إشارة إلى وجه تأييد إرادة العموم من الموصول ، فإنه لو كان ما التزموا بترك أكله مما احتمل كونه من المحرمات الإلهية المفصلة مع عدم اطلاعهم على تفصيله ـ ولو لتقصير ـ لم يكن وجه لتوبيخهم على الالتزام بترك أكله ، لكونه احتياطا ، وهو مما يستقل العقل بحسنه ولو مع التمكن من السؤال ، فالتوبيخ كاشف عن أن ما التزموا بترك أكله كان خارجا عن جميع ما فصل ، فيخرج عنه ما نحن فيه ـ وهو الشبهة التحريمية ـ فإنها محتملة لكونها من المحرمات المفصلة بالفرض.
ولا يقال : إن التوبيخ لعله لأجل أن الالتزام المذكور كان تشريعا.
لأنا نقول : إن الالتزام بالترك ـ لاحتمال الحرمة ـ ليس تشريعا قطعا ، بل التشريع هو الالتزام بحرمة ما لم تعلم حرمته.
قوله ـ قدس سره ـ : ( لأن غاية مدلول الدال منها عدم التكليف فيما لم يعلم خصوصا أو عموما ... ) (١).
لا يخفى أن الآيتين الأخيرتين ـ على فرض تماميتهما ـ تدلان على عدم التكليف فيما لم يعلم حكمه بالخصوص ـ سواء علم حكمه العام ، أو لا ـ نظير قوله صلى الله عليه [ وآله ـ : « كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » (٢) ، فإن ظاهر الموصول فيهما هي المحرمات الواقعية ، كما لا يخفى ، إلا أن الظاهر أنه ـ قدس سره ـ جعلهما من الآيات الغير الدالة على المطلوب بوجه.
قوله ـ قدس سره ـ : ( منها : المروي عن النبي صلى الله عليه [ وآله ]) إلى قوله : « رفع عن أمتي تسعة (٣) ... » (٤).
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣١٩
(٢) الوسائل ١٨ : ١٢٧ ـ ١٢٨ ـ كتاب القضاء ـ الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ـ حديث ٦٠ ، وهذه هي مرسلة الصدوق ( ره ).
(٣) الخصال : ٤١٧ ـ ٩.
(٤) فرائد الأصول ١ : ٣٢٠.