الأعلم ليس الأمر كذلك.
قلت : ما تقول في مسألة التّخيير الاستمراري بين قولي المجتهدين وبين الخبرين؟ مع أنّ الإذن في المخالفة القطعيّة فيها من أوّل الأمر.
قلت : ليس من الجائز قياس جواز المخالفة القطعيّة العمليّة التدريجية في المقام على جوازها في الموارد المذكورة وأشباهها ؛ حيث إن مرجع تجويز الشّارع في موارد النّقض إلى جعل الالتزام بالحكم المحتمل أو أحد الطّريقين في كلّ واقعة والأخذ بمقتضاه والعمل عليه امتثالا للحكم النّفس الأمري فمخالفته متداركة ، هذا بخلاف الالتزام بالإباحة ؛ فإن مرجعه إلى تجويز المخالفة القطعيّة من دون تدارك ومن هنا ذكر قدسسره : « وأمّا لو التزم بأحد الاحتمالين ... إلى آخره » (١) وهذا هو المراد بقوله ( دام ظلّه ) : « وتعدّد الواقعة إنّما يجدي ... إلى آخره » (٢) لا ما يتوهّمه الجاهل هذا. وستقف على بعض الكلام في ذلك في الجزء الثّاني من التّعليقة (٣).
فإن قلت : إنّا نمنع من لزوم المخالفة القطعيّة العملية من الحكم بالجواز وإباحة كلّ من الفعل والتّرك فإنّ لنا أن نختار أنّه يجب عليه إمّا الفعل دائما أو الترك كذلك ، فلا يلزم منه محذور أصلا.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٩٢.
(٢) فرائد الأصول : ج ١ / ٩١.
(٣) بحر الفوائد : ج ٢ / ٨٠ ذيل قول المصنف : ولا ينبغي الإشكال في إجراء أصالة عدم كل من الوجوب والحرمة ... إلى آخره.