ثبت أن اعتبار الأصدقية لتلك الجهة المذكورة ثبت أن اعتبار غيرها من صفات الراوي ـ أيضا ـ لتلك الجهة بالإجماع المركب.
وأيضا قوله عليه السلام : ( وأوثقهما في نفسك ) في المرفوعة ظاهر في كونه عطفا تفسيريا لقوله : ( أعدلهما عندك ) فيمكن جعله قرينة على أن النّظر في اعتبار الأعدلية والأورعية في المقبولة ـ أيضا ـ إلى جهة وثاقة الأورع والأعدل ، وصداقتهما الموجبتين لضعف احتمال مخالفة الواقع فيما يرويانه.
ثم اعلم أن الاستشهاد بقوله عليه السلام : ( وأصدقهما في الحديث ) مبني على حمل صدر المقبولة ـ أيضا ـ على الترجيح من حيث الرواية ، الّذي هو المتنازع فيه في المقام.
وأما على تقدير اختصاصه بالترجيح بين الحكمين ، فيخرج عما نحن فيه ، فلا يكون شاهدا عليه ، فلا يبقى للاستشهاد به مورد ، وللإشكال المتقدم فيه مجال ، وحينئذ فيقتصر في الاستشهاد على قوله ( وأوثقهما في نفسك ) في المرفوعة.
ثم إنه يتقوى ذلك الإشعار بعدم سؤال الراوي عن حكم صورة وجود بعض المرجحات المنصوصة وتخالفها ، بل ذلك في نفسه شاهد مستقل أقوى من ذلك الإشعار.
وتقريب الاستشهاد به أنه لو فهم أن اعتبار تلك المرجحات من باب التعبد ، أو احتمل ذلك ، لكان يسأل عن حكم تلك الصورة ، ضرورة أن بيان حكم صورتي وجود جميع تلك الصفات لأحد الراويين ، أو لكليهما معا واستوائهما فيها ، لا يغني ـ حينئذ ـ عن حكم تلك الصورة ، وإنما يغني ذلك عنه على تقدير (١) فهمه أن غرضه عليه السلام الترجيح بمطلق المزية الموجبة لأقربية مورده إلى الحق ، أو أبعديته عن الباطل ، إذ معه يلاحظ في تلك الصورة أن أية المزيتين
__________________
(١) والصحيح ما في المتن وكان في الأصل ( على تقديره ).