٢.

(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٤٦٦.

(٣) قاله الشيخ في النهاية : ٤٦٨.

١٩٧

[ الفصل ] السادس

كلّما يصحّ تملّكه عينا ومنفعة صحّ أن يكون مهرا ، ويصحّ على إجارة الزوج نفسه مدّة معينة ، وعلى منفعة الحرّ ، وليس ذكره شرطا ولو شرط أن لا مهر صحّ العقد ، ولزم مهر المثل. مع الدخول ، ولو أسلم أحد الزوجين بالمحرم قبل القبض دفع قيمته ، ولو جعله المسلم ابتداء صحّ العقد على رأي ، ولها مهر المثل مع الدخول ، ونصفه مع الطلاق ، وقيل : القيمة (١) ، ولو جعل الحرّ فمهر المثل على القولين لا على رأي من يبطله ، ولا يتقدّر قلّة وكثرة على رأي ، ويستحبّ ذكره وتقليله.

ويكره تجاوز السنّة ، والدخول قبل تقديمه أو بعضه ، ولا يشترط في المشاهدة العلم بالمقدار.

ولو تزوّجهما بمهر واحد قسّط على مهور الأمثال ، ويقسّط عليهما وعلى القيمة لو تزوّج واشترى ، وكذا لو كان لواحدة ، لكن يبطل النكاح ولا مهر.

ولو تزوّجها واشترى دينارا بدينار صحّ النكاح خاصّة ، وعليه مهر المثل مع الدخول. ولو تزوّجها على خادم أو دار مطلقا فلها أوسطهما ، ولا يتعدّى.

ولو تزوّجها على سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يسمّ فلها خمسمائة درهم ، ولو سمّى لها مهرا

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ٢٩٠.

١٩٨

ولأبيها شيئا سقط مسمّى الأب ، ولو شرط له من مهرها شيئا قيل : يلزم (١) ، ولو أبهم المهر فلها مهر المثل مع الدخول.

ولو أصدقها تعليم سورة معيّنة لقّنها الجائز ، وحدّه أن تستقلّ بالتلاوة ، ولو نسيت الآية الأولى عند تعليم الثانية لم تجب الإعادة ، ولو استفادت التعليم من غيره فعليه الأجرة ، ولو أمرته بتعليم غيرها لم يلزم ، ولو أصدقها ما لم يحسنه صحّ ، ومع تعذّر الوصول عليه أجرة التعليم ، وكذا لو أهمل ، أو هلك الثوب الذي أصدقها خياطته.

ولو أصدقها مشركين تعليم التوراة والإنجيل فالمهر فاسد ، ويجب مهر المثل إن ترافعوا إلينا قبل التعليم ، وإلّا فهو استيفاء ، ولو كان مسلما بكتابيّة فسد مطلقا. ولو أصدقها مسلم تعليم القرآن صحّ إن قصد الطمع في الإسلام ، وإن قصدت المباهاة بحفظ قرآن المسلمين قيل : فسد (٢).

ولو أصدقها خلّا فبان خمرا فلها قيمته عند مستحلّيه على رأي ، وكذا على عبد فبان حرّا أو مستحقّا.

والمهر مضمون على الزوج إلى التسليم بقيمته وقت التلف ، إلّا أن يكون قد طالبته فمنعها فعليه الأكثر من وقت المطالبة إلى وقت التلف ، ولو ظهر عيبه فلها الردّ ، ولو عاب قبل التسليم ، قيل : لها أخذه أو القيمة (٣) ، والأولى الأرش ، ولها منع نفسها من دون التسليم قبل الدخول وإن كان معسرا ، وبعده على رأي ، ولو كان مؤجّلا فلا امتناع ، فلو امتنعت وحلّ فلا امتناع على رأي ، ولو طلّقها قبل الدخول ولم يسمّ فلها المتعة ، وإن كانت أمة فالموسر بثوب أو عشرة دنانير ، والمتوسّط بخمسة ، والفقير بدينار أو خاتم ، ولو كان بعد الدخول فلها مهر المثل ما لم يتجاوز السنّة ، ولو مات أحدهما قبل الدخول وقبل الفرض فلا شي‌ء عليه.

ويجوز فرض المهر لو تراضيا بعد العقد ، سواء زاد عن مهر المثل أو ساواه ، أو قصّر عنه مع علمهما ، أو علم أحدهما ، أو جهلهما.

ولو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل أو لم يذكر مهرا صحّ على رأي ، وقيل : يثبت مهر المثل

__________________

(١) يظهر من كلام ابن الجنيد كما عنه في إيضاح الفوائد ٣ : ٢٠٨.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ٢٧٥.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٤ : ٢٨٦ ، والمحقّق في الشرائع ٢ : ٢٦٩.

١٩٩

فيهما (١) ، ولو طلّقها فلها نصفه ، والأولى المتعة في المفروضة.

ويجوز للمولى تزويج أمته مفوّضة ، ولو باعها حينئذ كان الفرض بين الزوج والمشتري ، وله المهر ، ولو أعتقها قبل الدخول فرضيت فلها المهر.

ولو فوّض أحد الزوجين التقدير إلى الآخر لزم ما يقدّره قليلا وكثيرا ما لم تزد الزوجة عن مهر السنّة فتردّ إليه ، ولو طلّقها قبل التقدير ألزم الحاكم التقدير ، من هو إليه ، وكان لها النصف ، ولو مات الحاكم قبل التقدير فالمتعة على رأي ، ولا تستحقّ مهر المثل إلّا بالدخول ، ولا المتعة إلّا بالطلاق أو الخلع قبله فيمن لم يفرض لها مهر.

ويستقرّ المهر بالدخول قبلا ودبرا لا الخلوة.

ويملك بالعقد ، ولها التصرّف قبل قبضه ويكون في ذمّة الزوج وإن لم تطالب به طويلا ، ولو طلّق قبله فالنصف ، ويستعيد لو دفع ، ولو تلف فنصف القيمة مع عدم المثل ، ويلزمها أقلّ الأمرين من القيمة وقت العقد والقبض ، ولو نقصت عينه كعور الدابة أو صفته كنسيان الصنعة فله نصف القيمة ، ولا يجبر على العين على رأي ، أمّا لو نقصت القيمة السوقيّة أو زادت فله نصفها إجماعا ، ولو زاد بسمن أو تجدّد ولد فله نصف قيمة ما دون الزيادة المتّصلة ، ويجبر على العين ونصف ما دون المنفصلة ، ولو أصدقها نخلا حائلا فحمل رجع بنصف القيمة ، سواء كان مؤبّرا أو غير مؤبّر ، ويجبر على أخذ العين ، ولا تجبر هي على قطع الثمرة ليرجع في العين ، ويجبر هو لو طلبته ، ولا تجبر لو طلبت التأخير إلى وقت الجذاذ.

ولو أصدقها جارية حائلة فحملت لم تجبر على دفع العين للزيادة ، ولا هو للنقصان بالحمل ، ولو كانت حاملا فوضعت ولم تنقص رجع بنصفها ، فإن اختارت ردّت نصف الولد أو نصف قيمته يوم الولادة ، ولا اعتبار بالزيادة في الرحم.

ولو أصدقها تعليم صنعة فلها نصف أجرة التعليم ، ويستعيده لو علم ، ولو كانت سورة قيل : تعلّم من وراء الحجاب (٢).

ولو أبرأته من الصداق رجع عليها بنصفه ، وكذا لو خلعها على جميعه قبل الدخول ، ولو أبرأته من النصف لم يرجع عليها بعد الطلاق.

__________________

(١) نسبه إلى بعضهم في المبسوط ٤ : ٣١١.

(٢) قاله الشيخ في الخلاف ٤ : ٣٦٨ ، المسألة ٥.

٢٠٠