إدراكا للواقع على تقديره فيكون احتياطا ، هذا بخلاف التوصليات ، فإن الواقع فيها على تقديره قد تعلق الغرض فيه بذات الفعل كيف ما اتفق ، ولا ريب أن الإتيان بذات الفعل يمكن ولو مع العلم بعدم أمر في الواقع أيضا فيكون المأتي به حينئذ منطبقا على المطلوب الواقعي على تقديره فيتحقق موضوع الاحتياط.
قوله (قدس سره) : ( بناء على أن هذا المقدار من الحسن العقلي ) (١).
لا يخفى ما في هذه العبارة فإن الحسن إنما يدور مدار تحقق موضوع الاحتياط ، وقد مر أنه لا يحصل إلا مع العلم بالأمر ، فلو أتى بالفعل حينئذ لم يكن احتياطا فلم يكن حسنا ، فكان عليه (قدس سره) الاقتصار على قوله منع توقفها إلى ما بعده وحذف قوله المتقدم إلى هنا ، ومن هنا يتطرق المنع إلى قوله (قدس سره) : وما ذكرناه من ترتيب الثواب ... إلى آخره وقوله : ودعوى أن العقل إذا استقل بحسن هذا الإتيان ... إلى آخره فإنه إذا لم يتحقق هنا موضوع الاحتياط فالعقل لا يحسن هذا الإتيان قطعا ، بل يقبحه لكونه عبثا ، وكذا لا يترتب عليه الثواب جزما حتى يقال إنه يوجب الأمر أو لا يوجبه.
قوله (٢) (قدس سره) : ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله شيء من الثواب فعمله كان له أجر ذلك ... إلى آخره ) (٣).
قال دام ظله : البلوغ معناه الحقيقي هو الوصول فعلى هذا لا يصح نسبته حقيقة إلى العمل أو الثواب بمعنى الأجر ، إذ لا يعقل وصولها إلى الشخص قبل وجودهما كما هو المفروض في الرواية بل لا يعقل ذلك بالنسبة إلى العمل بعد
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٨٢.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٨٣.
(٣) المحاسن : ٢٥ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٥٦.