الاحتياط وعدمه فالقاعدة تنفي العقاب عن التكليف بالاحتياط مع احتماله ، وتثبت البراءة ما لم يثبت وجوب الاحتياط بأدلته ، فإذا وجب ارتفع موضوعها عن الاحتياط لمعلومية حكمه حينئذ ، فتنتفى أصالة البراءة الثابتة بها.
قوله ـ قدس سره ـ : ( بل هو من المقارنات حيث إن عدم المنع ... إلخ ) (١).
قال ـ دام ظلّه ـ : نعم الإذن الشرعي ليس لازما شرعيا للمستصحبات المذكورة كلّها حتى عدم المنع ، إلا أنّه يمكن استصحاب نفس عدم المنع السابق من غير حاجة إلى ثبوت أثر شرعي له ، وهو الإذن ، وذلك لأن عدم المنع السابق الأزلي وإن لم يكن من المجعولات الشرعية ومن أحكامه ، إلاّ أن استمراره واقعا أو ظاهرا إنما هو بيد الشارع ، لقدرته على قطعه.
وبالجملة : كلّ عدم يكون انقطاعه بيد الشارع بحيث لو شاء لقطعه بإثبات حكم وجودي في محلّه ، فيكون استمراره ـ أيضا ـ كذلك واقعا أو ظاهرا ، بمعنى أنّ له أن يحكم باستمراره واقعا ، وأن يحكم به ظاهرا وإن كان المنع موجودا منه في الواقع ، فعلى هذا فيمكن دخوله في أخبار الاستصحاب ، ويكون الاستصحاب فيه نظير الاستصحاب في نفس الأحكام الشرعية الوجودية ، كاستصحاب الوجوب والحرمة وغيرهما من حيث كون معنى الاستصحاب فيها هو الحكم باستمرار تلك الأحكام في مرحلة الظاهر ، وإحداث خطاب مماثل للخطاب الواقعي ، ولا حاجة فيها إلى إحراز أثر شرعي لها. نعم هو معتبر فيما إذا كان المستصحب من الموضوعات ، لا الأحكام.
والحاصل : أن للشارع أن يحكم باستمرار عدم المنع واقعا ، وأن يحكم به في مرحلة الظاهر ، ويكون حكمه هذا خطابا مماثلا للخطاب الواقعي المبيّن
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٣٧.