واحتج عليه على ما حكي عنه ( دام ظله ) بوجوه :
أحدها : الاقتصار في بعض أخبار الترجيح على بعض المرجحات.
وثانيها : اختلاف الترتيب في ذكر المرجحات في تلك الأخبار.
وتقريب الاستدلال بهما : أن شيئا منهما لا يناسب وجوه الترجيح ، بل يناسب استحبابه ، لأن الواجبات لا يعقل تسامح المعصوم عليه السلام في بيانها ، وبيان كيفيتها مع عدم الموجب له المقطوع به في المقام.
وثالثها : أن من المرجحات المنصوصة موافقة الكتاب ، والمراد بها إما موافقة نصوصه وإما موافقة ظواهره ، لا سبيل إلى حملها على الأولى ، إذ مع وجود
__________________
الله ) أعني المخالفة لا يقتضي قوة الظن بكون مضمون المخالف واقعيا ، كما إذا كان الموافق موافقا لنص الكتاب ومحكمه ، لأن صدور الأخبار التي ليست واقعية ليس منحصرا في التقية عن العامة ، بل لعله كان تقية من بعض سلاطين الوقت الّذي لا يبالي بالدين مطلقا ، كبعض بني أمية وبني العباس ، ألا ترى أن الوليد ( لعنه الله ) استخف بالقرآن والمتوكل ( لعنه الله ) صرح بعداوة سيدة النساء صلوات الله عليها مع أن هذين ليسا مذهبا لأحد من العامة.
ومنها : أن العوض على كتاب الله تعالى إن كان على المحكم الّذي صار مضمونه ضروريا في الدين أو المذهب فلا ثمرة لعرض الحديث عليه إن كان المقصود تحصيل العلم أو الظن بحقيته ليعمل به ، لأن مثل هذا الحكم مستغن عن الدليل ، وإن كان على الظاهر الّذي اختلف في ظهوره ولم يعلم من طريق الأئمة عليهم السلام حاله والمقصود منه ، فلا يحصل من موافقته لمثل هذا الظاهر قوة الظن ، إذ ربما كانت دعوى الظهور من قائله غير مستندة إلى حجة شرعية وكان ما ليس بظاهر عنده هو المقصود فيكون الحديث المخالف لهذا الظاهر المطابق للواقع.
ومنها : الاكتفاء في البعض بالبعض.
ومنها : مخالفة الترتيب ففي البعض قدمت الشهرة وفي الآخر قدم السند وغير ذلك مما يظهر بالتأمل فيها.
والجواب عن الكل هو ما أشرنا إليه ، من أن الأصل التوقف في الفتوى والتخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع وأن الترجيح هو الفضل والأولى. انتهى.
وقد قال في مورد آخر : فنحتاج إلى الترجيح وليس لازما بل مخيرون بين الترجيح والأخذ بأيهما شئنا من باب التسليم.