هذا ـ بالمدّعى ، ولو لم تكن هي ظاهرة في هذا المعنى لم تكن ظاهرة في المطلوب أيضا ، فتسقط بالإجمال عن الاستدلال بها.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( عدم المؤاخذة على مخالفة النهي المجهول ... ) (١).
فلا يصلح لرد الأخباريين ، حيث إنهم مسلمون بذلك ، وإنما يدعون ثبوت المؤاخذة على تكليف معلوم ، وهو وجوب الاحتياط في موارد الشبهة التحريمية ، فأدلة الاحتياط على تقدير تماميتها من قبيل الدليل ، وتلك من قبيل الأصل ، فيرتفع موضوعها بأخبار الاحتياط.
قوله ـ قدس سره ـ : ( ومنها : قوله تعالى مخاطبا لنبيه ) صلى الله عليه وآله إلى قوله : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ) ... ) (٢) (٣) الآية.
تقريب الاستدلال بهذه الآية : أنه تعالى لقن نبيه صلى الله عليه [ وآله ـ طريق الرد على اليهود بقوله : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ) ، فيجعل طريق الرد عليهم عدم وجدانه ما التزموا بحرمته فيما أوحي إليه ، مع أن رده صلى الله عليه [ وآله ـ إياهم بنفي الحرمة صريحا ـ بأن يقول لهم : ليس ما التزمتم بحرمته حراما عند الله ـ كان كافيا في الرد ، فإنه كما يكون إخباره عن عدم الحرمة دليلا قطعيا للغير على عدم الحرمة واقعا ، فكذلك عدم وجدانه شيئا محرما فيما أوحي إليه دليل قطعي على عدم حرمة ذلك الشيء ، فإن أفاد أحدهما الغير فائدة فيفيدها الآخر ، وإن لم يفدها لم يفدها الآخر ، ففي العدول عن
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣١٨.
(٢) الأنعام : ١٤٥.
(٣) فرائد الأصول ١ : ٣١٨.