وبعبارة اخرى : لا بد أن يكون بين الغرضين ـ في غير مورد التباين ـ العموم من وجه أو المطلق ، لا التساوي والتلازم ، وإلاّ فلا يصح تدوين علمين ـ بل علم واحد ـ لاجل كلا الغرضين. والحاكم بصحة تدوين علمين في الصورة الاولى دون الثانية هو الوجدان.
اذا عرفت انّ التميز انما هو بالغرض فاعلم انّه : تارة : لا يحصل إلاّ بمجموع المسائل كما في الفقه بناء على امتناع التجزّي في الاجتهاد ، واخرى : يكون مشككا قابلا للشدة والضعف ، بحيث يحصل مرتبة منه في كل مسألة وان كان كماله يتوقف على المجموع ، فاذا كان كذلك فلا بد أن يجعل مرتبة منه معيارا لمسمى العلم بمعنى أن يكون بشرط شيء بالنسبة الى تلك المرتبة ولا بشرط بالنسبة الى ما فوقها كما لا يخفى.
ثم انك عرفت انّ في كل علم امورا عديدة :
[ الاول : ] مسائل العلم ، وهي القضايا التي تبحث عنها في العلم ، وتكون مجموعها مسمى للعلم.
و [ الثاني : ] الغرض ، وهو الفائدة التي دوّن لاجلها العلم.
و [ الثالث : ] الموضوع.
و [ الرابع : ] المبادئ.
ويكون غير المسائل خارجا عن العلم ، ويكون ذكرها ـ امّا في المقدمة أو في أثناء العلم ـ استطرادا. هذا كله في موضوع كل العلوم.
وامّا موضوع علم الاصول فهو : الجامع بين موضوعات مسائله وعرفت انّ تحديدها اجمالا بواسطة الغرض ، فلا بد من تشخيصه ، وهو على ما يظهر من تعريف كثير للاصول بأنّه : « العلم بالقواعد الممهدة ... الخ » ، وتصريح الآخرين