المنطق للاستنتاج تراعي جانب المادّة والصّورة معا ؛ ضرورة أنّ حقيقة الفكر إنّما تتم بحركتين : الأولى : لتحصيل المادّة. والثانية : لتحصيل الصّورة. وانّ الثانية تحتاج إلى قواعد يقتدر بها على تحصيل صورة مخصوصة لكلّ مطلوب ، كذلك الاولى تحتاج إلى قواعد يتوصّل بها إلى تحصيل مادّة مناسبة للمطلوب.
فمباحث الصناعات الخمس المشتملة على تحصيل مبادىء الجدل والبرهان وسائر الحجج وتميز بعضها عن بعض جزء لهذا العلم الكافل بما يحتاج اليه في استخراج المجهولات من المعلومات فافهم.
(٢٩) قوله : ( قلت : انّما نشأ ذلك من ضمّ مقدّمة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٥٣ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره من الجواب عن النقض المذكور تحكّم واضح وتمحّل بارد ؛ لأنّ أكثر الخلافات في الفروع الفقهيّة ليس مبنيّا على ضم مقدمة عقلية ، بل من الاختلافات في فهم معنى الحديث وعلاج المتعارضين منه ، والشاهد على ذلك وقوع الاختلاف كثيرا من الأخباريّين في فهم المطالب من الأدلّة الشرعيّة مع أنّ بنائهم على الاقتصار عليها وعدم جواز التعدي إلى غيرها ، فكيف يمكن مع ذلك دعوى كون الاختلاف من جهة ضم المقدّمة العقليّة الباطلة إلى المقدّمة الشرعيّة الصحيحة؟ ولو لم يكن ضمّ لم يكن إختلاف ، وبالجملة : ما ذكره ممّا لا سترة في فساده.
__________________
المنطق عن الإعتبار على ما زعمه ؛ لأن غاية ما يفيده الإنتهاء إلى البديهي ، فاشتباه البديهي أو بداهته لا يمنع من الركون إلى البديهيّات. محجّة العلماء : ج ١ / ٣٥