أنّ بناء برهان الفصل والوصل على ثبوت الاتصال الذي هو بمعنى الممتدّ الجوهري ، ونحن لا نمنع في الجسم الإتصال الذي هو من فصول الكم وما سواه ممنوع.
وما قيل : إنّك إذا شكّلت الشمعة باشكال مختلفة تغيّرت أبعاده مع بقاء اتّصال واحد ، فغير مسلّم ؛ فانّ الشمعة المتبدّلة الاشكال لا تخلو عن تفرّق اتّصال وتوصّل افتراق ، فالمطوّلة منها إذا جعلت مستديرة تجمّع فيها أجزاء كانت متفرّقة ، والمدوّرة إذا جعلت مستطيلة تفرّق فيها أجزاء كانت متّصلة ، فاتّصال واحد مستمر مع تفرّق الاتّصالات وتقطّع الامتدادات كيف يكون صحيحا؟
مع أن الاتّصال الذي يبطله الانفصال ثمّ يعود مثله بعد زوال الانفصال لا شكّ في عرضيّته ؛ لأنّ الجسم عند توارد الإنفصال والإتّصال عليه باق بماهيّته ونوعيّته لا يتغيّر فيه جواب ما هو ، وكلّ ما لا يتغيّر بتغيّره جواب ما هو عن شيء فهو عرض لا محالة ، فالاتصال الذي يبطله الانفصال عرض ، هذا (١).
وأجيب عن قبل المشائين : بأنّ الجسم من حيث هو جسم لا يتصوّر بدون قابليّة الابعاد الثلاثة على نعت الاتصال. ولذا حدّوه بها ، ولو لم يكن متّصلا في مرتبة ذاته لم يصحّ قبوله للمقدار ، كما قال الشيخ الرئيس في الحكمة العلائيّة الفارسيّة : ( جسم جوهر در حدّ ذات پيوسته است اگر گسسته بودى قابل ابعاد نبودى ) (٢).
__________________
(١) الحكمة المتعالية : ج ٥ / ٨١ ـ ٨٢.
(٢) لم نحصل على نسخة من الكتاب المذكور ، نعم ورد ذلك في حاشية المحقق السبزواري