على إنّا نقول : بتتبّع الأخبار الواردة في تضاعيف مباحث الإقباض وغيره لعلّه يظهر أنّ غالب أفراد بيوعهم في ذلك الزمان ، بل المتداول بينهم البيع الّذي كان الإقباض خارجا عنه مترتّبا عليه ، بل لعلّه لا يظهر من خبر كون البيع بنفس التقابض مع القرينة.
فعلى هذا ، حمل المطلقات الدالّة على اللزوم على هذه الصورة أيضا يحتاج إلى نظر ، فليلاحظ الأخبار (١) وليتتبّع وليتأمّل! وتداولها في زمان الشارع ـ على تقدير التسليم ـ لعلّه يكون نظير تداولها في زمان الفقهاء وعصرهم ، بل الظاهر أنّ الحال واحد ، كما أشار إليه بقوله : ( من زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الآن من غير نكير .. إلى آخره ) (٢) ، فإنّ الفقهاء كانوا يرون ولا يمنعون ، بل هم بأنفسهم كانوا يرتكبون ويكثّرون ، والناس مقلّدون لهم وتابعون ، لا أنّهم في خصوص هذا مجتهدون ، ومستندون بأنّهم كانوا يعرضون عنهم ويتّبعون ظاهر عبارة المفيد رحمهالله (٣) ، أو غير ذلك ، فتأمّل جدّا.
وأمّا حكاية ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) ، فغير ظاهر كون ذلك من الأفراد المتبادرة للعقد ، بل الظاهر خلاف ذلك ، إذ عند الإطلاق والتعرّي عن القرينة لا ينصرف الذهن إلى مثل هذه ، فتأمّل.
وأيضا ، سيجيء أنّ المعاملة الّتي هي مورد النزاع لا يرضى بها الشارع ، ورفع النزاع بالشهود ، ولا يمكن الإشهاد ، لأنّ بناء القرينة على الحدس ، فتأمّل.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٦ ـ ٣٣٩ الحديث ٩٤٥ ، وسائل الشيعة : ١٧ ـ ٣٣٣ الحديث ٢٢٦٩٣.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٤٠.
(٣) المقنعة : ٥٩٢.
(٤) المائدة ٥ : ١.