قريب ، والحجّة بهذا المعنى لا يطلق على العلم حقيقة فتدبّر.
ويمكن أن يقال : انّ الحجّة في العرف واللّغة تنطبق على ما أفاده ؛ فانّها عبارة عمّا يحتجّ به فيهما ويدخل عليه كلمة « لام » فتأمّل ، لكن ارادته بعيد عن مساق كلامه قدسسره.
وكيف كان : قد عرفت : انّ الحجّة بأي معنى لا يطلق على العلم حقيقة ، كما أنّك عرفت : انّ البحث في المسألة ممّا ليس له مزيد شأن لرجوعه الى مسألة لفظيّة جزئيّة قد ساق قدسسره الكلام فيها لمناسبة استناد طريقيّة العلم وإعتباره الى ذاته ؛ فانّه يتفرّع عليه عدم توسيط العلم لترتيب أحكام الواقع على المعلوم ، وهذا بخلاف غير العلم ؛ فانّه لا بدّ من توسيطه لمكان عدم تبيّن الواقع به ، واليه أشار بقوله في الفرق : « وهذا بخلاف القطع » (١).
فانّ توسيط العلم خلاف ما يقتضيه الفرض من ترتيب الحكم على متعلّقه وان كان في نظر القاطع من حيث انطباق المعلوم على الواقع إلاّ انّه لمكان عدم انفكاك المعلوم عن الواقع لا من حيث هو هو وقد أسمعناك الوجه في كون الظّن المعتبر وسطا دون العلم الطريقي وأوضحنا لك القول في ذلك بما لا مزيد عليه عند الكلام في كون إعتبار العلم ذاتيا وإعتبار الظّن جعليّا ، حيث أثبتنا أنّه ليس في مورد العلم إلاّ قضية واحدة وفي مورد الظن المعتبر لا بدّ ان يكون هناك قضيّتان.
نعم ، قد أشرنا ثمّة إلى أنّ معنى كون الظن وسطا لاثبات أحكام متعلّقه ، ثبوتها في مرحلة الظاهر بواسطة الظن ، أو الحكم ظاهرا بثبوتها في نفس الامر
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٢٩.