الاعتبارات الصحيحة التي لا بد لها من منشأ انتزاع صحيح سواء كان واقعيا فيها كشف عنه الشارع بامضاء العرف ، أو ببيانه للمنشإ ، أو بخصوصياتها ، أو كان للاعتبار والجعل دخل في المنشئية ، لانّ متعلق الاعتبار أيضا لا بد أن يكون ذا خصوصية ينتزع الامر الاعتباري منه دون غيره ؛ ونظر العرف قد يصيب الواقع وقد يخطئ عنه ، ويكشف منه بيان الشارع إمضاء وردعا.
٥٢ ـ قوله : « الثاني : انّ كون الفاظ المعاملات اسامي للصحيحة لا يوجب اجمالها كالفاظ العبادات ». (١)
فلا ينافي ما اشتهر في ألسنتهم من التمسك بالاطلاقات دون العبادات ، حيث انّ المعاملات لما كانت عرفية ذات مصاديق صحيحة عندهم ، فحينئذ لو كان خطاب مطلق من الشارع واجد لمقدمات الحكمة ساق اليهم مساق خطاب بعضهم بعضا ؛ فيكشف عن انّ الصحيح عنده هو الصحيح عندهم وإلاّ لما ساق خطابه كخطاباتهم الموجبة لافادة الصحيح عندهم ، أو نصب قرينة على الخلاف ، وبدونه فالمتبادر هو المصاديق العرفية. وهذا بخلاف العبادات التي لم تكن منها عندهم ـ لو لا بيانه ـ عين ولا أثر.
والحاصل : انّ المعاملات لما كانت عرفية مفهوما ومصداقا فيصح أن تنزل اطلاقات الشارع على العرفية ويكون فهمهم في التعيين متّبعا ما لم يصل من الشارع اعتبار شرط أو شطر ، ومعه فيقيد بمقدار ثبوته ويبقى الاطلاق في غيره بحاله بلا خلل فيه كما في جميع المطلقات. نعم التقييد يوجب التضييق في مجرد الارادة الجدية في غير المقام ، وامّا فيه فيوجب التخطئة أيضا.
فان قلت : انّ فهم العرف يكون هو المتبع في تعيين المفاهيم لا المصاديق ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٩ ؛ الحجرية ١ : ٢٨ للمتن و ١ : ٢٧ للتعليقة.