فيمكن أن يكون المراد منه الحرمة المستندة إلى أصالة عدم الحجيّة ، فيكون دليلا على حجيّتها ؛ نظرا إلى عدم المعنى في الحكم الفعلي بالحرمة الظّاهريّة من جهتين ، مع كون إحدى الجهتين ملازمة للجهة الأخرى دائما. وإنّما يتصوّر ذلك فيما كان هناك انفكاك بينهما في الجملة كما في الحكم بالطّهارة الظّاهريّة من جهة نفس الشّك في الطّهارة الأعم ممّا كان له حالة سابقة وما ليس له حالة سابقة.
وأمّا ثانيا : فلأنّه لا مانع ـ بعد الغضّ عمّا استظهرنا من إرادة الحرمة الظّاهريّة المنطبقة على استصحاب عدم الحجيّة ـ من جعل الحرمة الواقعيّة لما كان له حرمة ظاهريّة من جهة عنوان آخر.
ألا ترى أنّه يحكم بالحرمة الظّاهريّة من جهة استصحاب النّجاسة فيما كان له حرمة واقعيّة من جهة أخرى كالغصبيّة مثلا؟ فتأمّل.
لا يقال : إنّ المستصحب في استصحاب عدم الحجيّة ليس ممّا يترتّب عليه الحرمة بلا واسطة فإنّ الموضوع للحرمة التّشريع بمعنى الإدخال الملازم لعدم الحجيّة.
لأنّا نقول : التّعبّد بما ليس بحجّة من مصاديق التّشريع وجزئيّاته وليس ممّا يلازمه وإن هو إلاّ كاستصحاب الإذن للتصرف المأذون فيه مثلا أو استصحاب العدوان في التّصرف العادي فتدبر.
لا يقال : ما ذكرته إنّما يستقيم في التّشريع المحرّم شرعا وأمّا الّذي يحكم العقل بقبحه فهو الإدخال المعلوم عند العقل فلا يمكن إجراء الاستصحاب فيه.
لأنّا نقول : مورد الاستصحاب الموضوع للحكم الشّرعي لا العقلي وإن هو إلاّ نظير استصحاب الضّرر ؛ فإنّه يترتّب عليه الحكم الشّرعي بالحرمة لا الحكم