[ تنازعوا ] (١) في دلالة الصيغة على الوجوب مثلا ، وفي دلالة الامر عقيب الحظر على الاباحة وعدمها ؛ وذلك يكشف عن عدم كونها نظير الامور الوجدانية غير القابلة للشك أصلا.
قلت : انّ المسلّم أنّ الدلالة من الامور الاضافية التي قد توجد لشخص وتفقد لآخر ، إلاّ انّ أحدا من أهل العرف واللسان لو شك ابتداء في ثبوت دلالة اللفظ عندهم مع كونه منهم فبمجرد التأمل والمراجعة الى وجدانه ـ مع عدم احرازها ـ يقطع بعدمها عندهم بلا احتياج الى الاصل. وإن أبيت إلاّ عن شكه بثبوتها عندهم فلا أقل من قطعه بعدمها عنده ـ لو كان هو المخاطب بخطاب النهي ـ فلا يحتاج بالنسبة الى نفسه الى الاصل.
وامّا ما ترى من النزاع في دلالة صيغة الامر على الوجوب وعلى الاباحة لو وقعت عقيب الحظر فلا ينافي ما ذكرنا من عدم كونها قابلة للنزاع ، لانّ النزاع في مثل المذكورات انما هو في ثبوت الوضع أو وجود القرينة ، لا في نفس الدلالة.
نعم قد يتوهم مما ذكر ـ في الشك في الدلالة ـ في رفع الدور في مسألة التبادر : من كون الانسباق عند أهل اللسان ناشئا عن علمه الارتكازي بالوضع ، ولكنه قد يشك في ثبوت هذا العلم الارتكازي فيحتاج العلم به تفصيلا الى إعمال التبادر ، وحيث انّ ظهور اللفظ بنفسه عند أحد ـ مع عدم التفصيلي له بالوضع ـ يكون مستندا الى العلم الارتكازي ، فيدور معه وجودا وعدما ويكون الشك فيه موجبا للشك فيه ، فيثبت الشك في الدلالة.
ولكنه يدفع : بأنّ مثل هذا الشك ـ على تقدير التسليم ـ انما كان بدويا زائلا
__________________
(١) في الاصل الحجري ( نازعوا ).