والقول : بكون ما ذكره مبنيّا على مذاق القوم ، كما ترى ، هذا بالنّسبة إلى فرض الانسداد.
وأمّا ما ذكره ( دام ظلّه ) على تقدير التّمكّن من تحصيل العلم في المسألة ، ففيه : أنّ حكم العقل بوجوب العمل بالظّن على هذا التّقدير إنّما هو من جهة حكمه بوجوب دفع الضّرر المظنون دون الموهوم ، ومن المعلوم أنّ حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المظنون إنّما هو من باب مجرّد الاحتياط والإرشاد ولا يحكم بحجيّة الظّن وجواز التّديّن به قطعا هذا كلّه. مضافا إلى أنّ عدم اعتبار الأصول في الفرض إنّما هو من جهة التمكّن من تحصيل العلم لا من جهة قيام الظّن على الخلاف ، فلا معنى لابتناء منع اعتبارها على هذا القول فتأمّل هذا.
وقد يورد على ما أفاده ( دام ظلّه ) أيضا : بأنّ حكم العقل بوجوب تحصيل العلم من جهة عدم استقلاله بوجوب دفع الضّرر الموهوم لا يوجب الحكم بجواز الأخذ بالظّن مع وجود الأدلّة النّقلية الدّالة على وجوب تحصيل العلم هذا.
ولكنّك خبير بفساد هذا الإيراد ؛ لأنّ ما ذكره ( دام ظلّه ) ليس مبنيّا على ما اختاره في أصل المسألة بل مبنيّ على مذاق الفاضل القمّي الذّاهب إلى أنّه لا دليل على وجوب تحصيل العلم في الصّدر الأوّل أيضا الحامل لما دلّ على النّهي عن اتباع الظّن على الظّن في الأصول ، ولذا بنى على أصالة حجيّة الظّن هذا كلّه. مضافا إلى أنّ الكلام في قضيّة الأصل الأوّلي ، مع قطع النّظر عن الدّليل الوارد حتّى ما يقتضي وجوب تحصيل العلم مع التّمكّن فتأمّل (١).
__________________
(١) الوجه في التأمّل : أن التمسّك بالأدلّة النقليّة إنّما هو لتأسيس الأصل الأوّلي حسبما عرفت ،